لغة العامة في معجمات الألفاظ في القرن الرابع الهجري - دراسة لغوية

ملخص الرسالة

لغة العامّة في معجمات الألفاظ

في القرن الرابع الهجري

-دراسة لغوية-

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أمّا بعد:

لقد كرم الله تعالى الإنسان وأنعم عليه بنعم كثيرة، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ ومن هذه النِّعَمْ النطق والقدرة على الكلام؛ ليستطيع الإنسان إيصال أفكاره إلى الآخرين من أبناء جنسه. قال تعالى: ﴿ خَلَقَ الْإِنْسَانَ، عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾. وأول من نطق من الإنس أبو البشر آدم عليه السلام، قال تعالى: ﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ﴾. وقال: ﴿ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ ﴾. فالنطق والقدرة على الكلام منحة ربانية مَنَّ بِهَا الله تعالى على خَلْقِهِ.

وينقسم كلام البشر على لغات مختلفة، منها العربية والهندية والأوربية وغيرها من اللغات. فلكل قوم لغة يتفاهمون بها وتنقسم اللغة الواحدة على لهجات متعددة ولكنها متقاربة في بنيتها الأساسية مِمَّا يتيح التفاهم بين أبناء اللغة الواحدة ذات اللهجات المتعددة.

ونحن كثيرًا ما نسمع بما يوصف مجازًا بأنّه لغة الفن أو لغة السياسة أو لغة الطفل أو لغة الرجل أو لغة المرأة، مِمَّا يشعرنا بأنَّ هنالك خصائص مميزة لكل واحدة منها، وإنْ كان لا يصح أنْ تسمى لغة ولكنه تعبير مجازي.

كذلك الأمر في لغة العامّة فالعامّة من الناس في كل رقعة جغرافية ناطقة بلغة معينة مثل العربية أو غيرها من اللغات، لهم استعمالاتهم الخاصة لمفردات اللغة، وهذه الاستعمالات توصف في عمومها بأنّها خروج على الاستعمال الفصيح الصحيح، من الناحية الصوتية والصرفية والنحوية والدلالية. فلغة العامّة أو ((كلام العامّة)) هو في أكثره خروج على اللغة الفصيحة صوتًا وصرفًا ونحوًا ودلالة.

وهذا البحث ينظر إلى كلام العامّة من العرب من هذا المنظار، فمن خلال هذا البحث سنرى أنَّ للعامّة مصطلحاتهم وأمثالهم واستعمالاتهم الخاصة للمفردات بمعانٍ قد تكون جديدة أو مخالفة لكلام العرب الذي سجله أصحاب المعجمات الذين شافهوا الأعراب أو الذين أخذوا عمن شافه الأعراب.

والقرن الرابع الهجري قد تميز بكثرة المعجمات التي ألفت فيه، وبتنوع مناهجها، مِمَّا حدا بالباحثين المحدثين أنْ يسموه ((قرن المعجمات العربية)) وسأبيّن ذلك في التَّمهيد.

ومن خلال دراستي لكلام العامّة في معجمات القرن الرابع الهجري من حيث المستويات اللغوية الأربعة الصوتية والصرفية والنحوية والدلالية. ومراعاةً للتوازن في تقسيم مادة البحث ووضع كل شيء في موضعه الصحيح فقد جاء البحث مرتبًا على النحوالآتي:

الفصل الأول: وقد تناولت فيه المباحث اللغوية من حيث: التأنيث، والترادف، والألفاظ المولدة في كلام العامّة. وسميته بالمباحث اللغوية؛ لأنَّ موضوعاته مشتركة بين المستويات اللغوية الأربعة.

وأمّا الفصل الثاني: فقد تناولت فيه المباحث الصوتية من حيث: الإبدال بين الأصوات، والإعلال، وتخفيف الهمزة، وتغيير الحركات، والتشديد والتخفيف، وتغيير أصوات اللين.

وأمّا الفصل الثالث: فقد تناولت فيه المباحث النحوية، متمثلة، باسم الإشارة، والمعرفة، والنكرة. وكذلك تناولت فيه المباحث الصرفية، متمثلة، بأبنية المشتقات، والخلط بين الصيغ، والجمع، ومتفرقات صرفية. وقد قدمت المباحث النحوية على الصرفية؛ اقتداء بسيبويه إمام النحاة الذي فعل ذلك في كتابه الشهير.

وأمّا الفصل الرابع: فقد تناولت فيه المباحث الدلالية متمثلة بالدلالة المعجمية، والدلالة النحوية، والتطور الدلالي في كلام العامّة.

وأخيرًا يطيب لي أنْ أقدم شكري وامتناني لأساتذتي الذين مدّوا لي يد العون والمساعدة في دراستي التحضيرية واختيار الموضوع وكتابته، وأخص بالذكر الدكتور يحيى خليل إسماعيل من الكلية التربوية الذي اختار الموضوع، والدكتور ضياء يوسف من الكلية التربوية أيضًا الذي ساعدني على ذلك، والدكتورة هدى هشام الزيدي الأستاذ المشرف، التي تابعت البحث بفصوله خطوة خطوة وقومته حتى استوى على سوقه، وأشكر أيضًا الدكتور علاء طالب، والدكتور جبير صالح، والدكتور فاضل بنيان، والدكتور ناهي العبيدي، والدكتور حيدر علي، والدكتور جاسم محمد، كما أشكر العاملين في قسم اللغة العربية وفقهم الله إلى الخير والسداد. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.

الخاتمة:

من خلال دراستي لكلام العامّة في معجمات الألفاظ في القرن الرابع الهجري توصلت إلى النتائج الآتية:

1- يقصد بالعامّة عامّة الناس وعوامّهم، أي: أكثرهم.

2- إنَّ أصحاب معجمات القرن الرابع الهجري، لم يجمعوا كلام العامة كلّه، إنّما اهتموا بالكلام الفصيح الذي أخذ عن الأعراب الفصحاء.

ومن أكثر المعجمات التي اهتمت بكلام العامة في القرن الرابع الهجري هي معجمي: جمهرة اللغة لابن دريد، وتهذيب اللغة للأزهري. أمّا بقية معجمات هذا القرن فقد أشارت إلى بعض الكلمات العامّية في أثناء عرضها لمفردات اللغة؛ فقد كان همهم جمع الكلام الفصيح الصحيح.

3- كلام العامة الذي نصّ عليه أصحاب معجمات القرن الرابع الهجري، لا يخص القرن الرابع الهجري فقط وإنّما هو أقدم من هذا القرن؛ والدليل على ذلك أنّ كثيرًا من الكلمات العامّية التي أشارت إليها هذه المعجمات موجودة في كتب لحن العامة التي ألفت قبل القرن الرابع الهجري. مثل: كتاب إصلاح المنطق لابن السكيت، وأدب الكاتب لابن قتيبة وكتاب الفصيح لثعلب.

4- يعد كلام العامة في أكثره خروجًا على الكلام الفصيح صوتًا وصرفًا ونحوًا ودلالة.   وأكثر ما يكون في الجانب الصوتي؛ إذ شغلت المباحث الصوتية حيزًا كبيرًا من هذه الرسالة.

5- هنالك بعض الكلمات الفصيحة التي استخدمتها العامّة، مثل: ((حُنَاج وحَنَّاج))، فهم يطلقون هاتين اللفظتين على: الرجل المخنّث. ومثل قولهم: ((إطَّرَحُوه))، أي: رَمُوا به.

6- استخدمت العامّة بعض الألفاظ المعرّبة على أصلها، مع أنَّ العرب قد عرّبتها بما يناسب لغتها. مثل: ((قفّان)) التي قالتها العامّة بأصلها الأعجمي وهو: ((قبّان)). ومثل ((التّوت)) الذي قالته العامّة أيضا بأصله الأعجمي وهو: ((التّوث)).

7- هنالك بعض الكلمات العامّية التي عدّت خطأ في كلامهم، ولكنَّها في الحقيقة جارية على قياس كلام العرب، مثل: ((ذيكَ)) وهواسم إشارة للمؤنث. فقد خَطّأهُ أكثر أهل اللغة مع أنَّه جار على قياس كلام العرب في ((تيكَ)) وهوأيضا اسم إشارة للمؤنّث. ومثل: ((قاقُزَّة)) التي خَطّأهَا أكثر أهل اللغة مع أنَّها وردت في بيت النابغة الجعدي، قال:

فَظَلْتُ كأنَّنِي نادَمْتُ كِسْرَى لَهُ قاقُزَّةٌ وليَ اثْنَتَانِ

8- هنالك بعض الكلمات العامّية التي يمكن أنْ نعدها من اللّهجات العربية. مثل: ((الجِسْر والجَسر)) فابن دريد ينسب ((الجِسر)) بكسر الجيم للعامّة، أمّا الفاربي فقد عدهما لغتين، أي: لهجتين. ومثل ((الفَرْسَة والفَرْصَة)) فالأزهري ينسب ((الفَرْسَة)) بالسين للعامّة، أمّا الخليل   وابن عباد وابن فارس قد عدوهما لغتين، أي: لهجتين.ومن المؤسف أنَّ أصحاب هذه المعجمات لم يشيروا إلى أيّ بلدٍ أو قبيلةٍ تنتمي هذه اللهجات.

وفي النهاية لا أجد شيئًا أختم به هذا العمل خيرا من قوله تعالى: ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ﴾. [التوبة:105]. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

Abstract:

We often hear what is describes figuratively the Language of Art، politics، Baby، Man or women which gives the impression that each one of them has its own distinguished features، though they can not be called Language yet still it is a figurative expression.

The same is to be true in the Language of the public (slang). people in each geographic site that has its own Language like the Arabic Language or any other ones، have their special uses of the vocabulary of the Language. These uses are generally described as violation of the correct standard use phonetically، morphologically، grammatically and semantically; the slang in its majority is violation of the standard Language، morphologically، grammatically and semantically.

This thesis deals with the Arab speakers’ slang's from this perspective. Through the thesis we will reach to the fact that the public have their own terms، proverbs and special use of the vocabulary in meanings that may be totally new or violation to the Arabs’ speech that was recorded by the dictionary writers who spoke with the Bedwins or took from those whose spoke with the Bedwins.

The Fourth Century Hijri is know for the great number of the dictionaries written then، their various approaches the thing that made the modern researchers to call it the century of the Arabic dictionaries.

Through my studying the slang in the dictionaries of the Fourth Century Hijri on the phonetic، morphological، grammatical، and semantic Linguistic Levels. To keep the balance in dividing the material of the thesis and put everything in its correct position، the thesis is to be arranges as follows:

Chapter one: in which I tackled the Linguistic sections from feminine، synonymy and generated utterances sides. I called this chapter "the Linguistic sections" because its subjects are shared among the four Linguistic Levels.

Chapter two: in this chapter، I dell with the phonetic section from the sides of replacement among consonant and vowel sounds، Lightening the Hemza sound، change of vowel point، stress and Lightening، and change of Long and short vowel point in the slang.

Chapter Three: in this chapter، I studied the grammatical sections including demonstratives، definite and non- definite. I also examines the morphological sections including derivation structures in the slang، mixture among forms، plural and the morphological differences، I started with the grammatical sections and then the morphological ones following the example used by Head grammarian Sebawayh in his famous book "Kitab Sebawayh".

Chapter four: I studied the semantic sections including the Lexical and grammatical semantics and the semantic development in the slang.

Through the thesis، I reached the following results:

The public means the average people. The majority public means the majority of people. The four Hijri Century dictionary writers didn’t collect all the slang but paid more attention to the standard speech that was taken from the Bedwins. Among the dictionaries dell with the slang in the four Hijri Century are "Jamhahrat ALLugha" by Ibn Duraid and "Tahtheeb ALLugha" by ALAzhary. The other ones referred to the slang when the vocabulary of the Language was revealed. The main concern of these dictionaries was to collect the correct standard speech. The slang، the dictionary writers of the fourth Hijri Century referred to، didn’t belong only the fourth Hijri century as it belongs to a date far before this Century; to prove it، many of the vocabulary in the slang which came in those dictionaries did exist in the book that detected the mistakes of the slang which were written before the fourth Hijri Century. Those books included "Islah ALMantiq" by Ibn ALSekeet، "Adab ALKatib" by Ibn Qutaibah and "Kitab ALFaseeh" by Tha’alab. The slang in its majority is violation of the standard speech phonetically، morphologically، grammatically and semantically. It takes place mainly in the phonetic side that the phonetic sections occupied a large space of this thesis.

فهرس المحتويات