• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   الملف الصحفي   مواد مترجمة   كتب   صوتيات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ملف تفاعلي لكل بيت مسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالقرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: أذكار الصباح والمساء
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالسنة النبوية
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    تيسير السيرة على صاحبها أزكى الصلاة وأتم السلام ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    القيادة الإدارية من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل المعتمر (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    خلق المسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    أخلاقيات الإدارة من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية الموجزة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية المتوسطة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل الحاج، ويليه: دليل الحاج المصور (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    ورد اليوم والليلة (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الجريسي: سيرة ومسيرة عبدالرحمن بن علي الجريسي ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

خطبة : إنما يتقبل الله من المتقين (3)

خطبة : إنما يتقبل الله من المتقين (3)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/6/2018 ميلادي - 23/9/1439 هجري

الزيارات: 29611

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إنما يتقبل الله من المتقين (3)


الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70 - 71].

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ:

كَانَ رَمَضَانُ رَبِيعًا لِلْمُؤْمِنِينَ، وَأُنْسًا لِلْمُتَهَجِّدِينَ؛ فَفِي نَهَارِهِ لَا يُفَارِقُونَ مَصَاحِفَهُمْ، وَفِي لَيْلِهِ يَتَهَجَّدُونَ فِي مَحَارِيبِهِمْ ﴿ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ﴾ [الْفَتْحِ: 29]. أُولَئِكَ قَوْمٌ عَرَفُوا قِيمَةَ رَمَضَانَ فَقَضَوْهُ فِيمَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُقْضَى فِيهِ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالتَّزَوُّدِ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَبَعْدَ الدُّنْيَا.

 

وَالْمُؤْمِنُ حَقًّا هُوَ مَنْ يَعْمَلُ الْعَمَلَ وَلَا يَغْتَرُّ بِعَمَلِهِ، وَإِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى تَقْصِيرِهِ، وَيَخَافُ ذُنُوبَهُ، وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَيَلْهَجُ لِسَانُهُ فِي نِهَايَةِ كُلِّ مَوْسِمٍ يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْقَبُولَ؛ فَإِنَّ كَثِيرَ الْعَمَلِ لَا يَنْفَعُ مَعَ الرَّدِّ، وَيَنْفَعُ قَلِيلُهُ مَعَ الْقَبُولِ، فَسَلُوا اللَّهَ تَعَالَى الْقَبُولَ ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 27]، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ الْعَظِيمَةُ الَّتِي تَتَضَمَّنُ اشْتِرَاطَ التَّقْوَى لِقَبُولِ الْعَمَلِ هِيَ مِنْ أَوَّلِ الْجُمَلِ فِي التَّارِيخِ الْبَشَرِيِّ، نُقِلَتْ إِلَيْنَا فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ فِي قِصَّةِ أَوَّلِ دَمٍ سُفِكَ عَلَى الْأَرْضِ، حِينَ تَقَبَّلَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَحَدِ ابْنَيْ آدَمَ وَلَمْ يَتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ ﴿ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 27]، وَهِيَ سُنَّةٌ رَبَّانِيَّةٌ فِي قَبُولِ الْأَعْمَالِ لِكُلِّ الْبَشَرِ، وَفِي كُلِّ الْأُمَمِ، وَفِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ؛ وَلِذَا لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْكَافِرِ عَمَلَهُ لِفِقْدَانِهِ التَّقْوَى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 36]، وَكَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ رِجَالٌ أَجَاوِيدُ، لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ شَيْءٌ كَثِيرٌ، لَكِنَّهُ لَمْ يَنْفَعْهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ فَاقِدُو التَّقْوَى بِتَرْكِهِمُ الْإِيمَانَ. وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْنُ جُدْعَانَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ، وَيُطْعِمُ الْمِسْكِينَ، فَهَلْ ذَاكَ نَافِعُهُ؟ قَالَ: لَا يَنْفَعُهُ، إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا: رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَكَذَلِكَ عَمَلُ الْمُنَافِقِ مَرْدُودٌ غَيْرُ مَقْبُولٍ؛ لِأَنَّ قَلْبَهُ فَاسِدٌ بِالنِّفَاقِ فَلَا مَحَلَّ فِيهِ لِلتَّقْوَى؛ وَقَدْ أَشَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَقَالَ: «التَّقْوَى هَاهُنَا» وَفِي رَدِّ عَمَلِ الْمُنَافِقِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ ﴾ [التَّوْبَةِ: 53].

 

وَكُلَّمَا كَانَ الْعَبْدُ أَتْقَى لِلَّهِ تَعَالَى كَانَ أَشَدَّ خَشْيَةً وَخَوْفًا مِنْ عَدَمِ قَبُولِ الْعَمَلِ؛ لِعِلْمِهِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَمَا يَجِبُ لَهُ سُبْحَانَهُ؛ وَلِإِزْرَائِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَوُقُوعِهِ عَلَى خَبَايَاهَا وَعُيُوبِهَا ﴿ إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 57 - 61]. أُولَئِكَ قَوْمٌ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، وَسَارَعُوا فِي الْخَيْرَاتِ، وَهُمْ يَخَافُونَ اللَّهَ تَعَالَى، وَمَا خَوْفُهُمْ إِلَّا مِنَ الرَّدِّ وَعَدَمِ الْقَبُولِ.

 

وَكَانَ لِلسَّلَفِ الصَّالِحِ عِنَايَةٌ عَظِيمَةٌ بِمَسْأَلَةِ الْقَبُولِ، وَكَثْرَةِ الدُّعَاءِ بِهِ، قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «لَأَنْ أَسْتَيْقِنَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ تَقَبَّلَ مِنِّي صَلَاةً وَاحِدَةً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾».

 

وَقَالَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «لَحَرْفٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ أُعْطَاهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا. فَقِيلَ لَهُ: وَمَا ذَاكَ يَا أَبَا عَمْرٍو؟ قَالَ: أَنْ يَجْعَلَنِي اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ فَإِنَّهُ قَالَ: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾».

 

وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «لَا تَثِقْ بِكَثْرَةِ الْعَمَلِ، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَيُقْبَلُ مِنْكَ أَمْ لَا، وَلَا تَأْمَنْ ذُنُوبَكَ، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي كُفِّرَتْ عَنْكَ أَمْ لَا، إِنَّ عَمَلَكَ مُغَيَّبٌ عَنْكَ كُلَّهُ، مَا تَدْرِي مَا اللَّهُ صَانِعٌ فِيهِ، أَيَجْعَلُهُ فِي سِجِّينٍ أَمْ يَجْعَلُهُ فِي عِلِّيِّينَ».

 

وَكَانَ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: «اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي صَلَاةً، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي صِيَامًا، اللَّهُمَّ اكْتُبْ لِي حَسَنَةً، ثُمَّ قَالَ: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾».

 

قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «كَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ يَشْتَدُّ مِنْهَا خَوْفُ السَّلَفِ عَلَى نُفُوسِهِمْ، فَخَافُوا أَنْ لَا يَكُونُوا مِنَ الْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُتَقَبَّلُ مِنْهُمْ. وَكَانَ السَّلَفُ يُوصُونَ بِإِتْقَانِ الْعَمَلِ وَتَحْسِينِهِ دُونَ مُجَرَّدِ الْإِكْثَارِ مِنْهُ، فَإِنَّ الْعَمَلَ الْقَلِيلَ مَعَ التَّحْسِينِ وَالْإِتْقَانِ أَفْضَلُ مِنَ الْكَثِيرِ مَعَ عَدَمِ الْإِتْقَانِ. قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: إِنَّ الرَّجُلَيْنِ لَيَقُومَانِ فِي الصَّفِّ وَبَيْنَ صَلَاتَيْهِمَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، كَمْ بَيْنَ مَنْ تَصْعَدُ صَلَاتُهُ لَهَا نُورٌ وَبُرْهَانٌ كَبُرْهَانِ الشَّمْسِ. وَتَقُولُ: حَفِظَكَ اللَّهُ كَمَا حَفِظْتَنِي، وَبَيْنَ مَنْ تُلَفُّ صَلَاتُهُ كَمَا يُلَفُّ الثَّوْبُ الْخَلِقُ وَيُضْرَبُ بِهَا وَجْهُ صَاحِبِهَا، وَتَقُولُ: ضَيَّعَكَ اللَّهُ كَمَا ضَيَّعْتَنِي. وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ فِي تَفَكُّرٍ خَيْرٌ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةٍ وَالْقَلْبُ سَاهٍ. قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: لَا يَقِلُّ عَمَلٌ مَعَ تَقْوَى، وَكَيْفَ يَقِلُّ مَا يُتَقَبَّلُ؟ يُشِيرُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾، وَلِهَذَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ: لَوْ عَلِمْتُ بِأَنَّ اللَّهَ قَبِلَ مِنِّي رَكْعَتَيْنِ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا، فَمَنِ اتَّقَى اللَّهَ فِي الْعَمَلِ قَبِلَهُ مِنْهُ، وَمَنْ لَمْ يَتَّقِهِ لَمْ يَقْبَلْهُ مِنْهُ» اهـ.

 

فَحَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي تَحْصِيلِ التَّقْوَى، وَيُكْثِرَ مِنْ سُؤَالِ اللَّهِ تَعَالَى الْقَبُولَ، نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَقْبَلَ مِنَّا وَمِنَ الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَقِيمُوا عَلَى أَمْرِهِ وَلَا تَعْصُوهُ ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [هُودٍ: 112].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

لَئِنْ فَقَدَ الْمُؤْمِنُونَ شَهْرَ رَمَضَانَ فِي صِيَامِهِ وَقِيَامِهِ وَبِرِّهِ وَإِحْسَانِهِ؛ فَإِنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ بَاقٍ لِلْعَبْدِ عَقِبَ رَمَضَانَ؛ وَأَوَّلُ ذَلِكَ فِي الصِّيَامِ صِيَامُ سِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ؛ لِحَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَأَوْصَى النَّبِيُّ بِأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ يَوْمِيَّةٍ وَشَهْرِيَّةٍ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلَاثٍ: «صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

وَيَحْسُنُ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يُحَافِظَ عَلَى السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ؛ فَفِي الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا خَيْرٌ عَظِيمٌ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أُمِّ حَبِيبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَحَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ لَا يَهْجُرَ الْقُرْآنَ بَعْدَ رَمَضَانَ؛ فَهُوَ رَبِيعُ الْقُلُوبِ، وَنَمَاءُ الْإِيمَانِ فِيهَا، وَلَا بُدَّ لِلْمُؤْمِنِ مِنْ وِرْدٍ يَوْمِيٍّ يُحَافِظُ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ زَادَهُ إِلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَاحْذَرُوا مُقَارَفَةَ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي، أَوِ الرِّضَا بِهَا؛ فَإِنَّ الرَّاضِيَ كَالْفَاعِلِ، وَأُمَّةُ الْإِسْلَامِ أُمَّةُ احْتِسَابٍ، تَسْعَى لِنَشْرِ الصَّلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ، وَحَجْزِهِمْ عَمَّا يُوجِبُ الْعُقُوبَاتِ ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 104].

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • إنما يتقبل الله من المتقين

مختارات من الشبكة

  • أنواع الخطابة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة صلاة الكسوف(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم وزواجر من خطب البلغاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: عام مضى وعام أتى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيف تكون خطبة الجمعة خطبة عظيمة ومؤثرة؟ (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الخطبة الأخيرة من رمضان (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة سلسلة خطب الدار الآخرة (13)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة سلسلة خطب الدار الآخرة (12)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة سلسلة خطب الدار الآخرة (10)(محاضرة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب