• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    لا تؤجل التوبة (بطاقة دعوية)
    د. منال محمد أبو العزائم
  •  
    شرح كتاب الثلاثة: الدرس الثاني
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    الإبداع في القرآن الكريم: أنواعه، مجالاته، آثاره ...
    عبدالله محمد الفلاحي
  •  
    صفة الحج: برنامج عملي لمريد الحج وفق السنة ...
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    سبعون أدبا في الصحبة والسفر والعلم (PDF)
    د. عدنان بن سليمان الجابري
  •  
    شرح كتاب: فصول الآداب ومكارم الأخلاق المشروعة ...
    عيسى بن سالم بن سدحان العازمي
  •  
    كفى بالموت واعظا
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    أحكام المخابز (PDF)
    أبو جعفر عبدالغني
  •  
    "كلمة سواء" من أهل سنة الحبيب النبي محمد صلى الله ...
    محمد السيد محمد
  •  
    صفحات من حياة علامة القصيم عبد الرحمن السعدي رحمه ...
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    الأساس في أصول الفقه (PDF)
    د. عبدالله إسماعيل عبدالله هادي
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
شبكة الألوكة / مكتبة الألوكة / المكتبة المقروءة / الرسائل العلمية / أبحاث علميّة جامعيّة
علامة باركود

الحياة العلمية في الحرمين الشريفين في القرن العاشر الهجري

خالد حسن الجوهي

نوع الدراسة: PHD
البلد: المملكة العربية السعودية
الجامعة: جامعة الملك سعود
الكلية: الآداب
التخصص: التاريخ
العام: 1431هـ-2010م

تاريخ الإضافة: 24/1/2011 ميلادي - 18/2/1432 هجري

الزيارات: 79305

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ملخص الرسالة

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - سيد الخلق أجمعين، وآلة وصحبة ومن اقتفى أثره إلى يوم الدين.

 

أما بعد:

لقد أنعم الله سبحانه وتعالى على بلاد الحجاز بوجود الحرمين الشريفين اللذين كانا منذ ظهور الإسلام ولا زالا قبلة للمسلمين من شتى أنحاء العالم سواء حجاجاً أو معتمرين أو زائرين لهذه المقدسات، وقد نتجت عن هذه التجمعات البشرية في الحرمين أنشطة اقتصادية متمثلة في الحركة التجارية التي تشهدها المنطقة أثناء مواسم الحج أو ثقافية وعلمية، فقد كان الحرمان الشريفان نقطة اجتماع للعلماء من شتى أقطار العالم الإسلامي يتدارسون فيما بينهم شتى أنواع العلوم ويجيز بعضهم لبعض، ولهذا وجدت وحدة معرفية وثقافية أدت إلى ازدهار الحركة العلمية في الحرمين كما انتشرت فيها المؤسسات العلمية كالمدارس والكتاتيب وحلقات الدرس في المسجد الحرام والمسجد النبوي.

 

وقد بذل السلاطين العثمانيين وقبلهم المماليك أدواراً مهمة في نهضة العلم والمعرفة في الحرمين الشريفين نتيجة ما قدموه من خدمات جليلة سواء في الدعم المالي أو المعنوي أو من خلال بناء المؤسسات العلمية.

 

أهمية الموضوع وأسباب اختياره:

إن بلاد الحرمين الشريفين تحتل أهمية كبيرة في نفوس المسلمين كونهما مركز إشعاع فكرى وحضاري وقبلة لطلاب العلم والمعرفة من كافة إنحاء العالم العربي والإسلامي. وتأتي الأهمية لهذا الموضوع كونه يسلط الضوء على مرحلة مهمة من تاريخ المنطقة حيث شهد الحرمان خلالها تحولات سياسية تمحورت في أن الدولة العثمانية أصبحت صاحبة السيادة على الحجاز بدلاً عن المماليك وما نتج عن هذا التطور السياسي من نتائج ثقافية وعلمية على بلاد الحرمين.

 

ومما دفع الباحث لاختيار هذا الموضوع هو الرغبة لمثل هذا النوع من الدراسات التي تتناول الجانب الحضاري والثقافي للشعوب، إضافة إلى أن القرن العاشر الهجري مثل نقطة تحول تأريخي في بلاد الحجاز وذلك بدخولها تحت النفوذ العثماني.

 

أهداف الدراسة:

تهدف هذه الدراسة إلى معرفة مدى التطور الذي شهده الحرمان في الحياة العلمية بعد أن أصبح الحجاز تحت النفوذ العثماني وخاصة خلال القرن ا لعاشر الهجري ومعرفة مدى الدور الذي لعبه العثمانيون في تنشيط الحركة العلمية.

 

حمل الموضوع عنوان:

(الحياة العلمية في الحرمين الشريفين في القرن العاشر الهجري).

 

تقسيم الدراسة:

قسمت الدراسة إلى مقدمة وثلاثة فصول، يتكون الفصل الأول من موضوعين:

أولاً: الحياة السياسة في الحرمين الشريفين أواخر عهد المماليك من خلال إعطاء لمحة تاريخية موجزة للحياة السياسية في الحرمين وما شهده من صراعات سياسية.

ثانياً: الحياة العلمية في الحرمين الشريفين أواخر عهد المماليك وفيه استعراض لأهم وأبرز المؤسسات العلمية في الحرمين في العهد المملوكي.

 

أما الفصل الثاني فكان تحت عنوان: (مظاهر الاهتمام بالحركة العلمية في الحرمين الشريفين في القرن العاشر الهجري) وفيه عدة محاور.

أولاً: دور العلماء في تنشيط الحركة العلمية في الحرمين.

ثانياً: دور السلاطين العثمانيين في تشجيع العلم.

ثالثاً: التغيير المذهبي في الحرمين الشريفين.

رابعاً: المكتبات ودورها في الحياة العلمية.

 

أما الفصل الثالث فكان تحت عنوان(المؤسسات العلمية في الحرمين الشريفين)، وفيها عدة محاور:

أولاً: الكتاتيب.

ثانياً: المدارس.

ثالثاً: حلقات الدرس في الحرمين الشريفين.

 

كما أحتوى البحث على خاتمة تتضمن أهم النتائج التي توصل إليها إلى البحث.

 

أعتمد البحث على عدد من المصادر أهمها:

كتاب "العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين" لمؤلفة تقي الدين الفاسي (ت832هـ).

حيث أحتوى على ثمانية أجزاء فيها معلومات قيمة استفاد منها الباحث وخاصة فيما يتعلق بالفترة المملوكية.

 

وكتاب "إتحاف الورى بأخبار أم القرى" لمؤلفه: النجم، عمر بن فهد (ت 885هـ) وهو من أربعة أجزاء فيه معلومات مهمة عن مكة وأحوالها السياسية والاجتماعية.

 

ومن المصادر أيضاً كتاب "نيل المنى بذيل بلوغ القرى لتكملة إتحاف الورى" لجار الله بن فهد (ت 954هـ) وهو من جزئين قام بتحقيقه محمد الحبيب الهيلة. وكتاب"سمط النجوم العوالي من أنباء الأوائل والتوالي" لعبد الملك العصامي    (ت 1111هـ) ويتكون من أربعة أجزاء وكان الجزء الرابع منه مصدراً لهذا البحث وغيرها من المصادر.

 

كذلك كانت كتب التراجم أحد المصادر التي اعتمد عليها الباحث مثل كتاب "الضوء اللامع لأهل القرن التاسع" ويقع في اثني عشر جزءاً لمؤلفه: محمد بن عبد الرحمن السخاوي (ت 902هـ) وكتاب "النور السافر عن أخبار القرن العاشر" لمحي الدين عبد القادر العيدروس (ت 1038هـ) وكتاب "خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر" لمحمد المحبي وهو من أربعة أجزاء وكتاب "الكواكب السائرة بأعيان المائة العاشرة" لنجم الدين الغزي في ثلاثة أجزاء.

 

كما اعتمد الباحث على عدد من الدراسات مثل: رسالة الماجستير للباحث محمد أمحزون (المدينة المنورة في رحلة العياشي) ورسالة الماجستير للباحثة منى حسن آل مشاري (المجاورون في مكة والمدينة في العصر المملوكي) وكلا البحثين من جامعة الملك سعود.

 

وكذلك تمت الاستفادة من بعض الدوريات الصادرة في المملكة العربية السعودية وهناك العديد من المصادر والمراجع جرى حصرها في القائمة الخاصة بها.

 

فهرس المحتويات

فهرس المحتويات

المحتـوى

رقم الصفحة

المقدمة

1

الفصل الأول

الحياة السياسية والعلمية في الحرمين الشريفين أواخر عهد المماليك

6

أولاً: الحياة السياسية في الحرمين الشريفين أواخر عهد المماليك

7

ثانياً: الحياة العلمية في الحرمين الشريفين أواخر عهد المماليك

13

المؤسسات العلمية في الحرمين الشريفين أواخر عهد المماليك

14

أ – الكتاتيب

14

ب – حلقات الدرس في الحرمين الشريفين

15

جـ- المدارس

17

الفصل الثاني

مظاهر الاهتمام بالحركة العلمية في الحرمين الشريفين في القرن العاشر الهجري

21

أولاً: دور العلماء في تنشيط الحركة العلمية في الحرمين.

22

أ – المجاورون.

22

ب – الأسر العلمية في الحرمين

26

ثانياً: دور السلاطين العثمانيين في تشجيع العلم.

28

أهم مظاهر اهتمام السلاطين العثمانيين بالحركة العلمية.

28

1 – الأموال والصدقات والهبات.

28

2 – الأوقاف العثمانية.

30

3 – التوسع في بناء المدارس.

31

4 – تخصيص رواتب للخطباء والأئمة والمفتين.

32

ثالثاً: التغيير المذهبي في الحرمين الشريفين.

33

رابعاً: المكتبات

35

الفصل الثالث

المؤسسات العلمية في الحرمين الشريفين في القرن العاشر الهجري

37

أولاً: الكتاتيب.

38

ثانياً: المدارس.

40

ثالثاً: حلقات الدرس في الحرمين الشريفين

43

الخاتمة

47

مصادر البحث

48

 

الفصل الأول

الحياة السياسية والعلمية في الحرمين الشريفين

أواخر عهد المماليك

 

الحياة السياسية والعلمية في الحرمين الشريفين أواخر عهد المماليك.

 

أولاً: الحياة السياسية في الحرمين الشريفين أواخر عهد المماليك:

في نهاية القرن السادس الهجري تمكن الشريف قتادة بن إدريس الحسني من إقامة إمارة علوية في مكة بعد أن قضى على أمرائها الهواشم الذين كانوا يحكمون مكة، وبعد أن استقرت له الأمور في مكة سنة 600هـ أقام الخطبة للخليفة العباسي الناصر لدين الله، وقد عزم الشريف قتادة على الذهاب إلى العراق تلبية لدعوة الخليفة الناصر ولكنه في الطريق عدل عن رأيه فرجع إلى مكـة خـوفاً من لقاء الناصر وكذلك خـوفه من انتهاز مناوئيه فتـرة غيابـه مما قد يـؤدي إلى ضيـاع سللطته في مكة[1].

 

لم يشهد الحجاز استقرارا سياسياً خلال القرنين السابع والثامن الهجريين حيث اشتعلت الفتن والصراعات الأسرية بين الأشراف أنفسهم من أجل  السيطرة على الشرافة، والناظر إلى عدد الأمراء الذين تولوا إمارة الحجاز في تلك الفترة يرى مدى التدهور في الوضع السياسي في تلك الحقبة[2]. لقد كان التنافس على أشده بين الدولة الرسولية في اليمن والأيوبيين ومن ثم المماليك في مصر على بسط نفوذهم في الحرمين خاصة والحجاز بشكل عام ويحاول كل طرف أن يكون له شرف خدمة الأماكن المقدسة، ففي سنة 659هـ حج الملك المظفر صاحب اليمن ونقل معه إلى مكة مراكب مشحونة بالمؤن وأثناء طريقه إلى مكة كان يبذل عطاياه في محاولة منه لاستمالة أهل الحجاز إليه[3].

 

كما أن المماليك حاولوا فرض نفوذهم في الحجاز من خلال استغلال الصراعات الداخلية بين الأشراف فنجدهم يتدخلون إما بمساندة أحدهم على الآخر أو الإصلاح بين الطرفين المتنازعين، كما حصل عام 668هـ عندما قدم الملك الظاهر بيبرس مكة فقد حث الملك بيبرس الشريف أبي نمي على إقامة العدل وترك الظلم كما قام بفض النزاع بين أبي نمي وعمه إدريس بن قتادة المتصارعين على شرافة مكة وإشراكهما في الحكم[4].

 

لقد ازداد نفوذ المماليك في الحجاز على حساب نفوذ بني رسول وانفردوا بالدعاء لهم على منابر الحرمين الشريفين وبذلوا الأموال والهدايا ووزعوا على الإشراف العطايا السخية، ورتبوا للعائلات الرواتب والمنح السنوية وأعطيت القبائل من أهل البادية الأعطيات الجزيلة مما تركت آثاراً إيجابية على نفوسهم[5].

 

توفى الشريف أبو نمي سنة 701 هـ وخلفه أبناؤه الأربعة الذين تنازعوا على السلطة وهم (أبو المغيث، وعطيفة، وحميضة، ورميثة) ودام نزاعهم ستة وثلاثين عاماً[6]. حتى استقر الحكم في الأخير إلى رميثة الذي تنازل عنه سنة 744هـ وسلم الأمر إلى ولديه عجلان وثقبة وبعد وفاة ثقبة سنة 762هـ انفرد عجلان وابنه أحمد بالأمر ثم ما لبث أن انفرد أحمد بالأمر بموافقة والده على أن لا يقطع اسمه من الخطبة والدعاء له[7]. شهدت مكة استقراراً سياسياً خلال القرن التاسع وبداية القرن العاشر الهجري وخاصة في عهد الشريف حسن بن عجلان الذي بلغ من القوة والجاه بأن حاول غزو اليمن سنة 812هـ[8].

 

توفي الشريف حسن بن عجلان سنة 829هـ وخلفه ابنه بركات، وقد استدعى السلطان المملوكي برسباي الشريف بركات وأخيه إبراهيم في نفس العام وفوض إليه إمارة مكة عوضاً عن والده وأقر أخيه إبراهيم نائباً له ثم ألبسهما خلعتين عظيمتين فوصلا مكة المشرفة بالخلع السلطانية[9].

 

بعد وفاة الشريف بركات بن حسن سنة 859هـ تولى الشرافة ابنه محمد بن بركات ووصل كتاب السلطان الظاهر بيبرس إلى السيد محمد بن بركات يعزيه فيه بوفاة والده ويقره على حكم مكة وعهد إليه نيابة الأقطار الحجازية، وأن يختار من يراه ليكون أميراً على المدينة المنورة[10].

 

استمر الشريف محمد بن بركات يحكم مكة قرابة أربعة وأربعين عاماً (859-903هـ) وهي أطول فترة تولاها أمير مكة بمفرده دون انقطاع. ورغم الاضطراب الشديد الذي شهدته مكة خاصة والحجاز بشكل عام بعد وفاة الشريف محمد بن بركات بسبب صراع أبنائه على السلطة وعدم ثبات سياسة سلاطين المماليك تجاههم إلا أن الشريف بركات بن محمد بن بركات (903-931هـ) تمكن منذ سنة 918هـ من كسب ثقة السلطان قانصوه الغوري[11]. حيث أرسل الشريف بركات بن محمد ابنه أبانمي إلى القاهرة بصحبة السيد عرار بن عجل النموي ومعه القاضي صلاح الدين بن ظهيرة الشافعي والقاضي نجم الدين بن يعقوب المالكي وذلك سنة 918هـ فأكرمهم السلطان وأشرك أبانمي معه والده في شرافة مكة فصار يخطب له مع أبيه على منابر الحرمين الشريفين[12].

 

أما المدينة المنورة فقد حكمها بنو مهنا من بني الحسين منذ منتصف القرن الرابع الهجري وكان لهم سلطة قوية في المدينة رغم امتداد نفوذ الأشراف إليها ومن ثم امتداد سيادة السلاطين الأيوبيين ثم المماليك[13].

 

ومع قيام الدولة المملوكية في مصر عام 648هـ كان أمير المدينة آنذاك هو (عيسى بن شيحة بن هاشم بن قاسم بن مهنا) وقد عمل الأمير عيسى على توطيد سلطته من خلال إخراج أخويه منيف وجماز مما حملهما على التآمر ضده بالتعاون مع وزير الأمير عيسى فدخلا قصر الإمارة وقبضا على عيسى وسجناه وذلك سنة 649هـ وتولى الإمارة أبو الحسين منيف بن شيحة يساعده في ذلك أخوه جماز[14]. توفي الأمير منيف بن شيحة سنة 657هـ فتولى الإمارة أخوه جماز يشاركه في الحكم أخيه مالك بن منيف ولأول مرة يشترك أميران في إدارة أمور المدينة والراجح أن آل مهنا هم الذين فرضوا هذه الشراكة[15]. في سنة 702هـ تنازل جماز  عن الإمارة لابنه منصور الذي استلمها في ظل صراع مع إخوته الآخرين وتفاقم الصراع بدخول أهل المدينة طرفاً فيه مما أدى إلى القبض على منصور وابنه كبيش من قبل السلطان المملوكي الناصر قلاوون وأحضرا إلى مصر، ثم أعيدا إلى المدينة واستقرت الأمور لمنصور سنة 717هـ غير أنه قتل على يد ابن أخيه حريقة بن قاسم بن قاسم بن جماز سنة 725هـ[16]. حيث تولى الإمارة من بعده ابنه كبيش بن منصور وشهد عصره صراعاً على الإمارة مع عمه ودي سنة 728هـ خرج على إثرها كبيش من المدينة غير أنه ما لبث أن عاد بأمر السلطان المملوكي الناصر محمد بن قلاوون وظل في الإمارة حتى مقتله على يد أولاد عمه مقبل بن جماز[17].

 

في سنة 752هـ تولى الإمارة عدة أمراء من بين جماز وأحفاده ووقعت فيها عدة فتن منها فتنة سنة 783هـ عندما رفض نمير بن منصور أن ينصاع لأمر السلطان ويسلم المدينة لجماز بن هبة بن جماز، ثم كانت فتنة 789هـ الذي نهبت فيها المدينة المنورة على يد علي بن عطية حيث غضب السلطان برقوق وأفرج عن ثابت بن نعير وقلده إمارة المدينة، واشتبك ابن نعير مع جماز بن هبة عندما هاجم المدينة سنة 795هـ[18].

 

تدخل شريف مكة حسن بن عجلان الذي أصبح بتفويض من السلطان المملوكي نائب للسلطنة في الحجاز حيث عمل على تعيين عجلان بن نعير بن منصور بن جماز والد زوجته بدلاً من ثابت المتوفي سنة 811هـ وأمده بعسكر على رأسهم ابنه أحمد ضد مناوئيه حيث كانت ولاية عجلان بن نمير مضطربة لم يستقر له الحكم فيها وحل مكانه عزير بن هيازع بن ثقبة بن جماز سنة 816هـ واستمر يحكم حتى عام 824هـ[19].

 

إن حدة الصراعات بين أمراء المدينة أدى إلى إضعاف مركز المدينة السياسي في مواجهة القوى المحلية خاصة القبائل، وفي مواجهة أشراف مكة مما أدى إلى تعزيز دور وسلطة السلطنة المملوكية فتدخلت في شؤون أشراف المدينة بالعزل والتعيين[20].

 

ففي سنة 901هـ أرسل شريف مكة جيشاً لحفظ الأمن بصحبة فارس بن شامان بن زهير وعينه نائباً عنه في المدينة، وفي شهر رجب سنة 919هـ قام الشريف بركات بن محمد بن بركات بأمر من السلطان المملوكي بتعيين الشريف ثابت ضيغم بن خشرم بن نجاد أميراً على المدينة واستمر في منصبه حتى نهاية العصر المملوكي سنة 923هـ[21].

 

وبعد أن دخلت مصر تحت النفوذ العثماني سنة 923هـ/1517م في عهد السلطان العثماني سليم الأول، أصبح السلطان العثماني يفكر في ضم الحجاز كونها حاضنة المقدسات الإسلامية (مكة المكرمة والمدينة المنورة) حيث أشار القاضي صلاح الدين بن ظهيرة الذي كان مسجوناً لدى المماليك في مصر ومن ثم أطلق سراحه العثمانيين أشار القاضي المذكور على الوزير بيري باشا الوزير الأعظم لدى الدولة العثمانية بأن يكتب إلى الشريف بركات مرسوماً يدعوه فيه إلى الدخول في طاعة العثمانيين، وبعد أن وصل المرسوم إلى الشريف بركات بادر بإرسال ابنه محمد بن أبي نمي إلى القاهرة ومعه الهدايا للسلطان العثماني فقابله السلطان سليم استقبالاً حافلاً وأصدر فرماناً بتولية الشريف بركات على الحجاز[22].

 

وبذلك يكون الحرمان الشريفان خاصة والحجاز عامة قد دخل سلماً في طاعة العثمانيين.

 

ثانياً: الحياة العلمية في الحرمين الشريفين أواخر عهد المماليك:

تمثل مكة المكرمة والمدينة المنورة مركزين هامين من مراكز العلم في الدولة الإسلامية، ويُعد الحرمان الشريفان من أبرز المراكز العلمية في هاتين المدينتين[23].

 

ورث المماليك دولة بني أيوب ولم يرضوا لأنفسهم أن يكونوا أقل شأناً في نشر الحركة العلمية والدراسات الإسلامية، فقد قاموا بالعمل على تطوير وازدهار المدارس التي ورثوها عن بني أيوب، كما أنشأوا مدارس متعددة ولعل السبب الذي يعود اهتمام المماليك بالعلم وأهله هو هجرة الكثير من العلماء من المشرق الإسلامي إلى مغربة بعد اجتياح المغول للشرق الإسلامي ودخولهم بغداد وبلاد الشام فأستقر المقام بالكثير من هؤلاء العلماء في مصر، ومما ساعد على النهوض بالحركة العلمية أن بعض المماليك كان على قدر كبير من العلم والمعرفة والفضل، وتصدر بعضهم للإقراء والتدريس، مثل السلطان الظاهر بيبرس (ت 676هـ) [24].

 

حظي الحرمان الشريفان باهتمام خاص من قبل السلاطين المماليك فأنشأوا فيها المدارس المتعددة لكي تكون قبلة لطلاب العلم، كما أنهم بذلوا الأعطيات لأهل الحرمين والمدرسين والقضاة[25].

 

ولعل من أهم السلاطين المماليك الذي ترك بصماته واضحة في الحياة العلمية في الحرمين، السلطان قايتباي (ت 901هـ) الذي اعتنى عناية فائقة بالحجاز تتناسب مع قدسية تلك البلاد، فأنشأ آثاراً عظيمة، ما بين مدارس وجوامع، ومساجد، ومكاتب، ودياراً بمكة والمدينة ليثبت أن سلطان مصر جدير بلقب "خادم الحرمين الشريفين" لذلك أمر في سنة 882هـ وكيله التجاري في مكة في البحث عن منطقة تشرف على المسجد الحرام، ليبني باسمه فيها مدرسة لتدريس المذاهب الأربعة ورباطاً لسكن الفقراء يحوي اثنتين وسبعين خلوة للأيتام[26]. كما أنه عين مدرسين في المدارس التي بناها وخصص لهم مرتبات وكذلك مرتبات للطلبة وسد حاجاتهم من القمح وعمل الخيرات التي لم يسبقه إليها أحد[27]. وقد أوقف على المدرسة عدة دور في مكة وبعض القرى والضياع بمصر وأصبحت تغل كل عام ألفي دينار ذهباً إلى مكة سنوياً[28].

 

ولم تكن المدينة المنورة بأقل حظاً من مكة المكرمة حيث شهدت المدينة أيام المماليك إنشاء عدداً من المدارس والأربطة والزوايا والمستشفيات كما رمم المسجد النبوي عدة مرات وبنيت فيه لأول مرة القباب وجدد كلياً في عهد السلطان الأشرف قايتباي إثر حريق ضخم شب به سنة 886هـ، كما كانت بعثات الحج تحمل سنوياً إلى أهل المدينة الأموال والأرزاق[29].

 

المؤسسات العلمية في الحرمين الشريفين أواخر عهد المماليك

أ – الكتاتيب:

الغاية من إقامة هذه الكتاتيب هي تحفيظ السور القصار من القرآن الكريم وعرضها وكتابتها، فضلاً عن معرفة الخط والاستخراج، والضبط، والفهم للمسائل وبعض متون الأحاديث وعقائد السنة وأصول الحساب[30].

 

وانتشرت هذه المكاتب في المسجد الحرام والمسجد النبوي على نطاق واسع زمن المماليك ومن أشهر هذه المكاتب:

مكتب الشيخ يوسف بن علي بن سليمان القروي (ت 764هـ) ويقع في الجانب الشمالي من المسجد الحرام ويقوم فيه بتأديب الأطفال[31].

 

ومكتب الشيخ محمد بن عمر بن علي السحولي (ت 807هـ) [32].

 

وهذين المكتبين في المسجد الحرام أما المدينة المنورة منها مكتب الشيخ محمد السبتي (ت 720هـ) وبلغ عدد طلابه فوق مائة متعلم حيث كان يقوم بتعليم أبناء العامة من الناس[33]. وأيضاً مكتب الشيخ محمد بن غصن أبي عبد الله الأنصاري القصري (ت 723هـ) الذي قدم من تونس وقام بتعليم الصبيان القرآن الكريم بالمسجد النبوي[34].

 

كما يوجد عدد من المعلمين لهم أماكن خاصة بالمسجد الحرام والمسجد النبوي ولكن لا ينطبق عليها صفة المكتب حيث أن المعلم كان يجلس في مكان معين ويحضر إليه الأطفال ليقرأو عليه ويعلمهم القرآن والخط حيث أن عدد هؤلاء الأطفال أقل من عدد أطفال الكتاتيب الرسمية ومثل هؤلاء المعلمين (موسى بن مسعود الموصلي) مقرئ القرآن الكريم ومؤدب الأطفال بباب الندوة بالمسجد الحرام، وفي المسجد النبوي (عبد الحميد بن علي الموغاني ت 727هـ) الذي لزم تلقين القرآن الكريم طوال نهاره في المسجد، لا يُرى إلا في حلقه بين كبار وصغار، وكهول وشيوخ، وانتفع به من أبناء المدينة خلق كثير[35].

 

(ب) حلقات الدرس في الحرمين الشريفين:

في العصر المملوكي كان المسجد الحرام والمسجد النبوي جامعتين كبيرتين لنشر العلوم الإسلامية وتفيض كتب التراجم بأسماء العلماء والمجاورين الذين درسوا بهما[36]. ومن أشهر حلقات الدرس في المسجد الحرام حلقة الشيخ عبدالله بن عبد الحق المخزومي عفيف الدين الدلاصي (ت 721هـ) والذي كان يقرئ القرآن الكريم بالمسجد الحرام دون أجر[37] وكذلك حلقة الشيخ موسى بن مسعود الموصلي (ت 751هـ) يقرئ فيه القرآن الكريم[38].

 

ومن أشهر علماء مكة ممن شارك في تدريس الفقه في المسجد النبوي محدثها الجمال محمد بن عبد الله بن ظهيرة (ت 817هـ) وممن أخذ عنه الفقه محمد بن حمد بن يحيى القلقشندي (ت 854هـ) [39]، وكذلك حلقة الشيح أحمد بن عبد الله بن بدر العامري (ت 822هـ) يدرس في الفقه بالمسجد الحرام[40].

 

وكان محمد بن فرحون بن محمد (ت 821هـ) فقهياً ومدرساً للمالكية بالمسجد النبوي[41]. وكذلك درس بالحرم النبوي الشريف الشيخ خلف بن أحمد التحريري (ت 818هـ) درس فيه الفقه والحديث وسمع منه التقي ابن فهد ومحمد بن عبد الله الكازروني[42].

 

ومن علماء المذهب الحنفي سعيد بن محمد بن عبد الوهاب الزرندي المدني (ت 874هـ) انتفع به عدد من الطلاب بالمسجد النبوي  الشريف[43].

 

وممن شارك بالتدريس في الحرمين الشريفين الشيخ نور الدين علي النويري    (ت 798هـ) سمع منه التقي الفاسي ومحمد بن أحمد التلمساني[44].

 

لقد استمرت حلقات العلم في المسجد النبوي على امتداد القرون وكانت أشبه بجامعة مفتوحة فيها شيوخ مقيمون يديرون حلقاتهم لسنوات طويلة ويتخرج منها العشرات من طلاب العلم يتحول معظمهم إلى شيوخ في المدينة وفيها شيوخ زائرون قدموا المدينة في زيارة قصيرة أو جوار محدود وكانت شهرتهم قد سبقتهم إلى المدينة، ومثلما تتعدد شخصيات شيوخ الحلقات وبلادهم تتعدد الموضوعات التي يدرسونها والعلوم التي يفيضون بها على مستمعيهم ويجيزون لمن يبرع في استيعابها[45].

 

وقد كانت هذه الحلقات تمثل مظاهر للنشاط العلمي ليس في المدينة فحسب بل في الحجاز وبقية أنحاء الجزيرة العربية ويصف ابن فرحون الحرم النبوي وما يدور فيه من حركة علمية بقوله "كان للحرم الشريف أبهة عظيمة ومنظر بهي، كنت إذا دخلت المسجد الشريف وجدت الروضة قد غصت بالمشائخ"[46].

 

جـ- المدارس:

حفلت المصادر المملوكية عامة والحجازية خاصة بذكر كثير من المدارس التي انشئت في مكة المكرمة والمدينة المنورة في العصر المملوكي حيث كانت هذه المدارس لها سمعتها العلمية، فالعديد من علماء ذلك العصر كان له نصيب في التدريس في هذه المدارس مما شكل عامل جذب للعديد من الطلاب ومن أشهر المدارس في مكة المكرمة:

 

مدرسة الزنجيلي الذي أسسها فخر الدين عثمان بن علي الزنجيلي نائب السلطان صلاح الدين الأيوبي بعدن سنة 579هـ[47].

 

ومدرسة طاب الزمان الحبشية وتسمى هذه المدرسة بدار زبيدة درس فيها الشيخ قطب الدين القسطلاني الشافعي (ت 686هـ) [48].

 

والمدرسة المنصورية التي أنشأها الملك المنصور عمر بن علي بن رسول صاحب اليمن وموقعها بالجانب الغربي من المسجد الحرام سـنة 641هـ وهـي ملاصقـة لمدرسـة الزنجيلي[49].

 

وكذلك المدرسة الشرابية التي بناها الأمير شرف الدين الشرابي عام 641هـ وتقع على يمين الداخل من باب السلام وهناك إشارات إلى أنها استمرت في أداء رسالتها حتى أواخر القرن الحادي عشر الهجري[50].

 

ومن المدارس أيضاً المدرسة المجاهدية التي أنشأها الملك المجاهد علي بن داؤد بن يوسف بن عمر صاحب اليمن عام 739هـ وتقع بالجزء الجنوبي من المسجد الحرام[51]. وكان سابقاً يُدرس فيها ثم استبدلت وأخذ المدرسة أحمد العيني وأوقفها على قراءة القرآن ووظائف الخير ثم سكنها قضاة مكة ثم خربت[52].

 

ومنها مدرسة الشريف عجلان أنشأها الشريف عجلان بن رميثة بن أبي نمي سنة 772هـ وهي مقابلة للمدرسة المجاهدية.

 

مدرسة الفيروز آبادي وذلك عندما زار مكة سنة 803هـ[53] حيث جعل داره التي أنشأها على الصفا مدرسة للملك الأشرف وقرر بها طلبة وثلاثة مدرسين في الحديث وفي فقه مالك والشافعي ثم زار المدينة المنورة وعمل نفس الشيء[54].

 

المدرسة الغياثية البنجالية أنشأها السلطان غياث الدين أعظم شاه سلطان بنجالة في الهند سنة 814هـ وكان حنفي المذهب محباً للفقهاء والعلماء[55].

 

ومن المدارس كذلك المدرسة الباسطية نسبة إلى الزين عبد الباسط بن خليل بن إبراهيم الدمشقي (ت 854هـ) وكانت المدرسة حتى القرن العاشر تحت إشراف آل نجار أئمة المقام الحنفي ولها أوقاف بمصر إلا أنها اندثرت[56].

 

ومن المدارس مدرسة قايتباي الشرفية بناها السلطان المملوكي الأشرف قايتباي وهي مقابل مقام إبراهيم، جعل فيها اثنتين وسبعين خلوة ومكتب للأيتام ومئذنة، وقرر بها أربعة من المدرسين على المذاهب الأربعة وخزانة كتب أوقفها على طلبة العلم[57].

 

كما توجد العديد من المدارس في العهد المملوكي تطرقت لها كتب التراجم مثل المدرسة الجمالية، والمدرسة الخلجية، والمدرسة الزمامية، والمدرسة الكنبايتية، المدرسة العطيفية وغيرها من المدارس.

 

ومن مدارس المدينة المنورة المدرسة الجوبانية التي بناها جوبان بن تداون سنة 724هـ من الناحية القبلية من الحصن العتيق عند باب الرحمة[58]. ومنها المدرسة الشيرازية نسبة إلى إبراهيم الرومي نزيل المدينة المنورة، ذكره السخاوي في التحفة اللطيفة.بأنه قدم المدينة فأقام بها أكثر من خمسين سنة وله آثار حسنة أكثرها مدرسة سكنه ولولاه لسقطت طباقها، فإنه أقام أساطينها حتى حُملت السقف والرواشين وكانت مدرسة لا يدخلها إلا الأخيار، استمرت في أداء دورها حتى وفاته سنة 730هـ[59].

 

ومن أشهر المدارس بالمدينة المنورة مدرسة قايتباي أمر ببنائها السلطان الأشرف قايتباي ضمن مشروع عمارة المسجد النبوي بعد الحريق الذي أصابه سنة 886هـ وأرسل إليها السلطان خزانة كبيرة وكتباً وألحق بها بعض المؤسسات التعليمية الأخرى ومنها مكتب للأيتام وسبيل، واستمرت تؤدي دورها حتى العصر العثماني[60].

 

ومن المدارس في المدينة المنورة المدرسة الشهابية التي أنشأها الملك المظفر شهاب الدين غازي وأوقفها على المذاهب الأربعة وجعل لها نخيلاً بالمدينة، حيث استخدمت هذه المدرسة لغرض التعليم ثم استخدمت سكناً لطلاب العلم والوافدين إلى المدينة من المجاورين الذين لا مسكن لهم[61]. ومنها المدرسة الكلبرجية، أنشأها الشهاب أحمد صاحب كلبرجة من بلاد الهند سنة 831هـ بالقرب من باب الرحمة وأول من تولى مشيختها هو طاهر بن أحمد بن محمد الخجندي (ت 841هـ) [62]. ومن المدارس كذلك المدرسة السنجارية وهي مقابلة لباب النساء ولعلها تعود إلى الأمير سنجر الجاولي (ت 745هـ) الذي أقام الكثير من المنشآت في مصر والشام وتقلد وظائف مهمة خلال حكم أسرة قلاوون[63].

 

الفصل الثاني

مظاهر الاهتمام بالحركة العلمية في الحرمين الشريفين

في القرن العاشر الهجري

مظاهر الاهتمام بالحركة العلمية في الحرمين الشريفين في القرن العاشر الهجري

أولاً: دور العلماء في تنشيط الحركة العلمية في الحرمين.

أ – المجاورون: لقد كان للمجاورين أثر كبير في الحركة العلمية، ولقد نشطت حركة المجاورة في الحرمين الشريفين في العصر المملوكي والعثماني وأكثرهم من مصر وبلاد الشام بسبب قرب هذين الإقليمين من بلاد الحجاز وارتباطهم السياسي بالممالك والدول التي نشأت في المنطقة.

 

الجوار يعني البقاء في مكة المكرمة أو المدينة المنورة، حيث يباشر المجاور حياته اليومية العادية دون مانع وينتهي بخروجه من هاتين المدينتين أو الوفاة، كما أن المجاورة يراد بها المقام مطلقاً، غير ملتزم بشرائط الاعتكاف الشعري[64].

 

ولقد حرص كثير من علماء المسلمين على المجاورة في الحرمين الشريفين لتوفر الجو العلمي بهما حيث يتم الالتقاء بين العلماء من المشرق والمغرب المتعددي الثقافات والمذاهب، وكان هذا اللقاء بمثابة فرصة لنشر علومهم وإبراز معارفهم كما كانت تمنح الإجازات العلمية للطلاب مما أوجد وحدة ثقافية ومعرفية بين أطراف العالم الإسلامي[65].

 

لقد ساعد على حركة المجاورة ما قام به السلاطين العثمانيون من إرسال الصدقات السلطانية والهبات وآلاف الأرادب من الحبوب التي ترسل للحرمين الشريفين ولقد كان للمجاورين نصيبهم من هذه ا لأرزاق مما جعلهم يتفرغون لمهنة العلم بعد أن أطمأنوا على حياتهم المعيشية[66].

 

لقد كان المجاورون على درجة  كبيرة من النشاط العلمي الذي أفاد منه المسلمون سواء في أرض الحرمين أو الذين يأتون للحج أو الزيارة وتمثل هذا النشاط في إنتاج العديد من الكتب والمؤلفات في مختلف الفنون والعلوم، ومن أبرز من جاور بالحرمين الشريفين في القرن العاشر الهجري هم:

 

الحافظ أبو عبد الله شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر السخاوي الأصل القاهري الشافعي توفي بالمدينة المنورة حال مجاورته الأخيرة وعمره إحدى وسبعون سنة وكانت وفاته عام 902هـ، حفظ القرآن العظيم وهو صغير وجوده وحفظ المنهاج وألفية ابن مالك، والنخبة وألفية العراقي وشرح النخبة وغالب الشاطبية، برع في الفقه والعربية وشارك في الفرائض والحساب والميقات، وأصول الفقه، والتفسير وغيرها من العلوم، من مشائخه بالحرمين أبو الفتح الأغر والبرهان الزمزمي، والتقي بن فهد وأبو السعادات بن ظهيرة، من مؤلفاته، المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة، والضوء اللامع لأهل القرن التاسع، والتحفة اللطيفة، والمنهل العذب الروي في ترجمة قطب الأولياء النووي وغيرها من المؤلفات[67].

 

ومن المجاورين أيضاً نور الدين أبو الحسن على بن القاضي عفيف الدين عبدالله إبن أحمد المعروف بالسمهودي نزيل المدينة الشريفة وعالمها ومفتيها ومدرسها ومؤرخها، ولد بسمهود (بمصر) ونشأ بها وحفظ القرآن والمنهاج الفرعي، قرأ على والده المنهاج، وشرح البهجة، وجمع الجوامع وغالب ألفية ابن مالك وسمع عليه بعض كتب الحديث، قطن بالمدينة ولازم الشهاب الأبشيطي وحضر درسه في المنهاج، وجانباً من تفسير البيضاوي وإنتفع به جماعة من الطلاب من مؤلفاته جواهر العقدين في فضل الشريفين، واقتفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى ومختصر خلاصة الوفاء لما يجب لحضرة المصطفى، وحاشية على الإيضاح في مناسك الحج للإمام النووي، توفي سنة 911هـ[68].

 

ومن المجاورين أيضاً عبد الله بن أحمد باكثير الحضرمي المكي ت 925هـ، حفظ القرآن وهو في الثامنة من عمره، وحفظ المنهاج، والبهجة لابن  الوردي وألفية ابن مالك ذهب إلى مكة وجاور بها، أخذ عن جماعة من العلماء، وإجازه بعضهم بالإفتاء والتدريس، حيث كان عالماً فاضلاً، ومن مؤلفاته "الدرر اللوامع في نظم جمع الجوامع، وتتمة التمام وسفك المدام في عقائد أهل الإسلام"[69]. ومن عادته أنه يجلس كل يوم بالحرم الشريف يقرئ الناس في عدة علوم إلى قبيل الظهر، ومن بعد الظهر يقرئ آخرين في الحديث إلى العصر، ومن بعد صلاة العصر يقرئ آخرين في التصوف، ومن بعد صلاة المغرب إلى العشاء يطوف[70]. ومن المجاورين زكريا إبن حمد إبن زكريا الأنصاري، شيخ مشائح الإسلام علامة المحققين، وسيد الفقهاء والمحدثين، الحافظ المخصوص بعلو الإسناد من مؤلفاته شرح الروض وشرح البهجة،والمنهج، وشرحا البهجة الكبير والصغير سماه بالخلاصة هذه في علم الفقه أما مؤلفاته في الفرائض شرحان على الفصول، وشرح الكفاية، وشرح المختصر، وفي التفسير حاشية على البيضاوي، ومقدمة في البسملة والحمدله، وفي الحديث شرح البخاري والأعلام بأحاديث الأحكام، و مختصر الآداب للبيهقي، وشرح ألفية العراقي وفي علم القراءات والتجويد مختصر المرشد للعمادي وشرح الجزرية وغيرها من المؤلفات توفي سنة 926هـ[71].

 

ومنهم كذلك عبد الرحمن بن الكلسي اشتغل في النحو والصرف حج ولازم السخاوي بمكة وسمع من لفظه الحديث المسلسل بالأولية وسمع عليه البخاري ومعظم صحيح مسلم وسمع عليه من مؤلفاته القول  البديع في الصلاة على الشفيع، والقول التام في فضل الرمي بالسهام، والقول النافع في ختم صحيح البخاري لجامع، وتحرير البيان في الكلام على الميزان والكثير من ألفية العراقي، توفي سنة 930هـ[72].

 

ومن المجاورين كذلك عبد الحق بن محمد السنباطي القاهري الشافعي خاتمة المسندين، أخذ بالقراءات والسماع من العلامة كمال الدين بن الهمام والشيخ أمين الدين الأقصرائي والشيخ شهاب الدين السكندري المقرى تلميذ العسقلاني والشيخ المحقق جلال الدين المحلي والعلامة علم الدين البلقيني وغيرهم، انتهت إليه الرئاسة في الفقه والأصول والحديث توفى بمكة سنة 931هـ[73]. ومنهم محمد بن عبد الرحمن الحطاب الرغيني الأندلسي الطرابلسي المولد نزيل مكة المكرمة، عالم عامل وحبر كامل ذو تحقيقات وتدقيقات، وغور في الفنون، وفهم عميق، أخذ العلم عن جملة من المشائخ كالسخاوي وغيره توفي سنة 949هـ[74].

 

ومنهم أحمد بن أبي الفتح الملقب شهاب الدين الحكمي نزيل مكة المكرمة كان من أكابر العلماء، ويروي العلوم من طريق الشيخ عبد الله بن أسعد اليافعي نزيل مكة وهي التفسير والحديث والفقه والنحو والصرف والقرآن توفي سنة 1044هـ[75]. وغيرهم كثيرون.

 

لقد مارس المجاورون نشاطهم العلمي في عدد من المؤسسات العلمية في الحرمين الشريفين مثل:

1 – المسجد: حيث نشطوا في إقامة العديد من الحلقات العلمية في الحرمين.

2 – الأربطة: والتي كانت سكن لمعظم المجاورين فتهيأت لهم الفرصة لعقد مجالس علمية يتدارسون فيها العلم ويجيزون لبعضهم البعض.

3 – المدارس: إذ مارسوا التدريس بها أثناء مجاورتهم بالحرمين الشريفين[76]. كما كان للمجاورين دور مهم في تقوية مذهب أهل السنة والجماعة وإضعاف تأثير المذهب الإمامي حيث كان معظم المجاورين الذين وفدوا على الحرمين هم من أهل السنة[77].

 

(ب) الأسر العلمية في الحرمين:

تُعد الأسر العلمية المكية والمدينة مظهراً من مظاهر إثراء الحياة العلمية وتنشيطها، حيث اشتهرت أسر في مكة والمدينة بالعلم والتأليف وحظيت بنصيب وافر من المعرفة وعدد أكبر من العلماء[78].

 

وأبرز هذه الأسر التي لعبت دوراً في الحياة العلمية في الحرمين:

1 – أسرة الطبري وتعتبر من أعرق الأسر العلمية المجاورة في مكة المكرمة وأول من قدم منهم مكة الشيخ رضي الدين أبو بكر بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن علي بن فارس الحسيني الطبري سنة 570هـ[79]. وممن أشتهر منهم في العصر العثماني "أبو الخير بن محمد بن أبي السعادات، وإبراهيم بن أبي اليُمن، ومحمد بن أبي اليمُن، وأحمد بن عبدالله، وأحمد بن يحيى، وعبد القادرين محمد وأخيه عبد الرحمن، وفضل الله بن عبد الله وأخيه محمد وغيرهم، كما اشتهرت منهم سيدة من جلة العلماء وهي مباركة بنت عبد القادر الطبري"[80].

 

2 – أسرة ابن ظهيرة، ومن علمائها في القرن العاشر الهجري الجمال أبو السعود محمد (ت 907هـ) اعتنى به والده البرهان وأحضره مجالس العلم وأصبح بعد أبيه عالم الحجاز، تصدى الجمال للإقراء في الفقه واللغة العربية والمعاني والبيان والحديث بالمسجد الحرام، كما باشر وظائفه في بعض مدارس مكة، ومنهم كذلك خير الدين محمد بن محمد بن محمد بن حسين (ت 910هـ) ومنهم أبو السعادات (ت 925هـ) ومنهم صلاح ا لدين محمد أبو السعود (ت 927هـ) [81].

 

3 – أسرة ابن فهد وأقدم من عُرف من هذه الأسرة جمال الدين محمد بن عبد الله   (ت 736هـ) ومن أعلام هذه الأسرة في القرن العاشر الهجري عز الدين عبد العزيز بن عمر بن فهد (ت 922هـ) نشأ في بيت علم، وتربى بعناية والده وجده ونهل من علومهما، قام بعدة رحلات علمية وسمع على كثير من العلماء، ورجع إلى مكة وأقام بها ملازماً للاشتغال في الحديث وعلومه،  والفقه والنحو من مشائخه في الحجاز نور الدين السمهودي والبرهان ابن ظهيرة والنور الفاكهي[82].

 

4 – أسرة الكازروني ترجم السخاوي في التحفة اللطيفة لعدد من علماء هذه الأسرة من الذين شاركوا في التدريس في المسجد النبوي وقدموا مؤلفات في الحديث والفقه واللغة منهم: أحمد بن محمد بن محمد تقي الدين عبد السلام الكازروني (ت 920هـ) [83].

 

5 – أسرة آل القطبي إشتهر منهم في القرن العاشر عبد الكريم بن محب الدين القطبي وهو أبرز عالم في بيت القطبي ولد سنة 961هـ بأحمد أباد بالهند، قدم مكة مع والده وبها نشأ ولازم عمه وأستاذه قطب الدين وعلى يديه تخرج، ولما توفي عمه حل محله – وصار مفتياً لمكة ومقرباً لدى أمرائها وذا صلة بالدولة العثمانية، بحيث كان أشراف مكة يتوسطون به في بعض الشؤون، وأستطاع بقوة نفوذه أن يحدد من واردات بندر جدة راتباً لمفتي الحنفية بمكة، من مؤلفاته "النهر الجاري على البخاري" لم يكمله، و "إعلام العلماء ببناء المسجد الحرام"[84].

 

وهناك العديد من الأسر مثل: آل الفاكهي، آل المرشدي، آل المنوفي، و آل القلعي، وآل السنجاري، وآل البصري، وآل العجمي، وآل العتاقي و آل المفتي، وآل الزرعة، وآل علان وغيرهم[85].

 

ثانياً: دور السلاطين العثمانيين في تشجيع العلم:

عندما ورث العثمانيون دولة المماليك في حكم الحجاز لم يرضوا لأنفسهم أن يكونوا أقل شأنا ممن سبقهم في نشر وتشجيع العلم، ولهذا كان إنتقال خدمة الحرمين الشريفين إلى العثمانيين بداية تنافس جميل بين حكام وأمراء ورجال بل ونساء الدولة العثمانية في التعبير عن حبهم لهذه البقاع المقدسة فأنشأوا الأعمال الخيرية في منطقة الحجاز وأوقفوا الأوقاف الكثيرة  على الحرمين الشريفين وأهله[86].

 

أهم مظاهر اهتمام العثمانيين بالحركة العلمية:

1 – الأموال والصدقات والهبات:

بدأ اهتمام العثمانيين بالحرمين مبكراً فبعد أن أصبح الحجاز تحت السيادة العثمانية عمل العثمانيون على ضخ الأموال والصدقات إلى الحرمين ففي 923هـ أضاف العثمانيون أوقافاً جديدة إلى أوقاف المماليك الأمر الذي أدى إلى زيادة  المخصصات المالية لأهل الحجاز عما كانت عليه أيام المماليك وكانت هذه المخصصات تأتي من حصيلة الأراضي الزراعية وغيرها من العقارات الثابتة التي أوقفها السلاطين العثمانيون في مصر وكان إرسال الصرة إلى بلاد الحرمين من أهم واجبات الوالي العثماني في مصر ويحاسب إذا قصر في إرسالها، كما كانت تصل بعض الإعانات إلى مكة بصحبة المحمل الشامي[87].

 

وقد كان السلطان سليم الأول مثل أسلافه محباً لأهل الحرمين الشريفين كثير الإحسان عليهم، وقد ضاعف الصدقة التي كان يرسلها لهم والده كما كان يكرم من جاءه منهم[88]. فقد وصلت عام 924هـ سفن عثمانية تحمل حبوب الصدقات السلطانية إلى أهل الحرمين مقدارها سبعة آلاف أردب[89]. منها ألفا أردب لأهل المدينة وخمسة آلاف أردب لأهل مكة كما إنه التفت إلى العلماء والقضاة وأعطى لكل واحد منهم ثلاثة أرادب كما أنه تم إضافة بعض البيوت التي كانت لا تأخذ شيئاً من الصدقات، بحيث كان فقهاء مكة وغيرهم من مجاورين يعتمدون في معيشتهم على ما يصلهم من هذه الغلال والصدقات والتي تكفيهم معظم أيام السنة[90].

 

لقد كانت المساعدات المالية تتضاعف سنوياً ففي عام 923هـ كان يُرسل لأهل الحرمين سبعة آلاف أردب ثم زادت لتصبح إثنى عشر أردباً وكان الأردب يعادل مائة وثمانية أُقة عثمانية، فضلاً عن ليرة عثمانية عن كل أردب وكانت ترسل حاصلات المزارع الموقوفة كل عام[91].

 

وقد كانت الصرة العثمانية المرسلة كل عام إلى الحرمين وهي من خزينة الأوقاف السلطانية وخزنة المالية تقدر بمبلغ 3.399.923 قرشاً و 30 بارة[92].

 

وفي أواخر القرن العاشر 999هـ أمر السلطان العثماني للمجاورين والعلماء والصلحاء بالمدينة المنورة زيادة على ما كان لهم سابقاً حيث جعل لكل واحد منهم خمسة أرادب من القمح والبعض عشرة أرادب سنوياً[93]. إن هذه الصدقات والأموال كان لها انعكاس على استقرار الحالة المعيشية للسكان وخاصة العلماء وطلاب العلم الذين بدأوا يتفرغون للتدريس ونشر العلم، بعد أن وفر لهم العثمانيون الجو الملائم – ويشير النهروالي إلى أن السلطان سليمان القانوني كان يزيد على ما يرسله من الأوقاف العثمانية شيئاً من خزائنه الخاصة ينفقه على العلماء والمشائخ من أهل الحرمين وأن هذه الخيرات واستمرار هذه الإيرادات لم يشهد لها الحرمان مثالاً ممن سبقهم من السلاطين والخلفاء والملوك العظماء في أي زمن من الأزمان[94].

 

2 – الأوقاف العثمانية:

إن الأموال التي كانت ترسل مع صرتي مكة والمدينة تصرف على العلم وقراءة القرآن وتحفيظه للصبيان، فإنه إضافة إلى الأوقاف الموجودة زمن المماليك للحرمين الشريفين فقد أضاف العثمانيون أوقافاً جديدة وذلك منذ عهد ا لسلطان سليم الأول وسليمان القانوني ومن أهم هذه الأوقاف:

أ – وقف الدشيشة الكبرى، حيث بلغ مقدار ما أرسل سنة 991هـ عشرة آلاف أردب من الغلال وأضاف السلطان مراد الثالث (982 – 1003هـ) أوقافاً أخرى ليرتفع المقدار إلى ستة آلاف أردب[95].

ب – وقف الدشيشة الصغرى، وهو ريع نقدي يرسل إلى الحرمين بجانب ريع الحبوب[96].

جـ - وقف المحمدية، ويدر ريعاً نقدياً وريعاً من الحبوب[97].

د – وقف الدشيشة المرادية، أوقفه السلطان مراد الثالث سنة 997هـ وكان يتكون من عدد كبير من القرى في أقاليم مصر المختلفة – على تحفيظ القرآن الكريم في المدينة المنورة، بالإضافة إلى قراءة أجزاء من القرآن في مكة المكرمة[98].

 

لقد كانت الأوقاف العثمانية كثيرة وعامرة استطاعت أن تغطي احتياجات الحرمين بل وتزيد عليها، وهي مدار معيشة أهل الحرمين الشريفين[99]. وكان للأوقاف العثمانية دور في انتعاش الحياة العلمية لأنه من خلالها يتم الإنفاق على العلماء والطلاب،  وتلبية احتياجات المدارس والكتاتيب والمساجد من الأموال اللازمة لإدارة شؤونها ولولاها لما شهدت الحركة العلمية هذا الانتعاش.

 

3 – التوسع في بناء المدارس:

من أهم الشواهد الدالة على اهتمام العثمانيين بالحياة العلمية هو قيامهم بالتوسع في إنشاء المدارس، استكمالا لما كان في عهد المماليك، ومن أبرز هذه المدارس ما يسمى بالمدارس السليمانية الأربعة وذلك بعدد المذاهب الإسلامية الأربعة التي بناها السلطان سليمان القانوني في مكة المكرمة والمدينة المنورة[100].

 

وقد تسابق الحكام في إنشاء المدارس حتى وصل عددها في عهد العثمانيين إلى أربعين مدرسة في مكة وحدها وفي المدينة مائة وثمانية عشرة مدرسةً، وجميعها مرتبطة بالصرة العثمانية[101]. كما أن ما يميز المدارس العثمانية تخصيص مبالغ أو رواتب للمدرسين والطلاب في هذه المدارس، وكذلك اشتراط من يتولى التدريس فيها وخاصة المدارس السليمانية ممن كان يتولى منصب الإفتاء[102].

 

4– تخصيص رواتب للخطباء والأئمة والمفتين:

من مميزات العصر العثماني اهتمامه بالعلماء والأئمة والمفتين من خلال تخصيص لهم أعطيات ورواتب، حيث: "كان للخطباء والأئمة بمكة لكل منهم عثماني ونصف في كل يوم، فعيّن أربعة من الخطباء، حنفيين وشافعيين، وجعل لكل واحد أربعين عثمانياً في كل يوم" كما أنه لم يكن في السابق أي إعانات للمفتين فأعطي لمفتي مكة في عهد السلطان مراد الثالث عبد الكريم القطبي وجعل له من بيت المال خمسون عثمانياً في كل يوم[103].

 

ثالثاً: التغيير المذهبي في الحرمين الشريفين:

لقد كان في مكة أربعة قضاة يمثلون المذاهب الأربعة لأهل السنة والجماعة وإن كان معظم المسلمين منذ العصر العباسي يعتنقون المذهب الشافعي ولذلك كان القاضي الشافعي هو الذي يتقلد المرتبة العليا[104].

 

كما كان المذهب السائد والمعمول به في الأحكام في المدينة المنورة في العصرين الفاطمي والأيوبي وأوائل العصر المملوكي هو المذهب الجعفري أو الإمامي الإثنا عشري مع وجود بعض القضاة من أهل السنة والجماعة خلال تلك الفترة، ثم بدأ مذهب أهل السنة يتعزز بسبب دعم السلطة المملوكية وهؤلاء القضاة السنة كانوا أساساً قضاة في مكة انتدبوا لتولي القضاء في المدينة[105]. مما يعني أنهم كانوا شافعي المذهب كونه كان سائداً في مكة خلال تلك الفترة.

 

ولكن بعد أن دخلت الحجاز تحت النفوذ العثماني حاول العثمانيون جاهدين على إحداث تغيير مذهبي من خلال فرض المذهب الحنفي على بقية المذاهب الأخرى وجعله يحتل مكانة متقدمة على بقية المذاهب.

 

ففي سنة 924هـ اجتمع قائد المحمل الرومي مصلح الدين بالقضاة الأربعة في مقام الحنفية بالمسجد الحرام وتشاور معهم بخصوص هدم مقام الحنفية القائم واستبداله بمقام جديد ذي قبة عالية تقوم على أربعة أعمدة، أعترض القضاة على هذه الفكرة وأشاروا له أن هذا منكر، غير أنه اجتمع بهم للمرة الثانية في مسكنه بالمدرسة الأشرفية القايتبائية وطلب منهم أن يبدو رأيهم بالجواز أو الكراهة وأنه سوف يراجع فيه السلطان سليماً، ولكن قضاة الحنفية أشاروا له بأن هناك فتوى تجيز ذلك قال بها أبو البقاء الحنفي، حينها عزم مصلح الرومي على تنفيذ مشروعه فحفر الأساس عند البناء القديم بزيادة ذراعين إلى أن أوصله بحاشية المطاف[106].

 

إن هذا الإجراء من قبل العثمانيين أول عهدهم يدل على أنهم عازمون على إحداث تغيير في الاعتقاد المذهبي، وكانت البداية هو تمييز المقام الحنفي وجعل له قبة كبيرة تقوم على أربعة قوائم.

 

كما تم تبليط مقام الحنفية بحجر صوان أسود وبنى محرابه أمام القبة ملاصق بحاشية المطاف وتقدمته إلى وسط الحاشية ليقطع الصف الأول من الصلاة خلف إمام الشافعية[107].

 

ومن الشواهد الدالة على تمييز المذهب الحنفي أنه كان يصلي الحنفي والشافعي صلاة المغرب في المسجد الحرام في وقت واحد معاً فيحصل بذلك تشويش على المصلين – فعرضت المسألة على السلطان سليمان القانوني في سنة 931هـ، فأمر بالنظر في هذه المسألة فأجتمع علماء مكة والأمير علي بك صاحب جده، وأقتضى رأيهم أن يتقدم الإمام الحنفي في صلاة المغرب وعند تشهده الأخير يدخل إمام الشافعية في صلاته[108].

 

ومنذ عام 943هـ بدأت الدولة العثمانية ترسل القضاة الأحناف إلى مكة بدلاً عن القضاة من آل الطبري، والظهيريين والنوريين[109].

 

أما المدينة المنورة فقد انتهزت الدولة العثمانية وفاة قاضي قضاة المدينة الشافعي الشيخ عبدالله السمهودي عام 945هـ فأرسلت قاضياً حنفياً تركياً من العاصمة التركية يدعي محي الدين حليم أغلي الرومي[110].

 

كما أن العثمانيين كانوا يصدرون فتاوى حنفية من العاصمة التركية ويتم تعميمها على الحرمين، مثل الفتوى الخاصة بتصفيح باب الكعبة المشرفة من قبل مفتي السلطان ويدعي أبو السعود أفندي[111].

 

ولقد كان قاضي مكة المكرمة ينفذ الأحكام الشرعية وفق المذهب الحنفي وكانت المحكمة الحنفية تسمى المحكمة الكبرى، وقد صدرت أوامر سنة 973هـ/1565م بأن تسلم المحاكم الشافعية والمالكية والحنبلية سجلات الدعاوي التي نظرت فيها إلى المحكمة الحنفية أي المحكمة الكبرى وأن يتشاور قضاة المذاهب الثلاثة مع القاضي الحنفي في الدعاوي الكبيرة والمهمة[112].

 

مما سبق يتضح لنا أن العثمانيين عملوا جاهدين على إحداث تغيير مذهبي في الحجاز عامة لصالح المذهب الحنفي.

 

رابعاً: المكتبات:

تمثل المكتبات جزءاً مهماً من الحياة العلمية والتعليمية في الحجاز بعامة والحرمين بشكل خاص فقد احتوت أغلب المدارس على مكتبات تضم أهم الكتب والتي تحوي كافة المعارف من كتب التراث الأولى وفي العلوم الإسلامية والعربية، وكانت هذه المكتبات من أهم روافد المعرفة وكان لكل مكتبة موظفين من أصحاب الخبرة في ترتيب وتصنيف الكتب[113]. ولقد رافق إنشاء  المدارس تزويدها بما يحتاج إليه طلاب العلم من الكتب التي هي مدار الدرس وتتابع العطاء من قبل القادرين عليه حتى أصبحت هناك خزائن غنية بالكتب بما تحتويه من صنوف العلم وذلك في أغلب المدارس[114].

 

وكان المسجد الحرام والمسجد النبوي مركزين علميين من مراكز التعليم والتدريس وجذب إليهما الطلاب من مختلف أنحاء العالم لذا أهتم بهما العلماء والخلفاء والحكام والأمراء وغيرهم فأوقف عليهما مجموعات ضخمة من الكتب ليستفيد منها طلاب العلم[115].

 

من أشهر مكتبات مكة المكرمة:

مكتبة السلطان قايتباي ومكتبة السلطان سليمان القانوني في مدارسه الأربعة، ومكتبة الشيخ إبراهيم الزمزمي وكان بها أنفس الكتب ولكن تبعثرت مقتنياتها سنة 1196هـ[116].

 

أما أشهر مكتبات المدينة المنورة فهي:

مكتبة السلطان قايتباي في مدارسه وقد ضمت إلى خزانة الحرم النبوي الشريف، ومكتبة السلطان سليمان القانوني، ومكتبة المدرسة الحميدية، ومكتبة عمر قرة باشا[117].

 

الفصل الثالث

المؤسسات العلمية في الحرمين الشريفين

في القرن العاشر الهجري

 

المؤسسات العلمية في الحرمين الشريفين في القرن العاشر الهجري

أولاً: الكتاتيب:

مفردها كتَّاب وهو موضع تعليم القراءة والكتابة ويُعد من أهم مراكز تعليم وتثقيف الصغار في المجتمع الإسلامي وتلك الكتاتيب معروفة وموجودة قبل ظهور الإسلام وكان الهدف منها سابقاً تعليم القراءة والكتابة فقط[118].

 

وقد انتشرت هذه الكتاتيب في المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف لذلك كان كثيراً من المعلمين بالحرمين الشريفين يتخذون من زوايا المسجد الحرام والمسجد النبوي وأطرافهما مكاناً لمكاتبهم، كما كانت هذه الكتاتيب ملحقة بالمدارس[119].

 

أنشأ الواقفون على مكاتب الصبيان في إبان العصر العثماني الأوقاف وكانت هذه المكاتب يطلق عليها المكاتب العامة وهي للأطفال غير القادرين على دفع أجرة المعلم الذي يتولى تدريسهم، أما القادرون على دفع أجرة المعلم فيطلق عليها المكاتب الخاصة ومن أشهر المكاتب الخاصة في مكة المكرمة في القرن العاشر الهجري كتَّاب الشيخ محمد الجناجي الذي يقوم بتعليم أبناء أصدقائه من الحجازيين وأهل اليمن دون أجر[120]. أما المكاتب العامة فهي تلك التي كانت لها أوقاف ترسل لها سنوياً إلى الحجاز حيث كان المحفظون والصبيان تصرف لهم الرواتب السنوية التي تعينهم على الدراسة حتى يتفرغوا للعلم وكانت طريقة الصرف على هذه المكاتب العلمية ثابتة إذ كانت محدده سلفاً من قبل الواقف الذي أنشأ المكتب[121].

 

اهتم العثمانيون بهذه المكاتب وأوقفوا لها الأوقاف وكانت المكاتب بنايات خاصة محكمة البناء وعالية الارتفاع ووضعوا لها شروطاً مثل ألاّ يكون أطفال المكتب أقل من خمسين طفلاً من أطفال الفقراء والأيتام، كما تم تعيين شخص يدعي (عريفاً) وهو في درجة المساعد للمعلم، وخصص للأطفال والمعلمين والعريف ما يحتاجونه من الطعام والكساء، والألواح، والحبر، وجميع لوازم المكتب[122]. حيث خصص السلطان مراد لكل صبي من الخمسين ثلاثة دنانير في السنة[123].

 

من أشهر مكاتب مكة المكرمة:

مكتب قايتباي الذي أنشأه السلطان المملوكي الأشرف قايتباي والذي ظل قائماً حتى العصر العثماني. ومكتب مراد باشا، ومكتب أيتام ناظر وقف أمير الحاج المصري والتي كانت أوقافه من قبل السلطان سليم الأول[124].

 

أما أشهر مكاتب المدينة المنورة فهي:

مكتب السلطان قايتباي، ومكتب السلطان مراد الثالث، ومكتب والدة السلاطين وينفق عليه من وقفها في الحرمين الشريفين[125]. كان منهج التعليم في الكتاتيب هو أن يحفظ الصبي القرآن الكريم ودروساً في الحديث الشريف يتناسب مع استيعاب الأطفال فضلاً عن المعارف الأخرى، فيتعلمون القراءة والصلاة ويؤمرون بها.في أوقاتها – ويتعلمون الضبط بالشكل والإملاء، كما كانوا يتلقون الآداب والسلوك مثل الفضيلة، والأخلاق والآداب في المعاملة مثل: احترام الوالدين والبّعد عن سيئ الأفعال والكلام، وإذا حفظ الصبي القرآن احتفل به احتفالاً كبيراً في المكتب، وكان سن الالتحاق بالمكتب يتراوح بين الرابعة، والسابعة، كما كان الإشراف الصحي قائماً حيث كان يوجد ثمانية أطباء في مكة للإشراف على القراء، والمعلمين والصبيان في المسجد الحرام وخصص لهم رواتب[126].

 

ثانياً: المدارس:

تسابق السلاطين العثمانيون والأمراء والمقتدرون من العلماء وغيرهم في إنشاء المدارس، فتعددت وزادت العناية بها. والمدرسة هي بناء مجهز لسكن المعلمين والدارسين للعلم الشرعي- ومعظم هذه المدارس يتم الانفاق عليها من عائدات الأوقاف ويرصد ريعها لدفع رواتب القائمين عليها من طلبة ومدرسين[127].

 

حرصت الدولة العثمانية على الاهتمام بهذه المدارس وزيادة أعدادها فقد وصف الرحالة أوليا جلبي هذه المدارس ومدى كثرتها وذكر بأنها مباني عالية محاطة بالحرم حيث يصل عددها على جوانب الحرم إلى أربعين مدرسة عظيمة وأن هذه المدارس تعكس مآثر المهندسين المعماريين في عهد السلطان سليمان خان، وأن لها دوراً في مواسم الحج حيث تعمل هذه المدارس على إيواء الحجاج، كما أن المدرسين والطلبة وغيرهم يقومون بدور الإرشاد وتقديم الخدمات لحجاج بيت الله الحرام[128].

 

كما لها وظيفة اجتماعية أخرى فهي ملجأ المرتادين والمعوزين- فقد كان يجد بها العالم والمتعلم والعابد والمعوز الغذاء العلمي والروحي والمادي، والمأوى وذلك لما يلقى فيها من دروس علمية، وما كانت تقدمه من رواتب نقدية للمدرسين والطلبة وبقية العاملين بها[129].

 

ومما يميز هذه المدارس في العهد العثماني تميزها بالنشاط والحركة لأن الفتوحات العثمانية أدت إلى كثرة الوافدين على الحرمين ومن ثّمَّ أزداد عدد العلماء الذين طاب لهم المقام في المجاورة لبيت الله الحرام[130]. كما أن المدارس السليمانية الأربعة التي أنشأها السلطان سليمان القانوني قد دفع بالحركة العلمية إلى ميادين أكثر تطوراً حيث اشترطت من يقوم بالتدريس فيها أن يكون ممن يتولى منصب الإفتاء حيث إن هذا المنصب يشترط فيه أن يكون من أعلم الفقهاء الحنفية في مكة المكرمة ولهذا تولى الشيخ عبد الرحمن المرشدي الحنفي مهنة التدريس في المدرسة السليمانية، وعلى الرغم من ذلك. فقد تولى مشيخة المدرسة السليمانية الشيخ قطب الدين النهروالي وهو شافعي المذهب[131].

 

كما أن العثمانيين خصصوا الأوقاف الكثيرة وخصصوا رواتب للمدرسين والطلاب وكل هذا خلق جواً من الاستقرار النفسي للتفرغ في طلب العلم[132].

 

ومن الملاحظ أيضاً في تلك الفترة – القرن العاشر  الهجري – ندرة وجود علماء المذهب الحنبلي، مما دفع بالعثمانيين إلى تحويل المدرسة التي كان منتظر فيها تدريس المذهب الحنبلي إلى مدرسة لتدريس علم الحديث لعدم وجود الشخص المؤهل لتدريس هذا المذهب[133].

 

ومن أشهر المدارس في مكة المكرمة المدرسة الأشرفية التي أنشأها السلطان الأشرف قايتباي المملوكي سنة 884هـ والتي استمرت في أداء دورها في القرن العاشر الهجري[134].

 

ومن المدارس أيضاً المدرسة الباسطية التي أنشأت سنة 826هـ وظلت تمارس دورها في القرن العاشر الهجري[135].

 

وكذلك المدرسة الجمالية حيث ذكر جار الله بن فهد بأنها تعرضت أسقفها للهدم سنة 925هـ[136]. ومن مدارس مكة المكرمة المدرسة المرادية التي بناها السلطان مراد الثالث وعرفت بإسمه وعين السلطان مراد لهذه المدرسة مدرساً وعشرة من الطلاب، وكان يدفع للمدرس راتباً سنوياً قدره (150) ديناراً ذهباً وللطالب عشرة دنانير ذهباً سنوياً[137].

 

ومنها مدرسة محمد باشا أنشأت في القرن العاشر وقام بالتدريس فيها الشيخ عبد الرحمن المرشدي سنة 999هـ[138].

 

ومن أهم المدارس العثمانية في مكة المدارس السليمانية الأربعة و هي من آثار السلطان العثماني سليمان القانوني وتدرس المذاهب الأربعة، حيث اختير الجانب الجنوبي من المسجد الحرام المتصل من ركن المسجد الشريف، وقد أُقيمت هذه المدارس على أنقاض البيمارستان المنصوري، ولم يكتمل بناء هذه المدارس إلا في عهد السلطان سليم الثاني[139].

 

والمدارس الأربعة هي:

أ – المدرسة المالكية السليمانية: وهي أرقى المدارس الأربعة، عين عليها القاضي حسين الحسيني، وجُعل له خمسين عثمانياً، ثم رقي إلى مائة عثماني.

ب – المدرسة الشافعية السليمانية: درس فيها علماء الشافعية ويدرس الفقه الشافعي وأعطيت للمدرسين فيها خمسين عثمانياً.

جـ - المدرسة الحنفية السليمانية: وعين عليها الشيخ القطبي مدرساً عليها وأعطيت خمسين عثمانياً وذلك سنة 975هـ.

د – المدرسة الرابعة السليمانية: وكان من المفترض أن يدرس فيها المذهب الحنبلي ولعدم وجود عالم في الفقه الحنبلي جُعلت داراً للحديث يقرأ فيها الصحاح الست[140].

 

أما المدارس في المدينة المنورة فهي:

مدارس السلطان قايتباي التي أنشأها مع مدارسه في مكة وهي على شكل القاعة بأربعة أواوين كلها بالحجارة المنحوتة الملونة وفيها الخلوات للطلبة[141]. ومن المدارس أيضاً المدرسة السنجارية، وهي دار سيدنا أبي بكر الصديق وتعرف باسم السنجارية، ويتعلم فيها أهل المدينة والوافدين إليها[142].

 

ومن المدارس أيضاً المدرسة الباسطية والمدرسة الأزكجية التي إستمرتا في أداء مهامها في القرن العاشر الهجري[143].

 

ثالثاً: حلقات الدرس في الحرمين الشريفين:

لعب المسجد الحرام والمسجد النبوي دوراً كبيراً في نهضة العلم والتعليم ليس في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - فحسب  بل في عهد الخلفاء الراشدين ومن جاء بعدهم وحتى العصور المتأخرة،ولهذا كان الاهتمام بالحرمين الشريفين من خلال تجديد بنائهما[144]. وإنشاء المدارس المختلفة بجوارهما وهذا أدى بدوره إلى انتعاش الحركة العلمية. ولقد كان كثيرُ ُ من العلماء يرون أن التدريس بالمسجد الحرام أو المسجد النبوي أفضل من التدريس في المدارس وأجزل نفعاً وأعظم أجراً، كما أن التدريس في المساجد لا يحتاج إلى أمر تعيين أو تكليف لمن يقوم به، وإنما عمل اختياري عكس التدريس  في المدارس، كما أن الطلاب في المساجد ليس عليهم قيود أو شروط كما هو الحال في المدارس، فالمساجد مفتوحة أمام كل طالب علم وما عليه إلا الانضمام إلى إحدى الحلقات المنتشرة في المسجد[145]. هذا بالنسبة للعلماء غير المعتمدين للتدريس أما المعتمدين للتدريس والذين يتلقون رواتب تأتي مع الصرة فإنه كان لا يسمح لهم بالتدريس حتى يحصلوا على إذن حيث كان العالم يتعرض لامتحان يحضره كبار العلماء من الحرمين حيث يحدد شيخ العلماء موعداً في الحرم بعد صلاة الظهر أو العصر ويتولى شيخ العلماء أو نائبه مع عدد من العلماء الآخرين امتحانه فيجلسونه على رأس حلقة دائرية يحضرها العلماء تبين مدى إلمامه بعلوم اللغة والفقه وبقية العلوم الشرعية[146].

 

تعقد أماكن التدريس في المسجد الحرام في أروقته وعند المقامات الأربع وعند مقام إبراهيم، وحجر إسماعيل، وعند الأبواب الرئيسية للبيت الحرام، وصحن المسجد الحرام، أما المسجد النبوي فتعقد عند أبواب المسجد وفي الروضة الشريفة، وخلف الأعمدة، وداخل الأروقة، وفي الحجرة النبوية، وعند المنبر[147].

 

أما أوقات التدريس في المسجد الحرام والمسجد النبوي، فقد كان العلماء هم الذين يختارون الوقت المناسب بحيث لا يصطدم مع جداولهم الدراسية إذا كان مرتبطاً بدروس في المدارس[148].

 

وكانت الدراسة تتوقف في الأعياد والمناسبات مثل عيد الأضحى وعيد الفطر[149]. كما أن الدراسة تتوقف في الحرمين أيام موسم الحج حيث ذكر العياشي في رحلته بقوله: "كان من عادة أهل المدينة إذا كان اليوم السابع عشر من ذي القعدة ويسمونه الكنيس جمعت بسط الحرم الشريف كلها وأدخلت المخازن فلا يبقى في المسجد إلا الحُصر، وأدخلت المصاحف التي في المسجد والسبحات إلى الروضة ورد كل من استعار كتاباً إلى صاحبه أو إلى ناظر الخزانة التي أخذه منها... ويكنس الحرم الشريف في ذلك اليوم وفيه يكنس البيت العتيق بمكة أيضاً وأيام موسم أهل الحرمين الشريفين فيها يجمعون غالبا أمور معاشهم، فلا يتفرغ أحد للتدريس ولا عبادة إلا ما لابد منه فإذا انقضت أيام الموسم وذهب الركبان الواردة من الآفاق ولم يبق بالحرمين إلا أهلها رجعوا إلى معتاد حالهما في الأمور الدينية من القراءة والتدريس وأنواع العبادات". كما أن الدراسة في المسجد النبوي تتوقف يومي الثلاثاء والجمعة وهي إجازة للطلاب والمدرسين[150]. ولقد كانت الحلقات تدرس علوم عدة منها القراءات، والتفسير، والحديث والفقه، وعلوم اللغة العربية والعلوم العقلية[151].

 

أشهر حلقات الدرس في الحرمين:

حلقة الشيخ علي بن سعيد بن عبد الوهاب المتوفي سنة ت 910هـ درس فيها الفقه والحديث، مع توليه منصب القضاء بالمدينة المنورة[152].

 

ومنها حلقة الشيخ نور الدين علي بن عبد الله السمهودي المتوفي سنة 911هـ[153]. ومنها حلقة الشيح أحمد بن محمد الكازروني المتوفي سنة 920هـ حيث كان يدرس بالمسجد النبوي الفقه الشافعي، وكان يجلس للإقراء من بزوغ الشمس إلى قبيل الظهر، ثم يرجع إلى منزله ويطالع الكتب ثم يعود ويقرأ بعد الظهر إلى العصر ومن العصر ساعة واحدة ويبقى بالمسجد ويكون آخر الناس خروجاً[154].

 

ومن الحلقات بالمسجد الحرام حلقة الشيخ زكريا الأنصاري المتوفي سنة 926هـ يدرس فيها الفقه، والحديث والنحو والفرائض والجبر[155]. ومنها حلقة الشيخ محمد الجناجي المتوفي سنة 935 في الحرم المكي ويقرآ كتاب الموطأ والشفاء وغيرها[156]. ومن الحلقات بالمسجد الحرام حلقة الشيخ أحمد ابن حجر الهيثمي المصري المتوفي سنة 974هـ ويدرس في عدة حلقات منها لتدريس صحيح البخاري حتى إشتهر بلقب قارئ البخاري – وأخرى لتدريس فقه الشافعي واللغة العربية وصحيح مسلم[157].

 

وحلقة الشيخ عبد الله بن أحمد باكثير سنة ت 925هـ حيث كانت له عدة حلقات في الحرم المكي طوال اليوم[158].

 

وحلقة الشيخ عبد الحق بن محمد السنباطي المتوفي سنة 931هـ الذي أشتهر بعلو الإسناد[159]. ومن حلقات الحرم المكي كذلك حلقة الشيخ شمس الدين الخطيب الشربيني المتوفي سنة 977هـ ودرس في الحرم المكي "شرح على مغني المحتاج" بالإضافة إلى تفسيره المسمى "السراج المنير"[160]. ومنها كذلك حلقة الشيخ ابن القاسم المصري المتوفي سنة 992هـ بالمسجد النبوي الشريف[161].

 

الخــاتمـة

 

نستخلص من هذه الدراسة عدداً من النتائج التي توصل إليها البحث وهي:

1 – إن فترة عصر المماليك شهدت نهضة علمية واسعة تمثلت في إنشاء العديد من المؤسسات العلمية مثل المدارس، والكتاتيب وحلقات الدرس في المسجد الحرام والمسجد النبوي.

 

2 - أوضحت الدراسة بأن العثمانيين كان لهم دور كبير ومهم في تطور الحركة العلمية في الحرمين حيث واصلوا ما بدأه المماليك وأضافوا إلى الحياة العلمية زخماً أكبر من خلال التوسع في إنشاء المدارس وأهم شاهد عليها ما يسمى بالمدارس السليمانية الأربعة التي أنشأها السلطان سليمان القانوني.

 

3 – كان للدعم المالي الذي قدمه العثمانيون في القرن العاشر الهجري أثراً مهماً في انتعاش الحياة العلمية في الحرمين الشريفين مثل (الغلال – الصدقات – الصرة العثمانية – والأوقاف حيث شهد العصر العثماني الإكثار من الأوقاف التي دعمت الحياة العلمية).

 

4 – بينت الدراسة بأن العثمانيين قاموا بمحاولات حثيثة لإحداث تغيير مذهب في الحرمين الشريفين خاصة والحجاز بشكل عام من خلال دعم المذهب الحنفي وجعله في مقدمة المذاهب الأخرى.

 

5 – أظهرت الدراسة غياب دور أشراف مكة والمدينة في دعم  الحياة العلمية فلا نلحظ أي اهتمام أو دعم للحركة العلمية في الحرمين الشريف من الأشراف.

 

6 – أبدى العثمانيون اهتماما متزايداً بالعلماء والأئمة والمفتين وتخصيص العطايا والمرتبات لهم حتى يتفرغوا للتعليم والتأليف.

 

7 – أظهرت الدراسة بأن لحركة المجاورة والمجاورين أثراً كبيراً في نهضة الحياة لعلمية في الحرمين سواء في قيامهم بالتعليم في المدارس أو تزعمهم لحلقات الدرس في المسجد الحرام والمسجد النبوي.

 

قائمة المصادر والمراجع


1 – ابن فهد، جار الله، نيل المنى بذيل بلوغ القرى لتكملة إتحاف الورى، تحقيق: محمد الحبيب الهيلة، مؤسسة الفرقان – ط1، 2000م.

2 – ابن فهد، النجم عمر بن محمد، إتحاف الورى بأخبار أم القرى، تحقيق: فهيم شلتوت مطبوعات مركز البحث العلمي – جامعة أم القرى، جدة، دار المدني، 1984م.

3 – السخاوي، محمد بن عبد الرحمن، التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة، طبع بإشراف أسعد طرابزوني، 1979م.

4 – الطبري، محمد بن علي، إتحاف فضلاء الزمن بتاريخ ولاية بني الحسن، تحقيق: محسن محمد سليم، دار الكتاب الجامعي، ط1 (د.ت).

5 – الفاسي، تقي الدين، العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين، تحقيق فؤاد سيد، مؤسسة الرسالة- بيروت – 1986م.

6 – القطبي، عبد الكريم، إعلام العلماء الأعلام ببناء المسجد الحرام، دار الرفاعي للنشر، الرياض، ط1، 1983م.

7 – النهروالي، محمد بن أحمد بن محمد، كتاب الإعلام بأعلام بيت الله الحرام، تحقيق: هشام عبد العزيز، المكتبة التجارية، مكة المكرمة، ط1، 1996.

8 – النهروالي، قطب الدين الحنفي، البرق اليماني في الفتح العثماني، أشرف على طباعته حمد الجاسر، الرياض، دار اليمامة، 1968م.

9 – السنجاري، على بن تاج الدين، منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم، تحقيق: جمال عبدالله المصري، جامعة أم القرى، ط1، 1998م.

10- العصامي، عبد الملك، سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي، المكتبة السلفية، القاهرة، (د،ت).

11- جلبي، أوليا، الرحلة الحجازية، ترجمة: الصفصافي أحمد، دار الأوقاف العربية، القاهرة، (د.ت).

التراجم:

1 – العيدروس، محي الدين عبد القادر، النور السافر عن أخبار القرن العاشر، (د.ت).

2 – الغزي، نجم الدين، الكواكب السائرة بأعيان المائة العاشرة – تحقيق: جبرائيل سليمان جبور، المطبعة الأمريكانية، بيروت 1945م.

3 – المحبـي – محمـد، خلاصة الأثر في أعيـان القـرن الحـادي عشـر – دار صادر بيروت (د.ت).

 

المراجع:

1 – الجابري، خالد محسن، الحياة العلمية في الحجاز خلال العصر المملوكي، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، 2005م.

2 – ابن دهيش، عبد اللطيف، الكتاتيب في الحرمين وما حولهما، جامعة الملك سعود، الرياض، 1991م.

3 – المديرس، عبد الرحمن مديرس، المدينة المنورة في العصر المملوكي، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، ط1 ، 2001م.

4 – المكي، محمد الأمين، خدمات العثمانيين في الحرمين الشريفين ومناسك الحج، ترجمة: ماجدة مخلوف، دار الأوقاف العربية، مصر، ط2، 2005م.

5 – السباعي، أحمد، تاريخ مكة، مطابع قريش – 1385هـ.

6 – بدر، عبد الباسط، التاريخ الشامل للمدينة المنورة، ط1، 1993م.

7 – بيومي، محمد علي، دور مصر في الحياة العلمية في الحجاز إبان العصر العثماني، دار القاهرة، مصر، ط1، 2006م.

8– جارشلي، إسماعيل حقي، أشراف مكة وأمرائها في العصر العثماني، ترجمة عن اللغة التركية: د/ خليل علي مراد، الدار العربية للموسوعات، ط1، 2003م.

9 – شاهين،عزة بنت عبد الرحيم، خدمات الحج في الحجاز: خلال العصر العثماني، دار القاهرة للنشر، ط1، 2006م.

10– ريتشارد مورتيل، الأحوال السياسية والاقتصادية بمكة في العصر المملوكي – جامعة الملك سعود، 1985م.

11- عبدالله، عبد الرحمن صالح، تاريخ التعليم في مكة المكرمة، دار الشروق للنشر والتوزيع، جدة، ط1، 1982م.

12- هور خرونيه، سنوك، صفحات من تاريخ مكة المكرمة، تحقيق: علي عودة الشيوخ، دارة الملك عبد العزيز، 1999م.

 

الرسائل العلمية:

1 – أمحزون، محمد، المدينة المنورة في رحلة العياشي، رسالة ماجستير، جامعة الملك سعود..

2 – المطيري – نبيلة بنت سعود، الحياة العلمية في مكة المكرمة 1228-1256هـ رسالة ماجستير، جامعة الملك سعود.

3 – آل مشاري، منى حسن، المجاورون في مكة والمدينة في العصر المملوكي رسالة ماجستير، جامعة الملك سعود.

 

الدوريات:

1 – الجهني، عويضة، سلطة أشراف مكة في المدينة المنورة خلال القرن العاشر الهجري-مجلة الجمعية التاريخية السعودية – العدد السادس عشر، السنة الثامنة، ذو القعدة 1428هـ/ نوفمبر 2007م.

2 – الدهاس، فواز بن علي، المدارس في مكة خلال العصرين الأيوبي والمملوكي، مجلة الجمعية التأريخية السعودية، العدد الثاني، السنة الأولى، يوليو 2000م.

3 – بدر، عبد الباسط، الحياة الثقافية في المدينة المنورة في العصر المملوكي،مجلة مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة، العدد الخامس –يونيو- أغسطس 2003م



[1] ريتشارد مورتيل، الأحوال السياسية والاقتصادية بمكة في العصر المملوكي – جامعة الملك سعود – الرياض، 1985، ص36-37.

[2] الجابري، خالد محسن، الحياة العلمية في الحجاز خلال العصر المملوكي، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، مكة المكرمة والمدينة المنورة، 2005م، ص 46.

[3] السنجاري، علي بن تاج الدين – منائح الكرم في أجنار مكة والبيت وولاة الحرم، تحقيق د/ جمال عبدالله المصري،جامعة أم القرى،ط1، 1998م، ج2 – ص 318.

[4] السنجاري، منائح ا لكرم، ج2، ص 320.

[5] السباعي، أحمد، تاريخ مكة، مطابع قريش – 1385هـ، ج1، ص 233.

[6] النجم ابن فهد، عمر بن محمد، إتحاف الورى بأجناد أم القرى، تحقيق : فهيم شلتوت- مطبوعات مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، جامعة أم القرى، جدة، دار المرين، 1984م، ج3، ص 134.

[7] السباعي، تاريخ مكة، ج1، ص 258.

[8] الفاسي، تقي الدين، العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين، تحقيق فؤاد سيد، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1986م، ج4، ص 106.

[9] العصامي، عبد الملك، سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي، المكتبة السلفية القاهرة (د.ت) ج4، ص 265.

[10] العصامي، سمط النجوم، ص 276-278.

[11] د/ الجهني، عويضة، سلطة أشراف مكة في المدينة المنورة خلال القرن العاشر الهجري، مجلة الجمعية التاريخية السعودية، العدد السادس عشر، السنة الثامنة ذو القعدة 1428هـ/ نوفمبر 2007م، ص 70.

[12] العصامي، سمط النجوم، ج 4، ص 289.

[13] د / الجهني، سلطة أشراف مكة، ص 67-68.

[14] المديرس، عبد الرحمن مديرس، المدينة المنورة في العصر المملوكي، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، ط1، 1422هـ، 2001م، ص 31.

[15] د/ بدر، عبد الباسط، التاريخ الشامل للمدينة المنورة، ط1، 1993م، ج2 ص 238.

[16] المديرس، المدينة المنورة في العصر المملوكي، ص 32-33.

[17] المديرس، المدينة المنورة في العصر المملوكي، ص 33.

[18] السخاوي، محمد بن عبد الرحمن، التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة، طبع بإشراف أسعد طرابزوني، 1979م، ج1، ص 427-428.

[19] المديرس، المدينة المنورة في العصر المملوكي، ص 42.

[20] المديرس، المدينة المنورة في العصر المملوكي، ص 44.

[21] المديرس، المدينة المنورة في العصر المملوكي، ص 46.

[22] العصامي، سمط النجوم، ج4، ص 318-319.

[23] المديرس، المدينة المنورة في العصر المملوكي، ص 245.

[24] الجابري، الحياة العلمية في الحجاز، ص 116.

[25] النجم بن فهد، إتحاف الورى، ج3، ص 634.

[26] الجابري، الحياة العلمية في الحجاز، ص 123.

[27] النهروالي، محمد بن أحمد بن محمد، كتاب الإعلام بأعلام بين الله الحرام، تحقيق : هشام عبد العزيز ا لمكتبة التجارية، مكة المكرمة، ط1، 1996م – 252.

[28] العصامي، سمط النجوم، ج4، ص 44.

[29] بدر، عبد الباسط، الحياة الثقافية في المدينة المنورة في العصر المملوكي- مجلة مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة – العدد الخامس – يونيو – أغسطس 2003م، ص 51.

[30] الجابري، الحياة العلمية في الحجاز، ص 313.

[31] الفاسي، العقد الثمين، ج2 – ص 488.

[32] الفاسي، العقد الثمين، ج2، ص 228.

[33] الجابري، الحياة العلمية في الحجاز، ص 316.

[34] السخاوي، التحفة اللطيفة، ج3، ص 702-703.

[35] الجابري، الحياة العلمية في الحجاز، ص 317-318.

[36] الجابري، الحياة العلمية في الحجاز، ص 330.

[37] الفاسي، العقد الثمين، ج 5، ص 197.

[38] الفاسي، العقد الثمين – ج7، ص 307.

[39] السخاوي، محمد بن عبد الرحمن، الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، منشورات دار مكتبة الحياة (د.ت)، بيروت، ج1، ص28.

[40] السخاوي، الضوء اللامع، ج1، ص 356.

[41] السخاوي، الضوء اللامع، ج3، ص 710.

[42] السخاوي، الضوء اللامع، ج3، ص 183.

[43] السخاوي، الضوء اللامع، ج3، ص 256.

[44] الفاسي، العقد الثمين، ج6، ص 134.

[45] د/ عبد الباسط، الحياة الثقافية في المدينة المنورة، ص 54.

[46] المديرس، المدينة المنورة في العصر المملوكي، ص 245 – 246.

[47] الفاسي، العقد الثمين، ج6، ص 34.

[48] الفاسي، العقد الثمين، ج1، ص 117.

[49] الفاسي، العقد الثمين، ج6، ص 339.

[50]د/ عبد الله، عبد الرحمن صالح، تاريخ التعليم في مكة المكرمة، دار الشروق للنشر والتوزيع جدة، ط1، 1982م، ص 61.

[51]الفاسي، العقد الثمين، ج1 – ص 117.

[52]النهروالي، قطب الدين الحنفي، البرق اليماني في الفتح العثمانيين، أشرف على طباعته حمد الجاسر الرياض، دار اليمامة، 1967م، ص 47.

[53] الفاسي، العقد الثمين، ج6، ص 71.

[54] السخاوي، الضوء اللامع – ج 10، ص 85.

[55] السخاوي، التحفة اللطيفة، ج1، ص 333.

[56] السخاوي، الضوء اللامع، ج4، ص24، التحفة اللطيفة، ج1، ص 64.

[57] العصامي0 سمط النجوم، ج4، ص 44، النهروالي، الأعلام، ص 247.

[58] الفاسي، العقد الثمين، ج3، ص 447.

[59] السخاوي، التحفة اللطيفة، ج1، ص 154-155.

[60] المديرس، المدينة المنورة في العصر المملوكي، ص 253.

[61] المديرس، المدينة المنورة في العصر المملوكي، ص 252.

[62] السخاوي، التحفة اللطيفة، ج1، ص 277.

[63] الجابري، الحياة العلمية في الحجاز، ص 414.

[64] آل مشاري، منى حسن، المجاورون في مكة والمدينة في العصر المملوكي رسالة ماجستير، جامعة الملك سعود، ص 33.

[65] الجابري، الحياة العلمية في الحجاز، ص 146.

[66] الطبري، محمد بن علي، إتحاف فضلاء الزمن بتاريخ ولاية بني الحسن، تحقيق : محسن محمد سليم، دار الكتاب الجامعي، ط1، (د.ت). ج1، ص 362.

[67] العيدروس، محي الدين عبد القادر، النور السافر عن أخبار القرن العاشر(د.ت). ص 16-19.

[68] العيدروس، النور السافر، ص 58-59.

[69] العيدروس، النور السافر، ص 125-126.

[70] الغزي، نجم الدين، الكواكب السائرة بأعيان المائة العاشرة، تحقيق : جبرائيل سليمان جبور، المطبعة الأمريكانية، بيروت 1945م،ج1، ص 217.

[71] الغزي، الكواكب السائرة، ج1، ص 196 – 203.

[72] الغزي، الكواكب السائرة، ج1، ص 225.

[73] الغزي، الكواكب السائرة، ج1، ص 221-222، الطبري، إتحاف فضلاء الزمن، ج1، ص 418.

[74] الطبري، إتحاف فضلاء الزمن، ج1، ص 480.

[75] المحبي، محمد، خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر، دار صادر بيروت (د. ت) ج1، ص 124 – 125.

[76] آل مشاري، المجاورون في مكة والمدينة، ص 134-136.

[77] المديرس، المدينة المنورة في العصر المملوكي، ص 201.

[78] الجابري، الحياة العلمية في الحجاز، ص 167.

[79] الجابري، الحياة العلمية في الحجاز، ص 168.

[80] السباعي، تاريخ مكة، ج2، ص 106.

[81] الجابري، الحياة العلمية في الحجاز، ص 192-193.

[82] الفاسي، العقد الثمين، ج2، ص 79.

[83] الجابري، الحياة العلمية في الحجاز، ص 200.

[84] المجي، خلاصة الأثر، ج3، ص8.

[85] السباعي، تاريخ مكة، ج2، ص 106-109.

[86] المكي، محمد الأمين، خدمات العثمانيين في الحرمين الشريفين ومناسك الحج، ترجمة : د/ ماجدة مخلوف، دار الأوقاف العربية، مصر، ط2، 2005م، ص 8.

[87] المطيري، نبيلة بنت سعود، الحياة العلمية في مكة المكرمة 1228، 1256هـ رسالة ماجستير، جامعة الملك سعود، ص 22.

[88] النهروالي، الإعلام، ص 292.

[89] الأردب : مكيال مصري للحنطة يسع أربعة وعشرين صاعاً أو ست ويبات كل ويبة ثمانية أقداح كبيرة أو ستة عشرة قدحاً كبيراً ويصعب تحديده بدقة، السنجاري، منائح الكرم، ج3، هامش ص 236.

[90] الطبري، إتحاف فضلاء الزمن، ج1، ص 365.

[91] المكي، خدمات العثمانيين، ص 33.

[92] البارة : تقدر بربع المليم وفي النظام الحميدي أصبحت البارة قطعة من العملة النحاسية وقيمتها من القرش العثماني التركي شاهينن عزة بنت عبد الرحيم، خدمات الحج في الحجاز خلال العصر العثماني، ص96.

[93] القطبي، عبد الكريم، إعلام العلماء الأعلام ببناء المسجد الحرام، دار الرفاعي للنشر – الرياض – ط1، 1983م، ص 147.

[94] النهروالي، الإعلام، ص 336.

[95] شاهين، عزة بنت عبد الرحيم، خدمات الحج في الحجاز خلال العصر العثماني، دار القاهرة للنشر، ط1، 2006م، ص 117.

[96] شاهين، خدمات الحج، ص 130.

[97] شاهين، خدمات الحج، ص 132.

[98] د/ بيومي، محمد علي، دور مصر في الحياة العلمية في الحجاز إبان العصر العثماني – دار القاهرة- مصر، ط1، 2006م،ص 136.

[99] النهروالي – الإعلام، ص 336.

[100] أنظر التفاصيل في الفصل الثالث.

[101] بيومي، دور مصر في الحياة العلمية، ص 205.

[102] بيومي، دور مصر في الحياة العلمية، ص 207.

[103] السنجاري، منائح الكرم، ج3، ص 497.

[104] هورخرونيه، سنوك، صفحات من تاريخ مكة المكرمة، تحقيق : د/ علي عودة الشيوخ، دارة الملك عبد العزيز، 1999م، ج1/ ص 212.

[105] المديرس، المدينة المنورة في العصر المملوكي، ص 188.

[106] ابن فهد، جار الله, نيل المنى بذيل بلوغ القرى لتكملة إتحاف الورى، تحقيق : محمد الحبيب الهيلة، مؤسسة الفرقان، ط1، 2000م، ج1، ص 41.

[107] جار الله ابن فهد، نيل المنى، ج1، ص 75.

[108] الطبري، إتحاف فضلاء الزمن، ج1، ص 420.

[109] الطبري، إتحاف فضلاء الزمن، ج1، ص 424.

[110] الجهني، سلطة أشراف مكة، ص 86.

[111] الطبري، إتحاف فضلاء الزمن، ج1، ص 488.

[112] جارشلي، إسماعيل حقي، أشراف مكة وأمرائها في العهد العثماني، ترجمة عن اللغة التركية : د/ خليل علي مراج، الدار العربية للموسوعات، ط1، 2003، ص 114.

[113] بيومي، دور مصر في الحياة العلمية، ص 225.

[114] د/ الدهاس، فواز بن علي، المدارس في مكة خلال العصرين الأيوبي والمملوكي، مجلة الجمعية التأريخية السعودية – العدد الثاني – السنة الأولى – يوليو 2000م ص 80.

[115] الجابري، الحياة العلمية في الحجاز، ص 297.

[116] بيومي، دور مصر في الحياة العلمية، ص 225-226.

[117] بيومي، دور مصر في الحياة العلمية، ص 226.

[118] ابن دهيش،عبد اللطيف، الكتاتيب في الحرمين وما حولهما – جامعة الملك سعود، ط2، الرياض 1991م ص 12.

[119] الجابري، الحياة العلمية في الحجاز، ص 314.

[120] بيومي، دور مصر في الحياة العلمية، ص 193.

[121] بيومي، دور مصر في الحياة العلمية، ص 193.

[122] القطبي، إعلام العلماء، ص 149.

[123] بيومي، دور مصر في الحياة العلمية، ص 195.

[124] بيومي، دور مصر في الحياة العلمية، ص 200.

[125] بيومي، دور مصر في الحياة العلمية، ص 202.

[126] بيومي، دور مصر في الحياة العلمية، ص 196 – 197.

[127] هو رخرونية، صفحات من تاريخ مكة المكرمة ج1، ص 91.

[128] حلبي، أوليا،الرحلة الحجازية، ترجمة:الصفصافي أحمد، دار الأوقاف العربية، بالقاهرة (د.ت) ص 265.

[129] الجابري، الحياة العلمية في الحجاز، ص 369.

[130] عبد الرحمن صالح، تاريخ التعليم في مكة، ص 75.

[131] النهروالي، الإعلام، ص 352.

[132] النهروالي، الإعلام، ص 352، العصامي، سمط النجوم، ج4، ص 100.

[133] النهروالي، الإعلام، ص 354.

[134] جار الله بن فهد، نيل المنى، ج1، ص 33- 41- 43.

[135] جار الله بن فهد، نيل المنى، ج1، ص 325.

[136] جار الله بن فهد، نيل المنى، ج1، ص 178.

[137] العصامي، سمط النجوم، ج4، ص 100.

[138] المحبي، خلاصة الأثر، ج3، ص 369.

[139] النهروالي، الأعلام، ص 351.

[140] النهروالي، الأعلام، ص 352- 354.

[141] بيومي، دور مصر في الحياة العلمية، ص 217، المديرس، المدينة المنورة في العصر المملوكي، ص 253.

[142] بيومي، دور مصر في الحياة العلمية ص 219.

[143] المديرس، المدينة المنورة في العصر المملوكي، ص 254.

[144] إن ما صرفه السلطان سليمان القانوني في عمارته للمسجد الحرام وإنشاء المدارس الواقعة في الجهة الشمالية والمنارة التي في وسطها، وبلاط عموم المسجد الحرام، وعمارة مقام سيدنا إبراهيم تبين لنا مدى الاهتمام البالغ لهذه المشاريع حيث صدر مرسوم سلطاني في القرن العاشر الهجري بإنفاق مائتي وعشر آلاف ذهب خالص من الأموال السلطانية الخاصة على هذه الإنشاءات بالإضافة إلى الرواتب، (خدمات الحج في الحجاز، ص 117، المكي، خدمات العثمانيين في الحرمين، ص 40.

[145] الجابري، الحياة العلمية في الحجاز، ص 330.

[146] بيومي، دور مصر في الحياة العلمية في الحجاز، ص 252.

[147] بيومي، دور مصر في الحياة العلمية، ص 254.

[148] الجابري، الحياة العلمية في الحجاز، ص 331.

[149] أمحزون، محمد المدينة المنورة في رحلة العياشي، رسالة ماجستير، جامعة الملك سعود، ص 209.

[150] أمحزون، المدينة المنورة في رحلة العياشي، ص 218.

[151] أمحزون، المدينة المنورة في رحلة العياشي، ص 35، المديرس، المدينة المنورة في العصر المملوكي، ص 247.

[152] بدر، عبد الباسط، الحياة الثقافية في المدينة المنورة، ص 77.

[153] بدر، عبد الباسط، الحياة الثقافية المدينة المنورة، ص 78.

[154] السخاوي، التحفة اللطيفة، ج1، ص 233.

[155] العيدروس، النور السافر، ص 122.

[156] العيدروس، النور السافر، ص 199.

[157] العيدروس، النور السافر، ص 287.

[158] العيدروس، النور السافر، ص 125، الغزي، الكواكب السائرة، ج1، ص 217.

[159] الطبري، إتحاف فضلاء الزمن، ج1، ص 418.

[160] الغزي، الكواكب السائرة، ج2، ص 92.

[161] الغزي، الكواكب السائرة، ج3، ص 111.





 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • التغير في المفاهيم التربوية: التعليم مدى الحياة أم التعليم من أجل المساهمة في وظيفية الحياة؟!(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • عقبات الحياة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أبناء عبدالله بن عمر العدوي حياتهم وأثرهم في الحياة الاجتماعية والعلمية في المدينة المنورة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • خطبة: الحياة في سبيل الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حياة محمد صلى الله عليه وسلم وصناعة الحياة (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • وحين تكون الحياة حياة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مخطوطة الفرق بين الحياة المستمرة والحياة المستقرة(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • رقي الحياة في حياة الرقي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • فقدت طعم الحياة وملأ اليأس حياتي(استشارة - الاستشارات)
  • هل الحياة في الجنة كالحياة العصرية؟!(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب