اتجاهات المسؤولين والمواطنين حول سن نظام خاص بعمالة الخدمة المنزلية

ملخص الرسالة

اتجاهات المسؤولين والمواطنين حول سن نظام خاص بعمالة الخدمة المنزلية

المقدمة

تسود مجتمعات دول الخليج العربي عامة والمملكة العربية السعودية خاصة ظاهرة تكاد تنفرد بها عن سائر مجتمعات العالم كله، ألا وهي ظاهرة الاعتماد على عمالة الخدمة المنزلية.

فعلى مدى العقود الماضية، تزايد حجم الظاهرة وتغلغل في تركيبة الأسرة السعودية، كما زادت - نتيجة لذلك - المشكلات التي تتسبب بها هذه العمالة من جهة، والمشكلات التي تواجه هذه العمالة من جهة أخرى، سواء ما كان منها بسبب تعامل الأسر، أو مكاتب الاستقدام، أو قصور في القوانين والنظم، أو في فعالية ومتابعة الجهات الحكومية ذات العلاقة.

إن أبعاد هذه الظاهرة لامست العديد من الجوانب، سواء على مستوى شخصي أو محلي أو دولي، فتشعبت جذورها وتعددت خطورتها على مختلف الأصعدة، الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، والتنظيمية، وقد يعود هذا إلى افتقارها إلى تنظيم قانوني خاص بها.

لكن من جهة أخرى، يجب أن لاينسى أن هذه العمالة، هي فئة مستضعفة تبحث عن العمل، لديها واجبات، لكن في المقابل لها حقوق، فرضتها الشريعة الإسلامية، والتي سبقت منظمة العمل الدولية ومنظمة حقوق الإنسان الحكومية وغير الحكومية. لكن مع الأسف تغيب هذه الحقيقة عن بعض الأسر السعودية وبعض مكاتب الاستقدام.

ونتيجة لما سبق ارتقت الأمور إلى مستوى سياسي، سواء مع الدول ذات العلاقة أو على مستوى عالمي، مما يستدعى الجهات المختصة بالمملكة العربية السعودية إلى البحث عن آلية معينة لتنظيم عمالة الخدمة المنزلية، وجعل هذه القضية في سلم أولوياتها.

ولذلك، تهدف هذه الدراسة إلى معرفة وجهة نظر المسؤولين والمواطنين نحو سن نظام خاص بعمالة الخدمة المنزلية، ينظم العلاقة بين رب العمل والعمالة المنزلية ومكاتب الاستقدام، بما يحقق المصلحة العامة، ويوضح حقوق وواجبات كل طرف، مساهمًا بمعالجة المشكلات الناتجة من استقدام عمالة الخدمة المنزلية. وذلك من خلال تظافر الجهود من قبل جميع الأطراف المتصلة بهذه الظاهرة، بدءً من الأسر المستخدمة لعمالة الخدمة المنزلية، والوسطاء من مكاتب الاستقدام، إلى الجهات الرسمية المختصة، حتى تخرج هذه الدراسة بنظام خاص بعمالة الخدمة المنزلية في المملكة العربية السعودية.

ملخص الدراسة:

يعد تنظيم العمل إحدى الركائز الأساسية التي تؤدي إلى حفظ الحقوق والواجبات، وذلك من خلال سن أنظمة وقوانين تؤمن الحماية لكافة الأطراف المتعاملة. لقد أصدرت حكومة المملكة العربية السعودية نظام الخدمة المدنية، لحفظ حقوق وواجبات موظفيها وتنظيم عملهم، كما أصدرت نظام العمل السعودي، لضمان وحفظ حقوق صاحب العمل والعامل. كما حفظت حقوق الوافدين بما فيهم عمالة الخدمة المنزلية وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية، لكن ينقصها بذلك سن نظام خاص لتنظيم عمل ما يقارب مليون عامل خدمة منزلي، لا يشملهم نظام معين على غرار نظام الخدمة المدنية ونظام العمل.

تهدف الدراسة الحالية إلى معرفة اتجاهات المسؤولين المعنيين بعمالة الخدمة المنزلية في كل من وزارة العمل، بما في ذلك المسؤولين ومديري مكاتب العمل، ومجلس الشورى، ووسطاء العمالة (مكاتب الاستقدام)، بالإضافة إلى المواطنين، حول سن نظام خاص بعمالة الخدمة المنزلية، والآثار الإيجابية والسلبية المتوقعة منه.

تم عرض الجانب النظري للدراسة من خلال ثلاثة مباحث. تطرق المبحث الأول إلى حقوق الموظف في الفكر الإداري وفي نظام الخدمة المدنية ثم يتم ربطه بوضع عمالة الخدمة المنزلية في كل مرحلة قدر الإمكان. وتضمن المبحث الثاني عرض لمفهوم نظام العمل من حيث نشأته وتطوره وأهم المواد التي تمثل نقطة اختلاف وجدل في حال سن نظام خاص بعمالة الخدمة المنزلية. أما المبحث الثالث فيوضح نشوء وتطور ظاهرة عمالة الخدمة المنزلية، وأسباب وآثار انتشارها، وحقوقهم وواجبات في الإسلام، بالإضافة إلى استعراض أهم الدراسات السابقة التي تناولت هذا الموضوع بشكل غير مباشر.

ولتحقيق هذه الغاية، استطلعت هذه الدراسة عينة من المسؤولين والمواطنين، بلغ عددها (100) مسؤول، و (400) مواطن بجميع المناطق الإدارية بالمملكة، بمعدل استجابة بلغ حوالي (80,06%). واتبعت الدراسة المنهج الوصفي- المسحي، مستخدمة مجموعة من الاختبارات الإحصائية كالتحليل العاملي، والمتوسط الحسابي، والانحراف المعياري، ومعامل الارتباط، اختبار t-test وتحليل التباين الأحادي، وأخيرًا تحليل الانحدار.

أشارت نتائج الدراسة إلى ضرورة وجود نظام خاص لتنظيم عمل عمالة الخدمة المنزلية، خصوصًا وأن الأنظمة الحالية قاصرة عن حماية الكفيل وعمالة الخدمة المنزلية، وبالتالي لابد من صياغة نظام يتوافق مع ما تمليه الشريعة الإسلامية و التوجه العالمي من جهة، ويخدم كافة الأطراف المتعاملة من جهة أخرى.

كما كشفت هذه الدراسة عن وجود ستة مكونات رئيسة لسن نظام خاص بعمالة الخدمة المنزلية، وهي كالتالي: أهمها هو الاهتمام بالحوافز الملائمة، حيث وافق معظم أفراد العينة عليه. أما ثاني هذه المكونات أهمية هو توفير سلطة قضائية مختصة لحل النزاعات، حيث وافق معظم أفراد العينة على وجوب توفير سلطة قضائية مختصة لحل النزاعات بين كافة الأطراف المتعاملة، على الرغم من أن نسبة قليلة لا توافق على ذلك. و يأتي ثالث هذه المكونات أهمية من وجهة نظر أفراد العينة، والذي وافق عليه معظمهم، هو مكون منح المكافآت. كما تبين أيضًا من خلال الدراسة أن من المكونات الرئيسة التي لاقت موافقة من أفراد العينة على الرغم من وجود نسبة قليلة لا يوافقون عليه، هو التركيز على التأمينات الاجتماعية. واتضح أن هناك انقسام بآراء أفراد عينة الدراسة حول كل من مكون تحديد ساعات العمل والإجازات، ومكون إيجاد نظام للحسومات.

و توصلت الدراسة إلى عدد من الآثار الإيجابية والسلبية المتوقعة من جراء سن نظام خاص بعمالة الخدمة المنزلية. تتمثل الآثار الإيجابية التي وافق عليها معظم أفراد العينة بشدة، في ضمان حقوق الكفيل و عمالة الخدمة المنزلية وواجبات كل منهم، وأن سن نظام خاص بعمالة الخدمة المنزلية يعد مظهرًا حضاريًا للمملكة أمام الدول والمنظمات التي تدعو إلى حماية حقوق الإنسان، ومعاملة عمالة الخدمة المنزلية باحترام بغض النظر عن ديانتها وجنسيتها، وشعور عمالة الخدمة المنزلية بالأمان، وزيادة فعالية مكاتب الاستقدام، ووجود جهة قضائية مختصة لحل النزاعات التي تحدث بين الكفيل وعمالة الخدمة المنزلية، وبين الكفيل ومكاتب الاستقدام، وزيادة ولاء عمالة الخدمة المنزلية للكفيل بسبب حسن المعاملة وضمان الحقوق.

كما وافق معظم أفراد العينة على أن من الآثار الإيجابية المتوقعة، انخفاض معدل الجرائم (كالسرقة، والاعتداء بالضرب، والقتل، وغيرها)، وانخفاض التكاليف المترتبة على المتخلفين من عمالة الخدمة المنزلية ونفقات تسفيرهم، وتخفيص الضغط على المراكز الصحية والمستشفيات الحكومية، وانخفاض معدلات هروب عمالة الخدمة المنزلية أو إضرابها عن العمل أو عدم قدرتها على العمل وغيرها من المشكلات الصحية والاجتماعية، واعتماد المجتمع السعودي على نفسه أكثر والحد من استقدام عمالة الخدمة المنزلية نتيجة لتحديد ساعات عملها.

وفيما يتعلق بالآثار السلبية المتوقعة، فقد وافق معظم أفراد العينة بشدة، على المشكلات الاجتماعية التي قد تثير ها خروج عمالة الخدمة المنزلية خلال الإجازة الأسبوعية، وصعوبة تكليف عمالة الخدمة المنزلية بأعمال إضافية أو ليست من اختصاصها، وضغط عمالة الخدمة المنزلية على الكفيل للحصول على حقوقها، وتكبد الكفيل زيادة في المصاريف نتيجة لعملية التأمين، والتي سترفع من تكلفة استقدام عمالة الخدمة المنزلية، بالإضافة إلى قيام عمالة الخدمة المنزلية وخاصة الرجال منهم بالعمل عند أسرة ثانية في حال إعطائهم يوم راحة بالأسبوع، لكن على الرغم من ذلك هناك بعض من أفراد العينة لا يوافقون على هذه الآثار السلبية.

وقد انتهت الدراسة إلى عدد من التوصيات تستوجب سن نظام خاص بعمالة الخدمة المنزلية في المملكة العربية السعودية.

فهرس المحتويات