• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   الملف الصحفي   مواد مترجمة   كتب   صوتيات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ملف تفاعلي لكل بيت مسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالقرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: أذكار الصباح والمساء
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالسنة النبوية
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    تيسير السيرة على صاحبها أزكى الصلاة وأتم السلام ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    القيادة الإدارية من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل المعتمر (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    خلق المسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    أخلاقيات الإدارة من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية الموجزة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية المتوسطة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل الحاج، ويليه: دليل الحاج المصور (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    ورد اليوم والليلة (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الجريسي: سيرة ومسيرة عبدالرحمن بن علي الجريسي ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / مقالات
علامة باركود

إيذاء المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم

د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/2/2018 ميلادي - 22/5/1439 هجري

الزيارات: 382938

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إيذاء المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم

 

الحمد لله... اقتضت حِكمة الله تعالى أنْ يبتلي أنبياءَه ورسلَه بأنواعٍ شتَّى من الإيذاء على يد أعدائهم؛ ليكونوا قدوة لأتباعهم في الصبر على الإيذاء في سبيل دعوتهم، عن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاَءً؟ قَالَ: «الأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ، يُبْتَلَى الْعَبْدُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ»[1].

 

أيها الإخوة الكرام.. نتدارس اليوم صفحةً من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في المرحلة المكية قبل الهجرة، وهي صفحة مُؤلِمة على النفس، فيها يتعرَّض النبي صلى الله عليه وسلم لأشد أنواع الإيذاء على يد سفهاء قومه من المشركين الذين ناصبوه العَدَاء، فحاربوه ووقفوا في طريق دعوته.

 

وقد تعدَّدت وسائل محاربتهم للنبي صلى الله عليه وسلم ولدعوته، فمنها الحرب النَّفْسية والدعائية والإعلامية، ومنها الحرب المادية والإيذاء الجسدي على ما سنرى.

 

أولاً: الحرب والإيذاء المعنوي: استخدم المشركون السخرية والاستهزاء بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ كي يُثنوه عن دعوته، فاتَّهموه بالجنون تارة، وبالسحر تارة، وبالكذب أخرى، وقد عبَّر القرآنُ عن هذه الاتهامات الباطلة، فقال تعالى: ﴿ وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ ﴾ [الحِجر: 6]، وقال سبحانه: ﴿ وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ ﴾ [ص: 4].

 

وكان لهذا الاستهزاء وتلك السخرية أثر في نفس النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الصادق المصدوق، وهو الأمين، المشهود له برجاحة العقل، فواسى اللهُ تعالى نبيَّه الكريم قائلاً: ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحِجر: 97-99].

 

وكان من وسائلهم في تلك الحرب المعنوية إثارة الشبهات والدعايات الكاذبة والباطلة، فقالوا عن القرآن: ﴿ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ ﴾ [الأنبياء: 5]، وقالوا عنه: ﴿ إِنْ هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ﴾ [الفرقان: 4]، ﴿ وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ﴾ [الفرقان: 5]، وظلُّوا يُرَوِّجون لهذه الشُّبه وتلك الدَّعاوى الباطلة، ولكن القرآن الكريم كان أعلى سطوة وأقوى حُجَّة في وجه هذه الشُّبه والأباطيل، فظلَّ الناس يدخلون في دين الله تعالى، وظلَّ عدد المسلمين في تزايد.

 

فما كان منهم إلاَّ أنْ حاولوا - وبكل قوة - أنْ يمنعوا القرآنَ من الوصول إلى الناس، فكانوا يطردون الناسَ ويُثيرون الشَّغَب والضَّوْضاء ويلعبون إذا رأوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم يتهيَّأُ للدعوة، قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} [فصلت: 26][2].

 

ومن حربهم المعنوية أيضاً: استقبال الناس وتحذيرهم من النبيِّ صلى الله عليه وسلم ودعوته، ومن هؤلاء الطُّفَيل بن عمرو الدَّوْسي، وكان شاعراً لبيباً، رئيس قبيلة دوس، قدم مكة، فاستقبله أهلها قَبْل وصوله إليها، وبذلوا له أجَلَّ تحيَّة وأكرم تقدير، وقالوا له: يا طفيل! إنك قدمتَ بلادَنا، وهذا الرجل الذي بين أظهرنا قد أعضل بنا، وقد فرَّق جماعتنا، وشتَّت أمرنا، وإنما قولُه كالسِّحر، يُفرِّق بين الرجل وأبيه، وبين الرجل وأخيه، وبين الرجل وزوجه، وإنا نخشى عليك وعلى قومك ما قد دخل علينا، فلا تُكلمه ولا تسمعنَّ منه شيئًا.

 

انظروا - أيها الإخوة - إنها الدعاية الكاذبة التي تحمل في طيَّاتها عوامل ضعفها، فهم يخشون من سماعه؛ لأنهم يُدركون أنَّ الحقَّ كل الحق في هذا القرآن.

 

يقول الطُّفَيل: فواللهِ ما زالوا بي حتى أجمعتُ ألاَّ أسمعَ منه شيئًا، ولا أكلمه، حتى حَشَوتُ أُذني - حين غدوت إلى المسجد - كُرْسُفًا (قُطْناً)؛ فَرَقًا من أنْ يبلغنى شيء من قوله.

 

قال: فغدوتُ إلى المسجد فإذا هو قائم يُصلِّي عند الكعبة، فقمتُ قريبًا منه، فأبى الله تعالى إلاَّ أنْ يُسمعنى بعضَ قولِه، فسمعتُ كلامًا حَسَنًا، إلى أنْ قال: فَعَرَضَ علَيَّ الإسلامَ، وتلا عليَّ القرآنَ. فواللهِ ما سمعتُ قولاً قَطُّ أحسنَ منه، ولا أمرًا أعدلَ منه، فأسلمتُ وشهدتُ شهادةَ الحق[3].

 

وهاهو ضِمادُ الأزْدي، وكان يرقي من هذا الريح، قدم مكة فسمع سفهاءها يقولون: إنَّ محمدًا مجنون، فقال: لو إني أتيتُ هذا الرَّجلَ لعل الله يشفيه على يدي، فلقيه، فقال: يا محمد! إني أرقي من هذا الريح، فهل لك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه، مَنْ يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد».

 

فقال: أعد عليَّ كلماتك هؤلاء، فأعادهُنَّ عليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، فقال: لقد سمعتُ قولَ الكهنة، وقولَ السَّحرة، وقول الشعراء، فما سمعت مِثلَ كلماتك هؤلاء، هاتِ يدَك أبايعك على الإسلام، فبايعه[4].

 

وهكذا - إخوتي الكرام.. فإن المحنة تتولَّد منها المنحة، والفجر ينبثق من غسق الليل، فقد انقلبت تلك الحرب الدعائية وهذه الإشاعات الكاذبة وبالاً عليهم، إذ أنهم روَّجوا للنبي صلى الله عليه وسلم وساعدوا في نشر دعوته دون أن يشعروا، ولربما لو أمسكوا ألسنتهم لَمَا علم الطُّفَيل بن عمرو الدَّوْسي والضِّمادُ الأزْدي شيئاً عن النبي ودعوته.

 

ثانياً: الإيذاء الجسدي: تعرَّض النبي صلى الله عليه وسلم للإيذاء الجسدي على يد السفهاء من الكفار والمشركين وهو صابر مُحتَسِب، نعم إخوتاه، علينا جميعاً أنْ نفخر بهذا النبي الكريم الذي شرَّفَنا اللهُ تعالى بأن انتسبنا إليه، فمن أجلنا ومن أجل إيصال الدين إلينا تحمَّل أشدَّ أنواع الإيذاء، فليس أقل من أنْ نتَّبعه ونتَّبع هديه وسُنَّته، ونحب مَنْ يُحِبُّه، ونُبغِض مَنْ يُبغضه، صلى اللهُ عليك يا علم الهدى ما هبَّتْ نسائم، وناحت عليك حمائم.

 

إخوة الإيمان.. فشلت محاولاتُ قريشٍ الدعائية والكاذبة في وقف دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، فاشتدَّ غضبها وازداد غيظها، وعَظُمَ حَنَقُها على النبي صلى الله عليه وسلم ومَنْ معه، فلجؤوا إلى الإيذاء الجسدي، ومن ذلك:

عن عبدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضي الله عنهما - أنه قال: «بَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي حِجْرِ الْكَعْبَةِ؛ إِذْ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ، فَوَضَعَ ثَوْبَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ خَنْقًا شَدِيدًا، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى أَخَذَ بِمَنْكِبِهِ وَدَفَعَهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وقَالَ: ﴿ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ ﴾ [غافر: 28] »[5].

 

وعن عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: «بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَاجِدٌ وَحَوْلَهُ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ؛ إِذْ جَاءَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ بِسَلاَ[6] جَزُورٍ[7] فَقَذَفَهُ عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ، فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَخَذَتْهُ عَنْ ظَهْرِهِ، وَدَعَتْ عَلَى مَنْ صَنَعَ ذَلِكَ»[8].

 

وفي هذا الرجل - أعني: عُقبةَ بن أبي مُعَيط - نزل قولُ الله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتِى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَنًا خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً ﴾ [الفرقان: 28، 29][9].

 

ومن صور إيذائه صلى الله عليه وسلم ما كانت تقوم به امرأة أبي لهب، فقد كانت تحمل الشوك، وتضعه في طريق النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى بابه ليلاً، وكانت امرأةً سليطةً تبسط فيه لسانَها، وتطيل عليه الافتراء والدَّس، وتؤجج نار الفتنة، وتثير حربًا شعواء على النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك وصفها القرآن بِحمَّالة الحطب[10].

 

ومن صور إيذائه البدني صلى الله عليه وسلم ما قام به أهل الطائف؛ حينما ذهب إليهم يدعوهم إلى الدخول في دين الله تعالى، فعن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ قَالَ: «لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ، وَكَانَ أَشَدُّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ، إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلاَّ وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ، فَنَادَانِى فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ، فَنَادَانِى مَلَكُ الْجِبَالِ، فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ! فَقَالَ: ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمِ الأَخْشَبَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا»[11].

 

وكان أهل الطائف قد أغْرَوا به سفهاءهم، فلمَّا أراد الخروج تبعه سفهاؤهم وعبيدهم يسبُّونه ويصيحون به حتى اجتمع عليه الناس، فوقفوا صَفَّين وجعلوا يرمونه بالحجارة، ورجموا عراقيبه حتى اختضب نعلاه بالدماء.

 

بأبي أنت وأمي يا رسول الله، يقذفونك بالحجارة، فترد عليهم بالدعاء لهم، وترفض أنْ يُعذِّبهم الله تعالى؛ بأنْ يُطبِق عليهم الأخشبين. أيُّ رحمة هذه؟ إنه الرحمة المهداة من رب العالمين إلى البشرية جمعاء، ولِمَ لا، وقد قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107].

 

تأمَّلوا - معي إخوتي - يسير النبي صلى الله عليه وسلم مشياً على قدميه من مكة إلى الطائف مسيرة ستين ميلاً، ليس معه إلاَّ زيد بن حارثة، يسير في صحراء قاحلة من أجل إبلاغ دعوة ربه، فيقابله أهلها بهذا الجفاء وهذه الإهانة وهذا الإيذاء، وتدمى قدماه الشريفتان، ويتسلَّط عليه السُّفهاء، ويسبُّه الأشقياء، ويؤذيه التُّعساء، فيشق على نفسه الكريمة ذلك، وهو ثابت ثبوت الجبال، واثِقٌ فيما عند الله تعالى، يسير في طريق دعوته بِلا كلل ولا ملل.

 

فيا أيها الداعون إلى الله تعالى.. ويا أيها السائرون إلى الله سبحانه.. هذا نبيكم يُؤذى فيصبر، ويعفو ويصفح، فاتخذوه أسوة لكم وتحمَّلوا في سبيل دينكم ما قد تجدوه من المشقَّة والعناء.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله... كانت هذه بعض مظاهر الإيذاء التي تعرَّض لها النبي صلى الله عليه وسلم من قومه؛ لِيُثنوه عن دعوته، وبقيت صورة أخرى من صور الإيذاء التي مارسها مشركو قريشٍ ضد النبي صلى الله عليه وسلم، وهي المقاطعة؛ حيث تحالف المشركون على النبي صلى الله عليه وسلم وبني هاشم، وتعاهدوا على ألاَّ يُبايعوهم ولا يُجالسوهم ولا يُخالطوهم ولا يَدخلوا بيوتهم ولا يُكلِّموهم حتى يُسلِموا إليهم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم للقتل.

 

فانحاز بنو هاشم وبنو المطَّلب مؤمنهم وكافرهم إلاَّ أبا لهب، وحُبِسوا في شعب أبي طالب، واستمرَّ هذا الحِصار ثلاثة أعوام، واشتدَّ الحصارُ حتى بلغهم الجَهْد، فأكلوا الأوراق والجلود، وكان يُسمع من وراء الشِّعب أصوات نسائهم وصبيانهم من الجوع.

 

عباد الله.. ثلاثة أعوام يعيش فيها النبي صلى الله عليه وسلم ومَنْ معه في مقاطعة تامة؛ من أجل الضغط عليه لتقديم تنازلات ويترك دِينه الحق، ولكنه صبر وثبت بأبي هو وأمي.

 

معشر الفضلاء.. إنَّ قوة الحقِّ أقوى من كلِّ الصِّعاب، ومن كلِّ المِحَن، فللحق صوته وقُوَّته، فتمسَّكوا بالحق واصبروا عليه، ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1-3].



[1] رواه الترمذي، (2 /613)، (ح2578)؛ وابن ماجه، (1/583)، (ح4159). وصححه الألباني في (صحيح الجامع)، (1 /100)، (ح994).

[2] انظر: الرحيق المختوم، للمباركفوري (ص85-89).

[3] انظر: الرحيق المختوم، (ص105).

[4] المصدر نفسه، والصفحة نفسها.

[5] رواه البخاري، (2 /997)، (ح4863).

[6] السَّلا: الجلد الرَّقيق الذي يَخْرُج فيه الوَلدُ من بطن أُمِّه مَلْفوفاً فيه.

[7] الجَزُور: البَعِير ذَكَراً كان أو أُنثى، إلاَّ أنَّ اللَّفْظة مُؤنثة، تقول: الجَزُورُ، وَإنْ أردْتَ ذَكَراً، والجمْعُ جُزُرٌ وجَزَائر.

[8] رواه مسلم، (2 /784)، (4751).

[9] انظر: تفسير ابن كثير، (6 /108).

[10] انظر: تفسير البغوي، (8 /583)؛ الرحيق المختوم، (ص71).

[11] رواه البخاري، (2 /632)، (ح3267).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التاريخ الأسود في إيذاء الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته
  • إيذاء اليهود للمسيح ودعوته " الدور الذي قام به بولس "
  • حكم الاستغفار للمشركين

مختارات من الشبكة

  • أساليب المشركين في محاربة الدعوة (6): إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إيذاء قريش النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إيذاء المشركين للمؤمنين والهجرة الأولى إلى الحبشة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أساليب المشركين في محاربة الدعوة (7): إيذاء المؤمنين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تقدمة لكتاب: المنظمات اليهودية ودورها في إيذاء عيسى عليه السلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إيذاء الحيوان في الفقه والأنظمة والقوانين(كتاب - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • إيذاء الاتهام في العرض(استشارة - الاستشارات)
  • شرح باب التحذير من إيذاء الصالحين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قاطعت أخي بسبب إيذائه لي(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • إيذاء المؤمن ومساءته(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
2- محاضرة قيمة
فاطمة - Saudia Arabia 16-02-2025 09:20 PM

بارك الله جهودكم. محاضرة تبث الأمل وتحث على الصبر على الابتلاء والمحن وتجاوز السفهاء اقتداء بأشرف الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.

1- شكر
inass - الجزائر 20-02-2019 10:31 PM

هذا الموضوع رائع والموقع  رائع
شكرا جزيلا

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب