• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   الملف الصحفي   مواد مترجمة   كتب   صوتيات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ملف تفاعلي لكل بيت مسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالقرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: أذكار الصباح والمساء
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالسنة النبوية
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    تيسير السيرة على صاحبها أزكى الصلاة وأتم السلام ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    القيادة الإدارية من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل المعتمر (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    خلق المسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    أخلاقيات الإدارة من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية الموجزة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية المتوسطة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل الحاج، ويليه: دليل الحاج المصور (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    ورد اليوم والليلة (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الجريسي: سيرة ومسيرة عبدالرحمن بن علي الجريسي ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الدكتور أحمد إبراهيم خضر / اعترافات علماء الاجتماع
علامة باركود

علم الاجتماع شَعْوَذةُ الأزمنة الحديثة

د. أحمد إبراهيم خضر

المصدر: حلقات من كتاب (اعترافات علماء الاجتماع، عقم النظرية وقصور المنهج في علم الاجتماع)
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/6/2011 ميلادي - 26/7/1432 هجري

الزيارات: 29883

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

اعترافات علماء الاجتماع

الحلقة الأولى

 

 

مقـدمة

بسم الله الرحمن الرحيم، والصَّلاة والسَّلام على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

هذا الكتاب حَصاد ثلاثين عامًا قضَيْناها بين دِراسة وتدريس علم الاجتِماع، عرفنا وتتَلمَذنا على يد الرَّعيل الأوَّل من رُوَّاد هذا (العلم) في مصر، وعاصَرنا وزامَلنا أكثر من جيلٍ لا زال في الميدان، مارَسنا تدريسَه في عِدَّة جامعات بعِدَّة دُوَلٍ مختلفة، ابتُعِثنا إلى الولايات المتَّحدة أكثر من مرَّة، وهناك عرفنا وتتَلمَذنا وعاصَرنا في مرحلتَيْ ما قبل الدكتوراه وما بعدها أبرز المُتَخصِّصين في الفُرُوع الدقيقة لعلم الاجتماع، وهم يعرفوننا كما يعرفون أبناءَهم، وحاوَلُوا أكثر من مرَّة تسخيرنا لخدمة مصالحهم ذات الصلة الوثيقة بأعمال المخابرات الأمريكيَّة باسم (علم الاجتماع العسكري).

 

بدَأت رحلتنا مع علم الاجتماع في عام 1962 بجامعة القاهرة، كتَبنا فيها مؤلَّفَيْن في هذا الفرع من فروع علم الاجتماع، وكان حَصاد هذه الرحلة الطويلة مُؤلِمًا وشاقًّا على النفس؛ لقد ضاعت سنو حياتنا في شَعْوَذةٍ أطلق عليها (علمًا)، ليس في حقيقته إلاَّ صياغة دينيَّة لمعتوهٍ فرنسي، ومُلحِد يهودي، وشِرذِمة من الماركسيِّين واللادينين... أرادوا له أنْ يكون دينًا جديدًا، وأرادوا لأنفُسهم أنْ يكونوا أنبياء ورسل هذا الدين الجديد، ورغم ذلك فإنَّه لم يخرج عن كونه مجرَّد كلام عامي، ورطانة غامضة، أمَّا النَّزعة العلميَّة التي يتمسَّك بها فقد كانت نزعةً مزيَّفة باعتراف كِبار المؤرِّخين الألمان.

 

سطرنا حَصاد هذه التجرِبة بين دفَّتي هذا الكتاب، لكنَّ الرسالة التي نودُّ إبلاغَها أبعد بكثيرٍ من السُّطور التي يحتَوِيها، إنها رسالةٌ تنحَصِر في جملةٍ واحدة هي: "أنَّنا لسنا بحاجةٍ إلى علم اجتماعٍ؛ لا في شكله العام ولا فيما يُسمَّى اليوم (بعلم الاجتماع الإسلامي، أو أسلَمَة وتأصيل علم الاجتماع)".

 

إنَّ هذا الأخير في تصوُّرنا (ضرب من التَّرَف)، و(نوع من العبث) الذي يضرُّ ولا يَنفَع، الإسلام يُذبَح على يد أبنائه قبلَ أعدائه على امتِداد العالم، ونحن مَشغُولون بقَضايا هدفها الأساس صرْف الأنظار عن ذلك الذي يَجرِي لهذا الدين، وإن ادَّعت أنها تَعمَل من أجله، قَضايا من مهامِّها الأخرى أنْ تضع حاجِزًا يَحُول بيننا وبين أنْ ندرك صَفاء هذه العقيدة ونقاءَها ودورَها الحقيقي في الحياة، حاجزًا يَحُول دون فهمنا الصحيح لهذه العقيدة ويُحوِّلها إلى مُصطَلحات ومسائل لا يَعِيها ولا يهتمُّ بها إلاَّ مَن صاغوها بعد أنْ أُعِيدت صياغة عقولهم في دُوَلِ الغرب، لكنَّها لا تشغل في أدمِغَة الناس - من أبسطهم إلى أعقدهم، ومن جاهلهم إلى عالمهم - حيِّزًا يُذكَر.

 

الناس يرنون إلى عقيدةٍ صحيحةٍ سهلة مَتِينة تستَنِد رأسًا إلى كتاب الله وسُنَّة رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يسمعونها ويتعلَّمون أُسُسَها وقواعِدَها من عُلَماء مُخلِصين، مُتعمِّقين في الكتاب والسنَّة واللغة العربيَّة وأحكام القرآن وتفسيره، وفي أمور الفقه والتشريع، عُلَماء على وعيٍ بحقيقة العلوم الاجتماعيَّة ونشأتها في زمن الفِصام النَّكِد بين العلم والدِّين، ودورها المعد له لتنظيم حياة الناس بدلاً من الدِّين، وليس من عُلَماء لا يفهَمون من عقيدتهم إلاَّ القُشُور، وكل همِّهم التوفيق من قريبٍ أو بعيدٍ بين ما جاء به الأنبياء والرسل وما قاله العُلَماء والفَلاسِفة.

 

عادَى رجال الاجتماع في بلادنا الدِّين والصَّحوة الإسلاميَّة؛ هذا (سمير أمين) يشنُّ حملةً شَعواء ضد هذه الصحوة، ويَراها صحوة مزعومة لا تستحقُّ تسميتها، ويَراها مَوْجَةً رجعيَّة تنخَرِط في استِمرار تسلُّط ما يسمِّيه بفكر عُصُور الانحِطاط.

 

وذاك (سمير نعيم) يشنُّ حملتَه ضد شَباب الجماعات الإسلاميَّة، ويَرمِيهم بالتطرُّف والجمود العَقائدي والانغِلاق الفكري، ويَصِفُهم بأنهم مَرضَى عقليُّون لديهم أوهام حيوانيَّة الرجل وشهوانيَّته تجاه المرأة.

 

وبين (سمير أمين) و(سمير نعيم) تتعدَّد الرُّؤى وتختلف الأطروحات والصَّحوة الإسلاميَّة، ولكنَّها تنطلق وتصبُّ في نفس النَّهر المعادي لهما.

 

لا نبغي وَراء سُطُور هذا الكِتاب إلاَّ رضا الله - عزَّ وجلَّ - ونسأَلُه - تعالى - أنْ يكون في ميزاننا يوم القيامة، وأنْ يحشرنا في زمرة مَن رضي عنهم ورضوا عنه.

 

إنَّ خير مَن نهديه هذا الكتاب هم أولئك الذين التقَيْنا بهم في القاهرة والخرطوم وواشنطن وجدة ونوردج (ببريطانيا)، هؤلاء الذين جعَلَهم الله سببًا في إزالة الغشاوة من على أعيُينا، وهؤلاء الذين وضَعُوا أقدامنا على أوَّل الطريق، وهؤلاء الذين ثبتوا أقدامنا على امتِداد هذا الطريق، أدعوه - عزَّ وجلَّ - أنْ يجزيهم عنِّي خير الجزاء.

 

أمَّا زوجتي فهي أوَّل مَن شجَّعني على الكتاب، وأوَّل مَن شارَكني وحمل معي وهوَّن عليَّ مشاقَّ هذا الطريق، أسأَلُ الله أنْ تُرافِقني في الآخِرة كما رافقَتْني في الدنيا، ونسأَلُه - عزَّ وجلَّ - أنْ تكون أعمالنا جميعًا خالصةً لوجهه الكريم.

 

الفصل الأول

علم الاجتماع شَعْوَذةُ الأزمنة الحديثة

هناك عدَّة حقائق أقرَّ بها رجال الاجتِماع في بلادنا وفي بلاد الغرب:

الحقيقة الأولى: هي أنَّ علم الاجتِماع هو شعوذة الأزمِنة الحديثة:

أقرَّ بهذه الحقيقة الطاهر لبيب الأستاذ بالجامعة التونسية، في معرض حديثِه عن موقف بعض المجتمعات الغربيَّة من علم الاجتماع، وتخوُّفه من نقْل هذا المفهوم إلينا، ودعا غيره من رجال الاجتماع إلى الحدِّ من الانبِهار الساذج والتوكُّل الكلي على علم الاجتِماع كمواقف تجعَل منه عصا سحريَّة علميَّة.

 

من المسلَّم به أنَّ علم الاجتماع يُساعِد على بَلوَرة اهتِمامات وقِيَم الطلاب الذين يلتَحِقون بأقسام الاجتماع بتوقُّعات وآمال عريضة، يريدون أنْ يلمسوا قَضايا المجتمع الحقيقيَّة، فيجدون أنَّ المحاضرات والمؤلَّفات والكتب والمداولات والنِّقاشات تنتَمِي إمَّا إلى مجتمعات غربيَّة أو شرقيَّة، وفوق هذا لا يجدون في المقرَّرات الدراسيَّة والأنشطة العلميَّة ما يَروِي غليلَهم، فيُصابون بالإحباط وخَيْبة الأمل، ثم يُفاجَؤون بأنَّ سني أعمارِهم ضاعَتْ في شَعوَذة باعتِراف أساتذتهم وأئمَّة أساتذتهم من عُلَماء الغرب، وممَّا يؤكِّد لهم ذلك أنهم يتخرَّجون فيجدون أنفسهم غير فاهِمين للمجتمع، وعاجِزين عن التعامُل معه في ضوء ما تعلَّموه.

 

الحقيقة الثانية: هي أنَّ تدريس علم الاجتِماع في بلادنا لا يعدُّ ضرورة من ضرورات المعرفة والواقع، وأنَّه لو أُلغِي هذا الاختصاص من جامعاتنا فإنَّ غيابه لن يكون نقصًا ولا تخلُّفًا معرفيًّا:

 

أقرَّ بهذه الحقيقة الطاهر لبيب أيضًا، كما أقرَّ بها كذلك سعد الدين إبراهيم الأستاذ بالجامعة الأمريكيَّة بالقاهرة، اعتَرَف سعد الدين إبراهيم بأنَّه لو افترض أن اختَفَى كلُّ عُلَماء الاجتِماع العرب فجأةً، فإنَّه لا شيء يمكن أنْ يحدث للمجتمع سلبًا أو إيجابًا.

 

أقرَّ هذا الأستاذ أيضًا بأنَّ الرَّغبة (وليس الضرورة) هي مُبرِّر ظهور علم الاجتماع وعلماء الاجتماع، وهي مبرر وجوده ووجودهم، واستِمراره واستمرارهم، أقرَّ كذلك بأنَّ الفهم الذي يُقدِّمه علم الاجتِماع للمجتمع ليس هو العلم الوحيد وإنما هناك أفهامٌ أخرى قديمة وحديثة بمعنى: أنَّ عِلم الاجتماع ليس هو العلم الوحيد الذي يحتَكِر تقديم الفَهْم عن المجتمع.

 

شارَك محمد الجوهري الأستاذ بجامعة القاهرة سعد الدين إبراهيم في ذلك، وقال: إنَّ علم الاجتماع لا يستَطِيع تقديم صورة كاملة وشاملة عن الإنسان والمجتمع، وإنَّ تصوُّره لهما جزئي ويُمثِّل وجهة نظرٍ واحدة، وأقرَّ غيرهما من رجال الاجتماع أنَّ دور علم الاجتماع في بلادنا هزيلٌ ومنحصرٌ في التَّلقِين والتَّدرِيس خلف أسوار الجامعة، وأنَّه ليس إلاَّ صورة مرتعشة مهزوزة لمنتجٍ مهزوز تَمَّ في مجتمعاتٍ أخرى ولصالح مجتمعات أخرى - ضد مصالحنا بالطبع - غير قادِر على متابعة التغيُّرات التي تحدُث في مجتمعاتنا ذاتها، الناس في بلادنا - بما فيهم الجهات الحكوميَّة والمؤسَّسات الخاصَّة - لا تَضعُ هذا العلم وأهلَه في مكانة رفيعة، ولا تُسنِد إليهم مهامَّ إجراء بحوث أو اقتراح حلول أو المشاركة في اتِّخاذ قرارات، وكيف يسند إليهم ذلك والناس ترى ضَحالة ما يُعالِجونه وسطحيَّة ما يُعالِجونه، إلى درجة أنَّ منهم مَن كان يدرس (القهوة العربيَّة السادة) ووظيفتها الاجتماعيَّة عبر التصوُّرات المنهجيَّة والأُطُر النظريَّة للباحثين الغربيين؟!

 

يقرُّ رجال الاجتِماع في الغرب بأنَّ علم الاجتِماع ليس صادقًا كميدانٍ للمعرفة، وأنَّ 95% من دراساته ترتَبِط بالأشكال غير المنطقيَّة من السُّلوك، ورغم ذلك فإنَّ هذا لم يمنعهم من وضْع أغلب أحكامهم في إطارٍ منطقي، المفاهيم في علم الاجتماع تُعالَج كحقائق بسيطة دون معنى ثابت وواضح، كلُّ مفهومٍ في علم الاجتماع له العَدِيد من المعاني، الحسَن والقَبِيح ليس بأنماطٍ مختلفةٍ من السُّلوك، وإنما هما دَرجات مختلفة لاسمٍ واحد: الطلاق، الانتحار، السفاح، وأبناء الزنا، كلُّ ذلك مفاهيم ذات ظِلال مختلفةٍ، لها معانٍ واسعة، القبيح في علم الاجتِماع قد يُصبِح حسنًا، والحسَن قد يُصبِح قَبِيحًا، ليس هناك من اتِّجاه اجتِماعي يُمكِن أنْ يستمرَّ في نفس الخطِّ دون نهاية.

 

حديث رجال الاجتماع عن التنبُّؤ مبالغةٌ غير منطقيَّة، فعُلَماء الغَرْب - أصحاب هذه القضيَّة ذاتها - يعتَرِفون بأنَّه لا يُمكِن التنبُّؤ بالمستقبل في أيِّ زمن، ولا أحد يعرف ما الذي سيَحدُث غدًا، وأفضَل ما في جَعبَة علم الاجتماع لا يستَطِيع أنْ يَضمَن ذلك.

 

البناء الفكري العام لرجال الاجتماع في بلادنا يتميَّز بالتشتُّت والتشوُّه، يُغيِّرون أفكارهم مع تغيُّر سياسة الدَّولة، ومع انتِقالهم من مجتمعٍ عربي إلى آخَر يَدفَع أكثر، إنهم يَعتَرِفون بأنهم غير قادِرين على تشخيص واقِع مُجتَمعاتهم تَشخِيصًا دقيقًا، إنهم مَشغُولون بانتِماءاتهم الأيديولوجيَّة، يخشون على مستقبلهم المهني، ومهاجمة بعضهم البعض، ينفون عن بعضهم البعض ما يُسمُّونه بالقِيَمِ العلميَّة والأمانة والدقَّة، ويتَّهمون بعضهم بعضًا بالاستِسهال والتمَرْكُز حول الذات، وتجاهُل أعمال الآخَرين، وإعادة إنتاج ما سبَق إنتاجه، والإخلال بما يُسمُّونه بأسس البحث العلمي النظري والمنهجي والميداني واللغوي، والتخلُّف عن مُتابَعة الإنتاج العالمي، كلٌّ منهم يدَّعِي أنَّه بداية العلم الحقيقي وحامِل شُعلَته، يتَّهِمون بعضَهم بالتبعيَّة وهم من ناقِليها... إلخ.

 

الحقيقة الثالثة: هي أنَّ النزعة العلميَّة في (علم الاجتماع) نزعة مُزيَّفة، وأنَّ الشُّروط العلميَّة التي حدَّدها العُلَماء في أيِّ معرفة لكي تكون علمًا لا تتوافَر في (علم الاجتماع):

 

إنَّ هذا العِلم مرتبطٌ بأسماء أشخاص مُعيَّنين، هم الذين اخترَعُوا نظريَّاته ومَدارِسه، يرجع إليهم دائمًا وليس إلى علمٍ مُحدَّد، إنَّه ليس بعلمٍ دولي ولا بالمعنى الدقيق لكلمة "علم"، نشأة علم الاجتماع ليسَتْ نشأة علميَّة، وأصحابُه لا يَشعُرون في قَرارَة أنفُسِهم بأنهم عُلَماء، استِخدام (علم) الاجتِماع لمناهج العلوم الطبيعيَّة وللإحصاء وللرياضيَّات لم يُحقِّق له خَصائص العلم، لم يتحقَّق حلمه في التوصُّل إلى القَوانِين التي تَحكُم حركة المجتمع. الأحكام التي توصل إليها احتماليَّة ترجيحيَّة تَعكِس أهواء مُطلِقيها وميولهم ومَصالِحهم.

 

الحقيقة الرابعة: هي أنَّ علم الاجتماع (علم) عقائديَّة ليس بالمُحايِد، وأنَّه استعماري بطبيعته، وذو صلةٍ بأعمال المُخابَرات، هدفه الأوَّل ضرب الدِّين والعقيدة بصفةٍ عامَّة، والإسلام وشريعته بصفة خاصَّة:

 

أقرَّ (جاك.بيرك) بأنَّ علم الاجتماع علمٌ استعماري، وأقرَّ رجال الاجتماع في بلادنا بأنَّ علم الاجتماع أعدَّ بحثًا وتدريسًا ليكون عقلُ رجال الاجتِماع العرب تابعًا للعقل السوسيولوجي الغربي، سَواء في منهجيَّة التفكير أو تصوُّر مهامِّ علم الاجتِماع، وأنَّه حينما رحَل الاستِعمار من بلادنا ترَك وراءَه من الترتيبات المؤسسيَّة والفكريَّة ما يُعِيد سَيْطرته وهَيْمنته والتبعيَّة له، وفي المغرب العربي كان علم الاجتماع في خِدمة الاستعمار الفرنسي، وارتَبَط ارتِباطًا مُباشِرًا بأجهزة المخابَرات، تركَّزت أهدافُه منذ نشأته في مُحارَبة الإسلام وشريعته، وتشجيع مَلامِح الحضارة المغربيَّة ما قبل الإسلاميَّة.

 

أسهَم علمُ الاجتماع في تحقيق الأهداف الفرنسيَّة الرامِيَة إلى تعميق الهوَّة بين العرب والبربر، والعمل على تطوير البربر في اتِّجاه الحضارة المغربيَّة وليس الإسلام، عمل على إعادة تركيب وتنظيم حياة المغرب العربي في ضوء المرئيَّات الاستعماريَّة.

 

اهتمَّت المُؤسَّسات الأمريكيَّة في بلادنا اهتِمامًا خاصًّا بترجمة مراجع علم الاجتماع الغربي التي تحتَوِي أفكارًا مُضادَّة للدِّين والعقيدة؛ أشرَفتْ مؤسَّسة فرانكلين - على سبيل المثال - على طبْع كتاب (المجتمع) لمؤلِّفيه (ماكيفر وبيج)، لاقَى هذا الكتاب رَواجًا كبيرًا، نظَر هذا الكتاب إلى تفسيرات الدِّين على أنَّها تفسيرات جامِحة لا بُدَّ أنْ ينقيها العلم، دعا إلى دينٍ عالمي من صِفاته أنَّه دينٌ بلا جهاد، ولا يقوم على مبدأ الإيمان أو الكفر، نظَر المؤلِّفان إلى الدين على أنَّه يُفرِّق الشُّعوب ويَقطَع أوصال الشعب الواحد، ويعتبرانه عقيدةً ضيِّقة الأُفُق غير مُتسامِحة لا تستَنِد إلى العقل، يريد المؤلِّفان دينًا بلا سلطة أخلاقيَّة، لا يُحدِّد القواعد الخلقيَّة للناس، لا يمنَع الاحتِكار ولا الربا، يسعيان إلى أخلاق تحرُّريَّة تنبَثِق من ضمير الفرد، روَّج المؤلِّفان للمذهب الإنساني الذي يعني التخلِّي عن أحكام ما فوق الطبيعة المتعلِّقة بالخلق، والجنة، والنار، ويجتَمِع الناس على قَواعِد الأخلاق الاجتماعيَّة وليس على أساس الدِّين والمعتقدات.

 

الإنسان في علم الاجتِماع هو ناتج الواقع يُحدِّد له مصيره وينشئه ويُحرِّكه كيف يشاء؛ ولهذا فإنَّ عليه أنْ يخضع لقُوَى المجتمع ومعاييره، والإنسان في علم الاجتماع أيضًا هو خالق الواقع كما أنَّه ناتجٌ له في نفس الوقت، المجتمع يَصنَع الإنسان، والإنسان بدَوْرِه يَصنَع المجتمع، دِراسة المجتمع عند بعض العُلَماء تَبدَأ من الفرد وفي داخِل الأفراد وليس في أيِّ نِطاقٍ آخَر يُمكِن العثور على النُّظُم.

 

المعنى الحقيقي لعلميَّة علم الاجتماع هو عدم إقراره بوجود قوَّة أوجَدت العالم وسيَّرته وتُحرِّكه وفق إرادتها، إنَّه لا يرتَبِط مُطلَقًا بما هو روحي وما هو ديني، الرُّوحي والدِّيني أحد موضوعات دراسته، يتحكَّم هو فيها ولا تتحكَّم هي فيه، إنَّه (علم)؛ ولهذا لا يُؤمِن إلاَّ بالملاحظة والتجرِبة العلميَّة.

 

مصادر علم الاجتماع الثلاثة هي نفس مصادر الحضارة الغربية: المَنهَل اليوناني الروماني، والمَنهَل اليهودي المسيحي، والبيئة الأوروبيَّة ذاتها.

 

عُلَماء الاجتماع الغربيُّون كانوا يرَوْن أنَّ الغرب كان يُعبِّر عن نفسه يومًا بالدِّين، أمَّا اليوم فإنَّ الدين عندهم (معتقدات عتيقة)؛ ولهذا استَعان الغرب بالعلوم الاجتماعيَّة كبديلٍ عن هذه المعتقدات العتيقة، وتحوَّل الدِّين عِندَهم إلى موضوعٍ للبحث الاجتماعي والتاريخي، وإلى تُراثٍ يمكن إخضاعه للدراسة، خاضَ علم الاجتماع معركته ضد الدِّين ووصَف عُلَماؤه هذه المعركة بأنها بالغة القَسْوة والضَّراوة، وتصوَّروا أنَّ النصر الحاسم كان حليفهم.

 

البِناء الحالي لعلم الاجتماع يَرجِع بصورةٍ أو بأُخرَى إلى الأفكار التي صاغَها رُوَّاد مُبكِّرون مثل (باريتو) الإيطالي، و(دوركايم) الفرنسي، و(ماكس فيبر) الألماني، الأوَّل (كاثوليكي)، والثاني (يهودي)، والثالث (بروتستانتي).

 

كانت لكلِّ واحدٍ منهم الرَّغبة في أنْ يكون عالِمًا، وكانت العلوم تُمثِّل بالنسبة إليهم فكرة النموذج الذي يُهيِّئ التفكير المحدِّد أو التفكير الصحيح، وهم كعُلَماء اجتماع كانوا يرَوْن أنَّ المجتمعات يمكن أنْ تُحافِظ على تماسُكها من خِلال مُعتَقدات مشتركة، إلاَّ أنهم وجَدُوا أنَّ هذه المعتقدات قد اهتزَّت نتيجةَ نموِّ التفكير العلمي خاصَّة في الوقت الذي ظهَر فيه أنَّ هناك تَناقضًا مُتزايِدًا بين الدِّين والعلم لا يمكن حسمُه، اعتَرَف الثلاثة بوجود هذا التناقُض.

 

انتَمَى (دوركايم) إلى التفكير العلماني، ووجَد أنَّ التفكير الديني لم يعد قادِرًا على مُواجَهة ما أَطلَق عليه: الرُّوح العلميَّة، كما رأى أنَّ أزمة المجتمع الحديث تَكمُن في أنَّه لم يستَطِع استِبدال الأخلاقيَّات القائمة على الدِّين بأخلاقيَّات قائمة على العلم، وكان يرى أنَّ علم الاجتماع يستَطِيع أن يعاون في إقامة هذه الأخلاقيَّات.

 

أمَّا (باريتو) فقد كان يصرُّ طوال حياته أنْ يكون عالِمًا، وقادَه هذا الإصرار إلى تكرار قوله بأنَّ القَضايا التي يُمكِن التوصُّل إليها عن طريق المَنهَج التجريبي هي وحدها العلميَّة، وكل القَضايا الأخرى - وخاصَّة الأخلاقيَّة والميتافيزيقيَّة - ليس لها أيُّ قيمة علميَّة.

 

كان (ماكس فيبر) ينتَمِي إلى عائلة دينيَّة، لكنَّه غير مؤمن وإنْ أبدى احتِرامًا عميقًا للعقيدة الدينيَّة، صُنِّفَ (فيبر) من قبل عُلَماء الاجتماع كفيلسوف وجودي.

 

فرضت مشكلة العلاقة بين العلم والدين نفسَها على الرُّوَّاد الكبار الثلاثة، قال (دوركايم): "إنَّ العلم يستَطِيع أنْ يفهم الدِّين، وأنْ يُفسِّر قيام مُعتَقدات دينيَّة جديدة".

 

باريتو أجاب على المشكلة بطريقةٍ ساخِرة فقال: "لا تحفل بالدِّين؛ لأنَّ الرواسب لا تتغيَّر، وسوف تَنشَأ معتقدات جديدة دائمًا".

 

أمَّا (فيبر) فقد كان يرى أنَّ التناقض قائمٌ بين مجتمعٍ يقوم على العقلانيَّة وبين الحاجة إلى الاعتقاد والإيمان، يقول فيبر: "إنَّ الطبيعة كما يُفسِّرها العلم وكما تُعالِجها التكنولوجيا ليس فيها مُتَّسع لسحر الدين وأساطيره القديمة، يجب أنْ ينسحب الإيمان ليعيش في عُزلَة مع الضمير".

 

وجَّه العُلَماء الثلاثة النَّظَرَ إلى علم الاجتماع كمفهومٍ لعلم الفعل الجمعي، ورأوا أنَّ الإنسان كمخلوقٍ اجتِماعي وديني هو خالق القِيَم والنُّظُمِ، وأنَّ الدِّين لا يمكن أنْ يكون أساسَ النِّظام الاجتماعي مرَّة أخرى.

 

هذا بالنسبة للروَّاد الكِبار، أمَّا العُلَماء المُعاصِرون فقد سارُوا في نفس منهج هؤلاء الرُّوَّاد، (تالكوت بارسونز) من أبرز عُلَماء الاجتِماع المُعاصِرين الذين أحدَثتْ نظريَّاتهم دَوِيًّا شديدًا في أمريكا وأوروبا على السواء، ولا يخلو كتابٌ في علم الاجتِماع في بلادنا من الإشارة إليه والكتابة عنه، كان (بارسونز) يرفض الدين بعُنف، ويقول (روبرتسون) في مقالته عن تالكوت بارسونز والدين (sociological analy sis، 1982، p.283): "إنَّ حديثنا عن الدِّين يعني: العودة لموضوع رفض بارسونز الإيمان به بثَبات، وأنَّه بالرغم من عدم إيمانه بالدِّين فقد كتَب فيه ما لم يَكتُب أيُّ عالم اجتماعي آخَر، وأسهمَتْ دِراساته عن الدِّين في توجيه الباحثين الآخَرين بدرجةٍ ساعدَتْهم على فهْم الدِّين بالرغم من أنَّه لم يدرسه وُصولاً إلى الحقيقة، وإنما درسه من زاوية علاقته مع المظاهر الأخرى للحياة الإنسانية".

 

ويقرُّ رجال الاجتماع في بلادنا بأنَّ (ماركس) كان واحدًا من المفكِّرين الكِبار الذين ينسب (بارسونز) إليهم أُطُرَه النظريَّة.

 

اعتَرَف العُلَماء الغربيُّون بأنَّ إخضاع الدِّين للدِّراسة العلميَّة من شأنه أنْ يحطم الإيمان الديني، ويعني: نهاية الدين؛ لأنَّ الافتراض الأساس الذي قامَتْ عليه قَضايا علم الاجتماع هو: العالم المحسوس، والخبرة الحياتيَّة، والدِّراسات الإنسانيَّة بكاملها تقوم على مبدأ أنَّ حل مشكلات الإنسان تَكمُن في داخِله وفي فَهْمِه لنفسه قبل أنْ تَكمُن في خارجها، ومن ثَمَّ حدَث انفِصال واضِح بين الواقع والقِيَم حتى في البحوث الاجتماعيَّة تحت دَعاوى الموضوعيَّة والدقَّة المنهجيَّة.

 

قام رجال الاجتماع في بلادنا بنفس ما قام به عُلَماء الغرب، فطبَّقوا الفكر العلمي على قَضايا الإنسان والمجتمع والدِّين، ففَهِمُوا الإسلامَ في ضوء التُّراث الغربي، فخرَجُوا لنا بصياغات غريبة عن الشَّكل الأوَّل للدِّين، وقالوا: إنَّ الدِّين يجب أنْ يبدأ بتجربة حسيَّة، وإنَّه يمكن ردُّه إلى عنصرٍ معروف حولنا، وإنَّ الناس هم الذين يضفون على الظواهر الطبيعيَّة قَداسةً من عندهم حين يُثِير فيهم مَشاعِر غير عاديَّة.

 

قالوا لنا: إنَّ الدِّين انبِثاقٌ من الواقع بأبعاده السياسيَّة والاقتصاديَّة والتاريخيَّة، اعتبَرُوا (الله) فكرةً وحالةً نفسيَّة، أطلَقُوا نفس المصطلحات الغربيَّة على كلِّ ما يتعلَّق بالدِّين؛ مثل: (المتعالي، وما فوق الطبيعي، والطُّقوس... إلخ).

 

تحوَّل الإسلام عندهم إلى دينٍ يُكرِّس الطاعة لتقاليد جامِدة، والمؤمن عندهم مُثقَّل بالتقاليد الدينية التي ترسَّخت في عصور التخلُّف.

 

التفكير الغيبي عندهم تفكيرٌ سلفي رجعي مغرق في مَتاهات الماضي، أطلَقُوا على النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - صفة (الكارزميَّة) - كما أسماها (ماكس فيبر) - بمعنى: أنَّه يملك جملة من القدرات الخارقة للعادة، وأنَّ له موهبة السُّلطة والزعامة والقُدرة على تَحرِيك الأحداث والأفراد في الطريق الذي يُرِيده، وأنَّ المسألة ليسَتْ مسألة وحي من الله بقدر ما هي صِفات خاصَّة له، النبيُّ عندهم يَنشُر دعوتَه نتيجةً لإحساسٍ أو هاجس عميق بمأساة الإنسان والمجتمع في عصره[1].

 

العلوم الاجتماعيَّة ليست علومًا مُحايِدة، إنها علوم عقائديَّة، لا يُوجَد هناك شيءٌ اسمه علم مُحايِد، وإذا كان يَصدُق ذلك على العلم عامَّة فإنَّه يَصدُق على علم الاجتِماع بدرجةٍ أكبر، أقَرَّ بذلك (عزت حجازي)، وأقرَّ به (غالي شكري)، ونقَلَه (حيدر إبراهيم) عن (إدوارد سعيد) الذي سلَّم بأنَّه ما من أحدٍ ابتَكَر أبدًا طريقةً لفَصْلِ الباحث عن ظروف الحياة وعن حقيقة انشِباكه، واعيًا أو غير واعٍ، في طبقة ومعتقدات ومنزلة اجتماعيَّة.

 

النظريَّات الغربيَّة - كما يقول (عادل حسين) - نظريَّات عنصريَّة تقوم على الإحساس بالتفوُّق والهيمنة، تبرز سَيْطرة الغرب الأقوى على النِّظام العالمي المُستَنِد إلى تقسيمٍ دولي ينظُر إلى التنظيمات الاجتماعيَّة غير الغربيَّة بأنَّها أدنى، وغير قابلة للتجديد والتطوُّر، وأنَّ على الغرب مهمَّة تاريخيَّة هي: العمل على تحديث العالم وتمدينه.

 

الحضارة عندهم احتِكارٌ للبِيض الذين هم أرقى الأجناس، الغرب هو الغاية الوحيدة للتقدُّم الإنساني عند (دوركايم)، وتفوُّق الغرب مسلَّمة من مسلَّمات (ماكس فيبر).

 

صُوِّرت لنا العلومُ الاجتماعيَّة على أنها علوم عالميَّة تقوم على الموضوعيَّة، وتعتمد على قاعدةٍ قويَّة من المعلومات عن سائر المجتمعات البشريَّة، وهذا تصوُّر أو ادِّعاء غير صحيح؛ لأنَّها تعتمد فقط على خبرة المجتمعات الغربيَّة وحدها.

 

قبلنا النظريَّات الغربيَّة في بلادنا على أساس أنها علم، تعتَمِد على المنهج العلمي الذي يقوم على الاستِقراء والمُلاحَظة، لا على الحدس والميتافيزيقا والقول المأثور، صُوِّرتْ لنا النظريَّات الغربيَّة - كما يقول (جلال أمين) - على أساس أنها تتَجاوَز حدود الزمن والمكان، وواقِع الأمر أنَّها كانت تُنقَل لنا تحت ستار العلم، قِيَم العالم الغربي وأفكاره ليست لصالح العلم وإنما لصالح دُوَلِ الغرب، تخلَّينا عن ديننا وعن عقيدتنا وعن تصوُّراتنا عن الكون والإنسان والحياة، واستبدلنا بها قِيَمَ الغرب وأفكاره وتصوُّراته وأخلاقيَّاته، لنكتَشِف في النهاية أنَّ ما يدعونه بالنظريَّات الغربيَّة لا علاقة له بالعلم.

 

(الإنسان هو محور الكون)، العمل يجب أنْ يكون منطلقًا من الإنسان وليس من الله، (هذه هي النقطة المركزية في كلِّ النظريَّات الغربيَّة، وهذا في حدِّ ذاته يَتناقَض جذريًّا مع المسلَّمة الأولى في حياتنا وهي: أنَّ الله هو محور الكون)، نقطة الانطلاق تبدأ منه وتنتهي إليه.

 

الحقيقة الخامسة: أنَّ رجال الاجتماع في بلادنا لا يُنتِجون علمًا حقيقيًّا: وإنما يستَورِدون الأفكارَ ويستَهلِكونها دون تبَصُّر كما يستهلكون قطع غِيار السيارات وأجهزة التكييف:

 

النظريات التي يدرسونها في قاعات المحاضرات ذات أهميَّة فقط في البلاد التي نشَأت فيها، وليس لها أهميَّة في بلادنا، نُقِلتْ إلينا دون إعمال الفكر في مدى انطِباقها على أوضاعنا، ولم تُفرَض عليها أيُّ تحفُّظات عند تدريسها تعكس نظرة وأيديولوجيَّة وفلسفة مجتمعاتها دون سِواها.

 

هناك أربع مَراحِل كُبرَى للتطوُّر العالمي الذي طرَأ على علم الاجتماع لا شأن ولا دخل لنا بها:

المرحلة الأولى: بدَأتْ منذ حوالي الربع الأول من القرن التاسع عشر في فرنسا، أهم من أسهَمُوا فيها سان سيمون وكونت.

 

المرحلة الثانية: هي الماركسيَّة التي تبلورت في حوالي منتصف القرن التاسع عشر، وعبَّرت عن جهد معين للارتقاء بتراث المثاليَّة الألمانيَّة وإدماجه بنماذج أخرى من التراث كالاشتراكيَّة الفرنسية وعلم الاقتصاد.

 

المرحلة الثالثة: تُمثِّل علم الاجتماع الكلاسيكي الذي تطوَّر قبل الحرب العالميَّة الأولى، وهي مرحلة توفيق وإدماج بين الوضعيَّة والماركسيَّة.

 

المرحلة الرابعة: هي مرحلة الاتِّجاه الوظيفي البنائي الذي تبلور في الثلاثينيَّات في الولايات المتحدة عن طريق جماعة من الدارسين الشُّبَّان؛ أمثال: بارسونز وكنجزلي دافيز، وغيرهما.

 

هذا التطوُّر نحن لا شأنَ لنا به، ورغم ذلك فإنَّ مؤلَّفات رجال الاجتِماع في بلادنا تنقل لنا فكر هذه المراحل وتُتَرجِمه لنا، الرَّسائل الجامعيَّة تعجُّ به شكلاً ومضمونًا، ولغةً وطريقةً في التفكير، ولأنَّ بلادنا يتمتَّع فيها الأجنبي بامتيازات لا حدود لها، ترسَّخ في شعورنا احترامٌ مُبالَغ فيه لكلِّ مُنجَزات الأجنبي، فسهل عليه أنْ يَبِيع بِضاعَتَه الفكريَّة كما يَبِيع بضاعته الماديَّة، وصوَّر لنا فكرَه على أنَّه نِتاجٌ إنساني عام أو ثمرة للتقدُّم المادي الذي لا ينتَسِب لحضارةٍ دون أخرى أو ثقافة بعينها، وسهل عليه إخفاء تحيُّزاته وميوله ونزعاته التي طبعت إنتاجه المادي والفكري، في هذا الجو قبلنا كلَّ ما أنتَجَه هذا الفكر الغربي والهزيمة النفسيَّة تملؤ حياتنا - على حَدِّ قول جلال أمين.

 

سارَ رجال الاجتماع في بلادنا وراء التقسيم المعروف لنظريَّات علم الاجتماع: نظريَّات الصراع، ونظريَّات التوازن، وتبايَنت رُؤَى باحِثِينا بين هذين الاتِّجاهين من النظريَّات.

 

في القاهرة والرباط وتونس وبغداد ودمشق واليمن ودول الخليج نشاط ملحوظ ومسموع لرجال الاجتماع، الذين يتأَرجَحُون بين هذين الاتِّجاهين، ينقلون هذه الأفكار، ويعرفون أنَّ دورهم هو دور النادل الذي يُقدِّم الطعام دون أنْ تكون له أيَّة مسؤوليَّة في ظهوره، فهم لم يُشارِكوا في صِياغَة هذه النظريَّات التي تبنَّوها ويُردِّدونها بشكلٍ آلي.

 

يُبرِّرون أخذَهم لهذه النظريَّات بأنَّ الحضارة الإنسانيَّة لا تتوقَّف عن المَسِير، ونحن نُعطِي لها ونأخُذ منها، ونستردُّ بعضًا من وَدِيعتنا، عندها وتحتَ هذا السِّتار شوَّهُوا الحقائق والتاريخ، فقالوا: إنَّنا أخَذنا من الإغريق فأبدَعنا حَضارةً عربيَّة إسلاميَّة زاهِرة، وإنَّه بإمكاننا أنْ نرسم خُطوات الحركة لمستقبَلنا في أيِّ اتِّجاهٍ نَشاء في ضَوْءِ ما نتعلَّمُه منهم.

 

النتيجة المُحزِنة التي وصَلنا إليها أنَّ كلَّ ما كُتِبَ عن مُجتَمعاتنا العربيَّة والإسلاميَّة انطَلَق من مَفاهِيم غربيَّة، وما كانت الماركسيَّة والدوركايميَّة والفيبريَّة والوظيفيَّة إلاَّ نِتاجًا لتاريخ المجتمعات الغربيَّة، وأصبَح تمركُزنا حولَ هذه المجتمعات واضحًا وبيِّنًا، تحرَّكت بحوثنا الاجتماعيَّة في ضوء هذه النظريَّات، وأضاعَ باحِثونا أوقاتهم وجهودهم في بحوثٍ مُنطَلقها أجنبي، فحصَّلوا الحاصِل وانقَطعتْ أنفاسُهم لإثبات بدَهِيَّات نائية منذ عهدٍ بعيدٍ، ونقَلُوا لمجتمعاتنا استِنتاجات تحقَّقت فِعلاً في مُجتَمعات أخرى وفي ظروفٍ مُتَبايِنة عن ظروفنا.

 

أقرَّ رِجال الاجتماع في بلادنا بهذه الحقائق الخمس، ولكنَّهم ما زالوا يأملون في أنَّ استِخدام علم الاجتِماع سوف يُمَكِّنهم من تحقيق أهدافٍ وأنماطٍ ثقافيَّة مُعيَّنة، ما زالوا يأملون من علم الاجتماع أنْ يُجِيبَهم عن كلِّ ما يتعلَّق بالعلاقات الاجتماعيَّة، والتنظيم، والتشريع، ومناهج التعليم، وإعادة صِياغة وبِناء العلاقات، والقِيَم، والنَّظرة إلى الحياة، ومواجهة كُلِّ المعوِّقات، والرَّواسِب، والمَشاكِل، وتشكيل وعْي الناس، إلى آخِر هذه القائمة من الأماني التي لم ولن تتحقَّق أبدًا!

 

العديد من رجال الاجتماع في بلادنا تعلَّموا في الولايات المتَّحدة، وعادوا إلينا بهذه الأماني، ذهَبُوا إليها على أنها البلد المسؤول عن التقدُّم العلمي في كثيرٍ من ميادين العلوم الاجتماعيَّة المطلوب تحقيقها في بلادنا، لننظُر ما يقوله الأمريكيُّون أنفسهم.

 

يقرُّ الأمريكيون أنَّ الآلاف المؤلَّفة من البحوث الاجتماعيَّة التي أجروها ونشَرُوها لا قِيمةَ لها من وجهة النظر العلميَّة، وأنها لم تُضِفْ جديدًا إلى رصيد المعرفة الإنسانيَّة، إنهم يُنفِقون ملايين الدولارات على البحوث الاجتماعيَّة، ويُشَجِّعون الباحثين الاجتماعيِّين بالمِنَح الضَّخمة، وينتَهِي كُلُّ ذلك إلى رُكامٍ من الحقائق الجزئيَّة التي لا رابط بينها.

 

يعتَرِف الأمريكيُّون بحِرصِهم على الوضعيَّة المتعصِّبة، وبأنَّهم يفضلون المفاهيم عن القِيَم الدائمة، وأنَّ الكثير من الذي يدرس في علم الاجتماع غير ذي فكر عميق، يقول القليل عن أيِّ شيءٍ يتعرَّض له، وأنَّه أشبَه بِحَوْضِ فقَّاعات كبير مقبول ظاهريًّا، لا يدخُل أيٌّ من موضوعاته تحت إطار التحقيق العلمي المُعتَنَى به، كُتُبُ المداخل في علم الاجتماع تجمع رَطانات عديدة، والقليل منها هو الذي يُعطِي تفسيرات منطقيَّة جادَّة.

 

يُقِرُّ العُلَماء الأمريكيُّون بأنَّ علم الاجتماع الأمريكي يُعانِي من فقرٍ في استِخدام الحقائق والخِبرات الحياتيَّة، والافتِقار إلى الارتِباط بالأحداث الكُبرَى المهمَّة، وأنَّه يُعبِّر عن خِبرة المجتمعات الأوربيَّة أكثر ممَّا يعبِّر عن خبرة المجتمع الأمريكي نفسه، يَقوم علم الاجتماع الأمريكي على حِسابات رياضيَّة، ويُهمِل التحليل، ويَجمَع الحقائق طِبقًا للمفهوم الشعبي والتفسيرات الشعبيَّة، توسَّع الأمريكيُّون في إعداد عُلَماء اجتِماعٍ، ولم يصاحب ذلك ارتِفاع في المستوى العلمي، هناك أكثر من عشرة آلاف عالم اجتماع أمريكي، لكلٍّ منهم علم الاجتماع الخاص به.

 

هذه هي اعتِرافات عُلَماء الاجتِماع الأمريكيِّين، فماذا يقول رجالنا الذين تخرَّجوا من تحت أيديهم؟

 

الماركسيَّة سقطَتْ في مهدها، لكنَّ الماركسيين في بلادنا باقون، وأبلَغ ردٍّ عليهم هو سقوط أيديولوجيَّتهم جِهارًا نَهارًا، ورغم ذلك ما زالت عندهم قَناعة بها، يَرفُضون الدِّين والعقيدة، يَنظُرون إلى العقيدة على أنَّها جامدة سرمديَّة، المتديِّنون عندهم يُخفون رُوحًا عدوانيَّة، ويستَخدِمون قُوى اجتماعيَّة وسياسيَّة يحمون بها مَصالِحهم، يُفرِّقون بين ما يُسمُّونه بالثقافة العربيَّة وبين الثقافة السائدة التي يقصدون بها الإسلام، يؤمنون بالأولى، أمَّا الثانيَّة فهي عندهم دخيلة ومرفوضة، اضطرَّ مجتمعنا إلى قبولها بوعيٍ وبلا وعيٍ، وسَّعوا مفهوم التُّراث حتى لا يُفهَم منه مجرَّد الدين والعقيدة، وليميِّزوا بين ما يُسمُّونه بالأصيل والدَّخيل من التُّراث، رغم أنَّ كلَّ همِّهم هو كسر احتِكار الفكر الغربي وعدم التقيد بمفاتيح التحليل الغَربي، فإنهم يعتَبِرون أنَّ المعركة الحقيقيَّة لهم هي مع الإسلاميِّين التي ستنتَهِي عندهم إمَّا بانتِصارهم أو انتِصار خصومهم.

 

الماركسيَّة - كما يقول (جرامشي) -: نظريَّة فلسفيَّة عن العالم، تضمُّ العناصر الأساسيَّة الضروريَّة لإقامة تصوُّر كلي وشامِل عن العالم، وهي في نظره فلسفة شاملة ونظريَّة موجهة، وقانون لكلِّ ما يحتاجه المجتمع لكي يُحقِّق تنظيمه المنشود، ورسالتها المقدَّسة إقامة حضارة جديدة.

 

يُفرِّق الماركسيُّون في بلادنا بين الماركسيَّة وعلم الاجتماع الماركسي، وإنْ كان بعضهم لا يعتَرِف بالأخير، المهمُّ هنا أنْ نبيِّن الآتي:

 

إنَّ أحدث ممثِّلي مدارس علم الاجتماع مثل: (هايبرماس) و(فيلمر)، قد تخلَّوا عن الماركسيَّة، أمَّا (كورش) الذي كان قد صاغَ المبادئ الأساسيَّة للعلاقة بين الماركسيَّة والنظريَّة الاجتماعيَّة المعاصرة في مقالٍ شهيرٍ له في عام 1937 فقد تخلَّى عن الماركسيَّة في أواخِر حياته، وقال ما نصُّه: "لم يعد من المفيد الآنَ طرح قضيَّة الصدق النظري لكتابات ماركس وإنجلز؛ ذلك أنَّ كلَّ المُحاوَلات التي سعَتْ إلى إعادة صِياغة النظريَّة الماركسيَّة على نحوٍ تتَلاءَم مع أهداف ثورة الطبقة العامِلَة قد باءَتْ بالفشل".

 

كما اعتَرَف بعضُ الباحِثين الماركسيِّين من رجال الاجتماع في بلادنا بالآتي:

1- أنَّ الفكر الماركسي قد عجز عن مُلاحَقة التغيُّرات المتلاحقة، ومن ثَمَّ فقَدتْ مفاهيمه وتصوُّراته قدرتَها على تفسير المواقف المختلفة.

 

2- أنَّ السبب في جمود الفكر الماركسي يعود إلى ضِيق نطاقه وجمود مفاهيمه ومقولاته.

 

ومثال ذلك الآتي:

أولاً: إنَّ علم الاجتماع الماركسي فشل في تفسير التغيُّرات التي طرأت على البناء الاجتماعي في البلاد الرأسماليَّة؛ حيث تطوَّر النظام الرأسمالي في غير الاتِّجاه الذي تنبَّأ به ماركس.

 

ثانيًا: إنَّ علم الاجتِماع الماركسي قد عجَز عن فهْم التغيُّرات التي حدَثتْ في المجتمعات الاشتراكيَّة ذاتها، والتي يخضَع الاقتِصاد والصناعة فيهما لسَيْطرة الدَّولة، فأدَّى هذا إلى الشكِّ في الأهميَّة التي أعطاها ماركس للملكيَّة الخاصَّة.

 

ثالثًا: عجز علم الاجتماع الماركسي عن فهْم قضيَّة استغلال الدُّول المتقدِّمة للدُّول المتخلِّفة، فبالرغم من أنَّ شعوب العالم الثالث تمثِّل بروليتاريا عالميَّة، وأنَّ الطبقة العاملة في الدُّول المتقدِّمة تشكِّل طَلِيعة النِّضال عند ماركس - فإنَّ الأخيرة تُشارِك في عمليَّة استِغلال قرينتها في هذه الدُّول المتخلِّفة.

 

ورغم هذا الفشَل على المستوى النظري والعملي محليًّا ودوليًّا، فما زالوا يَأمُلون في انتِصار شَعوَذتهم.



[1] انظر تفاصيل ذلك في مقالات رجال الاجتماع في بلادنا في كتاب: "الدين والمجتمع العربي"، الذي أصدَرَه مركز دراسات الوحدة العربيَّة في بيروت عام 1990.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • علم الاجتماع: قرن كامل من الفشل فى مصر والعالم العربى
  • علم الاجتماع أقصر الطرق إلى الإلحاد (1)
  • علم الاجتماع أقصر الطرق إلى الإلحاد (2)
  • اعترافات علماء الاجتماع في بلادنا
  • علم الاجتماع: صياغة دينية لمعتوه فرنسي
  • مؤشرات الارتباط بين الماسونية وعلم الاجتماع
  • أين يلتقي الطهطاوي بعلم الاجتماع؟
  • الهدف ليس علم الاجتماع فحسب!
  • علم الاجتماع: غبش في التصور وتشوش في النظرية
  • علم الاجتماع: نزعة علمية مزيفة
  • علم الاجتماع: بحوث سطحية وأخرى استعمارية
  • فهم الإسلام عبر المكتبة الغربية
  • رجال الاجتماع ومهمة تفكيك الدين
  • الاعتراف بفشل التحليلات الماركسية
  • هل تحتاج بلادنا إلى علماء اجتماع؟
  • لماذا نحن بحاجة لعلم الاجتماع؟
  • هل الدين ظاهرة اجتماعية؟

مختارات من الشبكة

  • حث الطلاب على الجمع بين علم التفسير والحديث والفقه(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • وصايا لمن أدرك الأزمنة الفاضلة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الوجيز في تصريف الأزمنة في اللغة التركية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • صفات الإنسان التي يختص بإطلاقها عليه بحسب الأزمنة المختلفة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تباعد الأزمنة وتقارب الغايات(مقالة - المسلمون في العالم)
  • البحث في علم الترجمة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • علم المصطلح وعلم اللغة: أبعاد العلاقة بينهما(مقالة - حضارة الكلمة)
  • طبيعة العلم من المنظور الإسلامي(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • خصائص ومميزات علم أصول الفقه: الخصيصة (3) علم أصول الفقه علم إسلامي خالص(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نصف العلم لطالب العلم: بحث في علم الفرائض يشتمل على فقه المواريث وحساب المواريث (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
8- جدل الجدل
د. رولا السوالقة - الاردن 17-10-2017 09:27 AM

علم الاجتماع في العالم العربي في سبات،،، راكد ،، كالماء الآسن،،،
وما جاء به ابن خلدون لا جديد ولا زيادة عما جاء به الكتب السماوية،،،
المتنورون من الغرب وممتهنين التفكير، والمصابين بداء التنظير، فصلوا وفسرو وفصصوا القرآن الكريم قبل مقدمة ابن خلدون... فالقران علم ومنهاج حياة
ويبدو المراهنات بين الزملاء حول الفائدة والاستفادة من علم الاجتماع شكلتها واقع وثقافة كل شخص،،
لا إطلاق ولا تعميم ، محاولات لفهم الذوات والواقع، فكر واستشرار فكر،،
فالإشكال الذي يطرحه علم الاجتماع في العالم العربي يسيري على العلوم كافة،،،
نعاني ازمة مفاهيم،،،
تحياتي للجميع

7- والإحصاءات مخفية، والبحث مفقود
د. جمال بن عمار الأحمر - الجزائر 05-03-2016 01:36 AM

1- علينا ألا ننسى أن علم الاجتماع مستل من (مقدمة ابن خلدون) الذي صرح أن هذا العلم (العمران البشري) فتح الله به عليه، وأن فيه فائدة للبشر جميعا، على اختلاف مللهم. وقد ترجم المقدمة بعض المستشرقين على رأسهم البارون (دو صلان) (De Slane)، وهكذا وقعت في أيدي (كيتليه) (Quetelet) فسرق منها شيئا يشبه (علم الاجتماع)، وزعم أنه من اكتشافه، وفعل ذلك غيره أيضا، ثم جاء (أوغست كومت) فخطف منهم سرقاتهم، وصار كمن خطف سيارة؛ نزع اللوحة المنسوبة إلى ابن خلدون، وأعاد طلاء السيارة، وغير تسميتها فصارت (علم الاجتماع)، ثم نسبها إلى نفسه. علما أنه لم يأخذ كل ما في (المقدمة)، فهي تشمل العلوم الإنسانية والاجتماعية جميعا.

2- أقوم حاليا بتدريس الانكليزية المتخصصة في علم الاجتماع (أو: انكليزية علم الاجتماع)، وقد ركزت المادة في المفهومات حتى لا يضيع الوقت في اللغة العامة. وجدت نفسي مضطرا لشرح المفهومات، وهكذا صرت مضطرا أيضا لنقد كل مفهوم منها... في النهاية اقتنعت أن العلم لا يكون سلوبا، فالعلم إثبات وفي ذلك قول ربنا عز وجل {ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير} ... العلم أن يكون النقد مجملا والإثبات مفصلا ... وهذا ما لا يمكن الحصول عليه في علم الاجتماع.

3- أقوم بتدريس مقياس آخر هو (فلسفة العلوم الاجتماعية) إلى جانب (فلسفة العلوم) ... وأوفق الأستاذ الدكتور صاحب هذا المقال، في كل ما ذهب إليه، سوى أن طرحه خفيف جدا من ناحية تدقيق المرجعيات.

4- دعوت كل من أثق فيه من زملائي، إلى قراءة (مقدمة ابن خلدون)، وإلى عقد ندوات ومؤتمرات بشأنها لتشريحها، من أجل إعدادها كبديل لدراساتنا الاجتماعية، لكن أحسنهم عاد إلي ليخبرني أنه لم يتمكن من قراءة (مقدمة ابن خلدون) لأن لغتها صعبة جدا، على الرغم من كثرة قراءته كتب  الغربيين والعرب. فتحطمت أحلامي ومساعي.

5- حاولت ، منذ عدة سنوات، أن أبسط (مقدمة ابن خلدون)، بما يوافق علم الاجتماع والرد عليه، حتى تصير في متناول الأساتذة والطلبة، لكن الأجواء المهنية حالت دون ذلك؛ فالجو المهني الذي نعيشه كأساتذة علم الاجتماع غير مناسب نهائيا للبحث والإبداع إلا بشق الأنفس، بسبب استنزاف طاقاتنا فيما لا طائل من ورائه، ضبطا للراتب الشهري في وجه سراق المهنة. والله المستعان.

6- شننت حملة فكرية على الأساتذة من زملائي ؛ أسألهم: هل الراتب الشهري المترتب على توزيع ضلالات علماء الاجتماع الغربيين، حلال؟ هل يجوز أخلاقيا أن نسكت عن نقد النظريات التي نوزعها للطلبة ونرعاها بأسئلى الامتحانات؟ هل؟ وهل؟ وهل؟ كانوا يوافقونني بأن هذا غير مقبول عقلا وواقعا، لكن الله أعلم بحقيقة حالهم.

7- إن علم الاجتماع في العالم العربي اليوم فاسد مائة بالمائة من الناحية النظرية. ولا بد لنا من بديل يخدم أمة الإسلام الغائبة التي صارت شعوبا متناحرة لا رابط بينها. وعادت كما كانت زمن الجاهلية. ولو علمت أن هناك رسالة بعد محمد صلى الله عليه وسلم لقلت إن هذا زمن الرسالة الجديدة.

8- الإحصاءات الصحيحة غير موجودة. إن حكومات العالم العربي والإسلامي تظن بالإحصاءات الحقيقية عن مقدرات البلاد ومواردها وموجوداتها، بل إنك لتجد 8 إحصاءات مختلفة لمؤسسة واحدة في المدة الزمنية الواحدة، بما يشكل تناقضا صارخا في الإحصاءات. وأعرف زميلا من الغيورين على الإحصاءات، يعمل في أكبر مركز إحصائي في إحدى الدول الجربية؛ تشدد في الدعوة إلى ضبط الإحصاءات وجعلها 4 للشيء الواحد بدل 8، فإذا به يختطف عند خرجه من عمله، وتعرض للتعذيب عدة أشهر، وفي النهاية تغلبت الرشاوي التي دفعها أهله من أجل إنقاذه، فقدم للمحاكمة كإرهابي مجنون ليس عليه أي دليل. وهكذا خرج من المعتقل بعد عامين كاملين وهو مريض نفسيا وعصبيا، وبقي يعالج مرضه عدة سنوات.

9- نظرا لكل ذلك أقول، لو أغلقت كل الدول العربية أقسام علم الاجتماع لما خسرت شيئا أبدا... سيخسر المتمعشون، وسيربح المجرمون في كل الحالات ...

6- هل علم الاجتماع اقصر طريق إلى الإلحاد
محمد هواش - السودان 23-09-2012 08:47 PM

قبل أيام طالعت إحدى صحف بلادي عنوان مقال باسم علم الاجتماع اقصر طريق إلى الإلحاد، وللحقيقة انتابني كثير الاستياء ولعل ذلك لحداثة عهدي بتفاصيل هذا العلم المثير للجدل .على العموم حسب قناعاتي الشخصية بأننا كأمة إسلامية نحتاج لهذا العلم ولكن في إطار إسلامي واعي بخطورة المرحلة التي نمربها.

5- خيانة
seddik - algerie 04-09-2012 07:28 AM

عند من يحترمون انفسهم استغلوا العلم لمجابهة مشاكل الحياة في جميع الميادين, أما عندنا نحن العرب فقد استعملنا العلم مطية للخبز ورصيد المكالمات, فلا علم الاجتماع ولا علم النفس ولا علم الجراثيم, بل خانت العلوم عندنا أدوارها، وتنكرت النظريات لوظائقها. ألم يخلق العلم ملاكا طاهرا؟ فاستحال عندنا شيطانا رجيما.

4- علم الاجتماع-لا تسمعو
عبدالفادر حسين - الصومال(السومال) 06-07-2012 11:38 PM

علم الاجتماع هو كل ما وصف به ولكن ضرب الله مثلا حيث قال في كتابه: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ. هذا ما أرى حال هذا العلم}

3- علم الاجتماع هو علم تم تشويهه وهو أشبه بعلم الأخلاق لدينا
يوسف - Oman 17-08-2011 12:24 PM

علم الاجتماع لن يكون مفيدا إلا إذا توافرت فيه الشروط التالية :
- أن يكون مصدر الدراسات والبحوث الاجتماعية هو القرآن والسنة و أقوال أئمتنا ولا بأس بالأخذ بالتجارب والقواعد الأحنبية إذا ما ثبتت صحتها .
- أن تتضمن المناهج القواعد العملية التطبيقية لحل المشكلات وفهم المجتمع فهماً صحيحا وهو ما يسمى لديهم clinical Social Work وهي أمور علاجية ومفيدة عملياً .
- يحصل كل خريج على لقب محترم ( مستشار إجتماعي أو مرشد إجتماعي أو حتى طبيب اجتماعي ) أسوة بطب النفس .
- يجب أن تسن القوانين والتشريعات على أن لا يجوز لأي شخص أن يفتح مكتباً للاستشارات الاجتماعية إلا إذا كان خريج علم اجتماع ( ونطالب بمسح الفوضى الموجودة والتي نراها يومياً والتي هي جناية على خريجي علم الاجتماع ).
- يجب أن تتضمن المناهج أيضاً التعامل الشرعي مع المشكلات الاجتماعية ( الأسرية والعائلية و غيرها ).
وللحديث بقية

2- علم الاجتماع هو علم تم تشويهه وهو أشبه بعلم الأخلاق لدينا
يوسف - Oman 15-08-2011 11:56 AM

صدقت يا دكتور أحمد ولا ألومك في كل ما قلته عن علم الاجتماع لأننا قلدنا فيه الغرب تقليداً أعمى مع أننا نحن من اكتشفناه وبيناه للناس وأولهم ابن خلدون في مقدمته وكان واضحاً لديه.
والمصيبة أننا أخذنا نظريات الغرب الفلسفية من دون تمحيص ولا تدقيق.
وعلم الاجتماع هو أشبه بعلم الأخلاق لدينا مع الأخذ بالعلوم والتقنيات الحديثة في معالجة بعض الظواهر
وأنا أتحدى أي خريج في الاجتماع في البلاد العربية أن يبين منفعة العلم هذا للناس في حياتهم اليومية (ولا نريد دراسات و بحوث للتخرج وللحصول على شهادات) كما أن علم النفس وعلم الاجتماع متداخل إلى حد كبير جدا!!! والأدهى من ذلك أن علم الاجتماع لا يصدر الأحكام !!!! إذن ما فائدته ؟؟؟؟؟ مجرد نظريات عقيمة حتى أسس بعض علماء الاجتماع الغربيين في السبعينيات كتاباً سماه " علم الاجتماع من النظرية إلى التطبيق " محاولاً بصعوبة شديدة الخروج من المأزق الذي هم فيه !!!!!
ثم ما هي مجالات العمل لدى خريج علم الاجتماع وخاصة في القطاع الخاص؟؟؟ والأكذوبة الكبرى أنهم فرعوا علم الاجتماع إلى فروع لا نهاية لها ولا حصر (الديني، العسكري، الصناعي، الحضري، البدوي، القروي، التنموي، التربوي، الميول، الجمال ........ الخ)

1- علم الاجتماع فيه حق وفيه باطل
عبدالله الشهري - السعودية 28-06-2011 10:37 PM

احترم وجه نظرك وعلم الاجتماع - إذا ما تحدثنا عن هذا العلم أو الحقل برمته - فيه باطل وفيه حق ، بل إن فلسفة علم الاجتماع لها دور كبير في نقد علم الاجتماع نفسه وبيان مفاسد بعض المناهج السائدة فيه ومن ابرز من تعرض لذلك (روي باسكر)، الذي تزعم وضع المدرسة النقدية الواقعية critical realism ومن خلالها أوضح أن جميع العلوم غير دقيقة حتى مناهج العلوم الطبيعية تتأثر بعوامل كثيرة تقلل من موثوقيتها، ومن أكثر الحقول التي وظفت بعض ما جاء في علم الاجتماع توظيفاً ذا قيمة حقول علم الإدارة وأنا أقول بعض ولا أدعي الدقة ولا كمال الفائدة في علم الاجتماع ولكنه الواقع لمن نظر بعين التمحيص والإنصاف، وقد جربت ذلك بنفسي نظرا وتطبيقاً.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب