• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   الملف الصحفي   مواد مترجمة   كتب   صوتيات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ملف تفاعلي لكل بيت مسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالقرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: أذكار الصباح والمساء
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالسنة النبوية
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    تيسير السيرة على صاحبها أزكى الصلاة وأتم السلام ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    القيادة الإدارية من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل المعتمر (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    خلق المسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    أخلاقيات الإدارة من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية الموجزة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية المتوسطة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل الحاج، ويليه: دليل الحاج المصور (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    ورد اليوم والليلة (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الجريسي: سيرة ومسيرة عبدالرحمن بن علي الجريسي ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري / تفسير القرآن العظيم
علامة باركود

تفسير سورة البقرة .. الآية (203)

الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/10/2013 ميلادي - 27/11/1434 هجري

الزيارات: 25275

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير سورة البقرة

الآية (203)

 

قال تعالى: ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [البقرة: 203].


الأيام المعدودات هي أيام (منى) المسماة أيام التشريق بإجماع المسلمين، وسميت أيام التشريق لتشريق لحوم الأضاحي فيها، يعني نشره في الشمس، أو لأن الهدي لا ينحر حتى تشرق الشمس، وقد اقتصر الله سبحانه على الأمر بذكره في هذه الأيام الثلاثة، ولم يذكر الرمي لأنه مشهور فيما بينهم لا ينكره أحد، ولأن المهم ذكر الله الذي لا يفعلونه، وفي أكثر آيات الحج تحويل من الله للعرب عن جميع مألوفاتهم في الجاهلية وتوجيه كامل إليه بالذكر والدعاء. والمراد بالذكر في هذه الأيام ذكران: مقيد ومطلق، فالذكر المقيد هو التكبير عند رمي الجمرات، والذكر المطلق ملاحظة ذكر الله في جميع الأحوال كما قال تعالى: ﴿ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ ﴾. فذكر الله مشروع في جميع الأوقات طيلة الحياة، وإشغال اللسان به من أعظم الطاعات وأشرف القربات وله مزية فضيلة في أيام الحج كلها التي آخرها أيام (منى) كما ورد الحديث عنه -صلى الله عليه وسلم-: ((أيام منى أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل))[1].


ولا شك أن لذكر الله تأثيراً عظيماً جليلاً في سلوك الذاكر من جميع النواحي، بشرط أن يجتمع القلب مع اللسان على الذكر، وأن يكون ناشئاً عن حب وتعظيم ليحصل به الانتفاع الصحيح الذي يزيد على الانتفاع بالصلاة الخاشعة كما قال تعالى: ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].


وقد روى الإمام أحمد وأصحاب السنن الأربعة وغيرهم. قال: إن ناساً من أهل نجد أتوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو واقف بعرفة، فسألوه، فأمر منادياً ينادي: ((الحج عرفة، من جاء ليلة جمع - أي: مزدلفة - قبل طلوع الفجر فقد أدرك، وأيام منى ثلاثة أيام، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه)) وأردف رجلاً ينادي بهن[2]. ففي هذا النص بيان أيام (منى) ثلاثة، وهي التي يرمون بها الجمار وينحرون فيها هديهم وضحاياهم. فمن فعل في اليومين الأولين منها جاز له التعجل حسب نص الآية، ومن تأخر إلى الثالث جاز له، بل هو الأفضل، وفيه زيادة عبادة، فهذا الحديث كالمفسر للأيام المعدودات في الآية، وعليه العمل عند جمهور المسلمين.


وقد قيد الله سبحانه رخصة الاستعجال بالتقوى خشية من الاستعجال لشهوات النفس أو التضجر، فينبغي ملاحظة تقوى الله في تأدية ذكره برمي الجمرات وتكميل المبيت بمنى ابتغاء للمزيد من فضل الله، وألا يتعجل إلا لحاجة صحيحة لا تخل بالتقوى، كمسايرة رفقته المستعجلين على السفر أو الخوف من روائح جالبة للألم أو الخوف من الانقطاع بالتأخير أو الخوف من حصول حيض أو نفاس على من هي برفقته من النساء، ونحو ذلك من الأعذار الملائمة لما قيده الله بالتقوى كما سبق ذكره في آيات التقوى المخصوصة بالحج.


وقد ختم الله آيات الحج بقوله تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ خذوا لأنفسكم وقاية من موجبات سخطه وعقابه بالتزام أوامره وحفظ حدوده والحرص على تصحيح أعمالكم من كل مبطل لها أو منتقص لأجرها أو لما يجلب عليكم أوزاراً أو نقص أجور بسبب من يقلدكم في أعمالكم خصوصاً من هو في رفقتكم، ولا يعزب عن بالكم ذلك العرض الأكبر على الله فإنكم إليه تحشرون، ولا يخفى عليه منكم خافية، فإياكم والتفريط، فضلاً عن الخلل والتقصير، فإنه لا ينفعكم أبداً سوى التذرع بالتقوى في جميع أحوالكم.


ومن تقوى الله المكرر ذكرها في الحج أن يتابع الحاج سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، فلا يعمل في مناسكه عملاً لم يعمله في حجه من استلام غير الحجر الأسود والركن اليماني، فلا يتمسح بجدار الكعبة ولا بشيء من كسوتها أو عرى الحديد الذي يمسكها، ولا يتمسح بمقام إبراهيم عليه السلام، فضلاً عن الشباك الذي عليه، فإن أقدام محمد -صلى الله عليه وسلم- أفضل من قدم إبراهيم عليه السلام، وقد حفظ الصحابة في عهده مواضع صلى بها، فلم يتمسحوا بموضع قدميه ولا آثارها، وهم أشد الناس حباً له، وكذلك لا يتمسح بشيء من حجرته الشريفة، ولا يذهب إلى أي موقع لم يذهب له -صلى الله عليه وسلم-، ولا يدعو بدعاء مبتدع لم يدع به النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يرشد إليه، وما يزعمه الجهال والمغرضون من دعوى أمكنة كمسحب الكبش لإسماعيل على الجبل الشرقي من (منى) أو الغار الذي في جبل النور ونحوه أو (مبرك ناقة) رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قباء أو غير ذلك مما لم يرد به عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكل هذا من البدع التي لم يعرفها أهل القرون المفضلة ولم يندب إليها الشارع، بل هي داخلة في قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))[3]. أي: مردود عليه، غير مقبول منه، ولا مأجور فيه، ثم هي داخلة في قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة))، وفي نص آخر: ((وكل ضلالة في النار))[4].


وقد كتب علماء السنة في مختلف العصور كتباً في بيان البدع وبواعثها والنهي عنها، فينبغي الحرص عليها وقراءة ما فيها ليحذر القارئ من سلوك أي بدعة تخل بالعقيدة، أو تحبط العمل، فإن من أعظم أنواع التقوى حرص المؤمن على متابعة نبيه -صلى الله عليه وسلم- ورفض كل بدعة، ولهذا نجد الله سبحانه يختم آيات الحج من هذه السورة بتذكير الحجاج بالحشر، ذلك الحشر الأكبر إليه وحده بمناسبة الحشر الأصغر في الحج، ليلتزموا التقوى غاية الالتزام. وهنا أمران ينبغي التنبيه عليهما:

أحدهما: أن ذكر الله المندوب إليها عموماً وفي الحج خصوصاً هو الذكر الكامل على الطريقة التي أرشد إليها النبي -صلى الله عليه وسلم- قولاً وفعلاً من التهليل الكامل (والتكبير والتسبيح والتحميد)، ومن أعظمها ما قال -صلى الله عليه وسلم-: ((خير ما قلت أنا والنبيون من قبلي في يوم عرفة، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير))[5]. وما ورد من التكبير عقب كل صلاة من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد. والأذكار الأخرى المنصوصة في الأحاديث من التسبيح والتحميد والاستغفار.


فأما الذكر المفرد الذي ابتدعته الصوفية وفروعها فهذا مخالف لهدى المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، سواء أكان مظهراً كقولهم (الله الله) أو مضمراً كقولهم (هو هو) فإن هذا من وحي الشياطين المخالف لوحي رب العالمين ولذلك قد ينتاب أحدهم شيء من مس الشيطان، فيخيل إليه عكس ذلك وأنه واصل إلى الله مكاشف عنه، وهذا هو الشيء الثاني مما أردنا التنبيه عليه وهو أنه لا يمكن الاتصال بالذات العلية ولا معرفة كنهها مهما تجرد الإنسان من كل نعمة وكل مقصد في الدنيا، بل ولا تدنو من كنهها الأفكار والأوهام بل إن إدراك كنه أكثر الذوات المخلوقة لله فوق الاستطاعة والطاقة، وإنما أعلى مراتب معرفة الله في الدنيا هو معرفته بآياته ومخلوقاته كما أرشدنا إلى ذلك دينه القويم، وأما الذين يريدون وجهه فذلك بإخلاص المقاصد وإصلاح الأعمال حتى يفوزوا بقربة وفي الفردوس الأعلى، وينعموا برؤية وجهه يوم المزيد في الآخرة، وليس شيء من ذلك في الدنيا قطعاً.


ولنختم آيات الحج ومباحثه بشيء من أحاديث المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، فقد روى مسلم والنسائي عن أبي هريرة قال: خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((يا أيها الناس إن الله قد فرض عليكم الحج فحجوا))، فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثاً. ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم)). ثم قال: ((ذروني ما تركتكم فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه))[6].



وروى الترمذي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ما يوجب الحج؟ فقال: ((الزاد والراحلة))[7].


وعن أبي رزين العقيلي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتاه رجل فقال: إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج والعمرة ولا الظعن. فقال: ((حج عن أبيك واعتمر))[8] رواه الخمسة وصححه الترمذي.


وروى الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((تعجلوا بالحج - يعني: الفريضة - فإن أحدكم لا يدري ماذا يعرض له))[9].


وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له ثواب إلا الجنة))[10]. رواه الخمسة إلا أبا داود.


وروى سعيد بن منصور في سننه عن الحسن قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى هذه الأمصار فينظروا كل من كان له جدة ولم يحج، فيضربوا عليهم الجزية، ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين).


وروى البخاري والنسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: ((نعم، حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء))[11].


وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يحل لامرأة تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها))[12]. وفي لفظ لمسلم وغيره: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفراً يكون ثلاثة أيام فصاعداً إلا ومعها أبوها أو زوجها أو ابنها أو أخوها أو ذو محرم منها))[13].


والأحاديث كثيرة صحيحة متوافرة في هذا الشأن، فعلى المسلمين أن يتقوا الله في نسائهم وعوراتهم، ويعتبروا إذا كان الحج الذي هو ركن من أركان الإسلام لا تؤديه المرأة إلا مع ذي محرم ويسقط عنها إذا عدمت محرماً، فكيف بالتي يسمح لها أولياؤها بالسفر إلى بلاد الكفر والخلاعة والإباحية لغرض ليس بركن من أركان الإسلام بدون محرم؟ وغرضها أقصى ما يكون حكمه الإباحة أو الندب، ولكن التربية الماسونية المادية الحديثة أرخصت على الناس أعراضهم، وذلك لقلة تقوى الله في القلوب، والاتجاه المادي الذي قد يكون أغلبه شركاً، كما نص عليه المصطفى -صلى الله عليه وسلم- بقوله: ((تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار...))[14] إلى آخر الحديث الذي جعل فيه المرء عبداً لما أحب.


والعجب أنهم يصرحون بالشرك إذا نوقشوا، فيقول أحدهم: أريد تأمين مستقبلها، فهل تأمين المستقبل بيدك أو بيد الله؟ ثم من الذي حماك وحمى أسلافك بتأمين مستقبلكم؟ مع أن فعلهم هذا إخراج للمرأة عن أنوثتها الصحيحة الفطرية، وجناية معنوية على مستقبلها، ولكنه التقليد القردي للغربيين، وزوال الغيرة والتساهل في العفة وليس هذا موضع بحثه، فلبحثه مواضع خاصة أثبتت في الواقع أنهم جعلوا المرأة جنساً ثالثاً وإنما ذكرت هذا استطراداً.


وروى أبو داود وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سمع رجلاً يقول: لبيك عن شبرمة. قال: ((من شبرمة؟)). قال: أخ لي أو قريب لي. قال: ((فاجعل هذه عن نفسك ثم حج عن شبرمة))[15].


وفي هذا الحديث وأمثاله دليل على أن من لم يحج عن نفسه لا يحج عن غيره.


وروى الإمام أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لقي ركباً من الحجاج بالروحاء، فقال: ((من القوم؟ قالوا: المسلمون، فقالوا: من أنت؟ قال: ((رسول الله)). فرفعت امرأة إليه صبياً فقالت: ألهذا حج؟ قال: ((نعم، ولك أجر))[16].


وهذا يعني الفضيلة وإجزاؤه نافلة. فأما حجة الإسلام فيشترط فيها البلوغ.


وروى الإمام أحمد حديثاً مرسلاً عن محمد بن كعب القرظي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أيما صبي حج به أهله فمات أجزأت عنه، فإن أدرك فعليه الحج، وأيما رجل مملوك حج به أهله فمات أجزأت عنه، فإذا أعتق فعليه الحج))[17].


وروى البخاري ومسلم وغيرهما عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما يلبس المحرم؟ فقال: ((لا يلبس المحرم القميص ولا العمامة ولا البرنس ولا السراويل ولا ثوباً مسه ورس ولا زعفران فإن لم يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما حتى يكونا تحت الكعبين))[18].


وروى أبو داود عنه أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- ينهي النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب وما مس الورس والزعفران من الثياب ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب من معصفر أو خز أو حلي أو سراويل أو قميص أو خف[19]. وهذا الحديث يدل على عدم تخصيص لون الأخضر ونحوه للنساء في الإحرام.


وهاهنا فائدة:

في تكرار الله أمره للحجاج بالتقوى منه ما هو مقيد بأفعال الحج نفسها، ومنه ما هو للماضي وما هو للمستقبل، وليس منه ما يعتبر من التكرار بل كل أمر له ملابسته الخاصة.


وصفوة القول فيه إن شاء الله هو أن الحج لما كان من مكفرات الذنوب، ومما لا يتكرر فعله أكثر الله فيه من وصية عباده الحجاج بالتزام التقوى في أداء كل شعيرة من شعائره، كما فصلت قسماً كبيراً من ذلك فيما مضى، وأن يكون الحاج متدرعاً بالتقوى قبل التلبس بالحج، فإن كان مقصراً فليستدرك الأخذ بجميع وسائل التقوى بعد تلبسه بالحج، وفي أثناء مزاولته لجميع أعمال الحج ليحظى من الله الكريم بتكفير ما سلف من ذنوبه حتى يرجع من حجه مغفوراً له، مع العلم أن هذا الغفران مشروط بالاستدامة على التقوى حتى لا يحصل منه ما يدنس صحائفه ويجرح شخصيته المتجددة بالحج.


ولهذا كان ختام الله سبحانه لآيات الحج: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ وذلك إيجاب من الله على الحاج أن يتقي الله فيما بقي من عمره وألا تخدعه الأماني ووساوس الشيطان فيقول: سأكرر الحج حتى يغفر لي مرة ثانية، فإنه لا يدري هل يتمكن مما نوى أو يتوفاه الله وهو مخل بزاد التقوى، وليحرص على دوام تخسئة إبليس، فلا يعمل ما يفرحه بعد حزنه في يوم عرفة. ففي موطأ الإمام مالك عن عبد الله بن كريز أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما رؤي الشيطان يوماً فيه أصغر ولا أحقر ولا أدحر ولا أغيظ منه في يوم عرفة؛ وذلك لما يرى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام إلا ما رأى يوم بدر)). قيل: وما رأى يوم بدر؟ قال: ((أما إنه قد رأى جبريل يقود الملائكة))[20]. يعني يرتبهم ويسويهم.



[1] أخرجه مسلم: [1142].

[2] أخرجه الترمذي، [889]، والنسائي: [4011، 4050، 4180]، وابن ماجه: [3015]، والإمام أحمد: [4/309]، وابن أبي شيبة: [3/226][13683].

[3] [صحيح] سبق تخريجه.

[4] أخرجه أبو داود: [4607] من حديث العرباض رضي الله عنه والإمام أحمد: [4/126]، والدارمي: [1/57] [95].

[5] لم أقف عليه بهذا اللفظ.

وانظر ما أخرجه الترمذي: [3585]، وعبد الرزاق [8125]، وغيرهما.

[6] أخرجه مسلم: [1337]، وغيره.

[7] أخرجه الترمذي: [813، 2998]، وابن ماجه: [2896]، وانظر تلخيص الحبير: [2/221]، ونصب الراية: [3/7: 9].

[8] أخرجه الترمذي: [930]، وقال: [حسن صحيح]، والنسائي: [5/117]، وابن ماجه: [2906].

[9] أخرجه الإمام أحمد [1/313].

[10] أخرجه الترمذي، وقال: حسن صحيح [933]، والنسائي: [5/115، 112]، وغيرهما.

[11] أخرجه البخاري، كتاب: جزاء الصيد، باب: الحج والنذور عن الميت [1852]، ومسلم: [1149].

[12] أخرجه البخاري، كتاب: أبواب تقصير الصلاة، باب في كم يقصر الصلاة، [1088].

[13] أخرجه مسلم: [1340].

[14] أخرجه البخاري، كتاب: الجهاد والسير، باب: الحراسة في الغزو في سبيل الله، [2887].

[15] أخرجه أبو داود: [1811]، وابن ماجه: [2903].

[16] أخرجه مسلم: [1336].

[17] لم أقف عليه في مسند الإمام أحمد والحمد لله على كل حال.

ومن المصادر التي وقفت فيها على الحديث: ما أخرجه ابن أبي شيبة: [3/354] [14871]، والطبراني بالأوسط: [2731]، والبيهقي بسنته: [4/325]، [5/179]، وابن عدي بالكامل: [2/197]، وانظر المراسيل لأبي داود: [1/144]، ونصب الراية: [3/7].

[18] أخرجه البخاري، كتاب: العلم، باب من أجاب السائل بأكثر مما سأله: [134].

[19] حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- للمرأة عن لبس البرقع والقفازتين في صحيح البخاري، كتاب أبواب الإحصار وجزاء الصيد، باب: ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة، [1838] وأما رواية النهي عنهما، وعما مس الورس والزعفران من الثياب فقد أخرجها أبو داود: [1827]، وغيره.

[20] أخرجه مالك: [1/422] [944] وعبد الرزاق بمصنفه: [4/378] [8125]، [5/17] [8832]، والبيهقي بالشعب: [4069].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير سورة البقرة .. الآية (194)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (195)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (196)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (197)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (198)
  • تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 204 : 206 )
  • تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 207 : 209 )
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (212)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (213)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (218)

مختارات من الشبكة

  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (135 - 152) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (102 - 134) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (65 - 101) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (1 - 40) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (40 - 64) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الفتوحات الربانية في تفسير الآيات القرآنية: تفسير الآيتين (6-7) من سورة البقرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سور المفصَّل ( 10 ) تفسير الآيتين من سورة الفاتحة ﴿ مالك يوم الدين - إياك نعبد وإياك نستعين ﴾(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 9 ) تفسير الآيتين من سورة الفاتحة ﴿ الحمد لله رب العالمين - الرحمن الرحيم ﴾(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصل 204 - الغاشية ج 30 - وقفة تدبرية في الآيات من 17 إلى الآية 20(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصل 220 - سورة الأعلى ج 9 الآية 1(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب