تلخيص العبارات بلطيف الإشارات في القراءات السبع

ملخص الرسالة

تلخيص العبارات بلطيف الإشارات في القراءات السبع

لأبي علي الحسن بن خلف بن عبدالله بن بَلِّيمَة القيرواني (ت 514هـ)

( من أول الكتاب إلى آخر فرش سورة الأنعام، إلى الورقة [33/أ] )

المقدمة:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته الكرام، ومن اتبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فإن علم القراءات قد تعددتْ فيه الكتب المصنَّفة، فقام العلماء بتدوين ما تلقوه من مشايخهم من القراءات، وترتيب ما ورد إليهم من الروايات في كتب يرجعون إليها، فكان ذلك من حفظ الله سبحانه لكتابه العزيز، ومن تلك المصنَّفات كتاب (تلخيص العبارات بلطيف الإشارات في القراءات السبع) للإمام أبي علي الحسن بن خلف بن عبد الله بن بَلِّـيْمَة (427-514هـ)، وهو من الكتب المختصَرة النافعة الجامعة في القراءات السبع.

فأحببت خدمة لهذا العلم الجليل أن أقوم بدراسته وتحقيقه، مستعينًا بالله وقوته، سائلًا منه التوفيقَ والسدادَ في القول والعمل لي ولجميعِ المسلمين، إنه سميع مجيب الدعاء.

أهمية الموضوع وأسباب اختياره:

تتلخص أهمية الموضوع وأسباب اختياره في النِّقاط التالية:

1- ما للإمام من مكانةٍ عاليةٍ في هذا العلم الجليل، ولا غَرْوَ في ذلك فهو تلميذ الإمام الجامع مقرئ مكة َ في وقته أبي مَعْشر الطبري (ت: 478هـ).

2- كونه تلخيصًا لكتاب معتمَد في القراءات: (التذكرة في القراءات الثمان) لابن غلبون (ت:399هـ)[1].

3- سهولة مادة هذا الكتاب، مع التلخيص الجامع لأوجه القراءات، والإحكام في التعليلات.

4- اعْتِناء علماء القراءات بهذا الكتاب، ويتمثل ذلك بما يلي:

أ‌- نَظَمَ الإمام أبو حيان الأندلسي (ت: 745هـ) منظومتَه (عِقد اللآلي في القراءات السبع العوالي) معتمِدًا على تسعة كتب، منها تلخيص العبارات لابن بليمة [2].

ب‌- اعتماد الإمام ابن الجندي (ت: 769هـ) عليه في كتابه (بستان الهداة)[3].

ت‌- جَمْع الإمام ابن الجزري (ت: 833هـ) لزوائد التلخيص على (الشاطبية)- مع زوائدِ ثلاثةِ كتبٍ أخرى معتمَدةٍ هي: (التبصرة) لمكي بن أبى طالب (ت: 437هـ)، و(الهداية) للمهدوي (ت:440هـ)، و(الكافي) لابن شريح (ت: 476هـ)-، فجَمَعها في كتاب مُفْرد سمَّاه: (الفوائد المجَمَّعة في زوائد الكتب الأربعة).

ث‌- اعتماد الإمام ابن الجزري عليه في جعله أصلًا من أصول كتابه: (النشر)[4].

ج‌- اعتماد علماء التحريرات عليه في مصنفاتهم، كالإمام المتولي(ت: 1313هـ)[5]، وغيره.

5- أنه طبع لكنْ على غير الأصول المعتبرة في التحقيق العلمي، وسيأتي مزيد بيان لذلك عند الكلام على الدراسات السابقة، فرأيت إخراجه بتحقيق علمي معتبَرٍ مقرونٍ بدراسة عنه وعن مؤلفه رحمه الله تعالى، حيث لم أقف على دراسة عنهما.

الدراسات السابقة:

طبع الكتابُ - فيما أعلم - مرتين:

الأُولَى:بتحقيق سبيع حمزة حاكمي، دار القبلة للثقافة الإسلامية بجدة، ومؤسسة علوم القرآن بدمشق، الطبعة الأولى عام 1409هـ/1988م، في مجلد واحد.

وقد اعتمد المحققُّ على نفس النسختينِ الخطيتينِ اللّتَيْنِ توفرتا لَدَيّ، بَيْدَ أنَّ تحقيقَه انتابه الخللُ والسَّقطُ، وأنواع أخطاء هذه الطبعة كالتالي: سَقط لكلماتٍ مفردة، أو سَقط لجُمَلٍ، أو سَقط لخمسةِ أسطرٍ أو ستةٍ، أو تحريف لبعض الآيات، أو تحريف لكلام المصنِّف، أو نسبة القراءة لغير من يقرأ بها، أو إسقاط لأحد القراء، أو أخطاء في منهجية البحث العلمية، نحو عدم إثباته للفرق بين النسختين الخطيتين في اختلاف الألفاظ، أو عدم إثباته للسقط الواقع في إحدى النسختين، وغير ذلك، ويؤكد ذلك ما يلي:

1- تصريح المحقق -عفا الله عنا وعنه- في مقدمته في الصفحة (17): بأنه بعيد عن مكتبته ومَرَاجعه، وهذا كفيل بإعادة النظر في عمله، إذ إنه لم يُعْطِه من الاهتمام ما يليق بمكانته.

2- قول الدكتور أيمن سويد عنها: "وهي طبعة رديئة، سقط منها (390) كلمةٌ من أصل النص في مواضعَ عدة" [6].

3- تنوع الأخطاء التي وقع فيها المحقق، وكثرتها.

الثانية: بتحقيق جمال الدين محمد شرف، من إصدار دار الصحابة بطنطا، بدون تاريخ، في مجلد واحد. وهذه الطبعة كسابقتها مليئة بالأخطاء والسقط.

خطة البحث:

قُسِّم البحثُ إلى مقدمة، وتمهيد، وقسمين، وخاتمة، وفهارس، على النحو التالي:

المقدمة: وتشتمل على:

• أهمية الموضوع وأسباب اختياره.

• الدراسات السابقة.

• خطة البحث.

• منهج البحث.

التمهيد: نبذة عن التأليف في القراءات السبع حتى عصر ابن بليمة.

القسم الأول: دراسة عن المؤلِّف، والمؤلَّف، ويتضمن فصلين:

الفصل الأول: دراسة عن المؤلِّف، وفيه سبعة مباحث:

• المبحث الأول: اسمه، وكنيته، ولقبه، ونسبه.

• المبحث الثاني: مولده، ونشأته، ورحلاته.

• المبحث الثالث: شيوخه، وتلاميذه.

• المبحث الرابع: عقيدته، ومذهبه الفقهي.

• المبحث الخامس: مؤلفاته.

• المبحث السادس: مكانته العلمية.

• المبحث السابع: وفاته رحمه الله.

الفصل الثاني: دراسة المؤلَّف، وفيه ستة مباحث:

• المبحث الأول: تحقيق اسم الكتاب.

• المبحث الثاني: توثيق نسبته إلى المؤلِّف.

• المبحث الثالث: منهج المؤلِّف في كتابه.

• المبحث الرابع: مصادر المؤلِّف في كتابه.

• المبحث الخامس: قيمة الكتاب العلمية.

• المبحث السادس: وَصْف النسخ الخطية، ونماذج منها.

القسم الثاني: النص المحقق (من أول الكتاب إلى آخر فرش سورة الأنعام).

الخاتمة.

الفهارس: وتحتوي على:

• فهرس القراءات.

• فهرس الأعلام.

• فهرس المصادر والمراجع.

• فهرس الموضوعات.

منهج البحث:

• أتبع في الدراسة المنهجَ الاستقرائي التحليلي الوصفي.

• أتبع في التحقيقِ المنهجَ الآتي:

1- تحرير نص المؤلف، وذلك بما يلي:

أ‌- نسخ المخطوط كاملًا من النسخة الأصل، حسب القواعد الإملائية الحديثة.

ب‌- المقابلة بين النسختين مع إثبات الفروق في الحاشية، وإثبات الصواب في المتن. وإن كان الصواب من غير الأصل، فأثبته في المتن بين معقوفتين [ ].

1- كتابة الآيات القرآنية بالرسم العثماني، مع ذكر اسم السورة ورقم الآية.
2- تقسيم كلام المصنِّف إلى فقرات، بحسب ما يقتضيه مراده.
3- توضيح ما قد يُشكِل من عبارات النص المُحقَّق.
4- توثيق المسائل العلمية من المصادر الأصيلة.
5- ترجمة الأعلام في أول وُرودٍ لهم، سواء في الدراسة أو في التحقيق.
6- التعليق في الحاشية على ما يحتاج إلى تعليق بما يخدم الكتاب.
7- وضع فهارس في نهاية النص المحقق تسهيلًا على القارئ الكريم.

ولا يفوتني بعد شكر الله سبحانه وتعالى والثناء عليه، أن أُثَنِّي بالشكر الجزيل لفضيلة مرشدي الأكاديمي الدكتور: عبد الرحيم بن عبد الله عمر الشنقيطي الذي أعانني في إعداد خطة هذا البحث، ثم من بعده فضيلة المشرف على هذا البحث فضيلة الدكتور عبد الرحيم لطف الله العباسي الذي أكرمني بتوجيهاته القيمة وملاحظاته المفيدة، فلهما مني عاطر الثناء وجزيل الشكر، ومن الله عظيم الثواب والأجر.

وكذلك لا أنسى أن أدعوا الله لمن أكرمني الله تعالى بشرف التتلمذ على أيديهم فانتفعت منهم كثيرًا أن يغفر الله لهم، وأن ينفع بعلمهم وعملهم من بعدهم، وأن يُصلِح لنا ولهم النية والذرية، وأخص منهم: فضيلة الشيخ سيد لاشين أبو الفرح رحمه الله، وفضيلة الدكتور حازم سعيد حيدر، وفضيلة الدكتور إيهاب فكري، وفضيلة الدكتور عادل رفاعي، وفضيلة الدكتور أحمد السديس رئيس قسم القراءات، وغيرهم ممن يعجَز القلم واللسان عن شكرهم وبلوغ بعض الحق الواجب في حقهم عليّ، فجزاهم الله خيرًا، وبارك فيهم.

ولا يسعني نسيان شكر جميع المشايخ الكرام الذين قدموا لي يد العون والمشورة ابتداءً بمن اقترح علي تسجيل هذا الموضوع إلى من ساعدني في مقابلة النسختين وغير ذلك، فلهم مني دائمًا خالص الدعوات، بأن يصلح الله لنا ولهم الحال والمآل، وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح، وأن يجعل أعمالنا صالحةً، ولوجهه خالصةً، وألا يجعل لأحدٍ فيها شيئًا، نحن وجميع من وصَّانَا ومن استَوْصَانَا ومن له حق علينا، إنه سميع مجيب الدعاء.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

الخاتمة:

الحمد لله الذي تمم وأكرم، وهو الأعز الأكرم، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اتبع هداه بإحسانه إلى يوم الدين.

وبعد:

فأشير في خاتمة هذا البحث إلى بعض الأمور الهامة المتعلقة بالبحث، وهي كالتالي:

•كتب القراءات متقاربة في المنهج في الغالب، ومتشابهة في أغلب المسائل، لأن علم القراءات يعتمد على النقل والرواية، فالقرآن محفوظ بحفظ الله تعالى له، والأوجه الأدائية والكلمات الخلافية أقل من الكلمات القرآنية التي لم ترد فيها خلاف في أدائها.

• ظهر لي جودة تلخيص المؤلف _ في الغالب _ لكتابي: (التذكرة) للإمام أبي الحسن ابن غَلْبُون، و(التيسير) للإمام الداني، وذلك يتبن من قلة الاختلاف بين هذه الكتب في الوجه، وإن كان لا يخلو من فوت لبعض الأوجه، أو سهو نبهت عليه في موضعه.

• تبين لي أن ابن بليمة أورد بعض الأخبار عن شيوخه، وتلقيه علم القراءات، ولكن لم يثبت لدي هل جعل ذلك في كتاب، أم أنه قد تناقلته الرواة عنه، فنقلوه عنه مشافهةً، ودونوه في كتبهم.

• أوصي بالعمل على تحرير الأوجه، والطرق، خاصةً في كتاب (النشر)، وذلك بالرجوع إلى أصول النشر، وذلك مما يدعو إلى الاهتمام بالبحث عن هذه الكتب، وتحقيقها على أصول البحث العلمي الأصيل.

وأختم بحمد الله شاكرًا، ومصليًا على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، داعيًا الله سبحانه وتعالى _ وهو القريب المجيب_ أن يجعل أعمالنا صالحةً، ولوجهه خالصةً، وألا يجعل لأحدٍ فيها شيئًا.

ولا يفوتني أن أكرر شكري وتقديري لكل من خدمني، وأفادني في هذا البحث، وأخص منهم فضيلة مشرف البحث الدكتور عبد الرحيم بن لطف الله العباسي، على ما أكرمني به من توجيهاتٍ سديدة، ونصائح قيمة، فله مني جزيل الشكر، ومن الله تعالى أوفر الأجر.

والحمد لله أولًا وآخرًا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

فهرس الموضوعات