الدراسات النحوية عند المكودي (ت807هـ) في كتابه شرح الألفية

ملخص الرسالة

الدراسات النحوية عند المكودي (ت 807هـ)

في كتابه شرح الألفية

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فقد كان للشعر التعليميِّ العربي أثرٌ واضح في تطور العلوم وتيسير تعلمها للدارسين، ولم يقتصر هذا الضرب من التأليف على علم من العلوم، وإنما شمل أغلب العلوم، فنُظِمَ في الطب والفرائض والتأريخ، وكان للنحو العربي نصيبُه من النظم، فنَظَمَ فيه عدد من العلماء كالحريري، وابن معطٍ، وابن مالك، وكان الأخير في ألفيته أكثرهم شهرة؛ إذ حظيت ألفيته باعتناء الدارسين، وإقبال طلبة العلم قديمًا وحديثًا، فكثرت عليها الشروح، وتبعت الحواشي بعض هذه الشروح، ثم إن هذه الشروح أيضًا قد تباينت في شهرتها، فمنها ما طار ذكره في الآفاق كابن عقيل، ومنها من لم يحظَ بهذه الشهرة فلا يكاد يُعرف كالمكودي، على الرغم من أن شرحه قد وصل إلينا.

وقد يسَّر الله لي الاطلاعَ عليه، فألفَيتُه شرحًا نافعًا، فعزمتُ على تحقيقه، ثم تبيَّن لي أن الدكتور رشيد العبيدي قد حقَّق الكتاب، فعدلت عن تحقيقه إلى دراسة جهده النحوي بمشورة من أستاذي المشرف الدكتور محمود جاسم الدرويش، فاستقر عنوان البحث على (الدراسات النحوية عند المكودي في كتابه شرح الألفية).

وبعد استقصاء المادة النحوية من كتابه، اقتضى الأمر تقسيمها على خمسة فصول مذيلة بخاتمة، على النحو الآتي:

الفصل الأول (المكودي حياته وشرحه)، وقد توزَّعت المادة فيه على أربعة مباحث:

الأول: حياته.

الثاني: شرحه على الألفية.

الثالث: موارده النحوية.

الرابع: سمات منهجه.

أما الفصل الثاني، فكان بعنوان (أدلة الصناعة النحوية عند المكودي)، إذ تناولت فيه أبرز الأدلة النحوية التي استعملها المكودي في شرحه، وقد توزعت مادته على مبحثين:

الأول: موقفه من أدلة الصناعة النحوية، وتضمن:

أولًا: السماع.

ثانيًا: القياس.

ثالثًا: الإجماع.

رابعًا: استصحاب الحال.

الثاني: العلل النحوية.

وتحدثت في الفصل الثالث عن آراء المكودي النحوية، ذكرت فيه أبرز الآراء التي صرَّح بها، وقد قسمتُها على ثلاثة مباحث:

الأول: آراؤه في المرفوعات والمنصوبات.

الثاني: آراؤه في باب التوابع.

الثالث: آراؤه في أبواب متفرقة.

وفي الفصل الرابع بينت (ردود المكودي)، فذكرت فيه أبرز الردود التي وجَّهها المكودي إلى الناظم وبعض الشراح، وانقسمت فيه المادة على ثلاثة مباحث:

الأول: ردوده على الناظم.

الثاني: آراؤه على الشراح، وتضمن:

أولًا: ردوده على ابن الناظم (الشارح).

ثانيًا: ردوده على المرادي.

الثالث: ردود عامة.

وتكلمت في الفصل الخامس على (الخلاف النحوي عند المكودي)، وأبرز المسائل الخلافية التي عرض لها وكان له رأي فيها، وقد توزعت المادة على ثلاثة مباحث:

الأول: الخلاف في الأسماء.

الثاني: الخلاف في الأفعال.

الثالث: الخلاف في الحروف.

وقد ذكرت في الخاتمة أبرز النتائج التي توصلتُ إليها في أثناء دراستي بما يُظهر شخصية المكودي النحوية.

واستقصيت آراء النحاة فيها، ثم ناقشت كل رأي من الآراء في الغالب، وحاولت الوقوف على أَولى الأقوال بالقبول، مُركزًا في كل ذلك على إظهار موقف المكودي من كل مسألة من المسائل.

وقد واجهتني مجموعة من الصعوبات كان أبرزها صعوبة الوقوف على رأي المكودي في بعض المسائل بسبب الاختصار الذي جعله منهجًا له في شرحه، فضلًا عن صعوبة الحصول على المصادر، مما أدى إلى توقفي عن الكتابة شهورًا متتالية.

وبعد، فهذا ما تمكَّنت من كتابته، فإنْ أصبتُ فمن الله، وإنْ تكن الأخرى، فحسبي أني حاولت ولم أدخر وسعًا.

وآخر دعوانا أنِ الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الخاتمة

يمكننا تلخيص أبرز نتائج البحث بما يأتي:

1. كثرة استشهاد المكودي بآيات القرآن الكريم وقراءاته، فضلًا عن إنزاله إياها المنزلة المرجوة في الاستشهاد، من خلال الاكتفاء بها شاهدًا عما يتكلم عنه من قضية نحوية، وتقديمها في الاستشهاد على كلام العرب.

2. اعتماد المكودي على الاستعمال القرآني في نقد الأحكام النحوية، وتصويب آراء النحاة.

3. اعتماده حديث النبي صلى الله عليه وسلم شاهدًا.

4. توجيهه النقد إلى شواهد من سبقه من النحاة، ولا سيما ابن مالك.

5. إكثاره من التعليل على الرغم من سمة الإيجاز التي اتصف بها شرحه، إلا أن علله قد انمازت بالسلاسة والوضوح والإفهام.

6. تأثر المكودي الواضح بمن سبقه من شراح الألفية، ولا سيما أبي حيان والمرادي.

7. بطلان صحة نسبة الكثير من الآراء الى غير أصحابها، من ذلك ما نسبه أبو حيان إلى ابن عصفور من القول بوجوب نصب الاسم في (كيف أنت وزيدًا) على الإطلاق، والصواب غير ذلك.

8. متابعته في أغلب آرائه لجمهور النحاة، فضلًا عن ترجيحه لبعض الأحكام النحوية على بعض؛ من ذلك ترجيحه النصب على الجر بعد (خلا وعدا)، وأسبقيته إلى التصريح ببعض الآراء؛ مِن ذلك عدُّه المنادى المنون المضموم مبنيًّا.

9. وهم المكودي في نسبة بعض الآراء إلى الناظم ثم رده عليها، على الرغم من تصريح الناظم بخلاف ما ينسُبُه المكودي إليه في بقية كتبه.

10. لم يكن المكودي منحازًا لمذهب نحوي دون آخر، فنراه تارة يوافق البصريين وينكر على الكوفيين مذهبهم، ثم نراه في مسألة أخرى يوافق الكوفيين ويرد على البصريين مذهبهم، بمنهج موضوعي، معتمدًا في ذلك على قوة الدليل.