القرارات الصادرة عن منظمة التجارة العالمية (السلطة والصناعة والحجية)

ملخص الرسالة

القرارات الصادرة عن منظمة التجارة العالمية

(السلطة والصناعة والحجية)

مقدمة:

الحمد لله رب العالمين، أولًا وآخرًا، وظاهرًا وباطنًا، عدد خَلقه، ومداد كلماته، وزِنَةَ عرشه، ورضاءَ نفسه، والصلاة والسلام على نبيه المصطفى، المجتبى من خَلقه، والمنتخب من بريته، عليه وعلى آله الطيبين، وأصحابه التابعين لهم بإحسان: الصلوات الوافيات، والبركات الطيبات، الزاكيات المباركات، إلى يوم الدين، أما بعد:

فلقد أدى تقدم المجتمعات الإنسانية في شتى نواحي الحياة إلى ظهور ما عُرف اليوم في عصرنا الحاضر بالتنظيم الدولي، حتى غدا ميزة وسِمةً من سماته.

وما ذلك إلا لما وجدت فيه دول العالم جمعاء من تغطية لاحتياجاتها القومية ورغباتها الوطنية، التي كانت لا تحصل عليها إلا بما يفرقها عن بعضها البعض من إحنٍ وتقاتل.

فهو يقوم على تنظيم العلاقات بين الدول، وعلى الربط بينها بوشائج الصلة والتعاون في شتى الجوانب والمجالات.

ولذا كان للتنظيم الدولي أهميته الكبرى، التي لا تتحقق إلا بوجود ما يعبر عن هذا التنظيم، ومن هنا نشأت المنظَّمات الدولية؛ لتحقيق ذلك التعاون، وتجسيده على أرض الواقع.

ومن الملاحظ أن تلك المنظمات تتفاوت أهميتها وتأثيرها على مجريات الحياة الدولية تبعًا لتفاوتها في أهمية النشاط الذي تزاوله، والمجال الذي تشرف عليه وتختص بالعمل في نطاقه، وما يرسم لها من أهداف، وما يُمنح لها من وسائل وأدوات لتحقيقها.

ومن بين تلك المنظمات التي اكتسبت أهمية لا نظير لها على الصعيدين الوطني والعالمي: منظمة التجارة العالمية، التي كانت من آخر المنظمات التي انضمت إليها المملكة العربية السعودية.

فهي تقوم بالإشراف على النظام التجاري العالمي وتطويره، وعلى حركة التجارة الدولية وتحريرها، وعلى التبادل التجاري الذي أدرك بنو البشر أهمية التعاون فيه عبر التاريخ.

ولذا نرى أن تلك المنظمة كانت - ولا غرابة - محل أنظار الدارسين، ومكان اهتمام بينهم؛ نظرًا لأهميتها التي اكتسبتها من أهمية النشاط الذي تشرف عليه.

على أن الاهتمام بها من قِبَل الباحثين والدارسين قد تناولها من زوايا متعددة، بحسب ما يرى الباحث أن الحاجة داعية لبحثه ودراسته.

ومن بين تلك الأمور التي تعكس دراستها مدى ما تتمتع به تلك المنظمة من أهمية: القرارات الصادرة عنها.

فهي من أهم الوسائل التي تُعين المنظمة على القيام بمهامها بُغية الوصول إلى ما أُنشِئَتْ من أجله.

كما أنها أهم وسيلة تستطيع المنظمة - من خلالها - التعبير عن إرادتها لتحقيق أهدافها.

ونظرًا إلى أنه من غير النادر أن يصدر من أعضاء هذه المنظمة تنصُّل من تنفيذ تلك القرارات، يؤدي إلى الإخلال بما تضطلع به المنظمة من مهام، من هنا ثار لدى الكثيرين من المعنيِّين بشؤون المنظَّمات الدولية وقانون التنظيم الدولي: تساؤل عن مدى سلطة وحجية القرارات التي تصدر عن منظمة التجارة العالمية في مواجهة المخاطبين بها، وكيفية صناعتها.

وهذه القضية - على أهميتها وكثرة وقوعها - ليس فيها دراسة قانونية فقهية تناولت جزئياتها بالبحث والدراسة، وقامت بالإجابة على التساؤلات المطروحة؛ ولذا استعنت بالله العظيم على أن تكون هذه المسألة هي موضوع هذا البحث الذي يُقدم استكمالًا لمتطلبات مرحلة الماجستير في قسم السياسة الشرعية.

فهرس الموضوعات