التجديد بين الإسلام والعصرانيين الجدد

ملخص الرسالة

التجديد بين الإسلام والعصرانيين الجدد

مقدمة البحث:

الحمد لله الذي أسبغ علينا نعمه في السر والعلن، والصلاة والسلام على إمام المرسلين وسيد الأمم محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:

أهمية الموضوع:

تعددت الدراسات المتعلقة بتجديد الفكر الإسلامي، وكثر الحديث عن العصرانيين في مواضع مختلفة، ولكن هذا الموضوع لم يتمتع بدراسة مستقلة سوى ما ورد من مباحث صغيرة في بعض الكتب، ولا يزال الموضوع بحاجة للمزيد من الدراسة والبحث.

إن العقيدة الإسلامية هي الأساس الذي قام عليه الدين وانعقدت لأجله ألوية الجهاد وفي سبيلها قدمت الأمة فلذات الأكباد، وهي أيضًا الهدف الأساس لكل مريدٍ لهذه الأمة بشرٍّ أو بهتان، فمن متعمد لذلك وساعٍ إليه بكل سبيل، ومن مقلّدٍ ولاهث خلف كل ناعق أو متأثر ببعض ما يرد على ألسنة الأفاكين من شبهات وأكاذيب، وصدق الله إذ يقول: ﴿ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ﴾ [التوبة: 47].

ومن هذه الطوائف التي سعت للمساس بأصول الدين وفروعه من يُسَمَّونَ بالعصرانيين، حيث لم يدعو أصلًا ولا فرعًا إلا وجعلوه محلًا للأخذ والرد باسم التماشي مع العصر ومجاراة الواقع، فلم تسلم العقيدة الإسلامية وثوابتها من دعواهم، ومن هنا كانت هذه الدراسة والتي هي بعنوان: "التجديد بين الإسلام والعصرانيين الجدد".

أسباب اختيار الموضوع:

١- تصدر كثير من العصرانيين، وتفشّي دعوتهم عبر وسائل الإعلام المتعددة.

٢- تأثر الكثيرين في أوساط المجتمع بالعديد من الأفكار التي يبثها العصرانيون باسم تجديد الخطاب الديني.

منهج البحث:

استخدم الباحث خلال هذه الدراسة المنهج الوصفي التحليلي، والمنهج المقارن.

طريقة البحث:

١- عزو الآيات القرآنية، وذلك بذكر اسم السورة ورقم الآية، وتمييزها بوضعها بين هلالين ﴿ ﴾ بهذا الشكل.

٢- تخريج الأحاديث النبوية الشريفة بعزوها إلى مظانها من كتب السنة المعتمدة، ونقل حكم العلماء عليها، عدا ما كان في "الصحيحين" أو أحدهما، وتمييز الحديث النبوي الشريف بوضعه بين هلالين بهذا الشكل ( )، مع الاكتفاء بالإشارة إلى اسم المرجع، ثم الكتاب، الباب، رقم الحديث، الجزء والصفحة.

٣- توثيق الكتاب كاملًا عند أول اقتباس منه، وذلك بذكر اسم الكتاب، اسم المؤلف، اسم المحقق، رقم الجزء، رقم الصفحة، رقم الطبعة، دار النشر، بلد النشر، تاريخ النشر، وفي حالة عدم وجود دار النشر أو رقم الطبعة أو تاريخها، أكتب دون دار نشر أو رقم طبعة أو تاريخ.

٤- حين الاقتباس من نفس الكتاب بعد ذلك، يكون التوثيق بذكر اسم الكتاب، ورقم الصفحة فقط، وإذا كان الاقتباس من نفس الكتاب بعده مباشرة، أكتب: المرجع السابق، ورقم الصفحة.

٥- إذا زاد اسم الكتاب عن أربع كلمات، أختصرُ الاسم إلى ثلاث كلمات أو أقل بشكل مُفْهم، ثم أذكر بقيَّة التوثيق.

٦- في حالة وجود نفس الاسم لأكثر من كتاب، أذكر اسم المؤلف للتمييز.

٧- في حالة الاقتباس من المجلات والصحف والدوريات يكون التوثيق بذكر عنوان المقال، كاتب المقال، الصحيفة أو المجلة أو الدورية، البلد، العدد، السنة، التاريخ، الصفحة، وإذا تكرر الاقتباس من نفس الصحيفة أو المجلة أو الدورية أكتفي بذكر عنوان المقال، اسم الصحيفة أو المجلة أو الدورية، رقم الصفحة.

٨- عند الاقتباس من مواقع الشبكة العنكبوتية (الإنترنت)، يكون التوثيق بذكر اسم المقال وكاتبه (إن وجد)، ثم أذكر كلمة البحث، ويوم وتاريخ الاقتباس، واسم الموقع الذي تم الاقتباس منه، وإذا تكرر الاقتباس من نفس الموقع، أكتفي بذكر اسم المقال مع الإشارة للموقع فقط.

٩- بيان معاني بعض الكلمات والمصطلحات، التي ارتأيت الحاجة لبيانها، وذلك في الحواشي.

١٠ - الترجمة لبعض الشخصيات الواردة في البحث.

١١ - الفهارس:

أ - وضع فهرس للآيات القرآنية وترتيبها بحسب ترتيب سور القرآن الكريم، ثم بحسب ترتيب الآيات.

ب - وضع فهرس للأحاديث النبوية الشريفة وترتيبها هجائيًا.

ت - وضع فهرس للأعلام المترجم لهم وترتيبها هجائيًا.

ث - فهرس الموضوعات.

الدراسات السابقة:

تعددت الدراسات حول موضوع التجديد والمدرسة العصرانية في الآونة الأخيرة، وكان لكل جهدٍ علميٍ منها ما يُميزه عن غيره، إلا أنه لم تخرج د ا رسة كاملة مستوفية لكل جوانب هذا الموضوع، ومن الدراسات السابقة التي اهتمت بهذا الموضوع:

1- تجديد الدين لدى الاتجاه العقلاني الإسلامي المعاصر للدكتور أحمد بن محمد اللهيب.

تعرض الباحث للجذور الغربية لهذه المدرسة وأسباب ظهورها في العالم الإسلامي، ثم بيّن مصادر التلقي لديهم والقواعد العامة لهذا الاتجاه الفكري، وختم الباحث رسالته ببيان الآثار المترتبة على دعوة هذا الاتجاه على الأمة الإسلامية وثقافتها.

2- العصرانيون بين مزاعم التجديد وميادين التغريب للدكتور محمد حامد الناصر.

تعرض الباحث موضوعه مقسمًا على أربعة أبواب، تحدث في الباب الأول عن الجذور التاريخية للمدرسة العصرانية وأثرها على فكرهم، والباب الثاني تحدث عن دور التغريب في النصف الأول من القرن العشرين وآثاره، والباب الثالث كان مداره على العصرانيين الجدد تاريخًا وفكرًا ومنهجًا، والباب الرابع المدرسة العصرانية في الميزان والموقف منها.

٣- مجالات التجديد في الدين عرض ونقد للأستاذ الدكتور عبد العزيز مختار إبراهيم الأمين.

تناول مجالات التجديد، فذكر مبتدئًا بمجالات التجديد في العقيدة، مع بيان أن التجديد في العقيدة مقتصر على رد شبه أهل الانحراف والبدع، والرد على خصوم الإسلام مع بيان العقيدة الصحيحة للناس. وانتقل الباحث بعد ذلك لبيان أوجه التجديد في باقي أقسام هذا الدين من فقه وتفسير إلى غير ذلك.

٤- العصرانيون ومفهوم تجديد الدين عرض ونقد للأستاذ الدكتور عبد العزيز مختار إبراهيم الأمين.

تحدث عن مفهوم التجديد الاصطلاحي والبدعي، وبين أسباب ظهور المدرسة العصرانية في الفكر الإسلامي، وأسهب الحديث عن مفهوم التجديد عند هذه المدرسة بمجالاته المختلفة، وما فيه من المخاطر على الفكر الإسلامي، ثم ختم بالفرق بين مفهوم التجديد عند العصرانيين ومفهومه عند سلفنا الصالح.

٥- التطرف المسكوت عنه أصول الفكر العصراني - السعودية أنموذجًا - للدكتور ناصر بن يحيى الحنيني.

اهتم في دراسته بالمدرسة العصرانية بالسعودية تحديدًا، فتكلم عن أسمائها وتاريخها ومعالم هذا الفكر في ديار الإسلام والآثار التي ترتبت عليه، خاتمًا دراسته بأبرز النتائج وأهم التوصيات.

٦- تجديد الخطاب الديني بين التأصيل والتحريف لمحمد بن شاكر الشريف.

أصل فيه لمسألة تجديد الدين مع بيان حدودها وأهميتها، ثم انتقل للحديث عن التجديد المحرف كما وصفه، مبينًا ملامحه وضوابطه عند العصرانيين، ثم انتقل إلى بيان أطوار تحريف الدين مع ذكر نماذج لهذه الأطوار وآثارها على أهل الإسلام.

خطة البحث:

قُسم هذا البحث إلى: مقدمة، وتمهيد، وفصلين، ومباحث ومطالب وذلك على النحو التالي:

المقدمة: وتتضمن أهمية البحث، وأسباب اختياره، ومنهج البحث، وطريقته، والدراسات السابقة، ثم خطة البحث.

التمهيد: ويتضمن الجذور التاريخية والفكرية للمدرسة العصرانية، والمنطلقات الفكرية للمدرسة العصرانية.

الفصل الأول: التجديد في الإسلام، وفيه خمسة مباحث:

المبحث الأول: مفهوم التجديد في الإسلام وأهميته ودواعيه.

المبحث الثاني: أدلة التجديد في القرآن الكريم والسنة النبوية.

المبحث الثالث: شروط المجدد وصفاته وم ا رتبه.

المبحث الرابع: ضوابط التجديد وركائزه وعلاقته بالاجتهاد.

المبحث الخامس: نماذج من المجددين عند أهل السنة والجماعة.

الفصل الثاني: التجديد عند العصرانيين الجدد وتجاوزاتهم، وفيه خمسة مباحث:

المبحث الأول: مفهوم المدرسة العصرانية.

المبحث الثاني: تجديد الدين عند العصرانيين الجدد.

المبحث الثالث: تجديد العقيدة عند العصرانيين الجدد.

المبحث الرابع: أبرز رجالات دعاة التجديد في المدرسة العصرانية.

المبحث الخامس: تجاوزات العصرانيين الجدد في التجديد.

الخاتمة: وتتضمن أهم النتائج والتوصيات التي خَلُص إليها الباحث.

الخاتمة:

وفي ختام هذا البحث يمكن الخلوص بمجموعة من النتائج والتوصيات، كان من أهمها.

أولًا: النتائج:

1) إن التجديد في الإسلام هو إحياء للدين بين نفوس المسلمين، وتنقيته من التحريف، وهو لا يعني زيادة شيء جديد عليه.

2) التجديد في الإسلام هو صفة متعمقة فيه، قادمة من داخلة ومن أهم خصائصه الكمال والشمول، وهو لا يحتاج إلى مناهج نظر خارجةً عنه.

3) التجديد في الإسلام لا يقوم به إلا من تهيأ له وحمل أدواته وتحلى بصفات أصحابه.

4) إن مراد العصرانيين بالتجديد هو إبعاد الناس عن صفاء الإسلام أو حصر الإسلام في مجالات ضيقة، وجعل العقل المسلم رهين التصورات الغربية.

5) ليس للتيار العصراني ضوابط للتجديد على وجه الحقيقة، بل تحرر من الضوابط والأصول.

6) إن المدرسة العصرانية بتوجهاتها الغريبة على الأمة قد وقعت في العديد من التجاوزات العقدية والفكرية والتشريعية.

7) لضغوط الواقع أثر كبير في تشكيل فكر المدرسة العصرانية وطريقتها الخاصة في تجديد الإسلام وٕان شئت فقل تحريفه.

8) ليس للعصرانيين مصدرًا للتلقي سوى العقل والهوى.

9) العصرانية هي امتداد للفرق الضالة في التاريخ الإسلامي ولاسيما مدرسة الاعتزال.

10) إن التقدم الغربي بما حَوَى، والعقل العصراني وما وعى، لم يستطع بكل ما أتى، أن يقيم حجة بأن في الإسلام نقص يُفقره إلى المناهج الفلسفية، أو أن في الشريعة عجزًا عن التعامل مع واقع مهما عظمت تعقيداته.

11) إن رد العصرانيين للكثير من الأحكام كان مقصده مجاراة الغرب الكافر، وتحسين الصورة للإسلام؛ لتزيين الإسلام بطريقتهم هذه لم يكن يومًا هو من أجل جذب الغرب للإسلام، أو دعوتهم إليه، ولكن فقط هو مجرد الإرضاء الذي لا يمكن الوصول إليه إلا بالدخول في ملة الكفر كما أخبر تعالى في كتابه.

12) إن تجديد الدين هو ضرورة لكل عصر، ولكن ليس بالطريقة العصرانية، وٕانما بالطريقة الإسلامية الصافية النقية من شوائب التغريب، والدعوات المشبوهة من العصرانيين.

ثانيًا: التوصيات:

1) لابد من تكثيف جهود العلماء في بيان الموقف من دعوات التجديد المخالفة للإسلام، وٕاقامة الندوات، واللقاءات المتتالية من أجل بيان زيف هذه الدعوات.

2) العمل على فضح هذه الدعوات العصرانية في كل المجالات الممكنة، وعدم تركهم يدخلون الشُبه على المسلمين.

3) على من يهمه الأمر من قادة المسلمين أن يتحمل مسئولياته أمام الأفكار السامة التي يُروج لها العصرانيين، والتي تخرج من غير ضوابط ولا أصول، وٕاقامة الأحكام الرادعة لهم.

4) تقديم الحوار بين المؤهلين من الدعاة والعلماء لأصحاب هذا الفكر الضال، وثنيهم عن أقوالهم بالحجة والبرهان.

5) لابد من تفريغ بعض الباحثين لدراسة هذه الأفكار، دراسة نقدية مبنية على أصول متينة من أجل أن يكونوا سدًّا أمام نشر الأفكار العصرانية المنحرفة، والعمل على إنشاء مراكز ومعاهد تُعني بدراسة الفكر الإسلامي، ووضع النظريَّات والرؤى الإسلامية المستقلة من جميع المتغيرات في الواقع العربي والإسلامي والعالمي.

6) تصحيح المسار في الشكل الإعلامي للدعوة الإسلامية، بأنْ لا يتصدر للإعلام إلا من كان مؤهلًا لمواجهة الجمهور إعلاميًّا، فمن تصدَّر في غير محله كان وسيلة يمتطيها أصحاب الفكر الهدَّام للإساءة للإسلام.

7) إبراز دور الحِقب التاريخية الإسلامية السابقة بصورتها النقية للناس، وبيان كيف كان تمسكهم بدينهم وسيلة النهوض بين الأمم وليس العكس.

8) نشر الثقافة الإسلامية الواعية في المراحل الدراسية الأساسية والعليا، كي يتكون لدى الجيل مناعة فكرية من الأفكار التغريبية.

9) إنشاء وسائل مرئية ومسموعة تعني بدراسة بعرض الرؤية الإسلامية الصحيحة من القضايا المستجدة، لتسدَّ الفراغ الفكري الذي يستغله أصحاب الفكر المنحرف.