الشواهد النحوية والتصريفية في كتاب إيضاح الوقف والابتداء لأبي بكر ابن الأنباري ت (328هـ) دراسة وتقويما

ملخص الرسالة

الشواهد النحوية والتصريفية

في كتاب إيضاح الوقف والابتداء لأبي بكر ابن الأنباري ت (328هـ)

دراسة وتقويمًا

المقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّد الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فإنّ الشواهد النحوية تُشكّل قسمًا مهمًا من تراثنا اللغويّ عامة، والنّحوي منه بشكل خاص، فعليها صيغت قواعد النحو، وحولها دارت اختلافات النحاة في مذاهبهم النحويّة، وهي تعد أحد الموضوعات التي استهوت عددًا غير قليل من الدارسين وشغلت أذهان الكثير من القدامى ولا تزال تشغل أذهان الكثير من المحدثين ذلك لأنها تيسّر الفهم وتشعّب البحث.

وأول محاولة في هذا السبيل قام بهذا السيرافي، أحد علماء القرن الثالث الهجري، إذ اتجه إلى جمع شواهد سيبويه، ثم اتجهت العناية إلى شواهد الزجاجي في كتابه (الجمل) ذلك الذي حظي من اهتمام الشراح بأكثر مما حظي غيره من كتب النحو.

ونظرًا إلى هذه الأهميّة نشأت لديّ فكرة هذا البحث عند قراءتي لكتاب إيضاح الوقف والابتداء لابن الأنباري، فرغبتُ في دراسة شواهد هذا الكتاب، والوقوف على أقوال العلماء فيها؛ فجعلتها موضوعًا لبحثي.

وكتبتُ بحثي بعُنوان: (الشواهد النحوية والتصريفية في كتاب إيضاح الوقف والابتداء لأبي بكر ابن الأنباري).

وكان يدفعني إلى هذا الموضوع عدة أسباب، من أهمها:

1- أنّ كتاب الإيضاح اشتمل على نقولٍ كثيرة لنحاة الكوفة، مما يعطي مادة علمية ثرّة لمن أراد دراسة نحو الكوفيين.

2- ما يتميز به ابن الأنباري من عناية فائقة بالشواهد، فقد قيل عنه: "إنه كان يحفظ ثلاثمائة ألف بيت شاهد في القرآن"[1].

3- أنّ دراسة الشواهد النحوية والتصريفية تفتح أمامي مجالًا واسعًا في البحث والتقصي، للوقوف على آراء النحاة المختلفة فيها، ومعرفة أدلتهم، والرجوع إلى مصادرهم.

وقد شرعت في البحث عما إذا كان أحدٌ قد طرق هذا الموضوع، فوجدت رسالةً للماجستير بُعنوان (التوجيه النحوي والتصريفي للقراءات عند أبي بكر ابن الأنباري) إعداد الطالبة رانية الجلبي، تناولت الباحثة توجيه ابن الأنباري النحوي والتصريفي للقراءات تحديدًا مع إلقاء بعض الضوء على منهجيته في توجيه القراءات وموقفه منها توجيهًا واستشهادًا والمصادر التي استقصى منها توجيه هذه القراءات[2].

أمّا دراستي فاقتصرت على شواهد ابن الأنباري النحوية والتصريفية في كتابه إيضاح الوقف والابتداء تحديدًا مع دراسة مصادر شواهده، وأغراض الاستشهاد عنده، ومنهجه في عرض الشواهد.

أمّا المنهج الذي سلكته في هذا البحث فيتلخص في الأمور التالية:

1- قمت بجمع الشواهد النحوية، والتصريفية من كتاب الإيضاح.

2- صنفتُ الشواهد النحوية ورتبتُها وفق ترتيب ألفية ابن مالك، وصنفتُ الشواهد التصريفية ورتبتُها وفق ترتيب شافية ابن الحاجب.

3- وضعتُ عنوانًا لكل مسألة من مسائل القسم الأول، مع وضع اسم الباب قبل المسائل الخاصة بهذا الباب.

4- أوردت نصّ ابن الأنباري أول المسألة، وقد أتصرف فيه إن كان طويلًا.

5- درست الشواهد النحوية والتصريفية دراسة مبنية على الرجوع إلى مصادرها قبل ابن الأنباري وبعده، والنظر فيما دار فيها من خلاف بين النحويين والمفسرين، وترجيح ما يظهر لي رجحانه.

6- خرجت الآيات والقراءات والأحاديث النبوية من مصادرها الأصيلة.

7- نسبت الشواهد الشعرية إلى قائليها - إذا كان القائل معروفًا - مع بيان البحر العروضي لكل بيت، ثم أشرت إلى موطنها في بعض الدواوين وكتب النحو، وضبطتُ الكلمات التي تحتاج إلى ضبط، وذكرت معاني المفردات الغريبة.

8- ترجمت لمعظم الأعلام الذين وردت أسماؤهم في البحث.

هذا وقد نظّمت مباحث هذه الرسالة في مقدمة، وتمهيد، وقسمين، وخاتمة. وجاءت خطة البحث على النحو التالي:

المقدمة:

تحدثت فيها عن أهمية الموضوع، وسبب اختياري له، وبيان منهج البحث وخطته.

التمهيد:

وفيه مبحثان:

المبحث الأول: ابن الأنباري حياته، وآثاره.

المبحث الثاني: كتاب إيضاح الوقف والابتداء:

اقتصرت فيه على ذكر: سبب تأليفه، ومادة الكتاب ومنهج المؤلف فيه، وقيمته.

القسم الأول: تصنيف الشواهد

ويشمل الفصلين التاليين:

الفصل الأول: الشواهد النحوية.

الفصل الثاني: الشواهد التصريفية.

صنفت الشواهد النحوية على ترتيب أبواب ألفية ابن مالك، والشواهد التصريفية على ترتيب أبواب شافية ابن الحاجب، مبينة آراء النحاة فيها، مع بيان الراجح ما أمكن.

القسم الثاني: الدراسة

وتشتمل على ستة فصول:

الفصل الأول: مصادر الشواهد.

1- الكتب.

2- العلماء.

الفصل الثاني: أغراض الاستشهاد، ويشتمل على:

1- بناء القاعدة.

2- الاستئناس والتأييد.

3- التعليل.

4- الرد أو النقض.

الفصل الثالث: موقف ابن الأنباري من القراءات المستشهد بها، وقد تناول ما يلي:

1- قبوله القراءة.

2- اختياره للقراءة.

3- وصفها بالشذوذ.

الفصل الرابع: منهجه في عرض الشواهد، ويشتمل على:

1- عرض الشاهد.

2- توثيق الشاهد.

3- شرح الشاهد.

4- القياس على الشاهد.

5- إعراب الشاهد.

الفصل الخامس: اعتراضاته للشواهد، ويشتمل على:

1- أساليبه في الاعتراض.

2- اعتراضه الرواية.

الفصل السادس: التقويم، وقد تناول ما يلي:

1- توثيق الشواهد.

2- الدقة في نقل الشواهد.

3- العناية بالقراءات.

4- العناية بروايات الشواهد.

5- الدقة في توجيه الشواهد.

6- استيفاء أقوال العلماء في الشواهد.

7- الاعتدال والتحيز في الحكم على الشواهد.

الخاتمة:

وفيها ذكر لأبرز ما انتهى إليه هذا البحث من نتائج.

الفهارس: ووضعت في آخر البحث الفهارس الآتية:

1- فهرس الآيات القرآنية.

2- فهرس الأحاديث النبوية والآثار.

3- فهرس أقوال العرب وأمثالهم.

4- فهرس الأشعار.

5- فهرس الأعلام.

6- فهرس المسائل النحوية والتصريفية.

7- ثبت المصادر والمراجع.

8- فهرس الموضوعات.

وأخيرًا أتقدم بوافر الشكر والتقدير إلى سعادة أستاذي المشرف على هذا البحث الأستاذ الدكتور/ حسن بن محمد الحفظي، حفظه الله وأمدّ في عمره، فقد وجدت فيه عالمًا متواضعًا، وأستاذًا مرشدًا فريدًا، وأبًا ناصحًا عضيدًا، فجزاه الله عني جزاء مشكورًا.

ولا يفوتني أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير إلى عضوي لجنة المناقشة، اللذين قبلا مناقشة هذه الرسالة، وأسأل الله أن يوفقهما لما فيه الخير والسداد والصواب.

كما أشكر قسم النحو والصرف وفقه اللغة؛ ممثلًا في رئيسه ووكيله وجميع أعضائه على ما قدّموه لي من نصح وتيسير واهتمام.

والله أسأل أن يجعل عملي هذا خالصًا لوجهه الكريم، وأن يجعله في موازيني يوم لا ينفع مال ولا بنون إلاّ من أتى الله بقلب سليم.

والحمد لله أولًا وآخرًا، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

الخاتمة

أحمد الله سبحانه وتعالى على أن أعانني على إتمام هذا البحث الموسوم بـ(الشواهد النحوية والتصريفية في كتاب إيضاح الوقف والابتداء لابن الأنباري ت (328) هـ، وآمل أن أكون قد رسمت صورة واضحة لمنهج ابن الأنباري في كتابه بالوقوف على شواهده، وبيان موقف النحويين والمفسرين منها.

وبعد هذه الدراسة أقف في نهاية المطاف وِقْفة الجاني ثمار زرعه، لأُبْرز أهم النتائج التي ظهرت في هذا البحث على النحو الآتي:

1- أنّ محمد بن القاسم بن الأنباري كان آية من آيات الله في الحفظ، وهو منْ أحفظ من تقدّم من الكوفيين مما جعله عالمًا، حيث كان من أعلم الناس وأفضلهم في نحو الكوفيين.

2- أنّ من أشهر شيوخه والده القاسم بن محمد، وثعلب، ومن أشهر من تتلمذ على يديه عدد من العلماء منهم: أبو جعفر النحاس، وأبو علي القالي، وابن خالويه، والزجاجي، وأبو الفرج الأصفهاني.

3- أنّ كتاب الإيضاح لابن الأنباري يعدُّ من أجود ما صنّف في بابه؛ لأنّه أحفى في مسائل هذا العلم، ولهذا فهو حريٌّ أن يكون موسوعة وأصلًا من أصول هذا العلم.

4- في كتاب الإيضاح نقول عديدة عن نحاة الكوفة، وهذه النقول تقدِّم مادة غزيرة لمن أراد التعمق في بحث مذهب الكوفيين.

5- وفرة شواهد ابن الأنباري في كتابه إذ عوّل في جلّ مسائله على القرآن الكريم، والقراءات، والشعر، ولغات القبائل والأمثال.

6- لقد فات ابن الأنباري أن يكثر من الاستشهاد بالأحاديث الشريفة لبناء قاعدة من قواعد النحو أو التصريف، فلم يقبل في كتابه الاستشهاد بها؛ ذهابًا إلى أنّ الأحاديث يجوز روايتها بالمعنى.

7- نلحظ من دراستنا لشواهد ابن الأنباري، أنه معجبٌ بالفراء وكتابه، وكان متابعًا له في كثير من آرائه.

8- أنّ منهج ابن الأنباري وموقفه من الاستشهاد بالقراءات القرآنية بأنواعها، ورواياتها كان مضرب المثل في قبولها، والأخذ بها مطلقًا دون تفريق بين المتواتر والشاذ.

9- أنّ ابن الأنباري من المعربين الذين جمعوا بين الإعراب والمعنى؛ لذا اعتمد كثيرًا على الإعراب، لتعيين مرتبة الوقف.

10- أنه يتعصب لرأيه فيدافع عنه بقوة ويُكثر من الاحتجاج بمختلف الأدلة لإثباته.

11- من خصائص دراسته للشواهد القرآنية أن يهتم بتتبع أخطاء أبي حاتم السجستاني وسقطاته، فيقف عليها ويكشفها ثم يبين صواب القول فيها، حتى إنّ المواقف التي وقفها منه تصلح لأن يؤلف فيها كتاب مستقل.

12- أنّ ابن الأنباري لم يهتم في كتابه الإيضاح بالروايات المختلفة للشواهد الشعرية طلبًا للإيجاز والاختصار، فهو بلا شك ممن له دراية واسعة برواية الأشعار، وكتابه (شرح القصائد السبع الطوال الجاهليات) دليل واضح على سعة علمه برواية الأشعار.

13- لقد تمثلت في شخص ابن الأنباري المدرسة الكوفية، من حيث تبينه لآراء الكوفيين، واستعماله للمصطلحات الكوفية.

14- لم يكن ابن الأنباري مقلدًا، وإنما كان مجتهدًا في دراسته للشواهد النحوية والتصريفية، فهو أقدر على التعليل، والبرهنة، والإدلاء بالحجج البينة.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -.

فهرس الموضوعات