• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   الملف الصحفي   مواد مترجمة   كتب   صوتيات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ملف تفاعلي لكل بيت مسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالقرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: أذكار الصباح والمساء
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالسنة النبوية
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    تيسير السيرة على صاحبها أزكى الصلاة وأتم السلام ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    القيادة الإدارية من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل المعتمر (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    خلق المسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    أخلاقيات الإدارة من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية الموجزة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية المتوسطة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل الحاج، ويليه: دليل الحاج المصور (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    ورد اليوم والليلة (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الجريسي: سيرة ومسيرة عبدالرحمن بن علي الجريسي ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. أمين بن عبدالله الشقاوي / درر منتقاه
علامة باركود

قصة أصحاب القرية

د. أمين بن عبدالله الشقاوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/1/2019 ميلادي - 24/4/1440 هجري

الزيارات: 36205

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قصة أصحاب القرية


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد:

فمن القصص العظيمة التي قصها الله علينا في كتابه، قصة أصحاب القرية، قال تعالى: ﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ * إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ * قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ * قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ * وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ * قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ * وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ * وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ * إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ * قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ * وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ * إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون ﴾ [يس: 13-29 ][1].


«﴿ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ ﴾ من الله تعالى؛ يأمرونهم بعبادة الله وحده وإخلاص الدين له، وينهونهم عن الشرك والمعاصي.


﴿ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ ﴾ أي قويناهما بثالث، فصاروا ثلاثة رسل، اعتناءً من الله بهم، وإقامة للحجة بتوالي الرسل إليهم، ﴿ فَقَالُوا ﴾ لهم: ﴿ إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ ﴾.


فأجابوهم بالجواب الذي ما زال مشهورًا عند من رد دعوة الرسل، فقالوا: ﴿ مَا أَنتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا ﴾ أي فما الذي فضلكم علينا وخصكم من دوننا؟! قالت الرسل لأممهم: إن نحن إلا بشر مثلكم، ولكن الله يمن على من يشاء من عباده، ﴿ وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَـنُ مِن شَيْءٍ ﴾ أي أنكروا عموم الرسالة، ثم أنكروا أيضًا المخاطبين لهم، فقالوا:﴿ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ ﴾.


فقالت هؤلاء الرسل الثلاثة: ﴿ رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ ﴾ فلو كنا كاذبين؛ لأظهر الله خزينا ولبادرنا بالعقوبة.

﴿ وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾ أي: البلاغ المبين الذي يحصل به توضيح الأمور المطلوب بيانها، وما عدا هذا من آيات الاقتراح أو من سرعة العذاب؛ فليس إلينا، وإنما وظيفتنا التي هي البلاغ المبين قمنا بها وبيَّنَّاها لكم؛ فإن اهتديتم، فهو حظكم وتوفيقكم، وإن ضللتم، فليس لنا من الأمر شيء.


فقال أصحاب القرية لرسلهم: ﴿ إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ ﴾ أي: لم نر على قدومكم علينا واتصالكم بنا إلا الشر، وهذا من أعجب العجائب؛ أن يجعل من قدم عليهم بأجل نعمة ينعم الله بها على العباد، وأجل كرامة يكرمهم بها، وضرورتهم إليها فوق كل ضرورة، قد قدم بحالة شر زادت على الشر الذي هم عليه واستشأموا بها، ولكن الخذلان وعدم التوفيق يصنع بصاحبه أعظم مما يصنع به عدوه، ثم توعدوهم فقالوا: ﴿ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ ﴾ أي: لنقتلنكم رجمًا بالحجارة أشنع القتلات، ﴿ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾.


فقالت لهم رسلهم: ﴿ طَائِرُكُم مَّعَكُمْ ﴾ وهو ما معهم من الشرك والشر المقتضي لوقوع المكروه، والنقمة وارتفاع المحبوب والنعمة (أَئِن ذُكِّرْتُم) أي: بسبب أنا ذكرناكم ما فيه صلاحكم وحظكم قلتم لنا ما قلتم، (بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ) متجاوزون للحد متجرهمون في قولكم، فلم يزدهم دعاؤهم إلا نفورًا واستكبارًا.


﴿ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى ﴾ حرصًا على نصح قومه حين سمع ما دعت إليه الرسل وآمن به وعلم ما رد به قومه عليهم، فقال لهم: ﴿ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ﴾ فأمرهم باتباعهم، ونصحهم على ذلك، وشهد لهم بالرسالة.


ثم ذكر تأييدًا لما شهد به ودعا إليه، فقال: ﴿ اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا ﴾ أي: اتبعوا من نصحكم نصحًا يعود إليكم بالخير، وليس يريد منكم أموالكم ولا أجرًا على نصحه لكم وإرشاده؛ فهذا موجب لاتباع من هذا وصفه، بقي أن يقال: فلعله يدعو ولا يأخذ أجرة ولكنه ليس على الحق، فدفع هذا الاحتراز بقوله: ﴿ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴾ لأنهم لا يدعون إلا لما يشهد العقل الصحيح بحسنه، ولا ينهون إلا بما يشهد العقل الصحيح بقبحه.


فكأن قومه لم يقبلوا نصحه، بل عادوا لائمين له على اتباع الرسل وإخلاص الدين لله وحده، فقال: ﴿ وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ أي: وما المانع لي من عبادة من هو المستحق للعبادة؛ لأنه الذي فطرني وخلقني ورزقني وإليه مآل جميع الخلق فيجازيهم بأعمالهم؛ فالذي بيده الخلق والرزق والحكم بين العباد في الدنيا والآخرة هو الذي يستحق أن يُعبد ويُثنى عليه ويُمجد دون من لا يملك نفعًا ولا ضرًّا ولا عطاءً ولا منعًا ولا موتًا ولا حياةً ولا نشورًا، ولهذا قال: ﴿ أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَـنُ بِضُرٍّ لَّا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنقِذُونِ ﴾ لأنه لا أحد يشفع عند الله إلا بإذنه؛ فلا تُغني شفاعتهم عني شيئًا ﴿ وَلَا يُنقِذُونِ ﴾ من الضرر الذي أراده الله بي ﴿ إِنِّي إِذًا ﴾ أي: إن عبدت آلهة هذا وصفها ﴿ لَّفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴾ فجمع في هذا الكلام بين نصحهم، والشهادة للرسل بالرسالة والاهتداء، والإخبار بتعين عبادة الله وحده، وذكر الأدلة عليها، وأن عبادة غيره باطلة، وذكر البراهين عليها والأخبار بضلال من عبدها، والإعلان بإيمانه جهرًا مع خوفه الشديد من قتلهم، فقال: ﴿ إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ﴾.


فقتله قومه لما سمعوا منه وراجعهم بما راجعهم به ﴿ قِيلَ ﴾ له في الحال (ادْخُلِ الْجَنَّةَ) قال مخبرًا بما وصل إليه من الكرامة على توحيده وإخلاصه وناصحًا لقومه بعد وفاته كما نصح لهم في حياته ﴿ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي ﴾ أي بأي شيء غفر لي، فأزال عني أنواع العقوبات ﴿ وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ﴾ بأنواع المثوبات والمسرات؛ أي: لو وصل علم ذلك إلى قلوبهم؛ لم يقيموا على شركهم.


قال الله في عقوبة قومه: ﴿ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ ﴾ أي: ما احتجنا أن نتكلف في عقوبتهم فننزل جندًا من السماء لإتلافهم ﴿ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ ﴾ لعدم الحاجة إلى ذلك، وعظمة اقتدار الله تعالى، وشدة ضعف بني آدم، وأنهم أدنى شيء يصيبهم من عذاب الله يكفيهم.


﴿ إن كانت ﴾ أي: ما كانت عقوبتهم ﴿ إلا صيحة ﴾ أي: صوتًا واحدًا تكلم به بعض ملائكة الله﴿ فإذا هم خامدون ﴾ قد تقطعت قلوبهم في أجوافهم وانزعجوا لتلك الصيحة فأصبحوا خامدين، لا حياة بعد ذلك العتو والاستكبار، ومقابلة أشرف الخلق بذلك الكلام القبيح وتجبرهم عليهم»[2].


ومن فوائد الآيات الكريمات:

1- «جواز تعدد الرسل مع اتحاد المرسل إليه؛ لأن الله أرسل لهذه القرية اثنين ثم عززهما بثالث، وفي هذا تقوية فعلية.


2- إن الذين يكذبون الرسل ليس عندهم إلا المكابرة، وليس عندهم حجة عقلية أو نقلية؛ لقولهم: ﴿ مَا أَنتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَٰنُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ ﴾، فإن الرسول لو كان ملكًا ولم يكن بشرًا لما أطاقوا التلقي عنه، ولا احتملوا ذلك، فكان من حكمة الله إرسال الرسل من البشر، ولو كانوا كذبة لأهلكهم الله.


3- أن الرسل عليهم الصلاة والسلام ليس عليهم هداية الخلق، وإنما عليهم إبلاغ الرسالة لقولهم: ﴿ وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾، وفي الحديث: «يَأْتِي النَّبِيُّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلَانِ، وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ»[3].


4- إن الله لا يدع الخلق بلا رسل لقوله تعالى: ﴿ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ ﴾، ولقوله تعالى: ﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولً ﴾ [الإسراء: 15].


5- أنهم تطيروا بالرسل: أي تشاءموا، وحقيقة الأمر أن الرسل عليهم السلام محل تفاؤل، وليس محلًّا للتشاؤم؛ لأن في اتباعهم الخير، قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [ الأعراف:96].


6- بيان نصح هذا الرجل لقومه من وجهين: الأول: أنه جاء من مكان بعيد ﴿ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ ﴾. الوجه الثاني: أنه جاء يشتد ﴿ يَسْعَى ﴾ فيستفاد منه أنه ينبغي للإنسان انتهاز الفرص في إنذار قومه ومناصحتهم، وأن لا يتوانى، فيقول: غدًا أذهب إليهم، أو في آخر النهار، أو ما أشبه ذلك، فيبادر بالنصيحة والموعظة؛ لأن هذا الرجل جاء يسعى.


7- ومنها أيضًا: أنه ينبغي التلطف بالقول في دعوة الغير لقوله ﴿ يَا قَوْمِ ﴾ فإن هذا يستوجب اتباعه، وقبول نصحه؛ لأن للإنسان حدبًا وشفقة على قومه»[4].


8- ومن فوائد قوله تعالى: ﴿ اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ أن من توفر فيه هذان الأمران كانت دعوته واجبة القبول، وهما: ألا يأخذ على دعوته أجرًا سوى ما يرجوه من ربه، وأن يكون من المهتدين، وذلك يشمل هدايته في دعوته وهدايته في نفسه، وفي ضمن هذا التنبيه للداعي إلى الله كما يدعو الناس بقوله أن يدعوهم بعمله.


9- ومن فوائد الآية الكريمة أنه يجب على من دعا إلى الله أن يكون على بصيرة وعلى علم؛ لأن هذا هو وصف الرسل عليهم الصلاة والسلام، فهم يدعون إلى الله على هدى منه، قال تعالى: ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [ يوسف: 108]، وأما من يدعو على غير هدى فإنه قد يفسد أكثر مما يصلح؛ لأن الذي يدعو على غير علم ربما يجعل الشيء الحرام حلالًا، والحلال حرامًا وهو لا يدري، فيحصل بذلك فساد في الدين والعقيدة، قال ابن القيم رحمه الله: «وإذا كانت الدعوة إلى الله أشرف مقامات العبد، وأجلها وأفضلها، فهي لا تحصل إلا بالعلم الذي يدعو به وإليه، بل لابد في كمال الدعوة من البلوغ في العلم إلى أقصى حد يصل إليه السعي، ويكفي في هذا شرف العلم أن صاحبه يحوز به هذا المقام، والله يؤتي فضله من يشاء»[5]. أهـ


10- «الحث على الحلم وكظم الغيظ، والحلم عن أهل الجهل، والترؤف على من أدخل نفسه في غمار الأشرار وأهل البغي والتَّشمُّر في تخليصه والتلطف في افتدائه، والاشتغال بذلك عن الشماتة به والدعاء عليه، ألا ترى كيف تمنى الخير لقتلته، والباغين له الغوائل وهم كفرة عبدة أصنام»[6].

11- «أنه لما قُتل أدخله الله الجنة، فيه إثبات نعيم القبر لقوله: ﴿ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ﴾ [يس: 26] مع أن الساعة لم تقم بعد، ولم يدخل الناس الجنة، ويدل على ذلك آيات من القرآن لقوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [ النحل: 32]، فيستفاد من هذه الآية وغيرها أن الميت ينعم في قبره كأنه دخل الجنة؛ لأنه يفرش له من الجنة، ويفتح له باب من الجنة، فيرى مقعده فيها، ويأتيه من ريحها وطيبها كما ثبت في الأحاديث الصحيحة، بل ثبت في مسند الإمام من حديث عبدالرحمٰن بن كعب عن أبيه كعب بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَائِرٌ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ، حَتَّى يُرْجِعهُ اللَّهُ إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ»[7].


12- إخلاص العبادة لله تعالى لقوله: ﴿ وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [يس: 22]، فكيف أشرك معه هذه الآلهة وهي لا تنفع ولا تضر.


13- أن القوم أحقر وأذل من أن نرسل إليهم ملائكة من السماء لهلاكهم، بل كان الأمر أيسر من ذلك، صيحة واحدة لم تتكرر فبادتهم عن بكرة أبيهم، وانتقم الله لرسله لتكذيبهم، ولقتلهم وليه، قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [يس: 82].


14- أن المؤمن دائمًا ناصحًا محبًّا للآخرين الخير، قال قتادة: «تمنى على الله أن يعلم قومه ما عاين من كرامة الله»، ومقصوده أنهم لو اطلعوا على ما حصل له من هذا الثواب والجزاء والنعيم المقيم لقادهم ذلك إلى اتباع الرسل، فنصح لقومه حيًّا وميتًا، ورضي عنه، فقد كان حريصًا على هداية قومه.


15- قوة شخصية هذا الرجل، وصدعه بالحق أمام قومه، حيث أعلن أمامهم أنه آمن بربهم الذي يستلزم أن يكونوا مخلصين له بالعبادة إذا كان ربًّا لهم، كأنه أقام الحجة عليهم، فإذا كان ربكم فوجب عليكم أن توحدوه ولا تتخذوا معه آلهة، زد على ذلك أنه تحداهم، فقال ﴿ فَاسْمَعُونِ ﴾ فإني لا أبالي بكم.


16- أن من أدخله الله الجنة، فقد أكرمه لقوله تعالى: ﴿ وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ﴾ وقال تعالى: ﴿ أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ ﴾ [المعارج:35] والإكرام هو التعظيم والتوقير والتبجيل، وهو من أعظم ما تتوق إليه نفوس ذوي الهمم»[8].

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



[1] (فعززنا): أيدنا، وقوينا، (تطيرنا بكم): تشاءمنا بكم، (طائركم معكم): شؤمكم، وأعمالكم من الشرك والشر معكم، ومردودة عليكم، (أإن ذكرتم): أإن وُعظتم تشاءمتم؟! يسعى: يُسرع في مشيه، فطرني: خلقني، خامدون: ميتون، هامدون، القرون: الأمم السابقة، لما: إلا، محضرون: نحضرهم للجزاء والحساب. بيان غريب القرآن.

[2] تفسير الشيخ ابن سعدي رحمه الله ص927-929.

[3] صحيح البخاري برقم 6541، وصحيح مسلم برقم 220.

[4] تفسير سورة يس للشيخ ابن عثيمين رحمه الله ص61-77.

[5] التفسير القيم ص319.

[6] تفسير القرطبي (17/433).

[7] مسند الإمام أحمد (25/58)، وقال محققوه: إسناده صحيح ما فوق الإمام الشافعي على شرط الشيخين.

[8] انظر: تفسير سورة يس للشيخ ابن عثيمين رحمه الله ص53-105، وتفسير ابن كثير (11/356)، وتفسير القرطبي (17/429-434).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • قصة أصحاب الأخدود (1)
  • قصة أصحاب الجنة
  • قصة أصحاب الأخدود
  • قصة أصحاب الجنة: دروس وعبر
  • قصة أصحاب الجنة
  • أصحاب القرية

مختارات من الشبكة

  • قصة يوسف: دروس وعبر (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعريف القصة لغة واصطلاحا(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • الابتلاء بالعطاء في ظلال سورة الكهف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قصص فيها عبرة وعظة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملخص لخصائص القصة الشعرية إلى عصر الدول المتتابعة(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • خصائص القصة الشعرية في النصف الأول من القرن التاسع عشر(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • فوائد القصص في المجال الإعلامي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أربعين ساعة بين الأمواج (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دروس وفوائد من قصة سيدنا شعيب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • خطبة عن قصة نبي الله سليمان والنملة (1)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب