موقف أبي الحسن الباقولي من أبي علي الفارسي في آرائه النحوية والصرفية

ملخص الرسالة

موقف أبي الحسن الباقولي من أبي علي الفارسي

في آرائه النحوية والصرفية: جمعًا ودراسة

مقدمة البحث

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، مصطفي اللسان العربي لبيان ختام الرسالات، وهادينا للنظر في لغةِ معجزة النبوة القرآنِ الكريم، والصلاة والسلام على الرسول العربي محمد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه، وبعد:

فقد حرَصتُ بعد إنهاء السنة المنهجية للماجستير على اختيار موضوع للرسالة، وتنقَّلتُ بين مظانِّ النحو والصرف باحثة مسترشدة، حتى هُديت إلى الحضور البارز للفارسيِّ في كتُب الباقولي، فجاء الموضوع يبحث في موقف أبي الحسن الباقولي من أبي علي الفارسي في آرائه النحوية والصرفية جمعًا ودراسة، وكِلا العالِمَين مثرٍ بمؤلفاته المكتبة العربية، ناشر بها بسطه في علم النحو، وكاشف بها مقدرته على الاستقراء، والنقد، والتعليل.

وقد أردت بهذه الدراسة إعطاء انطباع عادل، ونظرة أشمل، فبينا يرتسم في الأفق، ويعلق بالنفس ما كتبه الباقولي على الفارسي من عبارات تهجم وسخرية في ما يخالفه به، وما ينتهزه في أكثر من موضع لتضعيف رأيه وتجهيله، إضافة إلى إفراده مؤلفًا من مؤلفاته يستدرك فيه على كتاب (الحجة) للفارسي، إلا أن الدراسة المتأنية الفاحصة تبيِّن مع ذلك تعظيم الباقولي للفارسي، وتأثُّره به، وقبول رأيه، واعتماده عليه في كثير من اختياراته وترجيحاته.

وقد كان سبب اختياره محاولة للوقوف على نقد الباقولي المستقصي لآراء الفارسي في مؤلفاته المختلفة، وما يتخلل ذلك من تتبع لقوله في المسألة الواحدة، وإثرائه لبحثه بما يعتمد عليه في ترجيحه واختياره من أدلة وبراهين، فكان هذا البحث محاولة للخروج بنظرة متزنة عن موقف الباقولي من الفارسي، لا سيَّما في وجود مواقف للباقولي تَختلف من كتاب لآخر.

وقد استهدف الموضوع ما يلي:

١) جمع المسائل النحوية والصرفية التي عرض فيها الباقولي رأي الفارسي موافقة واعتراضًا، وذلك في مؤلفاته المعتمَدة في هذا البحث.

٢) ترتيب المسائل النحوية وفق ترتيب ألفية ابن مالك، والمسائل الصرفية وفق ترتيب شافية ابن الحاجب.

٣) دراسة المسائل النحوية والصرفية ومناقشتها.

أما أهم الدراسات العلمية ذات الصلة بالموضوع، فهي رسالة ماجستير بعنوان: آراء الباقولي النحوية جمعًا ودراسة، مقدمة من الدكتور عبدالعزيز الدباسي، في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

وقد تناول الباحث في رسالته آراء الباقولي بشكل عام، واقتصر فيها على الآراء النحوية من دون الصرفية، واعتمد في مادة بحثه على ثلاثة من كتب الباقولي فقط، وهي:

(شرح اللمع)، و(الجواهر)، و(كشف المشكلات).

وقد كان ذكر الفارسي في هذه الرسالة يأتي عرضًا مع العلماء من دون تبسط في الحديث عنه، ففي فصل بعنوان موقفه من النحويين واتجاهه النحوي، تحدث الباحث عن مُوافَقة الباقولي للفارسي واعتراضه له تحت مبحث عام بعنوان: موقفه من غيرهم، ذكر فيه الفارسي من بين العلماء الذين ذكرهم في هذا المبحث، وفي فصل بعنوان: شخصيته النحوية، تحدث الباحث عن تأثر الباقولي بالمذهب البصري دون إشارة إلى تأثره بالفارسي، ولم يتعرَّض لاعتراضات الباقولي على الفارسي وخلافه معه إلا ضمنًا تحت مبحث: تعقبه بعض أئمة النحو، وقد غاب الفارسي بشكل تام في مبحث بعنوان: كثرة خلافاته.

أما عملي في هذه الرسالة، فقد اتجه إلى دراسة موقف الباقولي من أحد أكابر علماء العربية، وهو أبو علي الفارسي، ومدى تمكنه من نقده، تناولت فيه موقف الباقولي من آراء الفارسي النحوية والصرفية، واستقيت مادتها من كتب الباقولي الثلاثة السابقة مضافًا إليها كتاب (الإبانة) وكتاب (الاستدراك).

أما منهج البحث، فقد اعتمدت فيه المنهج الاستقرائي، والوصفي، والتحليلي، بدأته بجمع المادة العلمية من مؤلَّفات الباقولي محل الدراسة، ثم ملاحظتها وتصنيفها، ثم قدمت للمسألة ببحثها بإيجاز عند النحويين، ثم فصَّلت في رأي الفارسي، وموقف الباقولي منه في كتبه المختلفة، ثم بنيت على ذلك النتائج، مع ما يقتضيه البحث العلمي من عزو الآيات القرآنية، وتخريج الأبيات الشعرية، والأقوال، والأمثال.

وقد نظمت مباحث هذه الرسالة في مقدمة، وتمهيد، وقسمين، وخاتمة، وفهارس فنية.

أما التمهيد، فقد اشتمل على أمرين، وهما:

١- الفارسي: حياته وآثاره بإيجاز.

٢– الباقولي: حياته وآثاره بإيجاز.

أما القسم الأول، فهو للمسائل النحوية والصرفية، وتكون من فصلين:

الفصل الأول: المسائل النحوية.

الفصل الثاني: المسائل الصرفية.

أما القسم الثاني، فهو للدراسة، ويتكون من خمسة فصول، وهي:

الفصل الأول: مصادر الباقولي في مواقفه.

الفصل الثاني: منهج الباقولي في عرض آراء أبي علي.

الفصل الثالث: المواقف أنواعها وأساليبها.

الفصل الرابع: الأصول النحوية.

الفصل الخامس: التقويم.

ثم جاءت بعد ذلك خاتمة البحث بذكر أبرز النتائج، وتلتها الفهارس الفنية التالية:

١) فهرس القرآن الكريم.

٢) فهرس القراءات القرآنية.

٣) فهرس الأحاديث النبوية.

٤) فهرس الأمثال.

٥) فهرس الأعلام.

٦) فهرس الشعر.

٧) فهرس المصادر والمراجع.

٨) فهرس المسائل النحوية والصرفية.

٩) الفهرس العام.

أما الصعوبات التي واجهتها، فكان أبرزُها: غموض أسلوب الفارسي وتعدُّد آرائه، وكثرة مؤلفاته، وتعدَّدت مؤلفات الباقولي أيضًا، وتعدَّدت مواقفه من الفارسي، وقد قال الباقولي عن الفارسي: "فإذا تتبعت إنسانًا مثل أبي علي لم يتأتَّ لك تتبعك إياه في سنة أو سنتين ولا في عشر؛ ألا ترى أن عثمان قال: أقمتُ معه أربعين سنة، فلم يلح لي في شيء من قوله في قولهم: "هذا حلو حامض" ما لاح لي بعد أربعين سنة"[1].

هذه الصعوبات وغيرها قد أعانني الله عليها، فله الشكر من قبل ومن بعد، ثم أشكر بالذكر الجميل، والعهد المحفوظ، والدعاء المستمر - كلَّ من أعانني في مسيرتي العلمية، وأخص منهم والديَّ الناجدين؛ أبي المفضال طيب الله ثراه وأعلى نزله، سابق الفضل وسائقه، الذي رعاني غرسًا حتى أدناني من أبواب المدارس، وأمي الحبيبة لؤلؤة بنت إبراهيم الحميدان، التي تعهدت الغرس معه وبعده بالسقاية والرعاية، وما زالت باذلةً تُنعم عليَّ حتَّى هذه الساعة بتلطُّف عنايتها، وكرم عطائها.

ثم أشكر الدكتور الفاضل عبدالعزيز بن محمد الحربي الأستاذ المشارك في الكلية مرشدًا ومشرفًا، وقد أكرمني بفضله، وأعانني على إتمام الرسالة بحسن إشرافه وتوجيهه.

وأرجع الفضل أيضًا للدكتور محمد بن عبدالرحمن المفدَّى، كما أمدنا بمفاتيح هذا الفن في السنة المنهجية، وعبَّد لنا مسالكه.

ولا يفوتني بعد ذلك أن أشكر من شرفتْ بعرض عملي عليهما عُضْوَي لجنة المناقشة الكريمين الدكتور عبدالله بن محمد النغيمشي، الأستاذ المشارك في جامعة القصيم، والدكتور عبدالعزيز بن إبراهيم الدباسي، الأستاذ المشارك في الكلية، على ما بذلاه في قراءة الرسالة، وما أسدياه من تنبيه أو دلالة أو استدراك أو إكمال أو تعديل.

ثم أضع رحال الشكر في مورد علمنا كلية اللغة العربية، وقسم النحو والصرف والصرف وفقه اللغة، راجية من الله نفعهما فوق ما انتفعت بهما.

وبعد، فقد بذلت لهذا العمل جهدي ما استطعت، ولا أزكيه، فما به من صواب فمن لطف الله وعصمته، وما به من خطأ فمن ضعف الإنسان.

أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل عملي هذا خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفعني به في الدنيا والآخرة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

الفهرس العام