• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   الملف الصحفي   مواد مترجمة   كتب   صوتيات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ملف تفاعلي لكل بيت مسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالقرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: أذكار الصباح والمساء
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالسنة النبوية
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    تيسير السيرة على صاحبها أزكى الصلاة وأتم السلام ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    القيادة الإدارية من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل المعتمر (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    خلق المسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    أخلاقيات الإدارة من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية الموجزة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية المتوسطة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل الحاج، ويليه: دليل الحاج المصور (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    ورد اليوم والليلة (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الجريسي: سيرة ومسيرة عبدالرحمن بن علي الجريسي ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

أرجى آيات القرآن (7)

أرجى آيات القرآن (7)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/3/2025 ميلادي - 26/9/1446 هجري

الزيارات: 4317

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أرجى آيات القرآن (7)


الْحَمْدُ لِلَّهِ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنِ، الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ؛ يَمْنَحُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ خَيْرِهِ، وَيَفِيضُ عَلَيْهِمْ مِنْ رِزْقِهِ، وَيَفْتَحُ لَهُمْ أَبْوَابَ بِرِّهِ وَكَرَمِهِ، وَيَغْمُرُهُمْ بِعَفْوِهِ وَمَغْفِرَتِهِ وَرَحْمَتِهِ، وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَعَطَائِهِ، لَا تَنْفَدُ خَزَائِنُهُ، وَلَا يَنْقَطِعُ مَدَدُهُ، يَمِينُهُ مَلْأَى «لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ، ‌سَحَّاءُ ‌اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ مَا فِي يَمِينِهِ». نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ لَهُ فِي هَذِهِ اللَّيَالِي الْمُبَارَكَةِ هِبَاتٌ جَزِيلَةٌ، وَعَطَايَا عَظِيمَةٌ؛ فَهَنِيئًا لِمَنْ تَعَرَّضَ لَهَا فَظَفِرَ بِهَا، وَتَعْسًا لِمَنْ ضَيَّعَهَا فَحُرِمَهَا، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ أَتْقَى النَّاسِ وَأَشَدَّهُمْ لَهُ خَشْيَةً، وَغُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، وَمَعَ ذَلِكَ جَدَّ وَاجْتَهَدَ، وَقَامَ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَفَطَّرَتْ قَدَمَاهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَجِدُّوا وَاجْتَهِدُوا فِيمَا بَقِيَ مِنْ لَيَالٍ فَاضِلَةٍ، وَاجْعَلُوا تَحَرِّيَكَمْ لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ إِلَى آخِرِ لَيْلَةٍ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ الْكَرِيمِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَا أَخْفَاهَا عَنِ الْعِبَادِ إِلَّا لِيَبْتَلِيَهُمْ بِهَا؛ ﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾ [الْقَدْرِ: 3].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: الرَّجَاءُ فِي اللَّهِ تَعَالَى عَظِيمٌ، وَالْخَيْرُ عِنْدَهُ كَثِيرٌ، وَهُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ، وَمَا هَدَى الْمُؤْمِنِينَ لِلْإِيمَانِ، وَأَعَانَهُمْ عَلَى صِيَامِ رَمَضَانَ، وَرَزَقَهُمُ التَّلَذُّذَ بِالْقُرْآنِ؛ إِلَّا لِيَفْتَحَ لَهُمْ خَزَائِنَهُ، وَيَفِيضَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَرْزَاقِهِ، وَيَغْشَاهُمْ بِعَفْوِهِ وَرَحْمَتِهِ؛ فَاعْمَلُوا وَأَمِّلُوا، وَارْجُوا وَاعْمَلُوا، وَأَحْسِنُوا الظَّنَّ بِاللَّهِ تَعَالَى.

 

وَفِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ آيَاتٌ تَفْتَحُ لِلْعَبْدِ أَبْوَابَ الرَّجَاءِ، وَتُغْلِقُ عَنْهُ أَبْوَابَ الْيَأْسِ وَالْقُنُوطِ، وَمِنْ أَرْجَى آيَاتِ الْقُرْآنِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النِّسَاءِ: 110]، رَوَى إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ بِسَنَدِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ قَالَ: «قَالَ رَجُلٌ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنِّي لَأَعْرِفُ أَشَدَّ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ. فَأَهْوَى عُمَرُ فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ وَقَالَ: ‌مَا لَكَ ‌نَقَّبْتَ عَنْهَا حَتَّى عَلِمْتَهَا. فَانْصَرَفَ حَتَّى إِذَا كَانَ الْغَدُ قَالَ لَهُ عُمَرُ: الْآيَةُ الَّتِي ذَكَرْتَ بِالْأَمْسِ. قَالَ: وَهَلْ تَرَكْتَنِي أُخْبِرُكَ عَنْهَا؟ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا نِمْتُ الْبَارِحَةَ. فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ﴾ [النِّسَاءِ: 123]. مَا مِنْ أَحَدٍ يَعْمَلُ سُوءًا إِلَّا جُزِيَ بِهِ. فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّا حِينَ نَزَلَتْ مَا نَفَعَنَا طَعَامٌ وَلَا شَرَابٌ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَعْدَ ذَلِكَ وَرَخَّصَ قَالَ: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النِّسَاءِ: 110]. وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدَيْهِمَا إِلَى أَبِي الْفُرَاتِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «فِي الْقُرْآنِ آيَتَانِ مَا قَرَأَهُمَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ عِنْدَ ذَنْبٍ إِلَّا غُفِرَ لَهُ، قَالَ: فَسَمِعَ بِذَلِكَ رَجُلَانِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، فَأَتَيَاهُ، فَقَالَ: ائْتِيَا أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَإِنِّي لَمْ أَسْمَعْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمَا شَيْئًا إِلَّا وَقَدْ سَمِعَهُ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، فَأَتَيَا أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَقَالَ لَهُمَا: اقْرَأَا الْقُرْآنَ فَإِنَّكُمَا سَتَجِدَانِهِمَا. فَقَرَآ حَتَّى بَلَغَا آلَ عِمْرَانَ: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 135]، وَقَوْلَهُ: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النِّسَاءِ: 110]. فَقَالَا: ‌قَدْ ‌وَجَدْنَاهُمَا. فَقَالَ أُبَيٌّ: أَيْنَ؟ فَقَالَا: فِي آلِ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءِ. فَقَالَ: هُمَا هُمَا»، وَفِي رِوَايَةٍ لِسَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «إِنَّ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَآيَتَيْنِ مَا أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا فَقَرَأَهُمَا، فَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا غَفَرَ لَهُ» فَذَكَرَهُمَا.

 

فَفِي الْآيَةِ الْأُولَى يُثْنِي اللَّهُ تَعَالَى عَلَى مَنْ إِذَا فَعَلُوا الذَّنْبَ تَذَكَّرُوا عَظَمَةَ اللَّهِ تَعَالَى وَوَعِيدَهُ، فَنَدِمُوا وَبَادَرُوا إِلَى التَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ، وَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ يَغْفِرُ لَهُمْ. وَلْنَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 135]، فَفِيهِ ثَنَاءٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِتَوَجُّهِهِمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي طَلَبِ الْمَغْفِرَةِ فِي حِينِ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ يَطْلُبُونَ الصَّفْحَ وَالْمَغْفِرَةَ مِنْ مَعْبُودَاتِهِمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى النَّصَارَى فِي زَعْمِهِمْ أَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حَمَلَ خَطَايَا النَّاسِ عَنْهُمْ. فَلَا مَغْفِرَةَ عَلَى الذُّنُوبِ تُطْلَبُ إِلَّا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ مَا حَقَّقَهُ أَهْلُ الْإِيمَانِ الْحَقِّ، فَتَعَلَّقَتْ قُلُوبُهُمْ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَتَوَجَّهُوا إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِتَوْبَتِهِمْ وَاسْتِغْفَارِهِمْ؛ فَكَانُوا جَدِيرِينَ بِمَغْفِرَتِهِ سُبْحَانَهُ. وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنَ الْآيَةِ مُمَاثِلَةٌ لِمَا جَاءَ فِي الِاسْتِغْفَارِ الَّذِي عَلَّمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ كَمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتِي. قَالَ: قُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، ‌وَلَا ‌يَغْفِرُ ‌الذُّنُوبَ ‌إِلَّا ‌أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مِنْ عِنْدِكَ مَغْفِرَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَمِنْ تَحْقِيقِ التَّوْحِيدِ كَوْنُ الْمُؤْمِنِ يُوقِنُ بِأَنَّ ذَنْبَهُ لَا يَغْفِرُهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، فَيَتَعَلَّقُ قَلْبُهُ بِهِ، وَتَنْصَرِفُ هِمَّتُهُ فِي التَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ إِلَيْهِ، فَلَا يَطْلُبُ الْمَغْفِرَةَ مِنْ سِوَاهُ، وَتِلْكَ عِبَادَةٌ أَيُّ عِبَادَةٍ!! فَكَانَ حَقِيقًا بِمَنْ حَقَّقَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ جَزَاؤُهُ عَظِيمًا؛ ﴿ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 136]. فَأَثْنَى سُبْحَانَهُ عَلَى عَمَلِهِمُ الَّذِي تَضَمَّنَ عَمَلَ الْقَلْبِ بِالتَّوَجُّهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالرَّجَاءِ وَالتَّوْبَةِ، وَعَمَلَ الْقَلْبِ بِالنَّدَمِ عَلَى الذَّنْبِ، وَبِالْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدَةِ إِلَيْهِ، وَعَمَلَ اللِّسَانِ بِالِاسْتِغْفَارِ، وَعَمَلَ الْجَوَارِحِ بِالطَّاعَاتِ الْمُكَفِّرَةِ لِلذُّنُوبِ ﴿ وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 136]، وَفِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ بَيَانُ أَنَّ كُلَّ مَنْ عَمِلَ سُوءًا أَوْ ظَلَمَ نَفْسَهُ بِالْمَعَاصِي، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ تَعَالَى نَادِمًا عَلَى عِصْيَانِهِ فَإِنَّهُ سَيَجِدُ رَبًّا غَفُورًا رَحِيمًا. فَمَا أَعْظَمَهُ مِنْ رَجَاءٍ فِي اللَّهِ تَعَالَى لِكُلِّ الْعَاصِينَ، مَهْمَا بَلَغَتْ ذُنُوبُهُمْ.

 

وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ إِبْلِيسَ قَالَ لِرَبِّهِ: بِعِزَّتِكَ وَجَلَالِكَ لَا أَبْرَحُ أُغْوِي بَنِي آدَمَ مَا دَامَتِ الْأَرْوَاحُ فِيهِمْ، فَقَالَ لَهُ اللَّهُ: فَبِعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا أَبْرَحُ أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِي» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ.

 

وَمِنْ مَغْفِرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَحْمَتِهِ بِعِبَادِهِ التَّائِبِينَ الْمُسْتَغْفِرِينَ: سَتْرُ ذُنُوبِهِمْ، وَأَصْلُ الْغُفْرَانِ أَوِ الْمَغْفِرَةِ فِي اللُّغَةِ السَّتْرُ؛ أَيْ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَسْتُرُ الْعَبْدَ إِذَا قَارَفَ الذَّنْبَ، وَيَعْفُو عَنْهُ. وَلَوْ أَنَّ الْعَفْوَ عَنِ الذَّنْبِ مَشْرُوطٌ بِفَضْحِ الْعَبْدِ؛ لَكَانَ فِي ذَلِكَ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ عَلَيْهِمْ تُؤَدِّي بِأَكْثَرِهِمْ إِلَى عَدَمِ التَّوْبَةِ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «إِنَّ الرَّجُلَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذَا أَذْنَبَ ذَنْبًا ‌أَصْبَحَ ‌عَلَى ‌بَابِهِ ‌مَكْتُوبٌ: أَذْنَبْتُ كَذَا وَكَذَا، وَكَفَّارَتُهُ كَذَا وَكَذَا مِنَ الْعَمَلِ، فَلَعَلَّهُ أَنْ يَتَكَاثَرَ أَنْ يَعْمَلَهُ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَا أُحِبُّ أَنَّ اللَّهَ أَعْطَانَا ذَلِكَ مَكَانَ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النِّسَاءِ: 110]».

 

فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَتَحَ لَنَا أَبْوَابَ الرَّجَاءِ بِقَبُولِ التَّوْبَةِ مِنَ الذُّنُوبِ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى إِدْرَاكِ رَمَضَانَ، وَعَلَى مَا وَفَّقَكُمْ لَهُ مِنَ الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ، وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، وَفِعْلِ الْخَيْرِ وَالْإِحْسَانِ؛ ﴿ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * وَلَهُ ‌الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾[الْجَاثِيَةِ: 36-37].


وَمِنْ شُكْرِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ الدَّيْمُومَةُ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ بَعْدَ رَمَضَانَ؛ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ ‌أَحَبَّ ‌الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ مَا ‌دَامَ وَإِنْ قَلَّ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَمِلَ عَمَلًا أَثْبَتَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَلْيُثْبِتِ الْمُؤْمِنُ بَعْدَ رَمَضَانَ شَيْئًا مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ وَخَاصَّةً الْوِتْرَ، وَالسُّنَنَ الرَّوَاتِبَ، وَلَا سِيَّمَا رَاتِبَةَ الْفَجْرِ، وَشَيْئًا مِنْ نَوَافِلِ الصِّيَامِ، وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، مَعَ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْفَرَائِضِ، وَعَدَمِ الْإِخْلَالِ بِهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: «وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَمِمَّا شُرِعَ فِي خِتَامِ هَذَا الشَّهْرِ الْكَرِيمِ زَكَاةُ الْفِطْرِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

 

وَتُخْرَجُ مِنَ الطَّعَامِ، يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَأَكْثِرُوا مِنَ الِاسْتِغْفَارِ فِي خِتَامِ الشَّهْرِ الْكَرِيمِ، وَالدُّعَاءِ بِالْقَبُولِ، مَعَ الرَّجَاءِ فِي اللَّهِ تَعَالَى، وَحُسْنِ الظَّنِّ بِهِ سُبْحَانَهُ، وَحَافِظُوا عَلَى الْعَهْدِ بَعْدَ رَمَضَانَ، وَاحْذَرُوا الْمُنْكَرَاتِ -وَلَا سِيَّمَا فِي الْعِيدِ- فَإِنَّهُ يَوْمُ شُكْرٍ لِلَّهِ تَعَالَى، وَنَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُخْلِفَ عَلَيْنَا رَمَضَانَ بِخَيْرٍ، وَأَنْ يُعِيدَهُ عَلَيْنَا بِأَمْنٍ وَإِيمَانٍ، وَعَافِيَةٍ وَاجْتِهَادٍ فِي الْعِبَادَاتِ، وَأَنْ يَقْبَلَ مِنَّا وَمِنَ الْمُسْلِمِينَ صَالِحَ الْأَعْمَالِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أرجى آيات القرآن (1)
  • أرجى آيات القرآن (2)
  • أرجى آيات القرآن (3)
  • أرجى آيات القرآن (4)
  • أرجى آيات القرآن (5)
  • أرجى آيات القرآن (6)

مختارات من الشبكة

  • أرجى آية في القرآن الكريم(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • أرجى آية في القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أرجى آية في كتاب الله مع المفسر الشوكاني(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أرجى آية في كتاب الله (عز وجل)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • زبدة الأحكام من آيات الأحكام: تفسير آيات الأحكام (2) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شرح حديث: يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • فوائد من حديث: يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عدد آيات سورة الفاتحة وكلماتها وحروفها(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • أهم ما ترشد إليه الآية الكريمة: آيات مختارة من سورة الفاتحة والبقرة وآل عمران (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تفسير: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب