• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   الملف الصحفي   مواد مترجمة   كتب   صوتيات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ملف تفاعلي لكل بيت مسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالقرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: أذكار الصباح والمساء
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالسنة النبوية
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    تيسير السيرة على صاحبها أزكى الصلاة وأتم السلام ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    القيادة الإدارية من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل المعتمر (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    خلق المسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    أخلاقيات الإدارة من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية الموجزة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية المتوسطة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل الحاج، ويليه: دليل الحاج المصور (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    ورد اليوم والليلة (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الجريسي: سيرة ومسيرة عبدالرحمن بن علي الجريسي ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

الماء بين النعيم والعذاب

الماء بين النعيم والعذاب
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/11/2013 ميلادي - 20/1/1435 هجري

الزيارات: 29835

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الماء بين النعيم والعذاب

 

الحمد لله الغني الكريم، ﴿ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا ﴾ [الرعد: 17] فارتوت الأرض بسيلها، واكتست بخضرتها، فأنبتت زرعها، وسقت شجرها، وأينعت ثمرتها، نحمده على نعمه وآلائه، ونشكره على فضله وعطائه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ جعل إنزال المطر وإنبات الزرع دليلا على ربوبيته المستلزم لألوهيته وحده لا شريك له ﴿ أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ﴾ [النمل: 60] وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ كان أكثر الناس شكرا لله تعالى على نعمه، وخوفا من عذابه، وكان إذا تخيلت السماء عاش أصعب اللحظات بين الخوف والرجاء، يرجو أن يكون رحمة، ويخاف أن يكون عذابا، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

 

أما بعد: فأوصي نفسي وإياكم -عباد الله- بتقوى الله تعالى في السر والعلن، والمنشط والمكره، وخشيته سبحانه بالغيب والشهادة، وفي حال الأمن والخوف؛ فإنه سبحانه سريع العقاب، شديد المحال، عزيز ذو انتقام ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ * وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الملك: 12-14].

 

أيها الناس: في الماء حياة الناس ورحمة الله تعالى لهم ونعمته عليهم، وفيه هلاكهم وعذابهم وانتقام الله تعالى منهم. ومن دلائل قدرة الرب سبحانه وتعالى أن يجعل في الشيء الواحد فعلين متضادين كما جعل في الماء حياة وهلاكا، ونعيما وعذابا؛ فلا حياة للأرض وما عليها إلا بالماء، وهو هلاكها ودمارها.

 

إن الناظر في القرآن يجد أن الماء ملازم للإنسان في الدنيا وفي الآخرة، وتكون به حياته وهلاكه، ونعيمه وعذابه.

 

ففي الدنيا لا حياة بلا ماء، ومنذ فجر التاريخ والأحياء على الأرض تتبع مواقع المياه فتسكنها، وتبتعد عن مناطق الجفاف، وحضارات البشر شيدت على ضفاف الأنهار، وسواحل البحار، ومظان الأمطار، والبدو الرحل يتبعون بأنعامهم مواقع المطر والكلأ، فيخيمون فيها إلى أن تجف فيرتحلون عنها إلى غيرها، فكانت مواضع المياه عامرة كما كانت الصحارى الجافة خالية.

 

وفي الماء شراب الإنسان وطعامه، وهو يموت إذا فقدهما، ففي الشراب ﴿ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا * لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا ﴾ [الفرقان: 48، 49] وفي آية أخرى ﴿ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ ﴾ [الحجر: 22] وفي الطعام ﴿ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ ﴾ [إبراهيم: 32] ﴿ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى * كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ ﴾ [طه: 53، 54] ﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴾ [الذاريات: 22] وكان الحسن البصري رحمه الله تعالى إذا نظر إلى السحاب قال: فيه والله رزقكم ولكنكم تحرمونه بخطاياكم وأعمالكم.

 

وفي الشراب والطعام جميعا قول الله تعالى ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ * يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ ﴾ [النحل: 10-11].

 

والإنسان يبتهج بالماء وما يحدثه في الأرض من حياة ونماء وازدهار ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً ﴾ [الحج: 63] وفي آية أخرى ﴿ فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ ﴾ [النمل: 60].

 

هذا نعيم الإنسان في الدنيا بالماء، وابتهاجه به وبآثاره.. وأما في الآخرة فإن المؤمن يتنعم بالماء في عرصات القيامة وموقف الحساب حين يعطش الناس، فيرد المؤمن حوض النبي عليه الصلاة والسلام فيشرب شربة لا يظمأ بعدها أبدا، ويكون شربه بعدها تلذذا بالشراب لا من ظمأ يجده.

 

وفي الجنة ماء لأهلها ﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ ﴾ [محمد: 15] وفيها عيون تتفجر بالماء ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ ﴾ [المرسلات: 41] ﴿ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ﴾[الإنسان: 6] ﴿ وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا * عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا ﴾ [الإنسان: 17، 18] ولولا ما في الماء من لذة للإنسان لما جعله الله تعالى نعيما لأهل الجنة، ولما وعد المؤمنين فيها بأنواع الشراب والأنهار والعيون.

 

وأما الهلاك والعذاب بالماء فحاصل في الدنيا وفي الآخرة:

ففي الدنيا يعذب الله تعالى به قوما فيمسكه عنهم حتى يموتوا جوعا وعطشا؛ فإن الجوع سببه الجفاف، وسبب الجفاف حبس الماء. وقد يغرق الله تعالى به المعذبين كما أغرق قوم نوح به، ففتح عليهم ماء السماء، وفجر لهم ماء الأرض، فالتقى الماءان فكان الطوفان العظيم الذي أغرق الأرض وما عليها، ولم ينج منه إلا نوح ومن معه في السفينة ﴿ فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ * وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ ﴾ [القمر: 11، 13] ﴿ إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ ﴾ [الحاقة: 11] طغى الماء، فزاد حتى غطى قمم الجبال، فتخيلوا ماء يغمر الأرض كلها، فيملأها، ويغطي جبالها، فإلى أين يفر الناس منه، وقد رأيتم شيئا من قدرة الله تعالى في الماء حين جرت به الأودية والشعاب، وغطى الشوارع وغمر الأنفاق.

 

وللماء قوة إذا تدفق لا يحبسها حابس، ولا يقف في طريقه شيء، ولا يرده عن مجراه راد، يهدر في جريانه هديرا مخيفا حتى يصطدم بالسدود فيصدعها، ويزلزل الأرض من حولها، ويجرف ما أمامه مهما كان ثقله وثباته، فيقتلع البنيان الخرساني القوي ويلقيه بعيدا عن محله، ويقذف السيارات فيطوح بها في الهواء كقذف رجل قوي حجرا صغيرا، والغرق بالماء من أشد أنواع العذاب أجارنا الله تعالى والمسلمين من ذلك.

 

وفي الآخرة عذاب بالماء، ولولا ألم العذاب بالماء لما توعد الله تعالى به أهل النار؛ فيذاد ناس عن الحوض المورود؛ لأنهم بدلوا دين محمد صلى الله عليه وسلم، فيقطعهم العطش في يوم شديد الحر، عظيم زحام، كثير العطش.

 

ويعذب أهل النار بماء الحميم الحار الذي يغلي مخلوطا بدم أهل النار وعصارتهم وصديدهم وأقذارهم، فهو نزلهم ويحيط بهم من كل جانب مع ما هم فيه من عذاب جهنم ﴿ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ * فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ * وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ ﴾ [الواقعة: 92 - 94] ﴿ هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ * يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ ﴾[الرحمن: 43، 44].

 

ويشربونه وهم عطشى يريدون إطفاء عطشهم فإذا قربوه ليشربوه شوى وجوههم من شدة حرارته ﴿ وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ﴾ [الكهف: 29] أي: كالرصاص المذاب، أو كعكر الزيت، من شدة حرارته. فمن يطيق شرب زيت يغلي أو رصاص مذاب؟! فإذا شربوه أحرق أحشاءهم من شدة حرارته، نعوذ بالله تعالى من النار. عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ: "﴿ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ ﴾ [إبراهيم: 17] قَالَ: يُقَرَّبُ إِلَيْهِ فَيَتَكَرَّهُهُ، فَإِذَا أُدْنِيَ مِنْهُ شَوَى وَجْهَهُ وَوَقَعَتْ فَرْوَةُ رَأْسِهِ، فَإِذَا شَرِبَهُ قَطَّعَ أَمْعَاءَهُ، حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ دُبُرِهِ يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ﴾ [محمد: 15] وَيَقُولُ اللهُ: ﴿ وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ ﴾ [الكهف: 29] " رواه أحمد وصححه الحاكم.

 

هذا هو الماء.. خلق قبل الإنسان، وهو ملازم له منذ خُلق، ويبقى معه للأبد، فإما أن يكون رحمة له ونعيما إن آمن بالله تعالى واتقاه، فينعم به في الدنيا وفي الآخرة، وإما أن يكون عذابا عليه في الدنيا أو في الآخرة أو في كليهما إن هو استكبر عن عبادته أو عصاه ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [الأعراف: 96 - 99].

 

نعوذ بالله تعالى من زوال نعمته، وتحول عافيته، وفجاءة نقمته، وجميع سخطه.

 

وأقول قولي هذا وأستغفر الله..

 

الخطبة الثانية

الحمد لله حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين..

 

أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 21، 22].

 

أيها المسلمون: الحديث عن الماء وأهميته للإنسان يجر للحديث عن العقائد والفقه والتاريخ والجغرافيا والحروب وغيرها؛ لأن الماء أساس في حياة الإنسان، و قد ضلَّ قوم من البشر فعبدوا الماء من دون الله تعالى، زعموا أن الماء أصل كل شيء وبه كل ولادة ونمو ونشوء وبقاء وطهارة وعمارة، وما من عمل في الدنيا إلا وهو محتاج إلى الماء، ولهم شعائر في عبادة الماء مذكورة في كتب الملل والنحل والتاريخ، فعبدوا خلقا من خلق الله تعالى، وجنديا من جنده وغفلوا أو استكبروا عن عبادة الله تعالى وحده لا شريك له!!

 

والدجال حين يخرج على الناس في آخر الزمان -وفتنته أعظم فتنة تمر على البشر- إنما يغري الناس لعبادته بالماء، فمعه نهر ماء يُرغب به، ومعه نهر نار يخوف به كما صح عن النبي عليه الصلاة والسلام.

 

وفي كتب الفقه أبواب للمياه تُلحق بأبواب الطهارة، وأبواب المساقاة والمزارعة، وتكاد تدخل المياه في كل أبواب الفقه.

 

وتنفرد المياه بأنها أكثر أسباب الحروب والنزاع والخصومات في التاريخ البشري؛ فالقبائل قديما تقتتل على ما يُحمى من مصادر المياه والكلأ، وكم اشتعلت حروب بين الدول الحديثة أو كادت بسبب بناء سدود على مياه، أو تغيير مجاري الأنهار، أو التهديد بضرب السدود، ونحو ذلك.

 

والمستشرفون للمستقبل يرجحون أن الحروب القادمة ستكون حروبا على المياه بسبب إفساد البشر في الأرض وتصحرها وجفافها وتلويثها مما كان سببا في جفاف مناطق من الأرض، وإصابة أخرى بالفيضانات ومد البحار واضطرابها.

 

وإفساد البشر لا يتوقف عند حد بسبب الأثرة والأنانية وحب التملك، وقلة الديانة، وزوال الأمانة، والغش في العمل، وغير ذلك حتى تفضح الأمطار مشروعات قد بدا للناس أنها متينة متقنة فإذا هي تتهلهل مع تدفق الأمطار وتسقط؛ لتكشف حقيقة من هندسوها وشيدوها وراقبوا العمل فيها.. وقد سأل أعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة فأجابه: «إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ»، قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا؟ قَالَ: «إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ» رواه البخاري.

 

نسأل الله تعالى أن يحفظنا والمسلمين من أسباب سخطه وعقوبته، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يجعل ما أعطانا غيثا مباركا يحيي به الأرض، وينبت به الزرع، وينفع به الخلق، إنه سميع قريب مجيب.

 

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أفرأيتم الماء الذي تشربون؟!
  • وغيض الماء
  • نعمة الماء
  • في حكم بيع فضل الماء

مختارات من الشبكة

  • أحجية الماء (قصيدة عمودية)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • شرح جامع الترمذي في (السنن) - ما جاء أن الماء من الماء(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • فقه أحكام المياه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث: الماء من الماء(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • الماء المتغير بطاهر يشق صون الماء عنه(مقالة - موقع الشيخ دبيان محمد الدبيان)
  • حديث: إذا كثرت ذنوبك فاسق الماء على الماء تتناثر ذنوبك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسرار الماء الجوفي في آيات القرآن(مقالة - موقع د. حسني حمدان الدسوقي حمامة)
  • الماء في قصائد ديوان (مراكب ذكرياتي) للدكتور عبد الرحمن العشماوي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أحاديث عن فضل الوضوء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المقصود بالماء المستعمل وحكمه(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب