قضاء التنفيذ (دراسة مقارنة)

ملخص الرسالة

قضاء التنفيذ

(دراسة مقارنة)

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والشكر له على ما أنعَم وأَوْلى، فإنه أجدرُ بالشكر وأَوْلى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، أوضَح سبيلَ الهدى، وأزال ظلامَ الشكِّ والضلال؛ فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه البررة، وبعد:

فإن الاشتغال بالعلم من أفضل الطاعات، وخير ما صُرفت إليه العناية، وأَوْلى ما أُنفِقَت فيه نفائسُ الأوقات؛ فإنه طريق معرفة الخالق؛ حيث قال عز وجل: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [آل عمران: 18]، وهو أول أسباب الرِّفعة في الدنيا والآخرة لمن أخلص وابتغى فيه وجهَ الله، فقال عز من قائل: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [المجادلة: 11]، ثم إن علمَ الفقه والأحكام لَمِن أشرف العلوم التي رسخَت بها دعائم الإسلام، وعَلَت بها شريعة محمد صلى الله عليه وسلم على سائر الشرائع؛ فإن الله سبحانه خلَق الإنسان في هذه الدنيا الفانية، وأمَره أن يستقيم فيها، وأن يتزوَّد بما يُسعِدُه في الدار الباقية.

واقتضت رحمة الله وفضلُه ألا يتركَه لغرائزه وشهواته، فأنزل له الأحكامَ، وبيَّن له الحلال والحرام، وأمره بتعلُّم ذلك والعمل به، فالعلمُ بالأحكام مِصباحٌ يستضيء به المؤمن في عَتَمة الطريق، فيُميِّز به ما يُرضي الله فيَسلكُه، مما يُغضبه فيتجنبه، إلى أن يصل إلى دار السلام بسلام، وأمر سبحانه بأن يقومَ في الناس إمامٌ يُلزِمُهم بأحكامه، وأوجب عليهم طاعته بالحق، وأوجَب عليه الفصل في خصوماتهم بالعدل، وإجراء الشرع عليهم، وإلزامهم به، سواء بنفسه إن استطاع، أو بمن يوليهم من النواب والقضاة، وأمرهم بالعدل في الحكم؛ فإنه هو الهدف من تنصيبهم[1].

ولا يتحقَّق هذا الهدف إلا بإصدار الأحكام العادلة، ومع ذلك فليس إصدارُ الأحكام نهايةَ المطاف بالنسبة للدعوى، وليس هو الثمرةَ المرجوَّة، والأمل الذي يسعى إليه صاحبُ الحق، وإنما تتحقَّق هذه الثمرة بإيصال الحق لصاحبه، ولا يكون هذا إلا بتنفيذ هذه الأحكام، فتنفيذ الحكم هو الثمرة المرجوَّة من القضاء.

أهمية الموضوع:

١- الهدف الأسْمَى والحقيقي الذي نُصِّب القضاة من أجله هو إيصال الحقوق إلى أهلها؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ﴾ [النساء: 58]، ووسيلة ذلك هي تنفيذُ الحكم القضائي الصحيح الذي استكمل كافة شروطه وأركانه.

٢- أن المقصود من إقامة المحاكم أن يَصِل كلُّ ذي حقٍّ إلى حقِّه، وأن يُرفع الظلم عن المظلومين، وأن تُصان الأنظمة والأحكام والحرمات، والأعراض والمقدسات، وأن يَلتزم كلُّ مسلم بما له وما عليه، وأن تُحفظ الأموال والأعراض والدماء، وأن يتمَّ تطبيق أحكام الشرع الحنيف على الصغير والكبير، والذكر والأنثى، والحاكم والمحكوم، وهذا كلُّه لا يتحقق إلا باحترام الأحكام القضائية وتنفيذها تنفيذًا تامًّا دون استثناء، وإلا أصابَنا الهلاكُ الذي حذَّر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال: ((إنما أهلَك مَن كان قبلَكم أنهم كانوا إذا سرَقَ فيهم الشريفُ تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيفُ أقاموا عليه الحد[2]))[3].

٣- أن الدعوى وما ينشأ عنها من مخاصمة ومرافعة لا تنتهي بإصدار الحكم فقط، بل لا بد - حتى تكتَمِلَ الحلقة، ويؤتيَ الحكمُ ثمارَه - من تطبيق هذا الحكم عمليًّا، ولا يكون ذلك إلا بتنفيذه؛ لما ينشأ من خلاف بين المتنازعين في التنفيذ، ولما قد يَعترضُ التنفيذَ من صعوبات جديدة ومشاكلَ طارئة، وهذا ما يؤكد أهمية التنفيذ وخطرَه في نطاق العمل القضائي[4].

أسباب اختيار الموضوع:

١- قلةُ الدراسات والبحوث المتعلِّقة بتنفيذ الأحكام في المملكة العربية السعودية.

٢- بيان موقف الشريعة الإسلامية من تنفيذ الأحكام القضائية.

٣- أن لهذا الموضوع أهميةً بالغة تَنبُعُ من أن غايةَ الحكم القضائيِّ وهدفَه هو: تنفيذ الأحكام الصادرة من القضاة؛ لإيصال الحقوق إلى أصحابها.

٤- السَّعْي إلى تقليل الصعوبات في تنفيذ الأحكام وتقصير أمدِ التنفيذ.

٥- أن ثقةَ المتقاضين في القضاء مرهونة بتنفيذ الأحكام.

الدراسات السابقة:

لم أجد في هذا الموضوع - حسب اطلاعي - مَن تناوله بدراسة مستقلَّة مُفصَّلة، مقارنةً بالفقه الإسلامي والنظام السعودي، إلا أني وجدتُ رسالةَ دكتوراه من كلية الدراسات العليا في الجامعة الأردنِّية بعنوان: (نظرية تنفيذ الأحكام القضائية المدنية في الفقه الإسلامي)؛ للباحث أحمد علي يوسف جرادات، وقد تناول بعض الموضوعات التي تناولتها؛ وهي: معني التنفيذ، مشروعية التنفيذ، أطراف التنفيذ، أنواع التنفيذ.

إلا أنني تطرَّقْتُ إلى مواضيع لم يتطرَّق إليها الباحث؛ منها: اختصاصات قاضي التنفيذ، والأموال التي يجوز التنفيذ عليها والتي لا يجوز التنفيذ عليها، ومعاونو قاضي التنفيذ، وأوقات التنفيذ... كما توسَّعت في بعض موضوعات الدراسة؛ إذ تكلَّم الباحث عن سندات التنفيذ في مطلب، وتكلمت عنها في فصل، ثم إن الباحث تكلَّم عن التنفيذ في الفقه الإسلامي مقارنًا له بالنظام المدني الأردني، وقد تكلَّمت عن التنفيذ في الفقه الإسلامي مقارنًا له بالنظام السعودي.

• منهج البحث:

ويتضمَّن ثلاثة أمور:

١- منهج الكتابة في الموضوع ذاته، ويكون على ضوء النقاط الآتية:

• الاستقراءُ التامُّ لمصادر المسألة ومَراجعها المتقدمة والمتأخرة.

• الاعتماد عند الكتابة على المصادر الأصلية في كل مسألة بحسبها.

• التمهيد للمسألة بما يوضحها إن احتاج المقام إلى ذلك.

• أتَّبِعُ في دراسة التعريفات المنهج الآتي:

أ- التعريف اللُّغوي.

ب- التعريف الاصطلاحي: ويتضمَّن ذكرَ تعريفات العلماء في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي.

• أتَّبِع في بحث المسائل الخلافية المنهج الآتي:

أ- تحرير محل الخلاف فيها.

ب- ذكر الأقوال في المسألة، ويكون عرضُ الخلاف على ضوء الأقوال، ويُذكر كلُّ من قال بكل قول، مع ذكر الأدلة.

ج- ترجيح ما يظهر رجحانه، ويكون ذلك مبنيًّا على سلامة أدلة القول أو بعضها، وبطلان أدلة الأقوال الأخرى، أو ضعفها.

• يكون مقدارُ بحث أيِّ مسألة حسب ما يناسب أهميتها في الموضوع.

• تكون كتابةُ معلومات البحث بأسلوبي؛ بمعنى: أن آخُذَ من المصادر بالمعنى لا بالنصِّ، ما لم يكن الأمر يتطلَّب ذكر الكلام بنصِّه، فأذكره على ما هو عليه.

• الاعترافُ بالسَّبْق لأهله في تقرير فكرة، أو نصب دليل، أو مناقشته، أو ضرب مثال، أو ترجيح رأي؛ وذلك بذكره في صلب البحث، أو الإحالة على مصدره في الحاشية.

٢- منهج التعليق والتوثيق، ويكون على ضوء النقاط الآتية:

• بيان أرقام الآيات وعزوُها لسورها، فإن كانت آية كاملة أقول: سورة (....) آية رقم (....)، وإن كانت جزءًا من آية أقول: سورة (....) من الآية رقم (....).

يُتَّبع في تخريج الحديث والآثار المنهج الآتي:

أ- بيان مَن أخرج الحديثَ أو الأثرَ بلفظه الوارد في الحديث.

ب- أُحيل على مصدر الحديث أو الأثر بذكر الكتاب والباب، ثم أذكر الجزءَ والصفحة، ورقم الحديث أو الأثر إن كان مذكورًا في المصدر.

ج- إن كان الحديثُ في الصحيحين أو أحدهما فأكتفي بتخريجه منهما للحكم بصحته.

د- إن لم يكن في أي منهما خرَّجْتُه من المصادر الأخرى المعتمدة.

• أتَّبع في عزو الأشعار إلى مصادرها المنهج الآتي:

أ- إن كان لصاحب الشعر ديوانٌ، أُوثِّق شعرَه من ديوانه.

ب- إن لم يكن له ديوانٌ، أوثِّق الشعر مما تيسَّر من دواوين الأدب واللغة.

• أعزو نصوص العلماء وآراءهم لكتبهم مباشرة، ولا ألجَأُ إلى العَزْو بالواسطة إلا عند تعذر الأصل.

• توثيق المعاني اللُّغوية من معاجم اللغة المعتمدة.

• تكون الإحالةُ إلى المصدر في حالة النقل منه بالنص؛ بذكر اسمه والجزء والصفحة، وفي حالة النقل بالمعنى؛ بذكر ذلك مسبوقًا بكلمة (انظر....).

• المعلومات المتعلِّقة بالمراجع أكتفي بذكرها في قائمة المصادر والمراجع.

٣- ما يتعلق بالناحية الشكليَّة والتنظيمية ولغة الكتابة، أراعي فيه الأمور الآتية:

• العناية بضبط الألفاظ؛ خاصة التي يترتَّب على عدم ضبطها شيءٌ من الغموض، أو إحداثُ لبس، أو احتمال بعيد.

• الاعتناء بصحة المكتوب وسلامته من الناحية اللُّغويَّة والإملائية والنَّحْوية، ومراعاة حسن تناسق الكلام، والرقي بأسلوبه.

• العناية بعلامات الترقيم، ووضعها في مواضعها الصحيحة فقط، ويُقصَد بها النقط، والفواصل، وعلامات التعليل، والتعجُّب، والاستفهام، والاعتراض، والتنصيص.... إلخ.

• أتَّبع في إثبات النصوص المنهجَ الآتي:

أ- تُوضَع الآيات القرآنية بين قوسين مميزين، على هذا الشكل: {..........}.

ب- توضع الأحاديث والآثار بين قوسين مميزين، على هذا الشكل: (.......).

ج- توضع النصوص التي نقلها الباحث عن غيره، على هذا الشكل: ".........".

تقسيمات البحث:

تتكوَّن تقسيمات البحث من: مقدمة، وتمهيد، وأربعة فصول، وخاتمة، يليها فهارس البحث.

• المقدمة: وتشمل: أهميةَ الموضوع، وأسباب اختيار الموضوع، والدراسات السابقة، وتقسيمات البحث، ومنهج البحث.

• التمهيد: وفيه مبحث:

المبحث الأول: مفهوم التنفيذ ومشروعيته، وفيه مطلبان:

المطلب الأول: مفهوم التنفيذ.

المطلب الثاني: مشروعية التنفيذ.

• الفصل الأول: أنواع التنفيذ وأوقاته، وفيه مبحثان:

المبحث الأول: أنواع التنفيذ، وينقسم إلى مطلبين:

المطلب الأول: التنفيذ الإجباري.

المطلب الثاني: التنفيذ الاختياري.

المبحث الثاني: أوقات التنفيذ.

• الفصل الثاني: معاونو التنفيذ وأطرافه، وفيه ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: معاونو التنفيذ.

المبحث الثاني: أطراف التنفيذ.

المبحث الثالث: موقفُ الفقه من معاوني التنفيذ وأطرافه.

• الفصل الثالث: اختصاصات قاضي التنفيذ، ويشمل ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: الاختصاص النوعي لقاضي التنفيذ، وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: المنع من السفر.

المطلب الثاني: الأمر بالحبس.

المطلب الثالث: النظر في دعوى الإعسار.

المبحث الثاني: الاختصاص المكاني لقاضي التنفيذ.

المبحث الثالث: موقفُ الفقه من اختصاصات قاضي التنفيذ.

• الفصل الرابع: السند التنفيذي، وفيه مدخل، ويشمل ثلاثة أمور، وثلاثة مباحث:

أولًا: تعريف السند التنفيذي.

ثانيًا: شروط السند التنفيذي.

ثالثًا: إعلان السند التنفيذي.

المبحث الأول: السند التنفيذي من حيث الأنواع.

المبحث الثاني: السند التنفيذي من حيث الإصدار.

المبحث الثالث: موقف الفقه من سند التنفيذ.

الخاتمة: وتشتمل على أهم النتائج.

الفهارس:

وتشتمل على:

١- فهرس الآيات.

٢- فهرس الأحاديث والآثار.

٣- فهرس الأعلام.

٤- فهرس الأشعار.

٥- فهرس المصادر والمراجع.

٦- فهرس الموضوعات.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

فهرس الموضوعات