معاني صيغ القرآن الصرفية وتوظيفها في تفسير ابن عاشور إلى نهاية سورة ( آل عمران )

ملخص الرسالة

معاني صيغ القرآن الصرفية وتوظيفها

في تفسير ابن عاشور إلى نهاية سورة (آل عمران)

المقدمة:

أ) تحديد الموضوع، وبيان أهميته وأسباب اختياره.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فكتاب الله تعالى موضع اهتمام العلماء في الدراسة والتحليل رغبة في كشف خباياه والتعرف على إعجازه وذلك لا يتسنّى إلا بعد معرفة دلالات الآيات ومضمونها حق المعرفة، لذلك نجد المفسرين يجتهدون في فهم تلك الدلالات لأنها تربط القرآن الكريم بالعلوم المختلفة من نحو وصرف ولغة وبلاغة وقراءات وغيرها، وهذا الجانب قد نادى الكثير من الباحثين بالاهتمام به (الجانب الدلالي).

وعلى قائمة تلك التفاسير يبرز لنا كتاب التحرير والتنوير للإمام العلاّمة محمد الطاهر ابن عاشور، فنجده يقول: " فجعلت حقًا عليّ أن أبْدي في تفسير القرآن نكتًا لم أر من سبقني إليها، وأن أقف مَوْقف الحكم بين طوائف المفسرين تارة لها وآونة عليها، فإن الاقتصار على الحديث المُعاد، تعطيل لفيض القرآن الذي ماله من نفاد..... فالحمد لله الذي صدق الأمل، ويسّر إلى هذا الخير ودلّ.

والتفاسير وإن كانت كثيرة فإنك لاتجد الكثير منها إلا عالة على كلام سابق بحيث لاحظّ لمؤلفه إلا الجمع على تفاوت بين اختصار وتطويل... وقد ميزت ما يفتح الله لي من فهم في معاني كتابه وما أجلبه من المسائل العلمية، مما لا يذكره المفسرون، وإنما حسبي في ذلك عدم عثوري عليه فيما بين يديّ من التفاسير في تلك الآية خاصة، ولست أدّعي انفرادي به في نفس الأمر، فكم من كلام تنشئه تجدك قد سبقك إليه متكلم ".[1]

ومن هنا وجدت ما دفعني للبحث في هذا عدة أمور:

1- أهمية هذا الكتاب مما دفعني للبحث فيه ومحاولة التعرف على مضمونه ومنهجه ومميزاته عن كتب التفاسير الأخرى، فهو لايشكل موضوعًا للمسائل الصرفية البحتة بقدر ما يشكل موضوعًا لمعاني الصيغ الصرفية وتوظيفها الدلالي في القرآن الكريم.

2- كونه على علاقة بكتاب الله تعالى وبيان معانيه، وذلك بالاقتصار في دراستي على معاني الصيغ الصرفية وتوظيفها في توضيح دلالته، وقد يظهر لنا بعض الخلافات بين العلماء حول تلك الدلالات.

3- لم أجد من تناول كتاب التحرير والتنوير بالدراسة من حيث النواحي الصرفية معانيها وأثرها في الدلالة.

ب) أهداف الموضوع:

1- معرفة منهج ابن عاشور في توظيف معاني الصيغ الصرفية لتوضيح معاني القرآن في سورة الفاتحة والبقرة وآل عمران، حيث اعتمد على ربط الدلالة الصرفية بالدلالة المعجمية، واهتم بالسياق في إطار تحليل معاني الصيغ، وكذلك اعتمد الاشتقاق والتأصيل والمنهج المقارن بين العربية وأخواتها.

2- التطرق لمفهوم الدلالة الصرفية وأثرها في فهم النص القرآني.

ج) الدراسات السابقة:

ومن الدراسات السابقة المقاربة لموضوعي وهي:

1- أثر الدلالات اللغوية في التفسير عند الطاهر بن عاشور.د. مشرف الزهراني.

2- الوصف المشتق في القرآن الكريم. د. عبد الله الدايل.

3- الفعل تعديته ولزومه في القرآن الكريم. د. إبراهيم الشمسان.

4- الخلاف التصريفي وأثره الدلالي في القرآن الكريم لفريد السليم.

5- أبنية الفعل دلالاتها وعلاقاتها. د. إبراهيم الشمسان.

6- زوائد الصيغ في اللغة العربية. د. زين الخويسكي.

7- معاني الأبنية في العربية. د. فاضل السامرائي.

وهذه الكتب كلها تتعلق بالدلالة لكن تختلف عن البحث في كتاب ابن عاشور فهو يعتمد على توظيفه للصيغ الصرفية في توضيح معاني القرآن.

د) منهج البحث:

سوف اعتمد على مجموعة كبيرة من المصادر القديمة قبل الحديثة والمتنوعة والتي تدور حول كتب التفسير ومعاني القرآن والقراءات وكتب النحو والصرف.

وهذا البحث سأجعله دراسة تعتمد على تمهيد وخمسة فصول تتفرع منها المباحث ثم الخاتمة.

فأما التمهيد فسوف أتناول فيه أولًا أهمية كتاب التحرير والتنوير مع إيراد نبذة عنه وعن كاتبه، ثم سأتطرق إلى الدلالة التصريفية وكيف اعتمد عليها المفسرون في تفسير كتاب العزيز القدير وأثر السياق في تحديدها.

ثم تندرج بعد ذلك الأبواب والفصول كما هو موضح في قائمة المحتويات: معاني صيغ الأفعال ثم الأسماء ثم الصفات، ثم منهج ابن عاشور في توظيفه لمعاني الصيغ الصرفية، ثم فصل التقويم، ثم سوف أختم بحثي بخاتمة تتضمن أهم النتائج والتوصيات.

وهذه المادة تعتمد على استقصاء معاني الصيغ الصرفية عند ابن عاشور وكيف وظفها لتوضيح الدلالة في تفسير الفاتحة والبقرة وآل عمران من كتابه، فالدراسة تعتمد على الجمع والتحليل لذلك وجدت مسائل الأبواب متفاوتة بين القلة والكثرة.

ويمكن تلخيص طريقة البحث كالتالي:

1- سأذكر الآية الكريمة أول المسألة، مع ذكر اسم السورة ورقمها في الهامش، ثم أذكر القراءات المتوفرة فيها مع الخلافات الواردة إن وجدت، عارضة أقوال العلماء ومناقشة لها مع التركيز على معاني الصيغ الصرفية وأثرها في الدلالة مع الترجيح قدر المستطاع.

2- أنسب الأقوال لأصحابها من كتبهم أو من غيرها.

3- سيتم تخريج الأحاديث والأبيات الشعرية.

4- عند ذكر المصدر أول مرة في الحاشية سوف التزم بذكر معلوماته كاملة، ثم أذكر رقم الجزء والصفحة.

5- ترجمة الأعلام الوارد ذكرهم في متن البحث، ذاكرة تاريخ وفاتهم، مع ذكر مصادر الترجمة وذلك في أول مرة يرد اسم العلم.

6- سأضع فهارس تفصيلية للآيات الكريمة والأحاديث النبوية والشعر، ثم سأضع قائمة للمصادر ثم فهرس موضوعات الرسالة.

وإني أسأل الله العظيم أن يجعل عملي هذا نافعًا للمسلمين وأن يكتب أجره لكل من قرأه أو أشرف عليه أو ساعد في إتمامه، مقدمة جزيل الشكر لفضيلة الدكتورعبدالجبار توامي والدكتوركمال قادري اللذين لم يترددا لحظة في السماح لي بالنهل من بحر علمهما، زادهما الله من عنده.

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الخاتمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلوات والتسليم على نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أما بعد:

لقد دار بحثي حول موضوع أغفله القدماء والكثير من المحدثين وهو معاني الصيغ الصرفية وأثرها في فهم النص القرآني، الذي أدركه معظم المفسرين. وإليكم أهم النتائج والتوصيات:

1) في سبيل معرفة معنى الصيغة يستعين العلماء بعناصر مختلفة كعناصر السياق، أو مبدأ الاشتقاق والتأصيل، أو المقارنة بين اللغات السامية، أو الاستشهاد بالشواهد العربية، أو الاحتجاج بآراء اللغويين أو المفسرين فيها. وهذا من دقائق استعمال لغتنا العربية.

2) وقد اعتمد على ذلك شيخ الجامع الأعظم ابن عاشور في تفسيره لكلام رب العالمين حرصًا منه على الدقة والاهتداء للمعاني الكريمة المرادة. والمطلع على هذا التفسير يفخر بمفسره والجهد الذي بذله فيه، فقد كان حريصًا على توظيف الصيغ الصرفية في إثراء المعاني وتكثيرها من خلال تعدد المعاني، وكذلك تلمس قوته في التطرق لآراء عظماء العلماء من المفسرين واللغويين موافقًا تارة ومعارضًا أخرى، داعمًا أقواله بالحجج والبراهين.

3) أن الكلمة لها دلالة معجمية، وعند دخول الصيغة الصرفية عليها يحدث تغيير في المعنى أو قد تتعدد احتمالاته.

4) أحث على إثراء الدراسات المرتبطة بمعاني الصيغ الصرفية، وجمعها في كتاب مستقل يسردها بطريقة شاملة ومنسقة بالتفصيل والتوضيح بالأمثلة، لأن ما وجدته من مؤلفات الباحثين في هذا الموضوع مقتصرة على بعض النواحي، فمثلًا: نرى كتاب في معاني أبنية الأفعال، وحتى كتاب معاني الأبنية للسامرائي لم يكن مستوفيًا لكل الصيغ ولا لكل المعاني في كل صيغة.

وإني أسأل المولى عز وجل أن أكون قد وفقت في عملي هذا، وأن يكون نافعًا على الرغم من مواجهتي لبعض الصعوبات ومنها:

1- عدم توفر المكتبات في مدينتي.

2- وكذلك عدم توفر بعض الكتب التي أشار إليها ابن عاشور مما يوجد في بلده: تونس.

وفي الختام أقدم خالص التقدير والعرفان للدكتور عبد الجبار توامي والدكتور كمال قادري والدكتور عبد الله الخثران فقد كانوا قدوة لتلاميذهم في الجمع بين العلم وحسن الأخلاق جعله الله في موازين حسناتهم.

هذا وصلى اللهم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

فهرس المحتويات