• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   الملف الصحفي   مواد مترجمة   كتب   صوتيات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ملف تفاعلي لكل بيت مسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالقرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: أذكار الصباح والمساء
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالسنة النبوية
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    تيسير السيرة على صاحبها أزكى الصلاة وأتم السلام ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    القيادة الإدارية من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل المعتمر (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    خلق المسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    أخلاقيات الإدارة من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية الموجزة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية المتوسطة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل الحاج، ويليه: دليل الحاج المصور (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    ورد اليوم والليلة (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الجريسي: سيرة ومسيرة عبدالرحمن بن علي الجريسي ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل / قالوا عن الشيخ رحمه الله
علامة باركود

الأيام الأخيرة لسماحة الشيخ عبد الله ابن عقيل رحمه الله

محمد زياد التكلة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/9/2011 ميلادي - 12/10/1432 هجري

الزيارات: 34404

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأيام الأخيرة لسماحة الشيخ عبد الله ابن عقيل رحمه الله

تأريخ ومواقف وذكريات


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه، وأصلّي وأسلّم على نبيه ومصطفاه، وآله وصحبه ومن اتبع هداه.

 

أما بعد:

فإن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

 

توفي سماحة الشيخ، العلامة الفقيه المتقن، الموسوعي المتفنن، القاضي المفتي، الصالح العابد المحسن، المسند المعمر، شيخ الحنابلة، أبو عبد الرحمن، عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل العقيل العُنَزي، نزيل الرياض والمتوفى بها، شيخُنا وأستاذنا ومربينا، ومن كان بمثابة الوالد الحاني، رحمه الله رحمة واسعة.

 

وهذه تقييداتٌ متواضعة، أشبه بالخواطر والفوائد والتأريخ، عن الأيام الأخيرة لسماحة الشيخ الفقيد، تذكرةٌ للنفس، وإفادةٌ لمن أحب، وبعض عرفان ووفاء لمن لا أقدر أن أكافئ أفضاله عليّ، فاللهم اجزِه عني خيراً.

 

وليعذر القارئ إن رأى قصوراً، فإن النفس متأثرة، والخطب ماثل، وخُلق الإنسان ضعيفاً.

 

• وكنتُ بحمد الله أصدرتُ أربعة كتب عن شيخنا، إحداها ترجمة مطولة في مجلد، باسم فتح الجليل في ترجمة وثبت شيخ الحنابلة عبد الله بن عبد العزيز العقيل.

 

وأخرى جمعت فيها مقالات ومقابلات ومتعلقات، ضمنها سيرته الذاتية، صدرت باسم: مجموع فيه من آثار سماحة الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العقيل في الذكريات والتاريخ والتراجم، في مجلد أيضاً.

 

فمن أراد معرفة سيرة الشيخ فيُمكنه الرجوع للكتابين السالفين[1]، ولا سيما فتح الجليل، فقد بذلتُ فيه جهداً، وجمعت فيه فوائد ومواقف أرجو أن تسر المحب، وهذه الكلمات فيها تتميمٌ لذلك، وهي تقتصر على تأريخ أيامه الأخيرة، ووفاته، وجنازته، وبعض المراثي التي قيلت فيه، وبعض الرؤى التي رأيتُها فيه آخر أيامه، ثم مواقف شهدتها منه في أيامه الأخيرة، ثم أختم بعلاقتي الخاصة مع شيخنا الفقيد، رحمه لله تعالى، والله المستعان، وعليه التكلان.

 

عُرف شيخنا رحمه الله بتصديه لطلبة العلم غالب أوقاته، فكان يجلس للطلاب من بعد صلاة الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس بقريب ساعة، ثم يجلس الضحى قبل ساعتين ونصف تقريباً من صلاة الظهر، ثم يجلس بعد الظهر نحو ساعة، ثم بعد العصر كاملاً إلى ما قبل الأذان بعشر دقائق تقريباً، ثم بعد المغرب كاملاً، ويُقرأ عليه في مسجده بُعيد أذان العشاء إلى الإقامة، ثم يجلس بعد صلاة العشاء، ويمتد أحيانا إلى الحادية عشرة ليلاً، وهو في هذا غاية في اليقظة والانتباه والصبر، نتعب ونتملل ونسهو وهو على جلسة واحدة في غاية التركيز واليقظة، على كبر سنّه، هذا هو فوق التسعين، فهو من مواليد غرة محرم سنة 1335.

 

• بقي شيخنا على هذا إلى سنة 1429، ثم بدأ التعب يظهر على الشيخ من كبر السن ومن المرض وآثار الأدوية، فقلل شيئا من طول المجالس، وبدأ يتزايد على شيخنا الإعياء والإغفاء اليسير وقت القراءة، فيغفو لثوانٍ قليلة، ثم ينتبه، وكان آية في انتباهه، فإن كان القارئ يقرأ يُعيده إلى حيث نراه غفا بالضبط، وإن كان الشيخ يعلّق أكمل التعليق من حيث وقف تماماً، لا يخطئه الموقف في الحالين، لكن الغالب من حاله التيقظ.

 

• ثم في رمضان سنة 1430 سافر شيخنا على عادته إلى مكة، ولما رجع للعيد كان قد أصيب بالأنفلونزا الحادة، ومرض مرضاً شديداً، ونُوِّم في المستشفى أول عودته، وبقي فيه نحو 19 يوما على ما أذكر، فغاب عن الطلبة، ولما خرج من المستشفى كان ما يزال متعباً، وجسمه قد ضعُف، ونُصح بالراحة، وكان رأي بعض أبنائه الكرام أن تتوقف الدروس كلها شفقةً عليه ولإراحته من الإجهاد الطويل المستمر.

 

وهنا موقفٌ لا بد من ذكره، فقد زرتُ الشيخ أول ما علمتُ أنه تحسن شيئاً، وبعد أن سلّمتُ على شيخنا واطمأننتُ عليه، سأل كعادته عن الأحوال والأسرة والمشايخ الذين أتصل بهم، ثم قال: هل معك شيء للقراءة؟ وأنا من عادتي لا أكاد أزور الشيخ إلا ومعي كتاب أو جزء احتياطاً، حتى لو لم يكن درس، فرمقتي بعض أبناء الشيخ الذين في المجلس، وفهمتُ أنهم لا يريدون أن يُجهد الشيخ، فقلت: أحسن الله إليك، معي كتاب، لكنك متعب، وفي نقاهة، فلو ترى أن نؤجله حتى تنشطون وترتاحون أكثر. فابتسم رضي الله عنه وقال: لا! ثم قال لي وهو يلتفت إلى ابنه الذي بجانبه: بعضُ الناس يظنون أن راحتي أن أترك الدروس والجلوس للإخوان، وأنا راحتي في التدريس! سَمِّ واقرأ، وأَخْبِرْ الشيخ عبد العزيز بن قاسم أن يأتي ويكمل درس الروض الأحد، وأخبر الإخوان أن يعودوا للدروس كما كانت.

 

أخبرتُ الشيخ ابن قاسم بما حصل، فتعجب، لمعرفته بتعب شيخنا، واتصل عليه ليسلّم عليه، فقال له شيخنا: هل أخبرك فلان بالدرس؟ فقال: نعم. وطلب منه الشيخ ابن قاسم التأجيل شفقة عليه، لكن شيخنا أصر، وقال: أبلغ الإخوان وأنا أنتظركم على العادة. فكانت عودة درس الروض المربع -وكان أبرز دروس شيخنا- ليلة الاثنين 23 شوال 1430.. وفي وقت قصير عادت الدروس قريباً من الجدول السابق!

 

لكن من ذلك الوقت صار التعب والضعف والإعياء واضحاً في الشيخ، وكثرت غفواتُه في الدروس، إلا أنه على عادته العجيبة في التركيز والعودة إلى حيثُ كان يقظاً، وكم أُلحُّ عليه أنا وأصحابي في التوقف بعض المرات التي يزيد فيها تعبه -مع الاعتراف بطمع النفس في إكمال القراءة!- لكنه كثيراً ما يأبى ويقول: أكملوا. ويعدل جلسته، ويبعد ظهره عن المسند لكي يجاهد نفسه في الإكمال.

 

وفي آخر تلك السنة، اقترحتُ عليه مع حفيده الشيخ أنس بن عبد الرحمن أن نسرد عليه صحيح البخاري من رواية أبي ذر الهروي، التي اعتنى بها مكتب التأصيل في القاهرة لصاحبه الشيخ عبد الرحمن ابن شيخنا، فوافق وتحمس للفكرة، وقرأناه عليه أواخر ذي الحجة وأوائل محرم سنة 1431، وكان شيخنا غاية في التعب، ولا نحصي المرات التي كنا نعيد فيها بعض ما قرأناه لغفوات الشيخ، واعتذر شيخنا مرات عن بعض المجالس لأجل مراجعة المستشفى والفحوصات، لكنه كان حريصاً إلى الإتمام، وكان قد سُرَّ سروراً بالغاً بختم الكتاب، وأقام له مأدبة كبيرة، حضرها عدد من المشايخ، والحق يُقال كان يجاهد نفسه ويشق عليها كثيراً لأجل القراءة.

 

بقي شيخنا على حاله في التدريس والإقراء، مع التعب والوهن، وأصر أن يسافر لمكة في رمضان على عادته، ورجع منها مريضاً جداً إلى المستشفى في الرياض، ودخل العناية المركزة، وبقي في المستشفى 36 يوماً، ثم خرج أياماً، وكان من التعب بحيث لا يقدر على المشي، بل حتى الجلوس كان صعباً عليه، لضعف العضلات بعد التنويم الطويل، وتأثر مزاجه وقتها بالأدوية، وانقطعت الدروس تقريباً، ثم قرر أبناؤه أن يذهب في رحلة للتأهيل العلاجي إلى ماليزيا.

 

وفي اليوم السابق لسفره وليلته، جاء مجموعة من المشايخ وطلبة العلم لزيارته، وزرته عصر الاثنين 17/11، وجاء أيضا الشيخ صالح العصيمي، واستأذن الشيخ في قراءة لامية أبي طاهر السِّلَفي، فأذن الشيخ، وكان معي ألفية السيرة للعراقي، فأعطيتُها للشيخ صالح، وقرأ على الشيخ منها أبياتاً، ثم ودّعنا الشيخ، ودعا لنا جزاه الله خيرا.

 

وفي الليل زاره عددٌ من المشايخ وطلبة العلم، فمنهم شيخنا الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم بن قاسم، والأخ الشيخ عبد الله بن يحيى العوبل، وأخبراني بتأثر الشيخ الكبير لدى توديعهم، ولا سيما الثاني، فكان يقول للشيخ ابن قاسم: الله يجزيك الخير، لك فضلٌ علينا، أنت تأتي تقرأ علينا، ونحن نستفيد منك أكثر! ودعا له كثيراً. وقال لأحد طلبته الملازمين له: أنا لا يعجبني وضعك (أي: حاله المادية)، وأريد أن أساعدك، أريد أن أذهب وأنا مطمئن عليك لتصلح أمورك. فاعتذر الطالب، فقال له شيخنا: لا تكن عنيداً، أريد أن  أذهب وأنا مرتاح! فأصر أخونا على الاعتذار. ثم قال للشيخ راجح الزيد: الله يجزيك الخير، الله يوفقنا وإياك، ودعا له. وقال لأحد طلبته: ترى أنت ذكي وعندك نباهة، ويرجى لك خير، فاستمر في طلب العلم، وجد واجتهد. ثم قال للشيخ عبد الله العوبل: الله يجزيك الخير يا شيخ عبد الله، أنت من الطلبة البارّين، ودعا له.

 

قال لي الشيخ العوبل: وكان في وصاياه ودعواته مؤثراً، وكانت وصية مودّع، وبكيت ليلتها.

 

واجتمع شيخنا تلك الليلة مع أسرته، وأوصاهم، وودعهم، وسافر برفقة ابنه الشيخ عبد الرحمن.

 

ومما ينبغي الإشادة به: بر أبناء الشيخ به، فمع كونهم يغلب عليهم الوظائف العالية أو التجارة فعلى سبيل المثال رأينا ابنه الشيخ عبد الرحمن يعطّل أموره ومسؤلياته الكثيرة خارج المملكة ويلازم والده مدة مرضه وسفره.

وابنه يوسف استقال من وظيفة إدارية عالية ليتفرغ لخدمة والده.

 

الحاصل تحسنت صحة شيخنا في ماليزيا بحمد الله، وكلمناه مراراً، وكان لا يفتأ يسأل عن الأولاد والأهل والمشايخ، وأخبرتُه برؤيا مبشرة رأيتُها فيه، فحمد الله ودعا بخير.

 

رجع شيخنا في ذي الحجة، فكأن الشمس أشرقت علينا من جديد، وقد تنشط قليلاً من الناحية الحركية، لكنه ما يزال غير قادر على استكمال الدروس، وبقي وقتاً، ثم استكمل الدروس في المحرم سنة 1432، وتحسنت صحة الشيخ، وأعطى درسين في الروض المربع ليلتي 14 و21 منه، ورجعت الدروس والقراءات الخاصة، وعاد الشيخ كما عهدناه من جودة الذهن والذاكرة والإفادة، والحمد لله على نعمائه.

 

ثم في ليلة السبت 26 محرم، كان شيخنا في مجلسه بعد صلاة المغرب كالمعتاد، وعنده عدد من الطلبة، منهم الشيخ علي بن حسن سيف، وزاره الأستاذ أيمن الحنيحن، وكان شيخنا ينتظر بعض المشايخ، أذكر منهم الشيخان ابن منيع والأطرم، واتصل عليه تلميذه الشيخ عبد الله العوبل -كما أخبرني- من مكة، واحتفى به شيخنا، وقال له: كيف مكة؟ أنا قادم لها إن شاء الله، وحجز لي الأبناء. ثم قام ليجدد وضوءه ويتجهّز لصلاة العشاء قبيل مجيء المشايخ، ودخل دورة المياه، وحصل أن سقط على الأرض، ووقع على رأسه، وأُغمي عليه، فنُقل فوراً إلى مستشفى دلة، وهناك أفاق قليلاً، وسأل عن بعض أبنائه، ثم رجع في الغيبوبة، وتبيّن أنه أصيب بكسر في الجمجمة ونزيف حاد في الدماغ، ثم نُقل إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي بأمرٍ من الأمير سلمان، وقرر الأطباء أنه إما أن تُعمل له جراحة عاجلة في الرأس، ونسبة النجاح ضعيفة، أو أن النزيف سيؤدي للوفاة خلال سويعات، فاختيرت العملية، واستمرت عدة ساعات، وطلاب الشيخ ومحبوه يكثرون له الدعاء، وبحمد الله نجحت العملية موضعياً، ولكن لم يُفق شيخنا من الغيوبة بعد ذلك.

 

ولا أبالغ إن قلتُ إننا شعرنا بعد فقد دروس شيخنا كالأيتام في الرياض، وافتقدنا بشدة مجلسه الذي كان مأوى الطلاب ومجمع الأحباب في الله الوهاب، فكم من مشايخ وطلبة فضلاء لم نعد نراهم إلا بين الفينة والأخرى، وقد كنا كأسرة واحدة نلتقي دوماً عند الشيخ!

 

بقي شيخنا في المستشفى من ذلك الوقت، وكانت حالته مستقرة إجمالاً، وتعرض لعدة نكسات تجاوزها بحمد الله، وكانت إفاقته محتملة، لأن نتيجة اختبار الوعي عنده كان 7 من 15، وهي نسبة يُتفاءل بها، وكان من الملاحظ جداً أن الشيخ إذا رُقي يتأثر ويتفاعل لا إراديا مع الآيات، وأنه إذا زاره وكلّمه بعض من يُعِزُّهم شيخنا فإنه كذلك يتأثر ويشد بيده على من يصافحه، ويفتر عن ابتسامة، وربما دمعت عينه، هذا ما رأيتُه أنا وغيري، ولذلك كنا إذا زرناه نخبره أن فلانا يسأل عنك، وفلان بخير، وأشعر بتجاوب واضح من الحركات اللا إرادية، ويفتح عينيه ويحرك يديه.

 

وزاره عددٌ من المشايخ الكبار والأعيان وطلبة العلم في المستشفى.

 

وكانت تأتينا بين الفينة والأخرى قصائد من ابنه الأستاذ حمد ينظمها في والده، يثير فيها الأشجان والذكريات عن الشيخ.

 

وكما سبق من الكلام عن بر أبناء شيخنا بوالدهم: فقد كانوا يتناوبون عنده في المستشفى لا يتركونه، ولا يمر وقت من الأوقات في اليوم والليلة إلا وعنده واحد على الأقل منهم، رزقهم الله الأجر والبر.

 

• ومما يحسن ذكره أن بعض محبي الشيخ كتبوا مقالاً في ملتقى أهل الحديث على الشابكة في السؤال الدوري عن آخر أخبار الشيخ، وقارب قراؤه العشرة آلاف خلال وجود شيخنا في المستشفى، وكذا رأيت في أحد المواقع دعوة بعضهم لحملة دعاء للشيخ لما أجرى العملية في رأسه، ونحوه في موقع الألوكة مقال بعنوان: (دعواتكم للشيخ عبد الله بن عقيل).

 

بقي شيخنا على هذا الوضع أكثر من ثمانية أشهر، وبعد عيد الفطر توقفت الحركات اللا إرادية، ولم يعد يتحرك الشيخ، ويوم الاثنين 7/10 صار ضغطه ينخفض.

 

ويوم الثلاثاء ثامن شوال 1432 اتصلت مراراً على الشيخ يوسف ابن شيخنا والشيخ علي سيف، وكان جوالهما مقفلاً، فتخوفتُ من الوضع، ثم اتصل بي الشيخ علي وقال: إن شيخنا في حالة حرجة جداً، وإن قدرتَ فتعالَ حالاً.

 

فكتبتُ في ملتقى أهل الحديث أن شيخنا في حالة حرجة ويحتاج للدعاء، وخرجتُ مباشرة للمستشفى، وأخذتُ معي مصحفي بنيّة أن أرقيه بسورة البقرة وما يتيسر، ولقيتُ عند باب العناية المركزة الأخ علي، وداخلها الأستاذ عقيل ابن شيخنا، ودخلت غرفة الشيخ لأجد ابنه الشيخ يوسف مع الطبيب يفحص قلب شيخنا، وذلك الثانية والربع ظهراً، وخلال دقيقة التفت الطبيب وقال: عظّم الله أجركم بالشيخ، لقد توفي.

 

كان الشيخ في سكينة ووقار، كأنه نائم مرتاح، ولم تحصل له تشنجات وحركة عند السكرات، وتوفي في هدوء ولطف، ولولا ظهور توقف النبض في الأجهزة ما عُرف أنه يموت، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

 

سألتُ الطبيب إن كان يجدي محاولة إنعاش القلب، فقال: إن وضعه لا يسمح، وقد توفي.

 

وقال لي الشيخ يوسف إن النبض توقف من نحو خمس دقائق، أي أن وفاته في الثانية وعشر دقائق تقريباً، أو بعيدها بقليل.

 

قبّلت يدَي الشيخ وجبينه الطاهر، ودعوتُ له بما شاء الله، وغلبتنا الدموع، ثم طُلب من الجميع مغادرة الغرفة لفك الأجهزة عن الشيخ رحمه الله وتجهيزه.

 

وعزّينا من حضر بعدها من أبناء الشيخ وذويه في المستشفى، وتوافد عددٌ من طلابه وأقاربه، وممن حضر الشيخ سعد الحميّد، والشيخ خالد الشريمي (صهر الشيخ)، والأخ الأستاذ أيمن ذو الغنى، فسلّموا على الشيخ، وقبّلوا رأسه، وقُرِّر وقت ومكان الجنازة، وبقيتُ إلى أذان العصر، ثم انصرفتُ.

 

بُعيد وفاة الشيخ كلمتُ وأرسلتُ لجماعة بالخبر، وكذلك فعل من كان موجوداً، وكلمتُ الشيخ عبد الرحمن بن عمر الفقيه -جزاه الله خيرا- ووضع الخبر في ملتقى أهل الحديث، وجعله باسمي مشكوراً، ولعله أول من نشر الخبر في مكان عام، وانتشر الخبر في الإنترنت وعبر الاتصالات في وقت وجيز.

 

ومع كوني أحد طلاب الشيخ، فقد جاءتني تعزيات كثيرة بالاتصال والرسائل من دولٍ عدة، من السعودية، والكويت، وقطر، والبحرين، وسوريا، والأردن، ولبنان، ومصر، والعراق، والمغرب، وبريطانيا، وأمريكا.

 

وبلغ عدد القراء للخبر في ملتقى أهل الحديث خلال بضع ساعات عدة آلاف، وبلغت الردود والتعازي بالعشرات من عدة بلدان، ووضعت بعض القنوات الخبر على شريطها الأخباري، مثل قناة الجزيرة، والمجد، والحكمة، والأثر، والعربية، وكثير من الصحف الإلكترونية.

 

وتكلم الشيخان محمد بن صالح المنجد، وعبد الوهاب بن ناصر الطريري على قناة المجد عن الشيخ، وكذلك ألقى الشيخ محمد المختار الشنقيطي كلمة في وفاة الشيخ.

 

كل هذا في الساعات القليلة التالية لوفاة الشيخ، وعلى ضوء ما وردني أو وصل إليّ خبرُه، ولا أدري عن غيره، وما تهيّأ لي الآن التواصل مع أسرة الشيخ وغالب طلابه، ولا أشك أن الكثير -بل الأكثر- غاب عني.

 

وأخبرني عدد من أعيان الآخذين عن شيخنا في الكويت والبحرين أنهم قادمون للمشاركة في الجنازة.

 

إنني عندما أسيح في الشابكة باحثاً عن خبر أو مقال عن الشيخ، لا أملك دموعي عندما أرى كثرة المترحمين على الشيخ، ومن يصرّح بالتألم لفقده، وجلّهم لا يعرفه، بل أكثرهم من العوام، فسبحان من أوزع محبة بعض العباد في قلوب الناس، وصدق الله القائل: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ﴾ [مريم: 96].

 

هنا أتذكر ما أخبرني به أخي عبد الله العوبل: أن أخاه الصغير الطفل راكان اتصل بأبيه باكياً وهو يقول له: مات الشيخ ابن عقيل، أنا ما رأيتُه إلا مرة، كنتُ أريد أن أراه مرة ثانية!

 

نعم، أتذكر ابني عمر وكان في حدود الرابعة من عمره عندما رأى مرة صورة للملك عبد الله، فسألني سؤالا مباغتاً ببراءة الأطفال: أبي، أليس هذا هو الشيخ عبد الله بن عقيل؟ ربما يضحك البعض من الموقف، كما ضحكتُ وقتها، وكما ضحك شيخنا لما أخبرتُه! لكني أدركتُ أن السؤال كان لما يراه ويسمعه ويعيشه من منزلة الشيخ عندي، واشترك الاسم، فظن أنه الملك!

 

نعم كان شيخنا ملكاً من ملوك العلماء المعاصرين، ويُرجى أن يكون من ملوك الآخرة، لعلمه وصلاحه وعبادته وإحسانه، والتزامه الشديد بالسنّة.

 

الجنازة:

غُسِّل شيخنا ظهر الأربعاء، وشارك في تغسيله أبناء الشيخ، ومنهم عبد الرحمن، وعبد الملك، وعقيل، ويوسف، وكذلك الشيخ التاجر المحسن يوسف العطير، والشيخ علي سيف، وهو أخبرني بهذا.

 

وحضر مكان التغسيل جماعة، منهم المشايخ: نظام اليعقوبي البحريني، ومحمد بن ناصر العجمي الكويتي، وعبد العزيز السدحان، وراجح الزيد، وهشام السعيد، وعبد الله العوبل، ومحمد النايل.

 

واتصل بي الشيخ العوبل قبل أذان العصر بساعة ونصف، وقال إن في جامع الملك خالد من الآن صفان.

 

حضرتُ قبل الأذان بثلثي ساعة، ومعي الشيخان وليد المنيس وفيصل العلي، من أعيان تلاميذ شيخنا في الكويت، وكان وجه الشيخ ما يزال مكشوفا للمودعين، فسنحت لنا فرصة تقبيل رأسه مجدداً، وعزينا أبناءه الحاضرين، وأخاه الشيخ عقيل (الثاني)، وأصهاره، وغيرهم، وكان نحو ثلث المسجد ممتلئاً.

 

توافد المشايخ والناس للمسجد، حتى امتلأ تماماً بعيد أذان العصر، ولا أدري كم صلى خارج الجامع، وصلى فرض العصر إمام الجامع الشيخ خالد الجليّل، ثم صلى على جنازته سماحة المفتي عبد العزيز آل الشيخ.

 

ورأينا وعلمنا من العلماء والمشايخ الذين حضروا: عبد الله بن عبد المحسن التركي، وعبد العزيز المحمد العقيل، وعبد الرحمن البراك، وصالح الفوزان، وعبد الله المطلق، محمد بن عبدالله بن عودة السعوي، وعبد الله الركبان، وعبد العزيز بن إبراهيم بن قاسم، وعبد الله بن خنين، وعلي المرشد، وعبد الكريم الخضير، وعبد الرحمن المحمود، وسليمان الماجد، وعبد الرحمن بن صالح الأطرم، وأبناء الشيخ حمود التويجري، ومتعب الطيار، ومحمد عبد الله بن الأمين الشنقيطي، وعبد العزيز السدحان، وخالد الشريمي، وعبد العزيز الحمين، وإبراهيم الغيث، ومحمد بن عبد العزيز الخضيري، ويوسف العطير، وعبد المحسن العسكر، وشامي العجيان، وصالح العصيمي، وعبد الله العبيد، ومحمد بن إبراهيم اللحيدان، وسليمان الشويهي، وياسر العسكر، وأيمن ذو الغنى، وعبد الله العوبل، وعبد الله المسلَّم، وفيصل العمر، وسليمان الحرش، ومساعد السعدي، وعبد المجيد الوعلان، وهشام السعيد، وفهد القاضي، وسعد بن مطر العتيبي، وعبد الرحمن الدهامي، وفهد المشرّف، وغالب المزروع، ورياض السعيد، وعامر بهجت فداء، وكثيرون.

 

وممن رأيتُه جاء من الكويت المشايخ: وليد المنيس، وفيصل بن يوسف العلي، ومحمد بن ناصر العجمي.

ومن البحرين الشيخ: نظام اليعقوبي.

 

وحُملت الجنازة على الرؤوس والأيدي، وتدافع الناس على حملها، وشُيِّعَت مشياً على الأقدام إلى مقبرة أم الحمام، وامتلأت ساحة المقبرة بالناس، وجلُّهم من المشايخ وطلبة العلم، وكانت جنازة مهيبة، وصُلِّي عليه مرة أخرى هناك، وأخَّر الازدحام والتدافع حول القبر الدفن قليلاً، وكنتَ ترى الناس يعزي بعضهم بعضاً، ويتدافعون ويتنادون بإعطائهم الفرصة في المشاركة بالأجر.

 

ولحد الشيخ في قبره ابناه عبد الرحمن، وإبراهيم، وتلميذه علي سيف، ورقم القبر 29/3ج.

 

وأقتبس من تعزيه بعض المشايخ بشيخنا فأقول: دُفن في هذا القبر نحو مائة عام من العلم والتعليم والفضل والتوحيد والعبادة، فوا خسارتاه على هذا العلم والفضل، ولكن ليس الأولى بالبكاء من يُرجى له كلُّ الخير، بل الأجدر بذلك أنفسنا المقصرة أيما تقصير.

 

وأخبرني الأستاذ حمد العقيل، أن جماعة أتوا وصلوا على الشيخ في قبره إلى المغرب، وجاء أناس في اليوم التالي والثالث.

 

• توافد الناس على بيت سماحة الشيخ للتعزية، وحضر عدد من كبار العلماء والأمراء والوزراء والقضاة والأعيان وطلبة العلم والأقارب والمعارف، وجئتُ في إحدى المرات متشرفاً بمعيّة العلامة محمد بن لطفي الصباغ، لأجد مجلس شيخنا المعتاد، والمجلس الكبير، وساحة البيت، كلها مليئة بالمعزّين، والناس تدخل وتخرج، وضمنهم عدد من الكبار، وفيهم من جاء من مكة، ومن المدينة، ومن القصيم، وغيرها، فسبحان من أوزع الشيخ محبة العباد.

 

وأما الاتصالات فشيء فوق الحصر، وكان في طليعة المتصلين المعزّين خادمُ الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وفي طليعة من أرسل برقيات العزاء صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز.

 

وعن الحضور يخبرني الأستاذ حمد ابن شيخنا أن القهوجي الذي في المجلس قدّر من حضر في الأيام الأربعة الأولى باثني عشر ألف شخص، وأن العدد فاق بكثير مجلس عزاء شيخنا العلامة عبد الله بن جبرين الذي خَدَم فيه أيضاً، ومعلوم أن تلك كانت مشهودة.

 

والله تأثرتُ من الأعماق عندما رأيتُ في زيارتي مكان جلوس الشيخ فارغاً، ذلك المكان الذي قضينا عنده السنوات في رياض العلم والفائدة، في جنة من جنان الدنيا، نجد فيها لذة لا تدانيها لذة، فاللهم ارحم تلك الشيبة الوقورة، واجمعنا بصاحبها في الفردوس الأعلى، واجزِه عنا وعمن استفاد منه خير الجزاء.

 

ومن المراثي التي رثي بها قصيدةٌ للزميل الشيخ الفاضل عامر بهجت فداء:

دمعات تلميذ في وداع شيخه:

أيا عينُ جودي بالبكاء وسيلي
دموعي دماً من فقده وأَطيلي
فما كان موتُ الشيخ موتًا لواحدٍ
ولكنه فقدٌ لعالِم جيلِ
وذلك ثلمٌ لا يُسد ولو سَعَتْ
إلى سدِّه الدنيا بكل بديل
فأنّى لدنيانا وأنّى لقومنا
بمثل الفقيه العالمِ ابنِ عقيل
أيا قانتًا لله قد كنتَ أمة
حنيفًا كنَعْتٍ قد أتى لخَليلِ
رَحَلْتَ عن الدنيا وما ضَرَّ راحلًا
بزادٍ إلى المولى الكريم جليلِ
رحلتَ أيا نورَ الرياض فأظلمتْ
وناحت عليكم في بُكًا وعَويلِ
وماضَرَّكمْ أنَّ العوالمَ أَظْلَمَتْ
وأنت بنُورِ القَبْرِ خيرُ نَزيل
وذلكم ظَنِّي برحمةِ رَبِّه
لشَيْبَتِهِ في العِلْمِ خيرُ سَبيلِ
ثمانينَ حولًا عَلَّم الناسَ دينَهم
إمامًا وسبّاقًا لكُلِّ جَميلِ
سَيَبْكي مُصَلّاكُمْ بمكةَ فَقْدَكُمْ
ويَذكر بِيضَ الصَّوْمَ قبلَ رَحيل
يَتوقُ لكم زادٌ ويَبْكيكَ مُنْتَهى
ويَنْعاكَ إقناعٌ ومَتْنُ دَليلِ
لعَمْرُك ما مات الذي خَلَّفَ الأُلى
له بين داعٍ ذاكرٍ بجَميلِ
فكَيْفَ بآلافٍ يَبُثُّون عَلْمَه
يقولون: قال العالمُ ابنُ عَقيلِ
عليه مِنَ الله المَراحِمُ والرِّضا
بكُلِّ غَداةٍ في الدُّنا وأَصيلِ
أيا رَبّ فارحَمْ عابدًا لك زاهدًا
وأسكِنْهُ في الفِرْدَوسِ خيرَ مَقيلِ

 

وقال الزميل الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله البُلَيهِد:

لا أُحسن الشعر ولكنها زفرة فؤاد:

دمعةٌ على فراق شيخنا ابن عقيل:

عَظُم المُصابُ وفاضتِ الأحزانُ
والهمُّ زادَ وجاءتِ الأكفانُ
والشيخُ قد أضحى ووُسِّد في الثرى
فالدَّمْعُ سالَ وكَلَّتِ الأجفانُ
والمَتْنُ قد أمْسى يتيماً بعْدَه
والشَّرحُ أُغلق [دونه البرهانُ]
مَنْ للمُتون صغيرِها وكبيرِها
بالدَّرْس يُملي والنفوس تُصانُ
لله درُّك يا العَقيلُ فَمَنْ لنا
مِنْ بَعدكم تتساقَطُ الأفنانُ
يا شيخُ يا بحر العلوم وحبْرها
قد أظلمتْ لِفراقِك الأكوانُ
كرسِيُّكَ الوضَّاءُ يَبكي بعدكمْ
والكُتْبُ تسألُ غابتِ الإخوانُ
يا ابنَ العَقيلِ [فَقدتُ] مجلسك الذي
في الأربعاءِ تجيئُك الضيفانُ
أُلْبِسْتَ تاجاً في العطاءِ وفي الهدى
أنتَ الذي من بيننا السلطانُ
يا ربَّنا رُحماكَ بالشيْخِ الذي
مِنْ فَقدِه تتزلزلُ الأركانُ

 

وأرسل لي أحد الإخوة في قطر أن أحد المشايخ كتب مرثية في شيخنا يوم وفاته، ولما تصلني.

 

وكتب الشيخ إسماعيل بن محمد بن حمد بن عتيق قصيدة أيضاً، مطلعها:

ثوى إلى القبر بأُمِّ الحَمامْ
وغابَ عنِ الأعيُنِ بدرُ التَّمامْ

 

• وكتب شيخنا العلامة الوجيه زهير الشاويش رسالة تعزية لأبناء الشيخ وطلابه، ومما فيها: (سماحة أستاذنا الجليل علامة بلاد نجد والعربية السعودية ومختلف العالم الإسلامي، الشيخ عبد الله بن عقيل، العالم المحدّث.. لقد كان الوالد الكريم سند هذه الأمة بحديث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وقد نفع الله به الجم الغفير بعلمه وحسن إفادته.. كان والدنا المرحوم بإذن الله خير عون لنا ولكم وللناس في النفع العام، بما قدّم من علوم ووعظ وعناية بالحديث النبوي الشريف سنداً ورواية ومتناً، والفقه المقدم على أصوله، وقد جعل منكم وإخوانه وتلامذته الهادين المهديين، وغمر بذلك كل الناس).

 

• وكتب كلمة عامة في شيخنا الفقيد، ووصفه فيها: (بالعلامة الشيخ عبد الله بن عقيل شيخ البلاد النجدية في الحديث النبوي الشريف والفقه الحنبلي).

 

• وتكرم شيخنا بإرسال الكلمتين إليّ لإيصالها لذوي الفقيد.

 

• وهذه مقتطفات من كلمة الشيخ محمد بن صالح المنجد التي في رثى فيها شيخنا في قناة المجد يوم وفاته، فذكر خلاصة ترجمته ومآثره، ومما قال: (هذا الرجل العظيم الذي أفنى عمره في طاعة الله نحسبه والله حسيبه، والذي عُمّر.. صاحب اطلاع واسع.. الشيخ في النهاية صار شيخ المذهب، شيخ الحنابلة.. الشيخ يكفيه 75 سنة يدرّس، فتح بيته للطلاب، يفتحه لأغلب أوقات اليوم.. همة عجيبة سبحان الله العظيم.. الشيخ يأتيه الطلاب يُكرمهم يدعوهم إلى مائدته، من تواضعه ربما يأتي مثلاً شيخٌ أقل منه سنا ومرتبة وعلما ويتصل متصل على الشيخ ابن عقيل يسأل، فالشيخ ابن عقيل ينتظر بعد السؤال ويقول لضيفه وهو أقل منه: فلان هذا الذي اتصل يسأل عن كذا وكذا ماذا نجيبه؟ سبحان الله على هذا التواضع، شهدت أشياء بنفسي من الشيخ رحمه الله.. الشيخ رحمه الله تعالى كان عابداً كل شهر يصوم أيام البيض في مكة، يعتمر شهريا، يعني أيام البيض صائم ويعتمر، يذهب من الرياض إلى مكة يسافر كل شهر، يعني أين هذه الهمة العظيمة؟ على عبادة، على زهد، على علم، على اطلاع على المستجدات، على النوازل، على المذهب نفسه مذهب الحنابلة وعلى غيره.. الشيخ كان يهتم بقضايا المسلمين، الرجل رحمه الله تعالى كان مدرسة حقيقية ينبغي أن يتوقف طلاب العلم عندها والمشايخ والدعاة والعامة، وأن يأخذوا من هذا الشيخ رحمه الله، نسأل الله أن يتغمده برحمته، وأن يرفع درجته، وأن يُنزل عليه شآبيب رحمته، إنه سميع مجيب).

 

وقال في كلمة كتابية في موقعه:

(ستحتضن الأرض غداً في مقبرة أم الحمام مائة سنة جلّها في الطاعة نحسب صاحبها علماً وخلقاً، منها صيام البيض طائفاً بالكعبة: إنه عبدالله بن عقيل..

 

رحمه الله رحمةً واسعة، نحسبه ممن طال عمره وحَسُن عمله، يعلّم الناس في بيوت الله، وفي بيته، قاضياً ومفتياً وشافعاً وعابداً، ومن أعلى أهل الأرض إسناداً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو بقية الكبار، وشيخه السعديُّ رحمهما الله، كانت إصابته قبل وفاته سقطةً بعد عبادة الوضوء؛ دخل بعدها في غيبوبة طويلة حتى توفي، غفر الله له ورفع درجته.

 

ومما أفادنيه من المسائل: أن المصلي قاعداً يضع يديه عند القراءة على صدره، وعند الإيماء بالركوع على ركبتيه، وعند الإيماء بالسجود أمامه أو إلى جانبيه.

 

وكان يأمر أهله بالصلاة، ومن حرصه على ذلك أنه كان يقف بباب بيته بعد عودته من المسجد يسمّع أسماءهم يذكرونها أولاداً وأحفاداً في دخولهم يسلمون عليه.

 

ومن تواضعه وحسن خلقه أن سائلاً إذا اتصل عليه وهو جالس في مجلسه وبجانبه شيخ أقل منه علماً ورتبةً وسناً، أنه كان يوجّه السؤال لضيفه ويقول ماذا نجيبه؟

(كتبه: محمد صالح المنجد).

 

• ومن كلمة الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي في وفاة شيخنا خاتمة أحد دروسه بعد سويعات من وفاته: (الوالد سماحة الشيخ الإمام عبد الله بن عقيل، رحمه الله برحمته الواسعة، وهذا العالم الجَهبذ يبُعد من أبرز العلماء والأئمة في عصرنا الحاضر، وهو بقايا السلف رحمه الله برحمته الواسعة، علماً وعملاً وصلاحاً، وهو من الفقهاء المبرزين، والعلماء المعمّرين، يعني يعتبر من كبار كبارصح علماء هذه المملكة الذين نفع الله بعلومهم، الشيخ عبد الله بن عقيل رحمه الله برحمته الواسعة، وهو فقيدة عظيمة للمسلمين). ثم دعا له دعاء طويلاً مؤثراً عنه وعن قبض العلماء، ثم قال: (كان رحمه الله آية في الصلاح، وفي التواضع، مع علو درجته ومقامه، تجد فيه سبحان الله أدب العلماء وطيب العلماء كريم الأخلاق كريم الشمائل، رحمه الله برحمته الواسعة، وكان يزور والدنا رحمه الله في المزرعة، وكان بينهما ود كبير، وكان الوالد يحبه ويجلّه كثيراً، وهو من فقهاء الحنابلة، ومن أهل العلم في مذهب الحنابلة له باع عظيم في معرفة المذهب ومعرفة الأحكام والمسائل رحمه الله، وفيه دقة، نسأل الله بعزته وجلاله أن يجزيه خير الجزاء).

 

• ومن كلمة الشيخ عبد الوهاب الطريري على قناة المجد: (فقدنا بفقده نوعاً فريدا من ذلك النَّمَط الصعب، من العلماء الذين طلبوا العلم قبل أن تتوفر الإمكانات، طلبوه مع شظف الحياة، طلبوه على الحُصُر فكانت الحصر تمل ولا يملون، فقدنا بوفاة شيخنا الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل عالما ربانيا، ومعلما تربويا نورانيا، ملأ الحياة حوله إشعاعا بالعلم، توفي الشيخ عبد الله بن عقيل عن 98 سنة، قضى أكثر من 50 سنة في القضاء والإفتاء، وقضى منها أكثر من ثمانين سنة في التعليم والتدريس، وقضى قرنا فيها في طاعة الله عز وجل،  ترك الشيخ قرابة 20 مؤلف من تأليفه أو إفاداته، وترك الشيخ علما طيبا كثيرا مباركا فيه مفرق بين تلاميذه من الشام والكويت والسعودية وغيرها كثير، كان الشيخ أعتبره في الحقيقة هو امتداد لحياة شيخه الشيخ العلامة عبد الرحمن بن سعدي). الخ.

 

• وكُتبت عدة مقالات في رثاء الشيخ في عدد من الصحف السعودية -ولا سيما الجزيرة- والكويتية، وفي موقع الألوكة.

 

من الرؤى التي في الشيخ:

هذه ثلاث رؤى رأيتُها في سماحة الشيخ العقيل آخر عمره، أسأل الله أن تكون خيراً، وكان شيخنا طلب مني كتابتها له، وأعطيتُها له، وهذا نص ما كتبتُه:

• بعد عدة أيام من دخول شيخنا المستشفى في شوال 1431 وحجبه عن الزوار: رأيت كأني في ساحات المسجد الحرام وأقيمت الصلاة، فتخطيت الناس ومشيت أمامهم، وتجاوزت حاجزا لعله من الشبك، فصرت في الصف الأول قرب الإمام السديس على يساره، وهو يصلي في الساحة الخارجية، فلما صلينا وسلّمنا، فإذا عن يميني شيخنا العقيل، وعن يساري شيخنا القاسم، وحصل كلام يسير مع الثاني لا أتذكره، ثم سلمت على شيخنا العقيل وقبّلت رأسه ويده، وهو يعاتبني ويقول: لماذا لم تزرني إلى الآن! ولم أرك جئتني!

 

وقمت متأثراً بهذه الرؤيا، وأخبرت بعض أبناء الشيخ بها، ولكن لم يُسمح لي بزيارته إلا بعد خروجه من المستشفى بعد 36 يوماً من دخوله، والحمد لله على كل حال.

 

• رأيت في 8/12/1431 أني زرت الشيخ في مجلسه بالرياض وعنده أبناؤه، وهو جالس على كرسيه ومتعب جداً كما رأيناه بعيد خروجه من المستشفى، فاستأذنت ابنه عبد الملك -على أظن- في أن أرقي الشيخ، ورقيته بالمعوذات، فتحسن مباشرة في نفس المجلس، وصار كهيئته قبل سفره الأخير لمكة، وصار يكرر ما معناه: العين حق! ووقعها شديد! ونحو ذلك.

أخبرت بعض أبناء الشيخ وحفيده أنس بالرؤيا ليرقوا الشيخ ويحتاطوا له.

 

• رأيت ضحى الاثنين 16/12/1431 أني زرت شيخنا ومعه ابنه الشيخ عبد الرحمن، وكان شيخنا مستلقياً على ظهره، مجرداً عن الثياب كما ولدته أمه، وتحته قماشة بيضاء تشبه أن يكون ثياب إحرام، وذَكَرُه طويل وكبير، يكاد يصل لركبته، وحاولت أن أستر شيخنا بالقماش الأبيض فلم ينستر معي، ولا سيما ذكره.

 

فأوّلتُه -والعلم عند الله- أن شيخنا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، ولا سيما لوجود ما يشبه ملابس الإحرام وأن زمن الرؤيا بعد الحج مباشرة، وأن الله يطيل ذِكرَه وينشره، والله أعلم.

 

وأخبرتُ شيخنا بهذه الرؤيا هاتفياً ضحى الثلاثاء، فأقرّ تأويلي، وسرّ بها واستبشر وحمد الله، ودعا لي بخير، ردّه الله سالماً غانماً معافى، وكنت أريد أن أُخبر بها ابنه عبد الرحمن ليخبر أباه بها، لأني استحييت أن أُخبر بها والده مباشرة، ولكنه لما ردّ على الهاتف في ماليزيا قال لي: أنا مشغول بقيادة السيارة تحت المطر الغزير فهذا الوالد معك، وعندها قلتها له.

 

ومما ظهر لي تعبيره ولم أقله لشيخنا: أن من طول الذِّكر بقاء إسناده مدة طويلة بعده وتطلب الناس له، والله أعلم.

 

وقال لي الأخ الشيخ عبد الله العوبل: إنه سأل أحد الحاذقين في تعبير الرؤى فعبرها كما عبرتها، والحمد لله.

 

قلت: واستعادني شيخنا الرؤيا الأخيرة بعد عودته للرياض، وكان يقول: الحمد لله. ويدعو بحسن الخاتمة.

 

وأخبرني الشيخان محمد بن ناصر العجمي وعبد الله العوبل أن رأيا الشيخ مراراً بما ظاهره مبشّر، ولكن لم أقيّد عنهما ما أخبراني.

 

وهنا يأتي الحديث عن بعض المواقف التي شهدتها في أيامه الأخيرة قبيل غيبوبته:

كان كما قدّمتُ قريباً شديد التعظيم للسنّة، ملتزماً بالدليل، وفي آخر درسٍ عام له في الروض المربع ليلة 21 محرم 1432 جاءت مسألة صيام الست من شوال، وأنه كرهه بعض أهل العلم، فقال لنا ما لفظه: «السنة الصحيحة لا تُترك لقول بعض الناس، ولا أكثرهم، ولا كلهم»!

 

وتكلم فيه عن تسمية بعض العوام لثاني أيام عيد الفطر بيوم النشر، أو الصبر، ويعتبرون الثامن عيد الأبرار[2]، ويزعمون أن الأفضل صوم ست شوال قبله، وأن القصابين يزيدون من الذبح فيه، فإن اعتقدوا هذا فهو بدعة.

 

وفي الدرس الذي قبله سأل شيخنا أحد تلاميذه الفقهاء –وهو يقدّره كثيراً- عن قدر الصاع وتحريره، فأجابه: أفتى سماحة الشيخ ابن باز أنه 3 أكيال. فاحتد شيخنا على غير عادته -وأظن أن حدّته وقتها كانت من آثار تعبه- فقال ما معناه: وهل كلام ابن باز حجة لازمة بذاتها؟ أين التحرير العلمي الدقيق للمسألة؟ أنا أسأل هل حررتَها بنفسك أو وقفتَ على من حررها بدقة؟ ما تقول لي قال فلان كذا، أنا أعرف أنه قال ذلك، وقد حررها الشيخ ابن عثيمين أنها كيلوان وشيء يسير، وأنا أفتي أنها كيلوان وربع مع الاحتياط، ولا أرى جواز أن يُلزم الناس بفتوى ابن باز أنها 3 أكيال إلا إذا قيل إنها بالزيادة أو مع الاحتياط.

 

ومن مواقفه أنني أخذتُ معي جزءاً صغيراً لابن عساكر في ذم من لا يعمل بعمله، حتى أقرأه بآخر درسنا الذي خصصه شيخنا لي مع المشايخ الكرام عبد الله بن حمود التويجري، وعبد الله بن صالح العبيد، وصالح العصيمي، وكلهم أكبر مني، وفاتني التنبه لأن الجزء جلُّه مناكير وموضوعات، فلما شرعتُ في قراءته كلما قرأت منه حديثاً، نظر الشيخ لكلام المحقق، ورأى أن الحديث موضوع، أو واهٍ، وعرفتُ أني وقعتُ! حتى إذا بقي منه شعرٌ وأثرٌ آخره أوقفني الشيخ، ونَهَرني قائلاً ما معناه: ما هذا الاختيار! كيف تختار جزءاً هكذا حال أحاديثه؟ أما في الصحيح غنية عنه؟ أما وجدتَ إلا هذا؟ توقف. ورفض أن نكمل الجزء، مع أن الباقي كان بخلاف سابقه، وبعد شهرين أكملتُ الأثر والشعر لأنه لا شيء فيهما، وكان درساً عمليا استفدتُ منه.

 

ومن اهتمامه بالعلم لما قرأتُ عليه فرائض زيد بن ثابت مما جمعه أبو الزناد عصر الاثنين 14 المحرم 1432 أي قبل وقوعه بعشرة أيام، كنت أقرأ عليه والشيخ يصحح النسخة ويعلق بعض التعليقات المفيدة، لكنه كما قدَّمتُ كثير الإعياء والإغفاء، فكنت مع الشيخين التويجري والعبيد نريد إنهاء الجزء الصغير وترك الشيخ يرتاح، وفي إحدى المسائل توقف الشيخ وصار يدقق فيها، ويسألنا عنها، وسكتنا لأننا كنا نريد أن ننتهي ونتركه يستريح، وصرَّح له أحد المشايخ في المجلس أن هذه رغبتنا كلنا، فقال الشيخ كلمة تسوى ذهباً، فقال: لعلمكم فإن تحقيق المسائل خيرٌ من السرد المجرد والمرور على الكلام دون تمحيص، وهذا هو الذي يفيد العلم. ثم قال: واصلوا على ما تبغون!

 

وكان هذا آخر ما قرأتُه بنفسي على الشيخ، وبعده أحضرتُ رسالة تعظيم الفتيا لابن الجوزي، فأتممناه برفقة وقراءة الشيخ  عبد الله بن حمود التويجري، في مجلسين عصري الأربعاءين 16 و23 محرم 1432، أي قبل سقوط الشيخ بيومين، وكان الشيخ متفاعلاً مع موضوع الكتاب، وأفادنا وصايا ومواقف خالدة لا أنساها، هي آخر ما استفدناه من لفظه رحمه الله.

 

فمن عيون فوائده أنه لما قرئ عليه الأثر السابع منه: (قيل لأبي عبد الله أحمد بن حنبل رحمه الله: با أبا عبد الله كم يكفي الرجل من الحديث حتى يمكنه أن يُفتي؟ يكفيه مائة ألف؟ قال: لا! قال: مائتا ألف. قال: لا! قيل: ثلاثمائة ألف؟ قال: لا! قيل: أربعمائة ألف؟ قال: لا! قبل: خمسمائة ألف؟ قال: أرجو).

 

هنا ضحك شيخنا ضحكة متحسر، وقال ما لفظه: كيف نزعم أننا طلبة علم! وأننا مُفتون! إنا لله وإنا إليه راجعون! ولكن: اتقوا الله ما استطعتم. وأنا إذا رأيتُ نفسي وضعوني بين القضاة والعلماء أحقر نفسي غاية الاحتقار، ولكن إذا رأيتُ بعض الناس يتصدرون وليس عندهم شيء أجد لنفسي مساغا!

 

ثم سكت، ثم قرأ الأثر مرة أخرى، وقال ما لفظه: ونحن من حينها زاهدون في قليل العلم الذي عندنا، ولكن الآن زدتمونا زهداً!

 

ثم لما قرئ عليه الأثر التالي عن البراء رضي الله عنه قال: (لقد رأيتُ ثلاثمائة من أهل بدر ما منهم من أحد إلا وهو يحب أن يكفيه صاحبه الفتوى).

 

فقال شيخنا: الإنسان قبل أن يُسأل هو في عافية! وإذا سئل تحمّل! فإما يفتي بعلم أو يسكت.

وقال لنا بعد الأثر الخمسين: كثيراً ما أقول لهم: تريدون أن أُفتي لكم، وتضعون ذمّتكم عليّ وأنا أتحمّل؟!

 

قلت: وهذا الكلام ليس نظرياً، بل هكذا كان شيخنا عملياً، مع كونه من كبار العلماء، وشيخ الشيوخ، والرأس في المذهب، ولا أحصي المرات التي يُسأل فيها حضوريا أو في الهاتف عن مسألة فيقول: أفتى فيها ابن باز أو ابن عثيمين بكذا. مع أني أعرف أنه اختيار شيخنا نفسه، ولكنه ورعٌ جدا يريد أن يحيل الجواب على غيره، وما أكثر ما يقول: اسألوا المشايخ أو دار الإفتاء، أو: نراجع فيها المشايخ، وفعلاً يراجع تلاميذه الكبار في المسألة! ولا سيما الشيخ الفقيه عبد العزيز بن قاسم.

 

وكثيراً ما يُتصل عليه: هل هذا رقم الإفتاء؟ أو هل معنا الشيخ عبد الله الفلاني؟ -يكون الناس أعطوا رقمه على أنه يفتي أو يخطئون فيذكرون اسم شيخ آخر من العبادلة المفتين- فيقول: الرقم غلط. ويغلق السماعة، فيجيب على ظاهر الكلام الخطأ، ويبادر بالإغلاق، لا يريد أن يتحمل الفتوى ما استطاع.

 

• ومن مواقف الشيخ قبل نحو شهرين من غيبوبته: أخبرني أخي الشيخ يوسف بن إبراهيم بن عمر السليم هاتفيا -وهو حفيد العلامة عمر بن سليم رئيس مشايخ القصيم، وأحد كبار شيوخ شيخنا- فقال: اتصلتُ مرة بشيخنا في الرياض، فسأل عني، وقال: لماذا لا تأتي لنا كثيراً في الرياض؟ فقلت: الوالد يحتاج لي. فقال: أعطني والدك أكلّمه. فأعطيته الهاتف: وبعد أن سلّم عليه قال له: لماذا لا ترسل الابن للرياض؟ فقال: أحتاجه عندي. فقال: حرام عليك ما تتركه يطلب العلم، وألحَّ عليه.

 

قلت: كل هذا حرصاً خاصاً على حفيد شيخه، وأنا أعلم يقيناً أنه من بر شيخنا وتقديره لمشايخه، فهو جليٌّ في تعامل شيخنا مع ذرية مشايخه، وذكرتُ في كتابي فتح الجليل موقفاً في حفاوة شيخنا الزائدة بالأستاذ مساعد السعدي سبط العلامة ابن سعدي.

 

• كان في السنة الأخيرة كثيراً أراه إذا دعونا له بطول العمر يتنهد ثم يقول: اللهم أسألك حسن الخاتمة، اللهم أحسن خاتمتنا.

 

• كان شيخنا حريصاً على الاستزادة من العلم والوقوف على الجديد إلى آخر أيام وعيه، مع علو سنه، وكان يفرح إذا أتيتُه أنا وغيري بأثر جديد في موضوع يهمه أو لشيخ يقدره، وأخبرني أخي الشيخ الفاضل زياد بن محمد البسام -وهو من طلبة شيخنا البارزين- أنه جاء لشيخنا برسالة جديدة للعلامة السعدي لم يكن قد اطلع عليها شيخنا، ففرح بها شيخنا، وطلب منه أن يوقف القراءة بشرح العمدة لشيخه ابن سعدي -وما كان بقي لهم فيه إلا القليل- ويقرأ هذه الرسالة، وشرع بها، ويقول إنه بقدرة الله ختمها عليه يوم وقوع الشيخ ودخوله في الغيبوبة!

 

علاقتي الخاصة مع سماحته:

أحمد الله سبحانه وتعالى أن هيّأ لي ملازمة شيخنا الجليل، وحبّبني لذلك، فترددتُ عليه متقطعاً قبل امتلاكي سيارة، وتشرفتُ بإجازته سنة 1420، أيام كانت إجازته عسيرة، وبقيت أتردد على مجلسه متقطعاً لسنتين، ثم لازمته ملازمة تامة عشر سنين إلى دخوله الغيبوبة، لا أنقطع عنه إلا لسفر أو مرض، وتكون لي معه وسطياً أربعة أيام في الأسبوع للدروس المعتادة، ومع بُعد المنزل عنه (بيننا 25 كيلاً) وازدحام الطريق لا أجد مثبطاً في المجيء إليه ولو أكثر من مرة يوميًّا، وأحتسب فيه حديث (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهّل الله له به طريقاً إلى الجنة)، وفي أيام القراءات المكثفة عنده (ولا سيما عندما يأتي زملاؤنا من الكويت) ربما كنت لا أرجع إلى البيت من الصباح إلى آخر الليل.

 

فقرأتُ وسمعت عليه فيها أكثر من مائتي كتاب ورسالة وجزء كاملات بلا فوت، من الكتب الكبار والصغار، ما بين شرح وتعليق وسرد، وأما الأبعاض فلا أحصيها، والحمد لله على إنعامه، وأسأله النفع والشكر.

 

وزاد من إحسان الشيخ إليّ أن رأيتُ منه تشجيعاً ومحبةً خاصة وحناناً أبوياً، قولاً وعملاً، جزاه الله عني خيراً.

 

وأذكر هنا بعض ذلك تحدثاً بنعمة الله، وعرفاناً لشيخنا وخضوعاً لأفضاله، وتعريفاً لبعض أخلاقه مع طلابه، فهو ليس مدرساً عاديًّا، بل هو معلم ومربٍّ قدوة، ووالد عطوف، ومحسن كريم.

 

وقبل هذا ينبغي التأكيد أن أخلاق الشيخ مع الخاصة والعامة كانت من السمو بمكان، فلستُ مختصًّا بكثير مما سأذكره، ولا أنسى لما قرأنا على شيخنا الشمائل للترمذي، ومرّ ضمن حديث أبي هالة الطويل في وصف النبي صلى الله عليه وسلم: (يعطي كلَّ جلسائه نصيبه، لا يحسبُ جليسه أن أحداً أكرم عليه منه). فلما قرأناه عليه ابتسم، وقال: هكذا كانت صفة شيخنا ابن سعدي!

 

قلت: وهكذا كانت صفة شيخنا أيضاً! وفي الحديث بعده بيسير، قال: (قد وسع الناس بَسْطُه وخُلُقُه، فصار لهم أباً، وصارو عنده في الحق سواء، مجلسه مجلس علم وحياء وصبر وأمانة، لا تُرفع فيه الأصوات)، وهكذا بالضبط كان شيخُنا.

 

وستجد كثيرين، كلٌّ يشعر ويلمس أن له مكانة خاصة عند الشيخ، ويجد من المواقف ما يشهد له بذلك، وكلٌّ صادق بارّ! فانظروا كيف يقابِل هذا الكبيرُ الطالبَ الصغير!

 

كان شيخنا كثيراً ما يُجلسني عن يمينه مباشرة، وكم مرة آتي ومجلسه مليء فيقول: افسحوا المجال لفلان. ويجلسني بجانبه، على أنه كان من عادتي أن أبكّر وأكون أول من يدخل مجلس الشيخ بعد الصلاة لأكون البادئ بالقراءة، فأستفيد زيادة نشاط الشيخ أول المجلس، وهنا أجلس مباشرة بجانب الشيخ.

 

وفي إحدى المرات رأيتُ أحد المشايخ الزملاء الفضلاء ممن هو أكبر مني سنا وأكثر تحصيلاً عمد ليسبقني وجلس في نفس المكان، فلم أقل شيئا بالطبع، فلا المكان محجوز لي، ثم الرجل أراه أولى مني به، وجلستُ في مكان آخر، وفي الدرس الذي تلاه صنع نفس الشيء، ثم في درس تالٍ جئتُ قبله وأفسحت له المكان الذي عن يمين الشيخ تأدبا معه قبيل مجيئه، وجلستُ في المكان الذي يليه مباشرة، فالتفت إليّ الشيخ، وقال: اقرب أنت! فرجعت للمكان، ولما وصل زميلنا الشيخ المشار إليه أفسحتُ له ثانية وجلس، ثم بآخر المجلس مشى، وأردت الانصراف أيضاً، فاستوقفني الشيخ، وعاتبني قائلاً: ألستُ أنا من أجلسكَ في هذا المكان، لماذا تعصيني وتقوم لغيرك؟ جزاه الله عني خيراً.

 

وأما في درس الروض المربع -وكان أبرز دروس الشيخ العامة- ليلة الاثنين فكان يجلس شيخنا في مجلسه الكبير، ويجلس مقابلاً له عن يساره شيخنا عبد العزيز بن قاسم قارئ الدرس، ثم العبد الفقير بعده.

 

وكان الشيخ قد خصص لي عصر الاثنين لأقرأ عليه ما شئت، سوى الدروس والقراءات الأخرى، ثم ضممناه مع درس مشترك مع ثلاثة من الزملاء الكبار، وهم المشايخ عبد الله بن حمود التويجري، وعبد الله بن صالح العبيد، وصالح العصيمي، وصار مخصصاً لنا عصر أيام السبت والاثنين والأربعاء، ثم استقل الشيخ صالح بالسبت، وبقي اليومان الآخران لنا إلى آخر أيام الشيخ رحمه الله.

 

ومرة احتجتُ في إحدى المعاملات لتزكية من الشيخ، فكتب رحمه الله صفحة كاملة أخجلتني، ومما كتب فيها: (وحيث هو من أخص أصحابنا وتلاميذنا وأنبههم، لازمنا مدة طويلة..) إلى أن قال: (ومثل هذا ينبغي تشجيعه ومساعدته لإكمال مشواره، لعل الله أن ينفع به، ولهذا فإني أوصي به خيراً..) إلى آخره، رضي الله عنه وأرضاه.

 

• وكنت قلّ ما آتي الشيخ -حتى وهو متعب- إلا يجعلني أقرأ عليه، وكثيراً ما يبادرني ويقول: معك شيء؟ أو: هات واقرأ ما معك. لأني كنتُ أدخر الرسائل الصغيرة والمنظومات الصغيرة اللطيفة لهذه الزيارات، وكان الشيخ يحب الاطلاع على أمثالها، وعموماً كان يتكرم بإعطائي وقتاً أطول من أوقات عامة الإخوة الطلبة، وهذه وغيرها أمور لا أقدر أن أكافئه عليها إلا بالدعاء.

 

وإذا كانت هناك قراءة عامة بين المشايخ -ولا سيما الشعر- فقد كان الشيخ كثيراً ما يحبّذ أن يكون القارئ إما العبد الفقير أو حفيده الشيخ أنس، وأذكر مرة أن أحد المشايخ الزملاء أخذ مني منظومة كنتُ أحضرتها لنقرأها على شيخنا، ورمقت شيخنا وفهمت أنه يريد أن أكون القارئ، فلم أنازع الذي أراد القراءة، ووقتها صار يقرأ ويتوقف شيئاً لوزن البيت والتأمل فيه؛ ويصوّب له الشيخ، ويطلب منه الإسراع وعدم التوقف، وبعد عدة أبيات قال شيخنا بنوع تضايق: بركة، اقرأ يا زياد وأعِدها من الأول!

 

ومن أواخر ذلك: كان من أواخر الدورات المكثفة التي أقامها شيخنا قرأ عليه بعض الزملاء الشمائل للترمذي وعدة رسائل، ولم أشاركهم في الدورة لأنه سبق لي قراءتها عليه، لكني زرت الشيخ عصر العاشر من شعبان 1431 وهم في آخر أيام الدورة، وكانوا يريدون قراءة ألفية ابن عبد القوي في الآداب، وكان شيخنا في مجلسه الكبير، فأجلسني بجانبه، وقال: ما دام الشيخ فلان موجوداً فهو يقرأها لكم. فقرأتها في مجلسين: العصر والمغرب، ويومها حدّث شيخنا بسؤالي بمسلسل المحبة الذي سمعه من شيخه القرعاوي في نفس اليوم منذ 82 سنة.

 

ومن لطف الشيخ أنه كان في مرات كثيرة يُكرمني بالاتصال، ولا سيما عندما يكون مسافراً إلى مكة أو غيرها، ويسأل عن أفراد العائلة بأسمائهم، وكيف حال والد الزوجة، والمشايخ، وهذا أمرٌ يصنعه مع جماعة من طلابه، جزاه الله خيراً، والله المستعان على انقلاب حال أبناء الزمان، عندما يتصل الكبير على الصغير!

 

ومن مواقفه الخاصة معي: في عدة مرات نكون معه في درس مع الزملاء، ولما ننتهي ونريد أن نقوم ونودعه ونقبل رأسه يُسِرُّ في أذني: استرح شيئاً (شوي)، أو: اصبر حتى يروحون. ثم أجده يهديني هدية، كتمر من نوع جيّد، أو عسل، أو ماء زمزم، ونحوه، ومرة أعطاني كرتونين من التمر، وقال: واحد لك، والثاني تعطيه للشيخ ابن قاسم، لا يشوفه أحد من الإخوان، ما عندي إلا لك وله.

 

ومرة تأخرنا عنده في قراءة بالليل، وعندما أردتُ الانصراف استوقفني من بين زملائي، ثم دخل إلى داخل البيت ورجع وقال لي: أخّرناك عن أهلك، خذ هذا لهم. ووجدتُ يعطيني سفرة كاملة للعَشاء من طبخ أهله في حافظات طعام! فأيُّ أبٍ حانٍ كان!

 

وهذان موقفان لم أكن لأنشرهما في حياته: في إحدى المرات -بُعيد زواجي- استأخرني الشيخ، ثم إذا به يعطيني مبلغاً في ظرف، وألححتُ بالاعتذار، وألح في إعطائي، ولما بالغتُ في الاعتذار رأيتُ أثر الغضب في وجهه، وهو يقول: هذه هدية، وليست صدقة، ألستَ سلفيًّا؟ ألستَ من أهل الحديث؟ أين تطبيقك لحديث (ما آتاك الله عز وجل من هذا المال من غير مسألة ولا إشراف فخُذْه فتَمَوَّلْه أو تصدق به)؟ فخذه ولا تردّه. ودفعه في يدي!

 

وقال لي: هذا ليس مجازاة لما كتبتَه عني، فذاك لا أكافئك به (كذا!) ولكنه هدية ومحبة، والهدية لا تُرد.

 

• ومرةً علم الشيخ أنني نجوتُ -بحمد الله- من حادث قوي للسيارة، وأن سيارتي أُصيبت بأضرار بالغة مكلفة، فاطمأن عليّ وأبى إلا أن يساعدني بمبلغ فرّج عليّ فيه وقتها، فرّج الله عنه وعن ذريته كُرَبَ يوم القيامة.

 

• وهذا الموقف وما قبله لستُ مخصوصاً به، بل يفعله شيخنا كثيراً مع خواص طلابه ويهديهم ويصلهم، وأعرفُ واحداً ساعده شيخنا في سكن، واستقدم له أهله، وأعطاه سيارة.

 

• وآخر من زملائنا الفضلاء تقدّم أن الشيخ كان يلح عليه ليعطيه وهو يأبى، وأن شيخنا كان يقول له ليلة سفره الأخير للعلاج إنه يريد تحسين وضعه، وإنه يريد أن يسافر وهو مرتاح البال عليه!

 

وأختم بأن شيخنا مع تقدم إحسانه، وكونه صاحب فضل عظيم علينا في تعليمنا وإفادتنا: ما عملتُ له خدمةً (هي في الواقع شيءٌ من حقِّه الواجب وردِّ الجميل) إلا وحرص أن يشكرني عليها، وهكذا أعرفه كل من أهداه شيئاً أو خدمه خدمة بادر لشكره أو إهدائه، مهما كان الأمر صغيراً، يأبى إلا أن يكون المتفضل والمحسن، جعله الله من عباده المحسنين، ورزقه الحسنى وزيادة.

 

وكان يصرِّح لي ولغيري بأنك خدمتني، وأنك نفعتني أكثر من بعض أولادي (كذا!)، ونحو ذلك من المبالغة في التشجيع والشكر، والأمر كلُّه لا يعدو أن يكون شيئاً يسيراً من أداء حقه الكبير -كما تقدم- ولا يساوي شيئا إزاء ما استفدناه منه، فكما قال فضيلة الشيخ سعود الشريم في كلمته عن شيخنا (نشرتُها في فتح الجليل ص254): (يُعطيك من الأدب الجليل واللفظ النبيل ما ترجع بسببه متفكرا، ومن عَجَبٍ متحيراً: كيف قَلَبَ الحق لنا عليه، بعد أن كان الحق له علينا)!

 

وآخرها قبل دخوله الغيبوبة بأيام قليلة: أنه أنصفني مع الشيخ عبد العزيز بن قاسم في حفظ حقوق كتبي، وأثنى عليّ وعليها بما أسأل الله أن يجزيه خيراً، أخبرني بذلك الشيخ ابن قاسم، وأخبرني ابن شيخنا البار الأستاذ حمد أن والده أثنى أيامها بشيء يفوق الذي أستحق.

 

وقبل ذلك حاول أحد الدكاترة أن يسرق كتابي فتح الجليل، بزعم تهذيبه، دون استئذاني أو حتى إخباري! وأَمَّل الالتفاف عن طريق شيخنا، فردّه شيخنا حسيراً في نهاية الأمر، وأعطاني تهذيبه المذكور، وصرَّح لي بذمّ صنيعه وشكري على كتابتي.

 

• وبعد هذا هل أُلام على محبة شيخنا؟ لو لم يكن إلا ما استفدتُه من علمه وأدبه لكفاني القليل منه، فكيف بملازمة عشر سنوات وزيادة؟ ولو لم يكن إلا معرفتي بصلاحه وقيامه وصيامه وابتهاله وصدقاته وبرّه لكفاني، ولو لم يكن إلا المواقف الخاصة معي لكفتني، ولو لم يكن إلا تقدير كثير من الناس بسببه لكفى، ليت شعري أيُّ فضلٍ للشيخ على تلميذه عندما يرى الناس تقدّره وتعرّفه بأن هذا (تلميذ فلان)؟ فلمحبة الشيخ أحبُّوه، ولتقديرهم له قدّروه واحترموه.

 

كم تعرّفنا في مجالسه العامرة وبسببه على علماء وفضلاء وطلاب علم، كم سلكنا بسببه في طريق العلم والخير، كم كسبنا نحن وأهلونا من دعواته؛ وهو الرجل الصالح المعمر في الإسلام والتوحيد والسنّة.

 

فاللهم يا ربنا لا نقدر على مكافأته، فنحيلُ أجره عليك، وأنت أكرم الأكرمين، اللهم افسح له في قبره، واجعله روضة من رياض الجنة، ونجّه من عذاب القبر، ومن الحساب والعذاب، واجمعنا به في الفردوس الأعلى، وبارك في ذريته وأثره وعلمه وتلاميذه يا رب العالمين، ويا مجيب الدعاء، واحفظ من بقي من علمائنا ومشايخنا بحفظك، وانسأ لهم في آجالهم، ومتعهم بالعافية، وأعنهم على الإفادة والطاعة، واختم لنا جميعا بخير.

 

وليكن هذا آخر ما أكتبه الآن مما سنح في البال، وجرى به القلم في الحال، مع تشوش التفكير، والاعتراف بالتقصير، فأستغفر الله عن كل خطأ أو زلل، وأسأله القَبول وصلاح العمل.

 

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله غيرك، أستغفرك وأتوب إليك.

 


 

[1] والكتابان الآخران: حققتُ له إجازته المطولة من الشيخ القاضي المعمر عبد الله بن علي العمودي رحمه الله، التي سماها: الإجازة الوفية بالأسانيد اليمنية العلمية لعالم الديار النجدية.

وخرّجتُ له أربعين حديثاً، طبعت باسم: النوافح المسكية في الأربعين المكية، قرئت عليه مراراً.

وكل ذلك مطبوع.

[2] شاء الله أن تكون وفاة الشيخ في هذا اليوم، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه الفأل، ويسمع الكلمة الطيبة فيتفاءل بها، فلعل موته في ما يسمى عيد الأبرار فيه فألٌ حسن.

ونحوه شيخنا المحدّث الكبير عبد القادر الأرناؤوط رحمه الله، توفي في شوال أيضاً سنة 1425 بعد أن أنهى صيام الست يوم الخميس، وقالت له زوجه ليلة الجمعة: نصوم غداً إن شاء الله؟ فقال: لا، غداً عيدنا. وتوفي فجأة آخر تلك الليلة رحمه الله، فيُتفاءَل له بهذا أيضاً.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وفاة الشيخ العلامة عبدالله بن عقيل
  • وذهب شيخ المذهب.. ابن عقيل
  • مواساة في رحيل العلامة الشيخ عبدالله بن عقيل
  • فقيد الأمة العلامة عبدالله ابن عقيل رحمه الله ..
  • نبذة عن سماحة الشيخ ابن باز بقلم الشيخ العلامة عبدالله بن عقيل
  • رثاء وعزاء
  • فقيد العلم: الشيخ عبدالله بن عقيل
  • العلامة الرباني عبدالله ابن عَقيل من حُجَج الله على خَلقه
  • في وفاة العلم العلامة الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل
  • خواطر في وفاة سماحة الشيخ العقيل
  • الشيخ عبد الله بن عقيل في جازان
  • وداعاً شيخ الحنابلة.. وداعاً لأقدم قاضٍ في مدينة الرياض!!
  • نماذج من عطاءات الأيام الأخيرة

مختارات من الشبكة

  • أيام الله المعظمة: يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • وقفة عرفة يوم الجمعة وفضائلها العشر(مقالة - ملفات خاصة)
  • يوم عرفة يوم من أيام الله (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • حديث: طعام أول يوم حق، وطعام يوم الثاني سنة، وطعام يوم الثالث سمعة(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • يوم من أيام الله عزوجل (خصوصية يوم عرفة)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • يوم من أيام الله عزوجل (تحقيق الدعوة يوم عرفة)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • يوم من أيام الله عزوجل (أنه يوم الدعاء)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • فضل صيام ثلاثة أيام من كل شهر لا سيما الأيام البيض(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هل يجوز للمرأة صيام الأيام الستة من شوال قبل قضاء أيام رمضان؟(مقالة - ملفات خاصة)
  • يكرمون المرأة في يوم ويهينونها سائر الأيام وليس لها كرامة إلا بدين الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
26- رحمه الله رحمة واسعة
محمد العبودي - القصيم 11-01-2018 10:08 AM

رحم الله الشيخ الجليل عبد الله بن عقيل رحمة واسعة شيخ شيخناصالح بن عبد الله بن حمد العصيمي متعنا الله بعلمه, وقد كنت أقرأ في سير علمائنا الكبار المعاصرين كابن عثيمين وابن باز وابن سعدي وابن تيمية وابن جبرين وغيرهم من العلماءوقد أكرمني الله بأخذ إجازة عامة حدثنا فيه الشيخ عبد الله رحمه الله بحديث المسلسل بالرحمة(الراحمون يرحمهم الرحمن...)وقد قرأت عليه لوحدي في بيته بداية كتاب (منهاج السالكين وتوضيح الفقه في الدين) في الفقه للعلامة عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله وقد قرأته كاملا على شيخي ناصر الطريري حفظه الله ثلاث مرات وغيرها من الكتب على شيخنا ناصر.
وقد قرأت جل إن لم يكن كل كتابكم المبارك (فتح الجليل) ياشيخ محمد زياد التكلة جزاك الله خيرا بواسطة صاحبي وأخي وصديقي محمد النايل جزاه الله خيرا بدافع مني للقراءة .

25- رؤيا في شيخنا
محمد زياد بن عمر التكلة - الرياض 26-07-2012 03:13 PM

رأيت رؤيا في شيخنا ابن عقيل رحمه الله ضحى الأربعاء 6 رمضان 1433، وكأنه زائر لي في بيتي القديم في حي السويدي؛ هو وصاحبنا الشيخ صالح بن عبد الله بن حمد العصيمي وفقه الله، وكلاهما في حال حسنة طيبة، والشيخ العصيمي بجانب شيخنا يكلمه عن دروسه في شرح الرسائل الصغيرة والمنظومات، وأنه جمّعها في أسفاره الكثيرة للبلدان، وكأنه يعرضها على شيخنا على جهازي الحاسب، والشيخ يسمع بانشراح وتيقظ، وهو مسرور بذلك، ويقول: نحن أيام طلبنا ما كانا نطلع على شيء من هذا ولا نعرفه، فقط عندنا كتبنا، ونحن الذين ننظم الباب ونجمع النظائر. ونحو هذا، وهو جالس أمام الحاسب على الأرض متربعا غير مستند؛ في أتم العافية، وعليه مشلحه،ثم ذكر الشيخ صالح أن عنده مخطوطا لأحد علماء الحنابلة جمع فيه الكثير من المنظومات والرسائل والمتون الصغيرة، ثم انساق الحديث بينهما إلى طرائف من الفهم المغلوط لبعض العبارات، وقال الشيخ العصيمي إنه سمع مفتي سوريا السابق (أحمد كفتارو) يذكر لطلابه منظومة في آداب ما يقال لدى زيارة الإبل! فتعجب شيخنا وضحك، ثم ذكر شيخنا نادرة في الفهم المغلوط، غابت عني الآن، ثم ذكرتُ لشيخنا القصة التي أوردها الشيخ محمد حسان حول الرجل الذي كان يأكل الدهن بسبب الفهم الخاطئ لحديث: «كان لا يرد الدهن»، وضحك شيخنا أيضًا.
والمجلس كان فيه أيضا بعض الأطفال الصغار، وفي أحد الأوقات زجرتهم عن العبث في حضور شيخنا.
هذا جملة ما استحضرتُه من الرؤيا المطولة، جعلها الله خيرا للجميع.

24- رحمه الله
آلان عثمان - العراق 30-05-2012 12:07 AM

اللهم ارفع درجته واغفر له وارحمه

23- سبحان الله
عماد/ داعية من السودان - السودان 31-12-2011 09:01 AM

جزاك الله خيراً شيخنا الكريم
يشهد الله العظيم.. بمجرد أن انتهيت من قراءة رؤياك الثالثة، وقع في روعي تأويلها بنحو ما ذكرتم، ولم أكن بعد قرأت تأويلكم لها.. فسبحان الله..

22- رحمه الله
نسيم الفجر - السعودية 14-10-2011 03:04 PM

رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته

فلقد رحل الكثير من العلماء الأفذاذ

ابن باز وابن عثيمين وابن غصون وابن قعود وابن جبرين وابن غديان وآخر من ودعنا ابن عقيل

فرحمهم الله رحمة الأبرار وأسكنهم فسيح الجنان وألحقنا وإياهم بالصالحين

ألا وإن مما يحزنني في وفاة الشيخ أكثر أنني كنت في نفس اليوم الذي صلي عليه ودفن بالرياض قادما من الشرقية ولم يخبرني أحد بوفاة الشيخ رحمه الله
ولم أعلم إلا بعد وصولي للشرقية فيما بعد

فرحم الله شيخنا ابن عقيل

وإنا لله وإنا إليه راجعون

21- رحمه الله وكثر من مثله
أحمد شاهين - غزة 08-10-2011 08:57 PM

قرأت لكم أن من تلاميذ الشيخ من فلسطين: الشيخ هيثم الحداد، هل يوجد غيره من فلسطين، سيما غزة؟ لعلنا نستفيد منه.

20- شكر
صلاح الدين بن محمد الشامي - مصر 27-09-2011 04:25 AM

جزاكم الله خيرا شيخنا الكريم، و زادكم من فضله.

19- إضافات وتصحيحات
محمد زياد التكلة - الرياض 18-09-2011 11:26 AM

أشكر جميع مع شرَّف مقالي بتعليقه وشكره، وعلى رأسهم العَلَم والعالم اللغوي المعروف الدكتور حسان الطيان حفظه الله وبارك فيه، والأخ الأستاذ المكرم أيمن ذو الغنى وفقه الله ورعاه.

ولمن سأل عن كتاب فتح الجليل: فقد تم رفعه على هذا الموقع بحمد الله، والمجال متاح لتحميله.
ولا أعلم إن كان كُتب عن شيخنا رحمه الله بالإنجليزية.
ولعله إن تيسر إعادة طبع فتح الجليل سأضيف له الكثير، ومنه هذا المقال المطول.
ولمن يشكر على الوفاء أقول: هذا أقل الواجب لعالِمنا الفقيد، ولستُ أكافئ شيئاً يُذكر من أفضاله الخاصة والعامة.
ومن التصويبات في المقال: صوّب لي الشيخ ياسر العسكر أن الذي أم لصلاة العصر يوم الجنازة هو الشيخ محمد بن سليمان المهنا، وذكر لي من أعيان من حضر الجنازة الشيخ عبد الله سفيان الحكمي.
وصوّب لي أخي الشيخ علي سيف أنه كلم شيخنا قبيل سقوطه بدقائق، وكان في الطريق إليه، وأما مجيئه ووصوله لبيت الشيخ فبُعيد السقوط بقليل.
وتوجد عدة تطبيعات، ومن عذري أني كتبتُ الكلمة في وقت قصير، وسط ضغوط وانشغالات كبيرة، ولكن (وعجلتُ إليك رب لترضى).

ومن الإضافات: أخبرني أخي الشيخ يوسف بن إبراهيم بن عمر ابن سليم برؤيا حسنة في الشيخ، ثم كتب بها إلي، فقال: (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شيخنا الغالي: رأيت أني في بيت الشيخ عبد الله بن عقيل رحمه الله تعالى، وكان برفقتي أخونا خالد بن إبراهيم المقبل، وكان في المجلس الشيخ عبد الله بن حمود التويجري, وعبد الله العبيد, وأنتم شيخنا, وأبناء الشيخ وأحفاده كانوا موجودين، فتكلمنا عن مناقب الشيخ ومواقفه، فقلت أنا: الحمد لله استراح الشيخ وراح للجنة. فقال الشيخ عبدالله بن حمود: الحمد لله. ثم كلكم قلتم: الحمد لله.
أوَّلها أحد المعبرين أنها على ظاهرها, وخالد المقبل لا يعرف الشيخ، غير أن في اسمه خير، خالد من الخُلد، والمقبل خير مقبل.
محبكم
ورحم الله الشيخ الفقيد) انتهى.
وكتَبَتْ إليّ إحدى الأخوات من طالبات العلم رسالة نصها: (من الرؤى العجيبة أن أُختي رأت آخر ذي الحجة الماضي القمر وكأن البرق صعقه ثم سقط! فأُوّلت بأن عالماً جليلاً سيموت، وبعد شهر مرض الشيخ، رحمه ربي).
وكتبت إحدى الأخوات في ملتقى أهل الحديث: (أعرف من رأى في منامه -قبل وفاة الشيخ بشهر تقريبا- أن خسوفا كليا سيحدث للقمر في اليوم الثامن، وتم تعبيرها من أحد الحذاق أن ذلك وفاة أحد العلماء الكبار، والله المستعان). قلت: وتوفي شيخنا فعلا ثامن شوال.
فهذا الرؤى يُرجى للشيخ فيها الخير، ويرجى أن تكون من عاجل بشراه.

ومن المفيد هنا تحرير تاريخ مولد الشيخ، لأن الشيخ نفسه رأيتُ له أكثر من كلام فيه، فالذي كان يقوله لأبنائه وأحفاده قديما إنه سنة 1333، وهو التاريخ الذي حدده الشيخ محمد السليمان البسام رفيق الشيخ رحمه الله، ثم كان شيخنا آخر حياته مستقراً على أن مولده سنة 1335، ورأيت بخطه أنه كتب مولده سنة 35 ثم شطب عليه وجعله سنة 38! وأخبرني الشيخ المؤرخ محمد العثمان القاضي في عنيزة أن شيخنا من مواليد سنة 1334، وكتب لي بذلك، ولما ناقشتُه فيه صمم عليه وقال: هكذا أخبرني الشيخ عبد العزيز والد الشيخ عبد الله. والشيخ القاضي مع تقدمه في التاريخ هو جار الشيخ وإمام مسجدهم في عنيزة.
نعم، وُجد في أوراق الشيخ مؤخراً منقولا عن خط والد شيخنا أن مولد ابنه شيخنا غرة محرم سنة 1335، ولكن أخبرني أخي الشيخ علي سيف أن شيخنا صرَّح قبيل وفاته له ولغيره أن مولده تحدبداً في 20 ذي الحجة سنة 1334، وأن والده سجّله بعد عشرة أيام تقريباً، ولكن يقول إن هذا هو التحديد الدقيق.
ولعل هذا هو الصواب إن شاء الله، فهذا ما علمتُه من لفظ الشيخ وخطه وحاله، ومباحثة بعض خواص طلبته كحفيده الشيخ أنس، والشيخ علي سيف، ويظهر لي أن الشيخ كانت عنده نظرة خاصة في عدم حرصه على نشر تاريخ مولده بشكل دقيق، ولعله مال للمنقول عن بعض السلف من كراهية الإخبار به ونهي الشاعر عنه! والله أعلم.

ولمن أراد فقد أجرت قناة المجد العامة، ثم قناة المجد العلمية: لقاءين عن الشيخ فيهما من مواقفه التربوية وسيرته أشياء سوى الذي أودعتُه كتبي عن الشيخ، واللقاءان مرفوعان في موقع الألوكة وقناتها على يوتيوب.
وعملتُ ملفاً تفاعلياً جمعت فيه ما تيسر من المقالات عن سماحة الشيخ رحمه الله، وهو منشور في ملتقى أهل الحديث، قسم تراجم المعاصرين.
والله المستعان.

18- إنا لله وإنا إليه راجعون
محبة الورد - السعودية 18-09-2011 09:34 AM

أحسن الله عزاءكم وجبر مصابكم
كنت أقرأ المقال ودمعتي بعيني فقد سمعت بدخول الشيخ للمستشفى وكنت أبحث باستمرار عن أخباره فلم أجدها وها أنا أفجع بخبر وفاته رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى

17- رحم الله الشيخ وهناك الله بما آتاك
د. حسان لطيان - سوري مقيم في الكويت 17-09-2011 10:49 AM

عظم الله أجركم
وأحسن عزاءكم
ورحم شيخنا الجليل رحمة واسعة
وجزاه عن الأمة خير الجزاء وأوفاه
واسمح لي يا أخي أن أغبطك على هذه الصحبة
وعلى هذه الكلمة المؤثرة
فقد حزت خيرا كثير
بارك الله لك بما آتاك
وهناك المولى ورعاك
ولك كل الود والتقدير

1 2 3 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب