التربية الوقائية في القرآن الكريم

ملخص الرسالة

التربية الوقائية في القرآن الكريم

تناولت هذه الدراسة موضوع الّتربية الوقائيّة في القرآن الكريم، ببيان مفهومها، وتحديد أسسها، وتوضيح المنهج القرآني العام في بناء مجتمع الفضيلة، من خلال: ترسيخ عنصر الإيمان في الّنفوس، ورفع بناء الضمير فيها.

وظهر أنّ الّتربية الوقائيّة لها مبان إيمانية: كالتحذير من الشرك والّنفاق، وأخلاقيّة:

كالّتحذير من ضعف الهمّة والانتكاس، واجتماعيّة: كالّنهي عن الغيبة والّنميمة، واقتصاديّة:

كتحريم الخمر والّتطفيف.

وأبرزت الدراسة معالم الّتربية الوقائيّة من خلال:

أولًا: الّتعاليم الخاصّة بصحة الفرد وحمايته من الأمراض، كتشريع الوضوء والاغتسال، وفرض الصّيام وتحريم الإسراف.

ثانيًا: الّتعاليم الخاصة بصحة المجتمع وحمايته من انتشار الأوبئة والآفات، بتحريم الزّنا والشذوذ، وأكل الميتة ولحم الخنزير، وتناول الخمر والمسكرات.

ثالثًا: الّتعاليم الخاصّة بستر الأعراض، بإيجاب الحجاب، والاستئذان، وغضّ البصر.

وقد راعت هذه الدراسة جدة الموضوع فأسّست له، وحال الواقع المعاش فاختارت الأمثلة التي تبرز الحاجة إليها، إذ تبيّن من خلالها أنّ الّتربية الوقائيّة: منظمومة متكاملة الأهداف والنتائج، تراعي واقع الفرد والمجتمع على حدٍّ سواء، وتسير في اّتزان يتوافق مع متطلبات الإنسانية جميعها.

وقد خلصت الدراسة إلى أنّ القرآن الكريم، هو منهج وقائي قبل أن يكون منهجًا علاجيًا، من أخذ به وبتعاليمه، فقد حمى نفسه ومجتمعه من الأضرار والآفات الواقعة أو المتوّقعة.

مقدمة:

الحمد لله الذي ارتضى لعباده الإسلام دينًا، وأرسل إليهم محمدًا -صلى الله عليه وسلم- بالقرآن بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، فكملت الرسالة ووضحت الغاية، بقوله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، والصلاة والسلام على النبي المصطفى، والحبيب المجتبى، المرسل للناس جميعًا بدين الحق والهدى، لقوله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الجمعة: 2]، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى، أما بعد:

فإنّ القرآن الكريم منهج الرحمن الخالد، ومعجزة النبي -صلى الله عليه وسلم- النافذة، به يكمن الصلاح، ومن تعاليمه يُحاز الفوز والنجاح، من سلك سبيله فقد حقق الغاية، وتمسك بالعروة الوثقى، وحقق السعادة المثلى، قال تعالى: ﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴾ [طه: 123] ومن تنكب سبيله، فقد حكم على نفسه بالشقاء والضنك والبوار، لقول الجبار: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 124].

إنّ المطالع للشريعة الإسلامية وعنوانها؛ القرآن الكريم، يظهر له بوضوح مدى اهتمامهما بالإنسان، وتربيته، وتهذيبه، وتطهيره، بغية إيصاله إلى الكمال الروحي والجسدي.

وقد تمّثل هذا الاهتمام بوضع منهج فريدٍ متميز، قائم على الوقاية والاحتراز، مضيفًا إلى ميدان الحياة منهجًا تربويًا متكاملًا، يحارب الجريمة قبل وقوعها، والفتنة قبل حصولها، ويجتث المشكلة ودوافعها وخلفياتها من النفس والمجتمع، من خلال نظام متكامل المبادئ والتشريعات والقيم، لا انفكاك للعقيدة فيه عن الشريعة، ولا الإيمان عن الأخلاق، ولا الروح عن الجسد، ولا العقل عن القلب، إّنه يتعامل مع الّنفس البشرية وحدة واحدة متكاملة، حاميًا بذلك مقاصد الشريعة الخمسة.

إنه منهج يقيم الحواجز، ويبني السدود بين الإنسان وسلوك سبيل الغواية، واقيًا له من الضرر الواقع أو المتوقع، من خلال عملية تربيةٍ وتوجيهٍ متكاملة الأهداف والغايات، وضامنة للنتائج، لإخراج مجتمع الخير والفضيلة المحقق لهدف الله من الخلق، في الاستخلاف والعبادة، قال تعالى: على لسان نبيه صالح عليه السلام: ﴿ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ ﴾ [هود: 61]، وقال أيضًا: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56].

من أجل ذلك وغيره أحببت سبر غمار هذا الموضوع، علّ الله سبحانه أن يفتح علي ويوفقني، فأقدم خدمة لدين الله وكتابه، في جانب لم يحظ باهتمام لازم، سائلًا المولى سبحانه أن يعينني على إخراج هذه الدراسة، وأن يوفقني إلى ما يحب ويرضى إّنه سميع قريب مجيب.

مسوّغات الدراسة ومشكلتها وأهدافها:

أولا: أهميّة الدراسة:

تبرز أهمية هذه الدراسة من أن لكل حكم أو تشريع نصت عليه الشريعة، أمرًا كان أم نهيًا، هدفًا معينًا، بحيث يؤدي تطبيق هذه الأحكام والالتزام بالقيم الدينية إلى تحقيق أهداف الرسالة الربانية ومقاصدها، ليس فيما يتعلق بمحاربة الجريمة أو اجتثاث جذورها من المجتمع المسلم ونفوس أفراده فقط، وإّنما فيما يخص أهدافها في تحقيق الكمال على المستويين الفردي والاجتماعي، وذلك لأن أهداف الوقاية في القرآن الكريم هي كذلك شاملة ومتكاملة، بل لا يمكن الفصل بين الوقاية التي نص عليها القرآن الكريم وبين مبادئ الرسالة الإسلامية ومقاصدها وقيمها الأساسية.

ثانيا: مشكلة الدراسة

جاءت هذه الدراسة لتجيب عن الأسئلة التالية:

• ما المقصود بالتربية الوقاية؟ وما أهميتها؟ وما الأسس التي تبنى عليها؟

• ما المسالك العامة للشريعة في التربية الوقائية؟

• ما مباني التربية الوقائية في القرآن الكريم؟

• ما معالم التربية الوقائية في القرآن الكريم؟

ثالثا: أهداف الدراسة:

تهدف هذه الدراسة لتحقيق الأمور الآتية:

• إبراز مفهوم ومكانة التربية الوقائية من خلال القرآن الكريم.

• إبراز التربية الوقائية التربوية من خلال سور القرآن الكريم.

• إبراز الأساليب الوقائية من خلال آيات القرآن الكريم.

• التعرف على المسالك العامة للشريعة في التربية الوقائية.

• إبراز عناية القرآن الكريم بالتربية الوقائية.

• إظهار ثمار وفوائد المنهج الوقائي في القرآن الكريم من خلال الأمثلة المطروحة.

• توضيح معالم المنهج الوقائي في القرآن الكريم.

الدراسات السابقة:

هذا أمر ذو بال يجب على كل باحث طرقه بقدر استطاعته؛ ليقف على جهود من سبقه من باحثين حول الموضوع الذي ينوي الكتابة فيه، أو ما يشبهه ليكون هو في بحثه إما مكملًا، أو مبينًا، أو مجددًا، أو مؤصلا ومقعدًا، أو يأتي بالجدة الخاصة فيه، وإن كان هذا نادرًا، وقد بذل الباحث وسعه وطاقته للوقوف على ما كتب من دراسات حول الموضوع الذي هو بصدد الكتابة فيه فوجد:

1. "التدابير الواقية من الزّنا في الإسلام"، فضل إلهي.

وهي عبارة عن رسالة مقدمة للمعهد العالي للدعوة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، للحصول على درجة الماجستير، وهي مطبوعة تحت عنوان "التدابير الواقية من الزّنا في الإسلام".

وقد احتوت على مجموعة من التدابير التي وضعها الإسلام للحد من جريمة الزّنا فقط، متحدثًا عن ذلك من ناحية فقهية، وقد أفاد الباحث في دراسته أنه تحدث عن بعض الطرق الوقائية لمنع حدوث هذه الجريمة البشعة، في المجتمع الإسلامي، ولكنه لم يتعد في دراسته الحديث عن هذه الجريمة.

2. "التدابير الواقية من الرّبا في الإسلام"، فضل إلهي.

وهي عبارة عن رسالة مقدمة لكلية الدعوة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية للحصول على درجة الدكتوراه، وهي مطبوعة تحت نفس العنوان.

حيث تكلم الباحث فيها عن بعض التدابير التي تقي الناس من الرّبا ومصائبه، والتي من المستحيل أن تؤتي أكلها، إلا إذا قام كل فرد بما هو مكلف به في هذا المجال، وخلصت الدراسة إلى وجوب بذل العلماء والدعاة جهدهم في ترسيخ الإيمان والتقوى في النفوس باعتبار ذلك من أهم التدابير الواقية من الرّبا في الإسلام، وحث الناس على اتقاء الشبهات وتحذيرهم من الحيل، وبيان واجب الأغنياء من خلال اجتناب الإسراف، وأداء الزكاة، والتصدق على المحتاجين في النوائب، وبيان واجب الدولة من خلال، تضييق الفوارق الاجتماعية بين الناس، وتأهيل العاطلين عن العمل وجمع الزكاة من الأغنياء لردها على الفقراء، باعتبار ذلك كله تدابير واقية من الربا في الإسلام.

وقد أفاد الباحث من دراسته في استقصاء بعض التدابير الوقائية من الرّبا في الشريعة الإسلامية ككل، من خلال الكتاب والسنة وفعل الصحابة، مبينًا أضرار هذه الجريمة التي تطال المجتمع كما تطال الفرد، ولكنه لم يتعدّ التدابير الوقائية من الرّبا.

3. "التربية الوقائية في الإسلام"، فتحي يكن.

وهو كتيب من القطع الصغير مطبوع، وقد تكلم صاحبه عن التربية الوقائية بشكل عام وبخطوط عامة، ولفت النظر إلى وجود تربية وقائية في الإسلام، مبرزًا أهميتها، ومؤكدًا على ضرورة الاهتمام بها لكونها عملية ضرورية في للتخلص من كثير من الآفات، مكتفيًا بذكر أمثلة من القرآن والسنة في بعض مجالات الحياة دون أي تفصيل.

وإفادة الكاتب في هذا الكتيب تكمن في أنه وضع الخطوط العامة للتربية الوقائية في الإسلام لكن دون تحليل أو تفصيل.

4. "أثر التربية الوقائية في صيانة المجتمع الإسلامي"، أحمد ضياء الدين.

وهي عبارة عن رسالة مقدمة للحصول على درجة الدكتوراه/ تخصص التربية الإسلامية، من الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا، في العام الدراسي: (1995-1996م)، وهي مطبوعة تحت عنوان "التربية الوقائية في الإسلام".

وقد تحدث عن طبيعة التربية الوقائية ومظاهرها في مجالات عدة، كالعقيدة والتشريع والحياة الاجتماعية والصحة الإنسانية، وهذه الدراسة على توسعها وتخصصها إلا أنها ركزت على مضمون التربية الوقائية في الإسلام كدين بشكل عام، فجاءت عامة في موضوعاتها.

5. "التربية الوقائية في الإسلام ومدى استفادة المدرسة الثانوية منها"، خليل بن عبد الله بن عبد الرحمن الحدري.

وهي عبارة عن رسالة ماجستير مقدمة لكلية التربية في جامعة أم القرى في مكة المكرمة، عام (1418 هـ)، مطبوعة تحت نفس العنوان، تكلم فيها الباحث عن الإطار المرجعي للتربية الوقائية في الإسلام، ومصادر التربية الوقائية من خلال الكتاب، والسنة، وهدي السلف الصالح، ومن ثم تحدث عن أساليب التربية الوقائية، من خلال عدّة طرق: كالقدوة، والقصة، والترغيب والترهيب، وغير ذلك، ومن ثم تحدّث عن مجالات تطبيق التربية الوقائية في مجال الأسرة والمجتمع، وبعد ذلك أعطى تصورًا مقترحًا لاستفادة المدرسة الثانوية من التربية الوقائية.

وهذه الدراسة على طولها، إلا أنها كانت تعطي لفتات في جوانب محددة يتم توظيفها لهدف الرسالة الرئيس وهو استفادة المدرسة الثانوية.

6. "منهج القرآن الكريم في الوقاية من الذنوب ومعالجتها"، عدنان عبد الكريم خليفات، رسالة مقدمة لكلية الشريعة في الجامعة الأردنية لنيل درجة الماجستير، عام: (1408 هـ)، لم يتسن للباحث الإطلاع عليها.

7. "التربية الوقائية وأساليبها في سورة الحجرات وتطبيقاتها التربوية"، خالد بن عوض الفعر، إشراف الدكتور: عثمان أمين نوري.

وهي عبارة عن رسالة مقدمة في جامعة أم القرى بمكة المكرمة لنيل درجة الماجستير في التربية الإسلامية والمقارنة عام (1421 هـ)، تكلم فيها الباحث عن مفهوم التربية الوقائية ومكانتها في سورة الحجرات، وتعرض للتدابير الوقائية المستنبطة من السورة الكريمة، مبينا الأساليب التربوية التي اشتملت عليها السورة ودور المؤسسات التربوية في تعميق مدلول التربية الوقائية لدى الفرد والمجتمع[1].

8. "التربية الوقاية في سورة النور وتطبيقاتها التربوية"، سليمان بن صفوق بن محمد العنزي، إشراف الدكتور: محمد بن محمد كسناوي.

وهي عبارة عن رسالة مقدمة في جامعة أم القرى بمكة المكرمة لنيل درجة الماجستير في التربية الإسلامية عام (1425 هـ)، عرّف الباحث فيها بجوانب التربية الوقائية التي تضمنتها سورة النور، مبينا سبب تسميتها ونزولها، موضحًا أهداف التربية الوقائية في السورة الكريمة، محددًا مجالات تطبيق تلك الجوانب في الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام[2].

9. "أصول التربية الوقائية للطفولة في الإسلام"، حسين عبد الله بانبيله، رسالة مقدمة لكلية العلوم الاجتماعية في جامعة الملك سعود في الرياض لنيل درجة الماجستير، عام: 1425 هـ، لم يتسن للباحث الإطلاع عليها.

10. "أصول التربية الوقائية للطفولة في الإسلام"، حسين عبد الله بانبيله، رسالة مقدمة لكلية العلوم الاجتماعية في جامعة الملك سعود في الرياض لنيل درجة الماجستير، عام: 1425 هـ، لم يتسن للباحث الإطلاع عليها.

11. "التربية الوقائية الصحية في ظل المقاصد الضرورية للشريعة الإسلامية"، محمد بن ناصر بن عبد الله المحروقي، إشراف الدكتور: محمد بن علي العمري، وهي رسالة مقدمة في جامعة اليرموك في الأردن لنيل درجة الماجستير، لم يتسنّ للباحث الإطلاع عليها.

• أما موضوع هذه الدراسة فسيتكلم عن التربية الوقائية من خلال آيات القرآن الكريم سالكًا مسلك التفسير الموضوعي في ذلك، مع إشباع لعدد من القضايا التي وردت في الرسائل السابقة وغيرها.

وهذه الكتب على فضلها إلا أنها تحتاج إلى إضافات وتفصيلات، وهذا ما ستأتي به هذه الدراسة، وعلى النحو الآتي:

♦ بيان بعض أسس المنهج الوقائي في القرآن الكريم والذي يرتكز على عدة مرتكزات من: العلم، والرحمة، والبعد عن المصلحة الشخصية، والثقة بالمبدأ، والقناعة بصلاح الشريعة ودين الله لكل زمان ومكان وظرف وموقف وتصرّف.

♦ إبراز المنهج التربوي الوقائي في بناء مجتمع الفضيلة القائم على ترسيخ الإيمان، وبناء الوازع الديني، من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتحريم إشاعة الفواحش...

♦ إظهار نماذج من القرآن الكريم في مباني الوقاية، الإيمانية، والأخلاقية، والاجتماعية، والاقتصادية.

♦ بحث معالم التربية الوقائية في القرآن الكريم من خلال، التعاليم الخاصة بصحة الفرد، والتعاليم الخاصة بصحة المجتمع.

♦ الوقوف على فوائد وثمار المنهج الوقائي في القرآن الكريم من ناحية تحقيق، الطمأنينة والسلامة، والنظافة والطهارة، والقوة والمحبة، وذلك في طيات طرح القضايا.

وذلك لإتمام وإكمال الموضوعات التي لم يتطرق إليها أحد أو طرقها بشكل عرضي وبدون تفصيل.

منهج الباحث في الدراسة:

تمثل منهج الباحث في هذه الدراسة في إتباع المنهج الاستقرائي التحليلي، معتمدًا في تحقيق ذلك على استقراء الآيات القرآنية التي ورد فيها موضوع التربية الوقائية، والتعرف على عناصرها ومكوناتها، ومن ثم بيان ما ترشد إليه من تعاليم.

وقد اتبعت في تحقيق هذا المنهج الوسائل الآتية:

• الرجوع إلى أمهات كتب التفسير محاولا تفسير الآيات المقصودة تفسيرًا موضوعيًا مستنبطًا أهم الدروس والعبر منها.

• الاهتمام بعزو الآيات القرآنية إلى مواطنها في الكتاب العزيز وتخريج الأحاديث النبوية الشريفة.

• التعريف بالكلمات الغريبة ومعانيها.

• ترجمة الأعلام عند ورودها للمرة الأولى مكتفيًا بذلك فيما بعد.

• جعل خاتمة للدراسة مضمنًا إياها أهمّ النتائج التي توصلت إليها.

حدود الدراسة:

موضوع التربية الوقائيّة في القرآن الكريم واسع جدًا، وهذا واضح لكل باحث في القرآن الكريم، ولذا فهو يحتاج إلى جهد جماعي، يطرق بابه، وبناء على ذلك اقتصر الباحث في دراسته على بعض القضايا، بغرض التأصيل لهذا الموضوع، ببيان معناه وبعض أسسه، وبيان مسالكه العامة، ومن ثم إعطاء أمثلة لبيان مبانيها، وأخيرًا بيان معالمها في القرآن الكريم.

كما أنها تدور في نطاق النصوص القرآنية ودلالاتها، لأنها ملتزمة بمنهجية التفسير الموضوعي للقرآن الكريم، ولكن ذلك لا يمنع من الاستشهاد بالأحاديث النبوية على أن لا تستقل بعناوين خاصة.

خطة الدراسة:

مقدمة:

الفصل الأول: المقصود بالوقاية وأهميتها وأسسها

المبحث الأول: مفهوم التربية الوقائية

المبحث الثاني: أهمية الوقاية في كل شيء

المبحث الثالث: أبرز الأسس التي تبنى عليها التربية الوقائية

الفصل الثاني: المسالك العامة للشريعة في التربية الوقائية

المبحث الأول: الإيمان وقوّة الضمير الديني

المبحث الثاني: بناء مجتمع الفضيلة

الفصل الثالث: نماذج من القرآن الكريم في بيان مباني التربية الوقائية

المبحث الأول: نماذج قرآنية للوقاية الإيمانية

المبحث الثاني: نماذج قرآنية للوقاية الأخلاقية

المبحث الثالث: نماذج قرآنية للوقاية الاجتماعية

المبحث الرابع: نماذج قرآنية للوقاية الاقتصادية

الفصل الرابع: معالم التربية الوقائية في القرآن الكريم

المبحث الأول: التعاليم الخاصة بصحة الفرد

المبحث الثاني: التعاليم الخاصة بصحة المجتمع

المبحث الثالث: التعاليم الخاصة بستر الأعراض والمحافظة على الأسرة

خاتمة:

الرموز المستخدمة في الرسالة:

** إذا جاء الكلام بين علامتي تنصيص، هكذا: "__"، فهذا يعني أن الكلام منقول حرفيًا.

** إذا جاء رقم في نهاية فقرة دون إشارة تنصيص، فهذا يعني أن الكلام فيه بعض التصرف.

(ت): تاريخ الوفاة. (ج): جزء. (ص): صفحة.

(ط): طبعة (د.ت): دون تاريخ. (د.ط)، دون رقم طبعة.

(د.م): دون مكان نشر (د.ن): دون ناشر (مج): إشارة إلى عدد المجلدات.

الخاتمة:

الحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات، وبفضله ورحمته ينال المرء أعلى الدرجات، وبجوده وكرمه يعيش حياة السعداء، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه الأوفياء، وبعد:

فقد جاءت هذه الدراسة لتجيب عن أسئلة طرحها الباحث في مقدمتها، وتحقيق لأهداف قد وضعها، فكانت النتائج على النحو الآتي:

1) القرآن الكريم منهج وقائي قبل أن يكون منهجًا علاجيًا إغاثيًا.

2) التربية الوقائية تعني: مجموعة الوسائل والأساليب المتخذة لحماية الفرد والمجتمع عن المساوئ، وتحذيرهم من الوقوع في المهالك، من خلال عملية إصلاح، وتنمية، وتهذيب، وتوجيه شاملة.

3) تنبع أهمية التربية الوقائية من كونها ربانية المصدر، شاملة كاملة، جاءت لتحقيق مصالح العباد في المعاش والمعاد.

4) إن صلاح أي تربية من صلاح الأسس القائمة عليها، وأسس التربية الوقائية تحمل في طياتها كل عوامل النجاح، إذ إنها قائمة على: العلم والمعرفة، والرحمة مع الناس، والبعد عن المصلحة الشخصية، والثقة بالمبدأ، والقناعة بصلاح الشريعة ودين الله لكل زمان ومكان، وشخص وظرف، وموقف وتصرف.

5) سلك القرآن الكريم مسالك عدة في التربية الوقائية، مسالك خاصة بالفرد، وأخرى خاصة بالمجتمع، فعلى المستوى الفردي سلكت مسلك ترسيخ الإيمان، وحمايته بسياج الخشية والإحسان، أما على المستوى الاجتماعي فقد سلكت مسلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتحريم إشاعة الفواحش والمنكرات، وتشريع العقوبات الرادعة، فضمنت بذلك بناء مجتمع الفضيلة القائم على الخير والصلاح، والحب والإصلاح.

6) التربية الوقائية لا تختص بجانب دون آخر، فهي عامة شاملة، تشمل جوانب النفس البشرية، وحياتها الإيمانية، والأخلاقية، والاجتماعية، والاقتصادية.

7) إنّ التربية الوقائية مهمة جدًا للفرد والمجتمع، إذ بها يتحقق الأمن والأمان، والسكينة والاطمئنان، والعدل والاستقرار، والّنظافة والطهارة، والقوّة والمحبة والسلامة، سلامة نفسية روحية، وسلامة مادية جسدية.

8) تمثل التربية الوقائية بتعاليمها حماية للفرد من أمراض كثيرة، مثل الأمراض الجنسية: كالزهري،والإيدز، وأمراض الجهاز الهضمي: كالسُّمنة وانفتال المعدة وتوسعها الحاد، وأمراض الكبد كتشمعه، وأمراض الجهاز الدوري، كتصلب الشرايين، والجلطات، والالتهابات الجلدية، وغير ذلك من الأمراض.

9) إنّ تنكب صراط الله تعالى في التربية الوقائيّة، نذير شؤم على الفرد وعلى المجتمع، فهو فتح لباب الحرب الربانيّة، والضنك في الحياة الاقتصاديّة، والانتكاسة الأخلاقيّة، وهدم حصون الحياة الاجتماعيّة.

10) التربية الوقائيّة هي الطريق الأقصر لنيل وسام الإيمان السامق، والخير السائد للفرد والمجتمع.

هذا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

فهرس المحتويات