• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   الملف الصحفي   مواد مترجمة   كتب   صوتيات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ملف تفاعلي لكل بيت مسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالقرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: أذكار الصباح والمساء
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالسنة النبوية
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    تيسير السيرة على صاحبها أزكى الصلاة وأتم السلام ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    القيادة الإدارية من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل المعتمر (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    خلق المسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    أخلاقيات الإدارة من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية الموجزة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية المتوسطة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل الحاج، ويليه: دليل الحاج المصور (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    ورد اليوم والليلة (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الجريسي: سيرة ومسيرة عبدالرحمن بن علي الجريسي ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. علي بن عبدالعزيز الشبل / مقالات
علامة باركود

شرح العقيدة الواسطية (20)

الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/12/2015 ميلادي - 14/3/1437 هجري

الزيارات: 9905

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شرح العقيدة الواسطية (20)

إثبات صفة الكلام لله عز وجل

 

وَقَوْلِهِ: ((يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: يَا آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ. فَيُنَادِي بِصَوْتٍ: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثًا إِلَى النَّارِ))؛مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ[1].

 

ففي هذين الحديثين إثبات صفة الكلام لله تعالى، وحديث أبي سعيد فسَّره حديث أبي هريرة، وكلاهما حديثان صحيحان ثبتا في الصحيحين.

 

((يَا آدَمُ)): هذا نداء يُنادي الله آدمَ على رؤوس الأشهاد.


((فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ)): وهذه فيها مقامات للأدب مع الله، ولهذا فالحُجَّاج يتأدَّبون بهذا، فينادون مُحرِمين في إحرامهم: لبَّيك اللهم لبَّيك.


((فَيُنَادِي بِصَوْتٍ)): والذي قال: إنه ينادي بصوت هو النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فليس قولَ أحدٍ مِن أهل العلم، وإنما هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، أعظَمِ الناس وأعلَمِهم بالله، وما يجبُ له، ويجوز أو يمتنعُ عليه، فهو الذي أثبت أن الله يُنادي، وأثبت أنه يُنادي بصوت.


إذًا فالله يتكلم، والكلام أنواع، ومنه النداء، وهو الكلام بصوت عالٍ، ولهذا قال: بصوت. فدل على أنَّ كلام الله بصوت، كما أنه بحَرف، وما قُلنا: إن كلام الله بصوتٍ ولا بحرف مِن جَرَّاء أنفسنا، ولا من استنباطات عقولنا، واجتهاداتنا، وإنما وقَفْنا فيها كما جاءت في الأدلة، وهذا الذي يجب الإيمان به.


((إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثَ ذُرِّيَّتِكَ إِلَى النَّارِ. قَالَ: مِنْ كَمْ يَا رَبِّ. قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعُ مِئَةٍ وَتِسْعٌ وَتِسْعُونَ)). إذًا من بني آدم مِن كل ألفٍ إلى النار واحدٌ إلى الجنة.


فعَظُم ذلك على الصحابة جدًا، وقالوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ يَضْمَنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْوَاحِدَ؟!


فجاءت البُشرى على لسان البشير صلى الله عليه وسلم لَمَّا قال: ((مِنْكُمْ وَاحِدٌ وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ تِسْعُ مِئَةٍ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ))، فَكَبَّرَ الصَّحَابَةُ تَكْبِيرًا عَظِيمًا فَرَحًا بِهَذِهِ الْبُشْرَى.


وهذا يدل على خصوصيَّةٍ لهذه الأمة أنهم أكثر أهل الجنة دخولاً، وأن أكْفاءهم وأعدالهم من التسع مئة وتسعةٍ وتسعين من يأجوج ومأجوج، فدل ذلك على كَثرتهم، وعلى كُفرهم؛ فإنَّ يأجوجَ ومأجوج قومٌ كُفَّار فُجَّار فُسَّاق، ولهذا هم أهل النار.


والشاهد منه أنَّ الله يتكلم، وأن كلامه نداء.

 

وجاء في حديث أبي هريرة: ((إِنَّ اللهَ يُنَادِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَوْتٍ، يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ))؛ أي: إنه لا يخفى، وهذا فيه أن كلام الله بصوت.


ومَرَّ أن الله عز وجل نادى الأبوَيْن في الجنة: ﴿ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا ﴾ [الأعراف: 22]، وجاء أن الله يُنادي الكفار في النار: ﴿ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [القصص: 65]، وثبَت النِّداء والنِّجاء لكليم الله موسى: ﴿ وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا ﴾ [مريم: 52].

 

وَقَوْلِهِ: ((مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانَ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ وَرَاءَهُ فَإِذَا النَّارُ))[2].


في هذا دليلٌ على إثبات أن الله يتكلم كلامًا يَليق بجلاله؛ ردًّا على مَن قال: إن كلام الله مخلوق كما تقوله الجهمية، والمعتزلة، والرافضة، والخوارج، أو كلام الله معنًى نفسيٌّ في ذاته؛ كما تقوله الكلابية، والأشاعرة والماتردية، وإن كان مذهبُ الماتردية أقربَ إلى مذهب الجهمية بأن كلام الله مخلوق.


وممَّن كلَّمه الله تعالى كِفَاحًا مِن غير ترجمان في الدنيا: عبدالله بن حَرامٍ والدُ جابر رضي الله عنهما؛ كلَّمه الله فقال: ((تَمَنَّ عَلَيَّ يَا عَبْدِي))[3]؛ الحديث المشهور، وفيه أنزل الله تعالى قولَه: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ ﴾ [آل عمران: 169]؛ ففيه إثباتُ أن الله يتكلم، وأنه مَن وقف بين يديه سيكلِّمه مِن غير ترجمان بمختلِف الألسنة، وليس الناس لسانهم واحد، والله يكلمهم جميعًا من غير ترجمان، فدل على أن كلامه لا ككلامنا، وأنه تعالى قد أحاط بكل شيء علمًا، وحكمة، وسمعًا، وبصرًا؛ فسبحانه لا إله إلا هو.

 

إثبات صفة الرحمة لله عز وجل:

وَقَوْلُهُ- فِي رُقْيَةِ الْمَرِيضِ -:

هذا حديث الرقية المشهور، وقد رواه أبو داود، وحسَّنه الشيخ، وصححه غيرُ واحد من العلماء، وممن صححه الحاكم في (المستدرك)، والذهبي في كتابه (العلو)، وقال: "إنه بإسناد صحيح"، وقد رواه أحمد، والطبراني، والبيهقي في (الأسماء والصفات)، ورواه غيرهم.


((رَبُّنَا اللهُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ)):

في السماء؛ أي: في العلو. وإذا أُرِيدَ بالسماء المبنية - على السماء - فإنَّ (في) تكون بمعنى (على)؛ فيكون: على السماء المبنيَّة، وأما إذا كانت (في) على بابها فإن السماء هو العلو، إذًا ففيها إثبات علوِّ الله الذاتي على خلقه، كما أن له العلوَّ في القدر والمنزلة، وله العلو في القهر والغلبة.


((تَقَدَّسَ اسْمُكَ)):

أثبت لله الاسم المقدَّس، المنزَّه من كل عيب، ونقص، وخلل.


((أَمْرُكَ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ)):

أمر الله الذي لا يمكن أن يغادره شيء أبدًا، وهو نوعان:

1- أمر كوني قدري.

2- وأمر شرعي ديني.


((كَمَا رَحْمَتُكَ فِي السَّمَاءِ اجْعَلْ رَحْمَتَكَ فِي الأَرْضِ)):

رحمة الله في السماء، ورحمة الله نوعان: صفته، وخلقه للرحمة. فصِفة الله الرحمة، التي من آثارها خلقه للرحمة، ورحمة الله المخلوقة منها الجنة، ومنها الرحمة التي يجعلها بين الخلائق يتراحمون بها.


((اغْفِرْ لَنَا حُوبَنَا وَخَطَايَانَا)):

الحوب، قالوا: إنه عظيم الذنب وعظيم الإثم؛ ولهذا يُطلق الْحَوْبَة في الذنوب بين العباد بعضهم مع بعض، وهذا موجود حتى في أسئلة الناس: هذه حوبة فلان على فلان؛ أي: أثر ذنبه عليه. والخطايا هي الخطايا دون الكبائر.


((أَنْتَ رَبُّ الطَّيِّبِينَ)):

الله رب الطيبين، ورب غير الطيبين، ولكنه خصه بذلك؛ لأن المقام مقامُ توسُّل، ومقام استعطاف منه سبحانه وتعالى.


((أَنْزِلْ رَحْمَةً مِنْ رَحْمَتِكَ، وَشِفَاءً مِنْ شِفَاءِكَ عَلَى هَذَا الْوَجَعِ فَيَبْرَأَ)).حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاودَ، وَغَيْرُهُ[4].


قوله: ((أنزل)) يسمِّيه الأصوليون واللغويون طلبًا، ونسميه نحن دعاء، ندعوك بأن تُنزِل رحمةً مِن رحمتك، وشفاء من شفائك، فدلَّ على علوِّ الله من وجهٍ آخَر؛ لأن الإنزال من أعلى إلى أسفل.

 

القاعدة في الأوامر كالتالي:

1- الأمر من الأعلى إلى الأدنى يُسمى أمرًا، وطلبًا.

2- الأمر من الأدنى إلى الأعلى يُسمى دعاء.

3- الأمر من المساوي إلى مثله يُسمى استدعاء.


إثبات العلو لله عز وجل:

وَقَوْلِهِ: ((أَلا تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ؟!))؛حَدِيثٌ صَحِيحٌ[5].


هذا فيه إثبات علو الله تعالى على عرشه، والحديث له قصة، وذلك أنه: لَمَّا قَسَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِمُ الْغَنَائِمَ فَقِيلَ لَهُ: اعْدِلْ. فَقَالَ: ((أَلا تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ)). فأثبت أن الله في السماء في العلو، وإذا كان المراد بالسماء المبنيَّة فيكون معنى (في): على السماء.

 

وَقَوْلِهِ: ((وَالْعَرْشُ فَوْقَ الْمَاءِ، واللهُ فَوْقَ الْعَرْشِ، وَهُوَ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ))؛حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاودَ، وَغَيْرُهُ[6].


أول الحديث: ((إِنَّ مَا بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عامٍ، وَكِثَفُ كُلِّ سَمَاءٍ خَمْسُمِائَةِ عامٍ، وَفَوْقَ السَّمَاءِ بَحْرٌ مِنْ أَسْفَلِهِ إِلَى أَعْلاهُ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عامٍ، وَالْعَرْشُ فَوْقَ الْمَاءِ، واللهُ فَوْقَ الْعَرْشِ، لا تَخْفَى عَلَيْهِ مِنْكُمْ خَافِيَةٌ)).


وهذا الحديث يُسمى عند العلماء حديث الأوعال، وقد حسَّنه شيخ الإسلام رحمه الله هاهنا، فقال: رواه أبو داود وغيره.


ففيه إثبات صفتين: علوُّه، وهي صفة ذاتية، واستواؤه على عرشه.


وفيه أن عرش الرحمن على الماء، وهو الماء الذي فوق السماوات السبع، كما أن عرش إبليس على الماء؛ أي: على بحر الدنيا. كما في حديث عبدالله بن الصياد لما قال النبي صلى الله عليه وسلم له: ((مَاذَا تَرَى؟)) قَالَ: يَأْتِينِي حَقٌّ وَبَاطِلٌ وَأَرَى عَرْشًا عَلَى الْمَاءِ. قَالَ: ((ذَلِكَ عَرْشُ إِبْلِيسَ)).

 

وَقَوْلِهِ لِلْجَارِيَةِ: ((أَيْنَ اللهُ؟)) قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ. قَال: ((مَنْ أَنَا؟))قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللهِ. قَالَ: ((أَعْتِقْهَا؛ فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ))[7].


هذا حديثُ مُعاوية بنِ الحكَمِ السُّلميِّ رضي الله عنه: لَمَّا أَنْ كَانَتْ جَارِيَةٌ لَهُ تَرْعَى غَنَمًا لَهُ جِهَةَ سَلْعٍ، فَعَدَى الذِّئْبُ عَلَى أَحَدِهَا، فَأَكَلَهَا، فَلَمَّا جَاءَتْ إِلَيْهِ وَغَنَمُهَا مَنْقُوصَةٌ صَكَّهَا صَكَّةً عَلَى وَجْهِهَ،ا ثُمَّ نَدِمَ، فَأَدْرَكَ مَعَ النَّبِيِّ الصَّلاةَ، فَلَمَّا صَلَّى عَطَسَ، فَقَالَ: الْحَمْدُ للهِ. فَرَمَقَهُ النَّاسُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقَالَ: وَاثَكْلَ أُمِّيَاه! فَأَصْبَحَ النَّاسُ يَضْرِبُونَ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، يَقُولُ مُعَاوِيَةُ: يُصَمِّتُونِي. حَتَّى إِذَا فَرَغَ النَّبِيُّ مِنْ صَلاتِهِ فَوَاللهِ مَا كَهَرَنِي، وَلا نَهَرَنِي، وَإِنَّمَا قَالَ: ((إِنَّ هَذِهِ الصَّلاةَ لا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ، وَالتَّكْبِيرُ، وَقِرَاءَةُ الْقُرْآن)).


معاوية بن الحكم لما رأى هذا الانشِراح، وهذا السَّمت، وعدمَ التثريبِ عليه من النبي صلى الله عليه وسلم، أخبر النبيَّ بخبَرِه، وأنه ندم على ضربه إياها، ويريد أن يُعتِقَها، قال: ((ائْتِنِي بِهَا))، فَلَمَّا جَاءَهُ بِهَا فَقَالَ لَهَا صلى الله عليه وسلم: ((أَيْنَ اللهُ؟)) فَقَالَتْ: فِي السَّمَاءِ. وَأَشَارَتْ إِلَى الْعُلُوِّ، فَقَالَ: ((مَنْ أَنَا؟)) قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللهِ - فعرف أنها مميزة وحكم عليها من هذينِ الجوابين بأنها مؤمنة؛ لأن هذين الأمرين يتوقف عليهما الإيمان فيما يتعلق بالله عز وجل من جهة صفاته، وما يتعلق بالإيمان برسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا مؤدَّى التوحيد؛ لأن (لا إله إلا الله) هذا في توحيد الله بأنواع التوحيد الثلاثة، و(محمد رسول الله) هو الشهادة للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة، والنبي سألها هنا استفهامًا منها ليَعرِفَ جوابَها يَسألها، يمتحنها، وهذا ردٌّ على مَن يظنون أن هذا الحديث - وهو أشدُّ عليهم مِن كثير من المقامع - فيه ابتلاءٌ للعباد، امتحانٌ بأمر العقيدة، والامتحان في أمر العقيدة لا بأس به؛ ليَتميَّز المؤمنُ وغير المؤمن، فالنبي امتحن هذه المرأةَ، وسألها، فدل على أن هذا من الدِّين، لكن امتحان الناس كلهم من غير موجِبٍ لذلك؛ هذا الذي نص عليه البربهاري في عقيدته بأن الامتحان بدعة[8].

 

وَقَوْلِهِ: ((إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَلا يَبْصُقَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ وَلا عَنْ يَمِينِهِ؛ فإنَّ الله قِبَل وجهِه، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قدَمِه))؛ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ[9].


أفاد هذا الحديثُ قُربَ الله من عبده، وأنه قِبَلَ وجهِه على ما يَليق بجلاله عزَّ وجل، فإذا تطرق السؤالُ إلى قَلبِك، أو إلى عقلك، أو إلى مَدارِكِك: كيف يكون الله قِبَلَ وجهِ المصلِّي؟! فقل: آمنتُ بالله على مُراد الله، وآمنتُ بما جاء عن رسول الله على مُراد رسول الله. واحذر أن تتدخَّل في هذا بعقلك وقلبك متهوِّكًا، أو متنطعًا، أو متكلفًا؛ فإن هذا مزلَّة الأقدام التي جعلَت طوائف الانحراف في هذا الأصل ينحرفون فيه الانحرافَ العظيم؛ فالممثِّلة شبَّهوا، وأدَّاهم ذلك إلى تشبيه الخالق بالمخلوق، أو تشبيه بعضِ صفات الخالق بصفات المخلوق، والمعطِّلة شبَّهوا، فاستقبَحوا التشبيه، فعطَّلوا، فجمعوا الخطيئتين، فشبَّهوا أولاً في قلوبهم، ثم دفَعوا هذا التشبيه بالتعطيل، ونفَوْا هذه الصفة وأمثالَها عن الله، ثم حرَّفُوها، وأَّولوها، واتهموا الأحاديثَ بأنها ظَنِّية لا تُفيد العلمَ ولا اليقين.


وجاء هذا المعنى في أحاديثَ أخرى: ((إِنَّ الْمُصَلِّيَ إِذَا قَامَ يُصَلِّي فِي صَلاتِهِ فَإِنَّ اللهَ قِبَلَ وَجْهِهِ وَيَسْتَقْبِلُهُ، فَإِذَا انْصَرَفَ وَالْتَفَتَ انْصَرَفَ اللهُ جَلَّ وَعَلا عَنْهُ))؛ وهذا على ما يليق بجلال الله وعظمته.


وأما قوله تعالى: ﴿ جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ ﴾ [المائدة: 97]، وقوله: ﴿ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ﴾ [البقرة: 150]، وقوله: ﴿ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 115]؛ فإن هذا المراد به القِبلة، ووجهُ الله؛ أي: الجهة التي أمرَكم الله باستِقبالها؛ لأن الوجه يأتي بمعنى الجهة، ويأتي بمعنى الصفة، ويُحدِّد ذلك سياقُ النَّص، وسياقُ الدليل أيهما المعنيُّ، ولهذا مَن فسَّر هذه الآية ﴿ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 115] بالجهة فهو صحيح، ومن فسَّرها بالوجه فصحيح؛ على معنى أن المصلِّيَ إذا قام في صلاته استقبل الرحمنَ، واستقبله الرحمنُ بوجهه، وهذا ما يُستفاد من هذه الصفة، ويُستفاد أيضًا قُربه تعالى، فالله قريبٌ مِن عبده وإن كان هو في علوِّه على عرشه، لكنه قريبٌ من عبده؛ كما سيأتي في حديث مسلم في قيام الليل.

 


[1] رواه البخاري (7483)، ومسلم (1101) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

[2] رواه البخاري (6539)، ومسلم (1016)، من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه.

[3] رواه الترمذي.

[4] رواه أبو داود (3892)، وأحمد (6/ 20)، من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه.

[5] رواه البخاري (4351)، ومسلم (1064)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

[6] حديث الأوعال رواه العباد بن عبد المطلب رضي الله عنه، وقد رواه أبو داود في سننه (4723)، في باب الرد على الجهمية، ورواه الطبراني، والذهبي أورده في العلو، (ص/ 39)، وقد حسَّنه شيخ الإسلام وغيره. وللحديث طرق وشواهدُ عديدة.

[7] رواه مسلم (537)، من حديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه.

[8] ومما بُلِي به بعض الشباب الآن من قول: ما تقول بفلان، ما رأيك بالمذهب الفلاني والجماعة. على جهة الامتحان والاختبار، وينتج عنها التصنيف، والتبديع بغير وجه حق، وينتج عنها اتهام النوايا واتهام القلوب، وهذا من البدع المحدثة، أما الاستفهام عن صفات الله لبيان موضع الحق فيُثبت، والباطل فيُنكر هذا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلينتبه طالب العلم حتى لا يلتبس عليه الأمران فإن التبس فإن الالتباس ناشئ منه ومن تقصيره، وقواعد الشريعة جاءت على هذا الأصل تأكيد وتمييزًا.

[9] رواه البخاري (405)، ومسلم (547)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شرح العقيدة الواسطية (15)
  • شرح العقيدة الواسطية (16)
  • شرح العقيدة الواسطية (17)
  • شرح العقيدة الواسطية (18)
  • شرح العقيدة الواسطية (19)
  • شرح العقيدة الواسطية (21)
  • شرح العقيدة الواسطية (23)
  • شرح العقيدة الواسطية (24)
  • شرح العقيدة الواسطية (25)
  • شرح العقيدة الواسطية (26)

مختارات من الشبكة

  • كتب تنصح اللجنة الدائمة بقراءتها في مجال العقيدة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد من شرح العقيدة الواسطية للشيخ سعد بن ناصر الشثري(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح العقيدة الواسطية(محاضرة - موقع د. زياد بن حمد العامر)
  • شرح العقيدة الواسطية (39)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح العقيدة الواسطية (38)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح العقيدة الواسطية (37)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح العقيدة الواسطية (36)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح العقيدة الواسطية (35)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح العقيدة الواسطية (34)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح العقيدة الواسطية (32)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب