جناح اللؤلؤ .. كلمات في مكانة الأم (PDF)

شجعني نشر التعليق الأول إرسال هذا التعليق على ما ذكره الأستاذ الدكتور -حفظه الله- حيث قال:"ويحدثنا الصحابي الجليل معاذ بن جبل: أن الله تعالى كلم موسى ثلاثة آلاف وخمسمائة، فكان آخر كلامه يا رب أوصيني، قال: أوصيك بأمك، حتى قال له سبع مرات. ثم قال: يا موسى، ألا أن رضاها رضاي، وسخطها سخطي".
قال أبو عمر: فهذا الأثر الإسرائيلي ذكره الزمخشري في "ربيع الأبرار ونصوص الأخيار" (4/254) بقوله:"مكحول عن معاذ بن جبل رضي الله عنه: أن الله تعالى كلم موسى ...". وهذا الأثر مع عدم الوقوف على إسناده إلى مكحول لينظر فيه، فهو منقطع بين مكحول ومعاذ؛ فإنه لم يسمع منه. ثم وقفت في "الجامع" لابن وهب (132) قال: وأخبرني عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، أنه بلغه:"أَن أول، شيءٍ نزل من الله على موسى: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب الله في الألواح بيده لعبده موسى، عبدي لَا تشرك بي شيئاًً، ولا تحلف باسمي كاذباً فإني لا أزكي ولا أرحم من يحلف باسمي كاذباً. قال: يا رب أوصني قال: أوصيك بأمك، قال: يا رب أوصني قال: أوصيك بأمك، قال: يا رب أوصني قال: أوصيك بأمك، قال: يا رب أوصني قال: أوصيك بأبيك، قال: يا رب أوصني قال: أوصيك ببني جنسك كلهم، قال: وكيف أستوصي ببني جنسي كلهم؟ قال: تحب لهم ما تحب لنفسك، وتكره لهم ما تكره لنفسك". وسعيد بن هلال، قال الحافظ في "التقريب":" صدوق، لم أر لابن حزم فى تضعيفه سلفاً إلا أن الساجى حكى عن أحمد أنه اختلط من السادسة". يعني من الطبقة التي لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة، فهم من الذين عاصروا صغار التابعين كما صرح بذلك في المقدمة. ربما ذكره الدكتور استئناساً.والله أعلم.

ما جاء عن عمر رضي الله عنه، فقد أخرجه ابن الجوزي في " البر والصلة" (1) من طريق ابن لهيعة، قال: حدثني خالد بن يزيد، عن أبي هلال، عن زرعة بن إبراهيم، أن رجلاً أتى عمر، فقال:" إن لي أما بلغ بها الكبر أنها لا تقضي حاجتها إلا وظهري لها مطية، أوضئها، وأصرف وجهي عنها، فهل أديت حقها؟ قال: لا، إنها كانت تصنع بك ذلك وهي تتمنى بقاءك، وأنت تصنعه بها وتتمنى فراقها".
وهذا إسناد ضعيف، لضعف ابن لهيعة، وأبو هلال هو سعيد بن هلال وفي "التقريب":" صدوق، لم أر لابن حزم فى تضعيفه سلفاً إلا أن الساجى حكى عن أحمد أنه اختلط". والانقطاع بين عمر وزرعة بن إبراهيم. وزرعة قال الحافظ الذهبي في"تاريخ الإسلام" (3/654):"قال يحيى بن معين: صالح الحديث.
وقال أبو حاتم: ليس بالقوي".
والأثر ذكره الزمخشري في "ربيع الأبرار" (4/297)، بدون ذكر:"أوضئها، وأصرف وجهي عنها".
وأخرج ابن الجوزي في " البر والصلة" (3) من طريق ثور، عن عيسى بن معمر أن عمر رأى رجلاً يحمل أمه قد جعل لها مثل الحوية على ظهره يطوف بها حول البيت، ويقول: أحْمِلُ أُمِّي وَهِيَ الْحَمَّالَةُ تُرْضِعُنِي الدَّرَّةَ والعلالة
فقال عمر:"لأن أكون أدركت أمي فوليت منها مثل ما وليت، أحب إلي من حمر النعم".
وهذا إسناد ضعيف قال الحافظ في "التقريب" عن عيسى هذا:"لين الحديث"، ثم هو منقطع بين عيسى، وعمر.
ولو ذكر معنى الدرة، والعلالة.
والدرة -بالضم-: كثرة اللبن وسيلانه، والمراد بها: اللبن الكثير. والعلالة -بالضم-:بقية اللبن، والحلبة بين الحلبتين. وبهذا يتبين ضعف هذا عن عمر رضي الله عنه،
فلو ذكر ما صح عن ابن عمر رضي الله عنهما فقد أخرج البخاري في "الأدب المفرد" (11) عن أبى بردة؛ أنه شهد ابن عمر، ورجل يماني يطوف بالبيت - حَمَلَ أُمَّهُ وراء ظهره - يقول:
إِنِّي لَهَا بَعِيرُهَا الْمُذَلَّلُ ... ... إِنْ أُذْعِرَتْ رِكَابُهَا لَمْ أُذْعَرِ
ثم قال: يا ابن عمر! أتراني جزيتها؟ قال: لا. ولا بزفرةٍ واحدة.
صححه الألباني في "صحيح الأدب المفرد" (9).
أذعرت: من الذعر وهو الخوف والفزع.
ركابها: أي: بعيرها.
ولا بزفرة واحدة: بفتح الزاي وسكون الفاء: المرة من الزفير وهو تردد النفس حتى تختلف الأضلاع، وهذا يعرض للمرأة عند الوضع.
والله أعلم.كتبت ذلك تواصلاً مع ما طلبه مني الدكتور -حفظه الله-:"وللأخ الكريم أبي عمر فضل التذكير، ورجائي منه دوام المراجعة والمتابعة". والله الموفق.
وصلى الله على نبينا محمد لى الله عليه وسلم.