نظام الملك دراسة موضوعية في القصص القرآني

ملخص الرسالة

نظام الملك

دراسة موضوعية في القصص القرآني

الملخص:

تتناول هذه الرسالة دراسة " نظام الملك في القصص القرآني" دراسة موضوعيّة؛ وتتتبع المنهج الذي سلكه القرآن في تصويره لهذا النظام، وتبيّن تلك الأركان التي يتألف منها نظام المُلك كمؤسسة حكم متكاملة، لا تقوم إلا على وجودها، فهي أساس لقيامها، وضمان لاستمرارها، ثم تذكر الرسالة تلك النماذج التي ضربت وذكرت عنه في القرآن، ومظاهر صلاحها وفسادها، ثمّ تخلص أخيرًا إلى أهم النتائج والتوصيات.

المقدّمة:

إنّ الحمد لله تعالى، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل، فلن تجد له وليًّا مرشدًا.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم تسليمًا كثيرًا.

أمّا بعد:

فالناظر للمجتمع الانساني يرى بوضوح أنه لا تنتظم شؤونه، ولا تؤدى فيه الحقوق بين العباد إلا بنظام تترتب فيه هذه الحقوق والواجبات، وهذا النظام ليس فقط لوائح وقوانين، بل لابد له من مؤسسة متكاملة تقوم على تطبيقه وإقامة حدوده على أرض الواقع، فكان لابد من وجود نظام متكامل للملك بجميع مؤسساته، حتى يتكامل المجتمع الإنساني بجميع هيئاته، ويأخذ فيه كل ذي حق حقه.

لذلك سيتناول الباحث دراسة موضوع نظام الملك في القرآن، لاستخراج صوره، وما جاء فيها من نماذج واقعيّة، تتكرر في الواقع البشري في كلّ زمان، وللإحاطة بتلك الصفات السلبية والإيجابية التي يمكن أن توافرها في مثل هذا النظام، حتى يتضح لكل ذي لبٍّ ماهيّة ذلك النظام الذي يصلح لقيادة المجتمع، وإقامة العدل بين أفراده، والوصول به إلى بر الأمان.

مشكلة الدراسة:

وقد جعلت هذه الإشكالية في دراستي تكمن عبر تساؤلات عدّة؛ منها:

1- ما هي النماذج التي ذكرها القرآن عن نظام المُلك والحكم وأركانه؟

2- ما هي أركان هذا النظام في القرآن؟

3- ما هو المنهج الذي سلكه القرآن في تصويره لنظام المُلك؟

أهمية الدراسة:

تتناول هذه الدراسة صور نظام الملك والحكم في كتاب الله تعالى، وتبيّن تلك الأركان التي يتألف منها نظام المُلك، وتذكر النماذج التي ضربت وذكرت عن نظام المُلك والحكم في القرآن.

وعليه فإنّ أهمّية هذه الدراسة تكمن في:

1- توضيح حاجة العمران البشري لسياسة ينتظم بها أمره.

2- التأكيد على أنّ الملّة الإسلامية لابد لها من قائم بها يطبق شرعها ويحفظ حدودها بعد وفاة النبيّ صلى الله عليه وسلم.

3- التأكيد على أنّ ثروات ومقدّرات الأمة الإسلاميّة بحاجة إلى حمايتها ومن يحافظ عليها ويعدل في آلية توزيعها.

ولهذا كلّه؛ كان لابد من وجود القائد المتمثّل بـ (الملك / الأمير / الخليفة / السلطان/ كبير القوم وسيدهم وقائدهم) ونظام مُلكه وحكمه، حتى تنهض الأمّة بأعبائها.

أهداف الدراسة:

تحرص هذه الدراسة على تحقيق جملة من الأهداف:

1- محاولة الإلمام بمقاصد القرآن في هذا الموضوع (نظام المُلك) من جميع أركانه.

2- دراسة النماذج القرآنية التي ضربت كأمثلة على صفة القادة والملوك للإفادة منها على أرض الواقع.

3- إظهار القاسم المشترك بين أركان - أطراف - القيادة الفاسدة - كما يصوّره القرآن.

الدراسات السابقة:

1- كتاب (فرعون والطغيان السياسي) لأحمد بهجت / دار العصر الحديث / الطبعة الاولى سنة 1988، ويتكلّم المؤلف فيه عن كل أفعال وأقوال فرعون على وجه التحديد، وبمعنى آخر، قدّمه على أنّه القصّة الكاملة للطاغية فرعون، هذا وإن اتصل بدراستي، فهو لا يتطرق إليه إلا من جهة نموذج واحد لا غير.

2- كتاب (بدائع السلك في طبائع الملك) الطبعة الأولى سنة 2000م/ بيت الحكمة/ تحقيق محمد جاسم الحديثي، تأليف أبي عبد الله ابن الأزرق، قاضي غرناطة ووزيرها وسفيرها في أيامها الأخيرة، لخص فيه ما يتصل بموضوع كتابه في مقدمة ابن خلدون وغيرها من كتب تدبير الملك، مع زيادات كثيرة. إلا أنه غالبًا ما يكتفي بكلام ابن خلدون، ولم يتصل كلامه عن نظام المُلك والحكم كما صوّره القرآن، بل هو كتاب تأريخ لتلك الحقبة.

3- كتاب (شخصية فرعون في القرآن) للطالب: قاسم توفيق قاسم خضر، رسالة قدّمت استكمالا لمتطلبات درجة الماجستير في التفسير بكلية الدراسات العليا في جامعة النجاح الوطنية في نابلس- فلسطين 1423هـ الموافق 2003م، ونوقشت هذه الأطروحة بتاريخ 20/7/2003م وأُجيزت، وكان المشرف عليها الدكتور: محسن الخالدي، فهي تتكلم عن عرض مجمل لقصة موسى - عليه السلام - وفرعون، ولم تتطرق للحديث عن نظام المُلك والحكم وقيادته ولا عن نماذجه الأخرى.

4- (القرآن والسلطان هموم إسلامية معاصرة) لفهمي الهويدي / دار الشروق / الطبعة السادسة سنة 2006، ولم يتطرق المؤلف لموضوع رسالتي لا من قريب ولا من بعيد من حيث النظرة القرآنية لأركان نظام المُلك والحكم ونماذجه، بل جاء هذا الكتاب كردّة فعل على ما يجري في الساحة عقب الثورة الخمينيّة واغترار البعض بها.

5- وكذلك الحال بالنسبة لموضوع الدراسة في كتاب (منهج الحكم في الإسلام) لمحمد البنا، وكتاب (نظام الحكم في الإسلام) لمنصور الرفاعي، فموضوع الدراسة فيهما ليس من قبيل الدراسة الموضوعية للقرآن، ولا تتناول أركان نظام المُلك والحكم في القرآن ولا نماذجه.

6- أمّا الدراسة التي بعنوان (القيادة في ضوء القرآن الكريم) للأستاذ الدكتور عبد الوهاب إسماعيل الأعظمي المدرّس في كلية العلوم الإسلامية في جامعة بغداد، وهي تقع في (65) صفحة فقط، لم تعرّج هذه الدراسة على ذكر أركان نظام الحكم والقيادة وتأثير ذلك على الحكم، ولا أتت على ذكر النماذج عليها، ولم تتناول جميع نماذج القيادة المذكورة في القرآن، بل اقتصر الباحث فيها على ذكر القيادة في الكتاب والسنة، وأهميتها ومؤهلاتها، وصفات القائد وواجباته.

ولم يتحدث عن البطانة بشقيها (العامّة والخاصة). والخلاصة أن هذه الدراسة بحث مختصر مقتضب لم يوف الموضوع حقّه ولا أركانه، وموضوع رسالتي يختلف جوهريّا مع هذه الدراسة من حيث الأهداف والموضوعات وشموليته لجميع النماذج في القصص القرآني.

7- (المُلك في ضوء القرآن الكريم) للباحث أحمد زغلول عباس، وهي رسالة ماجستير، نوقشت في كلية العلوم الإسلامية في جامعة المدينة العالمية في دولة ماليزيا سنة 2013، وبعد الاطلاع على موضوع الرسالة ومحتواها، وجدت أن الباحث قصر رسالته على الشخصية الاعتبارية (للمَلك) ولم يشر إلى أركان المُلك الأخرى ولا إلى دورها وتأثيرها في الحكم وإرساء دعائمه، بل ركّز الباحث على مركزيّة المَلك، وأناط به جميع نظام المُلك، ولم يشر إلى دور البطانة بشقيها (العام والخاص) أو الجند في الحكم، وأغفل المرور على جميع النماذج القرآنية في القصص القرآني التي تتكلم عن القادة والملوك، ولم يتطرق إلا إلى نموذجين فقط، وهذا واضح من خلال النظر إلى أنّه لم يتكلم إلا عن الشخصية الاعتبارية (للمَلك)، ورأيته قد قصر بحثه في فصوله وأبوابه على: (المُلك والاغترار به / الملك والقيادة العسكرية - باعتباره قائد عسكري - / من جمع بين المُلك والنبوة/ الملك الراشد/ الملك الفاسد / مهمات الملك / آثاره)، وبذلك يتضح الأمر في أن رسالتي تختلف عن هذه الرسالة - جوهريًا -، في أن موضوع بحثي قد تناول موضوع نظام المُلك باعتباره مؤسسة متكاملة الأطراف والأركان في إرساء دعائم نظام المُلك وإيقاع أثره على أرض الواقع.

أمّا الدراسة التي سأشرع بها - بإذن الله تعالى - فهي دراسة مستفيضة لجميع أركان نظام المُلك والحكم التي ذكرها القرآن كمؤسسة كاملة، وما جاء فيها من نماذج، مع تحليل للنصوص، وبيان القواسم المشتركة في فساد هذه الأركان كما في الأمثلة والنماذج التي أذكرها.

منهج البحث:

إنّ المنهج الذي سأتبعه في هذه الدراسة هو:

1) المنهج الاستقرائي: حيث قمت باستقراء جميع المواضع في القرآن التي ذكرت الملوك وأنظمتهم، واستخراج النماذج التي ضربت للتدليل على عدل أو فساد ذلك الملك.

2) المنهج التحليلي: وذلك بتحليل المواضع القرآنية، والنماذج المستخرجة للوقوف على أسباب نجاحها أو فشلها كما بيّنها القرآن.

3) المنهج الاستنتاجي: ويكون باستنتاج الآثار والثمار المترتّبة من تحليل تلك المواضع، ومقدار تفعيل ذلك على أرض الواقع.

وحتى يتضح للقارئ موضوع ومحتويات هذا البحث، فإن طبيعة هذه الدراسة تقتضي أن تكون خطتها من مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة على النحو الآتي:

الفصل الأول: المَلك (الركن الأول من أركان نظام المُلك والحكم)

المبحث الأول: أنواع المُلك التي ذكرت في القرآن.

المطلب الأول: الملك الوراثي.

المطلب الثاني: الملك الانتقائي.

المبحث الثاني: عمل المَلك (وظيفته).

المبحث الثالث: نماذج على عدل الملوك، مع بيان أهم صفاتهم.

المطلب الأول: الملك طالوت.

المطلب الثاني: النبيّ الملك داود عليه السلام.

المطلب الثالث: النبي الملك سليمان عليه السلام.

المطلب الرابع: الملك الصالح ذو القرنين.

المطلب الخامس: الملك في سورة يوسف.

المطلب السادس: ملكة سبأ.

المطلب السابع: نبي الله يوسف عليه السلام.

المبحث الرابع: نماذج على فساد المَلك، مع ذكر أهم مظاهر طغيانه وأسباب فساده

المطلب الأول: المفسد الكبير فرعون مصر.

المطلب الثاني: الملك المتجبّر جالوت.

المطلب الثالث: الملك الذي حاجّ إبراهيم في ربّه.

المطلب الرابع: الملك في سورة الكهف.

المطلب الخامس: الملك في سورة البروج.

المطلب السادس: ملك الحبشة أبرهة الأشرم.

الفصل الثاني: الملأ (وهي بطانة الملك وحاشيته)

المبحث الأول: الملأ لغة واصطلاحًا.

المبحثالثاني: الملأ الصالح وأثره في المُلك والحكم.

المطلب الأول: الملأ من قوم الملك طالوت.

المطلب الثاني: الملأ عند النبي الملك سليمان عليه السلام.

المبحث الثالث: الملأ الفاسد وأثره في المُلك والحكم.

المطلب الأول: ملأ فرعون.

المطلب الثاني: الملأ من قوم ملكة سبأ.

الفصل الثالث: الجند (الركن الأخير من أركان نظام المُلك والحكم)

المبحث الأول: التبعيّة المطلقة:

المطلب الأول: تبعيّة محمودة (في الطاعة).

المطلب الثاني: تبعيّة مذمومة (في المعصية).

المبحث الثاني: نماذج على عدم التبعيّة.

المطلب الأول: عدم تبعيّة محمود (سحرة فرعون).

المطلب الثاني: عدم تبعيّة مذموم (أكثر جنود طالوت).

الخاتمة: وفيها أهم نتائج الدراسة والتوصيات.

MAIN SYSTEM FOR OBJECTIVE STUDY

OF THE QURANIC STORIES

ABSTRACT

This message deals with the study of "King system in the Quranic stories" objective study; and track the approach taken by the Koran in his portrayal of this system, and show those pillars that King system consists of them as an integrated enterprise judgment, not based solely on their existence, they are doing, and to ensure the continuity basis, then Remember the message of those models that hit him and said in the Koran, and the manifestations of validity and corruption, and then finally to get rid of the most important findings and recommendations.

الخاتمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، وآله وصحبه أجمعين.

أمّا بعد:

فقد خلص الباحث بعد دراسة نظام الملك في القصص القرآني؛ أنّه لابد من توفّر صفات إيجابيّة في الملك والحاكم، حتى يكون صالحا ومؤهلا للحكم وإقامة العدل بين الرعيّة، ومن هذه الصفات الإيجابيّة التي وردت في هذه الرسالة فيمن تولى الملك:

1- أن يكون صاحب طاعة وعبادة وصلاح.

2- عالم بما يصلح شؤون رعيّته ودولته.

3- ذو منطق حكيم، ولسان سليم من الآفات.

4- فطن ذكي، ذو فهم واسع.

5- حليم صاحب أناة وتؤده.

6- صاحب بطانة صالحة.

7- قريب من رعيّته، يسمع من الضعيف قبل القوي.

8- يجمع بين قوة القلب والبدن.

9- يقيم العدل في جميع أحواله، حتى عند الغضب.

10- صاحب حزم في إدارة دولته وجنده إذا لزم الأمر.

11- عقوبته للتربية والتهذيب لا التعذيب.

12- مهمّته إقامة الحقّ، ونشر العدل بين الناس.

13- بناء الجيش، وتهيئة عتاده وسلاحه، وتصفيته من الضعفة.

14- القيام بواجب الجهاد في سبيل الله لنشر الإسلام، وإصلاح الأرض.

15- حماية الأوطان، واسترجاع ما سلب منها.

16- عمارة الأرض، وسياسة الحياة المدنيّة بالشرع.

وفي المقابل، هنالك بعض الصفات التي لابد لمن تولّى سُدّة المُلك أن يتجنّبها، لأنّ فيها فساد دينه ودنياه، وضياع مُلكه، طال الزمان به أم قصر، ومن هذه الصفات السلبيّة:

1- الاغترار بالملك والقوّة وكثرة الجند.

2- الاستكبار عن الحقّ، والتمسّك بموروث الكفر.

3- استخدام أسلوب الكذب والمخادعة في الحوار.

4- اتخاذ البطانة الفاسدة.

5- استعباد الناس، وهضم حقوقهم.

6- الاضطهاد والتهديد والتعذيب لكلّ مخالف.

7- النظرة القاصرة والغباء المطبق في إدراك الأمور.

8- اتخاذ الإعلام الفاسد لقلب الحقائق، والتدليس على الرعيّة.

9- سلب أموال الناس بالباطل.

10- استخدام الأموال لنشر الفساد في الأرض.

11- استخدام مبدأ الرشوة في سبيل منع الحق.

12- اغتصاب الأرض من أصحابها.

الملأ والجند تبع للملك في ذلك، فإن كان صالحا، أقام له بطانة صالحة، لا تأمره إلا بكلّ خير، وتبع ذلك حسن اختياره لجنده ومعسكره، فتتكوّن بذلك نواة نظام مُلكٍ قائم على الصلاح والإصلاح.

وإن كان الملك فاسدًا، فكل من دونه في مؤسسة المُلك على شاكلته، ومن شذّ منهم عنه، خرج من دائرة ملكه.

فصلاح المُلك وفساده متعلّق بالرأس ومنوط به، إذا صَلُحَ صَلُحت رعيّته، وإذا فَسُد فَسُدَت رعيّته، لذلك ذكر الله تعالى نماذج الملك في القرآن، وأطال في تفصيل كثير منها، حتى لا يبقى بعد ذلك أيّ عذر لمن تولّى أمر المسلمين فجار عليهم، وفتك بهم، وأفسد ولم يصلح.

أسأل الله تعالى في علاه أن يصلح ولاة أمور المسلمين، وأن يرهم الحقّ حقّا ويرزقهم اتّباعه، ويرهم الباطل باطلا ويرزقهم اجتنابه.

والحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات. وصلى الله على سيّدنا محمد، وآله وصحبه وسلّم.

قائمة المحتويات