• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   الملف الصحفي   مواد مترجمة   كتب   صوتيات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ملف تفاعلي لكل بيت مسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالقرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: أذكار الصباح والمساء
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالسنة النبوية
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    تيسير السيرة على صاحبها أزكى الصلاة وأتم السلام ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    القيادة الإدارية من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل المعتمر (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    خلق المسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    أخلاقيات الإدارة من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية الموجزة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية المتوسطة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل الحاج، ويليه: دليل الحاج المصور (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    ورد اليوم والليلة (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الجريسي: سيرة ومسيرة عبدالرحمن بن علي الجريسي ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

أكلة النار

أكلة النار
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/10/2014 ميلادي - 23/12/1435 هجري

الزيارات: 25607

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أكلة النار

 

الحمد لله الجواد الكريم، الغني الحميد؛ ﴿ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [الشورى: 12] نحمده ونشكره، ونتوب إليه ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ خلق الأرض وما عليها، وسخر للبشر خيراتها، وفجر لهم كنوزها ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ﴾ [البقرة: 29] وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ دعا ربه سبحانه أن يكون رزق آل محمد قوتاً، ولم يدخر من أودية المال شيئاً، فكان ينفقها في سبيل الله تعالى ويبيت طاويا، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

 

أما بعد:

فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وأنقذوا أنفسكم، واستبرئوا لدينكم باجتناب ما تشابه عليكم، واتركوا ما تظنون به بأسا إلى ما لا بأس فيه؛ فإن «الحَلاَلَ بَيِّنٌ، وَالحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَةٌ، فَمَنْ تَرَكَ مَا شُبِّهَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ، كَانَ لِمَا اسْتَبَانَ أَتْرَكَ، وَمَنِ اجْتَرَأَ عَلَى مَا يَشُكُّ فِيهِ مِنَ الإِثْمِ، أَوْشَكَ أَنْ يُوَاقِعَ مَا اسْتَبَانَ، وَالمَعَاصِي حِمَى اللَّهِ مَنْ يَرْتَعْ حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ» رواه البخاري.

 

أيها الناس:

فتنة المال من أعظم الفتن التي يفتن الناس بها، وقد ورد في الحديث أن فتنة النساء أضر الفتن على الرجال، ولكن المال يأتي بالنساء، ولا تأتي النساء بالمال، والمال يذلل أعناق الرجال، ويُوَطِئُ أكنافهم، ويحرفهم عن مبادئهم، ويغير أخلاقهم.

 

والمال عز لأصحابه؛ تشترى به المواقف، ويُكثر به الأتباع، وتوطأ به الأعقاب، وتنال به جميلات النساء. وتتوجه بوصلة السياسة حيث يوجد المال، وتمويل الحملات الانتخابية في الدول الديمقراطية، وتغيير الولاءات في الدول والأحزاب والأفراد إنما كان بسبب أموال تضخ لإنجاح أناس وإسقاط آخرين. بل حتى الأمن في الأرض صار سلعة تدار بالمال، وهذا يبين أهمية المال للأفراد والدول، وأنه من الفتن العظيمة التي يسعى أكثر الناس في طلبها، وبعضهم يبذل عرضه وكرامته دونها، ومنهم من يبيع دينه وإيمانه لأجلها، وصدق الله العظيم حين قال في محكم التنزيل ﴿ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ﴾ [التغابن: 15] وفي آية أخرى ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [الكهف: 46] ولم يذكر النساء في الآيتين مع أنهن أجمل شيء يتمتع به الرجال؛ وذلك لأن المال يأتي بهن، ولا يأتي المال بالبنين، كما لا تأتي النساء بالمال.

 

ولما كانت فتنة المال تأخذ بقلوب الناس هذا المأخذ، وتؤثر في أحوال الأفراد والدول والأمم هذا التأثير؛ كان أكثر سعي البشر وعملهم وجدهم في تحصيل المال، وفي جمع المال أنفقوا أكثر أوقاتهم وأعمارهم، وهو أكبر ما يشغل تفكيرهم، ويسيطر على أذهانهم. وأكثر الحروب تسعر لأجل الاستزادة من المال إما لأجل عقد صفقات ضخمة للتسلح، وإما لغرض الاستيلاء على أراض مملوءة بالكنوز والثروات. وفي الفكر الرأسمالي يُضحى بالملايين من البشر لأجل المال، ولا يضحى بالمال لأجل البشر.

 

وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم شدة افتتان هذه الأمة بالمال فقال عليه الصلاة والسلام:"إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً وَفِتْنَةُ أُمَّتِي الْمَالُ" رواه الترمذي وصححه، وفي حديث آخر عند ابن حبان قال عليه الصلاة والسلام " أَلَا إِنَّ الدِّينَارَ وَالدِّرْهَمَ أَهْلَكَا مَنْ كَانَ قبلكم وهما مهلكاكم".

 

وهلاك هذه الأمة بسبب المال يعني: أن الورع يقل فيهم، ويكثر فيهم اقتحام المتشابه من المال، ثم الولوج إلى الحرام، وخاصة في آخر الزمان؛ كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، لاَ يُبَالِي المَرْءُ مَا أَخَذَ مِنْهُ، أَمِنَ الحَلاَلِ أَمْ مِنَ الحَرَامِ» رواه البخاري.

 

ولذا كان في السلامة من أكل المال الحرام سلامة من النار، وكلما كثر مال العبد كان على خطر من الوقوع في الحرام بقصد حفظ ماله وتنميته، وانفتاح شهيته للاستزادة منه؛ وقد قال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلَكَ الْمُكْثِرُونَ، إِنَّ الْمُكْثِرِينَ الْأَقَلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلَّا مَنْ قَالَ بِالْمَالِ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا " وَقَلِيلٌ مَا هُمْ. رواه أحمد.

 

إن من يأكل مالا حراما فإنما يأكل نارا، ومن يطعم أهله وولده حراما فقد غشهم وما نصح لهم، وفي الحديث "إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ، النَّارُ أَوْلَى بِهِ" وفي رواية: " إِنَّهُ لَا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلَّا كَانَتِ النَّارُ أَوْلَى بِهِ».

 

ومجالات أكل النار كثيرة؛ ابتلاء من الله تعالى للبشر:

فأكل مال الضعفة من النساء واليتامى، واستحلال مواريثهم، ومنعهم حقوقهم طريق إلى النار ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ﴾ [النساء: 10]. ومن السبع الموبقات أكل مال اليتيم.

 

ومن أكل النار:

بيع شيء من الدين بكتمانه أو إباحة محرم أو إسقاط واجب لأجل شيء من الدنيا ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 174].

 

ومن أكل النار:

التعامل بالربا ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آل عمران: 130 - 132] وهو حرب لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم لقول الله تعالى لمن لم يتوبوا من الربا ﴿ فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [البقرة: 279].

 

وآكل الربا يعذب بعد موته عذابا شديدا؛ ففي حديث الرؤيا قال النبي صلى الله عليه وسلم «فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ، وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ سَابِحٌ يَسْبَحُ، وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً، وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ، ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الَّذِي قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الحِجَارَةَ، فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا» وفي آخر الحديث قال: « وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِي النَّهَرِ وَيُلْقَمُ الحَجَرَ، فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا» رواه البخاري. ويبعث آكل الربا من قبره كالمجنون يتخبط، قد أثقل بطنه ما أكل من الربا ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ﴾ [البقرة: 275].

 

ومن أكل النار:

أخذ الرشوة، فيمنع صاحب الحق حقه إلا بأن يرشيه، وهي السحت الذي ذم الله تعالى أهل الكتاب عليه فقال سبحانه ﴿ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ ﴾ [المائدة: 42] وكل جسد نبت من سحت فالنار أولى به، و"لَعَنَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلم الراشِيَ والمُرْتَشِيَ" رواه أبو داود.

 

ومن أكل النار:

التخوض في المال العام بلا حق، قَالَ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ القِيَامَةِ» رواه البخاري.

 

وفي مجاهد مات شهيدا في المعركة فقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَلْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَصَابَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ المَغَانِمِ، لَمْ تُصِبْهَا المَقَاسِمُ، لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا» فَجَاءَ رَجُلٌ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِرَاكٍ أَوْ بِشِرَاكَيْنِ، فَقَالَ: هَذَا شَيْءٌ كُنْتُ أَصَبْتُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «شِرَاكٌ أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ» متفق عليه. وفي حديث آخر قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "وَلَا تَغُلُّوا؛ فَإِنَّ الْغُلُولَ نَارٌ وَعَارٌ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ" رواه أحمد.

 

وما كان هذا التشديد في المال العام إلا لأن حقوق مجموع الناس متعلقة به، وكلما كثروا كثر الإثم، ولأن التخوض فيه بغير حق بوابة الفساد، وسبب الكساد، ومهما عظمت الموارد فإن التخوض في المال العام يقضي عليها، ويمحق بركتها.

 

ومن أكل النار:

التعامل بالقمار ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ [المائدة: 90، 91].

 

ومن أكل النار:

الغش في البيع والشراء ﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [المطففين: 1 - 6].

 

ومن أكل النار:

أن يتاجر في المحرمات، فما يكسبه منها فهو سحت، أو يُستأجر في عمل محرم، فأجرته عليه سحت. وفي حديث جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ»، وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ» رواه مسلم.

 

وصور أكل النار كثيرة، يجمعها أصلان:

الأول: مال لأحد من الناس يستولي عليه آكل النار بالسرقة أو النهبة أو الغصب أو نحو ذلك.

والثاني: مال حصل عليه آكل النار بعقود محرمة كالربا والرشوة والقمار وبيع المحرمات ونحوها. وكله من أكل المال بالباطل.

 

فعلى المستبرئ لدينه وعرضه أن يجانب المشتبه من المال والمعاملات، فضلا عن المحرم الصريح منها، حتى يلقى الله تعالى وهو خفيف الظهر من الأموال المحرمة.

 

نسأل الله تعالى أن يغنينا بحلاله عن حرامه، وبطاعته عن معصيته، وبفضله عمن سواه، والحمد لله رب العالمين.

وأقول قولي هذا وأستغفر الله...

 

الخطبة الثانية

الحمد لله حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

 

أما بعد:

فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واكتفوا بالحلال القليل عن الحرام الكثير؛ فإن القليل إذا بورك عظم نفعه، واكتفى به صاحبه، وإن الكثير الذي محقت بركته يكون شؤما على صاحبه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "... إِنَّ هَذَا المَالَ حُلْوَةٌ، مَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ، وَوَضَعَهُ فِي حَقِّهِ، فَنِعْمَ المَعُونَةُ هُوَ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ كَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ» رواه الشيخان.

 

إن الذين يأكلون الحرام يطلبون المال للعز به وللرفاهية، ولا خير في عز مؤقت يعقبه ذل أطول منه وأشد، ولا نفع في رفاهية عاقبتها عذاب أليم. وذل الفقر في الدنيا أهون من ذل الفقر في الآخرة، وحرمان الرفاهية في الدنيا أهون من حرمان نعيم الجنة.

 

وأكلة النار إن تصدقوا لا تقبل صدقاتهم؛ لأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، قَالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "... مَنْ جَمَعَ مَالًا حَرَامًا، ثُمَّ تَصَدَّقَ بِهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ أَجْرٌ، وَكَانَ إِصْرُهُ عليه"

 

وأكل الحرام يمنع إجابة الدعاء، وقد ذَكَرَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟ "رواه مسلم.

 

وقد راقب أحد المعاصرين خلال ثلاثين سنة تقريبا من اجتنبوا الحرام، ومن وقعوا فيه من قرابته وزملائه ومعارفه، فوجد أن الذين اجتنبوا الحرام مع قدرتهم عليه أصلح الله تعالى لهم أسرهم وأولادهم، وحظوا ببرهم، واستقام لهم عيشهم، ورزقوا سعادة لم ينلها غيرهم، وأن الذين تخوضوا في المال الحرام فسدت أسرهم، واجترأ عليهم أولادهم فعقوهم، وصار مالهم وبالا عليهم.

 

فالحذر الحذر من الكسب الحرام وإن زينه المزينون، ودعا إليه الداعون، وزخرفه المزخرفون؛ فإن اجتنابه من أوله أيسر من التخلص منه بعد الانغماس فيه.. وكم من ثري بنى تجارته على الحرام، وندم على ذلك بعد حين، لكنه لا يستطيع التخلص من ثروته.. وإذا عود الإنسان نفسه على اجتناب المتشابه اجتنب المحرم الخالص ولا شك، وهان عليه ذلك، ولم ينغص عيشه شيء. وليس للعبد من الدنيا إلا ما قدر له، لكن عليه غرم ما جمع من الحرام، ولغيره غنمه.

 

وصلوا وسلموا على نبيكم..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فقه آية: { إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما }
  • وجبت له النار!
  • النار التي تحشر الناس آخر الزمان ومكان الحشر
  • النار دار الكافرين
  • النار دار الفجار
  • خطبة: مجيء النار يوم القيامة وخزنتها وأبوابها

مختارات من الشبكة

  • طعام الإفطار وأكلة السحر(مقالة - ملفات خاصة)
  • نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم: كما تداعى الأكلة إلى قصعتها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل السحور: انشراح الصدور باحتساب عشر نيات لأكلة السحور(مقالة - ملفات خاصة)
  • حديث: لو لا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • آكلة العقول (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • شرح حديث أنس: إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مسابقة أفضل طبق وأفضل أكلة(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • مفاهيم تربوية فاسدة: إذا لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • من تعفنت كتبه أو أكلتها الأرضة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • آكلة الديانة ( خطبة )(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب