علل التعبير القرآني عند السمين الحلبي (ت 756هـ) في كتابه الدر المصون

ملخص الرسالة

علل التعبير القرآني عند السمين الحلبي (ت 756هـ)

في كتابه الدر المصون

المقدمة:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، وأفضل الصلاة والسلام على الصادق الأمين محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه أجمعين.

لقد أعجز الله سبحانه وتعالى البشر في لغتهم وكلامهم فأنزل القرآن الكريم معجزًا في تصويره وأُسلوبه واختيار ألفاظه متناسقًا مع جو الآية القرآنية ودلالتها. فالتعبير القرآني مؤتلف من ألفاظ وتراكيب يُراد التوصل من نظمها وفهمها إلى معنى أجل، وهو فهم معاني القرآن والعمل به وبيان أسرار الإعجاز اللغوي فيه؛ ومن هذا فعلل التعبير القرآني موضوعٌ متكاملٌ ومهم كونه يبحث في المبنى والمعنى اللذين هما عمودان رئيسان في الدراسة العربية فكان هدف العلماء عند دراسة التعليل الوقوف على الإعجاز اللغوي لهذا الكتاب العظيم.

وقد تتابعت جهود الباحثين في بحث علل التعبير القرآني عند المفسرين راصدين الجهود العلمية للمفسر في استنباطه لإعجاز القرآن في نظمه ورصد القدرة الفائقة للفظ في تحقيق المعنى وعذوبة الأُسلوب البلاغي الذي يشكل عمود التعبير القرآني ونظمه، ولعلَّ الإمام أبو العباس المعروف بالسّمين الحلبي أحد هؤلاء الذين أبدعوا في تفسير القرآن الكريم تفسيرًا لغويًا؛ فوقع اختياري على دراسة علل التّعبير في كتابه الدّر المصون لما فيه من الحقائق اللغوية وأسرارها مما يتيح للباحث فرصة السّياحة في مثل هذه الموضوعات ولأهمية الكتاب مرة أخرى.

وقد قسمتُ البحث على تمهيد وفصلين وخاتمة. تناولتُ في التّمهيد حياة الحلبي بدءًا بولادته ونشأته ومكانته العلمية وآثاره وبيئته التي عاش فيها، فمنهجه في التعبير القرآني.

خصصتُ الفصل الأول في بيان علل إيثار الألفاظ فبينتُ مفهوم العلّة والإيثار، وقسمت الفصل على سبعة مباحث احتوى كل مبحث على نوع من الإيثار عرضتُ في المبحث الأول إيثار حرف على حرف.

أمَّا في المبحث الثاني، فقد تناولتُ إيثار الأفعال في اللفظ والزمن. أمَّا المبحث الثالث فدرستُ فيه إيثار الاسماء بعضها على بعض، وأمَّا في المبحث الرابع فدرستُ إيثار الوصف بالأسم على الفعل وبالعكس.

وأمَّا المبحث الخامس فتناولتُ علل الإفراد والتثنية والجمع، وأمَّا المبحث السادس فبحثتُ فيه إيثار الصيغ من حيث إيثار اسم الفاعل على الفعل وكذلك إيثار شبه الجملة على المشتقات وغير ذلك.

وأمَّا في المبحث السابع فدرستُ فيه إيثار الفواصل وخواتم السَّور القرآنيَّة ومناسبتها لمضمون الآية.

والفصل الثاني بحثتُ فيه الإيثار في الأساليب البلاغية وقسمته على ثلاثة مباحث، عرضتُ في المبحث الأول الإيثار في طرائق التّعبير اللفظية لمختلف الطرائق.

وفي المبحث الثاني تناولتُ الإيثار في طرائق التّعبير المعنوية من حيث اختلاف الطرائق في تقديم لفظ وتأخيره، وأُسلوب الذكر والحذف وكذلك الالتفات.

وفي المبحث الثالث بحثتُ في إيثار الأساليب البيانية فعرضتُ فيه الحقيقة والمجاز والاستعارة.

وقد عرضتُ في دراستي هذين الفصلين لرأي الحلبي وآراء علماء اللغة والبلاغة الذين سبقوه وكيف أنَّ الحلبي قد اقتدى كثيرًا بآراء السّابقين من العلماء وكذلك من تأثر بالسمين الحلبي من العلماء الذين جاؤا بعده.

وثمَّ الخاتمة وقد ضمنتها أهم ما توصلت إليه من خلال دراستي علل التّعبير عند الإمام الحلبي موضحةً ما تميز به الحلبي في منهجه في التّعبير القرآني.

وأهم المصادر التي اعتمدتُ عليها في دراستي من كتب اللغة والتفاسير:

تفسير الكشاف للزمخشري والبحر المحيط لأبي حيان الأندلسي وكذلك معاني القرآن للفراء وكتاب الجُمل في النحو للزجاجي، وقد أفدتُ في دراستي من هذه المصادر وغيرها من كتب اللغة والتفاسير.

وعلى الرغم من الصعوبات التي واجهتني في البحث، إلاّ إنَّ جهود أُستاذي الدكتور جبير القرغولي - المشرف على رسالتي - ذللت كثيرًا من الصعاب فكان خير معين لي في بحثي، فجزاه الله خير الجزاء، وأمدَّ الله تعالى في عمره وجعله الله نورًا لمن أراد أن يسلك طريق العلم.

وأتوجه بالشكر والعرفان إلى أساتذتي في كلية الآداب في الجامعة الإسلامية وخارجها كافة لما أبدوه من مساعدة في إنجاز بحثي، فجزاهم الله عني خير جزاء.

وأتوجه بالشكر والعرفان إلى منتسبي مكتبة الجامعة الإسلامية على تعاونهم معي.

والله الموفق وله الحمدُ في الأولى والآخرة.

الخاتمة:

وبعد دراسة متأنية في علل التعبير القرآني في تفسير الدّر المصون، يمكن إيجاز ما توصلت إليه بما يأتي:

1. أن السّمين الحلبي قد أفاد كثيرًا من العلماء الذين درس على أيديهم وانتفع منهم وتأثر كثيرًا بهم لاسيما شيخه أبو حيان الأندلسي.

2. التفت الحلبي إلى الإيثار في الحروف مبينًا أن لكل حرف معنىً قائمًا بذاته، يتضافر مع مضمون الآية.

3. اهتم السّمين بالمعنى وارتباطه الوثيق بالمفردة القرآنية، وكذلك دقة اختيار اللفظ في النص القرآني دون مرادفاته من الألفاظ: وهو باب من أبواب الإعجاز.

4. تميز الحلبي بكثرة استشهاده بالأبيات الشعرية عند ذكره لأية علة في الألفاظ القرآنية.

5. لم يترك الحلبي السورة القرآنية دون أن يعطيها حقها من التحليل اللغوي ودراستها من حيث التركيب النحوي والبلاغي والصرفي.

6. وقف السمين الحلبي على الظواهر الخاصة بعلل الإفراد والتثنية والجمع في القرآن الكريم مستنبطًا الحكمة الربانية في وضع لفظ مكان آخر في النص القرآني.

7. بيّن الحلبي عند إيثاره الصيغ براعة الاستخدام الفني الجميل للاسم والفعل في القرآن الكريم وتناسق اللفظ موسيقيًا مع دلالة الآية القرآنية.

8. عرض السّمين الحلبي إيثار الفواصل وخواتم السور القرآنية، وبيّن في عرضه الإبداع القرآني في ارتباط الآيات ببعضها ومناسبتها لخواتيم السور.

9. بيّن الحلبي التشابه والاختلاف في التعبير القرآني من حيث التقديم والتأخير والذكر والحذف والتكرار والتوكيد وروعة هذا الأُسلوب في التعبير الفني لكل كلمة في السور القرآنية.

10. أشار الحلبي إلى الاساليب البلاغية في تفسيره، موضحًا فيها اختلاف أسلوب الالتفات عن أُسلوب الاستعارة وفائدة طلب هذا الاسلوب في النص القرآني.

11. لم يكن السمين الحلبي مقلدًا لأستاذه أبي حيان الأندلسي، بل كان يصدر في تفسيره عن قاعدة علمية رصينة.

يتبين لنا مما سبق الجهود العلمية للإمام الحلبي في بيان وجه من وجوه الإعجاز القرآني، وهو تناسق الألفاظ في التعبير القرآني.

ABSTRACT

This study is concerning with Quranic Expression Defects in the explanation of AL-dur AL-masson to AL-Sameen AL-Halabi.

Findings of this study can be summarized as follows:

(1) AL-Sameen AL-Halabi was effected by his teachers especially Abu Hayan AL-Andulasi.

(2) AL-Halabi stated that each letter has its own meaning which cooperated with the verse content.

(3) He was interested in meaning and its relationship with the single Quranic term، and the accuracy in choosing the exact word in the Quranic text among its synonyms and it is one of the wondrous of the Holy Quran.

(4) He was disting uished by quoting poetic lines whenever there is a defect in the Quranic words.

(5) AL-Halabi hasn't left any Quranic Sura without analyzing and studying it from the syntactic، rhetorical and morphological side.

(6) AL-Halabi emphasized the defects specified with the single, the dual and the plaural in the Holy Quran.

(7) He showed the skill fullness usage of the verb and the noun in the Holy Quran and the hormony of the word with the Quranic verse meaning.

(8) In addition, he demostrated the Quranic skill fullness in the coordination between the Quranic verses.

(9) AL-Halabi showed the similarity and difference in the Quranic expression from preceding، mentioning، deletion and emphasizing sides and the beauty of this style in expressing each word in the Quranic sures.

(10) He Pointed out the rhetorical styles in his explanation showing the deference between these styles and their benefit in the Quranic text.

From what mentioned we find the scientific efforts of AL-Halabi as he showed one of the Quranic wondours which is the harmony of words in the Quranic expression.

فهرس المحتويات