• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   صوتيات   عروض تقديمية   مواد مترجمة   بلغات أخرى   في الإعجاز   مرئيات   الإعجاز العلمي للفتيان  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الرياح والتراب
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الرياح في المرسلات والنازعات
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    القسم القرآني بالذاريات
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الإعجاز في فرش الأرض
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    قاع البحر في آيات القرآن
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    أسرار البحار في القرآن الكريم
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    حماية الماء من التلوث
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    أسرار الماء الجوفي في آيات القرآن
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    وفي الأرض آيات للموقنين
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الفاحشة وطاعون الإيدز
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الخمر أم الخبائث: داء وليست دواء
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    مراحل خلق الجنين
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    من أسرار السنة النبوية: شريط الخلق
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    دواب في السماء
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    العلم وأصل الحياة
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    من نبوءات القرآن الكريم
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمد بن لطفي الصباغ / مقالات
علامة باركود

الرِّفقُ والأناةُ

د. محمد بن لطفي الصباغ

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/7/2007 ميلادي - 23/6/1428 هجري

الزيارات: 18328

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
ما أحْوَجنا إلى الاتِّصاف بالرِّفق في حياتنا كلِّها؛ في نطاق الأسرة، وفي نطاق المدرسة والجامعة، وفي نطاق دوائر الدولة، وفي نطاق المجمتع كلِّه؛ ذلك لأن العصر الذي نعيش فيه عصرٌ كثُرتْ فيه الفتن، وكثُر فيه القتلُ، وتكالَبَ النَّاسُ بعضُهم على بعضٍ؛ فالقويُّ يعتدي على الضعيف, سواءٌ كان القويُّ دولةً أو كان فرداً من النَّاس، والغنيُّ يستغلُّ الفقيرَ... وهكذا.

إنَّ اتِّصافنا بالرِّفْق يَحُلُّ كثيراً من مشكلاتنا، ويَقضِي على الخصومات التي تَنْخَرُ في كِياننا الاجتماعي.

وقد قيل: ما أحسنَ الإيمانَ يَزينُه العلمُ، وما أحسنَ العلمَ يَزينُه العملُ، وما أحسنَ العملَ يَزينُه الرِّفقُ.

وقيل أيضاً: إن النَّاس لا يعطونكَ بالشدَّة شيئاً إلا أعطَوْكَ باللِّين ما هو أفضلُ منه.

واللِّين يَجْلِب المودَّةَ، ويُعِينُ على استجابة المدعوِّ للداعي، والعنفُ يَجْلِب العداوةَ، ويُنفِّر النَّاسَ من دعوة الخير، ولا يحقِّق لصاحبه كلَّ ما يريد، هذا مع ما قد يسبِّب له من أمراضٍ بسبب الانفعال الذي يرافق العنف.

وما أروعَ الكلمةَ الموجزة البليغة التي قالها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الموضوع: ((إن الرِّفق لا يكون في شيءٍ إلا زانَهُ، ولا يُنزَع من شيءٍ إلا شانَهُ))؛ رواه مسلمٌ برقم (2594)، عن عائشة - رضي الله عنها.

عن جَرير بن عبدالله رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((مَنْ يُحرَمِ الرِّفقَ، يُحرَمِ الخيرَ كلَّه))؛ رواه مسلم برقم (2592), وأبو داود برقم (4809).

إن الرِّفق مرتبطٌ بحُسْن الخُلُق؛ فمن كان على خُلُقٍ كريمٍ، كان مُتَّصِفاً بالرِّفق واللِّين والأناة، ومرتبطٌ بسلامة الصَّدر وسَعَته، وهما من مكارم الأخلاق، والمُتَحَلِّي بهما يعيش سعيداً، ولا يَحقِد على أحد, ولا يُبغِض من يعاشِر من النَّاس, ولا يَغضَب على أحد, أما العنف فهو مرتبطٌ بسوء الخُلُق، وضيق الصَّدر، ومن هنا كان سيِّئ الخُلُق عنيفاً إذا مَلك القوَّة أو مَلك البيان.

وتدفعُ إلى العنف نفسٌ انفعاليَّةٌ متسلِّطةٌ، تسيطر على صاحبها، وتَسُدُّ عليه سُبُل التفكير.

ومن صفات الله التي أثبتها له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الرِّفقُ؛ كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنَّ الله رفيقٌ يُحِبُّ الرِّفق في الأمر كلِّه))؛ رواه البخاري برقم (6024), ومسلم برقم (2065). وفي روايةٍ لمسلم: ((إنَّ الله يُحِبُّ الرِّفق، ويعطي على الرِّفق ما لا يعطي على العُنفِ، وما لا يعطي على سواه)).

إننا لَنشاهدُ هذا في الحياة؛ نشاهد أن الإنسان الرَّفيق يَحُوز كثيراً من الخير، ويَصِل غالباً إلى مراده، كما نشاهد أنَّ الذي يُعامِل الآخرين بالعُنْف والفَظاظة مكروهٌ غيرُ مُوَفَّق؛ قال الله تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فُصِّلَتْ: 34 -35].

إنَّ على الداعية إلى الله أن يتَّصِف بالرِّفْق واللِّين في مخاطبته مَنْ يدعوهم؛ فقد أمر الله تبارك وتعالى موسى وهارون عليهما السلام - وهما من أنبياء الله ورسُله - أن يذهبا إلى فِرْعَوْنَ الذي كان من المفسِدين، ومن الطُّغاة المُلْحِدين - فيقولا له القول اللَّيّن؛ لعله يتذكَّر ويكون من المؤمنين؛ قال تعالى: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 43-44].

كذلك كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في دعوته قومَه الرَّؤوفَ الرحيمَ؛ قال الله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيم} [التوبة: 128].
ووصفه ربُّه تبارك وتعالى بالحِلْم واللِّين واللُّطف, وأمَرَهُ بالعفو عن المسيء, والاستغفار له؛ فقال: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159].

وهو صلوات الله وسلامه عليه الأُسْوَةُ الحسنة: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21].

فقد كان صلى الله عليه وسلم يَحُضُّ على الرِّفْق، ويحذِّر من العنف، ويأمر بمُخَالَقَة النَّاس بالخُلُق الحَسَن، وأن يُسارِعَ مَنْ أساء إلى الإحسان؛ فقال: ((اتَّقِ اللهَ حيثُما كنتَ، وأَتْبِعِ السَّيئةَ الحسنةَ تَمْحُهَا، وخالِقِ النَّاس بِخُلُقٍ حَسَنٍ))؛ رواه التِّرْمِذِيُّ برقم (1987).

إنَّ الدُّعاة إلى الله مطالبون بالرِّفق في دعوة النَّاس، وألا يكون منهم تشدُّدٌ؛ لأن ذلك يُنَفِّرُ النَّاس منهم؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ وأبي موسى الأشْعَرِيّ، عندما أرسَلَهما إلى اليَمَن: ((يَسِّرا ولا تُعَسِّرا، وبَشِّرا ولا تُنَفِّرا، وتطاوعا ولا تختلِفا))؛ رواه البخاريُّ برقم (3038)، ومسلمٌ برقم (1733).

وعن أنسٍ رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((يَسِّروا ولا تُعَسِّروا، وبَشِّروا ولا تُنَفِّروا))؛ رواه البخاريُّ برقم (69)، ومسلمٌ برقم (1734).

إنَّ علينا أن نغُضَّ الطَّرْف عن أخطاء المُخْطِئين، وأن نَلْتَمِس الأعذارَ لهم، وأن نصبر على إساءاتِ المعاندين .. إننا إن فعلنا ذلك؛ رجوْنا أن نَصِلَ إلى غرضنا من دعوة الآخرين.

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: بال أعرابيٌّ في المسجد، فقام النَّاس إليه ليقعوا فيه؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((دَعوهُ، وأريقوا على بَوْلِه سَجْلاً من ماءٍ - أو ذَنُوباً من ماءٍ - فإنَّما بُعِثْتُمْ مُيَسِّرينَ، ولم تُبْعَثُوا مُعَسِّرينَ))؛ رواه البخاريُّ برقم (220).

والمؤمنون معرَّضون للأذى؛ فعليهم أن يُقابِلوا ذلك بالصَّبر والتَّقوى؛ قال الله تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [آل عمران: 186].

ومن الرِّفق: الدعوةُ إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة؛ قال الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل: 125].

وطبيعة دين الإسلام هي اليُسْرُ؛ قال الله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]. والشِّدَّة لا تأتي بخير.

وقد رغَّب النبي - صلى الله عليه وسلم - في الرِّفق بالأولاد: بنينَ وبناتٍ؛ فعن أنس رضي الله، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((مَنْ عالَ جاريتَيْن حتى تَبْلُغَا؛ جاء يومَ القيامة أنا وهو...))؛ وضمَّ أصابعه؛ رواه مسلمٌ برقم (2631)، والتِّرْمِذِيُّ برقم (1914).

وعن ابن عبَّاس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من مسلمٍ له ابنتان، فيُحْسِنُ إليهما ما صَحِبَتاهُ - أو: صَحِبَهُما - إلا أدْخَلَتَاهُ الجنَّة))؛ رواه ابن ماجه برقم (3670).

ولقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُقبِّلُ أَسْباطَهُ، ويُداعِبُهمْ؛ ليُدْخِلَ عليهمُ السُّرورَ، وكان يَعُدُّ ذلكَ من الرَّحمة.

عن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قال: قَبَّلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الحسنَ بنَ عليٍّ، وعندَهُ الأَقْرَعُ بنُ حَابِسٍ؛ فقال الأَقْرَعُ: إنَّ لي عشَرَةً من الوَلَد، ما قَبَّلْتُ منهمْ أحداً!! فنظر إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((مَنْ لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ))؛ رواه البخاريُّ برقم (5997)، ومسلمٌ برقم (2318).

وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قَدِمَ ناسٌ من الأعراب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: أتُقَبِّلُونَ صِبيانَكُمْ!! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((نعم)). قالوا: لكنَّنا - والله - ما نُقَبِّلُ! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أوَأَمْلِكُ أنْ كان اللهُ نزعَ من قلوبِكُمُ الرَّحمةَ!))؛ رواه البخاريُّ برقم (5998)، وراه مسلمٌ برقم (2317).

وقد أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالرِّفق بالنِّساء:
قال صلى الله عليه وسلم: ((أَلا واسْتَوْصوا بالنِّساء خيراً؛ فإنما هُنَّ عَوَانٍ[1] عندَكُمْ))؛ رواه التِّرْمِذِيُّ برقم (1163)، وابن ماجه برقم (1851).
وقال: ((خيرُكم خيرُكم لأهْلِه، وأنا خيرُكم لأهْلي))؛ رواه ابن ماجه برقم (1977).

وقد يَكرهُ المرءُ في لحظةٍ من اللَّحظات زوجَتَه لخُلُقٍ؛ فعليه أن يتوقَّفَ ولا يستمرَّ في هذا الأمر؛ بل عليه أن يتذكَّر محاسنَها ومزاياها، فما من إنسانٍ إلا وله حسناتٌ ومزايا؛ يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يَفْرَكْ[2] مؤمنٌ مؤمنةً؛ إن كَرِهَ منها خُلُقاً رضي منها خُلُقاً آخر))؛ رواه مسلمٌ برقم (1469).
ولْيذكرْ قولَ الله تبارك وتعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19].

وقد أوصى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالرِّفق بالأرِقَّاء والخَدَم:
عن أبي ذَرٍّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إخوانُكُمُ خَوَلُكُمْ[3]، جَعَلَهُمُ الله تحتَ أيديِكُمْ، فمن كان أخوهُ تحت يدِهِ؛ فليُطْعِمْهُ مما يأكل، وليُلْبِسْهُ مما يلبَس، ولا تكلِّفُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ. فإن كلَّفْتُمُوهُمْ فأعينُوهُم))؛ رواه البخاريُّ برقم (30)، ومسلمٌ برقم (1661)، وأبو داود برقم (5157)، والتِّرْمِذِيُّ برقم (1945).
وعن أبي مسعودٍ البَدْريُّ رضي الله عنه قال: كنتُ أضرِبُ غلاماً لي بالسَّوْط، فسمعتُ صوتاً من خلفي: ((اعلم أبا مسعودٍ))، فلم أفهمِ الصَّوْتَ من الغضب، فلما دنا مني إذا هو رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا هو يقولُ: ((اعلم - أبا مسعودٍ - أنَّ الله عزَّ وجلَّ أقْدَرُ عليكَ منكَ على هذا الغلام))! فقلتُ: لا أضرِبُ مملوكاً بعدُ أبداً يا رسول الله، هو حُرٌّ لوجه الله تعالى. فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((أما لو لم تفعلْ لَلَفَحَتْكَ النَّارُ))؛ رواه مسلمٌ برقم (1659)، وأبو داود برقم (5159)، والتِّرْمِذِيُّ برقم (1948).

الرِّفقُ بكبار السِّنِّ والأطفال:
عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((ليس منَّا مَنْ لم يوقِّرْ كبيرَنا ويرحمْ صغيرَنا، ويأمرْ بالمعروف وينهَ عن المنكَر))؛ رواه أحمد (1/257)، والتِّرْمِذِيُّ برقم (1921).

رِفْقُ الحُكَّام بالمحكومين:
عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في بيتي هذا: ((اللهمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أمرِ أمَّتي شيئاً فشَقَّ عليهم فاشْقُقْ عليه، ومَنْ وَلِيَ مِنْ أمرِ أمَّتي شيئاً فرَفَقَ بهم فارْفُقْ به))؛ رواه مسلمٌ برقم (1828)، والنَّسائي في (الكبرى: 5- رقم 8873).

وعن أبي سعيد الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أحَبُّ النَّاس إلى الله يومَ القيامة وأدناهم منه مجلساً - إمامٌ عادلٌ، وأبغضُ النَّاس إلى الله تعالى وأبعدهم منه مجلساً - إمامٌ جائرٌ))؛ رواه التِّرْمِذِيُّ برقم (1329).

وعن عِيَاض بن حِمَار رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((أهلُ الجنَّة ثلاثةٌ: ذو سلطانٍ مُقْسِطٌ مُوَفَّقٌ، ورجلٌ رحيمُ القلبِ لكلِّ ذي قُرْبَى مسلمٍ، وعفيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذو عيالٍ))؛ رواه مسلمٌ برقم (2865).

والإمام العادل من السَّبعة الذين: ((يُظِلُّهم اللهُ في ظلِّه، يومَ لا ظلَّ إلا ظلُّه))؛ رواه البخاريُّ برقم (660)، ومسلمٌ برقم (1031).

الرِّفق بالحيوان:
لم تقتَصِرْ دعوةُ الإسلام على الرِّفق بالإنسان؛ بل جاوزتْ ذلكَ إلى الرِّفق بالحيوان؛ فعن ابن عبَّاس - رضي الله عنه -: أن رجلاً أضْجَعَ شاةً وهو يُحِدُّ شَفْرَتَهُ؛ فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((أتريدُ أن تُمِيتَهَا موتَتَيْنِ؟! هلّاَ أَحْدَدْتَ شَفْرَتَكَ قبل أن تُضْجِعَهَا!))؛ رواه الحاكم (4/233)، وقال: "صحيحٌ على شَرْط البخاريِّ.

وعن ابن عمرَ رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعَنَ مَنْ اتَّخَذَ شيئاً فيه الرُّوحُ غَرَضاً[4]؛ رواه البخاريُّ برقم (5515)، ومسلمٌ برقم (1958).

وعن ابن عمرَ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((عُذِّبَتِ امرأةٌ في هِرَّةٍ حبسَتْهَا حتى ماتت، فدخلتْ فيها النَّارَ؛ لا هي أطعمتْهَا ولا سقتْهَا إذ حبسَتْهَا، ولا هي تركتْهَا تأكلُ من خَشاش الأرض))؛ رواه البخاريُّ برقم (3482).

بل لقد دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسلمَ إلى الرِّفق بمَنْ أساء إليه وظلمَهُ:
عن عُقْبَةَ بن عامر رضي الله عنه قال: "قلتُ: يا رسول الله، أخبرني بفواضل الأعمال"؛ فقال: ((يا عُقْبَةُ، صِلْ مَنْ قَطَعَكَ، وأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ، وأَعْرِضْ عمَّنْ ظَلَمَكَ))؛ رواه أحمد: (4/148).

هذا ولقد عفا أمير المؤمنين سيدنا عمر رضي الله عنه، إمام العدل - عمَّن أساء إليه، عندما سمع آيةً من كتاب الله تدعو إلى العفْوِ عن الجاهلين.

عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما، أنه قال: "قَدِمَ عُيَيْنَةُ بن حِصْنٍ، فنزل على ابن أخيه الحُرِّ بنِ قيسٍ، وكان من النَّفَر الذين يُدْنِيهمْ عمرُ بنُ الخطَّاب رضي الله عنه. فقال عُيَيْنَةُ لابن أخيه: "يا ابنَ أخي، لك وجهٌ عند هذا الأمير؛ فاستأذنْ لي عليه. قال الحُرُّ: سأستأذنُ لكَ عليه". قال ابن عبَّاس: "فاستأذن الحُرُّ لعُيَيْنَةَ، فأَذِنَ له عمرُ. فلما دخل قال: هِيْ يا بن الخطاب، فوالله ما تُعطِينا الجَزْلَ، ولا تحكمُ بيننا بالعدلِ!! فغضب عمرُ حتى هَمَّ أن يوقِعَ به؛ فقال الحُرُّ: يا أمير المؤمنين، قال اللهُ لنبيِّه - صلى الله عليه وسلم -: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199]، وإنَّ هذا لمَِنَ الجاهلين.

والله ما جاوزَها عمرُ حين تلاها عليه، وكان وقَّافاً عند كتاب الله"؛ رواه البخاريُّ برقم (4642).

لقد كَظَمَ عمرُ رضي الله عنه غيظَه، وعفا عن عُيَيْنَةَ؛ قال تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134].

وسنتحدَّثُ - إن شاء الله - عن (الأناة) في حَلْقَةٍ مُقْبِلَةٍ.
ــــــــــــــــــــــ
[1] عوانٍ: أسيراتٌ.
[2] يَفْرَكُ: يكره.
[3] الخَوَلُ: الخَدَمُ
[4] الغرض: ما ينصبه الرماة يقصدون أصابته للتدريب وإظهار البراعة.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الرفق وحسن المعاملة
  • نظرية الهدوء
  • الرقائق.. وحاجتنا إليها
  • الأناة (خطبة)
  • خلق الأناة
  • خطورة الأنا على تربية النشء

مختارات من الشبكة

  • الله لطيف بعباده (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • من ذكريات الحج (2) مقال نادر عن الحج(مقالة - ملفات خاصة)
  • الرفق في مجال العبادات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الرفق ولين الجانب من أخلاق المدرس(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • ترفق(مقالة - موقع الدكتور وليد قصاب)
  • الأناة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من صفات المعلم: الحلم وضبط النفس(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 


تعليقات الزوار
1- I like This
samar - America 11-02-2014 01:00 PM

I like This

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب