• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   الملف الصحفي   مواد مترجمة   كتب   صوتيات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ملف تفاعلي لكل بيت مسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالقرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: أذكار الصباح والمساء
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالسنة النبوية
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    تيسير السيرة على صاحبها أزكى الصلاة وأتم السلام ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    القيادة الإدارية من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل المعتمر (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    خلق المسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    أخلاقيات الإدارة من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية الموجزة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية المتوسطة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل الحاج، ويليه: دليل الحاج المصور (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    ورد اليوم والليلة (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الجريسي: سيرة ومسيرة عبدالرحمن بن علي الجريسي ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ علي بن محمد العمران / مقالات
علامة باركود

ذكرياتي مع الشيخ محمد الطيب اليوسف (1337 - 1429)

ذكرياتي مع الشيخ محمد الطيب اليوسف (1337 - 1429)
الشيخ د. علي بن محمد العمران

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/8/2017 ميلادي - 23/11/1438 هجري

الزيارات: 22408

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ذكرياتي مع الشيخ محمد الطيب اليوسف (1337 - 1429) [1]

ومكتبته العامرة

كتبها علي بن محمد العمران

26/ 10/ 1438هـ

 

قبل أكثر من خمسة وثلاثين عامًا كنتُ أسكن مدينة الطائف في حيِّ قروى تحديداً (وهو حي قديم مشهور) مرَّ به الحافظ ابن حجر العسقلاني قبل ست مئة سنة، وقُرئ عليه فيه بعض كتب السنة.

كنت حينها في السنة الرابعة أو الخامسة الابتدائية، وكنا نصلي الجمعة تحديدًا في جامع محمد بن سرور، وكان خطيبه الشيخ محمد الطيب بن محمد اليوسف، إلى جانب كونه قاضيًا في المحكمة العامة بالطائف.

 

ومما أذكره من شأن هذه الخطب أنها لا تتجاوز العشر دقائق، يركزها في موضوع محدد.. لا أذكر بالطبع من خُطبه شيئًا... لكن ما أذكره تمامًا وأنا في هذه السنّ هو صعوده إلى المنبر (وكان درجه عاليًا جدًا ولا زال)، وقِصر خطبه، وأذكر قراءته السريعة ذات النبرة المميزة، أظنني حضرت ما يزيد عن خمسين خطبة، فارتسم في ذهني شكل الشيخ وصوته وطريقة خطبته.. ثم انتقلنا بعد ذلك إلى حي آخر قريب وما عدت أصلي الجمعة معه.

 

كنت آنذاك طفلًا دون الثانيه عشرة.. وما دار في ذهني أن ألتقي به فضلاً عن أن تربطني به علاقة ولو بعد حين فقد كان فارق السن كبيرا نحو خمسين سنة... لكن الأقدار تجري بما ليس في الحسبان، فبعد نحو 15 عامًا وتحديدًا في عام 1416هـ قُدِّر لي أن أتعرف إلى هذا الشيخ الكبير وكان قد تقاعد حينها من القضاء والخطابة، بل وأتعرّف منه على شيء لطالما شُغِفت به وأحببته وتعلقت به... ألا وهو الكتاب والمكتبة!

لن أتحدث هنا بترتيب ولا تنظيم، بل وضعت قلمي على أوراقي (حقيقة لا مجازاً) وأخليت بينه وبين الذكريات يلتقط منها ما تركتْه آفةُ النسيان..!

 

كيف تعرّفت به؟ ومن الذي مهّد لهذه الصلة؟

كان سفير السعادة هو شيخنا العلامة بكر بن عبدالله أبو زيد رحمه الله.. (وكم له من أيادٍ عليّ!) حيث تعرّفت إلى الشيخ بكر في هذه السنة 1416، وتوثقت صلتي به، وفي حديثنا المعتاد على الكتب والمكتبات وما إليها ذكر لي يومًا مكتبة الشيخ الطيب، وأنها كبيرة حافلة بنفائس الكتب، وأنه يمكن الإطلاع على ما فيها في أوقات محددة كل يوم صباحًا ومساءً... إلخ

 

في تلك الأثناء كان من عادتي أن أذهب كل صباح من حدود الساعة التاسعة إلى قبيل الظهر إلى مكتبة جامعة أم القرى (وكانت تسمى حينها كلية التربية) بشهار على طريق الرُّدّف يسار الذاهب إلى هناك.. كنت أذهب للاطلاع العام والنظر في الكتب وتقييد الفوائد.. أكاد أجزم أني لم أر أحدًا في المكتبة غيري سوى موظفي المكتبة.. حتى إنهم توجّسوا من تردّدي إلى المكتبة كل يوم (رأيت ذلك في أعينهم وحركاتهم وحُق لهم) لكنهم سرعان ما ألفوني وصاروا يقدمون لي الشاي كواحد منهم، ويفقدونني إذا تأخرت أو غبت!

 

كانت مكتبة الشيخ الطيب أقرب إليّ من مكتبة الجامعة، فكان التردد إليها أخف وأقرب. وكانت أثرى بالكتب الحديثة والطبعات الجديدة، وأكثر تخصصا في العلوم الشرعية وما إليها.

نعم.. ذهبت أول يوم إلى مكتبة الشيخ الطيب حاملًا معي سلام الشيخ بكر، فهو الذي دلني على المكتبة، فرحّب بي الشيخ الطيب ترحيباً يليق بحامل سلامٍ من الشيخ بكر وكانت بداية صِلَة طيبة امتدت إلى وفاته عام 1429.

 

أول لقائي به عرّفته بنفسي وذكرت له هدفي من الزيارة واشتغالي بالبحث وأني جئت أراجع كتابًا أو مسألة للشيخ بكر أبو زيد... ففرح الشيخ، وانبسط في المجلس، وحدثني عن مكتبته وكيف جمعها..

فالشيخ لمن يعرفه ذكيّ متحرّز من زيادة المباسطة مع الناس إلا بقدر معين، له فراسة في ذلك، ومع ذلك هو واسع الصدر، يرحب بالخلاف ولا يضيق به صدره.

 

• وصف المكتبة:

يسكن الشيخ في بيت واسع الأرجاء (فيلا كبيرة)، إذا دخلت من بوابته الرئيسية استقبلك فناء كبير، على يسار الداخل غرف متعددة في اثنتين تقع الدرّة المنشودة (المكتبة)، تستقبلك أولى الغرفتين وهي متوسطة السعة تحوي كتب التفسير وبعض كتب الحديث وفيها مكتب للجلوس وبعض الكراسي، وتنفتح على غرفة ثانية كبيرة ربما كانت 15×6 مملوءة كتبًا، على جميع جدرانها رفوف زجاجية تفتح وتغلق في أجزائها العلوية ومفتوحة في أجزائها السفلية، وفي أطرافها الدنيا والقصوى رفوفًا زجاجية أيضًا منصوبة على الأض غير مستندة إلى جدار الغرفة؛ لتستوعب ما يرد للمكتبة من جديد، يتوسط هذه الغرفة الواسعة مجلس وثير للجلوس، ثم غيّر المجلس إلى طاولات للمطالعة، وكانت خيرًا. وكان هذا المجلس ربما جلس فيه الشيخ إذا جاءه زائر لأول مرة فيشرح له مكونات المكتبة وما تحويه...

 

ويستقبلك وأنت داخل إلى البيت مواجهًا لك درج يصعد بك إلى جلسة مطلّة على فناء المنزل، وهذا المجلس كان هو المفضل لجلوس الشيخ من قبل أذان المغرب بنحو ساعة إلى العشاء، يستقبل فيه زوّاره على اختلاف أغراضهم من الأصدقاء القدماء، والتجار، ورجال الأعمال، وطلاب العلم والمعرفة وزوار المكتبة، ومن أصحاب الاستشارات القضائية ونحوها...

 

المكتبة مرتبة على الفنون.. خاصة في الغرفتين الأوليين، ويصل الشيخ غالبًا إلى الكتاب بسهولة، وقد يستغرق وقتًا إذا كان في النحو أو اللغة أو مما بعد عهد الشيخ به..

الغرفة الأولى: كما ذكرنا متوسطة الحجم وبها التفسير وعلوم وبعض علم الحديث.

 

ثم في الغرفة الثانية بعد أن اليمين الرجال وللتاريخ وما إليها ثم الفقه والأصول والقواعد وما إليها ثم اللغة وعلومها والآداب والشعر والموسوعات.

وقد جمع الشيخ مئات الرسائل الصغيرة وجلدها في مجلدات كثيرة كل مجلد يحوي عشر إلى عشرين رسالة؛ ليست محددة الموضوعات، كل رسالة في موضوع، وجعلها أسفل الأدراج وجعل لكل مجلد رقما، وقد مررت بغالبها وصرت منها بعض الرسائل.

 

ثم توسعت المكتبة نحو سنة 1423 إلى غرف أخرى في فناء الدار مجاورة لتينك الغرفتين، لتلتحق بها جملة من الكتب والرفوف وغير ذلك وتمتلأ سريعا. وكان الشيخ في الشتاء ربما جلس في هذه الغرف المستحدثة.

 

• صلتي بالمكتبة:

ليس بالضرورة أن يمر زائر المكتبة بالشيخ، بل باستطاعته أن يذهب إلى المكتبة مباشرة ليجد فيها قيّم المكتبة يفتح له إن لم يكن فيها أحد، أو يستقبله ويسكب له الشاي...

منذ أن عرفت طريق المكتبة لم أنقطع عن زيارتها، أذهب كل يوم تقريبًا إما في الصباح – وهو قليل- أو في المساء من بعد العصر إلى العشاء...

 

وتعوّدت أن أمر بالشيخ وأسلم عليه فإن وجدت عنده أحدا انصرفت سريعًا إلى المكتبة، وإن لم أجد بقيت عنده للمذاكرة في العلم والمؤانسة... ثم أنصرف للمكتبة، فيحكي لي ولغيري بعض أخباره العلمية في الدراسة والحفظ والقضاء والتدريس وغير ذلك..

 

وقد حفظتُ أشعارًا لكثرة تكراره لها، منها قول الأمير الصنعاني:

علامَ جعلتم أيها الناس ديننا
لأربعة لاشك في فضلهم عندي
هم علماء الدين شرقًا ومغربًا
ونور عيون الفضل والحق والزهد
ولكنهم كالناس ليس كلامهم
دليلًا ولا تقليدهم في غدٍ يجدي
ولا زعموا حاشاهمُ أن قولهم
دليل فيستهدي به كل مستهدي
بلى صرحوا أنا نقابل قولهم
إذا خالف المنصوص بالقدح والرد

 

وقال لي: إنه كان يحفظ مقدمة صحيح مسلم كاملة ويسمعها وذكر لي رحلته من إثيوبيا إلى اليمن، ثم من اليمن إلى مكة، ثم إلى الرياض ودراسته في دار الحديث وتلقيه عن العلماء، ومزاملته لهم وتوليه المناصب المختلفة...

والحقيقة أني لم أدوّن شيئًا حينها، إهمالا واتكالا على تكرار الشيخ لبعض أخباره.

 

كان الشيخ عندما تعرفت إليه في عشرِ الثمانين لكن كان ممتعًا بذاكرة جيدة وصحة طيبة، كان لا يزال في ذلك الوقت يتابع جديد الكتب طوال العام، ويزور معرض الكتاب بنفسه، ويشتري مع كبر سنه وضخامة مكتبته!

كثيرًا ما حدثني عن العلماء الكبار الذين كانوا روّادًا لمكتبتة في بيته القديم في حي قروى من أمثال الشيخ عبدالرازق عفيفي والشيخ محمد بن جبير والشيخ الرشيد وغيرهم.

 

• الاستعارة من المكتبة وانتفاعي بها:

كان الوقت الذي أبقى فيه في المكتبة لا يتسع للقراءة والجرد والتدوين، بل كان أضيق من ذلك، فسوّلت لي نفسي مرارًا أن استعير بعض الكتب من المكتبة وأردها في اليوم التالي.. لكن الشيخ قد أوصل رسالة لمن تسوّل له نفسه هذا الخاطر، فقد علق لوحة كبيرة بخط جميل عند باب المكتبة وأنت خارج منها وفيها:

ألا يا مستعير الكتب دعني
فإن إعارتي للكتب عار
فمحبوبي بذي الدنيا كتابي
وهل يا صاح محبوب يعار

 

وكان الشيخ ينشده كثيرًا...

 

فإذا خرجت من هذه الغرفة استقبلتك لوحة أخرى وأنت خارج من الغرفة الثانية وفيها:

إذا استعرتَ كتابي وانتفعت به
فاحذر وقيت الردى من أن تؤخره
فاردده لي سالمًا إني شغفت به
لولا مخافة كتم العلم لم تره

 

فمنعني كل ذلك من طلب الإعارة...

ثم رأيت الصلة تتوثق.. والشيخ يزداد لي انبساطًا، فكأني لمّحت له أني احتاج لبعض الكتب والوقت لا يكفي لاستكمال النظر فيها، فبادرني هو بأنه لا مانع من أخذ الكتاب لأيام وإعارته، وأن هذا خاص بي ولا أذكره لغيري.. فطرت فرحًا بهذا الاختصاص وهذه المبادرة، فبدأت آخذ الكتاب والكتابين.. ثم كنت آخذ مجموعة كتب دفعة واحدة وربما ناءت بحملها اليدان...!

 

وأذكر مرة أني استعرت المجمع المؤسس لابن حجر العسقلاني أربعة مجلدات وكتاب الحافظ ابن حجر وموارده في الإصابة مجلد ضخم وكتاب خزائن الكتب العربية وكتبا كثيرة حتى من النوادر والطبعات الأصلية.

والحقيقة أن كثيرًا من موارد كتابي (المشوق إلى القراءة) كانت من مكتبة الشيخ الطيب رحمه الله، حتى إني أذكر أن أحد الأفاضل قد استكثر عليّ ذِكْر بعض المصادر وشكك أني اطلعت عليها، وضرب مثالًا بكتاب فيليب دي طرازي (خزائن الكتب العربية في الخافقين) وأن هذا الكتاب نادر، فأين وقفت عليه؟ فقلت له على الفور: من مكتبة الشيخ محمد الطيب، (والجدير بالذكر أنه ليس في مكتبة الشيخ إلا مجلد واحد من ثلاث مجلدات، ذكر لي الشيخ أنه اشتراه من أحد الباعة المتجولين عند أحد المساجد وأنه لم يكن معروضًا إلا هذا المجلد..) = فسكنت شكوكُه!

 

كان الشيخ دائم السؤال عن الجديد من الكتب، يقتني منها كتب التراث خصوصا لا يفوته منها شيء في أي فن من الفنون، ولا يحفل كثيرًا بكتب المعاصرين إلا للقليل منها.

إذا اقتنى الكتاب يبقى عنده في الديوان (أو المجلس) ليوم أو يومين، ثم ينزل إلى المكتبة، فيبقى على الطاولة لأيام ثم يلحق بنظائره في العلم والفن..

 

مكتبة الشيخ الطيب تعتبر أكبر مكتبة خاصة متاحة للمطالعة في الطائف وما حولها.. ربما تنافسها بعض المكتبات الشخصية لكنها ليست مفتوحة للمطالعة والإفادة.

ومع هذه الميزات فروّادها قليل جدًّا، أول تعرفي بها لم يكن يشاركني فيها إلا الآحاد من الناس وكان حسنًا مناسبًا - بالنسبة لي - وبعد ذلك بدأ التسامع بها وصار يمر بها بعض المهتمين أو الباحثين على قلتهم أيضًا.

 

استمرت الصلة وثيقة مكثي بالطائف إلى شوال 1417 وبعد ذلك كنت إذا زرت الطائف - وكانت زياراتي شبه أسبوعية- لا أخلي المكتبة من زيارة واطلاع، والشيخ من مرور وسماع أخبار، إلى أن تباعد أوقات زياراتي للطائف، فخفت وتيرة الزيارة، لكن بقي التواصل بين الفينة والأخرى، فكنت أزوره متى ما صدر لي كتاب أو بحث.

 

زرته مرة بصحبة الصديق خالد الزهراني واستأذنّاه قبل العشاء كالعادة، فلم يقبل، بل طلب المكث، والعودة بعد الصلاة.. وبعد إلحاح كبير (وما كنا نحب الكلفة على الشيخ) فقد جاوز حينها السادسة والثمانين.. فعدنا بعد العشاء وأكرمنا غاية الإكرام بعشاء باذخ!

وزرته مرة بعد المغرب وكان عنده أحد المشايخ (وكان قد أفسد ما بيني وبينه بعض طلابه أومعارفه) فلما رأيتُه كدت أن أتحاشى المجلس بالذهاب إلى المكتبة مباشرة.. إلا أن الشيخ دعاني للشاي، ثم أخذ يعرّف بي عند هذا الشيخ ويبالغ ويقول: هذا الشيخ فلان من العلماء، وله مؤلفات وتحقيقات ومن أصحاب الشيخ بكر أبو زيد.. والشيخ مندفع في ذلك بما أخجلني حقا، وإن كنت فرحت بهذه المصادفة العجيبة وهذا الثناء غير المتوقع أمام هذا الشيخ الذي أفسده بعض الناس عليّ .. لعله يعرف غرض من أفسد!

 

وكان الشيخ واضحًا في عقيدته واهتمامه بالتوحيد، ومحبته للحديث والسنة، ونبذة للتقليد والتعصب المذهبي مع كونه شافعي النشأة وله في أصول الشافعي كتاب وفي طبقات الشافعيين كتاب آخر، إلا أنه من أبعد الناس عن التعصب.

ومع وضوحه هذا إلا أن مجلسه مفتوح للجميع يستقبلهم ويتحمل بعض المخالفين حتى عندما يطرحون آراءهم المخالفة.. كنت مرة عنده وفي المجلس ضيف كبير السن يقرأ كتابًا ولم أكن مرتاحًا له، ثم بدأ هو بالهجوم على من لا يحتفلون بالمولد أو ينتقدونه.. والشيخ يتلطف به، وهو يقول: لازم ألّي يتكلم يقرأ هنا وهنا وهنا... فقلت له أنا: هذا الشيخ ابن باز قرأ هنا وهنا وهناك، فما رأيك في قوله...؟

 

فقال كلمة ذمّ (بلهجة عامية حضريّة)!

فما زاد الشيخ على التبسم والرد عليه بهدوء!

كنت ذكرت له مرة المكتبة وشأنها بعد وفاته، وهل تدبر أمرها أو بتّ فيها بشيء؟

 

فقال: إنه بصدد التفكير في ذلك، وبعد مدة ليست بالطويلة أخبرني أنه عزم على وقفها لتكون تحت إدارة الشؤون الإسلامية والأوقاف وكتب للوزير (الشيخ صالح آل الشيخ) بذلك. وتم الاتفاق على أن تستقطع أرض من الأراضي التابعة للوزارة ويبنى فيها مكان للمكتبة ويعد مكان للضيافة وعقد الدورات العلمية.. وهكذا.

 

وبقي الأمر معلقًا بمن يساهم في تكاليفها وأن أحد الوجهاء لا مانع عنده من ذلك لكنه يشترط أن يكتب اسمه على المكتبة... فرفض الشيخ، وأراني الشيخ المكاتبات بينه وبين الوزارة..

وبقيت الأمور معلّقة ولم يتم الأمر، والمكتبة على حالها حين تركها الشيخ، وباقية تفتح للجميع بنفس توقيت أيام حياته.

 

رحم الله الشيخ وجزى الله أبناءه خيراً حيث أبقوا المكتبة على حالها أيام الشيخ.. فهي من الخير الذي ينتفع به الشيخ بعد مماته.

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد.



[1] في مجلة وزارة العدل لقاء مطول مع الشيخ عن نشأته وما إليها، ينظر العدد 14، السنة 4، 1423هـ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من ذكرياتي مع الألباني للشيخ بو خبزة
  • من ذكرياتي مع المرحوم الشيخ عبدالرحمن الباني
  • ذكرياتي مع الكتب (1)

مختارات من الشبكة

  • ذكريات شموع الروضة (7) ذكرياتي مع محمد العبدالله الراشد وأبيه رحمهما الله (PDF)(كتاب - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • ذكرياتي عن أهل نجد في الشام، وعَلاقة الشيخ فوزان السابق بحيِّ الميدان والسلفيين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن التويجري في محاضرة: وقفات مع قوله تعالى: {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة}(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • ترجمة الشيخ عبداللطيف بن الشيخ عبدالرحمن بن شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ذكريات مع فقيد العلم والعمل في الكويت الشيخ وليد بن محمد العلي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ذكريات ومواقف مع الشيخ محمد يونس الجونفوري(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • رسالة الشيخ عبدالكريم الدبان إلى شيخه الشيخ أحمد الراوي (PDF)(كتاب - ثقافة ومعرفة)
  • الشيخ المحدث عبدالله بن عبدالرحمن السعد في محاضرة: مسائل متعلقة بشهري شعبان ورمضان(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • الماء في قصائد ديوان (مراكب ذكرياتي) للدكتور عبد الرحمن العشماوي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مسند الديار النجدية وفقيهها الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن إسحاق آل الشيخ(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 


تعليقات الزوار
1- شكر الله لكم
عبدالعزيز - المملكة العربية السعودية 16-08-2017 03:26 PM

شكر الله للشيخ علي العمران ..هذه الذكريات الطيبة ..

وقد رجعت لحوار مجلة العدل مع الشيخ محمد الطيب .. فوجدته وصف مكتبته بقوله: "وأما أنا فلدي مكتبة في المنزل يوجد فيها ثلاثون ألف مجلد من الكتب" ص9 من المجلة.

كما ذكر في الحوار أن عدد مؤلفاته التي صدرت سبعة كتب، وثلاثة كتب تنتظر طريقها للصدور.

ومما وقفت عليه من مؤلفات:
- تذكرة المسلم في الدعوة إلى الله ونشر العلم
- أثيوبيا والعروبة والإسلام عبر التاريخ
- المذهب عند الشافعية وذكر بعض علمائهم وكتبهم واصطلاحاتهم
- عصارة القلم في ذكر الله وجوامع الكلم

وممن أجرى مع الشيخ محمد الطيب حوار الاستاذ خلف بن سرحان القرشي في مجلة (أحوال المعرفة) عدد 73 محرم 1426 ص46-49، وقد صدر المجلة الحوار بهذا العنوان (أحوال المعرفة تدخل اشهر وأكبر مكتبة خاصة بالطائف: مكتبة الشيخ محمد الطيب بدأت بالموطأ وصحيح البخاري وزارها أول مفت للمملكة)

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب