نواقض الوضوء ( من المرتع المشبع )

مواضع الطهارة .. الموضع الخامس عشر

(نواقض الوضوء من المرتع المشبع في مواضع من الروض المربع )

المرتع المشبع في مواضع من الروض المربع

قوله: (والسابع: أكل اللحم خاصة من الجزور، أي: الإبل، فلا ينقض بقية أجزائها) [1].

قال في "الإفصاح": وأجمعوا [2] على أن أكل لحم الجزور والرِّدَّة وغسل الميت لا ينقض الوضوء، إلا أحمد [3] فإن ذلك كله عنده ينقض الوضوء.

وقال الشافعي في القديم [4]: أكل لحم الجزور ينقض الوضوء، حكاه عنه ابن القاص" [5].

وقال ابن رشد: "اختلف الصدر الأول في إيجاب الوضوء من أكل ما مسته النار؛ لاختلاف الآثار الواردة في ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

واتفق [6] جمهور فقهاء الأمصار بعد الصدر الأول على سقوطه؛ إذ صح عندهم أنه عمل الخلفاء الأربعة؛ ولما ورد من حديث جابر: أنه قال: كان آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك الوضوء مما مست النار، خرجه أبو داوود [7].

ولكن ذهب قوم من أهل الحديث: أحمد [8]، وإسحاق، وطائفة غيرهم: أن الوضوء يجب فقط من أكل لحم الجزور؛ لثبوت الحديث الوارد بذلك عنه عليه الصلاة والسلام [9]" [10].

وقال البخاري:

"باب: من لم ير الوضوء إلا من المخرجين من القبل والدبر، وقول الله تعالى: ﴿ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ ﴾ [النساء: 43].

وقال عطاء في من يخرج من دبره الدود أو من ذكره نحو القملة: يعيد الوضوء.

وقال جابر بن عبد الله: إذا ضحك في الصلاة أعاد الصلاة ولم يعد الوضوء.

وقال الحسن: إن أخذ من شعره وأظفاره أو خلع خفيه فلا وضوء عليه.

وقال أبو هريرة: لا وضوء إلا من حدث.

ويذكر عن جابر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في غزوة ذات الرقاع فرمي رجل بسهم فنزفه الدم، فركع وسجد ومضى في صلاته.

وقال الحسن: ما زال المسلمون [20ب] يصلون في جراحاتهم.

وقال طاووس ومحمد بن علي وعطاء وأهل الحجاز: ليس في الدم وضوء. وعصر ابن عمر بثرة فخرج منها الدم ولم يتوضأ، وبزق ابن أبي أوفى دما فمضى في صلاته.

وقال ابن عمر والحسن في من يحتجم: ليس عليه إلا غسل محاجمه.

وذكر حديث أبي هريرة: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يزال العبد في صلاة ما كان في المسجد ينتظر الصلاة ما لم يحدث..." إلى آخره [11].

وحديث عبد الله بن زيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا" [12].

وحديث علي: كنت رجلا مذاء... الحديث [13].

وحديث عثمان [14] وأبي سعيد الخدري [15]".

قال الحافظ:

"قوله: (باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين) أشار بذلك إلى خلاف من رأى الوضوء مما يخرج من غيرهما من البدن كالقيء والحجامة وغيرهما، ويمكن أن يقال: إن نواقض الوضوء المعتبرة ترجع إلى المخرجين، فالنوم مظنة خروج الريح، ولمس المرأة ومس الذكر مظنة خروج المذي" [16].

وقال البخاري أيضا: "باب: من لم يتوضأ إلا من الغشي المثقل.

وذكر حديث أسماء حين خسفت الشمس، وفيه: فقمت حتى تجلاني الغشي، وجعلت أصب فوق رأسي ماء... الحديث [17].

قال الحافظ:

"قوله: (باب: من لم يتوضأ) أي: من الغشي (إلا من الغشي المثقل) أشار المصنف بذلك إلى الرد على من أوجب الوضوء من الغشي مطلقا.

قال ابن بطال [18]:

الغشي: مرض يعرض من طول التعب والوقوف، وهو ضرب من الإغماء إلا أنه دونه، وإنما صبت أسماء الماء على رأسها مدافعة له، ولو كان شديدا لكان كالإغماء، وهو ينقض الوضوء بالإجماع [19]" [20] [21أ].

قال الحافظ:

"وكونها كانت تتولى صب الماء عليها يدل على أن حواسها كانت مدركة وذلك لا ينقض الوضوء" [21].

وقال البخاري أيضا: "باب: من لم يتوضأ من لحم الشاة والسويق، وأكل أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فلم يتوضؤوا، وذكر حديث ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ.

وحديث عمرو بن أمية: أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحتزُّ من كتف شاة فدُعي إلى الصلاة فألقى السكين فصلى ولم يتوضأ" [22].

قال الحافظ:

"قوله: (باب: من لم يتوضأ من لحم الشاة) نص على لحم الشاة ليندرج ما هو مثلها وما دونها بالأولى، وأما ما فوقها فلعله يشير إلى استثناء لحوم الإبل؛ لأن من خصه من عموم الجواز علله بشدة زهومته؛ فلهذا لم يقيده بكونه مطبوخا، وفيه حديثان عند مسلم.

وهو قول أحمد ([23])، واختاره ابن خزيمة وغيره من مُـحَدِّثي الشافعية" [24].

وقال في "المقنع":

"السابع: أكل لحم الجزور؛ لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "توضؤوا من لحوم الإبل، ولا توضؤوا من لحوم الغنم" [25]، فإن شرب من لبنها فعلى روايتين، وإن أكل من كبدها أو طحالها فعلى وجهين" [26].

قال في "الشرح الكبير":

" أحدهما لا ينقض؛ لأن النص لم يتناوله.

والثاني: ينقض؛ لأنه من جملة الجزور واللحم يعبر به عن جملة الحيوان، فإن تحريم لحم الخنزير يتناول جملته، كذلك هاهنا" [27].

وقال في "الاختيارات":

"ويستحب الوضوء من أكل لحم الإبل، وأما اللحم الخبيث المباح للضرورة كلحم السباع، فينبني الخلاف فيه على أن النقض بلحم الإبل تعبدي فلا يتعدى إلى غيره، أو معقول المعنى، فيعطى حكمه؛ بل هو أبلغ منه" [28] [21ب].