إجماعات ابن حزم في كتابه (مراتب الإجماع) في كتاب: (الصلاة) جمعا ودراسة

ملخص الرسالة

إجماعات ابن حزم في كتابه (مراتب الإجماع)

في كتاب: (الصلاة) جمعًا ودراسة

المقدمة:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

أما بعد:

فإن التشريع مصدره الكتاب والسنة، والإجماع، ولما كان الإجماع أحد المصادر المتفق عليها، كانت العناية والحرص على معرفة مواطنه محطَّ اهتمام علماء السلف رحمهم الله، فألفوا فيه ضمنًا واستقلالًا، وكان الإمام ابن حزم أبومحمد علي بن أحمد بن سعيد الظاهري، له قصب السبق في هذا حيث نقل مسائل الإجماع في كتبه المتعددة، وكان من أهمها كتابه " مراتب الإجماع " وقد حظي هذا الكتاب بعناية فائقة واهتمام من قبل أهل العلم قديمًا وحديثًا من ناقل عنه إلى محيل عليه، إلى ناقد ومستدرك عليه، وما ذاك إلا لما اتصف به هذا الإمام من علم جم وفقه واسع وإحاطة بأقوال السلف.

صحيح أن العلماء تكلموا عن الإجماع من حيث هو، لكن من حيث جمع المسائل التي أجمعوا عليها لم يؤلف في ذلك الكثير، ولما كان نظام المعهد العالي للقضاء حماه الله - ملزمًا للطلبة الدارسين في الدراسات العليا بتقديم بحث تكميلي لنيل درجة (الماجستير) - كان من توفيق الله تعالى لي اختيار موضوع يبحث في دراسة مسائل الإجماع في (كتاب الصلاة) عند الإمام ابن حزم من خلال كتابه (مراتب الإجماع). وقد بذلت فيه ما أستطيع واجتهدت فيه جهد المقل.. والله الموفق.

أهمية الموضوع وأسباب اختياره:

1- إن الموضوع يكمن في دراسة إجماعات ابن حزم في (كتاب الصلاة)، التي هي عمود الإسلام، خاصة أن الإجماع هومن أقوى الأدلة؛ إذ هوالمصدر الثالث من مصادر التشريع.

2- نظرًا لأن الموضوع، من المواضيع المهمة بعد الشهادتين، لأن الصلاة الركن الثاني من أركان الإسلام ومبانيه العظام، لذا كان من المهم دراسة المسائل المجمع عليها بهذا الكتاب " مراتب الإجماع " خاصة إذا كانت من عالم متبحر كابن حزم.

3- مكانة الإمام ابن حزم العلمية، والفقهية، واطلاعه الواسع على الأحاديث، والآثار، وأقوال العلماء مما جعل كثيرًا من العلماء يعتمدون عليه في إثبات الإجماع، مما يدل على أهمية الإجماع الذي يحكيه، لذا كان من المهم دراسة إجماعاته خاصة.

4- إن معرفة مواطن الإجماع من أولويات طالب العلم، حيث تساعده على تصور المسائل، كي لا يخالف في مسألة مجمع عليها، وقد عدّ بعض العلماء معرفة مواطن الإجماع من شروط الاجتهاد.

5- إن البحوث العلمية في دراسة إجماعات أهل العلم قليلة جدًا، مع كثرة مسائل الإجماع المدونة في كتبهم، فأحببت المشاركة في هذا الباب، وهي دراسة إجماعات ابن حزم " كتاب الصلاة "، "مسائل من كتاب الصلاة ".

6- ندرة المؤلفات التي تجمع مسائل الإجماع في مصنف واحد ليسهل الرجوع إليها.

الدراسات السابقة:

بعد البحث والسؤال في مظان البحوث، والدراسات، كـ (مركز الملك فيصل، ومكتبة الملك فهد الوطنية، ومكتبة المعهد العالي، والمكتبة المركزية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية)، لم أعثر على دراسة سابقة تتعلق بهذا الموضوع، إلا ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابة " نقد مراتب الإجماع "، إلا أن شيخ الإسلام لم يقصد استيفاء جميع المسائل التي ذكر ابنُ حزم الإجماعَ فيها.

ومن الدراسات السابقة كتاب " الإجماع " لابن المنذر، حيث ذكر مسائل الصلاة المجمع عليها ونص عليها أيضًا في كتابيه (الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف) و(الإشراف) حيث ذكر بعض المسائل التي ذكرها ابن حزم، بينما لم يذكر مسائل أخرى بأنها مما أجمع عليه العلماء: مثال ذلك: مدة القصر في الحج، والعمرة، والجهاد، حيث لم يذكرها ابن المنذر، ومنع الصلاة خلف من يصلي جالسًا أوفي السفينة، وهي موضع خلاف بين العلماء.

منهجي في البحث:

1- أتصور المسألة المراد بحثها، تصورًا دقيقًا قبل بيان حكمها، ليتضح المقصود من دراستها.

2- اذكر بعد ذلك نص عبارة الإمام بن حزم في كتابه " مراتب الإجماع " وأشير إلى موضعها.

3- أذكر بعض من وافقه في حكاية الإجماع، لتقوية ذلك الإجماع.

4- إذا لم أجد في المسألة خلافًا فإنني أذكر مستند الإجماع إن وجد.

5- إذا كان في المسألة خلاف فإنني أتبع ما يلي:

أ‌) تحرير محل الخلاف، إذا كانت بعض صور المسألة محل خلاف وبعضها محل وفاق.

ب‌) ذكر الأقوال في المسألة وبيان من قال من أهل العلم.

ت‌) الاقتصار على المذاهب الفقهية المعتبرة، مع العناية بذكر ما تيسر الوقوف عليه من أقوال السلف الصالح.

ث‌) توثيق الأقوال من مصادرها الأصلية.

ج‌) استقصاء أدلة الأقوال، مع بيان وجه الدلالة، وذكر ما قد يرد عليها من مناقشات، وما يجاب عنها.

ح‌) الترجيح مع بيان سببه.

6- لا أذكر من الخلاف إلا ما كان في أصل المسائل التي حكى ابن حزم فيها الإجماع.

7- في نهاية كل مسألة، أذكر ملخص لها، وهل الإجماع ثابت فيها أم فيه خلاف؟

8- ألتزم في هذا البحث بالإجماعات التي حكاها ابن حزم بنفسه في مسائل الصلاة، دونما حكى عن غيره.

9- أرتب الإجماعات التي حكاها ابن حزم حسب ترتيب الأبواب والمسائل.

10- أرقم الآيات، وأرتب السور، مضبوطة بالشكل.

11- أخرج الأحاديث من مصادرها الأصلية، مع إثبات الكتاب، والباب، والجزء، والصفحة، وبيان ما ذكر أهل الشأن في درجتها، إن لم تكن في الصحيحين، أوأحدهما، فإن كانت كذلك أكتفي حينئذ بتخريجهما.

12- أخرج الآثار من مصادرها الأصلية، والحكم عليها.

13- أعرف بالمصطلحات من كتب الفن الذي يتبعه المصطلح، أومن كتب المصطلحات المعتمدة.

14- أوثق المعاني من كتب اللغة المعتمدة، وتكون الإحالة بالمادة، والجزء، والصفحة.

15- أعتن بقواعد اللغة العربية، والإملاء، وعلامات الترقيم، وعلامات التنصيص للآيات، والأحاديث، والآثار، وأقوال أهل العلم، ولكل منها علامات تخصه.

16- تكون الخاتمة متضمنة أهم النتائج والتوصيات التي يراها الباحث.

17- أترجم للأعلام غير المشهورين بإيجاز، بذكر اسم العلم، ونسبه، وتاريخ وفاته، ومذهبه العقدي، والفقهي، والعلم الذي اشتهر به، وأهم مؤلفاته، ومصادر ترجمته.

18- أتبع البحث بفهارس للمراجع والمصادر، وفهرس للموضوعات.

خطة البحث:

يشتمل هذا البحث على مقدمة وفصلين وخاتمة وفهارس، وهي كالآتي:

المقدمة: وتشتمل على الآتي:

• أهمية الموضوع.

• وأسباب اختياره.

• والدراسات السابقة في الموضوع.

الفصل الأول: الإجماع، وفيه أربعة مباحث:

المبحث الأول: التعريف بالإجماع، ومكانته بين الأدلة الشرعية، وفيه مطلبان:

المطلب الأول: تعريف الإجماع لغة واصطلاحًا.

المطلب الثاني: مكانة الإجماع بين الأدلة الشرعية.

المبحث الثاني: المؤلفات في الإجماعات الفقهية.

المبحث الثالث: ترجمة موجزة للإمام ابن حزم.

المبحث الرابع: منهج الإمام ابن حزم في إجماعاته.

الفصل الثاني: الإجماعات في الصلاة، وفيه سبعة عشر مبحثًا.

المبحث الأول: تحريم ترك الصلاة حتى يخرج وقتها.[1]

المبحث الثاني: وجوب اتباع الإمام في الصلاة. [2]

المبحث الثالث: خروج وقت الظهر والعصر بغروب الشمس.[3]

المبحث الرابع: أول وقت صلاة المغرب. [4]

المبحث الخامس: وقت صلاة الفجر[5].

المبحث السادس: حكم الكلام في الصلاة عمدًا[6].

المبحث السابع: حكم الأكل في الصلاة[7].

المبحث الثامن: حكم إمامة المرأة للرجال في الصلاة مع علمهم بذلك[8].

المبحث التاسع: حكم ستر العورة في الصلاة[9].

المبحث العاشر: وجوب استقبال عين الكعبة لمن يعاينها[10].

المبحث الحادي عشر: عدد الركعات في صلاة الجمعة[11].

المبحث الثاني عشر: حكم الزيادة عمدًا في الصلاة[12].

المبحث الثالث عشر: قصر الرباعية في حق المسافر سفر طاعة [13].

المبحث الرابع عشر: وقت صلاة الوتر[14].

المبحث الخامس عشر: وجوب قضاء الصلاة لمن كان له عذر شرعي.[15]

المبحث السادس عشر: مشروعية سجود السهوعلى المأموم إذا سهى إمامه.[16]

المبحث السابع عشر: وقت صلاة الظهر.[17]

الخاتمة: وذكرت فيها أهم نتائج البحث التي توصلت إليها.

الفهارس: وتحتوي على فهرس لأهم المراجع، وفهرس لمحتويات البحث.

الخاتمة:

وبعد.. فإني أحمد الله وأشكره على أن أعان ويسر إعداد هذا البحث، وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع به الإسلام والمسلمين.

وبهذا الانتهاء من إعداد هذا البحث، فإني أذكر أهم نتائج هذا البحث والتوصيات بما يلي:

1- أن الإجماع عند الأصوليين هو: اتفاق المجتهدين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم في عصر على حكم شرعي.

2- أن الإجماع أحد الأدلة الشرعية المتفق على الاحتجاج بها في الجملة.

3- اهتمام العلماء من قديم، بمسألة الإجماع من ناحية تأصيلية، ومن ناحية حكايته، والاستدلال به ونقده.

4- أن ابن حزم - رحمه الله - أحد العلماء المجتهدين، وله باع في التحديث، ومكانة في الفقه.

5- أن حكاية ابن حزم للإجماع لها مكانتها عند العلماء، حيث يعتمد عليه في ذلك، ويحال إليه.

6- أن المعتبر قوله في الإجماع عند العلماء بشكل عام، وعند ابن حزم بشكل خاص، هم أهل الاجتهاد، وفهم النصوص والاستدلال، وأما ما عداهم فلا ينظر لقوله.

7- أن إجماعات ابن حزم في الغالب يوافقه غيره من العلماء، كابن عبد البر وابن رشد وابن قدامة والنووي وغيرهم.

8- تعد الكتب المؤلفة في باب الإجماع وحكايته، بالنسبة لما يحتاجه هذا المجال من اهتمام.

9- مما لاحظته خلال البحث، أن ما حكاه ابن حزم من الاجماعات ليست كلها محل إجماع، بل هناك مسائل فيها خلاف بين العلماء، إما معتبر أوضعيف، وهذا لا ينقص من قدر هذا الكتاب، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام.

10- أن ابن حزم لم يقتصر في كتابه على ذكر المسائل المجمع عليها، بل ذكر بعض المسائل الخلافية المترتبة على ما أجمع عليه.

11- أوصي طلاب العلم، والمهتمين بالجمع والبحث، ببذل الجهد في الاهتمام بدراسة الإجماعات، والتوسع فيها، والتحقق من ثبوتها من عدمه، وذلك:

أ‌- لأهمية الإجماع ومكانته.

ب‌- لأنه يلي الكتاب والسنة في الاحتجاج به.

ت‌- وللتحقق من ثبوت الإجماع من عدمه في بعض المسائل التي يزعم ثبوت الإجماع فيها أوعدمه.

ث‌- ولأن في الإجماع تتم معرفة أدلة المخالف وإمكان الرد عليها.

ج‌- أهل العلم معنيون بالدرجة الأولى بدراسة الإجماع والخلاف، وخصوصًا في المسائل المستجدة التي يمكن حكاية الإجماع فيها، لسهولة التواصل بينهم.

وأخيرًا:

أسأل الله أن يجعل عملي هذا خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع به، كما أسأله الفوز بجنة النعيم، والسعادة في الدارين.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

فهرس الموضوعات