ترجيحات الزركشي في علوم القرآن (عرض ودراسة)

ملخص الرسالة

ترجيحات الزركشي في علوم القرآن

(عرض ودراسة)

المقدمة:

إنَّ الحمد لله نحمدُه، ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، فصلوات الله وسلامه عليه أتمَّ الصلاة والتسليم، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم الدين.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

أما بعد:

فإنَّ أفضل ما اشتغل به المشتغلون من العلوم، وأُفنيت فيه الأعمار، وأعملت فيه القرائح: كتاب الله عز وجل والتعلُّق به؛ إذ فيه العلم الذي تُعقَد عليه الخناصر، وتفنى في تدوينه الأقلام والمحابر، ولا يرتوي وارده، وبهذا تكمن أهمية تعلُّم القرآن، وفحص ما فيه من علوم؛ ولذلك أقبل العلماء على كتاب الله بالبحث والدراسة، مؤمنين بشرف هذا العلم؛ فشرفُ العلم بشرف معلومِه، ومن هؤلاء العلماء النجباء العلاَّمة بدر الدين محمد بن عبدالله بن بهادر الزركشي الشافعي؛ حيث حرَّر مؤلفات عدة، أودع فيها علومًا شتى تتعلق بكتاب الله عز وجل؛ ولذا يعد الزركشي ممن توسع في التأليف في علوم القرآن.

لذا عزمت - بعد استخارةِ الله عز وجل، ثُم مشورة المختصين في هذا المجال - على عرض ترجيحاته الخاصة بعلوم القرآن من خلال كتبه المطبوعة، ودراستها دراسة موازنة بأقوال العلماء، لتكون موضوع بحثي لرسالة الماجستير، في قسم القرآن وعلومه، بكلية أصول الدين، بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

وقد عنونت له بـ:

"ترجيحات الزركشي في علوم القرآن - عرض ودراسة"

وسأتطرق في هذه المقدمة إلى بيان أهمية هذا الموضوع، وأسبابِ اختياره، وأهداف البحث، ومجاله وحدوده، وبيان الدراسات السابقة، والفرق بينها وبين هذا البحث، وخطَّة البحث ومنهجه.

أولاً: أهمية الموضوع وأسباب اختياره:

١- شرف هذا العلْم "علوم القرآن"؛ وذلك بشرف معلومه وهو القرآن الكريم.

٢- أنَّ الزركشي يعد من المهتمين بعلوم القرآن، ويتضح ذلك جليًّا من خلال كتابه "البرهان في علوم القرآن"، فهو من أجمع المصنَّفات التي توسعَت في هذا الفن، وكذا كتبه الأخرى لها عنايةٌ بمسائل علوم القرآن؛ كالبحر المحيط في أصول الفقه، وتشنيف المسامع بجمع الجوامع، وسلاسل الذَّهب وغيرها؛ لذا فعرْضُ ترجيحاته في هذا المجال ودراستها تُظهر خلاصة علمه ونتاجه.

٣- أنَّ الزركشي يعتبر من العلماء المبرزين في علوم شتَّى؛ كالأصول، والحديث، وغيرها، إضافةً إلى ما وهبه الله إياه من ذكاء وفطنة، فحرِي بالباحث أنْ يقف على عِلم هذا الإمام.

٤- الحاجة إلى تحرير بعض مسائل علوم القرآن ودراستها؛ فالبحث في ترجيحات هذا الإمام ودراستها موازنة بالأقوال الأخرى محاولةٌ لتحقيق شيءٍ من هذه الحاجة.

وبعد هذا، فإني لم أقف على من عرض ترجيحات الزركشي في علوم القرآن ودرسها؛ لذا عزمت على دراسة هذا الموضوع.

أهداف البحث:

١- عرض ترجيحات الزركشي في علوم القرآن ودراستها دراسة موازنة بأقوال العلماء.

٢- إبراز المكانة العلمية التي تميز بها الزركشي في علوم القرآن.

٣- تنمية ملَكة مناقشة الأقوال والترجيح بينها، ومعرفة أسباب الترجيح، وما يتطلَّب ذلك من اطلاعٍ واسعٍ في كتب علوم القرآن، والتفسير، واللُّغة، والمعاني، والحديث، والفقه، وأصوله، ولا يخفى ما في ذلك من النفع والفائدة.

مجال البحث وحدوده:

سيكون مجالُ البحث حولَ عرض ترجيحات الإمام الزركشي في علوم القرآن فقط دون العلوم الأخرى من خلال كتبه المطبوعة، ودراستها دراسة موازنة بأقوال العلماء، من خلال كتب أهل العلم، ومن ثَم الوصول إلى أقرب الأقوال للصواب، وأرجحها حسب الأدلة بإذن الله.

وهذا بيان بكتب الزركشي التي طُبِّق عليها هذا البحث:

١- البرهان في علوم القرآن.

٢- البحر المحيط في أصول الفقه.

٣- تشنيف المسامع بجمع الجوامع.

٤- سلاسل الذَّهب.

٥- المنثور في القواعد.

٦- التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح.

٧- الديباج في توضيح المنهاج.

٨- الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة.

٩- إعلام الساجد بأحكام المساجد.

١٠- النكت على العمدة في الأحكام.

١١- معنى لا إله إلا الله.

١٢- خبايا الزوايا.

١٣- الأزهية في أحكام الأدعية.

١٤- النكت على مقدمة ابن الصلاح.

١٥- الغرر السوافر فيما يحتاج إليه المسافر.

١٦- اللآلئ المنثورة في الأحاديث المشهورة.

١٧- المعتبر في تخريج أحاديث المنهاج والمختصر.

١٨- زهر العريش في تحريم الحشيش.

الدراسات السابقة:

بعد البحث والاطلاع على فهارس الرسائل العلمية من خِلال مراكز البحث العلميِّ، وسؤال أهل الخبرة والاختصاص، لم أجد من تعرَّض لبحث ترجيحات الزركشي في علوم القرآن؛ فالدراسات السابقة تتركَّز غالبيتها على دراسة النواحي اللغوية، والنحوية، والبلاغية، والحديثية البحتة، وهذا البحث يختلفُ عن تلك الدراسات، فهو متخصِّص في ترجيحات (الزركشي) المتعلقة بعلوم القرآن فقط دون العلوم الأخرى من خلال كتبه المطبوعة؛ وإليك الدراسات بالتفصيل:

١- الظواهر اللغوية في كتاب البرهان للزركشي، للباحث: علي بن سعد بن عبدالحميد الخولي، من جامعة الأزهر، كلية اللغة العربية.

٢- مصطلحات نقدية وبلاغية في كتاب: "البرهان في علوم القرآن للزركشي"؛ للباحث محمد بديع، من جامعة الحسن الثاني، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، قسم اللغة العربية وآدابها (١٩٩١ م).

٣- الجانب البياني في كتاب: "البرهان في علوم القرآن للإمام الزركشي" (ماجستير)؛ للباحث: أحمد سعد عبدالرزاق ناجي، من جامعة الأزهر، كلية اللغة العربية، قسم اللغويات.

٤- مباحث علم المعاني في كتاب البرهان للإمام الزركشي؛ للباحث خليفة قرني محمد خليفة، من جامعة الأزهر، كلية اللغة العربية.

٥- البرهان في علوم القرآن للزركشي "تحقيق ودراسة أهم القضايا النحوية والصرفية في الكتاب"؛ للباحث: عاطف محمد عبدالمجيد، جامعة الأزهر، كلية اللغة العربية.

٦- بديع القرآن من كتاب البرهان للعلامة الزركشي؛ للباحث عبدالمجيد هنداوي جعفر، جامعة الأزهر، كلية اللغة العربية.

وهذه البحوث السابقة كلها تتحدثُ عن كتاب البرهان من جهاتٍ مختلفة عن هذه الدراسة؛ فمنها ما يتحدثُ عن البلاغة بدراسة بحتة، أو مسائل نحوية خاصة، قد تكلم عليها الزركشي.

وهذه المسائل كلها قد استَثْنيتها من المسائل الترجيحية؛ حيث يتركَّز هذا البحثُ على عرض الترجيحات المتعلقة بعلوم القرآن فقط دون العلوم الأخرى، ودراستها دراسة موازنة بأقوال العلماء.

٧- علوم القرآن بين البرهان والإتقان - دراسة مقارنة -: رسالة دكتوراه للباحث الدكتور: حازم سعيد حيدر، من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، كلية القرآن الكريم عام (١٤١٦ هـ)، وهذا البحث أصله متخصص في الموازنة بين الكتابين وإظهار الفروق بينهما من جهة ذكر الأنواع والعرض، لا من جهة الترجيح.

٨- الزركشي ومنهجه في علوم القرآن "رسالة دكتوراه"؛ للباحث: عبدالعزيز إسماعيل صقر، جامعة الأزهر، كلية أصول الدين، عام (١٤٠١ هـ)، ومن خلال الاطِّلاع على تلك الرسالة تبيَّن أنها تحتوي على دراسة مطولة عن حياة الزَّرْكشي، ثمَّ عن منهجه وطريقته في كتابه "البرهان"، وبيان الأنواع التي احتواها، ويختم بموازنة مع كتاب الإتقان، أما هذا البحث فيختلف عن تلك الرسالة اختلافًا كبيرًا، فهو يتعلقُ بعرض ترجيحاته في علوم القرآن من خلال كتبه المطبوعة.

٩- الأحاديث والآثار الواردة في كتاب "البرهان في علوم القرآن للزركشي"، تخريجًا ودراسة من بداية الكتاب إلى نهاية النوع الرابع والعشرين "معرفة الوقف والابتداء"؛ رسالة ماجستير للباحث: خالد بن محمد السليم، من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، كلية أصول الدين، قسم السنة، عام (١٤٢٤ هـ).

١٠- الأحاديث والآثار الواردة في كتاب "البرهان في علوم القرآن للزركشي"، تخريجًا ودراسة من بداية النوع الخامس والعشرين "علم مرسوم الخط حتى نهاية الكتاب"؛ رسالة ماجستير للباحث: خالد بن علي أبا الخيل، من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية - كلية أصول الدين، قسم السنة، عام (١٤٢٦ هـ).

وكلتا الدراستين خاصَّتان بتخريج الأحاديث دراسة حديثية، دون التعرض لمسائل علوم القرآن.

وهذا البحث يتركَّز على عرض ترجيحات الزركشي في مسائل علوم القرآن فقط دون العلوم الأخرى، من خلال كتبه المطبوعة، ودراستها دراسة موازنة بأقوال العلماء.

خطة البحث:

يتكون البحث من مقدمة، وتمهيد، وقسمين، وخاتمة، وفهارس؛ على النحو الآتي:

المقدمة:

وتتضمن: أهمية الموضوع، وأسباب اختياره، وأهدافه، وحدوده، والدراسات السابقة، وخطة البحث ومنهجه.

التمهيد:

وفيه التعريف بالإمام الزركشي رحمه الله؛ ويشتمل على ما يلي:

أولاً: اسمه، ونسبه، وكنيته، ولقبه.

ثانيًا: مولده.

ثالثًا: نشأته.

رابعًا: طلبه للعلم.

خامسًا: أشهر شيوخه.

سادسًا: تلاميذه.

سابعًا: مكانته العلمية، وثناء العلماء عليه.

ثامنًا: مذهبه الفقهي وعقيدته.

تاسعًا: مؤلفاته.

عاشرًا: وفاته.

القسم الأول: الترجيح عند الزركشي في علوم القرآن؛ ويشتملُ على تمهيد وفصلين:

التمهيد: ويشتمل على ما يلي:

أولاً: تعريف الترجيح لغة، واصطلاحًا، والعلاقة بينهما.

ثانيًا: منهجه في إيراد الأقوال، ورد الرأي المخالف.

ثالثًا: أثره فيمن جاء بعده.

الفصل الأول: صيغ الترجيح عند الزركشي؛ وفيه مبحثان:

المبحث الأول: أنواع صيغ الترجيح ودلالاتها.

المبحث الثاني: أسباب تنوع الصيغ.

الفصل الثاني: وجوه الترجيح عند الزركشي؛ وفيه مباحث:

المبحث الأول: الترجيح بدلالة الكتاب.

المبحث الثاني: الترجيح بدلالة السنة.

المبحث الثالث: الترجيح بدلالة الأثر.

المبحث الرابع: الترجيح بدلالة اللغة.

المبحث الخامس: الترجيح بدلالة أقوال المحققين.

القسم الثاني: دراسة ترجيحات الزركشي في علوم القرآن.

وسيكون منهج البحث فيه على النحو الآتي:

١- أعتمِد في ترتيب مسائل علوم القرآن على ترتيب الزركشي في "البرهان"، مع دَمْج بعض الأنواع المتشابهة بعضها ببعض.

٢- إن كان الترجيح في غير كتابه "البرهان" فيوضع في أقرب الأنواع له.

٣- إن تطرَّق الزركشيُّ للمسألة في عدة مواضع فتوضع في أقرب الأنواع لها، إلاَّ إن دعَت الحاجة لغير ذلك.

٤- ما ذكره الزركشي في البرهان من ترجيح في غير موضعه الأصلي؛ فإن كان فيه قُرب معنوي لذلك النوع فيبقى لمصلحة الترتيب، وإلاَّ فيُنقل للنوع الخاص به.

٥- إن كان في المسألة غموضٌ فيمهَّد لها ببيان أو تعريف، أو تحريرِ محلِّ النزاع فيها.

٦- يذكر في صدر المسألة مُجمل الأقوال فيها، مع بيان القائلين بها، غير ما لم يعرف له قائل.

٧- ثمَّ يورد نص ترجيح الزركشي، بالقدر الذي يفي ببيانه، مع دليله أو تعليله غالبًا؛ فإن استدل بأدلة كثيرة يصعب ذكرها في الترجيح فيكتفى ببيانها في أدلة الأقوال.

٨- إن تكرر ترجيحه في المسألة الواحدة مرتين أو أكثر فينظر فيها؛ فإن كان أحدها مكملاً للآخر، أو في كلِّ واحد منها زيادةُ بيان ليست في الثاني، أو فائدة تتعلَّق بالترجيح، فتذكر جميعًا، وإن لم يكن كذلك فيكتفى بالأصرَح منها، ويشار للآخر في الحاشية.

٩- بعد ذلك تدرس ترجيحات الزركشي دراسة موازنة مع الأقوال الأخرى بأدلتها.

١٠- ثمَّ تبيَّن نتيجة الدراسة بذكر القول الراجح فيها.

١١- أما توثيق المادة العلميَّة؛ فعلى النحو الآتي:

أ- كتابة الآيات القرآنية بالرسم العثماني، مع عزوها إلى سورها وأرقام آياتها في المتن نفسِه؛ تقليلاً للحواشي.

ب- عزو القراءات القرآنية إلى مصادرها المعتمدة، وبيان الشاذِّ من المتواتر.

ج- تخريج الأحاديث والآثار؛ على النحو التالي:

١- ذكر من خرَّج الحديث أو الأثر، والإحالة إلى المصدر بذكر الكتاب والباب، ورقم الحديث، والجزء والصفحة، كلُّ ذلك بحسب طبيعة المصدر.

٢- إذا كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما، فأكتفي بتخريجه منهما.

٣- إذا لم يكن في أيٍّ منهما؛ فأخرِّجه من مصادره مع ذكر ما قاله أئمةُ الحديث فيه من حيث الصحة والضعف - إن وجد.

د- توثيق الأقوال المنقولة عن العلماء.

هـ- شرح غريب الألفاظ والمصطلحات.

و- التعريف بالأعلام غير الملائكة، والأنبياء، والصحابة المشهورين.

ز- التعريف بالفِرق والمذاهب تعريفًا موجزًا.

ح- التعريف بالأماكن والبلدان غير المشهورة تعريفًا موجزًا.

الخاتمة:

وفيها أهم النتائج التي توصلتُ إليها من خلال البحث، والتوصيات.

الفهارس؛ وتشتمل على ما يلي:

١- فهرس الآيات القرآنية.

٢- فهرس الأحاديث النبوية والآثار.

٣- فهرس الأعلام المترجم لهم.

٤- فهرس الأماكن والبلدان.

٥- فهرس المسائل الترجيحية.

٦- ثبت المصادر والمراجع.

٧- فهرس الموضوعات.

وهنا أمورٌ فنية في هذا البحث يجدر التنبيه عليها:

١- ما ذُكر في القسم الأول: "الترجيح عند الزركشي في علوم القرآن" من أحاديث وآثار فيُرجأ تخريجُها عند دراسة المسائل لمناسبتها في ذلك؛ بخلاف الأعلام فتُتَرجم إن ذُكرت في هذا القسم، دون ما ذُكر من أعلامٍ في ترجمة الزركشي لخروجها عن قسم الدراسة النظرية والتطبيقية.

٢- عند الحاجة للرجوع لأكثر من طبعة في الكتاب الواحد، فيعتمد أحدها في العزو، وعند استخدام غير المعتمدة يشار في الحاشية بما يميزها.

٣- ترتيب ذكر أقوال العلماء أو عند العزو حسب التقدم بالوفاة، إلاَّ ما دعت الحاجة لتقديمه.

٤- التزام الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذكره، وكذا الترضي عن الصحابة رضي الله عنهم، وأما العلماء فلم أنص على الترحُّم عليهم، ليس نقصًا بهم - حاشا وكلاَّ - بل طلبًا للاختصار لكثرتهم، إلا حين الإشارة للزركشي أحيانًا بدل ذكر اسمه، وأسأل الله أن يرحمهم جميعًا، وأن يجعل ما أبقَوه من علمٍ ينتفع به في مثاقيل حسناتهم يوم القيامة.

٥- وضعت الأحاديث والآثار بين قوسين ( )، أما أقوال العلماء فوضعتها بين علامتي تنصيص هكذا " "، وعند عزو السورة أضعها بين معكوفين [ ]، وكذا في إيراد كلام داخلَ نص من النصوص، وغير ذلك من العلامات مما هو معروف.

وفي الختام:

أشكر اللهَ تعالى على نعمه الظاهرة والباطنة، فله الحمد كلُّه، والشكر أتمُّه، والثناء أكمله، فما من نعمة منعَمة عليَّ إلاَّ منه سبحانه وتعالى، فرغم تقصيري وتفريطي في تقواه إلاَّ أنه تفضَّل عليَّ بنعمٍ كثيرة، وما هذا العمل إلاَّ تيسير وإعانة منه سبحانه، فله الحمدُ كما ينبغي لجلال وجهه، وعظيم سلطانه.

ثم أشكر والديَّ على ما بذلاه لي منذ خرَجْت إلى هذه الدنيا، من عطف، ومودة، وتربية على الخصال الحميدة، وتعليم، ونصحٍ، وإرشاد، ودعاء صادق، وغيرها الكثير والكثير، فأسأل الله أن يحفظهما، ويطيلَ أعمارهما على طاعته بصحة وعافية، ويجعل ماقدماه لي في ميزان حسناتهما، وأن يوفقني للبر بهما، والقيام بحقهما العظيم.

والشكر موصول إلى زوجتي التي تنازلَت عن كثيرٍ من حقوقها لأجلي، بل وقفَت إلى جانبي، وآزرتني في جميع أموري - رغم تقصيري بحقها -، فكانت عونًا لي - بعد الله عز وجل- على هذا العمل؛ بل وجميع شؤوني، فأسأل الله أن يحفظها بحفظه، ويكتبَ لها الأجر والمثوبة، ويسعدَها في الدنيا والآخرة، ويعينني على أداء حقِّها عليَّ.

وفي نهج العلم والعلماء أتقدم بالشكر لشيخي فضيلة الدكتور: بدر بن ناصر البدر الأستاذ المشارك، ورئيس قسم القرآن وعلومه؛ على إشرافه على هذا البحث، فقد أكرمني بسَمْته وأخلاقه النبيلة قبل عِلْمه الجم، وتوجيهاته قواعد يمتثلها مَن عَلِم قدرها، فتلك غنيمة باردة، فرغم كثرة أعماله في الخير والتعليم، وضيق وقته إلاَّ أنه أكرمني بتحريرات نيِّرة في هذا البحث، وأعانني على فكِّ معضلاته مرات ومرات، والتأمل فيه ورقة ورقة، بل لست مبالغًا إن قلت: حرفًا حرفًا، وما ذاك إلاَّ إخلاص وهمَّة عالية - أحسبه والله حسيبه - فأسأل اللهَ أن يكتب له الأجر والمثوبة، ويجعل عمله في ميزان حسناته.

ثم أشكر صاحبَي الفضيلة الشيخين المناقشين لهذه الرسالة؛ الأستاذ الدكتور: أحمد بن سعد بن محمد الخطيب الأستاذ بقسم القرآن وعلومه، والدكتور: حسين بن عبدالحميد البر الأستاذ المشارك بقسم القرآن وعلومه - على تفضلهما بقبول مناقشة هذا الجهد المتواضع.

كما لا أنسى ذلك الصرح الشامخ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ممثلة في معالي مدير الجامعة: فضيلة الأستاذ الدكتور: سليمان بن عبدالله أبا الخيل، ووكلائه الأفاضل، وعميد كلية أصول الدين: فضيلة الشيخ الدكتور: عبدالله بن عبدالرحمن الشَّثري، ثم قسم القرآن وعلومه في الكلية على إتاحتهم الفرصةَ لي في الدراسة فيها، فكم أفدت من أصحاب الفضيلة أعضاء هيئة التدريس علمًا كثيرًا، فللجميع الشكر والعرفان.

وأخيرًا: أشكر كلَّ من قدم لي المعونة والفائدة، وبذل جهدَه لي، وأسأل الله أن يكتب له الأجر، ويرفعه في أعلى عليين، والحمد لله رب العالمين.

فهرس الموضوعات

ملخَّص البحث

هذا البحث عبارة عن عرض ترجيحات الإمام الزَّركشي في علوم القرآن من خلال كتبه المطبوعة، ودراستها دراسة موازنة بأقوال العلماء من خلال كتب أهل العلم، ومن ثَم الوصول إلى أقرب الأقوال للصواب، وأرجحِها حسب الأدلة بإذن الله.

والبحث يشتمل على مقدمة، وتمهيد، وقسمين، وخاتمة، وفهارس.

فالمقدمة: تتضمن: أهمية الموضوع، وأسباب اختياره، وأهدافه، وحدوده، والدراسات السابقة، وخطة البحث ومنهجه.

وأما التمهيد: ففيه التعريف بالإمام الزركشي رحمه الله؛ مشتملاً على اسمه، ونسبه، وكنيته، ولقبه، ومولده، ونشأته، وطلبه للعلم، وأشهرِ شيوخه، وتلاميذه، ومكانته العلمية، وثناء العلماء عليه، ومذهبه الفقهي، وعقيدته، ومؤلَّفاته، ووفاته.

ومن ثم يأتي القسم الأول "النظري"؛ وهو: الترجيح عند الزركشي في علوم القرآن.

ويشتمل على تمهيد وفصلين.

فالتمهيد: يشتمل على ما يلي:

أولاً: تعريف الترجيح لغة واصطلاحًا والعلاقة بينهما.

ففي اللغة: مداره على الزيادة والرزانة والثقل.

وأما اصطلاحًا، فهو: تقوية إحدى الأمارتين على الأخرى بما ليس ظاهرًا.

ثم ذكرتُ العَلاقة بين التعريف اللغوي والاصطلاحي.

وأما المراد هنا بترجيحات الزركشي في علوم القرآن، فهي: تقوية الزركشي أحدَ الأقوال - في مسائل علوم القرآن خاصة - لدليلٍ من الأدلة.

ويدخل في مسمى الأدلَّة هنا: جميع ما يتقوى به القول الراجح من الأدلة؛ سواء أكانت من القرآن، أم من السنة، أم من الآثار، أم من التعليلات المبنية على القواعد الشرعية.

ثانيًا: منهجه في إيراد الأقوال، ورد الرأي المخالف.

ومن ذلك اهتمامه بعزو الأقوال لأصحابِها غالبًا، مع تحرِّيه الدقة في ذلك، وكذا اهتمامه بالمذهب الشافعيِّ من غير تعصُّب له، وذكْره أدلةَ الأقوال جميعًا حتى ولو خالفه، والترجيح بينها مع بيان سبب الترجيح، مع عدم التهجُّم على المخالف؛ بل يردُّ قوله بالدليل والتعليل الواضح.

ثالثًا: أثره فيمن جاء بعده:

فممن أفاد من الزركشي: السيوطي في إتقانه، فقد أفاد منه كثيرًا، وكذا ابن عقيلة في الزيادة والإحسان، والدمياطي في الإتحاف، والألوسي في تفسيره، والزُّرقاني في مناهل العرفان، وكذا كلُّ من أتى من بعدهم من المعاصرين ممن ألف في علوم القرآن؛ فقد أفاد فائدةً كبيرة من الزركشي في "البرهان"، والسيوطي في "الإتقان" المفيد من برهان الزركشي.

أما الفصل الأول فهو: صيغ الترجيح عند الزركشي؛ ويشتمل على ما يلي:

المبحث الأول: أنواع صيغ الترجيح ودلالاتها.

ومن تلك الصيغ على سبيل المثال: الصحيح، والصواب، والراجح، والحق، والتحقيق، والمعتبَر، والمختار، والأصح، والقريب، والأقرب، وغيرها الكثير.

المبحث الثاني: أسباب تنوع الصيغ.

ومن تلك الأسباب:

• أن يكون القول الراجح عنده مدعَّمًا بالأدلة الصريحة، بينما القول المخالف تكون أدلته ليست بالقوية أو ضعيفة جدًّا؛ فناسب استخدام صيغة تفي بالحال كالصحيح، والصواب، ونحوها.

• أن تكون المسألة مما لم يطَّلع الزركشي على كلامٍ للعلماء فيها؛ ولذا لا بد من إعمال الفكر والنظر في حكم المسألة بالاجتهاد المبني على الأدلة؛ ولهذا تجده يذكر ترجيحَه بصيغةٍ غير صريحة لاحتمال القولين فيها.

• أن تكون المسألة في أمرٍ يسيرٍ لا يُثرَّب على من عمل بأحد القولين، فناسب استخدام صيغة تُواكب الحال كصيغة "الأَولى".

وغيرها من الأسباب، وقد ذكرتُ أمثلةً لكل سبب من تلك الأسباب.

ثم يأتي الفصل الثاني، وهو: وجوه الترجيح عند الزركشي، وهي:

الترجيح بدلالة الكتاب، وبدلالة السنة، وبدلالة الأثر، وبدلالة اللغة، وبدلالة أقوال المحققين، وبدلالة الإجماع، وبدلالة ما عليه السلف، وبدلالة السياق، وبدلالة قول الجمهور، وذكرتُ أمثلةً لكلِّ وجهٍ من الوجوه.

ثم يأتي بعد ذلك القسم الثاني "التطبيقي"؛ وهو: دراسة ترجيحات الزركشي في علوم القرآن.

وتلك الترجيحات مستقاة من كتبه المطبوعة، وقد اعتمدتُ في ترتيب مسائل علوم القرآن على ترتيب الزركشي في "البرهان"، مع دَمْج بعض الأنواع المتشابهة بعضها ببعض، ممهدًا للمسألة - إن كان بها غموض - ببيان أو تعريف، أو تحريرِ محلِّ النزاع فيها، ثم أذكر في صدرها مجملَ الأقوال فيها، مع بيان القائلين بها، ثمَّ أُورِد نص ترجيح الزركشي، بالقدر الذي يفي ببيانه، مع دليله أو تعليله غالبًا، وبعد ذلك أدرس ترجيحات الزركشي دراسة موازنة مع الأقوال الأخرى بأدلتها، وأختم ذلك ببيان نتيجة الدراسة بذكر القول الراجح فيها.

وهذه المسائل في شتى أنواع علوم القرآن، كعلم أسباب النزول، والمناسبات، والمكي والمدني، وأول ما نزل، وكيفية النزول، وجمع القرآن، وتقسميه، وترتيبه، وأسمائه، وأسماء السور، وعلم القراءات، والوقف والابتداء، وعلم مرسوم الخط، وأفضل القرآن وفاضله، وآداب تلاوته، وأحكامه، والنسخ، والمحكم والمتشابه، وإعجاز القرآن، وأصول التفسير، ووجوه مخاطبات القرآن، وأساليبه، وغيرها.

ثمَّ بعد ذلك الخاتمة: وفيها أهم النتائج التي توصلتُ إليها من خلال البحث، والتوصيات.

وأخيرًا ذيَّلتُ البحثَ بفهارس؛ مشتملة على فهرس الآيات القرآنية، وفهرس الأحاديث النبوية والآثار، وفهرس الأعلام المترجم لهم، وفهرس الأماكن والبلدان، وفهرس المسائل الترجيحية، وثبت المصادر والمراجع، وأخيرًا فهرس الموضوعات، وبهذا يتم هذا البحث بحمد الله وفضله سبحانه وتعالى.