• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   الملف الصحفي   مواد مترجمة   كتب   صوتيات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ملف تفاعلي لكل بيت مسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالقرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: أذكار الصباح والمساء
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالسنة النبوية
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    تيسير السيرة على صاحبها أزكى الصلاة وأتم السلام ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    القيادة الإدارية من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل المعتمر (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    خلق المسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    أخلاقيات الإدارة من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية الموجزة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية المتوسطة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل الحاج، ويليه: دليل الحاج المصور (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    ورد اليوم والليلة (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الجريسي: سيرة ومسيرة عبدالرحمن بن علي الجريسي ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ د. عبد الله بن محمد الجرفالي / الدروس المقروءة
علامة باركود

دروس الجامع بين أحاديث الصحيحين (5)

دروس الجامع بين أحاديث الصحيحين (5)
الشيخ د. عبدالله بن محمد الجرفالي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/4/2016 ميلادي - 3/7/1437 هجري

الزيارات: 7819

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

باب: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر


24 - (خ) عَن النُّعْمَان بن بَشِيرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا".


التعليق:

قوله: ((مثل القائم على حدود الله...)) أي المستقيم على ما منع الله - تعالى - من مجاوزتها. ويقال: القائم بأمر الله معناه الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر. وقال الزجاج: أصل الحد في اللغة المنع ومنه حد الدار وهو ما يمنع غيرها من الدخول فيها. والواقع فيها أي في الحدود أي التارك للمعروف المرتكب للمنكر.


• في الحديث ما يدل على مشروعية القرعة.

• وفيه: استحقاق العقوبة بترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.

• وفيه: تبيين العالم للمسألة بضرب المثل الذى يفهم للعوام.

• وفيه أنه يجب على الجار أن يصبر على شيء من الأذى لجاره خوفًا مما هو أشد منه.


• وفيه دليل على أن صاحب السفل ليس له أن يحدث على صاحب العلو ما يضر به، وإن أحدث عليه ضررًا لزمه إصلاحه دون صاحب العلو، وأن لصاحب العلو منعه من الضرر؛ لقوله عَلَيْهِ السَّلام: ((فإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا))[1].


قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:" فلابد من هذه الثلاثة: العلم، الرفق، الصبر. العلم قبل الأمر والنهي، والرفق معه، والصبر بعده"[2].


قال النووي: "وأعلم أنه لا يسقط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا بأن يخاف منه على نفسه أو ماله أو يخاف على غيره مفسدة أعظم من مفسدة المنكر الواقع ". وكذا قال ابن مفلح، واطلق القاضي وغيره سقوط الأمر بالمعروف بخوف الضرب والحبس. قال الإمام أحمد رحمه الله: "من شرطه أن يأمن على نفسه وماله خوف التلف". وقال ابن دقيق العيد رحمه الله: "من خاف القتل أو الضرب سقط عنه التغيير وهو مذهب المحققين سلفاً وخلفاً وذهبت طائفة من الغلاة إلى أنه لا يسقط وإن خاف ذلك".


♦ قاعدة: إذا حدث رد فعل سيء للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، فهو نوعان:

أحدهما: أن يصيب القائم به أذى، ففي قيامه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خلاف.

والصحيح أنه لا يجب.


الثاني: ألا يضر نفسه ولكن تحدث مفسدة أخرى نحو أن يقتل رجل بريء أو يزيد مرتكب المنكر تمادياً و إصراراً و غير ذلك، فهذا الثاني أجمع العلماء على عدم القيام بفريضة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.


قال بن القيم - رحمه الله -: " إنكار المنكر أربع درجات:

الأولى: أن يزول ويخلفه ضده.

الثاني: أن يقل وإن لم يزل بالكلية.

الثالث: أن يخلفه ما هو مثله.

الرابعة: أن يخلفه ما هو شر منه.

فالدرجتان الأوليتان مشروعتان، والثالثة موضع اجتهاد، والرابعة محرمة".

 

25 - (م) عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ الصَّلَاةِ مَرْوَانُ. فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: الصَّلَاةُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، فَقَالَ: قَدْ تُرِكَ مَا هُنَالِكَ، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ)).


التعليق:

فإن قيل: كيف تأخر أبو سعيد عن تغيير هذا المنكر حتى أنكره هذا الرجل؟ قيل: يحتمل أن أبا سعيد لم يكن حاضراً أول ما شرع مروان في تقديم الخطبة وأن الرجل أنكره عليه، ثم دخل أبو سعيد وهما في الكلام، ويحتمل أنه كان حاضراً لكنه خاف على نفسه إنْ غيّر حصول فتنة بسبب إنكاره فسقط عنه الإنكار، ولم يخف ذلك الرجل شيئاً؛ لاعتضاده بظهور عشيرته أو غير ذلك، أو أنه خاف وخاطر بنفسه وذلك جائز في مثل هذا، بل مستحب ويحتمل أن أبا سعيد هم بالإنكار فبدره الرجل فعضده أبو سعيد[3].


وفي قوله: ((أما هذا فقد قضى ما عليه)). قال النووي - رحمه الله -: "دليل على استقرار السنة عندهم على خلاف ما فعله مروان، وبيّنه أيضاً احتجاجه بقوله: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من رأى منكم منكراً فليغيره"، ولا يسمى منكراً لو اعتقده ومن حضر أو سبق به عمل أو مضت به سنة. وفي هذا دليل على أنه لم يعمل به خليفة قبل مروان، وأن ما حُكِي عن عمر وعثمان ومعاوية لا يصح"[4].


مسألة: ذكر الماوردي - رحمه الله - في كتابه الأحكام السلطانية خلافاً بين العلماء في أن من قلّده السلطان الحسبة هل له أن يحمل الناس على مذهبه فيما اختلف فيه الفقهاء اذا كان المحتسب من أهل الاجتهاد أم لا يغير ما كان على مذهب غيره؟.


والصحيح - والعلم عند الله - أنه لا يُغَيّر؛ لأن الخلاف بين الصحابة والتابعين ومن بعدهم - رضي الله عنهم أجمعين - فيما يسع فيه الخلاف ثابت قائم، فلا ينكر محتسب ولا غيره على من خالفه إذا لم يخالف نصاً أو اجماعاً أو قياساً جلياً.


فقوله: ((وذلك أضعف الإيمان)). قال الشيخ العباد: "يعني: لا أقل من كون الإنسان ينكر بقلبه، ويكون متأثراً ومتألماً من هذا المنكر بقلبه، ولا يكفي مجرد كونه ما استطاع الكلام، بل لابد من أن يتأثر قلبه ويظهر على وجهه التألم والتأثر"[5].

 

26 - (ق) عَنْ أُسامَةَ رضي الله عنه قال سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (( يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ فِي النَّارِ، فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الحِمَارُ بِرَحَاهُ، فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ: أَيْ فُلاَنُ مَا شَأْنُكَ؟ أَلَيْسَ كُنْتَ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَانَا عَنِ المُنْكَرِ؟ قَالَ: كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلاَ آتِيهِ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ المُنْكَرِ وَآتِيهِ)).


التعليق:

قوله: ((فتندلق أقتابه)) أي تتدلى وتخرج أمعاؤه. نسأل الله السلامة والعافية.


ولا شك أن أعظم سبب لعذاب هذا أنه لم يقصد بما قال وجه الله، ودليل ذلك ما ثبت في الصحيحين:" أول من تسعر بهم جهنم ثلاثة". والحديث على ظاهره من كونه كان يأمر بالمعروف فلا يأتيه، وينهى عن المنكر فيأتيه.


والذي يظهر لي أنه يُقيّد بكونه يأمرهم بما أوجب الله فلا يفعله، وينهاهم عن المحرمات فيفعلها، وليس المقصود أنه يأمرهم بالسنن والمستحبات مثلاً؛ لأن الشارع لا يعاقب إلا على ترك واجب أو فعل محرّم. فربما يحث الإنسان على قيام الليل، أو كفالة يتيم، وهو لا يفعل ذلك، فالذي يظهر أنه لا يدخل في هذا الوعيد خاصة إذا كان معذوراً، أو عنده مسوِّغ للأمر. والله تعالى أعلم.

• • •

 

باب الإيمان والإسلام والإحسان

27 - (م) عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّابِ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ، لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا». قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ، وَيُصَدِّقُهُ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ. قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ». قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِحْسَانِ. قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ». قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ. قَالَ: «مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ». قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا. قَالَ: «أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ». قَالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ مَلِيًّا، ثُمَّ قَالَ لِي: «يَا عُمَرُ أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟". قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ".


التعليق:

في قوله:" ((إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ، لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ)). فيه دليل على أن الملائكة عليهم الصلاة والسلام يمكن أن يظهروا للناس بأشكال البشر؛ لأن جبريل عليه الصلاة والسلام طلع على الصحابة على الوصف المذكور في الحديث.


قال ابن حجر - رحمه الله -: " في حديث ابن عباس وأبي عامر الأشعري:" ثم وضع يده على ركبتي النبي صلى الله عليه وسلم"، فأفادت هذه الرواية أن الضمير في قوله:" ((على فخذيه)) يعود على النبي صلى الله عليه وسلم، وبه جزم البغوي، وإسماعيل التيمي لهذه الرواية، ورجحه الطيبي بحثاً؛ لأنه نسق الكلام خلافاً لما جزم به النووي، ووافقه التوربشتى؛ لأنه حمله على أنه جلس كهيئة المتعلم بين يدي من يتعلم منه. وهذا وإن كان ظاهراً من السياق لكن وضعه يديه على فخذ النبي صلى الله عليه وسلم صنيع مُنَبِّه للإصغاء إليه، وفيه إشارة لما ينبغي للمسئول من التواضع والصفح عما يبدو من جفاء السائل. والظاهر أنه أراد بذلك المبالغة في تعمية أمره ليقوى الظن بأنه من جفاة الأعراب؛ ولهذا تخطى الناس حتى انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم، ولهذا استغرب الصحابة صنيعه؛ ولأنه ليس من أهل البلد وجاء ماشياً ليس عليه أثر سفر.


فإن قيل: كيف عرف عمر أنه لم يعرفه أحد منهم؟. أجيب بأنه يحتمل أن يكون استند في ذلك إلى ظنه، أو إلى صريح قول الحاضرين. قلت: وهذا الثاني أولى، فقد جاء كذلك في رواية عثمان ابن غياث، فإن فيها:" فنظر القوم بعضهم إلى بعض، فقالوا: ما نعرف هذا""[6].


وقال كذلك - رحمه الله -: " فان قيل: فكيف بدأ بالسؤال قبل السلام؟ أجيب بأنه يحتمل أن يكون ذلك مبالغة في التعمية لأمره، أو ليبين أن ذلك غير واجب، أو سلّم فلم ينقله الراوي. قلت: وهذا الثالث هو المعتمد، فقد ثبت في رواية أبي فروة ففيها بعد قوله: "كأن ثيابه لم يمسها دنس حتى سلم من طرف البساط، فقال: السلام عليك يا محمد، فرد عليه السلام. قال: أدنو يا محمد؟ قال: ادن، فما زال يقول: أدنو؟ مراراً ويقول: له ادن". ونحوه في رواية عطاء عن بن عمر لكن قال: السلام عليك يا رسول الله. وفي رواية مطر الوراق، فقال: يا رسول الله أدنو منك؟ قال: ادن ولم يذكر السلام. فاختلفت الروايات هل قال له يا محمد أو يا رسول الله؟ هل سلم أولاً؟. فأما السلام: فمن ذكره مقدّم على من سكت عنه. وقال القرطبي: بناء على أنه لم يسلم، وقال: يا محمد إنه أراد بذلك التعمية، فصنع صنيع الأعراب. قلت: ويجمع بين الروايتين: بأنه بدأ أولاً بندائه باسمه لهذا المعنى، ثم خاطبه بقوله: يا رسول الله. ووقع عند القرطبي أنه قال: السلام عليكم يا محمد، فاستنبط منه أنه يستحب للداخل أن يعمم بالسلام ثم يخصص من يريد تخصيصه. انتهى. والذي وقفت عليه من الروايات إنما فيه الأفراد وهو قوله: السلام عليك يا محمد"[7].


قال ابن عثيمين - رحمه الله - في قول جبريل عليه السلام: يا محمد: " وهذا يحتمل أنه قبل النهي أي قبل نهي الله تعالى عن ذلك في قوله: ﴿ لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ﴾ [النور: 63] على أحد التفسيرين، ويحتمل أن هذا جرى على عادة الأعراب الذين يأتون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فينادونه باسمه يا محمد، وهذا أقرب"[8].


وهيئة جلوس جبريل عليه الصلاة والسلام فيها ما يدل على حسن أدب المتعلم أمام المعلم، حيث جلس جبريل عليه السلام أمام النبي صلى الله عليه وسلم هذه الجلسة الدالة على الأدب والإصغاء والاستعداد لأخذ ما يلقى إليه. وقوله: ((أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ)) الإيمان بالله هو: التصديق بوجوده، وبربوبيته وألوهيته، وبأسمائه، وأنه متصف بصفات الكمال منزّه عن صفات النقص. والإيمان بالملائكة هو: التصديق بوجودهم، وأسمائهم، ووظائفهم، وأنهم عباد مكرمون.


• وقدّم الملائكة على الكتب والرسل نظراً للترتيب الواقع؛ لأنه سبحانه وتعالى أرسل الملك بالكتاب إلى الرسول، وليس فيه دليل على أن المَلَك أفضل من الرسول.


• ومن الحديث: التفريق بين الإسلام والإيمان عندما يجتمعان، حيث يفسر الإسلام بأعمال الجوارح، والإيمان بأعمال القلوب، ولكن عند الإطلاق يكون كل واحد منهما شاملاً للآخر، كما في قوله تعالى: ﴿ وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، وقوله: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا ﴾ [آل عمران: 85]، وقوله: ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال: 19]، وقوله: ﴿ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ﴾ [النساء: 92] كل وغيره يشمل الإسلام والإيمان.


ومن الحديث: أن علم الساعة مكتوم لا يعلمه إلا الله عز وجل، فمن ادعى علمه فهو كاذب، فقد أخفاه الله عز وجل عن أفضل الرسل من الملائكة ومن البشر، فمن باب أولى عن غيرهما.


• ومن الحديث: أن للساعة أشراطا - أي علامات - كمال قال تعالى: ﴿ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [الزخرف: 66].


وفي قوله: (( أن تلد الأمة...)) أي سيدها؛ لأن ولدها من سيدها ينزل منزل سيدها. وقيل: تَحَكُم البنت على الأم من كثرة العقوق حكم السيدة على أمتها.


قال ابن حجر - رحمه الله -:" وقد جاء في بعض الروايات أن تلد الأمة بعلها، وهي عند مسلم...وقيل: المراد بالبعل: المالك وهو أولى لتتفق الروايات"[9].

• • •

 

باب: الوسوسة وحديث النفس

28 - (ق) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ)).


التعليق:

محمول على ما إذا لم يستقر كالخواطر، فذلك معفو عنه بلا شك؛ لأنه لا يمكن الانفكاك عنه بخلاف الاستقرار كالعزم[10].


وقوله: (( ما لم تعمل أو تتكلم)). الكتابة آخذة حكم الكلام عند جماهير العلماء، وعليه فمن كتب طلاق زوجته، فإنها تطلق وإن لم يتكلم.


29 - (م) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلُوهُ: إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ. قَالَ: ((وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟)) قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: ((ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ)).


التعليق:

قوله: ((ذاك صريح الإيمان)) أي أن استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام ذلك وشدة الخوف منه ومن النطق به فضلاً عن اعتقاده يكون لمن استكمل الإيمان استكمالاً محققاً وانتفت عنه الريبة والشكوك. وقيل معناه: إن الشيطان إنما يوسوس لمن أيس من إغوائه، فينكد عليه بالوسوسة؛ لعجزه عن إغوائه. وأما الكافر، فإنه يأتيه من حيث شاء ولا يقتصر في حقه على الوسوسة، بل يتلاعب به كيف أراد[11].


30 - (ق) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (( يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا، مَنْ خَلَقَ كَذَا، حَتَّى يَقُولَ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ)).


التعليق:

أي يأتيه الشيطان بالوسوسة، ولا يزال به حتى يقول له: من خلق ربك؟، فعندها عليه أن يتوقف عن الاسترسال معه في ذلك، وليبادر إلى قطعه بالإعراض عنه، فإنه تندفع الوسوسة عنه بإذن الله؛ لأنه لجأ إلى الله باستعاذته به سبحانه عندما يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم[12].


قال العيني:" وفي رواية مسلم:" فليقل آمنت بالله". ولأبي داود: " فإذا قالوا ذلك، فقولوا: الله أحد الله الصمد الآية، ثم ليتفل عن يساره ثلاثاً، وليستعذ بالله من الشيطان الرجيم""[13].



[1] ينظر: شرح صحيح البخاري لابن بطال 7/ 14.

[2] الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ص 18.

[3] ينظر: شرح النووي على مسلم 2/ 21.

[4] شرح النووي على مسلم 2/ 21.

[5] دروس العباد على شرح سنن أبي داود، درس رقم 598.

[6] فتح الباري 1/ 116 - 117.

[7] فتح الباري 1/ 117.

[8] شرح الأربعين النووية ص 5.

[9] فتح الباري 1/ 122.

[10] ينظر: شرح النووي على مسلم 2/ 151، وعمدة القارئ 1/ 440.

[11] ينظر: الديباج على مسلم 1/ 146.

[12] ينظر: شرح النووي على مسلم 2/ 154، وفتح الباري 6/ 341.

[13] عمدة القارئ 23/ 44.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • دروس الجامع بين أحاديث الصحيحين (1)
  • دروس الجامع بين أحاديث الصحيحين (2)
  • دروس الجامع بين أحاديث الصحيحين (3)
  • دروس الجامع بين أحاديث الصحيحين (4)
  • دروس الجامع بين أحاديث الصحيحين (6)

مختارات من الشبكة

  • دروس رمضان 1436هـ بجامع ابن باز بمكة (الدرس الثاني عشر 1436/9/29هـ)(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • دروس رمضان 1436هـ بجامع ابن باز بمكة (الدرس الحادي عشر1436/9/28)(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • دروس رمضان 1436هـ بجامع ابن باز بمكة (الدرس العاشر 1436/9/27هـ)(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • دروس رمضان 1436هـ بجامع ابن باز بمكة (الدرس التاسع1436/9/26هـ)(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • دروس رمضان 1436هـ بجامع ابن باز بمكة (الدرس الثامن1436/9/25هـ)(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • دروس رمضان 1436هـ بجامع ابن باز بمكة (الدرس السابع1436/9/24هـ)(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • دروس رمضان 1436هـ بجامع ابن باز بمكة (الدرس السادس1436/9/23هـ)(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • دروس رمضان 1436هـ بجامع ابن باز بمكة (الدرس الخامس1436/9/22هـ)(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • دروس رمضان 1436هـ بجامع ابن باز بمكة (الدرس الرابع1436/9/21هـ)(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • دروس رمضان 1436هـ بجامع ابن باز بمكة (الدرس الثالث1436/9/20هـ)(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب