• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سبعون أدبا في الصحبة والسفر والعلم (PDF)
    د. عدنان بن سليمان الجابري
  •  
    شرح كتاب: فصول الآداب ومكارم الأخلاق المشروعة ...
    عيسى بن سالم بن سدحان العازمي
  •  
    كفى بالموت واعظا
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    أحكام المخابز (PDF)
    أبو جعفر عبدالغني
  •  
    "كلمة سواء" من أهل سنة الحبيب النبي محمد صلى الله ...
    محمد السيد محمد
  •  
    صفحات من حياة علامة القصيم عبد الرحمن السعدي رحمه ...
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    الأساس في أصول الفقه (PDF)
    د. عبدالله إسماعيل عبدالله هادي
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الأربعون حديثا في تحريم وخطر الربا (PDF)
    طاهر بن نجم الدين بن نصر المحسي
  •  
    الله (اسم الله الأعظم)
    ياسر عبدالله محمد الحوري
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    تربية الحيوانات (بطاقة دعوية)
    د. منال محمد أبو العزائم
شبكة الألوكة / مكتبة الألوكة / المكتبة المقروءة / الرسائل العلمية / رسائل دكتوراة
علامة باركود

المسؤولية المدنية والجنائية عن عمليات نقل الدم - دراسة مقارنة

وافي خديجة

نوع الدراسة: PHD resume
البلد: الجزائر
الجامعة: جامعة الجيلالي ليابس سيدي بلعباس
الكلية: كلية الحقوق والعلوم السياسية
التخصص: علوم قانونية
المشرف: أ. د. معوان مصطفى
العام: 1437 هـ- 2016 م

تاريخ الإضافة: 2/6/2020 ميلادي - 10/10/1441 هجري

الزيارات: 15447

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ملخص الرسالة

المسؤولية المدنية والجنائية عن عمليات نقل الدم

دراسة مقارنة


المقدمة:

أفرز التطور الهائل في العلم الحديث ثورة علمية كبيرة في شتى مناحي الحياة من طب وعلوم، وترتب على هذه الثورة العلمية الكبيرة في مجال الطب ظهور العديد من الوسائل العلاجية الحديثة التي تعتمد مفرداتها على ما يستمد من جسم الانسان من أعضاء ومنتوجات.

 

وتمثل عمليات نقل الدم إحدى صور التقدم العلمي في مجال الطب، إذ يلجأ الأطباء في أغلب الأحيان للقيام بعمليات نقل الدم في حالة علاج المرضى جراحيًّا، وفي علاجهم من الإصابات الناتجة عن الحوادث وغيرها من الحالات التي يكون فيها لنقل الدم فضلًا في المساعدة على شفاء المريض مما يعاني منه، خاصة في حالة مرض الهيموفيليا، أو ما يعرف بمرض سيلان الدم الذين يحتاجون بشكل مستمر لعمليات نقل الدم، قصد التعويض ما تم فقده منه.

 

ولا تقف أهمية الدم في اعتباره دواء لا بديل عنه، وإنما تتعدى أهميته إلى أن يكون خط دفاع جسم الإنسان وبخاصة كرات الدم البيضاء التي تقوم بمهاجمة كل جسم غريب ينخر جسم الإنسان.

 

وتقوم عمليات نقل الدم على عدة مراحل بداية من تقدم الأشخاص للمستشفيات ومراكز نقل الدم للتبرع، مرورًا بالفحوصات المخبرية التي تجريها المؤسسات العلاجية على الدم للتأكد من صلاحيته الاستعمال وانتهاءًا بقيام الطبيب بنقل الدم للمريض.

 

والخلاصة أن الدم هو عصب حياة الإنسان وشريانها المتجدد، كما أنه طوق النجاة للمرض في حالات كثيرة عندما يقف الدم عن التدفق في أوردتهم وشرايينهم، أو يقل ما يتدفق منه، عندئذ يتلهف هؤلاء إلى قطرة دم تستجلب لهم وتساعدهم على البقاء والاستمرار وليس من بديل لهذا الدم، فلم يصل العلم بعد إلى دواء يمكن أن يحل محل نقل الدم إلى الإنسان المحتاج الذي فقد الكثير من دمه، فيصبح الدم بالنسبة له أداة شحن وتمويل يستعيد بها قدراته وطاقاته.

 

وإذا كان التطور العلمي يحمل في وجهه الخير للبشرية، إلا أنه يحمل في وجه آخر التهديد العام للصحة والحياة، فالتطور العلمي إن كان قد ساهم في المجال الطبي في تخفيف الألم وزيادة الأمل لدى المرض، إلا أنه ينطوي على المزيد من المخاطر الكبيرة التي تفتقر إليها الوسائل العلاجية التقليدية.

 

وتأتي هذه الخطورة الشديدة في استعمال هذه الوسائل العلاجية، فعمليات نقل الدم تحتوي على أخطار تفوق في بعض الأحيان الأمراض التي يعاني منها المرض، كما لو كان الدم المنقول للمريض معيب أو ملوث بإحدى الفيروسات التي تنتقل عن طريق الدم كفيروس نقص المناعة أو ما يعرف بفيروس الإيدز، وفيروسات الالتهاب الكبدي الوبائي، أو أن يتم نقل دم للمريض مخالف لفصيلة دم هذا الأخير.

 

وخصوصًا مع التصاعد المخيف لعدد الضحايا في مجال عمليات نقل الدم والتي أحدثت صدى كبير في مختلف دول المعمورة ونحن في كل مرة نسمع أن هناك حملات عديدة تنادي للتبرع بالدم، وهناك يوم عالمي للتبر بالدم والذي يصادف 41 جوان من كل سنة، وشعارات عديدة تطالب بإنقاذ حياة انسان عن طريق قطرة دم، إلا أن هذه الشعارات والحملات قد ينجم عنها مآسي يصعب تداركها وأضرار يصعب جبرها.

 

والدليل على ذلك أنه وفي الإطار حملة تبرعية خلال شهر رمضان الكريم لسنة 2009 قد تم جمع 320 كيس دم لتغطية حاجيات مركز نقل الدم بالمستشفى الجامعي بوهران، فاكتشف 14 كيس دم ملوث بالإيدز والتهاب الكبد الفيروس[1]، وقضية الطفلة ريهام التي أدخلت إلى إحدى المستشفيات [بإحدى الدول العربية] لتقلي العلاج، فأخضعت لعملية نقل دم، إلا أن هذه العملية رتبت مأساة على حياة هذه الطفلة، كون أن الدم الذي نقل إليها كان ملوثًا بفيروس الإيدز وأصبحت الطفلة ريهام حاملة لهذا الفيروس.

 

فضلا عن قضية الدم الملوث الذي حقن به أزيد من 400 طفل بمستشفى بنغازي بليبيا عام 1998 أو ما تعرف بقضية الممرضات البلغاريات.

 

وقضية نقل الدم الملوث بفيروس الإيدز التي جرت وقائعها بفرنسا التي تعتد من أهم الأسباب التي دفعت الفقه والقضاء إلى طرح موضوع المسؤولية المدنية والجنائية عن نقل الدم الملوث على بساط البحث القانوني.

 

وما دام هذه العمليات هي تقنية حديثة، فإنها تجعل من القائمين عليها أن يكون على دراية كاملة بنتائجها، وخصوصًا أنها تعتبر من الأمور المستحدثة - نسبيًا - في عالم الطب، حيث لم تدخل هذه التقنية مجال الممارسة الطبيب إلا ابتداء من عام 1901 عندما اكتشف الطبيب النمساوي كارل لاتدرستاينر فصائل الدم البشرية، وعندها أصبحت عمليات نقل دم آمنة.

 

وقد كانت عملية نقل الدم في بدايتها تتم من ذراع المتبرع إلى ذراع المتلقي، بسبب انعدام وسائل حفظ الدم آنذاك، ولم يكن في ذلك الوقت ما يعرف بمراكز نقل الدم، ونظرًا للحاجة الماسة والملحة لإنقاذ حياة المرض تم انشاء هيئات ومؤسسات لجمع تبرعات المواطنين من الدم، والتي أصبحت فيما بعد تعرف بمراكز نقل الدم.

 

وقد أدخل رجال القانون هذه التقنية ألا وهي عمليات نقل الدم في المجال القانوني، من خلال دراستهم للعلاقات المختلفة التي تثيرها هذه العملية، وكذا الالتزامات والآثار المترتبة عنها سواء من الناحية المدنية أو الجنائية.

 

وما طرح وبقوة قضية مشروعية عمليات نقل الدم وأساسها في الفقه الاسلامي وفي القانون الوضعي، وكذا مساءلة القائمين عليها من الناحية المدنية والجنائية.

 

وتجد أن القضاء الفرنسي لعب دورًا جوهريًا في وضع أشخاص محل المساءلة لم يكن من المتصور مساءلتهم في نطاق عمليات نقل الدم، وذلك من خلال قضية الملوث - المشار إليها سابقًا والتي اهتز لها الرأي العام بفرنسا – وذلك إعمالًا لاتجاه قضائي جديد يسعى في المقام الأول إلى توفير الأمان لضحايا عمليات نقل الدم، نظرًا لطبيعة الأضرار الخطيرة التي أفرزتها هذه العمليات من خلال الحصول على تعويض مناسب، وكان سبيله في ذلك التوسيع من دائرة الأشخاص الذين يكونون محل مساءلة، وذلك بهدف إعطاء الضحية فرصة اختيار من يوجه إليه الدعوى أو الشكوى، ويضمن من خلالها الحصول على التعويض المُرضي.

 

وخلاصة القول يبدو أن السبب يرجع إلى ما أحدثته عمليات نقل الدم من اهتزاز على المستوى الاجتماعي والسياسي والذي أثر بدوره على المستوى القانوني الذي حاول تضميد الجراح بوضع عقوبات صارمة وشديدة من الناحية الجزائية لو إيجاد نظم تعويضية غير تقليدية تحقق إشباع رغبات الضحايا في الحصول عن تعويض جابر للضرر.

 

وقد دفعني إلى اختيار هذا الموضوع أسباب عديدة منها:

1- تفشي الوقائع المأساوية التي تسببت بها عمليات نقل الدم في كثير من دول العالم.

 

2- حداثة عمليات نقل الدم وغياب التنظيم القانوني الدقيق لها، إذ لم يمر وقت طويل عن اكتشافها، ورغم أن هذا الوقت كافي لصياغة تنظيم قانوني يحدد معالم هذه العمليات وشروط القيام بها سواءًا ما يتعلق من هذه الشروط بالمتبرع بالدم، أو بالطبيب القائم بها أو بالفحوصات المخبرية الواجب إجراؤها قبل نقل الدم للمريض.

 

3- عدم اهتمام رجال القانون بتخصيص دراسات معقمة والتي تتعلق بمسألة نقل الدم وما يتصل بها وما ينجم عنها من آثار.

 

4- غياب تنظيم شريعي من قبل المشرع الجزائري خاص بعمليات نقل الدم وما يتولد عنها من آثار اجتماعية وقانونية خطيرة، وما يتناسب وخطورة من هذا النوع من النشاط الطبي وأهميته في الحياة الاجتماعية واليومية المتكررة، مما يعد قصورًا تشريعيًا خلافًا لما فعله المشرع الفرنسي الذي نظم أحكام نقل الدم في العديد من التشريعات الصحة المختلفة، وإرساء نظام قانوني يتناسب مع خطورة هذه المسألة.

 

5- قصور نظام المسؤولية المدنية المتعلقة بعمليات نقل الدم وفقًا للقواعد التقليدية في القانون الجزائري عن تلبية احتياجات الضحايا من عمليات نقل الدم ومنحهم تعويضًا يتناسب مع ما أصيبوا به من أضرار، حيث لا تسعفهم قواعد المسؤولية القائمة في ظل هذا النظام.

 

6- خصوصية الاعتداءات الواقعة في مجال عمليات نقل الدم وغياب النصوص التجريمية الخاصة التي تعاقب عليها، كونها اعتداءات تتميز بسهولة ارتكابها. إذ لا يتكبد الجاني سوى عبء حقن المجني عليه بقدر بسيط من الدم الملوث لإنزال أشد وأقصى الأضرار به، بالإضافة إلى صفة الجاني الذي يكون في غالب الأحيان من الفريق الطبي المكلف بعلاج المرضى، وإذا أردنا مطابقة هذه الصور مع النصوص التجريمية في قانون العقوبات الجزائري يتبين لنا غياب النصوص التجريمية الخاصة التي تتناسب مع الخصوصية المميزة لهذه الاعتداءات.

 

7- ضخامة الأضرار الناتجة عن الاعتداءات الواقعة في مجال عمليات نقل الدم، والتي قد تشكل كوارث صحية في الكثير من الأحيان كون أن الأضرار الناجمة عن عمليات نقل الدم قد تتراخى في الظهور لفترة يكون فيها المعتدى عليه حاملًا للمرض وناقلًا له لكل من يتصل به من المحيطين به، مثل الإصابة بفيروس الإيدز والالتهاب الكبدي الوبائي، وهما من الأمراض التي لم يفلح العلم في اكتشاف أي علاج لها.

 

ونظرًا لخصوصية وخطورة عمليات نقل الدم تجد فيها إشكالية موضوع البحث أساسها والتي تتمثل في: ما مدى كفاية قواعد المسؤولية المدنية والجزائية التقليدية في استيعاب الأخطاء والجرائم المستحدثة في مجال عمليات نقل الدم؟ وهل من الممكن في ظل غياب النصوص القانونية سواء من الناحية المدنية أو الجنائية الخاصة بهذا الموضوع أن تطبق تلك النصوص التقليدية؟ وما هي العقبات القانونية التي قد تقف حائلًا دون تطبيق هذه النصوص؟ وهل يمكن التغاضي عنها من أجل ألا يفلت المسؤول من التعويض والجاني من العقاب في مجال عمليات نقل الدم؟ وإذا لم يكن في الإمكان التغاضي عنها فما السبيل للقضاء عليها وإزالتها؟

 

وإذا ما انتهينا من كل ذلك إلى إمكان تطبيق تلك النصوص التقليدية، فهل تكفي الأحكام العامة للمسؤولية المدنية للتعويض على الأضرار الناجمة والعقاب الوارد في المسؤولية الجنائية لتحقيق التناسب بين الخطأ والضرر والتعويض وبين جسامة الاعتداء ونتيجته وبين العقوبة المقررة له؟

 

إن المشاكل التي تعترض المسؤولية المدنية والجنائية في مجال عمليات نقل الدم، لا تبدأ فقط من غياب النصوص القانونية، بل إن المشاكل تبدأ قبل ذلك بكثير وذلك عند البحث في موقف الفقه والقانون من جواز التداوي بالدم سواء بين الأحياء، أو عن طريق استنزاف الدم الجثة، والبحث في الأساس القانوني لعمليات نقل الدم، وكذلك ما يظهر جليًا عند استعراض مجموعة التصرفات التي يمكن أن يكون الدم محلًا لها إذ يثار تساؤل هل يجوز للدم أن يكون محلًا لأي عقد؟ وهل يمكن المتاجرة لهذا الدم؟ وما هو التكييف القانوني للتصرفات التي يكون الدم محلًا لها؟ وذلك في المراحل العديدة التي تمر بها عملية نقل الدم، هذا من الناحية المدنية، أما من الناحية الجنائية، فتمثل المشكلة عند البحث في الحماية الجنائية للدم، كوننا نجد المشرع الجنائي لم يقم بأي تفرقة بين مكونات الجسم المختلفة، ولم يفرض لأي منها أي حماية خاصة تتناسب مع طبيعتها.

 

فالمشرع الجزائري لم يميز بين أعضاء جسم الإنسان وغيرها من المنتجات والمشتقات البشرية كالدم، وبذلك وضع نصوص الحماية الجنائية لسلامة الجسم بشكل عام ومن هنا هل يمكن أن يعتبر الخطأ في عمليات نقل الدم هو ذاته المتطلب في المسؤولية المدنية؟ وهل يمكن اعتبار الاعتداء في مجال عمليات نقل الدم هو ذاته الفعل المنصوص عليه في مواد الاعتداء على الحياة وسلامة الجسد؟

 

وهل الضرر المترتب عن عمليات نقل الدم هو ذاته المتطلب في مجال المسؤولية المدنية؟ وهل النتيجة الإجرامية المترتبة في نطاق عمليات نقل الدم هي ذاتها المتطلبة في المواد السابقة بالنسبة للمسؤولية الجنائية؟

 

وللإجابة عن كل هذه التساؤلات فقد اعتمدت في هذه الدراسة على المنهج المقارن التحليلي، وفقًا لما تقتضيه كل جزئية من جزئيات هذه الدراسات، فأحيانًا أتبع الاسلوب التحليلي لبعض آراء الفقه والتعليق على بعض النصوص القانونية المتعلقة بموضوع الرسالة، كما كانت دراستنا مقارنة لمجموعة من التشريعات الصادرة في العديد من البلدان منها فرنسا، ومصر، وبعض الدول العربية.

 

وإذا كان الهدف من هذه الدراسة هو تناول موضوع المسؤولية المدنية والجنائية عن عمليات نقل الدم، فإن هذا الهدف يقتضي منا أن نتناول عدة موضوعات وثيقة الصلة، لذلك تم تقسيم هذه الرسالة إلى بابين وكل باب إلى فصلين على النحو التالي:

الباب الأول: عمليات نقل الدم بين الشرع والقانون.

الفصل الأول: الدم البشري ومشروعية التداوي به

الفصل الثاني: عمليات نقل الدم وإطاره القانوني

الباب الثاني: المسؤولية الناجمة عن عمليات نقل الدم.

الفصل الأول: المسؤولية المدنية الناجمة عن عمليات نقل الدم وآثارها

الفصل الثاني: المسؤولية الجنائية الناجمة عن عمليات نقل الدم.

 

الخاتمة:

بعد أن أنهينا دراستنا المتواضعة التي حاولنا من خلالها بقدر الإمكان التعرض لأغلب القضايا المتعلقة بالمسؤولية المدنية والجنائية عن عمليات نقل الدم، خلصنا من ذلك إلى بعض النتائج والتوصيات.

 

إلا أنه وقبل التطرق إلى هذه النتائج والتوصيات، فإنه تجدر بنا الإشارة إلى أننا وجدنا صعوبات في البحث عن موقف القضاء والفقه الجزائريان حول هذا الموضوع، وذلك لانعدام الأحكام القضائية الجزائرية في مجال المسؤولية المترتبة عن عمليات نقل الدم سواء من الناحية المدنية أو الجنائية وحتى الإدارية وهذا لا يعني انعدام هذا النوع من القضايا في مجتمعنا وإنما يرجع الأمر إلى غياب الوعي الصحي والقانوني للضحايا، والذين يلزمون الصمت وعدم الكشف عن ما إصابهم باللجوء إلى القضاء، خصوصًا إذا أدت عمليات نقل الدم إلى نقل بعض الفيروسات المسببة لبعض الأمراض التي لها نظرة سلبية في المجتمع الجزائري، مثل فيروس الإيدز.

 

لذلك كان الفقه والقضاء الفرنسيين، أكثر استجابة وتعاونًا في سبيل وضع الحلول القانونية لواقعة نقل الدم الملوث.

 

أما فيما يخص النتائج المترتبة عن هذه الدراسة فقد توصلنا إلى:

1- الدم يعتبر نسيج ضام، يتألف من خلايا عالقة في مادة سائلة تسمى البلازما، وبذلك لا يعد الدم عضوًا بشريًا ولا ينطبق عليه تعريف العضو البشري، وهو يحظى بالحماية القانونية التي توفرها الشريعة الاسلامية والقوانين الوضعية.

 

2- أصبح من المتفق عليه، أن الدم البشري يعتبر ضرورة ملحة لحياة البشر، ولا بد من التداوي به لوجود الضرورة التي تجيز اللجوء إليه كدواء، وخاصة عدم توفر بديل طبيعي أو صناعي حتى الآن يمكنه أن يحل محله.

 

3- الدم يصلح للتعامل فيه من الناحية القانونية، ويأتي ذلك من تنظيم المشرع لعمليات نقل الدم، سواء كان في الجزائر، أو في فرنسا، أو في مصر، وقد حددت مختلف التشريعات شروط ممارسة المؤسسات الطبية في هذا المجال عملها وفق قواعد ونظم خاصة لحماية المرض من الأضرار التي تسببها عملية نقل الدم إليهم.

 

4- إن التصرف في الدم يرد عن محل متقوم ومالي فقيمة الدم المالية في نظر الناس عامة لا تنكر، وعند المريض أشد، وطالما صار الأمر إلى نقل الدم هو العلاج الذي لا غنى عنه للمريض، ولا يقوم مقامه دواء آخر، فإن نتيجة ذلك تكمن في النظر إلى الدم على أنه مال متقوم يصح أن يرد عليه التعامل أيًّا كان تكييف هذا التعامل وطبيعته القانونية.

 

5- التكييف الشرعي والقانوني الذي ينطبق على التصرف في الدم في مرحلة جمعه وحفظه، الأصل فيه أنه عقد تبرعي، يتم فيه تقديم الدم بدون مقابل، فانعدام المقابل للدم هو الأصل والأولى، أما إذا تعين نقل الدم دواء لا بديل له عنه، وامتنع الناس عن بدله بلا مقابل، بحيث أصبح لا مفرَّ عن الحصول على الدم بمقابل، هنا نصبح أمام ضرورة علاجية، وإذا كانت الضرورة تبيح المحظورة قطعًا، فإن إباحتها للمحظور ظنًا يكون من باب أولى، وجاءت هذه النتيجة بعد عرض الآراء الفقهية والقانونية المختلفة حول مدى جواز أخذ الثمن عن الدم من قبل معطيه، وهو ما رفضه أغلبية الفقهاء.

 

6- أما عن التكييف القانوني للتصرف في الدم في العلاقة بين مراكز جمع الدم والجهات المتلقية له، فقد وجدنا أن هذه العلاقة تقوم على أساس عقد التوريد، يحصل بمقتضاه مركز نقل الدم على مقابل لما يقدمه من دم، لكن هذا المقابل ليس ثمن له، وإنما هو نظير تكاليف العمليات التي يقوم بها المركز من تخزين للدم ومعاملته صناعيًّا، بما يحتاجه ذلك من أجهزة ومعدات فنية، فحصيلة هذه النفقات التي ينفقها مركز الدم يتعين أن يقوم بتحصيلها من الجهات التي تطلب الدم وتستعمله في إنقاذ المرضى وعلاجهم.

 

7- أما عن التكييف القانوني بالتصرف بالدم إلى المستفيدين منه وهم المرضى الذين يحتاجونه، فقد رأينا أن هذه الاستفادة من الدم هي تطبيق لقواعد الاشتراط لمصلحة الغير، فالمنقول إليه الدم يستفيد من عقد التوريد المبرم في المؤسسة العلاجية ومركز نقل الدم على الرغم من أنه ليس طرفًا في هذا العقد، وإنما هو منتفع منه، وبذلك تكون المؤسسة قد اشترطت حقًا مباشرًا للمريض في الحصول على الدم من المركز (المتعهد)، ويكون قبول المريض لهذا الاشتراط إما صراحة أو ضمنيًّا.

 

8- أما عن التطبيق القانوني بين المريض والمرافق الطبية الخاصة والأطباء هي علاقة عقدية، يحكمها عقد العلاج الطبي، أما علاقة المريض مع المرافق الطبية العامة فتحكمها اللوائح والأنظمة والقوانين، ويعتبر الطب العامل بها شخص مكلف بخدمة عامة.

 

9- التسليم بالمسؤولية المدنية والجنائية للمرافق الطبية العامة والخاصة في أغلب الدول وخاصة في فرنسا، حيث تسيطر الدولة على عمليات الدم بواسطة المؤسسة الفرنسية للدم.

 

10- مضمون التزام المرافق الطبية في مجال عملية نقل الدم التزام نتيجة، وهي حصول المريض على دم سليم خال من التلوث بالأمراض والفيروسات.

 

11- ضرورة حماية المضرورين من عمليات نقل الدم تجاه المتسبب في هذه الأضرار، وعرضنا كيف حقق المشرع الفرنسي هذه الحماية، بعد أن أصبحت قواعد المسؤولية المدنية التقليدية تضيق ذرعًا بما أفرزته عمليات تلوث الدم البشري، مما جعلها غير قادرة على استيعاب الأضرار التي إن صح القول أنها جديدة من حيث نوعها، إذ هناك نوع آخر من الأضرار في عمليات نقل الدم فضلًا عن الضرر المادي والأدبي وهو ما يسمى بالضرر الخاص أو النوعي، وآثارها التي تمتد لفترات طويلة، لذا حاول القضاء الفرنسي أن يوسع من دائرة المسؤولية بهدف الحصول على تعويض مُرضي للضحايا.

 

12- الاتجاه نحو نظم التعويض الجماعية التي باتت تحقق الأمل المنشود في الحصول على التعويض، متجاهلة في أحيان كثيرة أسس وقواعد المسؤولية المدنية التقليدية، ولم يقتصر الأمر هنا على فكرة التأمين فقط وإنما امتد الأمر إلى اللجوء إلى أنظمة التعويض التكميلية التي تتمثل في التعويض عن طريق الدولة دون اللجوء إلى قواعد المسؤولية التقليدية في القانون العام، وأيضًا عن طريق صندوق الضمان أو التعويض.

 

13- الاعتراف بأن القواعد التقليدية للمسؤولية المدنية في مجال نقل الدم والقائمة عن الخطأ لابد من أن تتطور استجابة لما شهدته أنظمة التعويض الجماعية التي تحقق للمضرور عن تعويض دون تكليف بأعباء لا طاقة له بها.

 

14- أما من الناحية الجنائية، فوجدنا أن عملية نقل الدم تشكل اعتداء على الحق في سلامة الجسد، إذا لم يراع الطبيب المكلف الشروط الواجب اتباعها.

 

15- طبيعة المخاطر التي تتضمنها عملية نقل الدم وما يترتب على ذلك من أضرار جسيمة للأشخاص المنقول إليهم الدم والتي تنشأ عن العمد أو الإهمال.

 

16- اختلاف الفقه والقضاء الفرنسي حول التطبيق القانوني لجرعة نقل الدم الملوث بفيروس الإيدز بفرنسا والتي دارت حول جناية التسميم، وجناية الغش في المنتوجات والامتناع عن المساعدة.

 

وبعد استعراض آراء الفقه والقضاء توصلنا إلى أن التكييف الملائم والمناسب لواقعة الدم الملوث لا يخرج عن القتل الخطأ أو الإصابة الخطأ (غير العمدية).

 

17- وجود صعوبة معرفة الخطأ الذي أدى إلى إصابة المجني عليه بمضاعفات نقل الدم أو إصابته بأحد الأمراض السارية أو المعدية وكذا ظهور مشكلات في تحديد العلاقة السببية، مشكلة تراخي ظهور النتيجة الإجرامية إلى زمن قد يطول أو يقصر وتأثيرها عن التكييف القانوني لفعل الجاني.

 

18- قصور القواعد القانونية التقليدية وعجزها عن مواكبة مستجدات العلم الحديث خاصة في المجالات الطبية وما أفرزته الوسائل العلاجية الحديثة تنال كل يوم من الحماية الجنائية للحق في الحياة وسلامة الجسد.

 

19- انفراد المشرع الفرنسي بالنص عن تجريم تعريض الغير للخطر وفقًا للمادة 223-1 من قانون العقوبات الفرنسي.

 

20- انعدام مفهوم خاص بالمسؤولية المدنية والجنائية المترتبة عن عمليات نقل الدم في القانون الجزائري، نظرًا للخصوصية التي يتميز بها العمل الطبي ومن يتولونه، من أشخاص لهم مكانتهم المهمة داخل المجتمع.

 

21- تناثر أحكام بعض الجرائم بين طيات القانون حماية الصحة وقانون العقوبات الجزائري الأمر الذي يصعب من عمليته التوفيق بينهما.

 

22- مساواة المشرفين عن عمليات نقل الدم في جريمتي القتل والإصابة الخطأ مع غيرهم من المجرمين، دون الأخذ بعين الاعتبار مركزهم المهني والاجتماعي، درجات الخطأ بين الجسيم والبسيط.

 

التوصيات:

وفيما يخص التوصيات، فبعد القصور الذي توصلنا إليها من خلال هذه الدراسة فإننا نقترح ما يلي:

1- تنظيم تشريع خاص لتنظيم عمليات نقل الدم بحيث لا تدع أي مجال للشك.

 

2- أتمنى من المشرع الجزائري تنظيم تشريع خاص بالمسؤولية الطبية بصفة عامة والمسؤولية عن عمليات نقل الدم بصفة خاصة، والتأمين من هذه المسؤولية خاصة في مجال عمليات نقل الدم.

 

3- أتمنى أن يتضمن هذا التشريع المتعلق بعمليات نقل الدم إيجاد هيئة متنقلة تتبع الدولة، تشرف عن عمليات الدم من جمعه وتخزينه وتوزيعه والتعويض عن الأضرار التي تلحق بالمرض من جراء عملية نقل الدم للمؤسسة الفرنسية للدم، وأن يكون هناك إشراف مستقل بواسطة هيئة رقابية ذات صلاحية واسعة، عن أن يكون أعضاؤها من المختصين في الدم والقانون.

 

4- إقرار الالتزام بتحقيق النتيجة في حق مراكز نقل الدم والمؤسسات العلاجية والأطباء بحيث يكونون ملزمين بنفي مسؤوليتهم بإثبات السبب الأجنبي.

 

5- إنشاء صناديق خاصة بتعويض المضرورين من جراء عمليات نقل الدم، وخاصة مرضى الإيدز والالتهاب الكبدي الوبائي.

 

6- تجريم كافة صور الاعتداءات عن طريق عمليات نقل الدم بنص خاص لكل جرعة يتضمن تحديد لأركانها والعقوبة المقررة لكل منها.

 

7- نوصي بتجريم تعريض الغير للخطر في التشريع الجزائري وعدم حصرها في تعريض الأطفال العاجزين للخطر، باعتبار أنه وإن كان سلوكًا خاطئًا، إلا أنه يترتب عليه أي أضرار تلحق بالغير لا يجيز العقاب في هذه الحالة، فالقانون يعاقب عن النتائج لا عن السلوكيات، من هنا باتت الحاجة إلى نص يقرر العقاب عن الخطأ الجسيم التي يعرض الغير للخطر حتى ولو لم يكن قد ترتب عليه ضرر وخاصة في مجال عمليات نقل الدم.

 

8- تشديد العقوبة إلى الحد الأقصى في حالة ارتكاب خطأ مهني جسيم في عمليات نقل الدم، حيث تقتضي أصول مهنة الطب فحص الدم قبل إعطائه للمريض.

 

9- اعتبار كل طرف في عملية نقل الدم فاعل أصلي عند الإخلال بالالتزامات المترتبة عن هذه العملية وتوقع عليه ذات العقوبة.

 

10- إعادة النظر في النصوص الجنائية التقليدية الخاصة بحماية الحق في الحياة وسلامة الجسد لينالها بالتعديل اللازم لمواكبة التقدم العلمي الحديث.



[1] جريدة البلاد أون لاين في 23 /9 /2009.





 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • دفع المسؤولية المدنية في حوادث المرور - دراسة مقارنة(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • أنواع المسؤولية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • تحمل المسؤولية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنواع المسؤولية في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المسؤولية وتعريفاتها عند أهل اللغة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تعريف المسؤولية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملخص بحث بعنوان: المسؤولية الجنائية في الجرائم الإعلامية تجاه القضاء: دراسة مقارنة (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • المسؤولية الجنائية للصحفي في التشريع الموريتاني (WORD)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • العمل الاجتماعي والقطاع الأهلي: تحقيق المسؤولية الاجتماعية(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • شعور المسؤولية(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب