• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   الملف الصحفي   مواد مترجمة   كتب   صوتيات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ملف تفاعلي لكل بيت مسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالقرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: أذكار الصباح والمساء
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالسنة النبوية
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    تيسير السيرة على صاحبها أزكى الصلاة وأتم السلام ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    القيادة الإدارية من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل المعتمر (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    خلق المسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    أخلاقيات الإدارة من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية الموجزة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية المتوسطة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل الحاج، ويليه: دليل الحاج المصور (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    ورد اليوم والليلة (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الجريسي: سيرة ومسيرة عبدالرحمن بن علي الجريسي ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ د. عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي / مقالات
علامة باركود

الطلاق.. هل هو الحل؟

الطلاق.. هل هو الحل؟
الشيخ د. عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/3/2012 ميلادي - 17/4/1433 هجري

الزيارات: 24856

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بسم الله الرحمن الرحيم

محاضرة: الطلاق هل هو الحل؟

ألقيت في سبت العلايا في منطقة عسير 2/4/1423هـ


• فإنَّ لكلِّ منزل يألفُه الإنسان موقعًا في النفس لا يُمحَى مع الزمن، وكلَّما كانت الذِّكريات السابقة المرتبطة بهذا المنزل جميلةً كان التعلُّق به كبيرًا، فمَن يكره تذكُّر أيامه الخوالي في مَراتع صباه وأماكن لهوه أيَّام الطفولة، ألا يستلذ أحدُنا بسَماع الحديث عن تاريخ أسرته وأيَّام والديه ومُعاناتهما في الحياة؟ ألا يَشتاق بعضُنا إلى رُؤية منزل الآباء والأجداد؟ ومهما تنقَّل القلب بين المنازل والمرابع فإنَّ للمنزل الأوَّل مكانًا في القلب لا يُزاحمه موضعٌ آخر.

كَمْ مَنْزِلٍ فِي الأَرْضِ يَأْلَفُهُ الفَتَى
وَحَنِينُهُ أَبَدًا لأَوَّلِ مَنْزِلِ

 

• ولو كان لأحدِنا رفقةٌ صحبهم منذُ أيَّام الصغر، وكان له معهم أيَّام وليالٍ ملاح، تشارَكوا في الحديث والأنس أوقاتًا طويلة، ألف بعضُهم بعضًا واستعذَبوا لقاءاتهم المتكرِّرة وجلساتهم الدوريَّة في الأسبوع مرَّةً أو مرَّتين، وفجأةً ينقطعُ حبل الوِداد ويتصرَّمُ رباط الصَّداقة والزَّمالة بفعلِ فاعلٍ أو تدبيرِ حاقدٍ أو تصرُّفٍ أرعن، ألا يكون لهذا الفراق لوعتُه، وتبقى الذِّكريات محفورة في النفس؟

 

• هذه صورةٌ ربما شعَر بها بعضنا، وهناك صورةٌ أخرى نحتاجُ إلى تصوُّرها واستشعار مِقدار المعاناة فيها، هذه امرأةٌ عاشت في بيتها آمنةً مطمئنَّةً، سعيدةً في منزلها، حامدةً لربها، قائمةً بحقِّ زوجها، تأنسُ بأولادها، تُداعب هذا، وتُضاحك ذاك، تطعمُ صغيرها، وترعى بيتها، وتتفقَّد حال زوجها؛ تطيعُه إذا أمر، تفقده إنْ أطال السهر، وإنْ غاب عن البيت توجَّس قلبها، وخافَتْ على زوجِها الخطر، يسرُّها مرأى صِغارها وهم يذرعون البيت مشيًا ولعبًا، تشعُر وكأنَّ بيتها قطعةٌ من قلبِها، امتزَجتْ مشاعرها حبًّا لأطفالها وامتِنانًا لزوجها وتعلُّقًا ببيتها.


• وفجأةً يتكلَّمُ الزوج بكلمةٍ واحدة تقلبُ البيت رأسًا على عقب، كلمة واحدة كانت كفيلةً بإزالة جبالٍ من المودَّة والحب، كلمة واحدة مُكوَّنة من أربعة أحرُف تنطلقُ من لسان الزوج فتصيبُ المَقاتِل في الزوجة والأولاد، فإذا بالزوجة تعدُّ حقائبها، وتودع أولادها وتلقي النظرةَ الأخيرة على بيتها، بل عشِّها الذي امتزج بعرقِها وعملِ يدها، وتشرَّبت في نفسها رائحة بيتها المميزة، تتأمَّلُ في وُجوه صِغارها الذين أسكتَتْهم الصدمةُ، وتقرأ في أعيُنهم عبارات الحسرة والخوف من المستقبل القادم، تتمنَّى أنْ لم تُخلَق فترى وتُعاين هذه اللحظات العصيبة، على أمٍّ رَؤُوم يتقطَّع قلبها أسى وحسرة على فلذات أكباد تودعهم اليوم، ولا تَدرِي عن القلب الذي سيُعوِّضُ أولادها حَنانها وعَطفها، وهل هناك قلبٌ يتدفَّق شفقةً ورقةً أكثر من قلب الأم.


• بالله عليكم أيُّ شعور يكنُّه الأولاد وهم يرَوْن أمَّهم تغادرُ عشَّهم فتدعهم مع أبيهم الذي استعجَلَ بالفراق، وأقدم على أخطر قرار يتَّخذه ربُّ أسرةٍ وذو عِيال، أيُّ شعور يحسُّ به الأولاد نحو أبيهم الذي حرَمهم لذَّة العيش مع الأم، وجعلهم في موقف لا يتمنَّاه عاقل، فضلاً عن أن يفكر فيه قلبٌ غض طري لم يذقْ بعدُ معاناةَ الحياة، ولم يمسَّه شيء من نكد الدنيا وكبدها الذي لا يستغرب ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ﴾ [البلد: 4]، أيُّ مستقبل ينتظرُ هذه الأم التي أفنت شبابها وقضَتْ زهرة عُمرها مع زوجها، فلمَّا تقدَّم بها العمر وكثُر عيالها، واحتاجَتْ إلى وقفة زوجها، إذا بها تتلقَّى هذا القرار الصارم بالخروج من هذه العيشة وانتقال إلى دارٍ أخرى وعيشةٍ مختلفة مع لقبٍ جديد ربما عُيِّرَتْ به، أو ظُنَّ بها التقصيرُ والعجلةُ وإهمالُ الحقوق، فهي مُطلَّقة وكفَى، وما أقسى نظرةَ المجتمع إلى هذا اللقب؟!


• الطلاق حلٌّ شرعي يلجأ إليه الزوجان عندَ استحالة العيش معًا، ولكنَّه ليس أوَّلَ خطوةٍ في علاج المشاكل الزوجيَّة، فالله تعالى يقولُ: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا * وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ﴾ [النساء: 34، 35]، فهاتان الآيتان تُشِيران إلى قوامةِ الرجل، وأنَّه حاكِمُ البيت وقائدُه؛ إذ لا بُدَّ لكلِّ تجمُّعٍ من قائد يسوسُه ويحوطُه وينطقُ باسمه، وقد استحقَّ الرجال هذه الصفة لما ميَّزهم الله تعالى من القُدرة البدنيَّة والنفسيَّة والماليَّة، ودور المرأة حفظُ نفسها ومُراعاة منزلِها وصون حُرماته، ومتى خِيفَ من المرأة النشوزُ والنفور من زوجها أو ظهرت معالمه، فأوَّل علاج هو:


1) الوعظ والتذكير بحق الزوج؛ أخرج الإمام أحمد - رحمه الله - عن الحصين بن محصن أنَّ عمَّةً له أتت النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في حاجةٍ ففرغت من حاجتها فقال لها النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أذات زوج أنت؟)) قالت: نعم، قال: ((كيف أنت له؟)) قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه، قال: ((فانظُري أين أنت منه، فإنما هو جنَّتك ونارُك)).


• كما تُذكَّر الزوجة الناشز بخطورة الشقاق وأثره السيِّئ على الزوجين والأولاد، فإنْ لم يجدْ معها هذا العِلاج المبدئي استعمل الزوج علاجًا ثانيًا.


2) وهو الهجر في الفِراش عند النوم، ذكر الطبري: "عن الحسن قال: لا يهجرها إلا في المبيت في المضجع ليس له أنْ يهجر في كلامٍ ولا شيء إلا بالحق"، فإنْ لم ينفعْ هذا الأسلوب معها لجأ الزوج إلى...

 

3) الضرب الخفيف غير المبرح، فليس ضربَ تَشَفٍّ أو حقدٍ أو تصفية حسابات، بل هو ضربٌ لطيفٌ يُشعِرُ بشيءٍ من القسوة والجديَّة في الموضوع، وليس المقصود منه الإيلام، ومع ذلك فإنَّ للضرب نطاقًا ضيقًا لا ينبغي تجاوزه؛ فقد أخرَجَ أبو داود 1834 عن إياس بن عبدالله بن أبي ذباب قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا تضرِبُوا إماءَ الله))، فجاءَ عمرُ إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: ذَئِرن النساء على أزواجهن - أي: نشزن - فرخص في ضربهن، فأطاف بآل رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - نساء كثير يشكون أزواجهنَّ، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لقد طافَ بآل محمد نساءٌ كثير يشكون أزواجهن ليس أولئك بخياركم)).

 

• فإذا استعمَل الزوج هذه الأساليب في العلاج ولم يجد شيئًا جاء دور التدخُّل الخارجي هنا، أمَّا الأساليب الثلاثة الماضية فهي تتمُّ داخل بيت الزوجيَّة، وبين الزوجين وحدهما دُون تدخُّل طرفٍ آخر، لا والدي الزوجين ولا قريباتهما.

 

4) والتدخُّل الخارجي يتمثل في اختيار حكمين صالحين قريبين من الزوجين، يهمُّهما الإصلاح بينهما، وتلمُّس سبب النِّزاع والشقاق، وبذل الجهد في ذلك، وفي ذلك يقولُ سبحانه: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ﴾ [النساء: 35].

 

5) والصلح بين الزوجين مُرغَّب فيه شرعًا، فلأحدهما أنْ يقدم مالاً أو يتنازل عن بعض حقوقه في سبيل المحافظة على رباط الزوجية، وفي ذلك يقول سبحانه: ﴿ وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ﴾ [النساء: 128]، ويقول: ﴿ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 129]، ومتى استحكَمَ النِّزاع والخلافُ، وانسدَّ باب الإصلاح، وتعذَّر الوفاقُ - يأتي العلاج الأخير لهذه المعضلة وهو:


6) الطلاق والفراق، فهو علاجٌ ناجع، ولكنْ يسبقه مراحل علاجيَّة وجرعات متفاوتة، ومتى وقَع الطلاق بهذه الطريقة كان الزوجان حرَّيْن بأنْ يتحقَّق لهما الوعدُ الكريم؛ ﴿ وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 130]، فأرزاق الله مُتوافرة ونعمُه متواصلة، وهو سبحانه قادرٌ على أنْ يُيسِّرَ للزوج المطلِّق زوجًا أخرى يأنسُ بها ويرتاح لعشرتها، كما أنَّه سبحانه قادرٌ على أنْ يرزق المطلَّقة زوجًا كريمًا يحفظُها ويوفرُ لها عيشةً كريمة تُنسيها ما سبق من العلاقة المتعثِّرة، والله تعالى حكيمٌ بعباده، عليمٌ بما يصلحهم، وفي التزام ما شرَعَه الخيرُ والفلاحُ للجميع، فلله الحمدُ أولاً وآخرًا.


• ما أشدَّ حاجة الأزواج الذين يُعانون من زوجاتهم إلى معرفة العلاج الشرعي للنُّشوز والشقاق بين الزوجين! والحاجَّة ماسَّة للتقيد بما شرعَه الله تعالى؛ لما في ذلك من حفظ المودَّة وردِّ الجميل، والرِّفق بالأولاد، فحين يتمُّ الطلاق بعد استنفاد تلك الوسائل العلاجيَّة، يكون قد اتخذ قَراره بهدوء وتَرَوٍّ، أمَّا إذا كان الطلاق لأدنى مشكلةٍ وأدنى تقصيرٍ، فهنا الطامَّة، فنعجبُ إنْ سمعنا خبرَ زوجٍ طلَّق زوجته بسبب وجبةٍ أو عنادٍ في أمرٍ حقير.


• أيها الأحبة:

للطلاق أحكام شرعية وآداب لا بُدَّ من مراعاتها، تمسُّ الحاجة إلى معرفتها والتقيُّد بها، ومتى غفل الناس عنها فقدوا ما في تشريع الطلاق من الحكمة والرحمة بالزوجين والأسرة والمجتمع قاطبةً، مَن عزم على الطلاق وأراد فِراق زوجته فليعلم أنَّ هناك أحكامًا شرعيَّة وحدودًا مرعيَّة لا بُدَّ من معرفتها.

 

1) فالأمر الأول أنَّ للطلاق صفةً شرعية معتبرة وما عداها فهو طلاق بدعي يأثم صاحبُه، فطلاق السُّنَّة ما أخبر به النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فيما أخرجه البخاريُّ عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - أنَّه طلق امرأته وهي حائضٌ على عهد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فسأل عمرُ بن الخطاب رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن ذلك، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مُرْهُ فليُراجعها، ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إنْ شاء أمسَكَ بعد وإنْ شاء طلَّق قبلَ أنْ يمسَّ، فتلك العدة التي أمَرَ الله أنْ تُطلَّق لها النساء)).

 

وعن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: طلاق السُّنَّة أنْ يُطلِّقها طاهرًا في غير جماعٍ؛ أخرجه النسائي.، فطلاق السُّنَّة أنْ يُطلِّق الزوج زوجتَه في حال طهرٍ لم يُجامِعْها فيه، أو تكون حاملاً وتبيَّن حملُها، ويكون الطلاق بطلقةٍ واحدة فقط.

 

• أيُّها الناس:

مَن منكم يرضى أن يأتي أمرًا يُغضِبُ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أخرج النسائي عن محمود بن لبيد - رضي الله عنه - قال: أخبر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن رجلٍ طلَّق امرأته ثلاث تطليقاتٍ جميعًا، فقام غضبان ثم قال: ((أيُلعَبُ بكتاب الله وأنا بين أظهركم))، حتى قام رجلٌ وقال يا رسول الله ألا أقتله؟

 

وعند مسلم 2678 حين سُئِل ابن عمر - رضي الله عنهما - عن رجلٍ طلق زوجته وهي حائضٌ فقال: وأمَّا أنت طلَّقتها ثلاثًا، فقد عصيت ربَّك فيما أمرَكَ به من طلاق امرأتك وبانت منك..

 

وعند أبي داود 1878 عن مجاهدٍ قال: كنتُ عند ابن عباس فجاءَه رجلٌ فقال: إنَّه طلَّق امرأته ثلاثًا، قال: فسكت حتى ظننت أنَّه رادها إليه، ثم قال: ينطلق أحدكم فيركب الحموقة! ثم يقول: يا ابن عباس، يا ابن عباس، وإنَّ الله قال: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2]، وإنَّك لم تتَّقِ الله فلم أجدْ لك مخرجًا، عصيت ربك وبانت منك امرأتُك، وإنَّ الله قال: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ ﴾ [الطلاق: 1]، في قبل عدَّتهن.

 

• فانظُر يا عبدالله إلى ما أمرَكَ الله تعالى به من الطلاق في الوقت المُعتَبر وبالعَدَدِ المعتبر وهو الواحدة فقط، فمَن خالَف في ذلك أَثِمَ ووقَع الطلاق عند جمهور العلماء.

 

• ولو تأمَّلنا في هذا الوقت المُعتَبر للطلاق وهو أنْ تكون المرأة في حال طهرٍ لم تجامعْ فيه لبانَتْ لنا حكمةٌ عظيمةٌ يرعاها الشرع ويحضُّ عليها، وهي التأنِّي في إيقاع الطلاق، فلا يكون قَرارًا مُرتجلاً يقدمُ عليه الزوج لأدنى سببٍ وإن كان تافهًا، بل يكونُ قرارًا قد اتُّخِذَ على هدوءٍ وفي حال تَرَوٍّ وتفكُّر، وتكون نفس الزوج قد طابت من زوجته، وعزمت على الفراق بدليل عدم قُربانها في حال طهرٍ كامل.

 

• ولو راعَى الأزواج هذه الحكمةَ، والتزموا بما شرع الله، لقلَّ المطلِّقون الذين نراهُم ونسمعُهم يطرقون أبوابَ العلماء ويستفتون هذا وذاك يسألونهم عن طلاقٍ بدعي وقَع بالثلاث، أو في حال غضب، أو في حال حيض، وكلُّهم نادمٌ على ما حصل، ويسأل العودة، وهذه شكوى قديمةٌ أشارَ إليها ابنُ عباس - رضي الله عنه - حين قال: ينطلقُ أحدُكم فيركبُ الحموقة ثم يقولُ: يا ابن عباس، يا ابن عباس، وإنَّ الله قال: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2]، وإنَّك لم تتَّقِ الله فلم أجدْ لك مخرجًا، عصيت ربك وبانت منك امرأتُك، وإنَّ الله قال: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ ﴾ [الطلاق: 1]، في قبل عدَّتهن.

 

2) والأمر الثاني الذي يجبُ العلم به: أنَّ الطلاق إذا وقَع بطلقةٍ واحدة - وهو المطلوب - فإنَّ الزوجة تعتدُّ حسَب حالها، وللزوج مُراجَعتها ما دامت في عدَّتها، والرجعة تحصلُ بالقول وبالفعل، فيبقى مع الزوج وقتٌ آخَر للتروِّي والنظَر، وإمكان المراجعة في ذلك القَرار المتَّخذ، وهو وقتٌ ليس بالقليل، لعلَّ الزوج أنْ يُراجع نفسه ويتذكَّر عِشرته مع زوجِه التي طلَّقها، وعساه أنْ يتصور مُعاناة أولاده وصِغاره.

 

3) وثالث هذه الأحكام أن نعلم أنَّ المطلقة تعتدُّ في بيت زوجها ولا يجوزُ إخراجها منه، استَمِعوا إلى هذه الآية الكريمة واعتَبِروا بما فيها من الحكمةِ والرحمة بالزوجين والشَّفقة بهما وبما يجرُّه عليهما الطلاق من الأثر، وتأمَّلوا ما فيها من النَّهي عن تعدِّي حُدود الله ولا سيَّما في الطلاق: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ﴾ [الطلاق: 1]، يقول الإمام ابن كثير - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية: عن ابن عباسٍ في قوله - تعالى -: ﴿ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ﴾ [الطلاق: 1]، قال: لا يطلقها وهي حائضٌ ولا في طهر قد جامَعَها فيه، ولكن يترُكها حتى إذا حاضت وطهرت طلَّقَها تطليقة، وقوله - تعالى -: ﴿ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ ﴾؛ أي: في مدَّة العدَّة لها حقُّ السكنى على الزوج ما دامت معتدَّةً منه، فليس للرجل أنْ يخرجها، ولا يجوزُ لها أيضًا الخروج؛ لأنها معتقلةً لحقِّ الزوج أيضًا...

 

إلى أنْ قال - رحمه الله -: وقوله - تعالى -: ﴿ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً ﴾؛ أي: إنما أبقَيْنا المطلَّقة في منزل الزوج في مدَّة العدَّة لعلَّ الزوج يندمُ على طَلاقها، ويخلق الله في قلبه رجعتها؛ فيكون ذلك أيسر وأسهل، انتهى كلامه - رحمه الله.

 

• أمَّا في حال الطلاق الثلاث فلا تبقَى المطلَّقة في بيت زوجِها؛ لكونها لا تحلُّ له إلا بعدَ زوج؛ أخرج النسائيُّ عن فاطمة بنت قيس قالت: أتيتُ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم – فقلت: أنا بنت آل خالد، وإنَّ زوجي فلانًا أرسل إليَّ بطلاقي، وإنِّي سألت أهله النفقة والسُّكنى فأبوا عليَّ، فقالوا: يا رسول الله، إنَّه قد أرسل إليها بثلاث تطليقات، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنما النفقة والسُّكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها الرجعة)).

 

• أرأيتم يا عباد الله ما في تشريعِ الطلاق من الرحمة والحكمة إنْ هو وقعَ كما شرعَ الله تعالى، ومَن تعدَّى حدودَ الله فيه نَدِمَ وأَثِمَ وتعرَّض للوعيد؛ ﴿ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ﴾ [الطلاق: 1]، فالوفاءَ الوفاءَ يا معشر الرجال، ومن الوفاء أنْ يكونَ الطلاق في حالِ إيقاعه طلاقًا شرعيًّا وفق السُّنَّة، فربُّنا سبحانه يقولُ بعد آية الطلاق السابقة: ﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ ﴾؛ أي: قاربت العدَّة على الانقضاء ﴿ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ﴾؛ أي: بحسن صحبة ﴿ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ﴾؛ أي: من غير مقابحة ولا مشاتمة ولا تعنيف، بل يُطلِّقها على وجهٍ جميلٍ وسبيل حسن، كما قال ابن كثير - رحمه الله تعالى.

 

نسألُ الله تعالى الفقهَ في الدِّين، والحسنَ في الخلق والمعاشرة، والحمدُ لله ربِّ العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الطلاق في الإسلام
  • خطر الطلاق وأسباب انتشاره
  • الطلاق
  • نار الطلاق
  • هل يصح أن يتزوج الخامسة في عدة الرابعة والأخت في عدة أختها؟
  • الطلاق
  • الطلاق
  • الطلاق وأسبابه
  • تعسير الطلاق
  • الطلاق الممنوع والطلاق المشروع
  • حتى يكون الطلاق علاجا
  • الطلاق (خطبة)
  • يا من يريد الطلاق (خطبة)
  • الطلاق
  • الطلاق وأحكامه في الإسلام
  • حكم الطلاق بالكناية

مختارات من الشبكة

  • أقسام الطلاق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لا أحب زوجي فهل الطلاق هو الحل؟(استشارة - الاستشارات)
  • الطلاق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحكام الطلاق – شروط الطلاق (PDF)(كتاب - موقع الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الزومان)
  • الطلاق من حقوق الله تعالى وحدوده - دراسة فقهية في سورة الطلاق (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الخلع بلفظ الطلاق(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • حالات عدم وقوع الطلاق الإلكتروني (1)(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • من طرق إثبات الطلاق الإلكتروني: الإقرار(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • حالات عدم وقوع الطلاق الإلكتروني (2)(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • الطلاق بالكتابة(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)

 


تعليقات الزوار
1- تعليق
أبوبلال - بوركينا فاسو 11-03-2012 03:37 PM

نسأل الخير والسداد والثبات آمين.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب