• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    لقاء حول ثقافة الشاب وتوجهه (PDF)
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    حدیث: (الشؤم في ثلاثة: المرأة، والدار، والفرس) ...
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    أيام في ألمانيا: رحلة بين الخطوط والمخطوط
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    النعم.. أنواعها.. وأطنابها
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الإخلاص سبيل الخلاص
    منصة دار التوحيد
  •  
    سنن الفطرة: طهارة وجمال وإعجاز علمي
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
  •  
    الوعظ في مؤلفات ابن أبي الدنيا - دراسة وصفية ...
    هلال بن سلطان بن درويش الهاجري
  •  
    تلقیح الأفهام في وصایا خیر الأنام للعلامة: عبد ...
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    الموسوعة الندية في الآداب الإسلامية - آداب ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    الإيحاءات التربوية في صحيح البخاري باب قول النبي ...
    د. عماد سلمان حسن الفلاحي
  •  
    حياة القلوب تفسير كلام علام الغيوب (الجزء الرابع ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    وجعل بينكم مودة ورحمة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
شبكة الألوكة / مكتبة الألوكة / المكتبة المقروءة / مكتبة المخطوطات / أخبار التراث والمخطوطات
علامة باركود

أيام في ألمانيا: رحلة بين الخطوط والمخطوط

أيام في ألمانيا: رحلة بين الخطوط والمخطوط
محفوظ أحمد السلهتي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/10/2025 ميلادي - 12/4/1447 هجري

الزيارات: 1024

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أيام في ألمانيا: رحلة بين الخطوط والمخطوط

 

قضيت أسبوعًا في برلين، عاصمة ألمانيا، في رحلة علمية للمشاركة في ورشة عمل حول المخطوطات العربية نظمتها مؤسسة الفرقان من لندن بالتعاون مع مكتبة برلين الحكومية، وتشتهر ألمانيا بمكتباتها الغنية التي تضم آلاف النسخ الخطية للكتب العربية والإسلامية، ما يجعلها وجهة مميزة للباحثين والمهتمين بالتراث، كانت الرحلة تجربة ممتعة، غنية بالاكتشافات العلمية والتجارب الجديدة، وأتاح لي كل يوم فيها فرصة للغوص في عالم المخطوطات واستكشاف قصصها وخفاياها.

 

انعقدت الورشة بعنوان «الجوانب الباليوغرافية للمخطوطات الإسلامية: أنماط الخط واستخداماته» من 22-26 سبتمبر، وهدفت إلى تقديم لمحة شاملة عن الخطوط وأنماطها الرئيسة في العالم الإسلامي عبر العصور التاريخية المختلفة. تناولت الورشة بالعرض والدراسة مجموعة من أنماط الخطوط الكلاسيكية، مثل «الأقلام الستة» (النسخ، والثلث، والمحقَّق، والريحاني، والتوقيع، والرقاع)، إضافةً إلى خطوط وأنماط الخط في الغرب الإسلامي (الأندلسي، والمغربي، والأفريقي، وغيرها)، وكذلك الخطوط والأنماط الشرقية (التعليق، والنستعليق، والشكستة وما إلى ذلك)، فضلًا عن الخطوط والأنماط العثمانية وغيرها من المدارس الخطية المتميزة.

 

واستُكملت معظم المحاضرات بجلساتٍ تطبيقيةٍ وعمليةٍ، أُتيح خلالها للمشاركين الاطلاعُ المباشر على السمات الباليوغرافية التي تمت مناقشتها، من خلال دراسة نماذج مختارة من مخطوطات العالم الإسلامي المحفوظة ضمن مجموعة مكتبة برلين الحكومية، إلى جانب ممارسة مهاراتهم الخطية والتحليلية ضمن بيئة تدريبية متخصصة. ولا يخفى أن الاطلاع على أنواع الخطوط وأنماطها يعدّ أمرًا بالغ الأهمية، إذ يمكن توظيف هذه المعارف في تدقيق تأريخ المخطوطات، وتوثيقها، وتحقيق نصوصها بدقة أكبر.

 

وقد شارك في تقديم الورشة نخبةٌ من الخبراء والباحثين، وهم: الخطاط المعروف الأستاذ الدكتور منصور نصار (الأردن)، ود. محمدين أحمد سالم (موريتانيا)، ود. محمود زكي (مصر)، وكريستوف راوخ (ألمانيا)، وكلاوس بيتر هاسه (ألمانيا)، وشيفا ميهان (الولايات المتحدة الأمريكية)، وتوماس شتاينباخ (ألمانيا). وقد تنوّع المشاركون في الورشة من حيث الجنسيات والانتماءات الفكرية، مما أضفى على الفعالية طابعًا تفاعليًّا غنيًّا بالحوار والتبادل المعرفي البنّاء.

 

ومن الجوانب اللافتة التي أشار إليها الدكتور محمود زكي في عرضه القيّم، أنّ عددًا من المخطوطات العربية الواردة من اليمن تحمل على هوامشها أو في طُرّتها أسماء نساء امتلكن تلك الكتب عبر العصور، مما يعكس مشاركتهن في حفظ المخطوطات وربما تداولها أو وقفها أو بيعها. كانت المخطوطات آنذاك من أثمن المقتنيات، وغالبًا ما كانت ملكًا للأمراء والملوك والعلماء والأثرياء. وبعد وفاة أصحابها، انتقلت هذه الكنوز إلى ورثتهم، ومن بينهم النساء اللواتي حرصن على حفظها ضمن ممتلكاتهن الخاصة. ويشكّل هذا الدليل المادي برهانًا إضافيًّا على حضور المرأة في الحياة الثقافية للمجتمعات الإسلامية، ولو من خلال ملكية الكتب وحفظها وانتقالها عبر سلاسل الميراث، وهو جانب مهمٌّ غالبًا ما أُغفل في الدراسات السابقة، ويفتح آفاقًا لفهم أعمق لدور النساء في رعاية المعرفة وحماية التراث.

 

ومما أثار الانتباه كذلك في العرض العلمي الذي قدّمه الخطاط المتقن الدكتور محمدين أحمد سالم، إشارته إلى أن ندرة الأوراق في موريتانيا وبلدان الجوار خلال القرون الماضية دفعت الكتّاب والطلاب إلى ابتكار طرائق خاصة في التدوين. فقد كانوا يكتبون الحروف والجُمل متقاربة جدًّا، حتى تكاد تتلاصق، من غير فراغات فاصلة بين السطور، وبحروف دقيقة وصغيرة للغاية حرصًا على استغلال كل شبر من مساحة الورقة النادرة. وكان ذلك ضربًا من الاقتصاد في الكتابة يوازي ندرة الموارد المادية المتاحة.

 

ولم يقف الأمر عند شح الأوراق، بل تجاوزه إلى انعدام أدوات الكتابة نفسها؛ إذ كان بعضهم يلجأ في أوقات العوز إلى استخدام مواد طبيعية بديلة للحبر، ومن أغرب ما سُجّل في هذا الباب استعمال دم الجراد كمادة حبرية تُخلط وتُستخدم للكتابة على الرقاع. وهو ما يكشف عن قدرة مدهشة على التكيّف مع الظروف، وحرص شديد على حفظ العلم وتدوينه رغم قسوة البيئة وفقر الإمكانات.

 

في زوايا المخطوطات خفايا ومزايا:

وأنا كلما قلّبتُ صفحات المخطوطات، شدّني أن أسرح النظر في طُرّتها ونهايتها، إذ يجد القارئ فيهما أحيانًا من المعلومات ما قد يفوق في ندرته وفائدته ما بين دفّتيها من مضامين علمية. فالطرّة والنهاية كانتا مجالًا للنساخ والمالكين والقُرّاء كي يتركوا توقيعاتهم، أو قيود فراغهم، أو دعواتهم، أو فوائد وفرائد متنوعة، أو حتى إشاراتهم العابرة التي تصبح اليوم وثائق تاريخية لا تُقدَّر بثمن.

 

ومن أمتع ما وقفتُ عليه في هذا الباب ما وجدته في آخر مخطوطة شرح البرهان لابن رشد المحفوظة في مكتبة برلين الحكومية، حيث كتب الناسخ في قيد الفراغ:

«هنا كمل السفر الأول من شرح القاضي الأفضل الأوحد أبي الوليد بن رشد رضي الله عنه لكتاب البرهان لأرسطاطاليس على يدي عبد الكبير بن عبد الحق بن عبد الكبير الغافقي الإشبيلي، فكَّ الله أسره، ويسَّر مرغوبه، لا ربًّا سواه».

 

إن عبارة «فكَّ الله أسره» تفتح لنا نافذة على حياة الناسخ نفسه، إذ تدل بوضوح على أنه كان أسيرًا حين قام بنسخ هذا السفر. ولعلّه كان في أسر النصارى، إمّا في الأندلس نفسها بعد سقوط مدنها تباعًا، أو ربما في أحد بلدان أوروبا. ومهما يكن موضع أسره، فإن هذا القيد يكشف لنا أن حياة الأسرى المسلمين لم تكن بالضرورة فراغًا قاتلًا، بل كانت أحيانًا مجالًا لممارسة أنشطة علمية نافعة، مثل نسخ الكتب وحفظ المعارف، بما يعود بالفائدة عليهم وعلى الأمة من بعدهم.

 

وهكذا، فإن سطرًا عابرًا في قيد نسخٍ قد يحوِّل المخطوط من مجرد نص علمي إلى وثيقة حيّة تشهد على أحوال البشر، وتروي قصص المعاناة والصبر والإنتاج حتى في أقسى الظروف. ولعلّ هذا هو أحد أسرار سحر المخطوطات، إذ تجمع بين النصّ المجرّد وبين نبض الحياة التي أحاطت به.

 

وبالمناسبة، أودّ أن أذكر هنا قصة مخطوط آخر قيّم بعنوان «تحفة الأصحاب والأقران في ذكر دولة آل عثمان ملوك الأرض في الطول والعرض» لصاحبه محمد بن علي سباهي زاده، المحفوظ في المكتبة البريطانية. وما يثير الانتباه في هذا المخطوط هو ما كتبتْه ناسخة المخطوط زينب ابنة عبد الله الطبرية المكية الحنبلية، حيث أوردتْ في نهاية النسخ وصفًا لحالتها وظروف الكتابة التي تعكس حياتها اليومية المزدحمة: «... وقد كتبتُه بالأجرة برسم القاضي برهان الدين القونوي -أيَّده الله بتوفيقه- وأرجو منه أو ممن قرأه إن وجد فيه خطأ، أو سهوًا، أو زلّة قلم، أن يصححه، لأني بينما كنتُ أكتبه بيميني، كنتُ أرضع وأهزّ ولدي بشمالي...».

 

إن هذه الكلمات البسيطة تكشف عن صورة مدهشة لحياة النساخ المسلمين، وخاصة النساء منهن، اللواتي كنّ يمزجن بين واجباتهن الأسرية والعلمية، ويبدعن في النسخ على الرغم من انشغالاتهن اليومية. كما تظهر روح الالتزام بالعمل العلمي والحرص على الدقة، إذ طالبت زينب القارئ بالانتباه إلى أي خطأ قد يقع فيه المخطوط نتيجة الظروف، وهو ما يعكس وعيها الأكاديمي والمسؤولية العلمية التي تحلى بها النساخ.

 

وقد علَّق على هذا القيد فضيلة الباحث المحقق الدكتور محمد بو عبد الله، الذي حصلتُ منه على معلومة هذا المخطوط، قائلًا: «مثل هذه الملاحظات من النساخ تحتاج إلى رسائل علمية وبحوث أكاديمية، لتضيء هذا الجانب من تاريخ المخطوطات». وهو بالفعل جانب مهم، إذ يكشف العلاقة بين العمل العلمي، والحياة الاجتماعية، ودور النساء في حفظ ونقل التراث، وهو مجال ما زال يحتاج إلى دراسة متعمقة لتسليط الضوء على خبراتهن ومساهماتهن في الثقافة الإسلامية.

 

المخطوطات والرسائل كسلاح الاستعمار والاحتلال:

ومن المدهش أيضًا ما وقفنا عليه في أحد المعارض المقامة داخل مكتبة برلين الحكومية، حيث كُشف النقاب عن أسلوبٍ من أساليب الخداع والاستغلال التي مارسها الألمان تجاه الأسرى المسلمين الذين وقعوا في أيديهم خلال الحرب العالمية الأولى. فقد أنشأوا قرب العاصمة برلين معسكرًا خاصًّا بهؤلاء الأسرى، عُرف باسم «معسكر الهلال» نظرًا لكونه مخصصًا للمسلمين من شتى الجنسيات: من المغاربة والجزائريين والتونسيين، إلى الهنود والأفغان والشيشان والعرب من بلاد الشام ومصر.

 

في ذلك المعسكر كانوا يشجّعون الأسرى ويحثّونهم على كتابة رسائل إلى أهاليهم، يسردون فيها تفاصيل حياتهم اليومية وما يمرون به من مشاعر في بيئة غريبة عن أوطانهم. وكان السجناء يظنون أن هذه الرسائل ستصل فعلًا إلى أسرهم فتخفف عنهم مرارة الفقد ووحشة الغربة. غير أنّ السلطات الألمانية لم تكن تنوي إيصال أيٍّ من تلك الرسائل، بل كانت تجمعها بعناية وتحتفظ بها لتوظيفها في أبحاث لغوية وأنثروبولوجية. أرادوا من خلالها دراسة لغات المسلمين ولهجاتهم وأساليب تفكيرهم وعاداتهم، ليتخذوا ذلك مدخلًا لفهم نفسياتهم وثقافاتهم، واستغلال هذه المعرفة لاحقًا في مشاريع السيطرة الاستعمارية.

 

واليوم ما زالت تلك الرسائل محفوظة في مكتبة برلين الحكومية، وقد عُرض بعضها في المعرض الذي شهدناه، لتبقى شاهدًا على كيفيّة تحوّل صوت الأسير المسلم إلى وثيقة بحثية وأداة سياسية، بدلًا من أن يكون وسيلة تواصل ورحمة.

 

كيف وصلت المخطوطات العربية والإسلامية إلى أوروبا؟

وممّا يجدر التنويه إليه هنا، أنّ السؤال عن كيفية انتقال هذه المخطوطات العربية والإسلامية من بلاد المسلمين إلى أوروبا يستحق دراسة مستقلة موسّعة، وقد أُلّفت بالفعل بحوث بالعربية والإنجليزية وغيرها من لغات العالَم في هذا الموضوع. فبعض هذه المخطوطات انتقلت إلى أوروبا حين اقتنى المستشرقون والعلماء الغربيون نسخًا منها أثناء رحلاتهم العلمية إلى البلاد الإسلامية، ثم آلت تلك المجموعات بعد وفاتهم إلى مكتبات جامعية أو وطنية رسمية، أو باعها ورثتهم لتلك المؤسسات. وفي أحيان أخرى، جرى نهب وسرقة عدد كبير من المخطوطات أثناء فترات الحروب والاستعمار والاحتلال. ولعلّي أذكر أنّ صحيفة ذا غارديان البريطانية الشهيرة نشرت تقريرًا تؤكد فيه أنّ كثيرًا من المخطوطات العربية والإسلامية المحفوظة في مكتبات بريطانيا إنما استُلبت من بلاد المسلمين سرقةً أو اغتصابًا.

 

وأودّ أن أستعيد هنا ما كتبتُه في منشور على فيسبوك قبل ثلاث سنوات عقب عودتي من زيارة إلى مكتبة جامعة لايدن في هولندا: «تحتفظ مكتبة جامعة لايدن بملايين الكتب، ومن بينها آلاف المخطوطات العربية القديمة. لكن السؤال الملحّ هو: كيف وصلت هذه المخطوطات إلى تلك المكتبة؟

 

كان في المدينة المنوّرة عالم اسمه الشيخ أمين الحلواني، امتلك عددًا كبيرًا من المخطوطات العربية النادرة. وفي سنة 1883م سافر الحلواني إلى القاهرة لبعض شؤونه، وهناك التقى بالسفير السويدي-النرويجي آنذاك كارلو لاندبرغ، الذي دعاه لحضور المؤتمر الثامن للمستشرقين المنعقد في العاصمة الهولندية أمستردام. وخلال المؤتمر، عرض لاندبرغ على الحلواني أن يبيع مجموعته الكاملة من المخطوطات العربية إلى دار النشر الهولندية الشهيرة بريل. وبما أنّ الحلواني كان يمرّ بأزمة مالية خانقة مثقلًا بالديون، فقد وافق على العرض وباع جميع المخطوطات. وبعد ذلك، قامت دار بريل ببيعها تباعًا إلى مكتبة جامعة لايدن.

 

ويُذكر أنّ عدد المخطوطات التي باعها الحلواني بلغ 664 مخطوطًا، منها 228 مخطوطًا نادرًا جدًّا، وبعضها نسخ أصلية بخط مؤلفيها. ومن أبرزها مخطوطات بخط يد ابن تيمية، والذهبي، وابن حجر العسقلاني، وشمس الدين السخاوي، وابن فهد الهاشمي وغيرهم من كبار العلماء، رحمهم الله ورضي عنهم. وقد وردت هذه المعلومات في مقال للباحث خالد الطويل نُشر في صحيفة مكة.

 

وباختصار، هكذا وصلت المخطوطات العربية إلى أوروبا؛ بعضها عبر البيع والشراء، وبعضها الآخر عن طريق السلب والنهب، وهو ما تؤكده شواهد تاريخية عديدة.

 

أمّا كريستيان سنوك هورخرونيه (1857–1936م)، فهو مستشرق هولندي درس في جامعة لايدن ثم أصبح أستاذًا فيها. عُرف بإتقانه البالغ للغة العربية حتى إنه كان يتحدث بها بطلاقة، وكان له دور بارز في نشر الفكر الاستشراقي والنشاط التبشيري في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي.

 

وفي سنة 1884م، وصل إلى جدّة، وأعلن ــ ظاهريًّا ــ اعتناقه الإسلام واتخذ لنفسه اسم عبد الغفار، غير أنّ ذلك لم يكن إلا وسيلة ليتيسّر له دخول مكة المكرمة. وبالفعل، دخلها بلا عوائق، ثم عاد إلى لايدن ليؤلّف مؤلفًا ضخمًا عن مكة وحياتها الاجتماعية والدينية.

 

وخلاصة القول: لقد تعلّم المستشرقون اللغة العربية لإتمام مشاريعهم وأهدافهم البحثية والسياسية والدعوية، بينما نحن ــ مع أنّها لغتنا الدينية والحضارية ــ لم نعطها ما تستحق من عناية، ولم نبذل الجهد الكافي لإتقانها. وذلك أمر يدعو حقًّا إلى الأسى والأسف!».

 

فعلى المسلمين ومؤسساتهم أن يولوا اهتمامًا بالغًا بالحفاظ على تراثهم العلمي النادر والقيم، وأن يعتنوا بالمخطوطات عنايةً علمية تقوم على التحقيق والنشر، حتى يعمّ نفعها بين العلماء والطلبة والمثقفين من أبناء الأمة، وألّا يبخلوا في سبيل ذلك بالجهد.

 

ويؤسفنا أن نرى المخطوطات العربية والإسلامية قد لقيتْ – من قِبل بعض السلطات والمؤسسات الإسلامية – إهمالًا وتقصيرًا في صيانتها وحفظها. وأذكر أنني سمعتُ المحقّق المعروف الدكتور بشار عوّاد معروف يقول في إحدى محاضراته بمقر مؤسسة الفرقان في لندن: إنه حين زار إحدى مكتبات المخطوطات في إحدى الدول العربية، وجد البوّاب قد وضع فنجان القهوة فوق مخطوط! سبحان الله، أيّ إهمال هذا؟ وأيّ ضياعٍ للتراث؟

 

ولهذا – وبكل أسف – يرى الدكتور محمد بوعبد الله الجزائري أن المخطوطات في مكتبات أوروبا قد تكون في بعض الحالات أسلم وأحفظ مما هي عليه في غيرها. فالغرب قد وفّر في مكتباته مرافق مناسبة للاطلاع على هذه المخطوطات وقراءتها – ولو بتكلفة مرتفعة أحيانًا –، بينما يواجه الباحث في بعض مكتبات العالم الإسلامي صعوبة كبيرة في الوصول إليها، بل قد يُمنع أو يضيق عليه حتى في مجرد الدخول إليها.

 

وأخيرًا، لا بدَّ لي من أن أتقدم بخالص الشكر والامتنان لكلِّ مَن ساهم في جعل هذه الرحلة العلمية ممكنةً. وأشكر فضيلة الأستاذ صالح شاهسواري، مدير مؤسسة الفرقان في لندن، والدكتور كريستوف، رئيس قسم المخطوطات الشرقية في مكتبة برلين الحكومية، حيث أتاحا لنا هذه الفرصة الجميلة لقضاء أسبوعٍ كاملٍ في عالم الخطوط والمخطوطات.

 

كما سعدتُ بالتعرف على بعض الإخوة الفضلاء، أمثال الدكتور أحمد عارف بن ذو الكفل (أستاذ مساعد بجامعة ماليزيا الإسلامية العالمية)، والأستاذ حسام الدين علي المصري، والأخ الفاضل الأستاذ محمد صوفو التركي (كلاهما باحثا دكتوراه في بعض جامعات ألمانيا)، وغيرهم من المشاركين. لقد قضينا وقتًا ممتعًا، وشاركنا في حوارات علمية مثمرة أغنت تجربتنا وأضفت عليها بعدًا معرفيًّا وحواريًّا غنيًّا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • اللغة العربية في بنغلاديش: جهود العلماء في النشر والتعليم والترجمة والتأليف

مختارات من الشبكة

  • أفضل أيام الدنيا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رحلة القلب بين الضياع واليقين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رحلة دلالية في المعجمات اللغوية مع كلمة القهوة وتغير دلالتها بين القدامى والمحدثين(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • رحلة في محراب التأمل والتفكر(مقالة - حضارة الكلمة)
  • رحلة التعافي مع اسم الله الشافي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مخطوطة رحلة العبدري (النسخة 3)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الكاتب الأديب أيمن ذو الغنى في رحلته الأدبية والعلمية والعملية (PDF)(كتاب - موقع أ. أيمن بن أحمد ذوالغنى)
  • خطبة: مواسمنا الإيمانية منهج استقامة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة دروب النجاح (7) بناء شبكة العلاقات الداعمة(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • انطلاق فعاليات شهر التاريخ الإسلامي 2025 في كندا بمشاركة واسعة
  • أطباء مسلمون يقودون تدريبا جماعيا على الإنعاش القلبي الرئوي في سيدني
  • منح دراسية للطلاب المسلمين في بلغاريا تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة
  • برنامج تعليمي إسلامي شامل لمدة ثلاث سنوات في مساجد تتارستان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/4/1447هـ - الساعة: 17:12
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب