مخالفات ابن حزم للمذاهب الأربعة في وسائل الإثبات

ملخص الرسالة

مخالفات ابن حزم للمذاهب الأربعة في وسائل الإثبات

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحابته أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فهذه دراسة عنوانها: مخالفات ابن حزم الظاهري للمذاهب الأربعة في وسائل الإثبات.

بحثت عنها فوجدت أنها محصورة في تسع مسائل، أسأل الله تبارك وتعالى أن تخلُص فيها النية لله وحده، وأن يتقبلها بقبول حسن، وأن ينفع بها المسلمين.

أهمية الدراسة:

تنبع أهمية هذه الدراسة، من عدة نقاط:

أولها: أهمية وسائل الإثبات، إذ بها تثبت الحقوق، وتحَفظَ لأهلها، وحفظ الحقوق لأهلها من القسط الذي جاءت الشريعة ليقوم الناس به، قال الله تعالى: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحديد: 25].

ثانيها: إظهار عبقرية ابن حزم الظاهري، إذ لا يستطيع أحد مخالفة واقع فقهي سائد - وهو المذاهب الأربعة - إلا أن يكون عبقريًا، من أصحاب الرأي، والفكر.

ثالثها: أن المذاهب الأربعة تكاد تكون قُتَِلت دراسة، وبحثا، وتمحيصا، بخلاف مذهب ابن حزم، فإنه غالبا ما يذكر نقلًا، دون دراسة وتمحيص، فضلًا عن أن كثيرًا من العلماء لا يعبأون بخلاف ابن حزم.

رابعها: تقييم مخالفات ابن حزم الظاهري، وهل تقوى على مناهضة المذاهب الأربعة.

خامسها: التعرف على فوائد أصولية، منها أسباب خلاف ابن حزم الظاهري للمذاهب الأربعة، في المسائل الخلافية.

هذا والله تعالى ولي التوفيق.

أهداف الدراسة:

• جمع شتات مخالفات ابن حزم الظاهري للمذاهب الأربعة في طرق ووسائل الإثبات.

• وإخراجها في مصنف واحد، مع بيان منشأ الاختلاف وتحرير محل التراع.

• مقارنة آراء ابن حزم الظاهري لمخالفيه من المذاهب الأربعة وبيان الراجح منها بالدليل.

• بيان مدى إمكانية الاستفادة من فقه ابن حزم في مجال القضاء في أيامنا المعاصرة.

• مناقشة دعوى: عدم جواز تقليد ابن حزم الظاهري.

• تأصيل المسائل التي انفرد بها ابن حزم الظاهري وعزوها إلى مظانها الأصلية.

أسباب اختيار الموضوع:

1. حاجة القضاء الإسلامي إلى التوسعة الفقهية في أيامنا المعاصرة، في ظل الحياة المتسارعة والمتجددة يوما بعد يوم.

2. اتصال الموضوع بالواقع: من خلال ملامسة المسائل المطروحة لحياة الناس، وبخاصة أن وسائل الإثبات تمس جميع الحقوق التي تعني الناس، سواء أكانت حقوقا مالية، أم عينية، أم بدنية.

3. كثرة المناقشات والاستفسارات حول مخالفات ابن حزم الظاهري، واختلاف العلماء في جواز تقليده.

4. أهمية الموضوع وأثره في بناء الشخصية الفقهية، إذ أنه يبني عقلية مفتوحة، لا تنظر إلى صاحب الدليل، وإنما تنظر إلى قوة الدليل.

5. عدم وجود مصنف أو مؤلَّف أُفرِد لمخالفات ابن حزم للمذاهب الأربعة في باب القضاء، بينما وجدت بعض الدراسات في أبواب أخرى من الفقه، والعقيدة.

دراسات سابقة:

لم أجد في حدود إطلاعي مؤلَّفا، أو مصنفات، أو رسالة علمية تختص بمناقشة مخالفات ابن حزم للمذاهب الأربعة في وسائل الإثبات، وتحريرها تحريرًا علميًا وافيًا في مجال هذه الدراسة، وإنما غاية.

ما وجدت أن من تناول مخالفات ابن حزم تناولها عرضًا، في ثنايا مؤلفات لم تعقد أصالة لهذا الموضوع الذي سأكتب فيه. وهناك دراسات تتعلق بمخالفات ابن حزم للمذاهب الأربعة في أبواب أخرى من الفقه، والعقيدة، والأصول، منها:

1. مخالفات الإمام ابن حزم الظاهري للائمة الأربعة في فقه الأحوال الشخصية والمعاملات اسم الطالب: خالد علي سليمان بني احمد اسم المشرف: الأستاذ الدكتور ياسين أحمد إبراهيم درادكة، وهي رسالة دكتوراة في الجامعة الأردنية.

2. مخالفات الإمام ابن حزم الظاهري للائمة الأربعة في فقه العبادات.

اسم الطالب: زكريا عوض محمود بني ياسين اسم المشرف: الأستاذ الدكتور ياسين أحمد إبراهيم درادكة، وهي رسالة دكتوراة في الجامعة الأردنية.

3. بحث منشور في الشبكة الإلكترونية بعنوان: من مخالفات ابن حزم لمذهب أهل السنة، عبدالرحمن بن صالح السديس: وهذا البحث يتناول بعض مخالفات ابن حزم للمذاهب الأربعة في العقيدة.

4. ابن حزم والمسائل التي خالف فيها الجمهور في العقائد والأصول والعبادات) لمحمد صالح موسى حسين من منشورات جامعة (سبها) بليبيا سنة 1995 م.

منهجي في البحث:

سوف أسير في بحثي هذا وفق المنهج الوصفي، مستفيدًا من المنهجين الاستنباطي والاستقرائي، مراعيًا ما يلي:

1. خرجت أقوال كل مذهب من الكتب المعتبرة والمعتمدة في المذهب، واجتهدت في الرجوع إلى أكثر من مصدر، في المذهب الواحد، زيادة في التوثيق.

http://saaid.net/book/open.php?cat=88&book=2185

2. عرضت أدلة كل فريق في كل مسألة من المسائل المطروحة، مع مناقشة كل دليل، مع بيان

اعتراضات المخالفين، والإجابة على هذه الاعتراضات ما أمكن.

3. اعتمدت في الترجيح قوة الدليل، لا كثرة المرجحين.

4. عزوت الآيات إلى مواضعها من السور.

5. عزوت الأحاديث النبوية إلى مظانها، مع الحكم عليها إن كانت في غير البخاري أو مسلم.

6. ترجمت للأعلام الذين وردت أسماؤهم في متن الدراسة، غير الصحابة والأئمة المشهورين.

7. ذكرت في العزو اسم الكتاب، والمؤلف، وسنة الوفاة، واسم المحقق إن كان للكتاب تحقيق، ودار النشر وسنته وطبعته إذا وجدت.

8. فهرست، للآيات، والأحاديث، والآثار، والمراجع والمواضيع.

9. ختمت الدراسة بخاتمة تضمنت نتائج الدراسة.

هذا وقد اشتملت الدراسة على مقدمة، وتمهيد، وفصلين، وخاتمة، وفهرس: على الترتيب التالي:

المقدمة: وتضمنت أهمية الموضوع، وأهداف الدراسة، وأسباب اختيار الموضوع، والدراسات السابقة، ومنهجي في الدراسة، وتقسيم الدراسة.

التمهيد: التعريف بابن حزم وبمذهبه، وفيه المباحث التالية:

المبحث الأول: اسمه، ونسبه.

المبحث الثاني: مولد ابن حزم، ووفاته.

المبحث الثالث: حياة ابن حزم، وعصره.

المبحث الرابع: مشايخ ابن حزم، وتلاميذه.

المبحث الخامس: رحلات ابن حزم العلمية.

المبحث السادس: منهج ابن حزم ومذهبه.

المبحث السابع: آثار ابن حزم العلمية.

الفصل الأول: التقليد ورأي ابن حزم فيه، ورأي العلماء في تقليد ابن حزم، وفيه المباحث التالية:

المبحث الأول: التقليد لغة واصطلاحًا.

المبحث الثاني: أقسام التقليد.

المبحث الثالث: مشروعية التقليد.

المبحث الرابع: دعوى عدم تقليد ابن حزم الظاهري.

المطلب الأول: القائلون بالمنع من تقليد ابن حزم ووجهة نظرهم.

المطلب الثاني: القائلون بتقليد ابن حزم ووجهة نظرهم.

المطلب الثالث: مناقشة وترجيح.

الفصل الثاني: المسائل التي خالف فيها ابن حزم الأئمة الأربعة في وسائل الإثبات، وفيه المباحث التالية:

المبحث الأول: الإشهاد بين الوجوب والاستحباب:

المطلب الأول: مذهب الجمهور في حكم الإشهاد.

المطلب الثاني: مذهب ابن حزم في حكم الإشهاد.

المطلب الثالث: سبب الخلاف.

المطلب الرابع: مناقشة وترجيح.

المبحث الثاني: شهادة الوالد لولده، والولد لوالده:

المطلب الأول: مذهب الجمهور في شهادة الوالد لولده، والولد لوالده.

المطلب الثاني: مذهب ابن حزم في شهادة الوالد لولده، والولد لوالده.

المطلب الثالث: سبب الخلاف.

المطلب الرابع: مناقشة وترجيح.

المبحث الثالث: الشهادة لمن بينهم عداوة وخصومة:

المطلب الأول: مذهب الجمهور في شهادة من بينهم عداوة، وخصومة.

المطلب الثاني: مذهب ابن حزم في شهادة من بينهم عداوة، وخصومة.

المطلب الثالث: سبب الخلاف.

المطلب الرابع: مناقشة وترجيح.

المبحث الرابع: الشهادة للغريم، أو للشريك المفلس، أو شهادة الوكيل فيما هو وكيل فيه:

المطلب الأول: مذهب الجمهور.

المطلب الثاني: مذهب ابن حزم.

المطلب الثالث: سبب الخلاف.

المطلب الرابع: مناقشة وترجيح.

المبحث الخامس: شهادة النساء في الحدود، والقصاص:

المطلب الأول: مذهب الجمهور، في شهادة النساء.

المطلب الثاني: مذهب ابن حزم، في شهادة النساء.

المطلب الثالث: سبب الخلاف.

المطلب الرابع: مناقشة وترجيح.

المبحث السادس: الحكم بالشاهد واليمين في الأموال:

المطلب الأول: مذهب الجمهور، في الحكم بالشاهد واليمين في الأموال.

المطلب الثاني: مذهب ابن حزم، في الحكم بالشاهد واليمين في الأموال.

المطلب الثالث: سبب الخلاف.

المطلب الرابع: مناقشة وترجيح.

المبحث السابع: الإقرار المركب، بين جواز التجزئة، على المقر، وعدمها:

المطلب الأول: مذهب الجمهور في تجزئة الإقرار المركب.

المطلب الثاني: مذهب ابن حزم في تجزئة الإقرار المركب.

المطلب الثالث: سبب الخلاف.

المطلب الرابع: مناقشة وترجيح.

المبحث الثامن: تغليظ اليمين بين الجواز وعدمه.

المطلب الأول: مذهب الجمهور في تغليظ اليمين.

المطلب الثاني: مذهب ابن حزم في تغليظ اليمين.

المطلب الثالث: سبب الخلاف.

المطلب الرابع: مناقشة وترجيح.

المبحث التاسع: سماع الدعوى بعد اليمين، بين الجواز وعدمه:

المطلب الأول: مذهب الحنفية، والشافعية، والحنابلة في سماع الدعوى بعد اليمين.

المطلب الثاني: مذهب المالكية في سماع الدعوى بعد اليمين.

المطلب الثالث: مذهب ابن حزم في سماع الدعوى بعد اليمين.

المطلب الرابع: سبب الخلاف.

المطلب الخامس: مناقشة وترجيح.

الخاتمة: وتتضمن أهم النتائج.

الفهارس:

فهرس الآيات.

فهرس الأحاديث.

فهرس الأخبار والآثار.

فهرس الأعلام.

فهرس الكتب.

فهرس الموضوعات.

الخاتمة والنتائج:

بعد هذه الدراسة في باب واحد من أبواب الفقه، وهو وسائل الإثبات، ومخالفة ابن حزم للمذاهب الأربعة فيها، وصلت إلى النتائج الآتية:

1. يعتبر ابن حزم من كبار علماء الأمة الإسلامية، ومن الأئمة المجتهدين، ولقد أثنى عليه الكثير من العلماء المعتبرين.

2. ليس من الضرورة أن يكون الخلاف في ابن حزم خلافا فقهيا بحتا، وإنما قد تدخل فيه عوامل أخرى، مثل العوامل السياسية، وغيرها من العوامل الأخرى، فقد كان ولاؤه لبني أمية وتعصبه لهم سببا في تألب الحكام المناوئين لبني أمية عليه، ووصل الأمر إلى مناصرة العلماء المخالفين له، حتى أحرقت كتبه على يد المعتضد.

3. التقليد المنهي عنه هو تقليد الآباء في الكفر والضلال، والتقليد في الأصول.

4. ترجح لدي أن حكم التقليد في الفروع الفقهية، وهو: قبول رأي من لا تقوم به حجة من غير دليل الجواز.

5. هناك معنيان للتلفيق، التلفيق العام والتلفيق الخاص، فأما العام: العمل في كل حادثة بمذهب، وذلك بأن يعمل مثلًا في بعض أعمال الطهارة والصلاة أو أحداهما بمذهب إمام وفي بعض العبادات بمذهب إمام آخر، وأما المعنى الخاص فهو: أن ي أتي المقل دفي مسألة واحدة ذات فرعين مترابطين فأكثر بكيفية لا يقول بها مجتهد ممن قلدهم في تلك المسألة، فأما حكم التلفيق العام فهو الجواز، وأما حكم التلفيق الخاص فهو الجواز بشرط عدم الترخص وعدم الخروج بصورة تخالف الإجماع.

6. يجوز تقليد القول الثابت عن قائلة من غير الأئمة الأربعة، لضرورة أو لمصلحة.

7. لا يجوز تقليد ابن حزم بمعنى الالتزام بكل فروع مذهبه، لأن به يفضي إلى العمل بمسائل مخالفة للإجماع، مثل البول في الماء الراكد، والأصناف الداخلة في أنواع الربا، وغيرها.

8. يعتد بخلاف الظاهرية في المسائل التي لم يبنوها على مذهبهم القائل بنفي القياس، أو في المسائل التي تمسكوا فيها بالعموم وخالفوا الإجماع.

9. ذهب الجمهور إلى أن الإشهاد مندوب في البيوع، وخالف ابن حزم وذهب إلى الوجوب، وترجح لدي رأي الأئمة الأربعة في مسألة الإشهاد وأنها مندوبة غير واجبة، ولكن لا بأس إذا رأى الإمام وجوبها في العقود الكبرى والخطيرة.

10. ذهب الجمهور إلى عدم جواز شهادة الوالد لولده والولد لوالده، وخالف ابن حزم وذهب إلى الجواز، وترجح لي جواز شهادة الوالد لولده، وشهادة الولد لوالده، في غير التهمة.

11. ذهب الجمهور إلى عدم جواز شهادة العدو على عدوه، وخالف ابن حزم فذهب إلى الجواز، وترجح لدي رأي الأئمة الأربعة في منع شهادة العدو على عدوه.

12. ذهب الجمهور إلى عدم جواز شهادة الشريك لشريكه، والكفيل لكفيله، والوكيل لوكيله، وخالف ابن حزم فذهب إلى الجواز، وترجح لدي ما ذهب إليه الأئمة الأربعة في منع شهادة الشريك لشريكه، والكفيل للمكفول عنه، والوصي لليتيم.

13. ذهب الجمهور إلى عدم جواز شهادة النساء في الحدود، وخالف ابن حزم فذهب إلى الجواز، وترجح لدي عدم جواز شهادة النساء لإقامة الحد، ولكن يستند عليها في التعازير.

14. ذهب الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد إلى تخصيص الحكم بالشاهد واليمين في المال أو ما يؤول على مال، بينما ذهب ابن حزم إلى جوازها في المال وغيره، وترجح لدي رأي الأئمة الثلاثة.

15. ذهب الأئمة الأربعة إلى جواز التفريق بين مركبي الإقرار المركب، وهو: الإقرار بالواقعة الأصلية ثم اقترانها بواقعة أخرى منفصلة عنها، وخالف ابن حزم فذهب إلى عدم جواز التفريق بينهما، وترجح لدي ما ذهب إليه الأئمة الأربعة في التفريق بين جزئي الإقرار المركب.

16. ذهب الأئمة الأربعة إلى جواز تغليظ اليمين، وخالف ابن حزم فذهب إلى عدم الجواز، وترجح لدي رأي الأئمة الأربعة في جواز تغليظ اليمين.

فهرس الموضوعات