• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   الملف الصحفي   مواد مترجمة   كتب   صوتيات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ملف تفاعلي لكل بيت مسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالقرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: أذكار الصباح والمساء
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالسنة النبوية
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    تيسير السيرة على صاحبها أزكى الصلاة وأتم السلام ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    القيادة الإدارية من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل المعتمر (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    خلق المسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    أخلاقيات الإدارة من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية الموجزة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية المتوسطة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل الحاج، ويليه: دليل الحاج المصور (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    ورد اليوم والليلة (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الجريسي: سيرة ومسيرة عبدالرحمن بن علي الجريسي ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع / خطب منبرية مفرغة
علامة باركود

أصبحوا وأمسوا لله شاكرين تائبين .. فنعمه لا تحصى

الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/6/2015 ميلادي - 29/8/1436 هجري

الزيارات: 14410

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أصبِحوا وأمسُوا لله شاكرين تائبين .. فنعمه لا تحصى


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهديه الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين.


أمَّا بعدُ:

فيا أيها المؤمنون، إن المتأمل في نِعَم الله وأنواع تفضُّله وامتنانه على العباد، يجد أن ذلك لا يمكن أن يحد أو يعد، فإن نعم الله جل وعلا عظيمة غزيرة كثيرة، لا يحصيها العباد عددًا، ولا يطيقون لها شكرًا.


وقد تكرَّر في الكتاب العزيز لفت أنظار العباد إلى ما هم فيه من نعم الله، وما يجب عليهم من شكرها، كما تكرر في القرآن العظيم الإشارة إلى أن أكثر الناس لا يقومون بشكر هذه النعم، ويُحِلُّون مكانها سوء الظن بالمنعم المتفضل، ولذلك فقليل من عباد الله الشكور، وأنْعُم الله فوق الإنعام بأن عظَّم منازل الشاكرين، فلا يوفق أيها الإخوة إلى منزلة الشكر لله إلا عباد الله المخلَصون.


ألا ترون كيف أن الله جل وعلا أثنى على بعض عباده من المخلَصين، فقال: ﴿ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا ﴾ [الإسراء: 3]، ويقول الله جل وعلا في هذا المقام العظيم الذي ينبغي أن يستحضره المؤمن في كل صباح ومساء، وفي كل ذهاب ومجيء، وفي كل دخول وخروج، وفي كل غمضة عين وانتباهتها، يقول سبحانه: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾  [إبراهيم: 34].


فهذا خبر من الله جل وعلا عن عجز العباد عن تعداد النعم، فضلًا عن القيام بشكرها، ولو أراد عبد من العباد أن يعدد النعم التي هو فيها بذاته، فلن يطيق ذلك؛ لأنه لن يستطيع إحصاءها، ولا الإحاطة بها، ولا الاطلاع على ما خفِي منها، فإن نعم الله جل وعلا على العبد منها ما هو ظاهر بيِّن، يدركه العبد أو يدرك بعضه، وكثير منها خافٍ عنه، ولذا قال بعض السلف وهو طلق بن حبيب رحمه الله: "إن حق الله جل وعلا أثقل من أن يقوم به العباد، وإن نعم الله أكثر من أن يحصيها العباد، ولكن أصبِحوا تائبين، وأمسُوا تائبين"، وإنما قال رحمه الله: أصبحوا وأمسوا تائبين؛ لأن القصور حاصل من العبد مهما كان على الحال من الشكر والطاعة لله جل وعلا، فنعم الله لا تُكافأ، ولا يمكن لعبد من العباد أن يقوم بشكرها حق الشكر.


لكن من نعم الله جل شأنه أنه يرضى من عباده باليسير، ويضاعف القليل، ويبارك لما يكون منهم، فهو جل وعلا الشكور، والشكور هو الذي ينعم ويعطي ويكافئ بالمزيد.


أيها الإخوة الكرام، ويلفت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في سنته القولية والعملية الأنظار إلى هذه القضية العظمى، وهي عدم استطاعة العباد القيام بشكر أنعمه جل وعلا، ومما جاء في هذا الباب ما ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول: ((اللهم لك الحمد غير مَكفي ولا مودع، ولا مستغنًى عنه ربَّنا)).


الحمد لله غير مَكفي: لا نستطيع أن نقابل أنعم الله، كفاؤها: شكرها، غير مَكفي: لا يمكن للعباد لو قاموا جميعًا شاكرين ذاكرين أن يقابلوا الشكر الذي تستحقه أنعم الله جل وعلا، غير مَكفي ولا مودَّع: ليس للعبد أن يستقل بنفسه، ولا أن ينفصل عن حاجته لربه، فهو في كل أحواله مضطر إلى أنعم الله جل وعلا؛ حتى تستقيم أموره في كل شؤونه وأحواله، غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا، وإنما يتوجه ويظن أنه مستغنٍ عن ربه، ذلك الذي أطبق عليه الشيطان بالضلال والإضلال، ومع ذلك كله حتى الكفرة الفجرة لن يستطيعوا أن يستغنوا عن ربهم طرفة عين.


ومما جاء في هذا الباب ما رُوِي في الأثر أن داود عليه السلام، وهو الذي كان يشكر ربه ويذكره، وكان معظِّمًا لهذا الجانب، وكان يجدد مع كل نعمة ينعم الله بها عليه الشكر لله، وإظهار الافتقار له؛ ﴿ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ﴾ [يوسف: 38].


رَوِي أنه عليه السلام قال: يا ربي، كيف أشكرك وشكري لك نعمة منك عليّ، فقال الله تعالى له: (الآن شكرتني يا داود)؛ أي: حينما اعترفت بالتقصير عن أداء شكر المنعم، وينبغي أن يدرك المرء هذه الحقيقة، وهي أن التوفيق للشكر نعمة عظمى أعظم من كثير من النعم التي ينعم الله جل وعلا بها على عبده، ولذلك فإن عباد الله الصالحين كانوا أشد حرصًا على القيام بالشكر والذكر لله جل وعلا، وفي هذا يقول الإمام المطلبي الشافعي رحمه الله: "الحمد لله الذي لا يؤدَّى شكر نعمة من نعمه إلا بنعمة حادثة، توجب على مؤديها شكره بها"، وفي ذلك يقول القائل أيضًا:

لو كل جارحة مني لها لغة
تُثني عليك بما أَوليت من حسنِ
لكانَ ما زاد شكري إذ شكرت به
إليك أبلغ بالإحسان والْمِننِ


أيها الإخوة الكرام، إن المتعين على المؤمن أن يكون مستبصرًا بنعم الله جل وعلا، وأن يكون في كل أحواله مستحضرًا لها، قارنًا لها بالشكر له سبحانه وتعالى، فإن الله جل وعلا تأذَّن بالمزيد لمن شكر؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7].


وقد أخبر الله سبحانه وتعالى عن أن أكثر العباد لا يقومون بشكر نعمه؛ كما قال سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ ﴾ [يونس: 60].


﴿ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ ﴾ [البقرة: 243]، ونلحظ أن في هذه الآية أن كلمة (فضل) جاءت منكرة، وهذا لإفادة العموم، فإن فضل الله جل وعلا وإنعامه ومِننه، لا حد لها ولا حصر.


فإنعام الله جل وعلا على العباد من أصنافه ومن أعظمه أن يهديهم إلى ما يجب عليهم من توحيده وطاعته، ولذلك امتن الله سبحانه ببعثة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فقال سبحانه: ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [آل عمران: 164].


فأعظم النعم وأكرم المنن هو الهداية للإسلام، ولذلك ما أُعطِي عبد عطاءً أعظم من أن يُفقَّهَ في دين الله، وأن يُرزَقَ الاستقامة على شرع الله، وأن يكون قائمًا بطاعة الله، متباعدًا عن معصيته؛ يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه البخاري عن أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((مَن يُرد الله به خيرًا، يُفقهه في الدين)).


فإنعام الله سبحانه على العباد أن هداهم إلى التوحيد، وبيَّن لهم ما يجب عليهم من طاعته - نعمة عظمى ومنحة كبرى، فالله سبحانه من فضله وإنعامه، ومن مننه وتفضله - أنه لم يترك العباد هملاً، لا يعرفون لهم ربًّا، بل غرس في نفوس كل العباد فطرة التوحيد؛ ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا ﴾ [الأعراف: 172]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((كل مولود يُولَد على الفطرة))، فطرة التوحيد والإيمان التي جعلها الله جل وعلا مغروسة في ضمائر العباد وفي أنفسهم بهذا العهد الأول الذي أخذه الله جل وعلا على آدم وذريته.


فإنعام الله على العباد بأن جعل لهم هذه الشرعة العظيمة، وكمَّلها سبحانه وجمَّلها، وأتَمَّها بكتابه العزيز، وإنزاله على أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وآله وسلم، كل ذلك من إنعام الله ومن فضله الذي يوجب على العباد شكره بأن يتبعوا هذا الشرع المطهر، ومن إنعام الله وتفضُّله - ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ ﴾ [البقرة: 243] - أنه جل وعلا يعظم ثواب المطيع، ويُمهل العاصي، فالعباد بين هاتين النعمتين العظميين ينبغي أن يتأملوها ويشكروها، فالله سبحانه يضاعف شكر من شكر، وهو الغني جل وعلا عن طاعة كل أحد، ولا تضره معصية أي أحد، ولو اجتمع العباد على عصيانه كما قال جل وعلا: ﴿ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ﴾ [الزمر: 7].


والله سبحانه وهو الغني الحميد يضاعف الثواب على الطاعات، ويمهل أهل العصيان، ويفتح لهم أبواب التوبة والغفران، حتى وإن عظُمت ذنوبهم، ولنا عبرة في شأن أولئك الذين يزعمون لله الصاحبة والولد، ويشركون به الشرك الأكبر، ثم يدعوهم الله جل وعلا: ﴿ أَفَلَا يَتُوبُونَ إلى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المائدة: 74]، وهو القائل جل وعلا: ﴿ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الحجر: 49]، وهو القائل جل وعلا: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53].


فإنعام الله جل وعلا بإمهال العصاة هذا فضل عظيم، ينبغي أن يتأمله المؤمن، فإن الله سبحانه لا يعاجل المذنب، بل يمهله ويرجيه بأن يجعل له رجاءً في نعمته سبحانه وفي مغفرته؛ حتى يتوب ويرجع، ولذلك قال سبحانه: ﴿ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إلى أَجَلٍ مُسَمًّى ﴾ [فاطر: 45].


ومن فضل الله وإنعامه على العباد الذي هم فيه، أنواع المنن الدنيوية، فما من عبد إلا وهو في نعمة ينبغي أن ينظر إليها بعين الشكر والامتنان لله جل وعلا، والناس يتفاوتون في مزيد عطاء الله، لكن كلهم في نعمة من الله وفضل، ينبغي أن يستشعروا ذلك، والموفق من العباد من يعلم أن نعم الله جل وعلا محيطة به في كل شأن، ولو كان على الفقر والمرض وشدة الحال والبؤس، فما ظهر له من النعم الكثير، وما خَفِي أكثر، ولذلك يحرص الشيطان على أن يصيب العبد في مقتل بأن يُعميه عن النظر في إنعام الله، ولذا يقوده حينئذ إلى سوء الظن بالله، وإلى أن يستقصر نعم الله، وأن يصبح وأن يمسي وهو ساخط على ربه، نعوذ بالله من هذه الحال! هذه الحال التي أنكرها الله على المنافقين، فقال سبحانه: ﴿ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ﴾ [آل عمران: 154].


تجد هذا العبد الذي أخزاه الشيطان وأغواه، يظن بربه أنه لم يعطه ولم يمنحه، ولم ينعم عليه، وهو يصبح ويمسي في أنواع النعم، وإنما جرَّه الشيطان وأغواه بأن دعاه إلى أن يقارن نفسه بالآخرين، وما يدري أن الآخرين لهم نعم تناسبهم بما يشاء سبحانه، وهو له نعم تناسبه هو بما يشاء سبحانه، والله ذو الفضل والمنن.


أقول ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

•    •    •


الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وصلى الله وسلم على عبد الله ورسوله نبينا محمد، صلى الله عليه على آله وأصحابه وعلى أتباعه بإحسان إلى يوم الدين.


أمَّا بعدُ:

أيها الإخوة الكرام، إن من صور النعم في الدين والاستقامة عليه، أن يُهدى العبد إلى السنة ومعرفة منهاج النبوة، وأن يبعد عن البدع والمحدثات في الدين، فهذه نعمة عظمى، إنما يُوفَّق إليها من حرص على الهدى، فإنه مما جرت به سنة الله جل وعلا أن يوفق مريد الخير والحريص عليه، وأن يثبته عليه، وأن يختم له به، وبخاصة إذا تحاشى المؤمن الذهاب والولوج في أبواب البدع والمحدثات، فالتوفيق للسنة النبوية والاستقامة عليها نعمة عظمى، والبعد عن البدع والمحدثات من عظيم إنعام الله جل وعلا على العبد، ولذلك أنه مما يبتلى به بعض الناس بما ينجرفون فيه من البلوغ في البدع والإحداث في الدين.


ومن أعظم البدع والمحدثات في الدين، سلوك منهج الخوارج الذين خالفوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وانتقدوا شرعته ومنهاجه، بل كان سيدهم ومقدمهم أول متهم لرسول الله في أمانته، سيد الخوارج ومقدمهم وإمامهم هو ذو الخويصرة الذي اعترض على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حينما كان يقسم بأمر الله - وهو الأمين المأمون عليه الصلاة والسلام - الغنائم، فقام هذا الضال المبتدع الخارجي؛ ليقول للنبي الكريم الأمين: "يا محمد هذه قسمة ما أريد بها وجه الله، يا محمد اعدل فإنك لم تعدل"، فانتفض الصحابة رضي الله عنه لهذا القول الموحش الشديد، فأرادوا أن يبادروا بضرب عنقه جرَّاء كفره الظاهر، فنهاهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ حتى لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه، فهذا الخارجي سيد الخوارج، كان يظهر الإسلام، وكان ضمن أهل الإسلام، لكنه قال هذا الكفران، وقال عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((إنه يخرج من ضئضئي هذا الرجل - يكون على نهجه واتِّباعه، ومن ذريته في منهجه وطريقته - أقوام تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يخرجون من الإسلام كما يخرج السهم من الرمية)).


والمعنى أنهم يظهرون التعبد ويستدلون على أفعالهم بالقرآن، ولكنهم ليس لهم في الإسلام حظ ولا نصيب، يخرجون من الإسلام كما يخرج السهم من الرمية، السهم إذا أطلق على الصيد وكان الصائد فيه ماهرًا والسهم جيدًا، يخرج السهم من الطرف الثاني على الفريسة، والمرمي إليها ليس يعلق به شيء، لا من ذم، ولا من ريش، ولا من غيره، هكذا الخوارج ليس عليهم في منهاجهم شيء من الإسلام وآدابه وأخلاقه، ورعاية حُرماته، ولذا كانوا في القديم كما في الحديث لا يلاحظون حرمات المسلمين، فمقدمهم وسيدهم لم يراع حرمة النبي الأمين، ولم يراع أمر الله جل وعلا وعصمته للنبي صلى الله عليه وسلم، واعترض، وهكذا أتباعه من بعده لا يلاحظون حرمات المسلمين، بل يستدلون على ضلالهم بالقرآن؛ كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: ((يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، لا يتأثرون به وبهديه ودلالته، وهذا هو المشاهد إلى يومنا)).


كانوا في الأول هم الذين يقتلون كرام الأمة، كما فعلوا مع عثمان رضي الله عنه حينما قتلوه وخرجوا عليه، قتلوه رضي الله عنه والمصحف بين يديه، لم تمنعهم حرمة هذا الرجل المبشر بالجنة، وصهر النبي الكريم في بنتين من بناته، وشيخوخته الكبيرة، وسابقته العظيمة في الإسلام، كل منهم - أي: من الخوارج - يزعم أنه يريد أن يتقرب بقتل عثمان إلى الله، فإذا بهم يضربونه بالسيف رضي الله عنه والمصحف بين يديه، فيسيل دمه على قول الله جل وعلا: ﴿ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 137].


وكما كانوا يفعلون بالصحابة والتابعين بقتلهم أشنع القتلات، حتى إنهم كانوا يبقرون بطن المرأة الحامل ويخرجون الجنين من بطنها، يقولون: حتى لا يخرج هذا الكافر من بطنها إلى الحياة، وغير ذلك من فعالهم الشنيعة التي خالفوا فيها الشريعة، وإلى يومنا هذا يظهرون أن أعمالهم متسقة مع الإسلام، وهم أعداء الإسلام، بل أشد في عداوتهم وضررهم للإسلام مما عليه اليهود والنصارى، ولذا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((لئن أدركتهم، لأقتلنَّهم قتل عاد وثمود))، يعني قتلَ استئصال من شدة ضررهم، ومن ضررهم قال عليه الصلاة والسلام: ((يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان)).


ولسنا ببعيد عما يفعلونه بالمسلمين في بقاع شتى، ويزعمون أن أفعالهم تلك من شريعة الإسلام، ومن آخر هذا ما كان في الجمعة الماضية من قتل المصلين في دار تعبُّدهم، قتْلهم وهم قد أتوا للصلاة يزعمون بذلك القربة لله جل وعلا لقتل هؤلاء، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((إني نُهيت عن قتل المصلين)).


والمقصود أيها الأخوة الكرام أن هذا المنهاج الذي هم عليه يلبسونه على الناس باستدلالهم على الآيات والأحاديث، والإسلام منهم براء، فواجب على المؤمن أن يعرف حقيقتهم؛ لأن عندهم من الشبهات ما قد يروج على بعض الناس، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم شدد في شأنهم تشديدًا لم يكن في غيرهم، حتى جاء في الأثر أنهم كلاب أهل النار عياذًا بالله من حالهم.


ألا فصلوا وسلموا على خير خلق نبينا محمد، فقد أمرنا ربنا بذلك، فقال عز من قائل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].


اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الكفر والكافرين.

اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان يا رب العالمين.

اللهم اجعل بلدنا هذا آمنًا مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين.

اللهم أعذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

اللهم أصلح أئمتنا ولاة أمورنا.

اللهم ولِّ على المسلمين خيارهم، واكفِهم شرارهم يا رب العالمين.

اللهم وفِّق إمامنا وولِّ أمرنا لِما فيه الخير والرشاد، اللهم اجعله رحمة على البلاد والعباد.

اللهم ارزقه البطانة الصالحة الناصحة، وأبعد عنه بطانة السوء يا رب العالمين.

اللهم احقن دماء المسلمين في كل مكان.

اللهم احقن دماء إخواننا في الشام وفي العراق وفي سوريا، وفي اليمن وفي ليبيا وفي ماينمار، وفي غيرها من البلاد.

اللهم ارحم ضَعفهم، اللهم قَوِّ ضَعفهم، اللهم انصرهم على القوم الظالمين يا قوي يا عزيز.

اللهم عجِّل بهلاك طاغية الشام، اللهم انتقم للمسلمين من طاغية الشام، اللهم لا تبلغه رمضان إلا وقد أخدت لعبادك بثأرهم يا رب العالمين من ظلمه وبغْيه يا قوي يا عزيز.

اللهم أعذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن يا رب العالمين.

اللهم اغفر لنا ولوالدينا وارحمهم كما ربونا صغارًا.

اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

اللهم بلِّغنا شهر رمضان، وأعِنا فيه على ما تحب وترضى يا رحمن.


سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.






 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سجود الشكر
  • موجبات الشكر
  • عبودية الشكر
  • فضل الشكر
  • فن الشكر
  • عبادة الشكر
  • الشكر تجارة رابحة (حكمة في صورة)
  • المسلم وشكر الله على نعمه

مختارات من الشبكة

  • أصبحوا وأمسوا لله شاكرين تائبين فنعمه لا تحصى (mp3)(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • أصبِحوا وأمسوا شاكرين لله تائبين فنعمه عليكم لا تحصى(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • شرح حديث: أصبحوا بالصبح فإنه أعظم لأجوركم(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • أصبحنا وأصبح الملك لله (تصميم)(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • تفسير: (قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ميانمار: مئات المسلمين أصبحوا بلا مأوى بعد أعمال العنف(مقالة - المسلمون في العالم)
  • تفسير: (وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أليس الصبح بقريب؟!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تقديم الأذان لصلاة الصبح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أضاء الصبح (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب