• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   الملف الصحفي   مواد مترجمة   كتب   صوتيات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ملف تفاعلي لكل بيت مسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالقرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: أذكار الصباح والمساء
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالسنة النبوية
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    تيسير السيرة على صاحبها أزكى الصلاة وأتم السلام ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    القيادة الإدارية من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل المعتمر (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    خلق المسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    أخلاقيات الإدارة من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية الموجزة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية المتوسطة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل الحاج، ويليه: دليل الحاج المصور (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    ورد اليوم والليلة (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الجريسي: سيرة ومسيرة عبدالرحمن بن علي الجريسي ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

أربع بأربع

أربع بأربع
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل


تاريخ الإضافة: 28/10/2021 ميلادي - 22/3/1443 هجري

الزيارات: 15770

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أربع بأربع

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ كِتَابُ هِدَايَةٍ لِلْبَشَرِ، وَنُورٌ لِمَنْ أَرَادَ النُّورَ، وَسَعَادَةٌ فِي الدُّنْيَا وَفَوْزٌ فِي الْآخِرَةِ؛ لِمَنْ تَدَبَّرَ آيَاتِهِ وَعَمِلَ بِمَا فِيهَا؛ ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29].

 

وَفِي الْقُرْآنِ أَرْبَعُ عِبَادَاتٍ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا، وَرَتَّبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ جَزَاءَهَا؛ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 152]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الْأَنْفَالِ: 33]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 7]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غَافِرٍ: 60].

 

فَأَوَّلُهَا: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 152]، وَمَا أَعْظَمَهُ مِنْ شَرْطٍ وَجَوَابٍ تَضَمَّنَ أَعْظَمَ الْجَزَاءِ؛ فَشَرَفٌ لِلْعَبْدِ أَنْ يَذْكُرَ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ شَرْطٌ وَلَا جَوَابٌ وَلَا جَزَاءٌ؛ لِأَنَّ الرَّبَّ سُبْحَانَهُ هُوَ خَالِقُ الْعَبْدِ وَمُدَبِّرُهُ وَمُرَبِّيهِ بِالنِّعَمِ؛ وَلِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَسْتَحِقُّ الذِّكْرَ وَالتَّعْظِيمَ وَالْمَحَبَّةَ وَالْعُبُودِيَّةَ؛ لِعَظَمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَإِحَاطَتِهِ بِكُلِّ شَيْءٍ؛ وَلِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ؛ وَلِإِحْسَانِهِ لِعِبَادِهِ. فَكَيْفَ إِذَا كَانَ يُعْطِي الْعَبْدَ عَلَى ذِكْرِهِ جَزَاءً أَعْظَمَ مِنْ ذِكْرِ الْعَبْدِ لَهُ؛ وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَذْكُرُهُ. وَلَوْ تَدَبَّرَ الْمُؤْمِنُ هَذِهِ الْآيَةَ لَمَا فَتَرَ لِسَانُهُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى؛ فَالْخَالِقُ يَذْكُرُهُ، فَمَنْ هُوَ الْمَخْلُوقُ حَتَّى يَذْكُرَهُ الْخَالِقُ سُبْحَانَهُ، وَالْمَخْلُوقُ لَيْسَ سِوَى ذَرَّةٍ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا فِي خَلْقٍ كَثِيرٍ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يُحْصِيهِ سِوَاهُ سُبْحَانَهُ!! وَجَاءَ فِي السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ تَفْصِيلٌ أَكْثَرُ لِكَيْفِيَّةِ تَشْرِيفِ الْخَالِقِ سُبْحَانَهُ لِعَبْدِهِ الْمَخْلُوقِ بِذِكْرِهِ حِينَ يَذْكُرُهُ، وَذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأ خَيْرٍ مِنْهُمْ...»؛ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَلَا عَجَبَ حِينَئِذٍ أَنْ تَقُولَ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ».

 

وَذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى يَكُونُ عَامًّا وَيَكُونُ خَاصًّا؛ فَالْعَامُّ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَالْجَوَارِحِ، وَكُلُّ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ ذِكْرٌ لِلَّهِ تَعَالَى، كَمَا أَنَّ الْكَفَّ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ ذِكْرٌ لِلَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الدَّافِعَ إِلَى ذَلِكَ الْعُبُودِيَّةُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعْظِيمُهُ وَمَحَبَّتُهُ وَرَجَاؤُهُ وَخَوْفُهُ وَخَشْيَتُهُ، وَدَلِيلُ ذَلِكَ قِصَّةُ الرَّجُلِ الَّذِي دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: «إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ تَعَالَى».

 

وَالْمُؤْمِنُ الْحَقُّ حَيَاتُهُ كُلُّهَا ذِكْرٌ لِلَّهِ تَعَالَى. وَأَمَّا الذِّكْرُ الْخَاصُّ فَمَا كَانَ بِاللِّسَانِ مَعَ مُوَاطَأَةِ الْقَلْبِ لَهُ؛ كَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّسْبِيحِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَالدُّعَاءِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

 

وَثَانِيهَا: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الْأَنْفَالِ: 33]؛ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «كَانَ فِيهِمْ أَمَانَانِ: نَبِيُّ اللَّهِ وَالِاسْتِغْفَارُ، قَالَ: فَذَهَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَقِيَ الِاسْتِغْفَارُ».

 

وَالِاسْتِغْفَارُ طَلَبٌ لِلْمَغْفِرَةِ، وَبَنُو آدَمَ يُخْطِئُونَ، وَالذُّنُوبُ سَبَبُ الْعَذَابِ، فَمِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَدْفَعُ الْعَذَابَ عَنْهُمْ أَفْرَادًا وَجَمَاعَاتٍ بِالِاسْتِغْفَارِ؛ وَلِذَا أَمَرَ الرُّسُلُ أَقْوَامَهُمْ بِالِاسْتِغْفَارِ، كَمَا فِي سُورَةِ هُودٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ، وَكَانُوا يَعُدُّونَ لَهُ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ يَسْتَغْفِرُ مِائَةَ مَرَّةٍ، قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «أَكْثِرُوا مِنَ الِاسْتِغْفَارِ فِي بُيُوتِكُمْ وَعَلَى مَوَائِدِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ وَفِي أَسْوَاقِكُمْ وَفِي مَجَالِسِكُمْ وَأَيْنَمَا كُنْتُمْ، فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ مَتَى تَنْزِلُ الْمَغْفِرَةُ».

 

وَثَالِثُهَا: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 7]، فَالنِّعَمُ تُحْفَظُ وَتَنْمُو وَتَزْدَادُ بِشُكْرِهَا، وَتَنْقُصُ وَتَزُولُ بِكُفْرِهَا، فَالشُّكْرُ وَاجِبٌ؛ «وَهُوَ ظُهُورُ أَثَرِ نِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ عَبْدِهِ: ثَنَاءً وَاعْتِرَافًا، وَعَلَى قَلْبِهِ: شُهُودًا وَمَحَبَّةً. وَعَلَى جَوَارِحِهِ: انْقِيَادًا وَطَاعَةً. وَالشُّكْرُ مَبْنِيٌّ عَلَى خَمْسِ قَوَاعِدَ: خُضُوعُ الشَّاكِرِ لِلْمَشْكُورِ، وَحُبُّهُ لَهُ، وَاعْتِرَافُهُ بِنِعْمَتِهِ، وَثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ بِهَا، وَأَنْ لَا يَسْتَعْمِلَهَا فِيمَا يَكْرَهُ»، وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ لَا يَعْرِفُ مِنَ الشُّكْرِ إِلَّا شُكْرَ اللِّسَانِ، بَلْ جُزْءًا مِنْهُ، وَهُوَ حَمْدُ اللَّهِ تَعَالَى فِي بَعْضِ مَوَاضِعِ النِّعَمِ، بَلْ فِي قَلِيلٍ مِنْهَا. وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾ [الضُّحَى: 11]، وَفِي الْعَمَلِ شُكْرٌ لِلَّهِ تَعَالَى قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سَبَأٍ: 13]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.

 

وَمِنْ أَثَرِ النِّعْمَةِ الَّذِي يُظْهِرُهُ الْعَبْدُ: الشُّكْرُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَالثَّنَاءُ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَالْإِنْفَاقُ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ، وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ إِظْهَارِ النِّعْمَةِ شُكْرٌ بِالْقَوْلِ وَبِالْفِعْلِ. وَأُمِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشُّكْرِ: ﴿ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾ [الزُّمَرِ: 66]، وَأُمِرَ الْمُؤْمِنُونَ بِالشُّكْرِ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 172]. وَهَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنْ أَبْرَزِ مَظَاهِرِ الْعُبُودِيَّةِ شُكْرَ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَا عُبُودِيَّةَ بِلَا شُكْرٍ، وَلَا شُكْرَ بِلَا عُبُودِيَّةٍ.

 

وَرَابِعُهَا: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غَافِرٍ: 60].

فَالْأَصْلُ أَنَّ الِاسْتِجَابَةَ مُحَقَّقَةٌ لِكُلِّ دَاعٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ رَتَّبَ الْإِجَابَةَ عَلَى الدُّعَاءِ، وَوَعَدَ سُبْحَانَهُ بِالْإِجَابَةِ، وَوَعْدُهُ لَا يُخْلَفُ. وَلَكِنْ قَدْ يَدْعُو الدَّاعِي بِمَا يَضُرُّهُ فِي الْعَاقِبَةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فَيَصْرِفُهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ رَحْمَةً بِهِ، وَيُعْطِيهِ خَيْرًا مِمَّا سَأَلَ، وَيَسُوءُ ظَنُّ الْعَبْدِ بِرَبِّهِ سُبْحَانَهُ فَيَظُنُّ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَجِبْ لَهُ، وَيُؤَكِّدُ هَذَا الْمَعْنَى حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا عَلَى الْأَرْضِ مُسْلِمٌ يَدْعُو اللَّهَ بِدَعْوَةٍ إِلَّا آتَاهُ اللَّهُ إِيَّاهَا أَوْ صَرَفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ: اللَّهُ أَكْثَرُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ؛ وَلِذَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «إِنِّي لَا أَحْمِلُ هَمَّ الْإِجَابَةِ، وَإِنَّمَا أَحْمِلُ هَمَّ الدُّعَاءِ، فَإِذَا أُلْهِمْتُ الدُّعَاءَ فَإِنَّ الْإِجَابَةَ مَعَهُ».

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعَلِّمَنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَأَنْ يَرْزُقَنَا الْعَمَلَ بِمَا عَلَّمَنَا، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ، وَاثْبُتُوا عَلَى دِينِ الْحَقِّ إِلَى الْمَمَاتِ؛ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ، يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَعْتَنِيَ بِتَدَبُّرِ آيَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَلَا سِيَّمَا الْآيَاتُ الَّتِي فِيهَا عَمَلٌ رُتِّبَ عَلَيْهِ جَزَاءٌ؛ لِيَعْمَلَ بِهَا، وَيَسْتَحِقَّ الْجَزَاءَ الْمُرَتَّبَ عَلَيْهَا؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَا خَلَقَ الْخَلْقَ إِلَّا لِيَعْبُدُوهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. وَالذِّكْرُ وَالشُّكْرُ وَالِاسْتِغْفَارُ وَالدُّعَاءُ مِنْ أَعْظَمِ الْعِبَادَاتِ الَّتِي تُقَرِّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى؛ وَلِذَا كُرِّرَ الْأَمْرُ بِهَا فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَأَمَرَ بِهَا الرُّسُلُ أَتْبَاعَهُمْ، وَحَثَّ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

وَالذِّكْرُ بِمَعْنَاهُ الْعَامِّ يَشْمَلُ الدِّينَ كُلَّهُ، وَيَأْتِي عَلَى عِبَادَاتِ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَالْجَوَارِحِ، كَمَا يَشْمَلُ عِبَادَاتِ الْفِعْلِ وَالْكَفِّ. وَبِمَفْهُومِهِ الْخَاصِّ ذِكْرُ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ، وَمِنْهُ أَذْكَارُ الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ وَالنَّوْمِ وَالِاسْتِيقَاظِ وَأَذْكَارِ الصَّلَوَاتِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنْوَاعِ الذِّكْرِ الْمُقَيَّدِ وَالْمُطْلَقِ.

 

وَالشُّكْرُ تُحْفَظُ بِهِ النِّعَمُ، وَتُدْفَعُ بِهِ النِّقَمُ، وَيَكُونُ بِالْقَلْبِ وَبِاللِّسَانِ وَبِالْجَوَارِحِ. وَلَا بُدَّ أَنْ يَقَعَ الْعَبْدُ فِي الْخَطَأِ، فَيَأْتِيَ مَعْصِيَةً أَوْ يُفَرِّطَ فِي طَاعَةٍ، فَشُرِعَ لَهُ الِاسْتِغْفَارُ؛ لِيَمْحُوَ أَثَرَ الذُّنُوبِ، وَيُبَدِّلَ السَّيِّئَاتِ إِلَى حَسَنَاتٍ، يَتَأَسَّى بِأَبِيهِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ بَادَرَ بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ بَعْدَ وُقُوعِهِ فِي الْخَطِيئَةِ وَالْأَكْلِ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي نُهِيَ عَنْهَا؛ ﴿ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 37].

 

وَلِلْعَبْدِ حَاجَاتٌ دِينِيَّةٌ يَتَمَنَّى أَنْ يُفْتَحَ لَهُ فِيهَا، فَيَدْعُو رَبَّهُ سُبْحَانَهُ يَسْأَلُهُ ذَلِكَ. وَلَهُ حَاجَاتٌ دُنْيَوِيَّةٌ يَطْلُبُهَا مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَهُ حَاجَاتٌ أُخْرَوِيَّةٌ يَسْأَلُ اللَّه تَعَالَى أَنْ يُبَلِّغَهُ إِيَّاهَا، وَلَا يَخِيبُ مَنْ أَكْثَرَ مِنَ الدُّعَاءِ؛ فَإِنَّ الدُّعَاءَ عِبَادَةٌ يُؤْجَرُ عَلَيْهَا الْعَبْدُ، مَعَ مَا يُعْطَى مِنَ اسْتِجَابَةِ دُعَائِهِ، وَإِذَا أَكْثَرَ الْعَبْدُ مِنَ الدُّعَاءِ فِي الرَّخَاءِ فَحَرِيٌّ أَنْ يَسْتَجِيبَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ فِي الشَّدَائِدِ؛ ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 186].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • الأربعون المنتقاة من صحيح الإمام البخاري رحمه الله (وهم أربعون حديثا بإسناد واحد) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أربع من الجاهلية..(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • أربعة يعذرون في الإسبال(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث "نكاح الجاهلية على أربعة أنحاء" تخريج ودراسة (WORD)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • الروضة الندية في شرح الأربعين النووية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • غسل الحوبة بأربعين حديثا في التوبة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • القول الأبلغ على القواعد الأربع - بلغة الهوسا (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • القول الأبلغ على القواعد الأربع - باللغة الإنجليزية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • جنة الأبرار بأربعين حديثا في الاستغفار (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الأربعون التمام في الصلاة والسلام على خير الأنام (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد سنوات من المطالبات... اعتماد إنشاء مقبرة إسلامية في كارابانشيل
  • ندوة متخصصة حول الزكاة تجمع أئمة مدينة توزلا
  • الموسم الرابع من برنامج المحاضرات العلمية في مساجد سراييفو
  • زغرب تستضيف المؤتمر الرابع عشر للشباب المسلم في كرواتيا
  • نابريجني تشلني تستضيف المسابقة المفتوحة لتلاوة القرآن للأطفال في دورتها الـ27
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 2/7/1447هـ - الساعة: 16:51
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب