• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   الملف الصحفي   مواد مترجمة   كتب   صوتيات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ملف تفاعلي لكل بيت مسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالقرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: أذكار الصباح والمساء
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالسنة النبوية
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    تيسير السيرة على صاحبها أزكى الصلاة وأتم السلام ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    القيادة الإدارية من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل المعتمر (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    خلق المسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    أخلاقيات الإدارة من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية الموجزة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية المتوسطة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل الحاج، ويليه: دليل الحاج المصور (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    ورد اليوم والليلة (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الجريسي: سيرة ومسيرة عبدالرحمن بن علي الجريسي ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

بين الحج والحياة الدنيا

الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/11/2010 ميلادي - 7/12/1431 هجري

الزيارات: 37924

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بين الحج والحياة الدنيا

 

الحمد لله الرحيم الغفور، الحليم الشكور، يغفر للعباد ذنوبَهم، ويَحْلم عليهم فيُمْسك العذاب عنهم، ويَرضى منهم العملَ الصالح فيشكرهم، نحمده على نِعَمه العظيمة، ونشكره على آلائه الجسيمة، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شرَع المناسِكَ لمصالح العباد ومنافعهم؛ ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ ﴾ [الحج: 27 - 28].

 

وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، علَّم أُمَّته المناسك، وودَّعهم في حَجَّته العظيمة، فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لِتَأْخُذوا مناسِكَكم؛ فإني لا أدري لعلِّي لا أحُجُّ بعد حَجتي هذه)).

 

صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، كانوا أحرصَ الناس على اتِّباع السُّنَّة، وأبعدهم عن البدعة، اختارهم الله - تعالى - لصحبة نبيِّه، وتبليغ دينه، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدِّين.

 

أما بعدُ:

فاتقوا الله - تعالى - وأطيعوه، واعلموا أنَّ التقوى مَقْصدٌ من مقاصد الحج منصوص عليه في الكتاب العزيز؛ ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 197].

 

أيها الناس، من تأمَّل الحجَّ ومشاعره التي جعلَها الله - تعالى - محلاًّ لمناسكه وتعظيم شعائره، بانَ له أنَّ رحلة الحجِّ رحلة مُصَغَّرة لحياة الإنسان في الدنيا، وأنَّ الإنسان في الحياة الدنيا يسير كما يسير الحاج منذ أن يتلبَّس بنُسكه إلى أن ينتهي منه.

 

وقد حذَّر الله - تعالى - بني آدمَ من الدنيا، وبيَّن أنَّها متاع الغرور؛ ﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آل عمران: 185]، وهو متاع قليل زائلٌ؛ كما قال الله - تعالى -: ﴿ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ﴾ [التوبة: 38]، وقال - سبحانه -في الكافرين: ﴿ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ [آل عمران: 197].

 

فكذلك الحج يكون في أيام معدودة ثم تنتهي؛ ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 203]، لكنَّ كثيرًا من الناس ينسون ويغفُلون ولا يشعرون بسرعة انتهاء الدنيا؛ فأملُهم فيها طويل.

 

إنَّ رحلة الحج تذكِّر مَن تيسَّرتْ له سَيْرَه إلى الله - تعالى - وإنَّ مَشْهد الحجيج وهم مَحرِمون بالنُّسك وينتقلون في مناسكهم من مشعر إلى آخرَ إلى انتهائهم من مناسكهم، ليذكِّر مَن يراهم بسير الليالي والأيام بالناس إلى قبورهم.

 

إنَّ للدنيا بداية ولها نهاية، وبدايتها منذ ولادة الإنسان، وتنتهي بموته؛ لينتقلَ إلى دار أخرى، والحاج حين ينتقل من بلده إلى الحج، فهو يخلعُ ملابسه؛ ليعيش حياة جديدة بالنُّسك، لها خصائصها ولباسها وأعمالُها.

 

والإنسان في الدنيا عبدٌ لله - تعالى - شاء أم أَبَى، والمؤمن قد رَضِي بعبوديَّته لله - تعالى - ومُقْتضى قَبوله بها يُلْزمه بواجبات يفعلها، ومَنهيَّات يجتنبها، وحدود يَقِف عندها؛ ﴿ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ﴾ [الطلاق: 1].

 

والحاج حين يتلبَّس بإحرامه، فقد ألْزَمَ نفسه بمناسكه، وأعلنَ التزامَه بها حين قال: لبَّيك اللهمَّ لبَّيك؛ أي: استجبتُ لك يا رب، وعليه أركان وواجبات لا بُدَّ من أدائها، ومحظورات لا بدَّ من اجتنابها ما دام متلبِّسًا بالإحرام، فهذا الالتزام بفِعْل أركان الحج وواجباته، واجتنابِ محظوراته: هو تربيةٌ للمؤمن على الالتزام الدائم بفِعْل الطاعات ومُجانبة المحرَّمات؛ فإن مَن قَدَر على أداء مناسك الحج وتعظيم شعائره، فهو قادرٌ على الالتزام بتعظيم حُرمات الله - تعالى - في كل زمان ومكان، والمحافظة على أوامره، ومَن منَعَ نفسَه أثناء إحرامه مما هو مُباح له قبل الإحرام، فهو قادرٌ على منْعِ نفسِه من المحرَّمات طيلة عُمْره.

 

وانتقال الحاج من نُسك إلى نسكٍ يُذكِّره بانتقاله في حياته الدنيا من طاعة إلى طاعة، فالحاج تَثْقُل عليه المناسكُ، فإذا أخذ نفسه بالعزْمِ وعوَّدها على الْحَزْم، أتى بالمناسك على خيرِ وجْهٍ، وتحمَّل فيها المشاق والمكارِه، حتى يتمَّ نُسَكَه على أفضل وجْهٍ، ومَن تقاعَسَ وتثاقَلَ، اجتمعتْ عليه المناسكُ، ولرُبَّما أخَلَّ بشيءٍ منها أو تَرَك ما يُنقِص نُسَكه أو يُبْطله، وهكذا المؤمن إذا أخَذَ نفسه بالْحَزْم في الطاعات واجتناب المحرَّمات، هانتْ عليه واعتادها، ووجَدَ لذَّتَها كما يجد الحاج لذَّةَ إتمام النُّسك، وإذا تثاقَلَ عن بعضها، ثَقُلَتْ عليه؛ حتى يفرِّط في الواجبات، ويقعَ في المحرَّمات.

 

وللحج أيام، وفي أيامه أعمال، ففي أوَّله الإحرام، ثم الطواف بالبيت، والسَّعْي بين الصفا والمروة، ثم الانتقال في اليوم الثامن إلى مِنًى، والمبيت بها ليلة التاسع، والمسير إلى عَرَفة في صُبْحها، والوقوف بها إلى مَغيب الشمس، ثم المبيت بمزدلفة ليلة النَّحْر، والرَّمْي والْحَلْق والنَّحْر، والتحلُّل والطواف بالبيت يوم العيد، ثم العودة إلى مِنًى للمبيت بها ورَمْي الجِمار، إلى أن يودِّعَ البيت بالطواف في آخر حَجِّه.

 

كل هذه التنقُّلات الزمانية والمكانية في الحج تذكِّر المؤمن بانتقاله من زمنٍ إلى زمنٍ في مَرضاة الله - تعالى - ومن طاعة إلى طاعة، فمن صابَر على الطاعات ومُجانبة المحرَّمات، فهو مرابطٌ على عهْده لله - تعالى - مُحققٌ لقوله - سبحانه -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200].

 

والحاج يعمل في مَنْسكه عملاً كثيرًا، ويتحمَّل مَشقَّة كبيرة، ومع ذلك يُتمُّ المناسك المأمور بها، وهكذا ينبغي أن يكون المؤمنُ على الدوام في إتمام الطاعات، ولا تقارَن مشقَّة أعمال الحج، وهو سفر وتَرحال، وزحام وكثرة تنقُّل، لا تقارَن بالعبادات الأخرى التي يقوم بها المؤمن حال إقامته، فكيف يقدِر كثيرٌ من الناس على مناسك الحج، ولا يقدرون على الالتزام بالطاعة على الدوام وهي أهونُ من الحج؟! وكيف يحبسون أنفسَهم عن محظورات الإحرام حال تلبُّسهم به وفي حبسهم لها من الرَّهَق ما فيه، ولا يقدرون على ما هو أيسرُ من ذلك وهو مُجانبة سائر المحرَّمات التي جعَل الله - تعالى - في المباحات ما يُغني عنها؟!

 

إن سببَ ذلك هو أنَّ المتلبِّس بالنُّسُك يعلم أنه يحلُّ منه بعد أيام، فيقهر نفسَه في تلك الأيام القلائل، لكنَّه يعجز عن قَهْرها على ما هو أقلُّ من ذلك إذا كان على الدوام، ولو أنَّ المؤمن استشعرَ سرعة انقضاء الدنيا كما تنقضي المناسك، لَمَا طال أملُه فيها، ولاستغرَقَ زمنها فيما يُرضي الله - تعالى - وجانَبَ ما يُسخطه، وقد قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما الدنيا في الآخرة إلا مَثَل ما يجعل أحدُكم أصبعه في اليمِّ، فلينظر بِمَ يرجِع؟))؛ رواه مسلم، وفي حديث آخرَ مثَّل النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - عيشَه في الدنيا بوقتِ القيلولة من قِصَره، فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مالي وللدنيا؛ إنَّما مَثَلي ومَثَل الدنيا كمَثَل راكبٍ قَالَ – أي: نامَ - في ظلِّ شجرة في يوم صائفٍ، ثم راح وتَرَكها))؛ رواه أحمد.

 

وفي عمران مشاعر المناسك أيام الحج بالساكنين عبرة، أيُّ عبرة! فمِنًى ومُزدلفة وعَرَفات خالية من الناس طيلة العام، حتى إذا كان يوم الثامن من ذي الحجة تقاطرَ الناس على مِنًى؛ حتى تمتلِئ بهم وتزْدَحم، وفي صبيحة التاسع يتوافدون على عَرَفة، فما تزول الشمس إلا وقد اكتظَّتْ بالناس، وفي الليل تمتلئ بهم مزدلفة إلى فجر النَّحْر.

 

والأرض حين أهبطَ الله - تعالى - عليها آدمَ وحوَّاء - عليهما السلام - كانتْ خالية من البشر، وظلَّتْ بتعاقُب القرون تعمُر بهم إلى أن بلغتْ أعدادُهم في زمننا ستة مليارات نسمة، فكم في الأرض من الدول والمدن والحركة والضجيج والعمران! وكلُّ ذلك سيأتي عليه يوم ينتهي حتى كأنْ لم يكنْ، وستعود الأرضُ مرة أخرى مُقْفِرة من البشر حين يأذن الله - تعالى - بانتهاء العالم الدنيوي، وانتقال البشر إلى العالم الأخروي، فما أبلغَها من عِبرة! وما أعظمَها من عِظَة لو وعاها الناس وعقلوها وهم يرون الحجيجَ يعمرون المشاعر المقدَّسة في أيام معدودات ثم يفارقونها!

 

نسأل الله - تعالى - أن يعلِّمنا ما ينفعنا، وأن يوفِّقنا للعمل بما علَّمنا، وأن يرزقَنا الاعتبارَ بما يمرُّ بنا؛ إنه سميعٌ مُجيب.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾[القصص: 60].

 

الخطبة الثانية

الحمد لله ربِّ العالمين، والعاقبة للمتَّقين، ولا عُدوان إلا على الظالمين، وأشهد أنْ لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله النبي الأمين، صلى الله وسلم وبارَكَ عليه وعلى آله وصَحْبه، ومَن سَار على نَهْجهم، واقْتَفى أثرَهم إلى يوم الدِّين.

 

أما بعد:

فاتقوا الله - تعالى - وأطيعوه؛ ﴿ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 223].

 

أيها المسلمون، تتوالَى علينا مواسمُ الخير والبركة؛ لنتزوَّدَ فيها من الأعمال الصالحة ما يكون طمأنينة ليومنا، وذُخرًا لغَدِنا، وخلال أيام قلائل نستقبل عشر ذي الحجة، وهي أفضل أيام العام، والعمل الصالح فيها أفضلُ منه في سائر أيام العام؛ لقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم : ((ما من عَمَلٍ أَزْكَى عند الله - عز وجل - ولا أعظم أجْرًا من خَيْرٍ يعمله في عَشْرِ الأضْحى))، قيل: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ((ولا الجهاد في سبيل الله - عز وجل - إلا رجل خرَجَ بنفْسه ومالهِ، فلم يَرجِعْ من ذلك بِشَيءٍ)).

فبمقتضى هذا الحديث، أيُّ عمل صالح يعمله الإنسانُ؛ من صلاة وقراءة، وذِكْرٍ ودعاء، وصدقة وبِرٍّ، وصِلة وإحسان، فهو أفضل من مثيله في سائر العام، حتى كان العمل الصالح فيها أفضلَ من الجهاد في سبيل الله - تعالى - الذي هو أفضل الأعمال.

وأُمَّهات الأعمال الصالحة تجتمع فيها؛ إذ هي موسم الحج، وهو ركنُ الإسلام الخامس، ويُشْرع صيامُها، ولا سيَّما صيامُ يوم عَرَفة؛ إذ يكفِّر سنتين؛ الماضية والباقية.

 

وتاجُ العَشْر وخاتمتها العيدُ الأكبر، وهو يوم النحر والتقرُّب إلى الله - تعالى - بإراقة دماء الأنعام شكرًا لله - تعالى - على ما هدى وأعطى؛ ﴿ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الحج: 36].

 

قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى -: "والذي يظهر أنَّ السببَ في امتياز عَشْر ذي الحجة؛ لمكان اجتماع أُمَّهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام، والصَّدَقة والحج، ولا يتأتَّى ذلك في غيره"؛ أ. هـ .

 

ومن نَوَى أن يضحِّي، فيجب عليه أن يُمْسِك عن شَعره وأظفاره من أول ليالي العشر، فلا يأخذْ منها شيئًا؛ لِمَا جاء في حديث أُمِّ سَلَمَة - رضي الله عنها - أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إذا دخلَتِ العَشْر، وأرادَ أحدُكم أنْ يُضحِّي، فلا يَمَسَّ من شَعَره وبشَره شيئًا))، وفي رواية: ((فلا يَأخُذَنَّ شَعْرًا ولا يُقلِّمَنَّ ظُفْرًا))؛ رواه مسلم.

 

فاجتهدوا - رحمكم الله تعالى - في هذه العَشر المباركة، وفرِّغوا فيها أنفسَكم للأعمال الصالحة؛ فإن هِبَات الرحمن فيها كثيرة، وعطاياه للعاملين جزيلة؛ ﴿ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 197].

 

وصلُّوا وسلِّموا على نبيِّكم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فضل الحج وعشر ذي الحجة
  • مقالات في الحج
  • تلخيص أحكام الحج
  • مختصر صفة الحج
  • أخطاء يرتكبها بعض الحجيج
  • الحج عبادة و ميدان دعوة
  • جلسات الحج
  • رسائل إلى الحجاج والمعتمرين
  • دمعة في الحج
  • الإنابة في الحج
  • الحج من محاسن الإسلام
  • خطبة في الحج
  • فتاوى الشنقيطى عن الحج
  • فضائل عشر ذي الحجة وبعض حكم الحج
  • الأيام العشر من ذي الحجة
  • خواطري مع الحج
  • كيف نستثمر الحج دعويًّا؟
  • صور دعوية في موسم الحج
  • برنامج دعوة موسم الحج
  • الحج مؤسسة دعوية
  • فضائل عشر ذي الحجة
  • الحج.. وتوحيد الله تعالى
  • في موكب الحج
  • التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة
  • الحج: الترغيب في آدابه، والترهيب من تركه
  • قوافل الحجيج
  • ذكر الله في الحج
  • الحج دروس وعبر
  • فضل عشر ذي الحجة ووجوب الحج
  • الحج… تنبيهات وتعريفات
  • الحج وأثره.. فى زيادة الإيمان
  • كيف نتزكى بالحج؟
  • هل لقبول الحج والعمرة علامات ؟
  • الحج يُكفِّر كبائر الذنوب
  • الحج يُكفِّر كبائر الذنوب
  • الحج وأصناف الناس الأربعة (WORD)
  • تعجلوا بالحج
  • الحج وحكمته وكيفيته
  • منافع الحج
  • وقفات مع آيات الحج (1)
  • الحج ذلك المؤتمر الإسلامي الكبير
  • بعض الأعمال في العشر من ذي الحجة
  • وقفات مع آيات الحج (2)
  • مفهوم الحج
  • نفحات من الحج
  • فضل عشر ذي الحجة وأحكام الحج
  • وقفات مع آيات الحج (3)
  • مذكرات الحجيج
  • أثر الحج وإيجابيات التنظيم
  • من أسرار الحج - عشر ذي الحجة
  • فضل الحج
  • آداب الحج وما يتحلى به الحاج من حين خروجه من منزله حتى عودته إليه
  • آداب الحج
  • وقفات مع الحج وفضائله من رياض الصالحين
  • وقفات مع آيات الحج (4)
  • الحج...حكم وأسرار
  • هديه - صلى الله عليه وسلم - في الحج والعمرة
  • الحج.. وجوبه وفضله
  • لمحات تربوية من شعيرة الحج
  • وقفات مع آيات الحج (5)
  • الحج والحشر.. أهوال وآمال
  • بين الحج والصيام أعمال وعبادات لا تحصى ولا تعد
  • الحج ورابطة الدين

مختارات من الشبكة

  • أنساك الحج وأيها أفضل(مقالة - ملفات خاصة)
  • تأملات في الحج (8) الحج بين الفضائل والبدائل (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفارقات من الحج ومقارنات(مقالة - ملفات خاصة)
  • الحج: الآداب والأخلاق(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • الحج الأكبر (فضائل الحج، والحج على الفور)(مقالة - ملفات خاصة)
  • أركان وواجبات الحج وأحكام العمرة(مقالة - ملفات خاصة)
  • طواف الإفاضة في الحج(مقالة - ملفات خاصة)
  • أقوام حيل بينهم وبين الحج(مقالة - ملفات خاصة)
  • تأملات في الحج (10) ماذا بعد الحج؟! (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • شرح حديث: من حج هـذا البيت(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)

 


تعليقات الزوار
1- ما شاء الله
عبد ابومحمود - الاردن 13-10-2011 07:28 PM

انا من متابعي خطب الشيخ حفظه الله ورعاه وخصوصا الأخيره منها فهي خطب نافعه بأسلوب شيق جدير بنا جميعا أن نقرأها وأنا شخصيا أخطب بها بعض الأحيان في في مسجدي لفائداتها الكثيره وشكرا

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب