أحكام المزاح في الفقه الإسلامي

ملخص الرسالة

أحكام المزاح في الفقه الإسلامي

المقدمة:

أحمد الله جل وعلا حمدًا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، على إتمام النعمة، وإتمام المنة، وأسأله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم.

وبعد، فهذا ملخص لأهم العناصر التي اشتمل عليها البحث، وهي كما يلي:

أولاً: يراد بالمزاح - عمومًا - المداعبة التي هي نقيض الجد، وله ألفاظ مترادفة تلتقي به إجمالاً في الدلالات والأحكام الشرعية؛ منها: الدعابة، والفكاهة، والملاعبة، والهزل، وغيرها.

ثانيًا: أن المزاح ينقسم إلى قسمين: مشروع، وممنوع، فالمشروع ما كان موافقًا للضوابط الشرعية للمزاح، والممنوع ما خالفها.

ثالثًا: للمزاح المشروع ضوابط ينبغي مراعاتها، وأهداف وغايات سامية ينبغي استحضارها، فمن ضوابطه:

• ألا يتضمن المزاح كذبًا في القول أو الفعل.

• ألا يتضمن المزاح فحشًا في القول أو الفعل.

• أن يكون يسيرًا من غير إفراط فيه ومداومة عليه.

• ألا يَشغَلَ عن ذكر الله تعالى وطاعته.

• ألا يشتمل على ترويع أو أذى للناس.

• ألا يكون في حكم من أحكام الدين.

• ألا يكون في أماكن وأوقات لا يصلح فيها إلا الجد.

ومن أهداف المزاح وغاياته السامية:

• الإسهام في زيادة الترابط الاجتماعي.

• استجماع النشاط، ونفي السأم والهم.

• تيسير الوصول إلى الآخرين من خلال استلانة قلوبهم.

• معالجة ضعف القلوب وجبرها.

• بعث التدبر الذهني، وتقوية البديهة، واستثارة الذكاء.

• نشر البسمة على الأفواه، وإشاعة الفرح والسرور.

رابعًا: حقيقة المزاح الممنوع، وتوضيح علل المنع، ومنها:

• مجانبة الحق والصواب، وممارسة الكذب والافتراء.

• ترويع الناس وإيذاؤهم في أنفسهم وأموالهم.

• الاعتداء على حقوق الله تعالى وشعائره، والإخلال بحقوق الناس ومشاعرهم.

خامسًا: المزاح بما يحقق الكفرَ كفر؛ فإذا نطق المسلم بكلمة الكفر مازحًا حُكِمَ بكفره؛ لأن المزاح في الدين من باب الاستهزاء به، والاستهزاء بالدين كفر؛ لقوله تعالى: ﴿ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾ [التوبة: 65، 66].

سادسًا: المزاح في نية العبادة يبطلها؛ وذلك لأن النية شرط لصحة العبادة، والمازح لم ينوِ حقيقة العبادة؛ فلم تصح منه....

• إذا أخل المازح بالعبادة، فإن كان ما أخل به ركنًا أو واجبًا، بطَلَتْ تلك العبادة؛ لأن ترك الأركان والواجبات عمدًا يبطل العبادة، وإن كان سنة فإنه يفوِّتُ على نفسه الأجر العظيم المترتب على اتباع السنن.

• أن المزاح بالعبادة يعرض فاعلَه للإثم؛ لأنه من باب الاستهزاء بالدين، والاستهزاء بالدين محرم.

سابعًا: أن التصرفات المالية المحضة، وما غلب عليه شبهة التمليك، يشترط فيها الرضا، وما كان كذلك لا ينعقد مع المزاح؛ فلا ينعقد البيع والإجارة والإبراء مع المزاح؛ لأنها تصرفات مالية محضة، فيشترط لها تمام الرضا، والمازح غير راضٍ بالحكم.

ولا تنعقد الهبة والوصية من المازح؛ لأن فيها شبهة تمليك، وما كان كذلك يشترط فيه تمام الرضا.

ثامنًا: لا يؤثر المزاح فيما ورد فيه نص من الشارع بلزومه معه، فيصحُّ عقد النكاح والطلاق والرجعة مع المزاح؛ لورود النص الشرعي بعدم تأثير المزاح فيها، كما يصح عتق المازح؛ وذلك لموافقته لمقصد الشارع من تشوُّفه للعتق، وحرصه عليه؛ ولورود نصوص عن السلف في صحته، وكذلك يصح انعقاد اليمين من المازح؛ وذلك لورود النص فيها، ومنعًا للتلاعب بأحكام الشرع، وسدًّا لذريعة تعطيل الأحكام.

تاسعًا: أن المزاح بالجناية لا يوجب الحدَّ؛ وذلك لشبهة الخطأ، والحدود تدرأ بالشبهات، فتجب فيه الدية والكفارة.

عاشرًا: أن أخذ متاع الغير على سبيل المزاح لا يعد موجبًا لحد السرقة؛ لتمكُّنِ الشبهة في عدم قصد السرقة وإرادة اللعب، ويجب على السارق ردُّ المسروق أو ضمانه إن تلف.

حادي عشر: تحريم قذف المسلم ولو على سبيل المزاح؛ لأنه يؤدي إلى لُحوق الأذى بالمقذوف، ولا يجب على القاذف الحد؛ وذلك لتمكن شبهة إرادة المزاح واللعب.

ثاني عشر: تحريم ترويع المسلم ولو على سبيل المزاح؛ لورود النص الشرعي في ذلك، ولأنه يتعارض مع مصلحة الدين في حفظ العقل.

ثالث عشر: من الآداب التي ينبغي أن يتحلَّى بها القاضي ترك المزاح، سواء كان مع أحد الخصمين أم مع غيرهما، وسواء كان ذلك في مجلس الحكم أم غيره؛ وذلك لأن صدور المزاح من القاضي يذهب مهابة القضاء، ويجرئ عليه الناس.

رابع عشر: من شروط قبول الشهادة والرواية عدالة الشاهد والراوي، ومن لوازم العدالة، ترك ما يخل بالمروءة، ومما يخل بالمروءة كثرة المزاح كما نص عليه الفقهاء، مع مراعاة أن خوارم المروءة خاضعة للعرف.

خامس عشر: صحة الإقرار من المازح؛ وذلك لأن القول بعدم وقوعه يؤدي إلى ضياع حقوق الناس؛ لأن كل من أقرَّ بحق قد يدعي أنه مازح في إقراره به؛ حتى لا يثبت عليه؛ فيؤدي ذلك إلى ضياع الحقوق واختلاط الأحكام، فيلزم بما أقر به سدًّا لذريعة التخلُّص من الأحكام.

هذه أبرز العناصر التي اشتمل عليها البحث.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.

تشتمل خطة البحث على مقدمة، وتمهيد، وخمسة فصول، وخاتمة، تتضمن ما يلي:

المقدمة، وتشمل:

١- الافتتاحية.

٢- مجال موضوع البحث.

٣- أهمية الموضوع.

٤- أسباب اختيار الموضوع.

٥- الدراسات السابقة في الموضوع.

٦- منهج البحث.

٧- خطة البحث.

التمهيد: في حقيقة المزاح، وفيه خمسة مباحث:

المبحث الأول: تعريف المزاح.

المبحث الثاني: الألفاظ ذات الصلة بالمزاح.

المبحث الثالث: أقسام المزاح.

المبحث الرابع: ضوابط المزاح.

المبحث الخامس: أهداف المزاح وغاياته.

الفصل الأول: المزاح في المسائل الاعتقادية، وفيه مبحثان:

المبحث الأول: المزاح في الأقوال، وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: المزاح بما يمس ذات الله عز وجل.

المطلب الثاني: المزاح بما يمس النبي صلى الله عليه وسلم.

المطلب الثالث: المزاح بالقرآن.

المبحث الثاني: المزاح في الأفعال.

الفصل الثاني: المزاح في العبادات، وفيه ستة مباحث:

المبحث الأول: المزاح في الطهارة، وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: المزاح في الوضوء.

المطلب الثاني: المزاح في الغسل.

المطلب الثالث: المزاح في التيمم.

المبحث الثاني: المزاح في الصلاة، وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: حكم صلاة المازح.

المطلب الثاني: حالات المزاح في الصلاة.

المطلب الثالث: الأثر المترتب على المزاح في الصلاة.

المبحث الثالث: المزاح في الزكاة، وفيه مطلبان:

المطلب الأول: حكم زكاة المازح.

المطلب الثاني: الأثر المترتب على المزاح في الزكاة.

المبحث الرابع: المزاح في الصيام، وفيه مطلبان:

المطلب الأول: حكم صيام المازح.

المطلب الثاني: الأثر المترتب على المزاح في الصيام.

المبحث الخامس: المزاح في الحج والعمرة، وفيه مطلبان:

المطلب الأول: حكم حج المازح وعمرته.

المطلب الثاني: الأثر المترتب على المزاح في الحج والعمرة.

المبحث السادس: المزاح بصحة العبادة بعد الفراغ منها.

الفصل الثالث: المزاح في المعاملات، وفيه ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: المزاح في إجراء العقْد، وفيه سبعة مطالب:

المطلب الأول: المزاح في البيع، وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: تعريف البيع.

المسألة الثانية: حكم المزاح في البيع.

المطلب الثاني: المزاح في الإجارة، وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: تعريف الإجارة.

المسألة الثانية: حكم المزاح في الإجارة.

المطلب الثالث: المزاح في الإبراء، وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: تعريف الإبراء.

المسألة الثانية: حكم المزاح في الإبراء.

المطلب الرابع: المزاح في الوكالة، وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: تعريف الوكالة.

المسألة الثانية: حكم المزاح في الوكالة.

المطلب الخامس: المزاح في الهبة، وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: تعريف الهبة.

المسألة الثانية: حكم المزاح في الهبة.

المطلب السادس: المزاح في الوقف، وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: تعريف الوقف.

المسألة الثانية: حكم المزاح في الوقف.

المطلب السابع: المزاح في الوصية، وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: تعريف الوصية.

المسألة الثانية: حكم المزاح في الوصية.

المبحث الثاني: المزاح في فسخ العقْد، وفيه مطلبان:

المطلب الأول: تعريف الفسخ.

المطلب الثاني: حكم المزاح في فسخ العقد.

المبحث الثالث: المزاح في الإقالة، وفيه مطلبان:

المطلب الأول: تعريف الإقالة.

المطلب الثاني: حكم المزاح في الإقالة.

الفصل الرابع: المزاح في أحكام الأسرة والعتق، وفيه مبحثان:

المبحث الأول: المزاح في أحكام الأسرة، وفيه ثمانية مطالب:

المطلب الأول: المزاح بعقد النكاح، وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: تعريف النكاح.

المسألة الثانية: حكم المزاح بعقد النكاح.

المطلب الثاني: المزاح في إيقاع الطلاق، وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: تعريف الطلاق.

المسألة الثانية: حكم المزاح في إيقاع الطلاق.

المطلب الثالث: المزاح في طلب الخلع، وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: تعريف الخلع.

المسألة الثانية: حكم المزاح في الخلع.

المطلب الرابع: المزاح في التلفظ بالرجعة، وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: تعريف الرجعة.

المسألة الثانية: حكم المزاح في التلفظ بالرجعة.

المطلب الخامس: المزاح في إيقاع الظهار، وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: تعريف الظهار.

المسألة الثانية: حكم المزاح في إيقاع الظهار.

المطلب السادس: المزاح في الإيلاء، وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: تعريف الإيلاء.

المسألة الثانية: حكم المزاح في الإيلاء.

المطلب السابع: المزاح مع الزوجة.

المطلب الثامن: المزاح مع الأطفال.

المبحث الثاني: المزاح بالعتق، وفيه مطلبان:

المطلب الأول: تعريف العتق.

المطلب الثاني: حكم المزاح بالعتق.

الفصل الخامس: المزاح في الجنايات، والحدود، والقضاء، وفيه مبحثان:

المبحث الأول: المزاح في الجنايات والحدود، وفيه أربعة مطالب:

المطلب الأول: المزاح بالجناية، وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: تعريف الجناية.

المسألة الثانية: حكم المزاح بالجناية، وفيه فرعان:

الفرع الأول: المزاح بالجناية على النفس.

الفرع الثاني: المزاح بالجناية على ما دون النفس.

المطلب الثاني: المزاح بالسرقة، وفيه ثلاث مسائل:

المسألة الأولى: تعريف السرقة.

المسألة الثانية: حكم المزاح بالسرقة.

المسألة الثالثة: ضمان المسروق.

المطلب الثالث: المزاح بترويع المسلم.

المطلب الرابع: المزاح بالقذف والشتم، وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: تعريف القذف والشتم، وفيه فرعان:

الفرع الأول: تعريف القذف.

الفرع الثاني: تعريف الشتم.

المسألة الثانية: حكم المزاح بالقذف والشتم.

المبحث الثاني: المزاح في الأيمان، والنذور، والقضاء، وفيه خمسة مطالب:

المطلب الأول: المزاح في عقد اليمين والنذر، وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: تعريف اليمين والنذر، وفيه فرعان:

الفرع الأول: تعريف اليمين.

الفرع الثاني: تعريف النذر.

المسألة الثانية: حكم المزاح في عقد اليمين والنذر.

المطلب الثاني: المزاح في القضاء، وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: تعريف القضاء.

المسألة الثانية: حكم المزاح في القضاء، وفيه فرعان:

الفرع الأول: مزاح القاضي.

الفرع الثاني: مزاح الخصم في مجلس القضاء.

المطلب الثالث: المزاح في الشهادة، وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: تعريف الشهادة.

المسألة الثانية: حكم شهادة المازح.

المطلب الرابع: المزاح في الإقرار، وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: تعريف الإقرار.

المسألة الثانية: حكم المزاح في الإقرار.

المطلب الخامس: المزاح في الرواية، وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: تعريف الرواية.

المسألة الثانية: حكم رواية المازح.

الخاتمة: وفيها أهم نتائج البحث.

وأخيرًا: الفهارس ومصادر الدراسة ومراجعها.

هذا، وإني أحمد الله عز وجل وأشكره كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه على ما يسره لي من دراسة هذا البحث وإتمامه، فما كان فيه من خير وصواب فمن الله عز وجل وحده، وما فيه من خلل ونقص وتقصير فمن نفسي والشيطان، والله عز وجل ورسوله بريئان، وحسبي أني بذلت وسعي وطاقتي، ولم أدخر فيه جهدًا بغية الوصول إلى الغرض المطلوب إن شاء الله.

هذا، وإن من أعظم الأسباب التي دفعتني إلى الجد والمثابرة والعمل الدؤوب المتواصل ما استطعت إلى ذلك سبيلاً: تشجيع صاحب الفضيلة الأستاذ الدكتور/ مساعد بن قاسم الفالح - حفظه الله ورعاه - الذي أشرف على بحثي هذا، ومهَّد لي طرقه، وأعانني على اجتياز الكثير من العقبات في صبر وتواضع جم؛ فلقد كان لتوجيهاته القيمة، وملاحظاته الهادفة أبلغُ الأثر في هذا البحث، سواء فيما يتصل بمادته العلمية، أم فيما يختص بشكله وترتيبه، حتى استوى البحث على سوقه، وانتهى إلى الصورة التي هو عليها، فأسأل الله العلي القدير أن يجزيه عني وعن طلبة العلم خير الجزاء، وأن يبارك في عمره وعمله، وأن يوفقه لما يحبه ويرضاه، إنه سميع الدعاء.

كما أتقدم بالشكر الجزيل لوالديَّ الكريمين على ما بذلا من جهد، ومال، ووقت في سبيل تربيتي وتعليمي، فأشكرهما شكرًا جزيلاً، وأسأل الله تعالى أن يجزيهما عني خير الجزاء، ويعظم أجرهما، ويمن عليهما برضاه.

ثم الشكر موصول لزوجي الكريم الذي مدَّ لي يدَ العون، وذلَّل أمامي العقبات، ودفعني للمواصلة والاجتهاد، فأسأل الله عز وجل أن يجزيه عني خير الجزاء، ويعظم له الأجر والمثوبة.

كما لا يفوتني أن أتقدم بالشكر الجزيل، والثناء العطر، لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ممثلة في كلية الشريعة، وأنوِّهُ بالدور البَنَّاء الذي تقوم به في خدمة الإسلام والمسلمين.

ولا يفوتني - كذلك - أن أتقدم بالشكر إلى كل من مدَّ لي يد العون والمساعدة على إعداد هذا البحث، بإهداء نصيحة، أو إرشاد، أو إعارة كتاب، فلهم مني جزيل الشكر، وأسأل الله أن يجزيهم خير الجزاء.

كما أسأله سبحانه أن يمنَّ علينا بالفقه في دينه، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يحسن مقاصدنا ونياتنا، وأن يجعل ما قدمناه حجة لنا لا حجة علينا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

فهرس الموضوعات