• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   صوتيات   عروض تقديمية   مواد مترجمة   بلغات أخرى   في الإعجاز   مرئيات   الإعجاز العلمي للفتيان  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الرياح والتراب
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الرياح في المرسلات والنازعات
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    القسم القرآني بالذاريات
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الإعجاز في فرش الأرض
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    قاع البحر في آيات القرآن
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    أسرار البحار في القرآن الكريم
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    حماية الماء من التلوث
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    أسرار الماء الجوفي في آيات القرآن
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    وفي الأرض آيات للموقنين
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الفاحشة وطاعون الإيدز
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الخمر أم الخبائث: داء وليست دواء
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    مراحل خلق الجنين
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    من أسرار السنة النبوية: شريط الخلق
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    دواب في السماء
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    العلم وأصل الحياة
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    من نبوءات القرآن الكريم
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / أ. د. عبدالله بن إبراهيم بن علي الطريقي / بحوث ودراسات
علامة باركود

رؤية في واقع الخطاب المسجدي

أ. د. عبدالله بن إبراهيم بن علي الطريقي

المصدر: موقع: الإسلام اليوم
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/5/2011 ميلادي - 28/5/1432 هجري

الزيارات: 14922

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

يقول الحق تعالى في تنزيله: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ [المجادلة: 11].

 

هذه هي مكانة العلماء عند الله والناس لذلك كان لزاماً على المسلم أن يبذل جهده في طلب العلم النافع من كل مصادره، مهما ترتب عليه من مصاعب.

 

والتباطؤ عن طلبه نوع من الإعراض عنه، وقد قال سبحانه في حق المعرضين عن الحق: ﴿ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا ﴾ [الجن: 17].

 

والعالم الممدوح هو العامل بعلمه، الناصح لأمته، وهو الملقب بالرباني، المشار إليه في قوله جل شأنه: ﴿ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ ﴾ [آل عمران: 79].

 

قال الطبري: (والربانيون هم عماد الناس في الفقه والعلم وأمور الدين والدنيا، ولذلك قال مجاهد: وهم فوق الأحبار، لأن الأحبار هم العلماء، والرباني: الجامع إلى العلم والفقه البصر بالسياسة والتدبير والقيام بأمور الرعية وما يصلحهم في دنياهم ودينهم) 6 / 544.

 

ويعلق محققه العلامة محمود شاكر هنا قائلًا: (هذا التفسير قل أن تجده في كتاب من كتب اللغة وهو من أجود ما قرأت في معنى الرباني، وهو من أحسن التوجيه في فهم معاني العربية والبصر بمعاني كتاب الله، فرحم الله أبا جعفر رحمة ترفعه درجات عند ربه).

 

مقصود الدراسة في هذه المقالة: (الغرض هنا) هو تلمس الأسلوب التعليمي والتوجيهي المفيد للمتلقي في المساجد.

 

وقد يبدو الموضوع فضفاضًا أو متشعبًا، ولكنني قصدت القراءة التأملية لواقع الخطاب المسجدي، سواء أكان درساً أم محاضرة، أ م خطبة أم إرشادًا.

 

وبدءًا فإنه ليس بوسع أي مسلم صحيح الإسلام أن يخفي فرحه وسروره بانتشار ظاهرة الحلقات العلمية والكلمات الوعظية، وحلقات تحفيظ القرآن الكريم في مساجد هذه البلاد الطيبة، بلاد الحرمين الشريفين، على رغم انتشار التعليم النظامي – بكل مستوياته ومراحله فيها.

 

حيث لا يكاد يخلو جامع الحي، في أكثر المدن من تنظيم الدروس والمحاضرات والكلمات، كما لا يكاد يتخلى عن القيام بها جلة الأشياخ وطلاب العلم.

 

بيد أن الكثيرين من ذوي البصيرة، والغيرة يتساءلون عن جدوى هذه الدروس والكلمات، وعن أثرها فهل استطاعت أن تخرج طلابًا مؤهلين تأهيلًا عاليًا، وذلك خلال العقود القليلة الماضية.

 

حقًا، إنه قد يكون من الصعوبة - وربما المجازفة - تقويم هؤلاء الطلاب تقويمًا دقيقًا يحدد مستوياتهم العلمية، وقد يرى البعض خلاف هذه الرؤية بحجة كثرة الطلاب الذين درسوا على أيدي مشاهير الأشياخ مثل: سماحة الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ و سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز، وفضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمهم الله، وفضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين وأشباههم، ولكن التساؤل لا يزال قائماً، في حق جملة طلاب المساجد وعمارها.

 

وهذا التساؤل يحمل أسئلة عديدة، من أهمها:

السؤال الأول:

هل استطاع الطالب أن يجيد فنًا من الفنون كالتوحيد مثلاً، أو الفقه، أو الحديث، أو التفسير أو النحو، لكونه قرأ فيه على الشيخ في أمهات المصادر والمراجع فأتقن هذا الفن وأجاده.

 

السؤال الثاني:

هل استطاع الطالب أن ينهي قراءة كتاب كامل على الشيخ، كتفسير ابن كثير في التفسير مثلاً، أو كتاب شرح العقيدة الطحاوية في التوحيد، وكتاب سنن أبي داود في الحديث، أو كتاب أوضح المسالك في النحو؟

 

السؤال الثالث:

ما المقررات والفنون العلمية التي يجري تنظيمها عادة في المساجد.

 

السؤال الرابع:

هل المحاضرات العلمية في المساجد تراعي في أسلوبها الفروق الفردية فتعطي كل مستوى ما يناسبه؟ أو أنها تخاطب بعض المستويات، كما هو ملحوظ في كثير من المحاضرات التي يمكن أن يقال إنها تخاطب العامة (الأميين) وطلاب المراحل الأولى ليس إلا.

 

السؤال الخامس:

بالنسبة للكلمات الوعظية (التوجيهية) أي فئة تخاطب؟ وماذا تخاطب في الإنسان؟ عقله؟ أو ضميره وقلبه؟ أو وجدانه؟ أو ماذا؟

 

ولئلا تبادر - أخي القارئ - هذه الأسئلة بالتعجب والاستغراب أردت أن أضع بين يدي الجواب عليها هذه الحقائق علها تزيل العجب والاستغراب.

 

وقبل عرض الحقائق أؤكد على أن محل البحث هو الخطاب المسجدي دون غيره، وأن حلقات تحفيظ القرآن الكريم خارجة عن الموضوع.

 

أما الحقائق فهي:

الحقيقة الأولى:

أن عمار المساجد وطلاب العلم والمسترشدين فيها هم فئات مختلفة:

أ- فمن حيث السن، يوجد الأطفال والشباب والكهول والشيوخ، من أميين ومتعلمين وعلماء ومفكرين.

 

ب- ومن حيث القدرة العقلية، يوجد الأذكياء والنابهون، وأنصاف الأذكياء، والمغفلون والأغبياء.

 

ج- ومن حيث المستوى الثقافي والعلمي، قد يوجد في أكثر الحالات، وبخاصة في المساجد الجامعة مستويات متعددة تبدأ من المرحلة الابتدائية فالمتوسطة فالثانوية فالجامعية، وربما وجد معلمون ومربون ومثقفون وأدباء.

 

أي أنه ليس كبار السن والشيوخ هم وحدهم في الميدان كما قد يتوهم البعض، بسبب سبقهم غيرهم إلى الصفوف المتقدمة، فيقيس سائر الحاضرين عليهم.

 

الحقيقة الثانية:

أن منطق الشرع والعقل يقتضي مراعاة المخاطب وأحواله عند الخطاب.

 

قال البخاري في صحيحه في كتاب العلم: باب من خص بالعلم قوماً دون قوم كراهية أن لا يفهموا، ثم ذكر قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟) فالأصل أن كل فئة تعطى ما يناسبها من العلم والمعرفة.

 

الحقيقة الثالث:

أن مفهوم الدين، أو الأحكام الشرعية ليس قاصراً على جوانب ما يعرف بالعبادات:كالطهارة، والصلاة، والزكاة، والصوم، الحج.

 

ولكنه ذو صبغة عامة وشاملة لكل جوانب الحياة، سواء أكانت من أعمال القلوب كالعقائد والأخلاق، أو من أعمال الجوارح، مما يتعلق بالحلال والحرام.

 

وسواء أكانت مما يتعلق بتربية الفرد عقليًا ونفسيًا وروحيًا، وجسميًا، أم بتنظيم الجماعة من العقود المالية، والأنكحة والقضاء والإدارة والحكم وغيرها.

 

فكل ما كان له حكم شرعي فهو من الدين، في أي من مجالات الحياة العقدية والفكرية واللغوية، والأدبية، والعبادات، والمعاملات والعلاقات والتنظيمات والأخلاق والآداب. وما في معنى ذلك.

 

ولا بد من نشره للناس وإشاعته بالأساليب المناسبة، وعدم نشر بعضه كتمان للحق.

 

الحقيقة الرابعة:

أن العلم أبحر وأودية متشعبة، يقول ابن عباس رضي الله عنهما: (العلم أكثر من أن يحصى فخذوا من كل شيء أحسنه)، ويقول ابن شهاب في وصيته ليونس بن يزيد: (يا يونس لا تكابر العلم فإن العلم أودية، فأيها أخذت فيه قطع بك قبل أن تبلغه، ولكن خذه مع الأيام والليالي، ولا تأخذ العلم جملة، فإن من رام أخذه جملة ذهب عنه جملة، ولكن الشيء بعد الشيء مع الأيام والليالي) جامع بيان العلم لابن عبد البر ص 120.

 

وفي هذا تنبيه للطالب الراغب أن عليه التدرج في أخذ العلم والفوائد.

 

وفيه تنبيه أيضًا للمعلم أو المربي بعدم الإكثار والإطالة في المقام الواحد، بما يدعو للملل والفتور.

 

وفيه تنبيه خفي، ومهم، وهو أن العالم والمتعلم إذ يدعى كل منهما إلى الرفق في العملية التربوية والتعليمية وبدون غلو وإفراط فإنهما كذلك مدعوان إلى عدم التفريط المتمثل في الإهمال أو الكسل أو التوقف عن التعلم والتعليم فإنه سبحانه يقول: ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114]. وفي الحديث: (اللهم انفعني بما علّمَتَني، وَعلّمني ما ينفعني، وزدني علماً، الحمد لله على كل حال) [رواه الترمذي وابن ماجه وحسنه السيوطي ] قال في فيض القدير 2/ 166: (قالوا: ما أمر الله ورسوله بطلب الزيادة في شيء إلا في العلم).

 

ففي ضوء هذه الحقائق نعيد الكرة على الأسئلة المتقدمة للإجابة عنها:

السؤال الأول:

هل استطاع طالب المساجد أن يجيد فناً من الفنون؟

 

وجوابه: أن الإجابة بنعم لا تعدو أن تكون عاطفة جياشة ومدفوعة بالفأل لأن الواقع لا يشجع على ذلك فإن أكثر طلاب المساجد وعُمّارها لم يخرجوا بحصيلة علمية مركزة وعميقة، بل بنتف محدودة ومعلومات متفرقة، يستوي في ذلك ملازمو الدروس العلمية، ومتابعو المحاضرات العلمية، ومستمعو الكلمات والأحاديث والخطب، وإن كانت الفئة الأولى أوفرها حظاً في التحصيل.

 

ولنأخذ الفقه أنموذجًا للدروس العلمية باعتباره أكثر الفنون عناية وإقبالًا من قبل الأشياخ والطلاب على السواء، فإن من الملاحظ أن أكثر دروسه لا تكاد تتجاوز قسم العبادات إلا في حالات قليلة وعلى رغم استمرار هذه الدروس سنين عدداً، فإن الشيخ لا يزال مكررًا.

 

وقد يعود ذلك إلى عدم استمرار الطلاب مددًا تكفي استيعاب الفقه كله.

 

فإن أكثر الطلاب لا يكاد يبقى أكثر من أربع أو خمس سنين ثم يغادر الحلقة ليأتي خلفاء آخرون مبتدئون وهكذا دواليك.

 

علمًا بأن أكثر طلاب هذه الدروس هم من طلبة المرحلتين: المتوسطة والثانوية، وقد يستمر قليل منهم سنة أو سنتين في بدايات دراسته الجامعية.

 

ويحق لنا أن نتساءل هنا: لماذا هذا الانقطاع المبكر، هل يعود ذلك إلى الطالب نفسه، فيصح أن يوصف بالكسل والخمول وعدم الرغبة في الطلب؟ أو أن ذلك يعود إلى المعلم، لكونه لا يهتم بالتحضير والاستعداد للدرس بحيث لا يجد عنده الطالب أكثر مما يجده في مدرسته؟ أو لكونه لا يتفاعل مع طلابه ولا يهتم بهم؟

 

ربما كان الجواب غير يسير.

 

ولكن تعدد الأسباب هو الأقرب للواقعية.

 

السؤال الثاني:

هل استطاع طالب المساجد أن ينهي قراءة كتاب من أمهات المراجع على الشيخ قراءة فهم وتحليل؟

 

- فمن خلال معرفتي السطحية عن الدروس فإن هناك متونًا قصيرة استطاع المعلمون إتمامها، مثل لمعة الاعتقاد لا بن قدامة، والأربعين النووية، والتوحيد الذي هو حق الله على العبيد، ونخبة الفكر لابن حجر.

 

وهناك كتب مطولة لا أعرف أن أحداً بدأها فأتمها على رغم أهميتها مثل:

الاستقامة _ درء تعارض العقل والنقل - كلاهما لا بن تيمية - تفسير الطبري - تفسير ابن كثير - الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - الصحيحان - شروحهما كفتح الباري، وشرح النووي - السنن الأربعة وشروحها - رياض الصالحين - المستصفي للغزالى- الموافقات للشاطبي - الكافي لابن قدامة - أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك لا بن هشام.

 

وقد يوجد بعض المراجع متوسطة الحجم التي يحرص بعض الأشياخ على إتمامها، ولكن في فترات طويلة يتخللها انقطاع أكثر الطلاب لكن مربط الفرس هنا الطالب – باعتباره ثمرة وليس الشيخ.

 

السؤال الثالث:

ما المقررات والفنون التي يعنى بها في دروس المساجد؟

 

ومن خلال تتبع الجداول المعلنة - للأشياخ فإنه يلحظ أن التركيز منصب على العلوم الشرعية - بالمفهوم المتعارف عليه، والتي تدور على خمسة مقررات كبيرة هي:

التوحيد - التفسير - الحديث - الفقه - أصول الفقه.

 

وإن كان نصيب المقرر الأخير أقل من غيره بكثير. وهناك مقررات أخرى قليلة مساندة مثل: السيرة النبوية والفرائض.

 

ولكن يندر أن تجد مقررات مثل: النحو والبلاغة وفقه اللغة، هذه فضلًا عن مثل: التاريخ، أو الجغرافيا، أو الاقتصاد، أو الإدارة، أو الاجتماع، أو علم النفس، وأشباهها من العلوم النظرية النافعة.

 

ولا أدري هل عدم تدريس مثل هذه العلوم أوندرة بعضها عائد إلى عدم فائدتها، ولاستغناء الناس عنها، أو لأنها ليست من العلوم الشرعية فينبغي تنـزيه المساجد عنها؟ أو أن ثمة أسباباً أخرى؟

 

الحق أنني لا أملك جوابًا، لكنني أرى القضية جديرة بالنظر.

 

السؤال الرابع:

هل المحاضرات العلمية في المساجد تراعي الفروق الفردية فتخصص لكل مستوى ما يناسبه؟

 

• إن السؤال بقدر ما يحمل من صعوبة أو فروض تخمينية نظراً لعدم التتبع الدقيق للمحاضرات كلها، لإصدار الحكم عليها، وعلى أسلوب الخطاب فيها، فإن قدراً مما ينطوي عليه السؤال يمكن الإجابة عنه، وهو أن كثيراً من المحاضرات المنظمة في المكان الواحد يلحظ فيها تكرر الموضوعات، في أمور مسلمات أو بدهيات، بحيث تتكرر على مسامع الحاضرين حتى تغدو من المألوفات التي لا تسترعي الانتباه، ولا تعير الاهتمام، لكونها تعاد بالأسلوب نفسه، بلا جديد أو تنويع، والنفس عزوف كما تقول العرب، ويقول أبو العتاهية:

لا يصلح النفس إذ كانت مصرفة
إلا التنقل من حال إلى حال

 

وكان الزهري يقول: (هاتوا من أشعاركم، هاتوا من أحاديثكم فإن الأذن مجاجة والنفس حمضة) جامع بيان العلم ص 120.

 

فكان حريًا بمن يختار موضوعات المحاضرات أن يراعي ذلك فينظر في أحسن الموضوعات وأهمها عنواناً ومضموناً، ليكون ذلك حافزًا للحضور والإنصات من قبل عموم الناس على مختلف مستوياتهم العمرية، والعقلية، والثقافية.

 

السؤال الخامس:

بالنسبة للكلمات الوعظية أي فئة تخاطب؟

 

• إن الوعظ من أهم أساليب الدعوة لاشتماله على الترغيب والترهيب والحث على الفضيلة، والتنفير من الرذيلة، ويبرز هذا في عدة صور.

 

كالقراءة في الكتاب بعد الصلوات كالعصر، وقبل الصلوات كما هو الحال في شهر رمضان المبارك.

 

وكإلقاء الكلمات القصيرة أدبار الصلوات وبخاصة ما يقوم به بعض الدعاة الوعاظ بعد صلاة الجمعة أحيانًا.

 

ومنها وهو الأهم، خطب الجمعة والعيدين فإنها يمكن أن تصنف ضمن الوعظ، وإن كانت تعالج قضايا ومشكلات اجتماعية عديدة بأسلوب علمي أو خطابي.

 

فهذه كلها ذات أهمية في تربية الفرد والمجتمع فإذا ما ألقينا نظرة تأمل سريعة على واقع هذه المواعظ، فما الفئات المخاطبة بهذه المواعظ.

 

وعساك أن تقول: تختلف هذه المواعظ في أسلوبها بحسب الواعظ نفسه، وهذا صحيح في جملته، ولكننا نتحدث عن الأغلب كما هو شأننا في المقالة كلها.

 

فالذي يظهر لي أن الأغلب في هذه المواعظ أنها في واقعها موجهة إلى فئات غير المتعلمين من أهل الحرفة والصنعة والشيوخ الكبار، أصحاب الفطر السليمة.

 

وربما صلحت لفئات أخرى قريبة الشبه بالأولى، ولذا يلحظ أن مثل هذه الفئات هم أكثر من يتابع ويعنى بهذه المواعظ دون غيرهم، وذلك لكونها تعرض بأسلوب ميسر جداً يلامس العواطف والوجدان، ولا ضير أن يخصص لبعض الفئات ما يناسبهم، بل هذا هو مقتضى الشرع والعقل.

 

بيد أن مما يؤسف له أن كثيرًا من الفئات المتعلمة والمثقفة ناهيك عن أهل العلم الذين يشار إليهم ليسوا ممن يسارع إلى هذا النوع من التوجيه، اللهم إلا خطبة الجمعة، بصفتها من مستلزماتها.

 

وقد يكون من أسباب عزوف مثل هؤلاء الفئات أسلوب الواعظ الذي ربما كان منفراً بسبب التركيز على الترهيب دون الترغيب، أو اختيار أسلوب التقريع والتوبيخ للمستمعين كأنهم أمامه عبيد مذنبون، ولا سيما إذا انضاف إلى ذلك رفع الصوت.

 

هذا إلى جانب وجود المبالغة عند بعض الوعاظ في التزهيد من الدنيا والحط من شأنها، مما لا يرى له أثر على المتكلم الواعظ نفسه، حتى ليصدق عليه قول:

يا أيها الرجل المعلم غيره
هلا لنفسك كان ذا التعليم

 

ولو أن الواعظ اختار العبارات المناسبة للمتلقي وخاطب الإنسان في عقله وقلبه ووجدانه بطريقة مهذبة لرأيت كيف يقبل الناس على المواعظ والخطب.

 

وكم رأيت من موجه واعظ آخذ بعقول الناس وقلوبهم ممسك بزمامها فلم يفلت منهم أحد اختياراً لا اضطراراً، وهذا ما نتمناه لخطبائنا ودعاتنا ومرشدينا، زادهم الله توفيقًا.

 

نتائج:

في ضوء ما تقدم يمكن أن نخلص إلى الآتي:

1- أن المسجد له مقام رفيع في الإسلام، وهو قلب المدينة النابض، ومهوى أفئدة المؤمنين.

 

ولذلك كان من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم القيامة رجل قلبه معلق بالمساجد، الأمر الذي يؤكد أن المسجد كان ولا يزال منبع العلم والهداية.

 

فما أجدر المسلم أن يعرف هذه المنـزلة فيغمره بطاعة الله ﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ﴾ [التوبة: 18].

 

2- أن عُمّار المساجد بالصلاة والذكر والتلاوة، والتعلّم والتعليم، هم في الغالب صفوة المجتمع ونخبة من الذكور فما أحقهم بالتكريم والترحيب من قبل أئمتهم وخطبائهم ومعلميهم ومرشديهم.

 

وقد قال الحق تعالى: ﴿ وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ﴾ [الأنعام: 54].

 

وورد في حديث مرفوع (إنه سيأتيكم أناس من إخوانكم يتفقهون ويتعلَّمون فعلِّموهم ثم قولوا: مرحبًا مرحبًا).

 

3- أنه من غير المعقول وغير الإنصاف، بل من تجاهل الحقيقة أن يفترض في كل من دخل المسجد أنه أمي جاهل، يجب تعليمه أبجديات العلم أبداً، مادام يعتاد المسجد، فإذا تحدثنا إليه بدأنا معه من الصفر، فنلقنه أركان الإسلام بدون وعي أو إفهام أو مناقشة.

 

نعم.. إنه افتراض وهمي ولكنه موجود وإن حاول البعض إنكاره.

 

ولا أدري كيف جاءت هذه الفرضية، هل لأننا نرى شيوخنا الكبار في الصف الأول فتفترض فيهم الأمية المطلقة عدم القراءة والكتابة، وعدم الفهم وضعف العلم الشرعي ثم نبني على هذا الوهم أوهامًا أخرى فنعتبر كل من دخل المسجد أميًا جاهلًا.

 

أو لأننا نرى أطفالنا يتخاطفون من حول الصفوف فنقيس عليهم بقيتنا.

 

أو لأننا نرى بعض رجالات العمالة من مختلف الجنسيات - وهم في الغالب محدود الثقافة الشرعية - فنجعل بقية جماعة المسجد مثلهم؟

 

المهم في الأمر أنه تصور عجيب.

 

وإلا فأين باقي فئات جماعة المسجد، من المتعلمين على اختلاف تخصصاتهم؟ أوليس الشباب في المجتمع السعودي هم أكثر نسبة من غيرهم؟ أوَ ليس أكثرهم يعتاد المساجد وعلى الأخص يوم الجمعة، ويحضر المحاضرات والمواعظ؟ وعند الكثير منهم حظ من العلم والفهم؟ أفليس لهؤلاء حقوق على المعلمين والتربويين والناصحين؟ أليس لديهم مشكلات كثيرة وتساؤلات عديدة تؤرق مضاجعهم وتذكي همومهم؟! إن ذلك يتطلب إشباع حاجتهم ونهمهم بالعلم النافع المستند على البراهين العلمية، والمناقشات الجادة.

 

4- أن من القصور في فهم الدين الإسلامي التركيز على موضوعات معينة نخاطب بها عمّار المساجد، بحيث يتصورون أنها هي الدين كله، في الوقت الذي نتجاهل فيه موضوعات جليلة ذات أهمية بالغة في مجالات عدة في مقدمتها:

أ- مجال الاعتقاد: كمفهوم البراءة من المشركين والموقف من المبتدعة والتعامل معهم والتقاضي إلى القوانين الوضعية، ومناقشات الآراء المنحرفة.

 

ب- مجال الفقه: كزكاة الأسهم والسندات والتعامل مع البنوك التجارية، والترفيه في ضوء الإسلام والعمالة حقوقها وواجباتها.

 

ج- مجال الفكر: مثل أصل الخليقة في ضوء العلم والدين.

 

والاكتشافات الحديثة في ضوء الإسلام، والعلاقة بين الشرق والغرب، وسنن الله الكونية والاجتماعية.

 

وما إلى ذلك من قضايا ومشكلات تهم المسلم المعاصر غاية الأهمية، نظرًا لكونه يقرأ أو يسمع عنها من مصادر كثيرة ما يشوّش عليه فكره، ويشكك لديه قناعاته.

 

أليس المسجد هو المصدر الأحق والأجدر بمناقشة مثل هذه القضايا والمسائل؟


وها نحن نرى مثل تلك القضايا تطرح في مناسبات ومنابر كثيرة كالمهرجانات وبعض الندوات والمؤتمرات.

 

فلماذا لا يسهم المسجد في هذه الأعمال العلمية النبيلة؟

 

5- وبناء على ما مضى فإنه يكون من حق العلم وطلابه أن ينشر بجملته، بأسلوب الترقي والتدرج مع المتعلمين والمستفيدين.

 

يقول طاش كبري زاده في مفتاح السعادة 1/ 43 في معرض حديثه عن وظائف المعلم: الوظيفة السادسة أن يبدأ في التعليم ما يهم المتعلم في الحال، إما في معاشه أو في معاده.... ويراعي الترتيب الأحسن في ترتيب العلوم حسبما تقتضيه رتبتها، ولا ينبغي أن يرقيهم من الجلي إلى الدقيق ومن الظاهر إلى الخفي دفعة وفي أول رتبة، بل على قدر الاستعداد اقتداء بمعلم البشر كافة ومرشدهم قاطبة.

 

ثم يقول: على أن من بلغ رشده في العلم ينبغي أن يبث إليه حقائق العلوم، ويرقى من الجلي الظاهر إلى الدقيق الخفي، وليس الظلم في منع المستحق بأقل من الظلم في إعطاء غير المستحق... وادخار حقائق العلوم من المستأهلين لها فاحشة عظيمة كما قال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ ﴾ [آل عمران: 187].

 

قال بعض المحَققيَن: وَضع العلم في غير أهله إضاعة، ومنعه أهله ظلم وجور، وكلاهما حرام على العلماء أهـ.

 

وبعد: فتلك قراءة تأملية لواقع الخطاب المسجدي حاولت من خلالها زيادة تحسين مستواه.

 

وهي لا تعدو أن تكون رؤى اجتهادية قابلة للمناقشة، ولعل عرضها في هذا المنتدى المبارك وسيلة مناسبة لذلك.

 

وأختم بما ختم به الذهبي ميزانه: (هذا مبلغ ما عندي ولا حول ولا قوة إلا بالله، وأنا عائذ بالله من المحاباة والهوى).

 

تاريخ نشر المادة في مصدره: الأحد 21 ربيع الثاني 1424هـ الموافق 22 يونيو 2003.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المسجد مهد الدعوة الإسلامية
  • جدد خطابك

مختارات من الشبكة

  • رؤية الهلال في كل بلد وتحديد المسافة بين البلدين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مراكز الرؤية بين التحديات والطموح: دراسة حق الرؤية من قانون الأحوال الشخصية بدولة الكويت(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • نزهة الرؤى في علم الرؤى (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة شرح حديث صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته (نسخة ثانية)(مخطوط - ملفات خاصة)
  • مخطوطة شرح حديث صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته(مخطوط - ملفات خاصة)
  • معبر الرؤى الشيخ وليد الصالح في محاضرة بعنوان ( الرؤى بين الإفراط والتفريط )(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • القضية الفلسطينية بين الرؤية الدينية والرؤية القومية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • وقفات رمضانية (6) الموسم الرابع(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة المسجد الحرام 19/2/1433 هـ - الرؤى والأحلام في ضوء الكتاب والسنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ألمانيا: ميركل تطالب المجتمع الألماني بالتأقلم على رؤية المزيد من المساجد(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب