• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   الملف الصحفي   مواد مترجمة   كتب   صوتيات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ملف تفاعلي لكل بيت مسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالقرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: أذكار الصباح والمساء
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالسنة النبوية
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    تيسير السيرة على صاحبها أزكى الصلاة وأتم السلام ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    القيادة الإدارية من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل المعتمر (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    خلق المسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    أخلاقيات الإدارة من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية الموجزة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية المتوسطة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل الحاج، ويليه: دليل الحاج المصور (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    ورد اليوم والليلة (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الجريسي: سيرة ومسيرة عبدالرحمن بن علي الجريسي ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. علي بن عبدالعزيز الشبل / مقالات
علامة باركود

شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (21)

الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/9/2016 ميلادي - 3/12/1437 هجري

الزيارات: 15984

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (21)

مقدمة ابن أبي زيد لكتابه "الرسالة"

تأليف الإمام: أبو محمد عبدالله بن أبي زيد القيرواني رحمه الله (ت386)


[وأنه لا يكفر أحد بذنب من أهل القبلة]، هذه العبارة هي عبارة الطحاوي، إلا أن الطحاوي في عقيدته زاد عليه بقوله: "ولا نكفر أحدًا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله"، [وأنه لا يكفر أحد بذنب من أهل القبلة]؛ أي: ما لم يقع منه استحلال؛ لأنه إن استحل الذنب ولو لم يفعله، من اعتقد أن الزنا حلال، وهو عالم، أو الربا حلال، وهو عالم، ولو لم يزنِ، ولو لم يرابِ، مجرد اعتقاده كفر، إذا كان عالمًا، أما إذا كان جاهلًا فالجهل يمنع من تكفيره عينًا، الجهل أو التأويل أو الخطأ أو الإكراه، موانع من موانع التكفير؛ ولهذا الكفر له موانع، منها الجهل، هذه اضبطوها، يحتاجها طالب العلم في مباحث التكفير، من موانع التكفير: الجهل، فمن كان جاهلًا ووقع في الكفر على جهل، نقول: الكفر الذي وقع فيه الكفر الأكبر، لكن في عينه لا يكون كافرًا كفرًا أكبر لعذر جهله، وشيخ الإسلام في كشف الشبهات وغيرها قعد قاعدة، الخاتمة الجامعة، قال: فمن عرف التوحيد وتركه، أو عرف الكفر ووقع فيه غير مكره فهو غير معذور، انتبه لها يا طالب العلم، فمن عرف التوحيد وتركه، إذا ترك التوحيد عن جهل أم عن علم؟ عن علم، أو عرف الكفر ووقع فيه، إذا وقع في الكفر عالمًا أم جاهلًا؟ عالمًا، غير مكره فهو غير معذور، المانع الثاني من موانع التكفير: التأول، أن يتأول، يظن أن هذا هو الحق، فهذا يمنع من تكفيره، الذين نفوا علوَّ الله جل وعلا على خلقه، ومنهم أئمة وعلماء، هل يكفرون بهذا؟ نفي علو الله على خلقه كفر، لكن ليس كل من نفاه يكون كافرًا؛ لأن هنا مانع التأويل، التأويل منع من تكفيرهم عينًا؛ لأن التكفير لا بد أن يكون كهذه البيضاء، دون أدنى شبهة، والحد يدرأ في شريعتنا بأدنى شبهة؛ لحديث: ((ادرؤوا الحدود بالشبهات))، المانع الثالث من موانع التكفير: الإكراه، إذا وقع في كفر أكبر مكرَهًا، كمن سب الله مكرَهًا، أو سب النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم مكرَهًا، هذا مانع من موانع التكفير؛ ولهذا لما سبَّ عمارٌ رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، هل عذروا أو لم يُعذَروا؟ عذرهم النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وقال: ((إن عادوا، فعودوا))، وأنزل الله في هذا الآية العظيمة، التي هي أصل في هذا الباب، من سورة النحل: ﴿ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا ﴾ [النحل: 106]، المانع الرابع: الخطأ، أن يقع في الكفر مخطئًا، يعرف أن هذا خطأ، وأن هذا كفر، مثل ذلك الرجل الذي لما أضاع دابته، وعليها طعامه وشرابه، في فلاة من الأرض، حتى ظن الهلكة، فلبث في أصل شجرة فنام، فما استيقظ إلا ودابته على رأسه، قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي، وأنا ربك، هذه الكلمة كفر أو ليست كفرًا؟ كفر، ولكنه قالها مخطئًا، فعذر، (أخطأ من شدة الفرح)، فعذره الله جل وعلا، لاحظتم يا إخوان، فهذه الأربع هي أشهر موانع التكفير، ثمت موانع فيها خلاف بين أهل العلم، ليس هذا مقام بسطها، والتكفير في شرائطه وفي موانعه اقرؤوا فيها كتب أحكام المرتد، وتصانيف أئمة الدعوة رحمهم الله أجلت هذه المسألة إجلاءً عظيمًا، وأخصرها رسالة للشيخ عبدالله بن عبدالرحمن أبابطين، مفتي الديار النجدية في تكفير المعين، عني فيها بهذا، ضد هذه الموانع هي الشروط، شروط التكفير: أن يكون عالمًا به، أن يكون غير مكره، أن يكون عامدًا، وأن يكون مختارًا، وأن يكون قاصدًا؛ ولهذا قد يصدر من بعض العوام ألفاظ فيها سوء أدب مع الله، لكن لا يؤاخذون بها، في شمال المملكة، في بلدة من البلدان، ذكروا أن شيخًا كبيرًا عمره قريب من التسعين، اسمه عويد، وعويد هذا الناس يحجون، وهو ما حج، فأشغب عليه قومه وأكثروا عليه الكلام، فلما أكثروا عليه حج معهم، فذهب إلى مكة، فوجد الحرم مليئًا بالطائفين في الحج، يذكرون الله ويدعون ويستغفرون، وهو شايب كبير، ما يدري، ينظر إلى الناس، وينظر إلى الكعبة، الناس يدعون، وهو لا يعرف ما يقول، فلما أن رأى هذا المقام وهو يمشي، فالتفت إلى الكعبة، وقال: "يا ربي، شفني، جيتك، لا تقول باكر: عويد ما جاني"، هذا القول لو قاله عالمًا يكون إما استهتارًا أو استهزاءً، أو لا يليق بالله، لكن هذا يعذر، لماذا؟ لأن هذا مبلغ ما عنده، وأنا أثق وأعتقد بالله جل وعلا أن الله لا يؤاخذه، بل يثيبه على قوله؛ لأنه ما قال ذلك إلا حبًّا لله جل وعلا، آخر، رأيته وأنا صغير في المسعى، يسعى، وهو يدعو، ويقول: رب اغفر وارحم، وإن لم ترحم لازم أن ترحم، هذا إلحاح على الله واعتداء بالدعاء، ولكن هذا الذي أدى إليه لسانه، فلا يكون منه والحال هذه سوء أدب مع الله، ولهذا كنت صغيرًا، وأمشي مع والدي، يقول: انظر كيف يلح على الله جل وعلا بطلب الرحمة، والله جل وعلا يعلم من الناس نياتهم ومقاصدهم، فيؤاخذهم عليها، ولهذا في الحديث: ((إن الله لا ينظر إلى صوركم، ولا إلى أجسامكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم))، وهذا أمر معتبر جدًّا في مسائل التكفير، تكفير المُعيَّنين.

 

[وأنه لا يكفر أحد بذنب من أهل القبلة]، يعني: إذا ثبت أنه من أهل القبلة، ما المراد بأهل القبلة؟ أهل الصلاة، وهذا معنى أهل القبلة في اصطلاح العلماء، أهل القبلة؛ أي: الذين استقبلوا قبلتنا، فهم أهل صلاة، ما هم مضيعين للصلاة، شهدوا أن لا إله إلا الله، وصلوا صلاتنا، وهذا هو الحد الذي يكون به المسلم منا، وله ما لنا، وعليه ما علينا، لا يكفر بذنب، والذنب هنا ما خلا الشرك، أما إذا أشرك وكفر فهذا يخرج عن هذا الباب، ولعلي أشير ها هنا إلى ثلاثة ضوابط شهيرة في هذا الباب، وإلا فإن الأصول والقواعد والضوابط في الكفر قد بلغت تقريبًا ثلاثة عشر أصلًا وضابطًا، الضابط الأول في هذه المسألة: أن التكفير حكم شرعي محض، ما معنى ذلك؟ معناه أنه حكم شرعي خالص، مرده إلى الله ورسوله فقط، إذًا فمصدر التكفير للمعينين وغير المعينين هو إلى الله ورسوله، لا إلى أهوائنا، أهل البدع شعارهم إذا خالفهم الإنسان كفروه، وعندهم أن التكفير ليس حكمًا شرعيًّا محضًا، وإنما حكم شرعي مرده إلى أهوائهم، أما أهل السنة فعندهم أن التكفير حكم شرعي محض، مرده إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، ولخصت لكم ذلك بأن قلت لكم، فمن كفره الله ورسوله عينًا نكفره عينًا ولا كرامة، هل يمكن أن يصح أن يقال: إن إبليس أو فرعون مؤمنون؟ أو لا نكفرهم؟ لا، إلا على مذهب المرجئة وغلاة المرجئة، وإلا فهم كفار بتكفير الله لهما، فمن كفره الله ورسوله عينًا بنفسه، فإننا نكفره عينًا ولا كرامة، فرعون هذه الأمة هو أبو جهل، عمرو بن هشام، الثاني: من كفره الله ورسوله جنسًا، فنكفره جنسًا ولا كرامة، الله ورسوله كفَّرَا المشركين، والمجوس، واليهود والنصارى، والكافرين، فجنس هؤلاء كفار، ومعنى جنس؛ أي: غير معينين، لو قال قائل: لا، اليهود إخواننا، والنصارى إخواننا، ما هم بكفار، أو المجوس ليسوا كفارًا، هذا أتى ناقضًا من النواقض؛ ولهذا مر عليكم، إن كنتم تحفظون نواقض الإسلام، ونواقض الإسلام بالمناسبة كثيرة، ليست محصورة في العشرة، ولهذا الأصول الخطية لنواقض الإسلام لما راجعناها فيها هذا المعنى، أن نواقض الإسلام كثيرة "أشهرها عشرة"، شيخ الإسلام رحمه الله ذكر أن الفقهاء ذكروا، الشيخ منصور البهوتي في شرح الإقناع، وغيره ذكروا أن النواقض قد تزيد على أربعمائة ناقض، أشهرها عشرة، الناقض الثالث منها قال الشيخ: "مَن لم يكفر المشركين، أو شك في كفرهم، أو صحح مذهبهم"، هذا أتى ناقضًا؛ لأنه اعترض على حق الله جل وعلا في تكفير هؤلاء جنسًا، الثالث: من كفره الله ورسوله وصفًا، فهذا يكفر إذا قام به الوصف الذي لأجله كفره الله ورسوله، وهذه وظيفة العلماء، والقضاة الشرعيين الفقهاء، الذين يطبقون هذا الوصف على المعينين، من ذلك قول الله تعالى: ﴿ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾ [التوبة: 65، 66]، هؤلاء كفروا بهذا الاستهزاء، لما قام بهم وصف الاستهزاء بالرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: (ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونًا ولا أكذب ألسنًا، ولا أجبن عند اللقاء)، كفروا به، قبل هذا هم مسلمون بنص الآيتين: ﴿ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾ [التوبة: 66]، أثبت لهم إيمانًا تلاه وأعقبه كفر، وفي الآية بعده قال: ﴿ وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ﴾ [التوبة: 74]، إذًا من قام به وصف الكفر؛ كأن يصدِّق بالسحِّر، أو يرضى به، أو يصدق بالكهان، أو يدعي علم الغيب، أو يسجد لصنم، إذا قام به وصف الكفر، بوصفه المعتبر عند أهل العلم لما ذكر الله أنه كفر أكبر، أو ذكر النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ذلك، فإن هذا يكفر بعينه ولا كرامة له، هذه كلها منبثقة من الأصل الأول؛ أن التكفير حكم شرعي محض، مردُّه إلى الله ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، القاعدة الثانية في هذا: أن الكفر أنواع: فها هنا كفر أكبر، وكفر أصغر يسمى بالكفر العملي، الكفر الأكبر هو المخرج من الملة، والكفر الأصغر لا يخرج من الملة، الكفر الأكبر يوجب الخلود في النار، الكفر الأصغر قد يوجب الدخول في النار، لكن لا يوجب خلودًا فيها، الكفر الأكبر لا يغفره الله جل وعلا، والكفر الأصغر تحت المشيئة، إن شاء الله غفر لصاحبه، وإن شاء عذبه، الكفر الأكبر يحبط العمل ممن كان، حتى لو كان من خلَّص عباد الله؛ ولهذا قال الله جل وعلا في آية الزمر في آخرها: ﴿ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ ﴾ النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، ﴿ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ ﴾ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ﴿ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الزمر: 65]، في سورة الأنعام، لما ذكر سبحانه الأنبياء، ذكر أسماء وأعيان ثمانية عشر نبيًّا ورسولًا، ﴿ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ... ﴾ [الأنعام: 83، 84] الآيات، إلى أن قال: ﴿ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 88]، إذًا الشرك والكفر الأكبر يحبط العمل، مهما بلغ هذا العمل تقًى أو صلاحًا أو زكاةً، فإنه يحبطه، أما الكفر الأصغر، ومنه الشرك الأصغر أيضًا، فلا يحبط جميع العمل، بل نص العلماء أن الشرك الأصغر كالرياء يحبط العمل الذي صاحَبَه فقط، لا جميع العمل، الكفر الأكبر يذهب عصمة الدم والمال، والكفر العملي لا يذهب عصمة الدم والمال، وقل مثل هذا القول أيها الأخ المبارك في الشرك الأكبر والشرك الأصغر، وقل مثل هذا في النفاق الاعتقادي والعملي، إذًا الكفر لا بد أن نعلم أنه نوعان، كفر أكبر وكفر أصغر، الذي يعني بالتكفير هو الأكبر، فمن كفر الناس بالكفر الأصغر فهو من الوعيدية، كالخوارج أو المعتزلة الذين عندهم مطلق التكفير بالذنوب والمعاصي والكبائر، وكذلك الشرك شركان، شرك أكبر حكمه حكم الكفر الأكبر، وهناك الشرك الأصغر، وهو كل ما ورد من الذنوب تسميته شركًا ولم يبلغ حد الشرك الأكبر، أو كان وسيلة من وسائل الشرك الأكبر، أيضًا النفاق، هذا المصطلح الثالث الذي جاءت به الشريعة، النفاق نفاق اعتقادي أكبر، وثمة نفاق عملي أصغر لا يخرج من الملة، خصال النفاق الخمسة: ((إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان))، ((وإذا عاهَدَ غدر، وإذا خاصَم فجَر))، كما جاء فيها حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، وإذا عرفت أن الكفر على أنواع، فاعلم أنه على مراتب، وهذا على وجه آخر، كما ذكره ابن القيم في كتابه الصلاة، وشيخه، والعلماء، أن الكفر مراتب، منها كفر يخرج من الملة، وهو الكفر الأكبر، ومنها كفر لا يخرج من الملة؛ كقول النبي عليه الصلاة والسلام: ((سِباب المسلم فسوق، وقتاله كفر))، هل معنى هذا أنه إذا قاتل مسلم مسلمًا نحكم عليه بالردة؟ نحكم عليه بذلك، شيخ الإسلام ذكر لطيفة مهمة في هذا الباب تفيد وتنفع طالب العلم جدًّا، ذكر أن الكفر في الشريعة يأتي على موردين، يأتي معرفًا بأل، ويأتي منكرًا، فإذا جاء الكفر معرفًا بأل فالمراد به بالتتبع الكفر الأكبر، مثاله: {وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ} [البقرة: 108] الكفر هنا معرفة، فالمراد به الأكبر، ((بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة))، الكفر هنا الأكبر، وإذا جاء الكفر في الشريعة في موارده في الوحيين منكرًا، فالأصل أنه الكفر الأصغر، ((سِباب المسلم فسوق، وقتاله كفر))، ((اثنتان في الناس هما بهم كفر، الفخر بالأحساب، والنياحة على الموتى))، القاعدة الثالثة في هذا الباب: أنه يجب التفريق بين ثلاث مراحل في التكفير، وهذه تفيد طالب العلم إذا فهمها وأدركها جيدًا، فعندنا في التكفير ثلاث مراحل، المرحلة الأولى: أن نعين أن هذا الذنب كفر أكبر مخرج من الملة، يتأتى ذلك بالأدلة، بالشريعة؛ لأن التكفير حكم محض لله ورسوله، فنعين بالدليل أن هذا الذنب كفر أكبر، ليس بأهوائنا ومذاهبنا وأقوالنا، بل بمستند شرعي صحيح من الكتاب والسنة، فإذا حددنا أنه كفر أكبر، وتبين بالأدلة أنه أكبر وليس أصغر، ننتقل إلى مرحلة ثانية، وهي أن تجتمع فيمن فعل هذا الكفر الأكبر شروط التكفير المعينة، وتنتفي عنه موانعه المعينة، فبالتالي يستحق لوازم هذا الكفر؛ من إقامة حد الكفر والردة عليه، حد الردة جاء في القرآن، ((لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة))، وأيضًا اللوازم الأخرى: ألا يصلى عليه، ألا يدفن مع المسلمين، أن تطلَّق منه امرأته إن كانت مسلمة، إن لم تكن على دينه، ألا يورث منه، هذه لوازم أخرى تنبني على تكفيره بعينه، لو ادعى أحد أنه نبي وهو مسلم، ادعاء النبوة حكمه أنه كفر أكبر بموارد الوحيين، هل هو جاهل؟ هل هو مجنون؟ هل هو مكلف؟ هل هو عاقل؟ هذه مسائل اجتماع الشروط وانتفاء الموانع، ثم هل زوجته على مذهبه أو تخالفه؟ فإن كانت على مذهبه فحكمها حكمه، هذه لوازم ناشئة عن التكفير، يقيم عليه الحدَّ وليُّ الأمر، ما هي بدعوى فوضى، المسلمون أهل نظام، حتى في أدق المسائل، كيف في مسائل الدماء ومسائل قتل النفوس، الذي ينفذ هذا الحد الحاكم، الذي له في أعناق الناس بيعة، قد يصدر القاضي حكمًا بالقتل، لكن ليس للقاضي تنفيذه، إنما تنفيذه لولي الأمر، فإذا نفذه الحكم له، وإذا قصر هو يتحمل ذلك؛ لأن المسلمين ليست دعواهم فوضى، قد يقع الإنسان في كفر، ويتعين كفره، ولا يقام عليه الحد لمصلحة؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لم يقتل عبدَالله بن أبيٍّ ابنَ سلولَ وهو رأس المنافقين، لمصلحة رآها صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وهي ألا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه، إذا أقام ولي الأمر عليه الحد، أعلن أن فلانًا ارتد عن دين الله فقتل، هل نحكم بعينه هذا الذي قتل ردة أنه في النار؟ هذه المسألة هي المرحلة الثالثة، أقمنا عليه حد الردة، اجتمعت فيه الشروط، انتفت عنه الموانع، هل نحكم بعينه أنه في النار؟ الجواب: لا، وهذا أمر أجمع عليه أهل السنة في أصولهم، أنهم لا يشهدون، وهذا قول الطحاوي رحمه الله: "ولا نشهد لمعين بجنة ولا نار، إلا من شهد له النص الشريف بذلك، ولكن نرجو للمحسنين، ونخاف على المسيء"، وهذه المسألة ما أكثر ما يضل فيها المبتدئون من الطلبة في بداية الطلب، كثيرًا ما يضلون فيها، يعتقد بالتلازم بين إقامة حد الكفر وبين الحكم عليه بأنه في النار، الحكم عليه بالنار ليس إلينا، حتى يأيتنا وحي وعلم غيب نعرف به أنه حكم له بالنار؛ ولهذا نحن نقيم عليه الحد فيما هو بيننا وبينه، يقول أمير المؤمنين في الحديث سفيان الثوري: "الناس عندنا مؤمنون وكفار في الظاهر"؛ أي: في أحكام الإسلام الظاهرة، وبواطنهم إلى الله، نعاملهم على ما ظهر؛ لأن هذا هو الذي كلفنا به، هل كلفنا أن نفتش عن القلوب؟ لم نكلف؛ لأنه ليس لنا إليه سبيل، لماذا حكمنا بأن أبا لهب في النار؟ لأن الله جل وعلا جعله في النار، لماذا حكمنا على أمية بن خلف بالنار بعينه؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((نعم، وسيدخلك الله النار))، لماذا حكمنا بأن أبا بكر وعمر وعثمان وعليًّا وسعدًا وسعيدًا والعشرة أنهم في الجنة؟ وعكاشة بن محصن في الجنة؟ لأن هذا عن وحي، إذًا هؤلاء المعينون نحكم لهم، نشهد لهم، نقطع لهم بالجنة أو النار، ومن سواهم نرجو للمحسن ونخاف على المسيء، هذا الذي أقمنا عليه حد الردة لا نقطع أنه في جهنم خالدًا مخلدًا فيها؛ لأننا لا ندري بالذي بيننا وبين الله، هب أنه تاب بينه وبين الله، ليس إلينا، ولا ينبني عليه علمنا، ولا يحيط به حكمنا، ولهذا نقول: هو إلى ربه، أما في أحكام الدنيا، فلا نصلي عليه، لا نورث منه، نبطل عقد زوجته منه، يقام عليه حد الردة، وهو إزهاق نفسه، وهو أعظم الأمور، هذه مرحلة مهمة أيها الإخوة ينتبه لها طالب العلم، ويترتب عليها حكم بعين الكافر، الكافر المعين، المنتسب لليهودية، النصرانية، المجوسية، إذا مات هو بعينه، لا نقطع له أنه في النار؛ لأن هذا ليس إلينا، لكن قد نخاف، أو يغلب على الظن أنه في النار، أو نقيد على شرط: إن مات على كفر فهو في النار، أما أن نقطع، فليس فيها عندنا بينة، كما نقطع لفرعون وأبي لهب وأبي جهل وقارون بأنهم في النار؛ لأن الحكم على المعين فرع من العلم بالنص الشريف بذلك، ولا سبيل إلى ذلك، في مسألة الحديث، لما مر على المسلمين بجنازة، فشهد لها المسلمون بالجنة، فقال النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ((وجبت))، ثم مرت جنازة، فشهد لها المسلمون بالشر، قالوا: هو من أهل النار، قال: ((وجبت))، هنا شهدنا لها بالنار بشهادة المسلمين أم بإقرار النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم؟ بإقراره عليه الصلاة والسلام، إذًا الحكم على هذا ناشئ من حكم النبي عليه الصلاة والسلام، لا من اجتهاد المؤمنين؛ ولهذا كان الصحيح في هذه المسألة والعلماء ذكروا فيها ثلاثة أقوال: منهم من قال: لا يشهد للمعين، إلا للأنبياء فقط، ومنهم من قال: يشهد لمن شهد له المؤمنون بإطلاق، وكلا القولين مجانب للصواب، وهما قولان ضعيفان، الصحيح أنه لا يشهد للمعين بجنة، أو يشهد له بالنار إلا من شهد له النص الشريف بذلك، وهذا القول ذكر شيخ الإسلام أنه استقر عليه قول أهل السنة والجماعة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (14)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (15)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (16)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (17)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (18)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (19)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (20)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (22)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (23)

مختارات من الشبكة

  • العناية بشروح كتب الحديث والسنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (13)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (12)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (11)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (10)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (9)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (8)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (7)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (6)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (5)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب