• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   الملف الصحفي   مواد مترجمة   كتب   صوتيات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ملف تفاعلي لكل بيت مسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالقرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: أذكار الصباح والمساء
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالسنة النبوية
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    تيسير السيرة على صاحبها أزكى الصلاة وأتم السلام ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    القيادة الإدارية من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل المعتمر (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    خلق المسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    أخلاقيات الإدارة من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية الموجزة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية المتوسطة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل الحاج، ويليه: دليل الحاج المصور (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    ورد اليوم والليلة (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الجريسي: سيرة ومسيرة عبدالرحمن بن علي الجريسي ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

آثار الغفلة (خطبة)

آثار الغفلة (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/4/2024 ميلادي - 2/10/1445 هجري

الزيارات: 21567

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

آثار الغفلة

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيمِ الْحَكِيمِ؛ هَدَى لِدِينِهِ أَهْلَ الْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ، وَصَدَفَ عَنْهُ أَهْلَ الْإِعْرَاضِ وَالتَّكْذِيبِ، نَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا وَاجْتَبَانَا، وَنَشْكُرُهُ عَلَى مَا أَعْطَانَا وَأَوْلَانَا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ يَذْكُرُ مَنْ ذَكَرَهُ، وَيُعْطِي مَنْ سَأَلَهُ، وَيُجِيبُ مَنْ دَعَاهُ، وَيَفْرَحُ بِتَوْبَةِ مَنْ تَابَ، وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْ عِبَادِهِ وَهُمْ فُقَرَاءُ إِلَيْهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى فِي كُلِّ أَحْيَانِهِ، وَيَعْبُدُهُ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ، وَيَدْعُوهُ فِي سَرَّائِهِ وَضَرَّائِهِ، وَيَلْجَأُ إِلَيْهِ فِي عُسْرِهِ وَيُسْرِهِ، وَيُرَاقِبُهُ فِي كُلِّ شُئُونِهِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَقِيمُوا عَلَى أَمْرِهِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ دُنْيَاكُمْ دَارُ لَهْوٍ وَزِينَةٍ وَغُرُورٍ، وَأَنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ دَارُ نَعِيمٍ وَخُلُودٍ وَحُبُورٍ؛ ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ:185].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: لَا نَجَاةَ لِلْعَبْدِ إِلَّا بِحَيَاةِ قَلْبِهِ، وَالْقَلْبُ يَحْيَا بِالتَّذَكُّرِ وَالتَّفَكُّرِ، وَيَمُوتُ بِالْغَفْلَةِ وَالنِّسْيَانِ؛ وَلِذَا كَانَتِ الْغَفْلَةُ قَتَّالَةَ الْقَلْبِ، مُهْلِكَةَ الْعَبْدِ، مُقْعِدَةً عَنِ الْعَمَلِ. وَمِنْ أَشَدِّ مَا يُسْتَدْرَجُ بِهِ النَّاسُ النِّعْمَةُ، وَمِنْ أَعْظَمِ مَا يُصِيبُهُمْ مِنْ سَكْرَتِهَا الْغَفْلَةُ؛ فَإِذَا تَمَّتِ النِّعْمَةُ وَأَطْبَقَتِ الْغَفْلَةُ؛ بَلَغَ النَّاسُ دَرَجَةَ الْخَطَرِ؛ فَبِالنِّعَمِ يُسْتَدْرَجُونَ، وَبِسَبَبِ الْغَفْلَةِ لَا يَشْكُرُونَ، فَيُؤْخَذُونَ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ، وَفِي الْغَفْلَةِ اسْتِجْلَابٌ لِلْعَذَابِ الدُّنْيَوِيِّ قَبْلَ الْأُخْرَوِيِّ؛ ﴿ فَلَمَّا ‌نَسُوا ‌مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾ [الْأَنْعَامِ:44]، وَقَالَ تَعَالَى فِي فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ: ﴿ ‌فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ﴾ [الْأَعْرَافِ:136]، فَهُمْ غَفَلُوا عَنْ آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، فَكَذَّبُوا بِهَا، فَأُهْلِكُوا عَلَى كُفْرِهِمْ وَأُغْرِقُوا، وَعَذَابُ الْأُخْرَةِ أَشَدُّ وَأَخْزَى.

 

وَالْغَفْلَةُ سَبَبٌ لِتَعْطِيلِ حَوَاسِّ الْعَبْدِ الَّتِي يُدْرِكُ بِهَا مَعْرِفَةَ اللَّهِ تَعَالَى، وَالتَّفَكُّرَ فِي آلَائِهِ وَآيَاتِهِ، وَفِي وَصْفِ الْكُفَّارِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ ‌قُلُوبٌ ‌لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ:179]، فَوَصَفَهُمْ سُبْحَانَهُ بِالْغَفْلَةِ، تِلْكَ الْغَفْلَةُ الَّتِي عَطَّلَتْ وَسَائِلَ مَعْرِفَةِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ، فَكَانُوا أَضَلَّ مِنَ الْأَنْعَامِ؛ ﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا ‌كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾ [الْفُرْقَانِ:44].

 

وَمِنْ آثَارِ الْغَفْلَةِ: الْخَتْمُ عَلَى حَوَاسِّ الْغَافِلِينَ، فَلَوْ سَمِعَتِ الْوَحْيَ مَا اهْتَدَتْ بِهِ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * ‌خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [الْبَقَرَةِ:6-7]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ ‌وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [الْجَاثِيَةِ:23].

 

وَمِنْ آثَارِ الْغَفْلَةِ: الطَّبْعُ عَلَى قُلُوبِ الْغَافِلِينَ وَعَلَى أَسْمَاعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ؛ فَلَا تَتَّعِظُ بِالْمَوَاعِظِ، وَلَا تَتَذَكَّرُ بِالتَّذْكِيرِ، وَلَا تَنْتَفِعُ بِالْوَحْيِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْكُفَّارِ الْمُعْرِضِينَ: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ ‌طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [النَّحْلِ:106-108]، وَقَالَ سُبْحَانَهُ فِي الْمُنَافِقِينَ: ﴿ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ ‌وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [التَّوْبَةِ:93]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ‌فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ ﴾ [الْمُنَافِقُونَ:3]، رَغْمَ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ كَانُوا يُخَالِطُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَسْتَمِعُونَ إِلَى كَلَامِهِ، وَيُبْصِرُونَ تَنَزُّلَ الْوَحْيِ عَلَيْهِ، وَيُشَاهِدُونَ الْآيَاتِ الْقَاطِعَةَ بِصِدْقِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ؛ لِأَنَّ الْغَفْلَةَ أَطْبَقَتْ عَلَى قُلُوبِهِمْ؛ فَخُتِمَ عَلَيْهَا فَلَا يَدْخُلُهَا إِيمَانٌ.

 

وَمِنْ آثَارِ الْغَفْلَةِ: الِانْصِرَافُ عَنِ الْحَقِّ إِلَى الْبَاطِلِ، وَالْمُجَادَلَةُ عَلَى الْبَاطِلِ لِنُصْرَتِهِ، وَالْمُمَارَاةُ فِي الْحَقِّ لِدَحْضِهِ؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ﴾ [الْأَعْرَافِ:146]، فَغَفْلَتُهُمْ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى وَآيَاتِهِ كَانَتْ سَبَبَ صَرْفِهِمْ عَنِ الْحَقِّ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ ‌يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ﴾ [غَافِرٍ:35].

 

وَمِنْ آثَارِ الْغَفْلَةِ: نِسْيَانُ الْغَافِلِ مَا يَكُونُ سَبَبًا فِي سَعَادَتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ فَمَصَالِحُ الْعِبَادِ الْعَاجِلَةُ وَالْآجِلَةُ بِيَدِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَنْ غَفَلَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَنْ دِينِهِ وَنَسِيَهُ أَنْسَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مَا يَكُونُ فِي صَالِحِهِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْمُنَافِقِينَ: ﴿ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ﴾ [التَّوْبَةِ:67]، وَنَهَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَكُونُوا كَذَلِكَ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [الْحَشْرِ:19]. «أَيْ: لَا تَنْسَوْا ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى فَيُنْسِيَكُمُ الْعَمَلَ لِمَصَالِحِ أَنْفُسِكُمُ الَّتِي تَنْفَعُكُمْ فِي مَعَادِكُمْ».

 

وَإِنَّ الْمُتَأَمِّلَ فِي حَالِ مَنِ انْغَمَسُوا فِي الدُّنْيَا وَمَلَذَّاتِهَا وَغَفَلُوا عَنِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَنْ دِينِهِ؛ لَيَجِدُ أَنَّهُمْ فِي لُهَاثٍ مُسْتَمِرٍّ خَلْفَ الشَّهَوَاتِ الْمُحَرَّمَةِ، وَفِي سَعْيٍ حَثِيثٍ لِلْمَزِيدِ مِنَ الْمُتَعِ الرَّخِيصَةِ؛ فَمَا سَدَّتْ أَعْيُنَهُمْ، وَلَا أَرْوَتْ ظَمَأَهُمْ، وَلَا جَلَبَتْ لَهُمْ مَا يَأْمُلُونَ مِنَ السَّعَادَةِ، وَكَيْفَ يَسْعَدُونَ وَقُلُوبُهُمْ غَافِلَةٌ عَنْ مَادَّةِ حَيَاتِهَا وَفَرَحِهَا وَأُنْسِهَا؛ وَهِيَ مَعْرِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَذِكْرُهُ وَعِبَادَتُهُ عَزَّ وَجَلَّ؟!

 

نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْغَفْلَةِ، وَنَسْأَلُهُ تَعَالَى أَنْ يُعِينَنَا عَلَى ذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ وَحُسْنِ عِبَادَتِهِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ..

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ:281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِنْ أَعْظَمِ آثَارِ الْغَفْلَةِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَنْ دِينِهِ حِرْمَانُ الْفَوْزِ فِي الْآخِرَةِ لِمَنْ أَطْبَقَتِ الْغَفْلَةُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، فَأَعْرَضُوا عَنْ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ يَرْفَعُوا بِهِ رَأْسًا مِنَ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَصِيرِهِمْ، وَمَا حَلَّ بِهِمْ بِسَبَبِ غَفْلَتِهِمْ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ ‌لَا ‌يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [يُونُسَ:7-8]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ ‌الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [مَرْيَمَ:39].

 

وَبِقَدْرِ غَفْلَةِ الْمُؤْمِنِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى يَنْقُصُ أَجْرُهُ، وَتَنْخَفِضُ مَنْزِلَتُهُ؛ وَلِذَا كَانَ أَهْلُ الْجَنَّةِ دَرَجَاتٍ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، يَتَفَاضَلُونَ بِتَفَاضُلِهِمْ فِي ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْعَمَلِ بِدِينِهِ؛ ﴿ انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا ﴾ [الْإِسْرَاءِ:21].

 

وَحَذَّرَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْغَفْلَةِ؛ لِأَثَرِهَا الشَّدِيدِ عَلَى قَلْبِ الْعَبْدِ؛ فَخَاطَبَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ خِطَابٌ لِأُمَّتِهِ جَمِيعًا: ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ﴾ [الْأَعْرَافِ:205]؛ فَحَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ حِينٍ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ وَجَوَارِحِهِ؛ فَالتَّفَكُّرُ فِي عَظَمَتِهِ وَآلَائِهِ ذِكْرٌ، وَتَحْرِيكُ اللِّسَانِ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّهْلِيلِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ذِكْرٌ، وَكُلُّ الطَّاعَاتِ ذِكْرٌ؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الصَّلَاةِ: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾ [طه:14]، وَأَنْ يُصَاحِبَ أَهْلَ الْقُلُوبِ الْحَيَّةِ الَّذِينَ يُذَكِّرُونَهُ إِذَا نَسِيَ، وَيُنَبِّهُونَهُ إِذَا غَفَلَ، وَيُعِينُونَهُ عَلَى الذِّكْرِ وَالشُّكْرِ؛ ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ﴾ [الْكَهْفِ:28]. وَرَمَضَانُ كَانَ شَهْرَ تَذْكِرَةٍ لِلْمُؤْمِنِينَ؛ لَزِمُوا فِيهِ الْمَسَاجِدَ وَالْمَصَاحِفَ، وَعَمَرُوا أَوْقَاتَهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى؛ فَلَا يَلِيقُ بِهِمْ بَعْدَ رَمَضَانَ أَنْ يُفَارِقُوا الْمَسَاجِدَ، وَأَنْ يَهْجُرُوا الْمَصَاحِفَ، وَأَنْ يَغْفُلُوا عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَذْكُرُ مَنْ ذَكَرَهُ ﴿ فَاذْكُرُونِي ‌أَذْكُرْكُمْ ﴾[الْبَقَرَةِ: 152]، وَهُوَ سُبْحَانَهُ يَنْسَى مَنْ نَسِيَهُ ﴿ ‌نَسُوا ‌اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ﴾ [التَّوْبَةِ: 67].


وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الغفلة... عندما تصيب الدعاة!!
  • مظاهر الغفلة في حياتنا المعاصرة
  • العقيدة والغفلة
  • مرض الغفلة والإعراض
  • أسباب الغفلة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • كتاب تهذيب الآثار: أثر من آثار الطبري في خدمة السنة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة آثار قسوة القلب (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله السحيم)
  • مفهوم الأثر عند المحدثين وبعض معاني الأثر في القرآن(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • النفاق أثر من آثار الكذب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: آثار وفضائل القرآن الكريم في شهر رمضان(مقالة - ملفات خاصة)
  • سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في حفظ الحقوق وأداء الأمانات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في الشوق إلى دار السلام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آثار الذنوب والمعاصي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في توجيه السلوك (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في تحقيق الأمن النفسي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب