المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار للحافظ العراقي (806 هـ)

ملخص الرسالة

المغني عن حمل الأسفار في الأسفار

في تخريج ما في الإحياء من الأخبار

للحافظ العراقي (806 هـ) رحمه الله تعالى

(من أول الباب الرابع من كتاب آداب الكسب والمعاش

إلى آخر الباب الثاني من كتاب آداب الصحبة)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون، لا يحصي عدد نعمته العادون، ولا يؤدي حق شكره المتحمدون، ولا يبلغ مدى عظمته الواصفون، بديع السماوات والأرض، وإذا قضى أمرًا فإنما يقول له كن فيكون، أحمده على الآلاء، وأشكره على النعماء، وأستعين به في الشدة والرخاء، وأتوكل عليه فيما أجراه من القدر والقضاء، وأشهد ألا إله إلا الله، وأعتقد ألا رب إلا إياه، شهادة من لا يرتاب في شهادته، واعتقاد من لا يستنكف عن عبادته، وأشهد أن محمدًا عبده الأمين، ورسوله المكين، حسّن الله به اليقين، وأرسله إلى الخلق أجمعين، بلسان عربي مبين، بلّغ الرسالة، وأظهر المقالة، ونصح الأمة، وكشف الغمة، وجاهد في سبيل الله المشركين، وعبد ربه حتى أتاه اليقين، فصلى الله على محمد سيد المرسلين، وعلى أهل بيته الطيبين، وأصحابه المنتخبين، وأزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين، وتابعيهم بالإحسان إلى يوم الدين[1].

أما بعد:

فإن أولى ما تصرف فيه الأوقات، وتُستغل فيه الطاقات طلب العلم الشرعي؛ فهو أفضل القربات، وبه يزدلف المرء من خالق الأرض والسماوات، ومن ذلك طلب الحديث، ومعرفة صحيحه وضعيفه.

ولما كان للسنة النبوية هذه المكانة العظمى عرف السلف الصالح للسنة قدرها ومكانتها، فرعوها حق رعايتها، وحفظوها في الصدور، وأودعوها سويداء القلوب، ودونوها في المصنفات والكتب، وكانوا بها مستمسكين وعلى نهجها سائرين، وما زال العلماء في كل عصر يعنون بالسنة عناية تامة علمًا وعملًا، وأخذ علماء الحديث منهم على عاتقهم حمل هذا الأمر؛ فشأنهم حفظ الآثار، وقطع المفاوز والقفار، وركوب البراري والبحار في اقتباس ما شرع الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم، لا يعرجون عنه إلى رأي ولا هوى.

قبلوا شريعته قولًا وفعلًا، وحرسوا سنته حفظًا ونقلًا، حتى ثبتوا بذلك أصلها، وكانوا هم أحق بها وأهلها، فهم الحفاظ لأركانها، والقوامون بأمرها وشأنها إذا صدف عن الدفاع عنها فهم دونها يناضلون[2].

حتى جاءت عصور ضعف فيها المسلمون، ثم ظهرت مؤلفات أودعت أحاديث غير مسندة و فيها الصحيح والضعيف، فانبرى لذلك الأئمة الحفاظ على مر العصور، فبينوا حاله، ومن هؤلاء إمام الحديث في القرن الثامن الحافظ أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي رحمه الله، والذي قام بتخريج أحاديث عدة كتب، من أهمها تخريج أحاديث إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي المسمى بالمغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار، ونظرًا لمكانة المؤلف والكتاب أحببت أن أقوم بتحقيق جزء منه (من أول الباب الرابع من كتاب الكسب والمعاش إلى آخر الباب الثاني من كتاب آداب الصحبة)، والذي فيه ( 232 ) حديثًا.

أهمية الموضوع وسبب اختياري له:

1- كتاب الإحياء شاع وانتشر في بعض الأوساط الإسلامية مع ما فيه من أحاديث ضعيفة وواهية بل ومنكرة و موضوعة، وقد بلغت أحاديثه 4584.

2- عدم الوقوف على تحقيق علمي للمغني يخدم أحاديثه ويحقق نصوصه.

3- يُعدُّ المغني تخريجًا مختصرًا يحتاج إلى مزيد خدمة علمية.

4- مكانة الحافظ العراقي الرفيعة في علم الحديث لاسيما في فن التخريج.

الدراسات السابقة:

طبع المغني بهامش الإحياء في طبعات قديمة غير محققة، وأحسن الطبعات التي بين أيدينا على ما فيها من المؤاخذات هي طبعة مكتبة طبرية بالرياض سنة (1415هـ) باعتناء أبي محمد أشرف بن عبد المقصود، ومن تلك المؤاخذات:

1- أن المعتني لم يعتمد في إخراج الكتاب على أي نسخة خطية معتمدة، بل اعتمد على مطبوعتين:

أ- المطبوعة بهامش الإحياء طبعة عيسى الحلبي والتي كتب مقدمتها د. بدوي طبانة بتاريخ (1377هـ).

ب- نسخة المغني التي ضمنها الزبيدي لشرحه للإحياء المسمى إتحاف السادة المتقين المطبوعة بالمطبعة الميمنية بمصر سنة (1331هـ).

2- نص المعتني على أنه جعل طبعة الحلبي هي الأصل، وأنه يُصلح ما فيها من أخطاء وسقط وتحريف وتصحيف بالاستفادة من نسخة الزبيـدي، وكـذا مما نقلـه الزبيدي من التخريج الكبير للعراقي[3].

ولا ريب أنه لا يصح اعتماد هذه الطبعات التي فيها أخطاء وتصحيف وسقط وتحريف -كما نص المعتني نفسه على ذلك- أن تكون أصلًا لإخراج هذا الكتاب القيم مع وجود نسخ خطية موثقة له.

3- نص المعتني على أنه لم يكتف في تصويب الأخطاء بطبعة الزبيدي فقط، بل رجع إلى المصادر المذكورة في التخريج ما أمكن ذلك، ولا يتبين ذلك للناظر في عمله، فلا يوجد في الهوامش أي تصويب مستفاد من المصادر التي أشار إليها.

هذا وقد تمت مقابلة طبعة المعتني مع 30 لوحة من نسخة الظاهرية البالغ عدد لوحاتها 180 لوحة، ووُقف على أخطاء كثيرة من سقط وتصحيف وتحريف وزيادات.

4- أن عمل المعتني في الكتاب اقتصر على استخراج كلام العراقي من الطبعة الحلبية وكتاب إتحاف السادة المتقين للزبيدي دون توثيق ولا عزو إلى المصادر التي ذكرها الحافظ العراقي في أثناء تخريجه.

خطة البحث:

وقد رأيت أن أرتب البحث على مقدمة وقسمين ومصادر البحث والفهارس العلمية.

المقدمة:

وتشتمل على:

• أهمية الموضوع.

• أسباب اختياره.

• الدراسات السابقة.

• الخطة.

• منهج التحقيق.

القسم الأول: الدراسة، وفيه تمهيد وفصلان.

التمهيد: التعريف بأبي حامد الغزالي وكتابه إحياء علوم الدين، وفيه مبحثان.

المبحث الأول: تعريف موجز بأبي حامد الغزالي، ويشتمل على سبعة مطالب.

المطلب الأول: اسمه ونسبه.

المطلب الثاني: مولده ووفاته.

المطلب الثالث: نشأته العلمية.

المطلب الرابع: شيوخه.

المطلب الخامس: تلاميذه.

المطلب السادس: عقيدته.

المطلب السابع: منزلته العلمية.

المبحث الثاني: تعريف موجز بكتاب إحياء علوم الدين، ويشتمل على خمسة مطالب.

المطلب الأول: اسمه.

المطلب الثاني: موضوعه.

المطلب الثالث: منهج المؤلف فيه.

المطلب الرابع: المؤاخذات على الكتاب.

المطلب الخامس: الكتب التي اعتنت به.

الفصل الأول: ترجمة موجزة للحافظ العراقي، ويشتمل على تسعة مباحث.

المبحث الأول: اسمه ونسبه.

المبحث الثاني: مولده ووفاته.

المبحث الثالث: نشأته العلمية.

المبحث الرابع: رحلاته.

المبحث الخامس: شيوخه.

المبحث السادس: تلاميذه.

المبحث السابع: عقيدته.

المبحث الثامن: منزلته العلمية.

المبحث التاسع: مؤلفاته.

الفصل الثاني: كتاب المغني عن حمل الأسفار في الأسفار، وفيه سبعة مباحث.

المبحث الأول: اسم الكتاب.

المبحث الثاني: توثيق نسبة الكتاب للحافظ العراقي.

المبحث الثالث: موضوع الكتاب.

المبحث الرابع: منهج الحافظ العراقي من خلال القسم المحقق.

المبحث الخامس: مصادره في القسم المحقق.

المبحث السادس: منزلة الكتاب العلمية.

المبحث السابع: وصف النسخ الخطية للكتاب ونماذج منها.

القسم الثاني: النص المحقق.

(من أول الباب الرابع من كتاب الكسب والمعاش إلى آخر الباب الثاني من كتاب آداب الصحبة)، وفيه (232 حديثًا).

الفهارس العلمية:

وتشتمل على:

أ- فهرس الآيات القرآنية الكريمة.

ب- فهرس الأحاديث.

ج- فهرس الآثار.

د- فهرس الرواة الذين تكلم فيهم المؤلف.

هـ- فهرس الرواة المترجم لهم.

و- فهرس أسماء الكتب الواردة في النص.

ز- فهرس الألفاظ الغريبة.

ح- فهرس الأماكن والبلدان.

ط- فهرس المصادر والمراجع.

ي- فهرس الموضوعات.

منهج التحقيق:

• نسخ النص المراد تحقيقه ثم مقابلته على الأصل، ثم على النسخة الأخرى، مع إثبات الفروق بين النسختين.

• الالتزام بعلامات الترقيم وضبط ما يحتاج إلى ضبط.

• إذا سقطت كلمة أو نحوها من الأصل وهي موجودة في نسخة الظاهرية على الصواب تُلحق في النص بين معقوفتين مع الإشارة في الهامش لذلك.

• إثبات تعليقات الحافظ ابن حجر في هامش التحقيق على الأحاديث الموجودة في هوامش نسخته.

• إكمال الحديث الذي ذكر العراقي طرفه من كتاب الإحياء-، في هامش التحقيق، معتمدًا طبعة كرياطه فوترا- أندونيسيا التي كتب مقدمتها الدكتور بدوي طبانه، وبهامشها كتاب المغني للحافظ العراقي.

• كتابة الآيات القرآنية بالرسم العثماني، مع بيان سورها وأرقامها.

• عزو الأحاديث التي ذكرها المؤلف إلى مصادرها.

• إذا كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما يُكتفى بالعزو، إلا أن يوجد فيه كلام للحافظ العراقي فيتناول بالدراسة حسب ما يقتضيه المقام.

• إذا لم يكن الحديث في الصحيحين أو أحدهما فتجمع طرقه مع دراستها والحكم عليها وفق قواعد المحدثين.

• الاجتهاد في البحث عن الشواهد المقوية للحديث إن دعت الحاجة إلى ذلك.

• إذا اختلف الحكم الذي توصل إليه الباحث على الحديث مع حكم الحافظ العراقي يبين وجه الصواب في ذلك.

• بيان أحوال رجال الإسناد أثناء دراسة الطرق بقدر ما تدعو إليه الحاجة، فإن كان من رجال التقريب يُكتفى بالنقل عنه، وإلا يرجع إلى مظان ترجمته، ويبين حاله باختصار، أما إن كان مدار السند عليه وهو من المختلف فيهم فتنقل أقوال العلماء فيه ويبين الراجح منها باختصار.

• ضبط المشكل من رجال الأسانيد وألفاظ المتون.

• بيان معاني الكلمات الغريبة في الحديث.

• ترجمة الأعلام.

شكر وتقدير:

فإني أحمد الله على ما أكرم وأسدى، وأولى وأهدى، ﴿ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا ﴾ [النحل: 18]؛ فرحمته وسعت كل شيء، ولطفه ظاهر في سكناتنا وحركاتنا، يراه المرء في نفسه ومن هم له كنفسِهِ، ومن حوله؛ فسبحانك، لا نحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك.

لكَ الحمدُ حمدًا أستلذُّ به ذكرًا وإن كنتُ لا أحصي ثناءً ولا شكرًا لكَ الحمدُ حمدًا طيبًا يملأ السماء وأقطارَها والأرضَ والبرَّ والبحرَ لكَ الحمدُ حمدًا سرمديًا مباركًا يقلُّ مدادُ البحرِ عنْ كنههِ حصرًا لكَ الحمدُ مقرونًا بشُكركَ دائمًا لكَ الحمدُ في الأولى لكَ الحمدُ في الأخرى لكَ الحمدُ موصولًا بغيرِ نهايةٍ وأنت إلهي ما أحقَّ وما أحرى لكَ الحمدُ ياذا الكبرياءِ ومنْ يكنْ بحمدكَ ذا شكرٍ فقد أحرزَ الشكرَ لكَ الحمدُ ما أولاكَ بالحمدِ والثناء على نِعَمٍ أتبعتَها نعمًا تترى لكَ الحمدُ حمدًا نبتغيهِ وسيلةٍ إليكَ لتجديدِ اللطائفِ والبشرى[4]

ثم إن الله عز وجل قد أمرنا بحفظ الفضل لأهله، فقال عزّ شأنه: ﴿ وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ﴾ [البقرة: 237]؛ ولذا فإني أقف عاجزًا عن ذكر أولي الحق الأعلى عليّ، وهما والدايّ؛ فقد ربياني صغيرًا، وتتابعت دعواتهما لي كبيرًا، فلست أدرك جزاءهما، ولن أُوفيّهما حقهما؛ حسبهما أن الله يجزي المحسنين، فاللهم أحسن إليهما يا رحيم.

ولن أنسى زوجًا وإخوةً وأهلًا كرامًا، ما انقطعت رعايتهم، وكانوا عونًا لي بعد الله على إتمام هذا البحث؛ فكتب الله أجرهم، ورفع ذكرهم.

ثم لشيخي الأول عبد الرحمن بن محمد العنزي سلامًا ودعاءً؛ فبه اقتديت، ولأثره اقتفيت، والتحقت بهذا الصرح الشامخ (كلية الحديث)؛ فبارك الله في وقته وعلمه، وكفاه شر طوارق الليل والنهار، وأقرّ عينَه بأبنائه وأهله.

ولكل من أعان على إتمام هذا البحث، وعلى رأسهم شيخي الكريم الأستاذ الدكتور حافظ بن محمد الحكمي، وقد وهب لي من علمه ووقته طيلة أيام البحث والإشراف ما كان له الأثر البالغ في الانتهاء من البحث؛ فجزاه الله خير ما جزى شيخًا عن تلميذه.

وكذا الدعاء والشكر لهذه الجامعة العريقة، ولمعالي مديرها الكريم الأستاذ الدكتور محمد العقلا، وأصحاب الفضيلة على ما يقدمونه لطلاب العلم، خاصة شيوخي في كلية الحديث الشريف، وعلى رأسهم فضيلة شيخي عميد الكلية الدكتور حسين بن شريف العبدلي على ما وجدته منه من حرص، وحسن عهد.

وأشكر أيضًا الشيخ صالح السريحي (أمين مكتبة الكلية) على خلقه الحسن في خدمته لطلاب العلم، وما قدّم لي من عون وتسهيل.

ثم أتقدم لفضيلة الشيخ الدكتور أنيس طاهر وابنه الشيخ عبد الرحمن بالشكر والتقدير والعرفان على ما أفدتُ منهما ومن مكتبتهما التي كانت مفتوحة لي طيلة أيام بحثي؛ فأعلى الله درجاتهما، وأثابهما وأهلهما في الدنيا والآخرة.

وأتقدم أيضًا بالشكر لشيخي المناقشين، فضيلة الشيخ الدكتور جمعان الزهراني، وفضيلة الشيخ الدكتور عبد الله الفوزان على كرمهما، وقبولهما مناقشة هذه الأطروحة؛ لتكون فرصة للاستفادة من ملحوظاتهما، فكتب الله أجرهما، وأحسن إليهما، وبارك في علمهما وذرياتهما.

ثم الدعاء لكل من أعان أو أفاد، خاصة من الإخوة الذين يشاركونني تحقيق هذا السِفر العظيم، أن يكتب الله أجرهم، وأن يحسن إليهم، ويُمتعهم بنِعَمِه.

وقبل الختام أشكر كل من حضر، خاصة ممن تكبد عناء السفر، وعلى رأسهم العم الوالد محمد المرزوقي، وابنه الشيخ سعود، والمهندس أبو عامر حسين عسيري، كتب الله لكم الأجر، وحطّ عنكم كل وزر.

وأجدني في هذا المقام أدعو بدعاء الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: (اللهم إني اسألك عونًا لا ينقطع، وسدادًا لا يُمنّ، وتوفيقًا لا يحبس عني خيره، برئتُ إليك ربي من الحول والقوة، فاغفر لي خطيئتي يوم الدين)[5]، اللهم صل على محمد وآله وصحبه وسَلِّم تسليمًا كثيرًا.

فهرس الموضوعات