• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   الملف الصحفي   مواد مترجمة   كتب   صوتيات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ملف تفاعلي لكل بيت مسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالقرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: أذكار الصباح والمساء
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالسنة النبوية
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    تيسير السيرة على صاحبها أزكى الصلاة وأتم السلام ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    القيادة الإدارية من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل المعتمر (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    خلق المسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    أخلاقيات الإدارة من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية الموجزة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية المتوسطة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل الحاج، ويليه: دليل الحاج المصور (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    ورد اليوم والليلة (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الجريسي: سيرة ومسيرة عبدالرحمن بن علي الجريسي ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

رضا الخالق سبحانه ورضا المخلوق (خطبة)

الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/12/2015 ميلادي - 5/3/1437 هجري

الزيارات: 32225

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رضا الخالق سبحانه

ورضا المخلوق


الحمد لله الكريم الجواد، الكبير المتعال ﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴾ [الأنعام: 1] نحمده حمداً كثيراً، ونشكره شكراً مزيداً؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ﴿ هُوَ الأَوَّلُ وَالآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [الحديد: 3] وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ لا دين حق إلا دينه، ولا طاعة لله تعالى إلا بطاعته، ولا طريق يوصل إلى الفوز في الآخرة إلا طريقه ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31] صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

 

أما بعد:

فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وخذوا بدينه كله، واستسلموا لكل شريعته؛ فإن الانتقاء من شريعته ليس استسلاما، وإن الإعراض عن بعض دينه كالإعراض عن الدين كله، والشيطان يكفيه من العبد أن يرفض لله تعالى حكما واحدا، أو يرد له فريضة واحدة، أو يحلل محرما واحدا؛ لأن ذلك مثبت لتمرده وعدم انقياده، وكاف في إيباقه وإهلاكه ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [البقرة: 208].

 

ذكر بعض المفسرين أنها نزلت في بعض أحبار اليهود الذين أسلموا فأرادوا أن يبقوا شيئا من يهوديتهم ويجمعوا بينها وبين الإسلام، فأمرهم الله تعالى أن يدخلوا في الإسلام كله، ولا يلتفتوا إلى غيره، ولا يتبعوا خطوات الشيطان وهو يريد إخراجهم منه.

 

أيها الناس:

أعظم نعمة يُهدى إليها الإنسان في الدنيا أن يرضى بالله تعالى ربًّا؛ فإنه إذا رضي بالله تعالى ربًّا اجتمع قلبه، وأبصر طريقه، وعلم دينه، وعرف بدايته ونهايته، وسعد بهذا الرضا في الدنيا وفي الآخرة: فأما سعادته في الدنيا فمصداقها قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا" رواه مسلم. ولا طعم في الدنيا ألذ من طعم الإيمان. وأما في الآخرة ففيه قول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَقُولُ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيًّا، إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُرْضِيَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" رواه أحمد.

 

إنها منزلة عظيمة للمخلوق عند الخالق سبحانه وتعالى حين يرضى به ربًّا، ويعلن ذلك، ولكنها ليست ادعاء بلا إثبات، ولا أقوالا بلا فعال؛ ولذا كان عسيرا على أكثر الناس أن يبلغها؛ لأن تحقيقها يعني استسلاما كاملا لأمر الله تعالى ونهيه، وإذعانا لشرعه، وطاعة لنبيه عليه الصلاة والسلام. فحين يعلن العبد أنه رضي بالله تعالى ربًّا فإنه يعلن أنه رضي بكل ما يرضيه، وجانب كل ما يسخطه.

 

والصحابة رضي الله عنهم كانوا يفهمون ذلك، ويدركون أن غضب النبي صلى الله عليه وسلم يُغضب الله تعالى، وأن ردَّ حكم واحد له أو التوقف فيه هو ردٌّ لحكم الله تعالى، وذات مرة غضب النبي صلى الله عليه وسلم من مسألة ألقيت عليه فماذا كان فعل الصحابة رضي الله عنهم لما غضب النبي صلى الله عليه وسلم؟!

 

قال أبو قتادة رضي الله عنه: "فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، غَضَبَهُ، قَالَ: رَضِينَا بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ غَضَبِ اللهِ وَغَضَبِ رَسُولِهِ، فَجَعَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يُرَدِّدُ هَذَا الْكَلَامَ حَتَّى سَكَنَ غَضَبُهُ" رواه مسلم.

 

وذات مرة غضب النبي صلى الله عليه وسلم من شيء بلغه فقام في أصحابه رضي الله عنهم خطيبا فَقَالَ: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ شَيْءٍ فَلْيَسْأَلْ عَنْهُ، فَوَاللَّهِ لاَ تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَخْبَرْتُكُمْ بِهِ مَا دُمْتُ فِي مَقَامِي هَذَا"، قَالَ أَنَسٌ: فَأَكْثَرَ النَّاسُ البُكَاءَ، وَأَكْثَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ: "سَلُونِي... ثُمَّ أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ: "سَلُونِي سَلُونِي"، فَبَرَكَ عُمَرُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا، قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ عُمَرُ ذَلِكَ". وفي رواية: " فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَإِذَا كُلُّ رَجُلٍ لاَفٌّ رَأْسَهُ فِي ثَوْبِهِ يَبْكِي" رواه الشيخان. وفي رواية لمسلم قَالَ: " فَمَا أَتَى عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمٌ أَشَدُّ مِنْهُ، قَالَ: غَطَّوْا رُءُوسَهُمْ وَلَهُمْ خَنِينٌ"

 

لماذا خاف الصحابة رضي الله عنهم كل هذا الخوف من غضبه عليه الصلاة والسلام؟ ولماذا اجتهد عمر في استرضائه؟ وكان استرضاؤه بإعلان الرضا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا.

 

إنهم يعلمون أنه إن لم يرض عنهم فإنهم لم يحققوا الرضا بالله تعالى ربًّا، ولذا تعوذ عمر من غضب الله وغضب رسوله.

 

وفي مرات عدة يرد أحد المنافقين حكما للنبي صلى الله عليه وسلم، أو يفعل فعلا مخالفا لما أراد عليه الصلاة والسلام، أو يقول قولا يُفهم منه انتقاصه، أو يقف موقفا يظهر فيه أنه ينافح عن أعدائه، فلا يتورع الصحابة رضي الله عنهم عن وصف من فعل ذلك بأنه منافق، وكم مرة قال عمر رضي الله عنه: "دَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ" وذلك لما استقر عند الصحابة رضي الله عنهم من وجوب الاستسلام الكامل لأوامر الله تعالى وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم، والخضوع التام لشريعته، وقبول أحكامه كلها؛ فالخروج عن شيء منها خروج عن جميعها.

 

إن من رضي بالله تعالى ربًّا أحب ما يحبه الله تعالى من الطاعات فأحب كل فريضة، وأحب كل سنة ولو لم يفعلها، وأحب أماكن الطاعات كالمساجد وحلق العلم والذكر والقرآن، وأحب من يحضرها، ومن يلتزم بالفرائض والسنن، ويكون حبه للناس بقدر ما فيهم من الإيمان والاستقامة، فيحب أهل الطاعة لعلمه برضا الله تعالى عنهم؛ لأنهم يفعلون ما يرضيه، وهو قد رضي بالله تعالى ربًّا.

 

ومن رضي بالله تعالى ربًّا أبغض ما يبغضه الله تعالى من الكفر والنفاق والظلم والفسوق والفجور، وأبغض الأشخاص الذين يدعون الناس إليها، وأبغض الأماكن التي تنتشر فيها؛ لعلمه أن الله تعالى يبغضها ويكرهها، ولا يحبها والقرآن مملوء بالإخبار عن بغض الله تعالى لما يخالف شرعه من الأقوال والأفعال، ولمن يخالف أمره ونهيه من الأشخاص، وهاكم بعض الآيات: ﴿ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الكُفْرَ ﴾ [الزُّمر: 7] ﴿ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الفَسَادَ ﴾ [البقرة: 205] ﴿ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ [آل عمران: 57] ﴿ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا ﴾ [النساء: 107] ﴿ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ المُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31] [إِنَّهُ لَا يُحِبُّ المُسْتَكْبِرِينَ] [النحل: 23] ﴿ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الخَائِنِينَ ﴾ [الأنفال: 58] ﴿ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ﴾ [الحج: 38] ﴿ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللهَ لَا يَرْضَى عَنِ القَوْمِ الفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 96] وإذا كان الله تعالى لا يرضى عن القوم الفاسقين الذين يعارضون شريعته، ويردون أحكامه، ويريدون إشاعة ما نهى عنه من المنكرات فكيف يرضى عنهم من رضي بالله تعالى ربًّا؟ وكيف يرضى بأقوالهم المحادَّة لشريعة الله تعالى، وكيف يرضى بأفعالهم التي فيها ما يغضبه سبحانه؟! وكم من أناس يقعون في ذلك وهم لا يشعرون أنهم يسخطون الله تعالى؛ إما لجهلهم بفظاعة فعلهم، أو لهوى في نفوسهم، أو حمية لأقوام يحبونهم، أو اتباعا لغيرهم، لسان حال أحدهم يقول: سمعت الناس شيئا فقلته. ولن يحمل الناس عنه وزره، ولن يسلم هو من مغبة فعله وقوله، وقد يدخل المصلي النار بكلمة قالها، أو فعلة فعلها، أو تغريدة غرد بها، أو بموقف اتخذه نصر فيه باطلا أو أخفى حقا، وقد قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ، مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا، يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ المَشْرِقِ" متفق عليه. وفي رواية للترمذي "إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ لَا يَرَى بِهَا بَأْسًا يَهْوِي بِهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا فِي النَّارِ". وأعظم من ذلك أنه قد يحبط عمل العبد بسبب كراهيته لطاعة من الطاعات، كمن يكره شعيرة الحسبة أو حجاب المرأة، وودَّ لو ألغى شيئا من شريعة الله تعالى ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ﴾ [محمد: 9].

 

فالحذر الحذر من ذلك، وليتبصر كل واحد منا في طريقه، وليحاسب نفسه على أقواله وأفعاله ومواقفه، ولا يغتر بكثرة الهالكين ﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ﴾ [الأنعام: 116].

 

بارك الله لي ولكم في القرآن...

 

الخطبة الثانية

الحمد لله حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، نحمده فله الحمد في الآخرة والأُولى، ونستغفره لذنوبنا فمن يغفر الذنوب إلا الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

أما بعد:

فاتقوا الله تعالى وأطيعوه ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى الله ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281].

 

أيها المسلمون:

من رضي بالله تعالى ربًّا فهو يُرضِي ملكا خالقا مدبرا أحدا صمدا بيده ملكوت السموات والأرض، لا يقع شيء إلا بعلمه، ولا يقضى شأن إلا بأمره، سبحانه لا إله إلا هو العزيز الحكيم. وأما من يُرضِي البشر من دون الله تعالى فهو يرضي عبيدا مخلوقين مثله، فلا يجتمع قلبه؛ لأن رغبات البشر مختلفة فرضا بعضهم يسخط آخرين منهم، وفي ذلك يقول الله تعالى ﴿ ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الحَمْدُ للهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الزُّمر: 29].

 

ثم إن الواحد من البشر متقلب المزاج، متعدد المصالح، فإرضاؤه يوقع من يرضيه في التناقضات. وقد رأينا من يسعون جهدهم في إرضاء البشر من دون الله تعالى يقولون القول ثم بعد أيام ينقضونه، ويمدحون اليوم من يذمون بالأمس، بحسب رغبة من يُرضون، حتى صاروا شماتة للمتصيدين والساخرين بسرعة تناقضهم.

 

وأما من يُرضي الله تعالى فهو ثابت في مواقفه؛ لأنه يصدر عن شريعة الله تعالى. وشريعته سبحانه ثابتة لا تتغير بتغير الأمكنة والأزمنة، ولا بتبدل الأحوال والدول. وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنِ التَمَسَ رِضَاءَ اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ، وَمَنِ التَمَسَ رِضَاءَ النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ".

 

وصلوا وسلموا على نبيكم...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • لا تكترث برضا الناس
  • الرضا بالله تعالى ربا ( خطبة )
  • كسب رضا الله عز وجل

مختارات من الشبكة

  • إيثار رضا الله تعالى على رضا غيره (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تسلية الهاجد العابد في رواية وتخريج خبر رضا الرب في رضا الوالد (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • بيان ضعف حديث رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من يطلبون رضا الله جل جلاله عنهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عجز ورضا؟!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ثقة .. ورضا ( بطاقة أدبية )(كتاب - حضارة الكلمة)
  • القناعة والرضا مفتاح السعادة الحقيقية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أخطاء في فهم الرضا بالله تعالى أو تطبيقه (1) (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الرضا بين الزوجين(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • غضب الله ورضاه (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب