ملخص الرسالة

الأحكام الفقهية المتعلقة بالكلاب

المقدمة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ أما بعد:

فإن من تمام نعمة الله وعظيم منته أن هدى هذه الأمة إلى هذا الدين القويم، والصراط المستقيم الذي به تصلح نفوسهم وتهذب أخلاقهم، وتنظم معاملاتهم، ويصح سلوكهم، وتقوم حياتهم وفق توجيه قرآني، وهدي نبوي تضمنًا علمًا، هو من أجل العلوم قدرًا، وأعلاها فخرًا، وأبلغها منهجًا، وأشرفها مكانة، وهو علم الشرع الشريف، وبيان أحكامه، وتفصيل حلاله وحرامه.

كل ذلك ليقوم العباد بالحق الذي من أجله خلقوا، وهو عبادته على الوجه الذي ارتضى لهم، قال الله تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الحج: 77]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5].

فإن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق ولم يتركهم هملًا، فأنزل الكتب، وأرسل الرسل، وبين لهم الشرائع، فلذا كانت الشريعة عامة صالحة لكل زمان ومكان، شاملة لجميع المخلوقات، حاضرهم وغائبهم، حيهم وميتهم صغيرهم وكبيرهم، ذكرهم وأنثاهم.

ومن هذه المخلوقات الحيوانات، ومن هذه الحيوانات سباع البهائم، ومن هذه السباع (الكلاب).

فقد جاءت الشريعة المحمدية ببيان أحكام الكلاب بيانًا شافيًا كافيًا، ولما كان للكلاب أحكام في الشريعة تخصها -كما سيأتي بيان ذلك إن شاء الله- رأيت أن تكون هي موضوع بحثي، الذي أسميته بـ: " الأحكام الفقهية المتعلقة بالكلاب ".

أهمية الموضوع:

1 - تبرز أهمية الموضوع من كونه متعلقًا بحيوان يتخذه بعض الناس لغرض مباح، أو غير مباح.

2 - أنه مما ذاع وانتشر اتخاذ فئة من الناس الكلاب لغرض الصيد، أو الحراسة، أو استخدامها في أمور أمنية كالكشف على المخدرات والمتفجرات والأسلحة، وغيرها، مما قد يثير لديهم بعض التساؤولات التي باعثها كثرة اقتنائهم للكلاب واجتماعهم بها.

3 - اقتناء البعض للكلاب واتخاذها للملاعبة والمصاحبة، بل وتربيتها على ذلك، رفاهية وبطرًا، زعمًا منهم بالتجديد والتقدم والحضارة.

4 - أنها تتعلق بكثير من مسائل العبادات كالطهارة والصلاة.

5 - إبراز شمولية الشريعة، حتى أنها تضمنت الكلام عن علاقة الإنسان بالحيوان، ومن تلك الحيوانات الكلاب.

أسباب اختيار الموضوع:

1 - ما ذكرته آنفًا من أهمية الموضوع، هو في الحقيقة سبب من أسباب اختياره.

2 - خلو المكتبة الإسلامية من بحث يجمع شتات الموضوع، ويناقش مسائله بأسلوب علمي تأصلي.

3 - ما استجد من وقائع يستفاد منها الكلب، كالاستعانة به على كشف المخدرات وترويجها، والأسلحة وتهريبها، والمتفجرات وأمكنتها، مما يستدعي بحث ما يتعلق بذلك من أحكام فقهية.

4 - ما يثيره بعض الأقليات المسلمة في الخارج من استفسارات عن أحكام الكلاب لكثرتها وانتشارها في تلك البلاد.

منهج البحث:

سوف أسير في كتابة هذا البحث العلمي - بعون الله - على ضوء المنهج الآتي:

1 - تصوير المسألة المراد بحثها تصويرًا دقيقًا قبل بيان حكمها بدليلها مع توثيق الاتفاق من مظانه المعتبرة.

2 - إذا كانت المسألة من مواضع الاتفاق فسأذكر حكمها بدليلها مع توثيق الاتفاق من مظانه المعتبرة.

3 - إذا كانت المسألة من مسائل الخلاف، فسيكون عرضها على النحو الآتي:

أ - تحرير محل الخلاف إذا كانت بعض صورة المسالة محل خلاف، وبعضها محل اتفاق.

ب - ذكر الأقوال في المسألة، وبيان من قال بها من أهل العلم، ويكون عرض الخلاف حسب الاتجاهات الفقهية.

جـ - الاقتصار على المذاهب الفقهية المعتبرة مع العناية بذكر ما تيسر الوقوف عليه من أقوال السلف الصالح.

د - توثيق الأقوال من مصادرها الأصلية.

هـ - استقصاء أدلة الأقوال مع بيان وجه الدلالة، وذكر ما يرد عليها من مناقشات وما يجاب به إن وجدت، وأن يذكر ذلك بعد الدليل مباشرة.

و - الترجيح مع بيان سببه.

4 - الاعتماد على أمهات المصادر والمراجع الأصلية في التحرير والتوثيق والتخريج والجمع.

5 - التركيز على موضوع البحث وتجنب الاستطراد.

6 - العناية بضرب الأمثلة خاصة الواقعية.

7 - تجنب ذكر الأقوال الشاذة.

8 - العناية بدراسة ما جد من القضايا مما له صلة بالموضوع.

9 - ترقيم الآيات وبيان سورها.

10 - تخريج الأحاديث من مصادرها الأصلية، وإثبات الكتاب والباب والجزء والصفحة، وبيان ما ذكره أهل الشأن في درجتها - إن لم تكن في الصحيحين أو أحدهما - فإن كانت كذلك فيكتفى حينئذ بتخريجها.

11 - تخريج الآثار من مصادرها الأصلية والحكم عليها.

12- التعريف بالمصطلحات من كتب الفن الذي يتبعه المصطلح أو من كتب المصطلحات المعتمدة.

13 - توثيق المعاني من معاجم اللغة المعتمدة، وتكون الإحالة عليها بالمادة والجزء والصفحة.

14 - العناية بقواعد اللغة العربية والإملاء، وعلامات الترقيم، ومنها علامات التنصيص الآيات الكريمة، وللأحاديث الشريفة، وللآثار، ولأقوال العلماء، وتمييز العلامات أو الأقواس، فيكون لكل منها علامته الخاصة.

15 - تكون الخاتمة متضمنة أهم النتائج والتوصيات.

16 - ترجمة للأعلام غير المشهورين بإيجاز بذكر اسم العالم ونسبه وتاريخ وفاته، ومذهبه العقدي والفقهي.

17 - إذا ورد في البحث أماكن أو قبائل أو فرق أو أشعار أو غير ذلك توضع له فهارس خاصة إن كان لها من العدد ما يستدعي ذلك.

18 - اتباع البحث بالفهارس التالية:

أ - فهرس الآيات القرآنية.

ب - فهرس الأحاديث النبوية والآثار.

جـ - فهرس الأعلام.

د - فهرس المصادر والمراجع.

هـ - فهرس الموضوعات.

خطة البحث:

يتكون البحث من مقدمة، وتمهيد، وستة فصول، وخاتمة، على النحو التالي:

المقدمة: وتتضمن التعريف بموضوع البحث، وأهميته، وأسباب اختياره، ومنهج البحث، وخطته.

التمهيد: وفيه ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: تعريف الكلب لغة واصطلاحًا.

المبحث الثاني: الألفاظ ذات الصلة.

المبحث الثالث: الآيات القرآنية التي ورد فيها ذكر الكلب.

الفصل الأول: أحكام الكلب في الطهارة والصلاة. وفيه مباحث:

المبحث الأول: أحكام الكلب في الطهارة. وفيه مطالب:

المطلب الأول: حكم ذات الكلب من حيث الطهارة.

المطلب الثاني: جلد الكلب.

المطلب الثالث: شعر الكلب.

المطلب الرابع: سؤر الكلب.

المطلب الخامس: روث الكلب وبوله.

المطلب السادس: الإناء الذي ولغ فيه الكلب.

المطلب السابع: قياس الخنزير على الكلب.

المبحث الثاني: أحكام الكلب في الصلاة. وفيه مطالب:

المطلب الأول: قطع الكلب للصلاة.

المطلب الثاني: التشبه بالكلب في الصلاة.

المطلب الثالث: لبث الكلب بين يدي المصلي.

الفصل الثاني: أحكام الكلب في المعاملات المالية. وفيه مباحث:

المبحث الأول: أحكام اقتناء الكلب. وفيه مطالب:

المطلب الأول: اقتناؤه لأغراض مشروعه. وفيه فروع:

الفرع الأول: اقتناؤه للأغراض المنصوص على جوازها.

الفرع الثاني: اقتناؤه لأغراض في معنى المنصوص. وفيه ثلاث مسائل:

المسألة الأولى: ضابط الأغراض التي يجوز اقتناء الكلب لأجلها.

المسألة الثانية: اقتناؤه لأغراض أمنية.

المسألة الثالثة: اقتناء الكلب للدلالة.

المطلب الثاني: اقتناؤه لأغراض أخرى.

المطلب الثالث: الحكمة من تحريم اقتناء الكلب فيما عدا الأمور المنصوصة وما في حكمها.

المبحث الثاني: حكم بيع الكلب وشرائه. وفيه مطالب:

المطلب الأول: بيع ما يجوز اقتناؤه.

المطلب الثاني: بيع ما يحرم اقتناؤه.

المطلب الثالث: إجارة الكلب.

المبحث الرابع: الإجارة على تدريبه.

المبحث الخامس: إعارة الكلب.

المبحث السادس: المسابقة بين الكلاب.

المبحث السابع: أحكام الكلب في الغصب والضمان. وفيه مطالب:

المطلب الأول: قتل الكلب.

المطلب الثاني: ضمان الكلب المأذون في اقتنائه.

المطلب الثالث: ضمان ما تسبب الكلب بجرحه، أو قتله وتلفه.

المطلب الرابع: ضمان ما يتلفه الكلب من الزرع والماشية.

المطلب الخامس: ضمان إتلاف شيء من حاجات الكلب.

المطلب السادس: ضمان الكلب المغصوب إذا مات في يد غاصبه.

الفصل الثالث: أحكام الكلب في فقه الأسرة. وفيه مباحث:

المبحث الأول: وقف الكلب وما يتعلق به.

المبحث الثاني: هبة الكلب.

المبحث الثالث: حكم الوصية بالكلب. وفيه مطالب:

المطلب الأول: حكم الوصية بالكلب المباح وغير المباح.

المطلب الثاني: فيما تنصرف إليه الوصية لو أوصى وله كلب.

المطلب الثالث: الوصية بجزء من كلب مباح أو منفعته.

المبحث الرابع: إرث الكلب. وفيه مطالب:

المطلب الأول: إذا كان في تركته كلب مباح وآخر محرم.

المطلب الثاني: قسمة الكلب بين الورثة.

المبحث الخامس: أحكام الكلب في النكاح. وفيه مطالب:

المطلب الأول: جعل الكلب صداقًا في النكاح.

المطلب الثاني: جعل الكلب عوضًا في الخلع.

الفصل الرابع: أحكام الكلب في الصيد والأطعمة. وفيه مباحث:

المبحث الأول: أحكام الكلب في الصيد. وفيه مطالب:

المطلب الأول: صيد الكلاب.

المطلب الثاني: التسمية عند إرساله الكلب.

المطلب الثالث: لعاب الكلب إذا أصاب الصيد.

المطلب الرابع: إذا اشترك في الصيد كلب مسلم مع كلب كتابي أو غير كتابي.

المطلب الخامس: الصيد إذا اشترك مع الكلب المعلم كلب غير معلم.

المطلب السادس: الصيد الذي أكل منه الكلب المعلم.

المطلب السابع: الصيد إذا استرسل الكلب بنفسه.

المطلب الثامن: حكم الصيد إذا أرسل كلبًا يريد صيدًا فقتله هو وآخر.

المطلب التاسع: إذا صاد الكلب وبقيت في الصيد حياة.

المطلب العاشر: متى يكون الكلب معلمًا.

المبحث الثاني: أحكام الكلب في الأطعمة. وفيه مطالب:

المطلب الأول: أكل لحكم الكلب.

المطلب الثاني: شرب لبن الكلب والتداوي به.

المطلب الثالث: الانتفاع بالميتة في إطعام الكلب.

المطلب الرابع: الحيوان المتولد بين كلب ومعز.

الفصل الخامس: أحكام الكلب في الحدود. وفيه مطالب:

المطلب الأول: حكم من وطىء كلبه والعكس.

المطلب الثاني: التعزيز في شتمه بالكلب.

المطلب الثالث: القطع بسرقة الكلب.

المبحث الثاني: أحكام الكلب في الجنايات. وفيه مطالب:

المطلب الأول: جناية الكلب على النفس وما دونها.

المطلب الثاني: عضة الكلب إذا تسببت بمرض إنسان.

الفصل السادس: مسائل فقهية متفرقة. وفيه مباحث:

المبحث الأول: هل عدم نباح الكلب من علامات ليلة القدر.

المبحث الثاني: تدريب الكلب بإطعامه مواد محرمة.

المبحث الثالث: الإنكار على مقتني الكلب.

المبحث الرابع: امتناع الملائكة من دخول البيت لوجود الكلب؟

المبحث الخامس: الانتفاع بأعضاء الكلب في الأغراض الطبية.

المبحث السادس: التشبه بالكلب.

المبحث السابع: علاج الكلب.

الخاتمة: وقد تضمنت أهم وأبرز النتائج والثمرات والتوصيات.

الفهارس العامة: وتتضمن على:

• فهرس الآيات القرآنية.

• فهرس الأحاديث النبوية والآثار.

• فهرس الأعلام.

• فهرس المصادر والمراجع.

• فهرس الموضوعات.

الخاتمة

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وأحمده سبحانه وتعالى أولًا وآخرًا، وأشكره تعالى على ما منَّ به من التوفيق في البدء والختام، وأصلي وأسلم على من بعثه الله رحمة للعالمين؛ وبعد:

فإنه لا يخفى أن كل باحث لابد أن يظهر له من خلال بحثه نتائج وثمار وإني من خلال معايشتي لبحث " الأحكام الفقهية المتعلقة بالكلاب "خرجت منه بنتائج وثمرات، ومن هذه النتائج والثمرات ما يلي:

1 - القدرة على استخراج تعريف وحد جامع للكلب، وذلك من خلال إطلاعي، واستقرائي لكتب العلوم والموسوعات.

2 - معرفة ما يتعلق بالكلب من أحكام في الطهارة والصلاة.

3 - معرفة ضابط الأغراض التي يجوز اقتناء الكلاب لأجلها.

4 - أهمية استخدام الكلاب في الجهاز الأمني، ومدى قوة السرعة في كشف الجريمة به، بخلاف ما لو لم يكن مستخدمًا.

5 - الحكمة من تحريم اقتناء الكلب، فيما عدا الأمور المنصوصة.

6 - ما ظهر لي من حكم بيع الكلاب وتأجيرها، والإجارة على تدريبها.

7 - معرفة أنواع المسابقات التي تجري بين الكلاب، وحكم كل نوع.

8 - حكم قتل الكلاب، وما ورد في ضمانها، وضمان ما تتلفه، أو ضمان إتلاف شيء من اختصاصاته.

9 - صحة وقف الكلب، وهبته، والوصية به.

10 - كيفية قسمة الكلب بين الورثة، وحكم جعله صداقًا، أو عوضًا في الخلع.

11 - معرفة بعض الأحكام المتعلقة بالصيد بالكلاب، كحكم غسل أثره من الصيد، وحكم الصيد الذي أكل منه، وفيما إذا استرسل بنفسه وغيرها.

12 - حكم أكل لحم الكلب، وشرب لبنه، والتداوي به.

13 - التعزير والتأديب الشديد، فيمن وطء كلبه، أو العكس.

14 - جناية الكلب على النفس وما دونها، وما ورد فيها من تفريعات

15 - أن نباح الكلب ليس علامة يهتدي بها من علامات، ليلة القدر.

16 - تدريب الكلب بتشميمه مواد محرمة كالمخدرات والحشيش، وحكم ذلك.

17 - سبب امتناع الملائكة من الدخول في البيت الموجود فيه الكلب.

18 - حكم الانتفاع بأعضاء الكلب في الأغراض الطبية، والتشبه به، وعلاجه.

وأخيرًا أوصي نفسي وجميع المسلمين بتقوى الله سبحانه وتعالى في السر والعلانية وخاصة في هذا الزمان الذي تكالب فيه أعداء الإسلام في كل مكان وكثرت فيه الفتن ما ظهر منها وما سيظهر.

ثم أقدم شكري وتقديري لكل من أعانني وساعدني في إخراج هذا البحث وإتمامه، وأدعوا لهم بالتوفيق، والرفعة، والسداد، وفي مقدمة هؤلاء فضيلة الشيخ الدكتور يوسف الشبيلي حفظه الله تعالى، ونفع الله به الأمة.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

فهرس الموضوعات