• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    كيف يحج المسلم ويعتمر من حين خروجه من منزله حتى ...
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    مفاهيم أخطاء في الأشهر الحرم
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    لكل مقام مقال (بطاقة دعوية)
    د. منال محمد أبو العزائم
  •  
    ما لا يسع القارئ جهله في التجويد: الكتاب الثالث ...
    د. عبدالجواد أحمد السيوطي
  •  
    تمام المنة في شرح أصول السنة للإمام أحمد رواية ...
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
  •  
    شرح كتاب الأصول الثلاثة: العلم والدعوة والصبر
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    ثلاثة الأصول - فهم معناه والعمل بمقتضاها
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    فتاوى الحج والعمرة (PDF)
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    اسم الله تعالى الشافي وآثار الإيمان به في ترسيخ ...
    الدكتور سعد بن فلاح بن عبدالعزيز
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    متفرقات - و (WORD)
    الشيخ ندا أبو أحمد
شبكة الألوكة / مكتبة الألوكة / المكتبة المقروءة / مكتبة المخطوطات / أخبار التراث والمخطوطات
علامة باركود

أما آن للمغرب المطالبة بمخطوطاته في "الإسكوريال"..؟

محمد محمد الخطابي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/2/2014 ميلادي - 30/3/1435 هجري

الزيارات: 6850

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أما آن للمغرب المطالبة بمخطوطاته في "الإسكوريال"؟


 

ما ضاع حقٌّ وراءه طالب..

قبل هذا العرض التاريخي حول هذه المخطوطات الغميسة التي شاءت الأقدار أن تهرب وتُنهب من موطنها الأصلي قسرًا وقهرًا؛ حيث سيتأكد لنا بما لا يترك مجالاً للشك والريبة بعد قليل أن مجموعة هامة منها تعود في الأصل لملكية بلادنا، كما أنه لا ينبغي أن يعزب عن بالنا أن لهذه النفائس المغربية الفريدة والذخائر الثمينة، صلة وُثقى بتاريخنا وتراثنا، بل إنها جزء لا يتجزأ من هذا التاريخ، ومن هذا التراث الذي ما فتئ يقبع منذ بضعة قرون أسيرًا في الديار الإسبانية إلى يومنا هذا، فإن السؤال الذي أصبح يطرح ويفرض نفسه بإلحاح والحالة هذه في الوقت الراهن هو: سبق للمغرب على امتداد التاريخ - كما سنرى - أن طالب بهذه المخطوطات ولم يفلح في استعادتها، أما آن له الآن المطالبة بهذه النفائس التي لا تقدَّر بثمن بطريقة حضارية معاصرة؟

 

مثلما بادرت العديد من دول العالم الأخرى إلى حماية تراثها الثقافي، والمطالبة باسترداد واسترجاع آثارها، ومنحوتاتها، وأوانيها، ومصوغاتها، وكتبها، ومخطوطاتها، وحُليها، وقِطَعها الأثرية المنهوبة مع اختلاف الظروف، وتباين الملابسات التاريخية التي سلبت فيها من بلدانها هذه الذخائر؛ مثل: مصر، وعمان، وتركيا، ونيجيريا، والمكسيك، والبيرو، واليونان، وغوتيمالا، وسواها، وهي كثير؟

 

وهذه هي قصتها المثيرة:

تؤكد مختلف المصادر والمراجع التاريخية التي تتعرض لموضوع المخطوطات الإسلامية الموجودة في مكتبة دير الإسكوريال (أنشئت ما بين 1533- و 1584) - أن جزءًا مهمًّا من هذه المخطوطات النادرة يعود في الواقع للسلطان المغربي أحمد المنصور الذهبي السعدي الذي اشتَهر باقتناء الكتب، وجمع منها خزانة عظيمة، وسار خلفه ابنه مولاي زيدان على نهجه في الاهتمام بالكتب، فزاد في تنمية وتوسيع المكتبة التي كانت عند والده، وعُني بها عناية فائقة حتى ناف عددها على أربعة آلاف مخطوط، يبحث في مختلف العلوم والمعارف، إلا أن هذه المكتبة الفاخرة صادفها سوء الحظ، وخبأ لها القدر مفاجآت مثيرة.

 

المخطوطات تصل إلى الإسكوريال:

يشير البحَّاثة المغربي المرحوم محمد الفاسي في تحقيقه وتقديمه لمخطوط "الإكسير في فكاك الأسير"؛ للسفير المغربي ابن عثمان المكناسي: "أن خزانة الإسكوريال المليئة بالمخطوطات الثمينة يظن الكثيرون أنها من مخلفات العرب في إسبانيا، والحقيقة أن محاكم التفتيش الكاثوليكية كانت أحرقت كل الكتب العربية أينما وجدت، ولم يبق بعد خروج المسلمين من شبه الجزيرة الأيبيرية كتب تستحق الذكر، وفي أيام السعديين كان المنصور الذهبي مولعًا باقتناء الكتب، وجمع منها خزانة عظيمة، وسار خلفه ابنه زيدان على سنته في الاهتمام بالكتب، فنمَّى الخزانة التي كانت عند والده، ولما قام عليه أحد أقاربه واضطر للفرار، كان أول ما فكر فيه خزانة كتبه فوضعها في صناديق ووجهها إلى مدينة آسفي لتشحن في سفينة كانت هناك لأحد الفرنسيين؛ لينقلها إلى أحد مراسي سوس، فلما وصلت السفينة انتظر رئيسها مدة أن يدفع له أجرة عمله، ولما طال عليه الأمر هرب بمركبه وشحنته الثمينة، فتعرض له في عرض البحر قرصان إسباني وطارده للاستيلاء على الصناديق، ولا شك أنهم كانوا يظنون أنها مملوءة بالذهب، واستولوا بالفعل على المركب الفرنسي وأخذوا الصناديق، فلما فتحوها ولم يجدوا بها إلا الكتب، فكروا من حسن الحظ أن يقدموها هدية لملكهم، ولما وصلت هذه الكتب إلى الملك فيليب الثاني، الذي كان منهمكًا في بناء الدير الفخم للقديس "لورينثو" بالمحل المسمى الإسكوريال، وكان قد نذر في حرب مع فرنسا ألجأته لهدم كنيسة تحمل اسم القديس المذكور، أنه إذا انتصر فسيبني له كنيسة أفخم، فلما وصلته هذه الكتب أوقفها على هذا الدير، وهي التي لا تزال إلى اليوم موجودة به، ويقصدها العلماء من كل الأقطار للاستفادة من ذخائرها".

 

الرحَّالة المغاربة والإسكوريال:

تشير المستشرقة الإسبانية "نييفيس باراديلا ألونسو" في دراسة لها حول هذا الموضوع: "إن معظم الرحالة المغاربة الذين زاروا إسبانيا تعرضوا في كتاباتهم إلى الأهمية التي تنطوي عليها الكتب والمخطوطات العربية التي توجد في الإسكوريال؛ ذلك أن المتاحف والمكتبات كانت باستمرار أماكن تسترعي اهتمام مختلف هؤلاء الرحَّالة الذين زاروا إسبانيا على امتداد العصور، وهذا ما حدث لدير الاسكوريال؛ حيث كان محط اهتمام الأجانب الذين كانوا يتقاطرون على إسبانيا"، وتتعرض الباحثة لثلاثة سفراء مغاربة زاروا إسبانيا في حِقَبٍ تاريخية متفاوتة؛ حيث زارها الأول في القرن السابع عشر، والاثنان الآخران في القرن الثامن عشر، وتقول: "إن هؤلاء كانوا جميعًا بمثابة سفراء لبلدانهم في إسبانيا، وقد قدموا إليها للتفاوض مع العاهلين الإسبانيين كارلوس الثاني ثم كارلوس الثالث".

 

ومن المهام التي اضطلع بها هؤلاء السفراء، التفاوض من أجل إطلاق سراح أسرى المسلمين في إسبانيا والتوقيع على اتفاقيات التعاون وحسن الجوار بين المغرب وإسبانيا، وقضية المطالبة بعدد هام من المخطوطات المغربية الموجودة في الإسكوريال".

 

إن مكتبة الإسكوريال بالذات بدأت تنمو وتتكاثر بفضل العناية التي كان يوليها للكتب ملك إسبانيا فيليب الثاني، الذي عمل على تأسيس مكتبات عمومية كبرى على غرار المكتبات الإيطالية؛ حيث طلب من سفرائه جمع واقتناء الكتب والمخطوطات العربية، وهكذا أمكن له إثراء خزانة الإسكوريال بهذه التحف والذخائر التاريخية النفيسة.

 

وتؤكد المستشرقة الإسبانية بدورها الواقعة التاريخية المشهورة التي تعرضت لها مختلف الكتب التاريخية التي تبحث في تاريخ العلاقات الاسبانية المغربية، وهي قضية سطو القراصنة الإسبان عام 1612 بالقرب من مدينة سلا على مركب فرنسي كان يحمل المكتبة الخاصة للسلطان المغربي مولاي زيدان، والتي كانت تتألف من حوالي أربعة آلاف مخطوط، وقد تم تحويل هذه الكتب والمخطوطات جميعها الى مكتبة دير الإسكوريال بأمر من الملك الإسباني فيليب الثاني".

 

كما تتعرض المستعربة الإسبانية إلى حدث خطير وقع عام 1671 عندما شب حريق في الجناح العربي من الدير؛ حيث التهمت النيران حوالي 2500 مخطوط.

 

الغساني والغزال والمكناسي:

وبعد عشرين سنة من هذا الحادث المؤسف وصل إلى إسبانيا الوزير عبدالوهاب الغساني سفير السلطان مولاي إسماعيل خلال حكم العاهل الإسباني كارلوس الثاني (1690-1691)، وفي كتابه: "رحلة الوزير في افتكاك الأسير"، وصف هذا السفير الجناح الذي توجد فيه كتب ومخطوطات ابن زيدان بدير الإسكوريال، كما فاوض العاهل الإسباني بشأن إطلاق سراح الأسرى المسلمين، وكذا إرجاع بعض المخطوطات العربية الى المغرب، واستجاب العاهل الإسباني للمطلب الأول، وماطل في الاستجابة للمطلب الثاني.

 

والسفير المغربي الثاني هو أحمد بن المهدي الغزال سفير سيدي محمد بن عبدالله لدى بلاط كارلوس الثالث (1766) صاحب كتاب: "نتيجة الاجتهاد في المهادنة والجهاد"، وتحتل قضية المخطوطات المغربية كذلك مكانًا مهمًّا في رحلة الغزال الذي قام هو الآخر بزيارة الإسكوريال، وسلم له العاهل الإسباني كارلوس الثالث بعض هذه المخطوطات (300 مخطوط حسب رواية الغزال نفسه).

 

أما السفير المغربي الثالث، فهو ابن عثمان المكناسي سفير المولى محمد بن عبدالله لدى بلاط كارلوس الثالث الذي زار إسبانيا في الفترة المتراوحة بين (1779-1780)، وهو صاحب كتاب: "الإكسير في فكاك الأسير".

 

فقد تمثلت مهمته كذلك في افتكاك أسرى المسلمين، كما يتضح من عنوان كتابه، كما أنه لم ينس كسابقيه زيارة دير الإسكوريال؛ حيث توقف بالخصوص طويلاً عند المخطوطات العربية بهذا الدير، وقد وصف الإسكوريال وصفًا دقيقًا، وكل ما به من مقابر الملوك الإسبان، وعن ذلك يقول: "فاذا به من عجائب الدنيا في ارتفاع صواريه وضخامة بنيانه، يقف الوصف دونه"، وعن المخطوطات العربية (بما فيها المغربية) يقول: "إنها في غاية الحفظ، ولا يمكن لأحد أن يدخل إلى تلك الخزانة كائنًا من كان، ومكتوب عليها بخط أعجمي: "أمر البابا ألا يخرج أحد من هذه الخزانة شيئًا".

 

وقد سلم ملك إسبانيا كارلوس الثالث عددا من المخطوطات العربية للسفير المغربي، إلا أنها لم تكن من مجموعة الإسكوريال، ولم يتعرض السفراء الثلاثة لحادث السطو على خزانة ابن زيدان؛ حتى لا يؤثر ذلك على مهماتهم الدبلوماسية الأخرى التي قدموا إسبانيا من أجلها كذلك.

 

في البحث عن المجد الضائع:

وفى دراسة للباحث التونسي علي العريبي تحت عنوان: "الرحلة الأندلسية للورداني، والبحث عن المجد الضائع"، يشير أن الورداني شاعر ورحَّالة تونسي عاش في أواخر القرن التاسع عشر، وفي أوائل القرن العشرين، ولد سنة 1861 ببلدة الوردانيين جهة الساحل، وتوفي سنة 1914، قام هو الآخر بزيارة لمدينة الإسكوريال؛ حيث أقبل على آثار القصور الموجودة بالمدينة، فوصف ما بها من نقوش ورسوم، وقد استرعى انتباهه في قصر فيليب الثاني رسوم جدرانه التي تصور حروب دولة إسبانيا؛ سواء مع العرب، أو مع الدولة العلية".

 

ويضيف: "وقد عثرت البعثة المرافقة للورداني على أكثر من ألفي كتاب عربي"، ويعتقد الناس خطأً -حسب الورداني - أن الكتب العربية الموجودة في هذه المكتبة هي من مخلفات الأندلس، وليس الأمر كذلك، فقد أظهر لي التحري والتحقيق وكثرة المحاورة والمذاكرة مع أرباب الوقوف والاطلاع، أن الإسبان لما ملكوا الأندلس أشار عليهم رؤساء الأديان بحرق الكتب الإسلامية لا سيما الدينية، فكانوا كلما تمكنوا من بلاد، أحرقوا كتبها، إلا ما بقي عند بعض الأفراد، وأن هذه الكتب هي من كتب زيدان أمير المغرب، كان قد اشتراها من المشرق وبينما مأموروه قد قدموا بها؛ إذ فاجأتهم سفن إسبانيا الحربية قريبًا من بوغاز سبتة (جبل طارق)، فغلبتهم وغصبت الكتب، فهي في التحقيق من حكومة مراكش لا الأندلس، والذي يدل على صحة ما ذهبت إليه ما شاهدته مكتوبًا على أغلب الكتب من أنها ملك الأمير زيدان المذكور".

 

ويلاحظ أن الورداني لم يكن يعرف قصة هذه الكتب الحقيقية كما سبقت الإشارة إليها من قبل، وكما سنرى عند مؤرخ فرنسي تعرض لنفس الموضوع وهو "جان كايي"؛ إذ يذكر الورداني أن الكتب اشتراها مولاي زيدان من المشرق، وسطا عليها الإسبان في مضيق جبل طارق بالقرب من مدينة سبتة وهي في طريقها إليه؛ حيث كان يقيم بمراكش، وإذا كان الأمر كذلك، فكيف وضع خاتم زيدان على هذه المخطوطات كما يؤكد الورداني نفسه ذلك؟ مما يرجح صحة الرواية الشهيرة التي سبق أن أكدها المرحوم محمد الفاسي والباحثة الإسبانية نييفيس ألونسو، وكذا المؤرخ الفرنسي جان كايي وسواهم من الباحثين.

 

القنصل الفرنسي وخزانة زيدان:

وتحت عنوان: "كاسطلان وخزانة زيدان"، يشير المؤرخ الفرنسي "جان كايي" في كتابه: "موجز تاريخ المغرب" إلى: "أن جان فيليب كاسطلان"، وهو من مدينة مرسيليا، كان قنصل فرنسا في المغرب، معتمدًا لدى السلطان المغربي مولاي زيدان عام 1610"، الذي قال عنه المؤلف: "كان من أعظم ملوك السعديين بفضل حنكته وصرامته، وحبه للعلم وعطفه على أهله؛ حيث كان شغوفًا بالأدب، ومولعًا بالكتب، فضلاً عن أنه كان يملك خزانة عظيمة، ورث معظم كتبها عن والده مولاي أحمد المنصور، وقد بلغ عدد كتب هذه الخزانة حوالى أربعة آلاف مخطوط".

 

ويضيف المؤلف الفرنسي: إن كثيرًا من هذه التحف النادرة كانت مغطاة بماء الذهب، ومنمقة بالجواهر النفيسة، وبعضها كان مكتوبًا بخطوط جميلة جدًّا، وذات فنية عالية، ويحكي المؤلف هو الآخر قصة وصول خزانة مولاي زيدان إلى الإسكوريال، فيقول: "في ربيع 1612وصل مولاي زيدان إلى مدينة آسفي مع عائلته وقد حمل معه ممتلكاته النفيسة ومنها مكتبته، وهو ينوي الالتحاق بمدينة أكادير، وكان بالميناء مركبان الأول هولاندي، والثاني فرنسي، وهو مركب كاسطلان، واكترى مولاي زيدان المركبين، فسافرت عائلته في المركب الهولاندي، وسلم خزانته وبعض ممتلكاته لمركب كاسطلان الذي قَبِل نقل هذه الحمولة إلى أكادير مقابل 3000 دوقية.

 

ويصف المؤلف الفرنسي وصفًا دقيقًا كل ما حمله هذا المركب من أمتعة السلطان السعدي، وكانت الصناديق التي تحتوي على حاجاته وكتبه قد وضع عليها خاتمه السلطاني.

 

ويشير المؤلف أن المركب كان يسمى "نوتردام دو لاغارد"، إلا أن صاحبه كاسطلان رفض إنزال حاجات ومتاع وكتب مولاي زيدان قبل استلام المبلغ المتفق عليه، وأمام قرب نفاد الزاد في المركب الفرنسي قرَّر كاسطلان وطاقمه في ليلة 22 يونيو العودة إلى فرنسا.

 

تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن:

ويشير المؤلف إلى أن الرياح جاءت بما لا تشتهيه السفن؛ إذ عندما كان المركب الفرنسي قُبالة مدينة سلا هوجم على حين غرة من طرف أسطول إسباني كان تحت إمرة الأميرال فاخاردو، وأُرغم على الاتجاه إلى مدينة قادس الإسبانية؛ حيث تمت محاكمة كاسطلان وسجنه، ثم مات عام 1619.

 

وأُلحقت خزانة مولاي زيدان بدير الإسكوريال، كما أرسلت بقية متاعه وحاجاته النفيسة الأخرى إلى مدريد، ويشير المؤلف الفرنسي إلى أن مولاي زيدان استشاط غضبًا عندما علم بالخبر، واحتج بشدة لدى ملك فرنسا لويس الثالث عشر، وتحملت الجالية الفرنسية المقيمة في المغرب في ذلك الوقت عواقب ومغبة هذا الحدث، فزجَّ ببعضهم في السجون، وأرغم آخرون على مغادرة البلاد، وأصبحت العلاقات السياسية والتجارية بين المغرب وفرنسا شبه منعدمة، وقام لويس الثالث عشر بعدة مساع لدى البلاط الإسباني؛ حتى يسترجع ملك المغرب ممتلكاته وخزانته، ولكن دون جدوى.

 

ويختم "جاك كايي" بحثه الشيق قائلاً: "وما زالت مكتبة مولاي زيدان توجد إلى يومنا هذا في إسبانيا، في نفس المكان الذي كانت توجد فيه من هذا الدير، وقد عايَنها وشاهدها وتصفَّحها في عدة مناسبات العديد من السفراء والرحالة، والمؤرخين، والباحثين، والمتخصصين، والطلبة، وجميع هذه الكتب والمخطوطات يوجد عليها خاتم مولاي زيدان".

 

محتويات خزانة الإسكوريال:

يؤكد القائمون على هذه المكتبة الفريدة من نوعها أن المخطوطات العربية والإغريقية الموجودة بها، تعتبر من أحسن وأجمل المخطوطات في أوروبا، وتضم هذه الخزانة الآن حوالي 45000 كتاب مطبوع تعود للقرنين الخامس عشر والسادس عشر، وما يزيد على 5000 مخطوط تتوزع حسب أهميتها؛ من حيث مضامينها، وعددها على اللغات التالية، تأتي في المرتبة الأولى العربية (1700) مخطوط، واللاتينية (1400)، والقشتالية (800)، والإغريقية (600)، والإيطالية (80)، والعبرية (حوالى 70)، والكطلانية والبلنسية (50)، والفرنسية (30)، والصينية (بضع مخطوطات)، والفارسية (20)، والبرتغالية (15)، والتركية (12)، والأرمينية (2)، والألمانية (بضع مخطوطات)، ولغة نوالط المكسيكية القديمة (مخطوط واحد).

 

وتبلغ مساحة خزانة الإسكوريال 54 مترًا طولاً مقابل 9 أمتار عرضًا، و10 أمتار علوًّا، ويعلوها قبو عليه رسومات عديدة مزدانة ومزركشة بألوان متنوعة بديعة، تنقسم إلى سبعة أقسام، تمثل سبع صور ترمز إلى الفنون أو العلوم السبعة التي كانت تدرس بالجامعات في ذلك الإبان، وهي: النحو، والبلاغة، والجدل أو المنطق، والحساب، والفلك، وخصصت الواجهتان الشمالية والجنوبية لعلمي الفلسفة واللاهوت.

 

وهناك 14 رسمًا لبارطولومي كاردوشو تصور قصصًا لها صلة بالفنون والعلوم المذكورة، وبعض العلماء الذين نبغوا في هذه العلوم، ويشير الأب تيودورو - أحد الذين عملوا في هذه الخزانة - أن أجمل وأحب المخطوطات إلى نفسه هي المخطوطات العربية؛ حيث يَعجِز عن وصف جمالها وروعتها، ويؤكد أنه من أغرب ما لوحظ أنها مكتوبة بحبر أو مداد يحتوي على مادة قوية مضادة للحشرات؛ بحيث لا تقترب من هذه النفائس، ولا تُلحق بها ضررًا ولا تلفًا.

 

وقد اعترف الأب تيودورو أن محاكم التفتيش كانت قد أحرقت بالفعل العديد من المخطوطات العربية، وعليه فإن بعضها قد تَمَّ إيداعها في الخزانة وهي مخيطة ومصونة مخافة إحراقها أو تدميرها من طرف المتعصبين.

 

المخطوطات بين المغرب ومصر:

المسؤولون المغاربة عن الشأن الثقافي كانوا قد أعلنوا في 19 يناير2010 أنه سيتم تصوير المخطوطات المغربية الموجودة في مكتبة الإسكوريال بمدريد، وإعداد نسخ منها على الميكروفيلم (وليست الأصلية)؛ لتصبح متوفرة للاستعمال في المكتبة الوطنية بالرباط، وتحقيق هذه الغاية - أي: الحصول علي بعض النسخ من هذه الميكروفيلمات - لم يتم إلا في 7 فبراير 2011، علمًا بأنه قبل هذا التاريخ بكثير في عام 1997؛ أي: منذ ما ينيف على 14 سنة قبل هذا التاريخ، كانت الملكة الإسبانية صوفيا خلال زيارة لها لمصر في هذا الإبان، قد أهدت مجموعة كاملة من ميكروفيلمات المخطوطات العربية بدير الإسكوريال إلى مكتبة الإسكندرية، بما فيها المخطوطات المغربية على وجه الخصوص، لا جرم أن المسؤولين في هذه المكتبة الذين تسلموا هذه المخطوطات كان لسان حالهم يقول مثلما قال أبو القاسم الصاحب بن عباد عندما وقع بين يديه كتاب: "العقد الفريد"؛ لابن عبد ربه الأندلسي: هذه بضاعتنا رُدَّت إلينا!

 

المصدر: جريدة هسبريس الإلكترونية.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من الأجزاء المخطوطة النادرة
  • - أقدم نسخة للقران الكريم مخطوطة باليد تعرض في الصين
  • جولة مع مؤلفات الآلوسي رحمه الله المطبوعة والمخطوطة
  • قراءة في مخطوطة بهجة الإخوان في ذكر الوزير سليمان
  • مخطوطة إرشاد الغاوي بل إسعاد الطالب والراوي للإعلام بترجمة السخاوي ( دراسة نقدية لنسختي آيا صوفية ولايدن )
  • مخطوطة ترجمة كاملة للقرآن الكريم باللغة الإسبانية
  • 521 مخطوطة أثرية تكسبها قيمة خاصة .. مكتبة زايد للبحوث منارة فكر وعلوم وتراث

مختارات من الشبكة

  • أماه .. كنت لنا سر الحياة ثم رحلت إلى الله(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أمك ثم أمك ثم أمك (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • محاضرات في علم المواريث (4)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (9) إسلام أم سلمة رضي الله عنها وهجرتها(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • أيها القابع في الشبهات، أما آنت توبتك قبل الممات؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ذكريات نحو الأم (حملته أمه وهنا على وهن)(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ الأرحام والأقارب وهل كلهم محارم؟ (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أما كفاكم يا دعاة الخرافة؟!(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم)
  • تأملات في قول النبي صلى الله عليه وسلم: أمك ثم أمك(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل الصدقة؟»(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/11/1446هـ - الساعة: 9:38
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب