• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الإبداع في القرآن الكريم: أنواعه، مجالاته، آثاره ...
    عبدالله محمد الفلاحي
  •  
    صفة الحج: برنامج عملي لمريد الحج وفق السنة ...
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    سبعون أدبا في الصحبة والسفر والعلم (PDF)
    د. عدنان بن سليمان الجابري
  •  
    شرح كتاب: فصول الآداب ومكارم الأخلاق المشروعة ...
    عيسى بن سالم بن سدحان العازمي
  •  
    كفى بالموت واعظا
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    أحكام المخابز (PDF)
    أبو جعفر عبدالغني
  •  
    "كلمة سواء" من أهل سنة الحبيب النبي محمد صلى الله ...
    محمد السيد محمد
  •  
    صفحات من حياة علامة القصيم عبد الرحمن السعدي رحمه ...
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    الأساس في أصول الفقه (PDF)
    د. عبدالله إسماعيل عبدالله هادي
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الأربعون حديثا في تحريم وخطر الربا (PDF)
    طاهر بن نجم الدين بن نصر المحسي
  •  
    الله (اسم الله الأعظم)
    ياسر عبدالله محمد الحوري
شبكة الألوكة / مكتبة الألوكة / المكتبة المقروءة / الرسائل العلمية / أبحاث علميّة جامعيّة
علامة باركود

سؤال التقسيم الوارد على القياس

د. أبو حفصة إبراهيم بن تيجان جكيتي الواوندي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/6/2011 ميلادي - 4/7/1432 هجري

الزيارات: 49466

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سؤال التقسيم الوارد على القياس


إن الحمد لله نحمده، ونَستعينُه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].


﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70 - 71].


أيُّها القارئ الكريم، اعْلَم - رحمك الله - أنَّ معرفة القوادح، أو الأسئلةِ الواردة على القياس، لا تقِلُّ أهميةً عن معرفة أركان القياس، وشروطِه، وبقيَّةِ مباحثه؛ ذلك أنَّه لا يتَسنَّى لأحدٍ الاستدلالُ بالقياس، واعتبارُه دليلاً، حتَّى يكون على دراية كافيةٍ، وإلمام تامٍّ بها، وطرق الاحتراز منها، والجواب عنها، ولأنَّها - كما قال غيرُ واحدٍ من العلماء - من مكملات القياس، ومكمل الشيء منه قطعًا، ومن ثَمَّ تَظْهر أهمية دراسة هذه القوادح جليَّةً لكل متأمِّل بصير.

 

وإضافةً إلى ذلك؛ فإنَّ في دراستها رياضةً للعقول، ودربةً للألسن، وتعويدًا للناشئة من طلاَّب هذا العلم - أعني علم أصول الفقه - على المناظرة والبحث، والتحلِّي بآدابها، ولذا نجد الخطيب البغداديَّ - رحمه الله - يحثُّ على ذلك، ويقول - رحمه الله -: "وينبغي له أن يواظِبَ على مُطالعة كتبه - أيْ: كتب الجدَل والمناظرة - عند وحدتِه، ورياضة نفسه في خلوته بذِكْر السُّؤال والجواب، وحكاية الخطأ والصَّواب".

 

ويأتي في طليعة تلك القوادِح قادحُ التقسيم الذي بين أيدينا، وحوله محاور هذا البحث؛ فهو مِن أعظَمِها وأعَمِّها نفعًا، فهو متنازعٌ بين عدَّة قوادح.

 

سبب كتابة البحث:

وقد عبَّرتُ بسبب كتابة البحث بدلاًً من سبب اختيار الموضوع؛ لأن الموضوع لم يكن اختيارًا منِّي حتى تكون هناك أسبابٌ تُذْكَر، وغاية ما في الأمر أنَّ المنهج المتَّبَع عند شيخنا الشيخ "ترحيب الدوسري" - حفظه الله ورعاه - تقسيمُ مفردات المنهج في مادَّة أصول الفقه في الفصل الثاني بين الطُّلاب؛ ليقوموا ببحثها، ثم إلقائها على زملائهم؛ ليجمعوا بين التأصيل العِلمي، والتطبيق العمَلي، فجزاه الله خير الجزاء، فكان نصيبي من القوادح قادحُ التقسيم.

 

خطة البحث:

وقد قسَّمت البحث إلى مقدِّمة، وسبعة مباحث، وخاتمة، وتفصيلُ ذلك كالآتي:

المقدمة: تَشْتمل على النِّقاط التالية:

• الافتتاحية.

• أهمية البحث.

• سبب كتابة البحث.

• خُطَّة البحث.

 

المبحث الأول: في تعريف التقسيم:

تَحْتَه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: تعريف التقسيم في اللُّغة.

المطلب الثاني: التقسيم في اصطلاح الأصوليِّين.

المطلب الثالث: ضَرْب أمثلة تطبيقية للتقسيم.

 

المبحث الثاني: الخلاف في اعتبار التقسيم قادحًا.

المبحث الثالث: شروط التقسيم.

تحته مطلبان:

المطلب الأول: الشروط المتَّفَق عليها.

المطلب الثاني: الشروط المختلَف فيها.

 

المبحث الرابع: طرق دفع التقسيم.

المبحث الخامس: موضع سؤال التقسيم وترتيبه.

المبحث السادس: هل يرد التقسيم بعد الاستفسار.

المبحث السابع: طريقة صيانة التقسيم.


الخاتمة: وتشتمل على نتائج البحث.


منهج البحث:

المنهج الذي اتَّبعتُه في هذا البحث يتلخَّص في النِّقاط التالية:

• قد جمعتُ كلَّ ما يتعلَّق بهذا الموضوع من مادَّةٍ خام، ثم قمتُ بتوزيعها وترتيبها على المباحث والمَطالب.

• تعريف ما يَحتاج إلى التعريف من المصطلَحات العلميَّة.

• تحرير محل النِّزاع في المسائل الخلافيَّة.

• عَزْو الأقوال إلى أصحابها من مصادرها الأصليَّة؛ ما أمكن.

• ربَّما أشرت إلى من انفرَد بإيراد المسالة فيما علِمتُ.

• توثيق النُّقول من مصادرها الأصلية.

 

الشكر والتقدير:

ففي هذه العجالة: ليس يسَعُني إلاَّ أن أتقدَّم بجزيل الشُّكر، وفائق التَّقدير، وخالصِ الدعاء لشيخِيَ الجليل، ومربِّي الكريم، الشيخ المربِّي، الدكتور "ترحيب بن ربيعان الدوسري" - حفظه الله ورعاه - والذي استفدتُ من سَمْتِه ودَلِّه وأدبِه، قبل أن أستفيد من علمه، ولازمناه سنةً كاملة ننهَلُ من معينه الصافي، فجزاه الله عنِّي وعن طلبة العلم خير ما جُوزي به معلِّمٌ عن تلاميذه، بارك فيما أعطاه، وجمعنا به في دار كرامته، إنه وليُّ ذلك، والقادر عليه.

 

المبحث الأول: تعريف التقسيم لغة واصطلاحًا:

المطلب الأول : تعريف التقسيم لغة:

التقسيم في اللغة يأتي على معنيين:

1- بمعنى التَّجزِئة.

2- وبمعنى الجمال والحُسْن.

 

قال في "معجم مقاييس اللغة"[1] ما نصُّه: "القاف والسِّين والميم: أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدهما على الجمال والحُسن، يُقال: فلانٌ مقسَّم الوجه؛ أي: ذو جمالٍ، والأصل الآخر مصدر قسمت الشيء قسمًا".

 

وفال في "تاج العروس"[2]: "قسَمَه يقسِمُه قسمًا من حدِّ ضَرَبَه، وقسمه تقسيمًا: جزاه فانقسم".

 

وأقرب هذين الأصلين إلى المعنى الاصطلاحيِّ هو الأول؛ لأنَّ المعتَرض يقوم بتجزئة وتقسيمِ اللَّفظ المورد في دليل المستدلِّ إلى أجزاء وأقسامٍ متعدِّدة.

 

المطلب الثانِي: تعريف التقسيم اصطلاحًا:

تنبيه: اعلم - رحمك الله - أن للأصوليِّين إطلاقَيْن للتقسيم في باب القياس، وقد أوردهما الطوفيُّ في "شرح المختصر"[3]، فقال - رحمه الله -: "وذلك أن التقسيم في القياس على ضَرْبين:

أحدهما: من النَّاظر في استخراج العلَّة بتخريج المناط، كما ذكرنا مثاله غير مرَّة.

والثاني: تقسيم من المُعترض المناظِر على ما يقول المستدلُّ، وهذا هو المراد ها هنا".

 

قلتُ: الإطلاق الأول محله في مسالك العلة ويطلق بإزاء السبر فيقال: السبر والتقسيم، وربما أكتفي بأحدهما والثاني في الأسئلة الواردة على القياس، وهو المراد إذا أطلق في هذا البحث.

 

والآن نشرع في التعريف الاصطلاحيِّ للتقسيم:

فأوَّل من عثرتُ على تعريفٍ له للتقسيم هو ابن الحاجب - رحمه الله - فعرَّفه بقوله: "وهو كون اللفظ متردِّدًا بين أمرين؛ أحدهما ممنوع"[4].

 

• وقد عرفه الآمديُّ - رحمه الله - بقوله: "عبارة عن ترديد اللَّفظ بين احتمالين؛ أحدهما ممنوع، والآخر مسلَّم"[5].

 

• وعرَّفه صاحب "التحرير" فقال: "وهو مَنْع أحد ما تردَّد اللَّفظ بينه بين غيره، مع تسليم الآخَر".

 

يُلاحَظ في التعريفات السابقة أنَّها حصرَت التردُّد بين معنيين فقط، والحقيقة أنَّه قد يكون بين احتمالين فأكثر، وكذلك جاء فيها التقييد بِكَون أحد الاحتمالين ممنوعًا، وهو قيد مختلَفٌ فيه، سيأتي ذِكْر الخلاف فيه في مبحث الشُّروط - إن شاء الله.

 

• وأما المرداوي[6] فقد حدَّه بقوله: "هو كون اللَّفظ مترددًا بين احتمالين متساويين؛ أحدهما مسلَّم لا يحصل المقصود، والآخر ممنوع وهو الذي يحصل المقصود".

 

قوله: "متساويين" زيادة على ما سبق من التَّعريفات، وهو قيدٌ لا بُدَّ منه في التعريف؛ لأنه لا معنى للتَّقسيم بعد ظهور أحد الاحتمالين على الآخر؛ حيث يجب المصير إلى المعنى الظَّاهر.

 

• وقال ابن النجَّار[7]: وهو "احتمال لفظ المستدلِّ لأمرين فأكثر على السَّواء؛ بعضها ممنوع".

 

قوله: "لأمرين فأكثر": قيدٌ لا بد منه؛ حتَّى يشمل التعريفُ ما كان مترددًا بين أكثرَ من احتمالين، وهي زيادةٌ على التعريفات السابقة.

 

وعرفه الأصفهانيُّ - رحمه الله - في "بيان المختصر": "وهو كون اللَّفظ الدالِّ على الوصف مرددًا بين أمرين؛ أحدهما ممنوع علِّيته، والآخر مسلَّم عليته"[8].

 

مما تميَّز به هذا التَّعريف أنه نصّ على أن مورد التَّقسيم إنَّما هو الوصف الجامع، ولم أقف على مَن نصَّ على هذا سواه - رحمه الله - إن كان يُؤخَذ عليه بما سبق من أنَّه حصر التردُّد بين معنيين فقط، ولم يشترط التَّسوية بين الاحتمالين.

 

• وأما مِن المعاصرين فقد عرَّفه الدكتور "سعد بن ناصر الشثري" بالمثال في "شرح المختصر" للبعلي فقال - حفظه الله -: "وهو أن يقول المعترضُ: كلامك يحتمل وجهين؛ أحدهما مسلَّم، ولكنَّك لا تنتفع به، والثاني ممنوع لا أسلِّمه".

 

بعد هذه الجولة الممتعة بين الحدود المذكورة سابقًا، يمكن أن يُستخلَص منها تعريفٌ يَجمع شتات تلك التعريفات، وهو أن يُقال: "هو كون اللَّفظ الدالِّ على الوصف مرددًا بين أمرين فأكثر على السواء؛ أحدهما ممنوع علِّيته، ويحصل به المقصود".

 

شرح مفردات التعريف:

• قوله: "الدالّ على الوصف" مأخوذٌ من تعريف الأصفهاني، وهو أمرٌ لا بدَّ منه؛ لإزالة اللبس.

• قوله: "فأكثر" من تعريف ابن النجَّار؛ ليكون جامعًا لما كان مترددًا بين احتمالين فأكثر.

• قوله: "على السواء" من تعريف المرداوي، وهو قيد لا بد منه، كما عرَفْتَ.

 

ملحوظة: وقد اقتصرتُ على ذكر القسم الممنوع دون غيره في التعريف؛ نظرًا إلى أنه به يحصل المقصود من التقسيم، وهو مسلَكُ ابن الحاجب والكمال ابن الهُمام وابن النجار - رحمة على الجميع - في تعريفاتهم كما عرفت.

 

المطلب الثالث: الأمثلة التطبيقية:

فائدة: قد بيَّن الأمين الشنقيطي - رحمه الله - مسميات أطرف التقسيم في آداب البحث والمناظرة[9]، فقال: "اعلم أولاً أن الشيء المنقَسِم يسمَّى مقسَّمًا وموردَ القسمة، والأجزاء المنقسم هو إليها تسمى أقسامًا، وكل قسم بالنسبة إلى الآخر يسمى قسيمًا".

 

ولتقريب معنى التقسيم إليك بعض الأمثلة التطبيقيَّة التوضيحية عليه، ويكفي في ذلك الاحتمالُ والفرض، كما قال في "مَراقي السُّعود":

وَالشَّأْنُ لاَ يُعْتَرَضُ الْمِثَالُ
إِذْ قَدْ كَفَى الفَرْضُ وَالاِحْتِمَالُ

 

المثال الأول:

قول المستدلِّ: البِكْر يُشترط رضاها؛ قياسًا على الثيِّب، بجامع كونهما عاقِلَتين.

 

الأصل هو الثيب، والفَرْع: البِكر، والعلة كونُهما عاقلتين، الحُكم: اشتراط الرِّضا في التزويج.

 

فيَعترض عليه المعترض، فيقول: العلَّة قولك عاقلة يحتمل معنيين:

أحدهما: عندها عقل غريزيٌّ[10]، هذا أسلِّمه لك، ولكن لا ينفعك؛ بدليل أنَّ الصغيرة لها عقل غريزي، ولا يشترط رضاها بالاتِّفاق بيني وبيتك.

الثاني: أن تقصد بقولك: عاقلة أنَّ لها تجربةً، وهذا أمنعه؛ لأن البكر لا تجربة لها.

تحليل الاعتراض: مورد القسمة أو المقسم هو لفظة (عاقلة)، والذي هو العلة الجامعة.

والأقسام هي: العقل بمعنى الغريزي، والعقل بمعنى التجريبِي، وكل واحد منهما قسيمٌ للآخر.

 

المثال الثانِي:

قول المستدلِّ: لا تجب الزَّكاة في مال الصبِي؛ لأنَّها عبادةٌ، فلم تجب عليه الزَّكاة كسائر العبادات.

فالأصل هنا: سائر العبادات على الصبِي، والفرع: الزَّكاة في مال الصبِي، والعلة: كونها عبادة، والحكم: عدم الوجوب.

فيقول المعترِض: اشتمل قياسُك هذا على لفظ العبادة، وهو متردِّد بين معنيين؛ أحدهما: أنَّها عبادة مَحْضة، وهذا ممنوع؛ لأن فيها جانبَ المؤنة.

 

والثَّاني: أنَّها غير محضة، وهذا مسلَّم، ولكن لا ينفعك في عدم وجوب الزكاة على الصبي؛ لأنَّها عبادة من جهة، ومؤنة من جهة أخرى؛ فهي واجبة في ماله باعتبارها مؤنة، كنفقة الزوجة والأقارب، والولي هو الذي يُخْرجه عنه.

 

المثال الثالث:

حيث تكون الأقسامُ أكثر من قسمين:

قول المستدلِّ: امرأة بالغة عاقلة، يصحُّ منها النِّكاح كالرجل.

فيقول المعترض: قولك عاقلة إمَّا أن يكون بمعنى أن لها تجربةً، أو أن لها حُسْنَ الرأي والتدبير، أو أن لها عقلاً غريزيًّا، والأول والثاني ممنوعان، والثالث مسلَّم، لكن لا يكفي؛ لأن الصغيرة لها عقل غريزي، ولا يصح منها النكاح.

 

المبحث الرابع: الخلاف في قبول قادح التقسيم:

اختلف علماء الأصول في قبول هذا السؤال، واعتباره قادحًا في دليل المستدلِّ على قولين؛ وهما:

القول الأول: ذهب جماهير الأصوليِّين إلى قبوله واعتباره قادحًا؛ بشرط إذا بيَّن المعترض محل التردُّد، قال ابن الحاجب[11]: "والمختار ورودُه"، وقال المرداوي[12]: "والصحيحُ أنه يُقبَل، وعليه أصحابنا والأكثر".

 

واستدلوا بما يلي:

قالوا: لجواز عجز المستدلِّ عن إثباته، وله مدخلٌ في هدم الدَّليل.

 

قال الأمين - رحمه الله تعالى - في المذكِّرة[13]: "ووجه القَدْح بالتقسيم أن اللَّفظ إذا احتمل أمرين أحدهما باطل، فهو محتمِلٌ للبطلان، فلا تَنْهَض به حجة".

 

القول الثانِي: ذهب قومٌ إلى عدم اعتبار التقسيم قادحًا في دليل المستدل؛ نسَبَه صاحبُ "التقرير" إلى الكرماني[14].

 

قالوا: لأنَّ إبطال أحد محتملَيْ كلام المستدلِّ لا يكون إبطالاً لدليله؛ إذ لعله غير مُراده.

وقالوا: إنَّ سؤال الاستفسار كافٍ، ويُغْني عن سؤال التقسيم، فلا يرد.

 

قد حكى هذا الخلاف العلوي في "المراقي" بقوله:

وَيَقْدَحُ التَّقْسِيمُ أَنْ يَحْتَمِلاَ
لَفْظٌ لِلاَمْرَيْنِ وَلَكِنْ حُظِلاَ
وُجُودُ عِلَّةٍ بِأَمْرٍ وَاحِدِ
وَلَيْسَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ بِالوَارِدِ

 

الترجيح: والذي يظهر راجحًا في المسألة - والعلم عند الله - هو قبول هذا السُّؤال، واعتباره قادحًا في دليل المستدلِّ متَى عجز عن دفعه، أمَّا ما ذكره أصحابُ القول الثاني من أنَّ سؤال الاستفسار كافٍ، ويُغني عن سؤال التقسيم فلا يرد ممنوع؛ وذلك لما بينهما من فروق كبيرةٍ مما يستوجب أن يكون كلُّ واحد منهما مستقلاًّ بذاته، وإن كان بينهما علاقة من وجه، وسيأتي بيانُ ذلك - إن شاء الله - في مبحث علاقة التَّقسيم بالقوادح الأخرى.

 

أمَّا ما يتعلَّق بالفروق بين التقسيم والاستفسار فمن وجهَيْن:

الوجه الأول[15]: أنَّ منشأ القدح في الاستفسار عدمُ دلالة اللَّفظ على المراد، أمَّا في التقسيم هو كون أحد المحتملين ممنوعًا، مع إبهامه واحتماله أنَّه المراد؛ ذكَره العباديُّ - رحمه الله.

الوجه الثانِي: المعترض في التقسيم يحكم على ما يحتمله المستدلُّ بأن هذا ممنوع، أو هذا مسلَّم، أما الاستفسار فلا حكم على ما يَحْتمله لفظ المستدلِّ، وكذلك التقسيم يرد على الإجمال فقط، بينما الاستفسار فإنه يرد على المُجْمَل ولفظ الغريب في دليل المستدل؛ ذكَرَه الدكتور "عبدالكريم النملة" في "التهذيب"[16].

 

المبحث الثالث: شروط صحة التقسيم:

بعدما ظهر لك - أيُّها القارئ - صحَّةُ اعتبار التقسيم قادحًا في دليل المستدلِّ؛ اعلم - رحمك الله - أنَّ القائلين به لم يُطْلِقوا العنان في ذلك، بل قيَّدوه بشروط، اتَّفقوا على بعض منها، كما اختلفوا في البعض الآخر، وإليك تفصيل ذلك في مطلبين:

المطلب الأول: الشروط المتَّفَق عليها[17]:

عند تصفُّحِ كتب أصول الفقه، وكتب الجدَل والمناظرة، والتأمُّل فيها؛ تجد أنَّ كل من عَقد للتقسيم ترجمة يتَّفقون على بعض شروط له، وأنَّها معتبَرةٌ في صحة التقسيم، من ذلك ما يلي:

الشرط الأول: أن يكون لفظ المستدلِّ في قياسه مما يصحُّ تردده بيت احتمالين فأكثر, فهذا شرط لا بد منه؛ لأن معنى التقسيم ينبئ عنه، ولذا فإني لم أقف على من خالف في اعتبار هذا الشرط.

 

الشرط الثانِي: أن يكون حاصرًا لجميع الأقسام التي يحتمله لفظ المستدل، وإلاَّ كان للمستدلِّ أن يبيِّن أنَّ مورده غير ما عيَّنه المعترض، وسيأتي مبحثٌ خاص - إن شاء الله - في بيان طريقة الحصر للأقسام.

 

الشرط الثالث: أن يكونَ التقسيم مطابقًا لما ذكره المستدلُّ، فلا يورد المعترض زيادةً على لفظ المستدل، وإلا كان مناظرًا لنفسه.

 

المطلب الثانِي: الشروط المختلفة فيها:

لقد اختلف الأصوليُّون في اعتبار أنَّ لصحَّة التقسيم شروطًا منها:

الشرط الأول: أن يكون أحد المعاني التي تردَّد بينها لفظ المستدل ممنوعًا، وما سواه مسلَّم، ولكن لا يحصل بها المقصود، واختلفوا في اشترط ذلك على النَّحو التالي:

تحرير محل النِّزاع:

• اتَّفقوا على جواز أن يكون أحدهما ممنوعًا، وما سوها مسلَّمًا.

• وكذلك اتفقوا - رحمهم الله - على أنَّه لا يجوز أن تكون كلُّ الأقسام ممنوعة.

 

• واختلفوا في جواز أن تكون كلُّ الأقسام مسلَّمةً، على ما يأتي:

1- ذهب قومٌ إلى جواز أن تكون كلُّ الأقسام مسلَّمة بحيث لا يكون منها مسلَّمٌ ومَمنوع؛ بشرط أن يكون الذي يرد على هذا غير الذي يرد على الآخر، وإلى هذا مال[18] الآمديُّ في "الإحكام"، والقرافيُّ في "النفائس"، وقال: "وليس من شرط التَّقسيم أن يكون أحدهما ممنوعًا، والآخر مسلَّمًا، بل جائزٌ أن يكونا مسلَّمين، لكن الذي يَرِد على أحدهما غير الذي يرد على الآخر؛ إذ لو اتَّحد ما يرِدْ لم يكن للتقسيم فائدة[19]"؛ اهـ.

 

2- وذهب آخرون إلى عدم جواز ذلك، واشترطوا كون أحد الأقسام ممنوعًا وما عداه مسلَّمًا، ويظهر ذلك في تعريفاتهم للتقسيم؛ من أولئك: الطوفي وابن عبدالهادي في "المنقول من علمي الجدل والأصول"، والهندي في "نهاية الوصول"، الشنقيطي في "المذكرة" - رحمة الله على الجميع - وحجتهم أنه لو كانت كلُّ الأقسام مسلَّمة يحصل المقصود على كل التقديرات لم يكن للتقسيم معنًى، وبالتالي لا بد أن يكون أحد الأقسام ممنوعًا.

 

قلتُ: الذي يظهر أنَّ هذا الخلاف أشبه ما يكون باللفظيِّ؛ لأن المقصود هو حصول التَّفاوُت بين احتمالات اللفظ الوارد في دليل المستدلِّ، وهذا حاصل في كلتا الحالتين، وعليه يعود الخلاف إلى اللَّفظ.

 

الشرط الثاني: هل يشترط أن يكون القسم الممنوع هو مُرادَ المستدلِّ؟ واختلفوا في ذلك أيضًا.

الشرط الثالث[20]: هل يشترط لصحَّة التقسيم بيان المعترض احتمال اللَّفظ للمعاني المحتملة على السويَّة؟

 

اختلفوا في ذلك على النحو الآتي:

ذهب البعض إلى عدم اشترط ذلك؛ قال الإيجي في "شرحه على المختصر"[21]: "لا يجب على المعترض بيانُ التَّساوي بين الاحتمالات، بل يكفي في تصحيحه أن يبيِّن إطلاقَ اللَّفظ بإزاء الاحتمالين؛ لأن في ذلك تفصيلاً لما يتعذر ويعسر".

 

وكذلك ذهب إلى اشتراط ذلك نَزْرٌ من الأصوليين.

 

المبحث الرابع: طرق دفع التقسيم:

لقد سلك العلماءُ في الجواب عن سؤال التَّقسيم مسلكَيْن: مسلك إجمالي، وآخر تفصيلي، وقد جرت العادة في مثل هذه الحالة أن يُؤْتَى بالتفصيل بعد الإجمال، ولكنني عكَسْتُ ها هنا؛ نظرًا إلى أن المسلك الإجماليَّ في هذا الموضع لا يُصَار إليه إلا عند العجز عن المسالك التفصيليَّة، وتبعًا للآمديِّ - رحمه الله - فإنِّي لم أقف على أحدٍ ذكَر المسلك الإجماليَّ سواه.

 

أولاً- المسلك التفصيلي[22]:

ذكر الأصوليون عدة طرق تفصيلية للجواب عن سؤال التقسيم منها التالي:

الطريقة الأولى: أن يبين المستدل فساد التقسيم بانتفاء شروطه أو بعضه، كأن يمنع تقسيم اللفظ أو عدم حصر التقسيم لجميع الأقسام، وأنه بقي قسم لم يذكر وهو مراده أو أنه زاد في التقسيم على ما ذكره المستدل.

الطريقة الثانية: أن يبيِّن المستدلُّ أنَّ لفظه الذي أورده في قياسه أنَّه ظاهر في مراده، إمَّا بالوضع أو عُرْف الاستعمال لغةً أو شرعًا، وبقرينة، وإذا بان ظهورُه في بعض الاحتمالات وجب تَنْزيلُ اللَّفظ عليه.

 

مثال لبيان المستدلِّ ظهور مراده شرعًا: قوله: الوضوء طهارة قربة اشترطت لها النيَّة، كغيرها من القُرَب.

 

فيقول المعترض: لفظ الطهارة يحتمل معنيين:

أحدَهما: أنَّها طهارةٌ بمعنى النَّظافة من الخبَث، وهذا ممنوعٌ كونه من القُرَب.

ثانِيَهما: أنَّها طهارة بِمَعنى الأفعال المخصوصة؛ أي: الوضوء الشرعي، وهذا مسلَّم.

فيجيب المستدلُّ بقوله: إن لفظ الطهارة ظاهرُ الدلالة شرعًا على أنَّ المراد به الوضوء الشرعي؛ لأنه المتبادر عند الإطلاق.

الطريقة الثالثة: أن يبيِّن المستدل أن ما قسَّم المعترض إليه اللفظ متَّحد، غير أن المعترض وَهِم في اعتقاد التعدُّد، وأن اللفظ دلَّ عليهما بالتواطؤ.

الطريقة الرابعة: أن يختار المستدلُّ المعنى الذي سلَّم به المعترضُ فيقول به، فيندفع عنه مقتضى التقسيم، مثاله: قول المستدل: المُكْرَه على القتل مختارٌ للفعل، فيقتص منه كالمُكْره.

 

فيقول المعترض لفظ "مختار" يحمل معنيين:

أحدهما: أنَّ المراد به الفاعل الرَّاغب في القتل.

الثاني: أن المراد به القادر على القتل.

 

الأول ممنوع، والثاني مسلَّم.

 

فيجيب المستدل بقوله: أنا أختار المعنى الثاني، وهو الفاعل القادر على القتل، وحينئذٍ يندفع التقسيم.

 

ثانيًا- المسلك الإجمالي:

فلم أجد أحدًا ذكره غير الآمدي[23] - رحمه الله - ولذا رأيتُ أن أذكر نصَّه برُمَّته، قال - رحمه الله -: "وإن تعذَّر بيان الظهوريَّة بأحد الطُّرق المفصلة، فله دفْعُ التقسيم بوجهٍ إجمالي، وهو أن يقول: الإجمال على خلاف الأصل، فيجب اعتقاد ظهور اللَّفظ في بعض احتمالاته ضرورة نفي الإجمال عن اللفظ، ومع ذلك فالتقسيم لا يكون واردًا، وقد يقدر على بيان كون اللفظ ظاهرًا فيما عينه بهذا الطريق الإجمالي، وهو أن يقول: إذا ثبت أنه لا بدَّ وأن يكون اللفظ ظاهرًا في بعض محامله؛ نفيًا للإجمال عن الكلام - فيجب اعتقاد ظهوره فيما عيَّنه المستدلُّ ضرورة الاتِّفاق على عدم ظهوره فيما عداه، أمَّا عند المعترض فلضرورة دعواه الإجمالَ في اللَّفظ".

 

المبحث الخامس: موضع سؤال التقسيم وترتيبه:

قد بيَّن غيرُ واحد من علماء الأصول أنَّ موضع التقسيم وترتيبه من بين القوادح هو أن يكون بعد مَنْع حكم الأصل، ومقدَّمًا على منع وجود الوصف، وعلى سؤال المطالبة بتأثير الوصف، واليك تفصيل ذلك مع التَّعليلات:

• أن يكون بعد منع حكم الأصل؛ ذلك لأن التقسيم متعلِّق بالوصف المتفرِّع عن حكم الأصل.

• ويجب أن يكون مقدمًا على منع وجود الوصف؛ لأنَّ منع الوصف دالٌّ على تعيين الوصف، والتقسيم على التردُّد.

• أمَّا تقديمه على سؤال المطالبة بتأثير الوصف فقد اختلفوا في ذلك؛ فقد ذهب ابنُ قدامة - رحمه الله - وغيره إلى أنَّه يجب أن يكون مقدمًا على سؤال المطالبة بتأثير الوصف، وعلَّلوا ذلك بأنَّ التقسيم منع؛ لوجود العلَّة، بخلاف المطالبة لوجود الوصف المذكور، والمنع بعد التسليم غير مقبول.

 

وقد اعترض الآمديُّ - رحمه الله - على هذا التعليل، فقال[24]: "وهو غير صحيح؛ لوجهين:

الأول: أنَّ ما ذكره إنَّما هو مبنيٌّ على أن أحد القسمين لا بدَّ وأن يكون ممنوعَ الوجود، وليس كذلك؛ لِمَا سبق في مبدأ السؤال، وبتقدير أن يكون أحدُ القسمين ممنوعَ الوجود فإنَّما يلزم التناقُض والمنع بعد التسليم أن لو كان ما أورد عليه سؤال المطالبة أَوَّلاًهو نفس القسم الذي منع وجوده في التقسيم، وبتقدير أن يكون غيره فلا".

 

وكذلك الطوفيُّ - رحمه الله - لَم يرض بهذا التَّعليل؛ حيث رأى أنَّه لا مُنافاة بين التَّقسيم والمُطالبة، فقال - رحمه الله -[25]: "وفي تحقُّق هذا نظر؛ إذْ لا تنافي بين التقسيم والمطالبة، حتَّى يكون إيراد التقسيم بعدها إنكارًا بعد اعتراف؛ إذْ حاصِلُ التقسيم هو إنكار وجود علَّة المستدل في الأصل، وذلك لا يُنافي قول المعترض: ما الدليل على أن ما ذكرته علَّة".

 

ثم قال - رحمه الله -: "إنما يتَّجه هذا لو كان معنى التقسيم إنكارَ نفس الوصف، والمطالبة طلب الدليل على علِّيته"، وكذلك بين أيضًا أن المطالبة إنكارٌ للعلَّة، فيكون موافقًا للتقسيم في الإنكار، فقال: "إذ طلب الدليل عليها إنكار لها، فهو موافق للإنكار الحاصل من التقسيم".

 

بل هناك من يقول: إنَّ في إيراد المطالبة بعد التقسيم تكرارًا، وهذا يؤكِّد قول الطوفيِّ السابق.

 

المبحث السادس: هل يَرِدُ التقسيم بعد الاستفسار؟

من المسائل التي يَذْكرها الأصوليُّون في هذا الموضع مسألةٌ مشهورة، وهي مسألةُ قبول التَّقسيم بعد الاستفسار، والذي عليه الكثيرُ من العلماء أنَّ سؤال التقسيم لا يُقْبَل بعد الاستفسار؛ لأنَّه لا معنى لإيراده.

 

قال الآمديُّ - رحمه الله -[26]: "وبالجملة فيمتنع أيضًا قبول سؤال التقسيم بعد سؤال الاستفسار؛ لأنَّ المسؤول إن كان قد دفع سؤال الاستفسار جدلاً بنفي الإجمال، فالتقسيم بعده لا يَرُدُّ ضرورة توقفه على الإجمال، وقد انتفى.


وإن أجاب عنه بتعيين ما قصده بكلامه فبَعْد التعيين لا حاجة إلى التقسيم، بل يجب ورود الاعتراض على عينه، دون غيره"؛ اهـ.


ومثله عن الرهوني - رحمه الله - في "تحفة المسؤول".


المبحث السابع: طريق صيانة التقسيم:

ولِحِفْظ التقسيم وصيانته من الفساد طريقٌ معيَّن، ذكره بعض العلماء؛ كالطوفي - رحمه الله - في "المختصر"[27]، وكذا ابن عبدالهادي في كتاب "مقبول المنقول من عملي الجدل والأصول"، وغيرِهما.


وذلك بأنْ يجعل المعترض تقسيمه دائرًا بين قسمين: أحدهما يعم ما سوى القسم الآخر، فلا يخرج منه شيءٌ من الأقسام، فيقول: إن أردت بقولك كذا، فهو مسلَّم، وإن أردت غيره فممنوع؛ لأنَّ لفظ "غيره" يتناول ما عدا القسم المصرَّح به.


ومثاله أن يقول: العدد إمَّا مُساوٍ، أو غير مساو، فيتناول غير المساوي الأقل والأكثر.


الخاتمة


أيُّها القارئ الكريم، بعد هذه الجولة الماتعة مع الجدل والجدَلِيِّين والنُّظار، فهلُمَّ معي نُعِد الكَرَّة، ونستمتع بذِكْر نتائج هذا البحث في النِّقاط التالية:

1- وقد توصَّلت إلى تعريف جامع مانع للتقسيم، كقادحٍ من قوادح القياس، وهو قولي: "هو كون اللفظ الدال على الوصف مرددًا بين أمرين فأكثر على السواء، أحدها ممنوع علِّيته، ويحصل به المقصود".

2- وتوصَّلتُ من خلال هذا البحث إلى أن اعتبار التقسيم قادحًا مستقلاًّ يقدح في دليل المستدل - هو أصحُّ أقوال أهل العلم.

3- وأن هناك فروقًا جوهريَّة بين التقسيم والاستفسار من حيث منشَأُ القدح في كلٍّ منهما، وغير ذلك من الفروق.

4- وتوصلت إلى أن العلماء اشترطوا في صحَّة اعتبار التقسيم قادحًا في دليل المستدل شروطًا اتفقوا على بعض منها، كما اختلفوا في البعض الآخر.

5- أنَّ هناك طريقَيْن لدفع هذا السؤال؛ إجماليًّا، وتفصيليًّا.

6- أن موضع التقسيم وترتيبه من بين القوادح هو أن يكون بعد مَنْع حكم الأصل، ومقدمًا على منع وجود الوصف، وعلى سؤال المطالبة بتأثير الوصف.

7- وأن الصحيح عدم ورود التقسيم بعد الاستفسار.

 

أخي الكريم:

لعل هذه من أبرز النتائج التي توصَّلتُ إليها خلال هذا البحث الذي أرجو أن أكون قد بذلتُ قصارى جهدي في جَمْع المادة العلميَّة المتعلِّقة به، وترتيبها ترتيبًا منطقيًّا، فالله - عزَّ وجلَّ - أسال أن يتقبَّله منا، ويغفر لنا ولمشايخنا، وللمسلمين عامَّة، وآخِرُ دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.

 


[1] يُنظر: (33/ 168).

[2] مادة قسم (33/ 168).

[3] ص (3/ 492).

[4] يُنظر: "المختصر" مع "شرح الإيجي" (3/ 488).

[5] يُنظر في: "الإحكام" (4/ 255).

[6] يُنظر في: "التحبير" (7/ 3575).

[7] يُنظر في: شرح الكوكب (4/ 251).

[8] (3/ 191).

[9] ص (147).

[10] هذا بناء على أن العقل ضربان؛ غريزي وتجريبِيّ، وهو ما يُستفاد من التَّجارب.

[11] يُنظر: "المختصر مع شرح الإيجي" (3/ 488).

[12] يُنظر في: "شرح الكوكب" (4/ 251).

[13] ص (453).

[14] يُنظر: "التقرير والتحبير" (879).

[15] يُنظر في: "الآيات البيِّنات" (4/ 333).

[16] ص (5/ 2214).

[17] يُنظر في: "مختصر الروضة" (3/ 493).

[18] يُنظر في: "الإحكام" (4/ 256).

[19] يُنظر في: "النفائس" (4/ 406).

[20] هذه المسالة تُذكر غالبًا عند سؤال الاستفسار، وكذا ها هنا عند البعض.

[21] ص (8/ 592).

[22] يُنظر في: "الإحكام" (4/ 256) ، في "مختصر الرَّوضة" (3/ 493).

[23] يُنظر في: "الإحكام" (4/ 256).

[24] يُنظر في: "الإحكام" (4/ 256).

[25] في "مختصر الرَّوضة" (3/ 490).

[26] يُنظر في: "الإحكام" (4/ 256).

[27] (3/ 497).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عرض كتاب: تعارض القياس مع الأدلة المختلف فيها - دراسة نظرية تطبيقية
  • سؤال يحيرني ( قصة للأطفال )
  • القياس من مصادر الثقافة الإسلامية
  • تصغير (غلمة) على غير القياس

مختارات من الشبكة

  • أسئلة لمجيزي الاحتفال بالمولد النبوي.. أسئلة تنتظر الرد!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هل يتنافى سؤال البشر شيئًا مع سؤال الله؟(استشارة - الاستشارات)
  • أسئلة طفلك الحرجة .. لكل سؤال جواب(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • السؤال والجواب في قصائد ديوان (مراكب ذكرياتي) للدكتور عبد الرحمن العشماوي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • إستراتيجيات الأسئلة الصفية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الاعتبار الحقيقي لتقسيم مكونات القرائية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • طفلك وأسئلته المحرجة (2)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الاجتهاد المطلق والمقيد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تيسير مقدمة ابن الصلاح في سؤال وجواب للإيضاح: 250 سؤالا لضبط فهم مقدمة ابن الصلاح: أسئلة منوعة ودقيقة وهامة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أقسام الواجب من حيث: وقته، ذاته، فاعله، تقديره(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
5- remerciment
Moussa Bathily - senegal 21-04-2016 05:41 PM

ما شاء الله رائع يا أخي لقد أحسنت في البحث كثيرا أفدت وأجزت. جعله الله في ميزان حسناتك..

4- تشجيع
يعقوب جاخو أبو يوسف 21-04-2016 11:35 AM

ما شاء الله عليكم أخي أبا حفص كما عهدناك أوفيت الموضوع حقه فبارك الله فيك وزادك علما فإلى الأمام

3- الشكر
حمزة عبد الرحمان كويتا منايل - السنغال 29-02-2016 08:01 PM

الله أسأل ان يزودك علما نافعا وحكمة بالغة وعملا صالحا وأن يسبغ عليك آلاءه

2- شكر
العنزي - السعودية 30-11-2012 12:32 PM

استفدت كثيرا من بحثك فجزاك ربي الجنان والحور الحسان

1- الشكر
محمد علي - مالي 23-07-2011 10:28 PM

شكر الله لكم على هذا البحث المفيد في هذا الباب المهم وفي هذه المادة المهمة

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب