• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   الملف الصحفي   مواد مترجمة   كتب   صوتيات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ملف تفاعلي لكل بيت مسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالقرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: أذكار الصباح والمساء
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالسنة النبوية
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    تيسير السيرة على صاحبها أزكى الصلاة وأتم السلام ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    القيادة الإدارية من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل المعتمر (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    خلق المسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    أخلاقيات الإدارة من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية الموجزة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية المتوسطة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل الحاج، ويليه: دليل الحاج المصور (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    ورد اليوم والليلة (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الجريسي: سيرة ومسيرة عبدالرحمن بن علي الجريسي ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. علي بن عبدالعزيز الشبل / مقالات
علامة باركود

شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (16)

شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (15)
الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/8/2016 ميلادي - 12/11/1437 هجري

الزيارات: 14204

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (16)

مقدمة ابن أبي زيد لكتابه "الرسالة"

تأليف الإمام: أبو محمد عبدالله بن أبي زيد القيرواني رحمه الله (ت386)


[وهي التي أهبط منها آدم نبيه وخليفته إلى أرضه، بما سبق في سابق علمه].

هذا فيه التنبيه على مسائل، الأولى: أن إهباط آدم إلى الأرض قد سبق به علم الله، وفيه تنويه على المرتبة الأولى من مراتب القدر، فيها أيضًا أن الجنة التي أعدها الله دار كرامة لأولياءه خلودًا فيها هي التي أخرج منها آدم.

[آدم نبيه]، والدليل كما جاء في الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن آدم: أنبي هو؟ قال: ((نبيٌّ مكلَّم)).

 

[وخليفته إلى أرضه].

كما قال في آية البقرة: ﴿ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 30]؛ فآدم وذريته خلفاء الله في أرضه، يقيمون فيها دينه وتوحيده، ﴿ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾ [الحج: 41].

 

مر التنبيه على مسألة الخلود في النار، وذكر مذهب أهل السنة، وأدلته، وخلق النار، وأدلته، وذكر أيضًا أن المخالفين في هذا هم الجهمية والمعتزلة، الذين قالوا: إن النار تفنى، وإن الجنة تفنى، وكان مذهب العلاف أبو الهذيل، من معتزلة بغداد، المعتزلة المتأخرون ينقسمون إلى ثلاثة أقسام، معتزلة البصرة، وهم الأوائل، هؤلاء فيهم دين، فيهم علم، من كبارهم واصل بن عطاء، وعمرو بن عبيد البصري، والقسم الثاني معتزلة بغداد، هؤلاء فيهم فسوق وفجور، بل فيهم إلحاد، وهم طوائف، الجبائية، والعلافية، والخشابية، وهؤلاء الذين كان معهم أبو الحسن الأشعري قبل أن يتركهم إلى مذهب الكُلَّابية، ثم ترك مذهب الكُلَّابية إلى طريقة أهل الحديث وإلى طريقة الإمام أحمد بن حنبل، الصنف الثالث من أصناف المعتزلة: المعتزلة الفلاسفة، الذين تأثروا بالفلاسفة، وهؤلاء متأخرو المعتزلة، من أعيان متأخري المعتزلة في هذا الكندي المشهور، وعبدالجبار المعتزلي، وبعض المشتهرين بالأصول والمشتغلين بالنحو، ابن خروف، وابن جني، وأمثالهم.

 

[وخلق النار فأعدها دار خلود لمن كفر به وألحد في آياته وكتبه ورسله].

وقبل ذلك النار، هي لمن كفر بالله، وألحد في آياته وكتبه ورسله، ولمن جعلهم محجوبين عن رؤيته، الذين يخلدون في النار هم ثلاثة أصناف، المنافقون نفاقًا اعتقاديًّا، وهؤلاء في الدرك الأسفل من النار؛ كما في آية النساء: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ﴾ [النساء: 145]، الصنف الثاني: المشركون شركًا أكبر، مَن عبدوا مع الله غيره، أو صرفوا حق الله لغيره، ولو في عبادة واحدة، هم من أهل النار، الصنف الثالث: الكافرون كفرًا أكبر؛ كالملاحدة، كالمدعين علم الغيب، كالمنازعين لله جل وعلا في نفعه، في ضره، في تدبيره للعالم، كالمستهزئين بالله وبآياته وبدينه وبرسوله، هؤلاء كفار، وهم في النار، ويصدق عليهم أنهم ألحدوا في آيات الله الشرعية، وكتبه ورسله.

 

[وجعلهم محجوبين عن رؤيته]؛ لأنهم أهل سِجِّين، في آية المطففين يقول الله جل وعلا: ﴿ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ﴾ [المطففين: 7]، ثم قال عن هؤلاء: ﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾ [المطففين: 15]، لما حجب هؤلاء بسخط من الله، دلَّ على أن أولياءه يرونه بحال الرضا منه، كما ذكر ذلك الإمام محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله، وذكرنا لكم إجابة على سؤال عن مقامات الرؤية، وأنها ست مقامات، رؤية الله في الدنيا، وهذه غير واقعة، المنام، في العرصات، رؤية أهل الجنة لله، رؤية أهل النار، وأنهم لا يرونه، رؤية النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لربه في المعراج، هل رآه أو ما رآه؟ والكلام فيها يطول.

 

[وأن الله تبارك وتعالى يجيء يوم القيامة؛ ﴿ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ﴾ [الفجر: 22] لعرض الأمم وحسابها، وعقوبتها وثوابها، وتوضع الموازين لوزن أعمال العباد، ﴿ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الأعراف: 8، والمؤمنون: 102]، ويؤتون صحائفهم بأعمالهم، فمَن أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابًا يسيرًا، ومن أوتي كتابه وراء ظهره فأولئك يصلون سعيرًا].

سبحان الله العظيم، الماتن رحمه الله يستقي مضامين هذه العقيدة من القرآن، فهي تضمين من الآيات، قال: [وأن الله تبارك وتعالى يجيء يوم القيامة ﴿ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ﴾ [الفجر: 22]] أخذه من قول الله تعالى في الفجر: ﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ﴾ [الفجر: 22]، يوم القيامة يجيء الله، والمجيء صفة من صفاته سبحانه، فهي صفة فعلية يفعلها سبحانه إذا شاء، كيف يجيء؟ الله أعلم، ومعنى المجيء نعرفه في لغة العرب، أنه يأتي سبحانه لفصل القضاء، لماذا يجيء؟

 

[لعرض الأمم]، تعرض عليه الأمم، ﴿ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ﴾ [الحاقة: 18]، [وحسابها، وعقوبتها، وثوابها]، ليحاسبهم عليها، الحساب للجميع، ومعنى الحساب أن يعرف العبدُ مقادير عمله، قليلًا كان أو كثيرًا، صالحًا كان أو فاجرًا، تعريف العباد مقادير أعمالهم من ناحية الثواب والجزاء، والمثوبة والعقاب؛ولهذا مراحل الآخرة، أيها الإخوة، يمكن أن نرتبها على هذا الترتيب إجمالًا، وإلا فالتفصيل يطول، من مراحل القيامة: المرحلة الأولى من مراحل القيامة: أشراط الساعة، الكبرى والصغرى، المرحلة الثانية: النفخ في الصور، كم ينفخ في الصور من نفخة؟ الصحيح أنهما نفختان، نفخة صعق وفزع، هذه الأولى، ينفخ في الصور نفخة طويلة، فيفزع من في السموات والأرض؛ كما جاء في آية سورة النمل في آخرها: ﴿ وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ﴾ [النمل: 87]، فأولها فزع، يفزعون، وفي آخرها صعق، يصعقون؛ كما جاء في آية الزمر في آخرها: ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ﴾ [الزمر: 68]؛ ولهذا جاء في الحديث أنه ينفخ في الصور، والنفخة تبدأ يسيرًا، ثم ترتفع شيئًا فشيئًا، (فأحدهم يلوط حوضه، أو يسوق غنمه، فيصغي ليتًا ويرفع ليتًا)، يتسمع لهذا الصوت وهو يزداد شيئًا فشيئًا، وفي آخره يصعق، حتى إن الرجل يرفع اللقمة إلى فيه لا يتمها، ثم يبقى بين النفختين مدة أربعين، هل تكون أربعين يومًا، أربعين شهرًا، أربعين عامًا؟ في كل لفظ يقول أبو هريرة: (أبيت)، لكن جاء عند البزار أنه قال: (أربعين عامًا)، بين النفختين، وذلك إذا نفخ النفخة الأولى، نفخة الفزع والصعق، فمات من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله، يقول الله جل وعلا لإسرافيل، وإسرافيل ما له وظيفة إلا أن البوق في فيه، وعين على البوق، وعين ثانية على عرش الرحمن، ينظر متى يؤمر، وهو بوق عظيم، صور عظيم، لا نعلم قدره، فيقول الله لإسرافيل - وهو أعلم -: من بقي، يقول: بقيت أنا، وجبريل، وميكال، وملائكتك المقربون، الكروبيون، فيأمرهم، فيموتون، فلا يبقى إلا إسرافيل، ثم يأمره فيموت، فينادي سبحانه عندئذ: ﴿ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ﴾ [غافر: 16]، فلا يجيبه أحد، فيجيب نفسه: ﴿ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾ [غافر: 16]، ثم يحيي إسرافيل، فيأمره بالنفخ في الصور، فعندئذ يرسل الله جل وعلا ماءً كماء الرجال، فينزل على الأرض، فتنبت منه أجساد البشر من عَجْبِ الذَّنَب، فينفخ إسرافيل النفخة الثانية، نفخة البعث، يقول الله تعالى في آية سورة الزمر: ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ﴾ [الزمر: 68]، فدل على أن النفخة نفختان، ثم تتطاير أرواحهم إلى أجسادهم كأنهم جراد منتشر، وهو البعث، وعندئذ يأتي المقام الثالث، وهو الحشر، وهو قيام الناس من قبورهم، من الأجداث، كأنهم جراد منتشر، ثم المقام الرابع مقام الحشر، ثم المقام الخامس مقام الشفاعة العظمى، وما يتلوها، ثم المقام السادس مقام تطاير الصحف، كما قال رحمه الله: فمن أخذ كتابه بيمينه [فسوف يحاسب حسابًا يسيرًا]، ومن أخذ [كتابه وراء ظهره]، ثم بعد التطاير: المقام السادس الحساب، وهو تعريف الناس مقادير أعمالهم، إنْ خيرًا فخير، وإنْ شرًّا فشر، ثم مقام الحوض، حوض النبي عليه الصلاة والسلام، وحوضه عظيم، طوله كعرضه، مربع، يصب فيه ميزابان من السماء، من نهر أعطاه الله نبيه عليه الصلاة والسلام، هو نهر الكوثر؛ ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ﴾ [الكوثر: 1]، وهذا الحوض عظيم، ماؤه أشد بياضًا من اللبن، وحلاوة من العسل، وبردًا من الثلج من غير ضرر، عليه كيزان بعدد نجوم السماء، لكن لن يرد الحوض كل أحد من أمته؛ فالملائكة تقف دون الحوض وتمنع أقوامًا من أن يردوا حوضه، والنبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يقول: ((أمتي أمتي))، وهذا اللفظ هو الثابت، وما جاء من لفظ: (أصحابي، أصحابي)، فعلى ثبوته المراد به مطلق الأمة، وفيه رد على من قال: إن الصحابة ارتدوا بعد النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وهو قول مبغضة الصحابة، قبَّحهم الله، وأنزل عليهم ما يستحقون، يقول: ((أمتي أمتي))، فيقال: ((لا تدري ماذا أحدثوا بعدك))، قال النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ((فأقول: بُعْدًا، بُعْدًا))، أو: ((سُحْقًا سُحْقًا لمن أحدث بعدي))؛ أي: بدل وابتدع، وأتى بدين استحسنه واستساغه ضد دين النبي عليه الصلاة والسلام، من البدع والأهواء والمحدَثات،مما يكون يوم القيامة أيضًا الميزان، وهذا مقام ثامن، سيأتي الكلام عليه إجمالًا،مما يكون يوم القيامة أيضًا الصراط، وهو مقام تاسع، ومنها أيضًا القنطرة بعد الصراط، التي يقتص للمؤمنين فيها بعضهم من بعض، ثم المقام الأخير، إما جنة وإما نار، هذه أيها الإخوة هي مقامات اليوم الآخر، والكلام عليها تفصيلًا يطول.

 

أشار الماتن رحمه الله إلى الموازين، قال:

[وتوضع الموازين لوزن أعمال العباد، ﴿ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الأعراف: 8]]، ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴾ [الأنبياء: 47]، ﴿ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ ﴾ [الأعراف: 8، 9]، فدل على أن الموازين عدة، والميزان جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما وصفه، أنه ميزان ذو كفتين ولسان، كما دل عليه حديث صاحب البطاقة، حديث عبدالله بن عمرو بن العاص عند أحمد بإسناد صحيح، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ((ينشر على رؤوس الخلائق يوم القيامة رجل قد أسرف على نفسه، فتخرج له سجلات كمد البصر، فيها سيئاته، ثم يقال له: هل لك من حسنة؟ فإذا رأى سيئاته قد أحصيت وعدت عليه، قال: ليس لي من حسنة، فيقول الله عز وجل: إنك اليوم لدينا لا تظلم، فتخرج له بطاقة، قال: فيها مكتوب لا إله إلا الله، قالها موقنًا من قلبه، قال: رب، وما تصنع هذه البطاقة مع هذه السجلات مد البصر؟ فتوضع السجلات في كفة، وتوضع لا إله إلا الله البطاقة في كفة، فتطيش البطاقة بالسجلات))، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ((ولا يثقل مع اسم الله شيء))؛ لأنه قال: لا إله إلا الله مخلصًا بها من قلبه، موحدًا، صادقًا بها، وهذا الحديث عند أهل العلم يسمى بحديث البطاقة، دل على أن الميزان له كفتان، والموازين كثيرة، لكنها موازين حساسة، للعمل الصالح والإيمان.

 

ما الذي يوزن فيها؟ يوزن فيها أمران، جاء أنه يوزن فيها العمل الصالح، ﴿ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الأعراف: 8]، بأي شيء ثقلت؟ بالعمل الصالح، وجاء أيضًا أن الذي يوزن العامل مع عمله، ودل على ذلك القرآن والسنة، في السنة حديث رواه البخاري: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ((وإنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة، فلا يزن عند الله جَناح بعوضة، فاقرؤوا إن شئتم: ﴿ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ﴾ [الكهف: 105]))، دل على أنه يوزن فلا يبلغ وزنه شيئًا، دليل آخر: ما جاء في الصحيح أن ابن مسعود رضي الله عنه، عبدالله بن مسعود بن غافل الهذلي، رقي يومًا على شجرة من أراك، ليجني مسواكًا، عودًا من أراك، فكشفت الريح عن ساقيه، فإذا هما ساقان دقيقتان، فضحك الصحابة رضي الله عنهم، تعجبًا من دقة ساقَيْ عبدالله، فسأل النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ((لم تضحكون؟))، فأخبروه، قال: ((أتعجبون من دقة ساقَيْ عبدالله؛ إنهما لأثقل في الميزان يوم القيامة من جبل أُحد))، فدل على أن العامل يوزن يوم القيامة مع عمله، فيثقل بما معه من الإيمان والتوحيد، وتعظيم الله، وتعظيم رسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم اتباعًا له،هذا ما يتعلق بالميزان، وانحرف في الميزان المعتزلة والجهمية فقالوا بإنكار الميزان، قالوا: الميزان لا يحتاجه إلا البقال والفوال، وهذا من قبح عقولهم، ومن رداءة دينهم وعقائدهم أن ردوا ما جاء في القرآن والأحاديث، ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴾ [الزلزلة: 7]، مثقال الذرة من خير أو شر إنما يعرف بالميزان، بتعريف الله جل وعلا له، والله وضع الميزان ليظهر في ذلك المقام للعباد كمال عدله، وإلا فإن الله يأتي يوم القيامة بالشاة الجلحاء فيقتص لها من الشاة القرناء. هل البهائم مكلفة؟ غير مكلفة، لكن لماذا يكون هذا؟ ليظهر الله جل وعلا للعالمين كمال عدله، حتى البهائم غير المكلفة، يقتص للمظلومة من ظالمتها، ثم يأمر البهائم فتكون ترابًا.

هنا انتهى الشريط الرابع، وتم تفريغه في يوم الثالث والعشرين من شهر ربيع الأول عام 1428هـ.

♦♦♦


الشريط الخامس، وتم البدء في تفريغه مباشرة بعد الانتهاء من الذي قبله.

مضى في مجالسنا السابقة الكلام على مراحل القيامة، بدءًا من أشراط الساعة، فالبرزخ، فنفخة الصعق والفزع، ثم نفخة البعث، ثم قيام الناس من قبورهم كأنهم جراد منتشر، فالحشر، فالشفاعة العظمى، فتطاير الصحف، فآخذ كتابه بيمينه، وآخذ كتابه بشماله أو من وراء ظهره، ثم الحساب، وهو تعريف الناس مقادير أعمالهم، ثم الميزان، حوض النبي عليه الصلاة والسلام، ثم بعد هذا الصراط، الصراط المستقيم، وبعد الصراط: القنطرة، ثم الجنة أو النار. (يتبع).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (10)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (11)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (12)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (13)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (14)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (18)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (19)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (20)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (21)

مختارات من الشبكة

  • النمير الداني لشرح مقدمة ابن ابن أبي زيد القيرواني لوليد بن محمد بن عبدالله العلي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (23)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (22)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (17)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (15)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (9)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (8)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (7)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (6)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (5)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب