• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   صوتيات   عروض تقديمية   مواد مترجمة   بلغات أخرى   في الإعجاز   مرئيات   الإعجاز العلمي للفتيان  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الرياح والتراب
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الرياح في المرسلات والنازعات
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    القسم القرآني بالذاريات
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الإعجاز في فرش الأرض
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    قاع البحر في آيات القرآن
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    أسرار البحار في القرآن الكريم
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    حماية الماء من التلوث
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    أسرار الماء الجوفي في آيات القرآن
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    وفي الأرض آيات للموقنين
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الفاحشة وطاعون الإيدز
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الخمر أم الخبائث: داء وليست دواء
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    مراحل خلق الجنين
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    من أسرار السنة النبوية: شريط الخلق
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    دواب في السماء
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    العلم وأصل الحياة
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    من نبوءات القرآن الكريم
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / مقالات
علامة باركود

الآثار السيئة للابتداع (5)

الآثار السيئة للابتداع (5)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/1/2022 ميلادي - 14/6/1443 هجري

الزيارات: 9017

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الآثار السيئة للابتداع (5)

 

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أمَّا بعد:

انتشار البدع له من آثار سيئة تضرُّ بدين الله تعالى، ما يجعلنا على يقين تام بضرورة محاربتها بكل ما أُوتينا من قوة؛ نُصرةً لدين الله، وقد سبق الحديث في (الجزء الأول والثاني والثالث والرابع) عن الآثار السيئة للبدعة للابتداع، ويتواصل الحديث عن ذلك، كما يلي:

19- انتشار البدع يُفرِّق الأمة:

بيَّن الله تعالى السَّبيل، فقال: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾ [الأنعام: 153]، فجعله سبيلاً واحداً لا ثانِيَ له، وبيَّن السَّالكين لهذا السَّبيل، فقال: ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِي ﴾ [الأنبياء: 92]، وفي وحدة السبيل ووحدة الأمة دليل على أهمية التَّجمُّع ونبذ الفرقة والاختلاف، ومن هنا كانت كلُّ دعوةٍ أو طريقةٍ تُخالف السَّبيلَ الذي بيَّنه الله تعالى لعباده، لا طائل من ورائها إلاَّ التفرُّق والتَّشرذم، وليس أخطر من البدعة في ثني المسلمين عن الطريق الصحيح؛ إذ أنَّ انتشار هذه البدع وكثرتها تؤدِّي إلى تشعُّب السَّبيل والخروج عن المسار المستقيم.

 

وكلُّ مبتدعٍ يتمنَّى نصر بدعته وتكثير سواد أهلها، ولا يتم ذلك له إلاَّ بمخالفة الكتاب والسنة والمنهج الصحيح، والوقيعة في أهل السنة والأثر وبغضهم، وباستقراء التاريخ نجد أن أهل الأهواء والبدع كانوا من أكبر أسباب تفرُّق المسلمين إلى شيعٍ وأحزاب، فهاهم الخوارج كانوا أوَّل مَن فرَّق جماعة المسلمين، ثم تبعهم سائر المبتدعة في هذا الخُلُق البغيض، ولا يزال أهل الإسلام من المبتدعة في شر مستطير؛ يلبِّسون على الناس دينهم، ويفرِّقون جماعة المسلمين، ويتحالفون مع شياطين الإنس والجن حتى يُظهِروا بدعهم وينشروها، ويتحالفون مع أعداء السنة والإسلام بغية نشر بدعهم وطمس سنة سيد المرسلين، وما فِعْل المعتزلة عنا ببعيد، ولذلك نرى أعداء الدين يتلقَّفون كلَّ مَن فارق جماعة المسلمين.

 

وفي فتح باب البدع على مصراعيه تفريق لأمَّة محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وفيه تشتيت للجهود، إذْ يُصبح كلُّ حزب بما لديهم فرحون؛ كما قال سبحانه لنبيِّه الكريم: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [الأنعام: 159]. وجه الدلالة: توَعَّد الله تعالى الذين فرَّقوا دينهم، وتفرَّقوا فيه؛ من أهل البدع والضلال المُفرِّقين للأُمة، وأخذ كلٌّ منهم لنفسه طريقاً غيرَ طريق محمدٍ صلى الله عليه وسلم.

 

قال السعدي رحمه الله: (دلَّت الآية الكريمة أنَّ الدِّين يأمر بالاجتماع والائتلاف، وينهى عن التَّفرُّق والاختلاف في أهل الدِّين، وفي سائر مسائله الأصولية والفروعية. وأمره أنْ يتبرَّأ ممَّنْ فرَّقوا دينهم فقال: ﴿ لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ﴾ أي: لست منهم، وليسوا منك؛ لأنهم خالفوك وعاندوك. ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ﴾ يُرَدُّون إليه، فيجازيهم بأعمالهم، ﴿ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾)[1].

 

ونهى الله تعالى عبادَه المؤمنين، فقال سبحانه: ﴿ وَلاَ تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ * مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾ [الروم: 31، 32]. وجه الدلالة: أنَّ كلَّ فِرقة تحزَّبت وتعصَّبت، على نَصْرِ ما معها من الباطل، ونابذتْ غيرَها وحاربَتْه؛ فهي فَرِحَةٌ بما لديها من العلوم المخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك يحكمون لأنفسهم بأنهم على الحق، وأنَّ غيرهم على الباطل.

 

قال السعدي رحمه الله: (وفي هذا تحذيرٌ للمسلمين من تشتُّتِهم وتفرُّقهم فِرَقاً، كلُّ فريق يتعصَّب لما معه من حقٍّ وباطل، فيكونون مشابهين بذلك للمشركين في التَّفرُّق، بل الدِّين واحد، والرسول واحد، والإله واحد)[2].

 

20- في انتشار البدع هجرٌ للقرآن، وإماتةٌ للسُّنة:

من بين أنواع هجر القرآن؛ هجر الاتباع، ويكون ذلك بالابتداع في الدين ما ليس منه، وترك القرآن إلى ما سواه من الأهواء والرغبات والنزعات، فالاتباع والابتداع ضدان لا يجتمعان؛ فبقدر اتباع العباد للقرآن بقدر ابتعادهم عن البدعة، وكلما ابتعدوا عن القرآن وقعوا في البدع والضلالات، فهو أمر عكسي؛ لأنَّ المبتدع متَّبع لهواه مضاد للشرع ومعاند ومشاق له، وقد حُرم كثير من المسلمين من معرفة الحق والهدى؛ بسبب البدع المُتَّبعة، والأهواء المُضلَّة.

 

وحُرموا من الثواب المُترتِّب على اتِّباع السُّنن الثابتة وابتُلوا ببدع ما أنزل الله بها من سلطان، وهو يحسبون أنهم على شيء، وحُرموا - من جراء ذلك - السعادة في الدنيا والآخرة، وكلما أنشأ العبدُ بدعةً قولية أو عملية حُرِمَ في مُقابلها من سُنَّةٍ قولية أو عملية جزاءً وِفاقاً.

 

وعلى هذا؛ فمِنْ أعظم الآثار السيئة للبدع هو إماتة السُّنن، وإنكار الناس على مَنْ يُطبِّق سُنَّةً حتى يصير المعروف منكراً والمنكر معروفاً، فيصبح المُتَّبعون للسُّنن غرباء عند عامة الناس، وقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (بَدَأَ الإِسْلاَمُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ)[3].

 

وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (سَيَلِي أُمُورَكُمْ بَعْدِي رِجَالٌ يُطْفِئُونَ السُّنَّةَ، وَيَعْمَلُونَ بِالْبِدْعَةِ، وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلاَةَ عَنْ مَوَاقِيتِهَا). فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنْ أَدْرَكْتُهُمْ؛ كَيْفَ أَفْعَلُ؟ قَالَ: (تَسْأَلُنِي يَا ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ كَيْفَ تَفْعَلُ؟ لاَ طَاعَةَ لِمَنْ عَصَى اللَّهَ)[4]. وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول: (كيف أنتم إذا لَبِسَتْكمْ فتنةٌ يهرم فيها الكبيرُ ويربو فيها الصغيرُ، ويتَّخذها الناسُ سُنَّةً، فإذا غُيِّرتْ؛ قالوا: غُيِّرَت السُّنة) قالوا: ومتى ذلك يا أبا عبد الرحمن! قال: (إذا كَثُرت قراؤكم، وقلَّت فقهاؤكم، وكثرت أمراؤكم، وقلَّت أمناؤكم، والْتُمِسَتْ الدنيا بعمل الآخرة، وتُفُقِّهَ لغيرِ الدِّين)[5].

 

قال ابن المبارك رحمه الله: (إلى الله نشكو وحشتنا، وذهاب الإخوان، وقلة الأعوان، وظهور البدع، وإلى الله نشكو عظيمَ ما حلَّ بهذه الأُمَّة؛ من ذهاب العلماء، وأهل السُّنة، وظهور البدع)[6].

 

أمثلة (لسُنن مهجورة) و(بدع مشهورة):

استبدل الناسُ السُّنةَ بالبدعة؛ فأحيوا البدعةَ وأماتوا السُّنةَ، ومصداق ذلك قول ابن عباس رضي الله عنهما: (ما أتى على الناس من عام إلاَّ أحدثوا فيه بدعةً، وأماتوا فيه سُنَّة، حتى تحيا البدعُ، وتموت السُّنن)[7]. وقال التابعي الجليل حسان بن عطية المحاربي رحمه الله: (ما ابتدع قوم بدعةً في دينهم إلاَّ نزع اللهُ من سُنَّتِهم مِثلَها، ثم لا يُعيدها إليهم إلى يوم القيامة)[8]. ومن أمثلة (السنن المهجورة) و(البدع المشهورة):

أ- من السنن المهجورة: التوسل في الدعاء بأسماء الله الحسنى وصفاته العلى، وبالعمل الصالح، ومن البدع المشهورة: التوسل بالجاه والحق والحُرمة، والتوسل بذوات الأنبياء والأولياء، والتوسل بأحاديث ضعيفة، والتوسل بآثار النبي صلى الله عليه وسلم، والتوسل بالأماكن المقدسة!

 

ب- ومن السنن المهجورة: الشُّرْب جالساً باليد اليمنى على ثلاث مرات ولا يتنفَّس في الإناء، ومن البدع المشهورة: الشرب بالشِّمال، والشُّرب من ثُلْمَة القَدَح، والنَّفخ في الشَّراب، والتنفس في الإناء، وشرب الماء مصًّا، وترك الدعاء لمَنْ سقاه.

 

ج- ومن السنن المهجورة: الاجتماع على الطعام، وذِكْر اسم الله عليه، والأكل من قصعة (صحن) واحدة، ومن البدع المشهورة: التفرُّق في الطعام على الموائد، وتقليل المرق وعدم إعطاء الجيران، وأكل الطعام وهو يفور، وترك اللقمة التي سقطت على الأرض وعدم أكلها، والأكل وسط القصعة، والتكلُّف للضيف، والأكل مُتَّكئاً، والزيادة على المشروع في التسمية، وترك الدعاء لمَنْ أطعمه.

 

د- ومن السنن المهجورة: الوصية، ومن البدع المشهورة: الوصية الجور؛ كحرمان النساء من الإرث، أو حرمان الورثة من الإرث، أو الوصية لبعض الأولاد دون بعض، ومجاوزة الثلث في الوصية، والوصية للوارث.

 

هـ- ومن السنن المهجورة (في الأذان): الأذان على التوقيت الشرعي، وعدم أخذ الأجرة على الأذان، واتِّخاذ مؤذن حَسَن الصوت، وقول المؤذن: "صلُّوا في رحالكم" في الليلة الباردة أو المطيرة، والالتفات بالرأس يمنةً ويسرةً عند الحيعلتين، ووضع الأصبعين في الأذنين، والأذان والإقامة لمَنْ يُصلِّي وحده، وإذا أُقيمت الصلاة فقولوا مثلما يقول.

 

ومن البدع المشهورة (في الأذان): قصر الأذان على التوقيت الفلكي، والصلاة قبل وقتها، والأذان المُوحَّد، وأخذ الأجرة على الأذان، واقتصار الإقامة على مَنْ أذَّن، والأذان عن طريق الراديو والمسجلات، وأذان مَنْ لا يُحسن العربية مع وجود العربي الذي يُحسن الأذان، وجهر المؤذن بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان وقبل الإقامة، وقول: حي على خير العمل؛ كما يفعله الرافضة، والاستدارة بالجسم ككل عند الحيعلتين، ووضع الكفَّين على الخدَّين، وإسدال اليدين، والالتفات بالصدر عند الحيعلتين، والدوران في المنارة، ووضع يد واحدة على الخد الأيمن أثناء الأذان، والترسل في الإقامة، وصلاة المنفرد بدون إقامة ولا أذان، وقول: "أقامها الله وأدامها" ؛ عند قول المقيم: "قد قامت الصلاة"، وقول: "حقاً لا إله إلاَّ الله" في آخر الإقامة، وتمطيط وتلحين ألفاظ الأذان والإقامة، وقول المؤذن أو الإمام بصوت عالٍ: "اللهم أحسن وقوفنا بين يديك ولا تخزنا يوم العرض عليك" حال تكبيرة الإحرام.

 

و- ومن السنن المهجورة (في الصلاة): إلقاء السلام على المصلَّي، ورد السلام بالإشارة لمن كان يصلي[9]، وتسوية الصفوف بالمناكب والأقدام، واتخاذ السترة في الصلاة، والصلاة في النِّعال، ووقوف المأموم بحذاء الإمام إذا كانا اثنين، والوقوف عند رؤوس الآيات، والدخول مع الإمام الصلاة في أي هيئة من الصلاة، والتأخر بالسجود حتى يضع الإمام جبهته على الأرض، واستقبال القبلة باليدين وأصابع الرجلين في السجود، وجلسة الاستراحة، والإقعاء بين السجدتين، والعجن في الصلاة (الاعتماد على يديه إذا قام)، وتحريك الإصبع في التشهدين، والجهر بالذِّكر بعد الصلاة، والفصل بين صلاة الفريضة والسُّنة بكلام أو خروج.

 

ومن البدع المشهورة (في الصلاة): ترك إلقاء السلام على المصلِّي، ورد المصلِّي السلام بالرأس يميناً ويساراً أو قول: سبحان الله" وعدم الرد بالإشارة أو رد السلام بعد انتهاء الصلاة أو رد السلام في نفسه وهو في الصلاة، تسوية الصفوف بالمناكب فقط دون الأقدام، وقول الإمام للمصلين وهم يصطفُّون: "إن الله لا ينظر إلى الصف الأعوج، واتخاذ خط كسترة للمصلي، وترك الصلاة في النعال، وقراءة الآيات العديدة بنَفَسٍ واحد، ومسابقة المأموم الإمام في السجود والركوع، والاستغفار الجماعي بعد الصلاة، والمصافحة عقب الصلاة المفروضة، وقول: "تقبَّل الله، وحرماً"، وقراءة آية الكرسي والمعوذات بصوت مرتفع عقب الصلاة، ورفع الأيدي بالدعاء بعد صلاة الفريضة، والدعاء الجماعي والتأمين عليه بصوت مرتفع.

 

21- إهانةُ أهلِ البدعة والفُرقة، وتكريمُ أهلِ السُّنَّة والجماعة:

اعلم أنَّ الجزاء دائماً يكون من جنس العمل، فأهل السُّنة أكرموا السُّنةَ وعظَّموها وقدَّموها على عقولهم وأهوائهم، فكان جزاءهم على ذلك تكريم الله تعالى لهم، أما أهل البدعة، فبتركهم سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أهانوها، فأهانهم الله تعالى وحطَّ من شأنهم جزاءً وفاقاً.

 

وقد كثرت النصوص الدالة على إهانة وشقاء أهل البدع والفرقة في الدنيا والآخرة، وتكريم أهل السنة والجماعة في الدنيا والآخرة، ومن ذلك:

أ- عن ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - في قوله تعالى: ﴿ يَوْم تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ﴾ [آل عمران: 106] قال: (يَعْنِي: يَوْمَ الْقِيَامَة، حِينَ تَبْيَضُّ وُجُوهُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَة، وَتَسْوَدُّ وُجُوهُ أَهْلِ الْبِدْعَةِ وَالْفُرْقَة)[10].

 

وقال ابنُ وهبٍ: سمعتُ مالكاً يقول: (ما آيةٌ في كتاب الله أشدُّ على أهل الاختلاف من أهل الأهواء من هذه الآية: ﴿ يَوْم تَبْيَضُّ وُجُوهٌ ﴾ إلى قوله: ﴿ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ﴾ قال مالكٌ: فأيُّ كلامٍ أبْيَنُ من هذا؟ فرأيتُه يتأوَّلُها لأهلِ الأهواء)[11].

 

(يُخبِرُ تعالى عن حال يوم القيامة، وما فيه من آثارِ الجزاء بالعدل والفَضْل، ويتضمَّن ذلك الترغيب والترهيب، الموجب للخوف والرجاء فقال: ﴿ يَوْم تَبْيَضُّ وُجُوهٌ ﴾ وهي: وجوهُ أهلِ السَّعادة والخير، أهلِ الائتلاف والاعتصام بحبل الله، ﴿ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ﴾ وهي: وجوهُ أهلِ الشَّقاوة والشَّر، أهلِ الفُرقة والاختلاف، هؤلاء اسودَّت وجوهُهم؛ بما في قلوبهم من الخِزْي والهَوَان والذِّلة والفضيحة، وأولئك ابيضَّت وجوهُهم؛ لما في قلوبهم من البهجةِ والسُّرور والنَّعيم والحُبور، الذي ظهرت آثاره على وجوههم؛ كما قال تعالى: ﴿ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا ﴾ [الإنسان: 11]، نضرةً في وجوههم، وسروراً في قلوبهم، وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنْ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [يونس: 27].

 

﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ ﴾ فيقال لهم على وجه التوبيخ والتقريع: ﴿ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾ أي: كيف آثَرْتُمْ الكفرَ والضَّلالَ على الإيمان والهدى؟ وكيف تركْتُم سبيلَ الرَّشاد وسلكْتُم طريق الغي؟ ﴿ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ﴾ فليس يليق بكم إلاَّ النارُ، ولا تستحِقُّون إلاَّ الخزي والفضيحة والعار.

 

﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ ﴾ فيُهَنَّئون أكملَ تهنئةٍ، ويُبَشَّرون أعظمَ بِشارةٍ؛ وذلك أنهم يُبَشَّرون بدخولِ الجنَّاتِ، ورِضَى ربِّهم، ورحمته ﴿ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ وإذا كانوا خالدين في الرَّحمة، فالجنةُ أثَرٌ من آثار رحمتِه تعالى، فهم خالدون فيها بما فيها من النَّعيم المُقيم، والعيش السَّليم، في جِوارِ أرحمِ الراحمين)[12].

 

ب- وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ﴾ [الأنعام: 159]. قال السعدي رحمه الله: (يتوعَّد تعالى الذين فرَّقوا دينهم، أي: شَتَّتُوه وتفرَّقوا فيه، وكلٌّ أخَذَ لنفسه نصيباً من الأسماء التي لا تُفيد الإنسان في دينه شيئاً؛ كاليهودية والنصرانية والمجوسية. أو لا يَكْمُلُ بها إيمانُه، بأنْ يأخذَ من الشريعة شيئاً ويجعله دينَه، ويَدَعَ مِثْلَه، أو ما هو أَولى منه؛ كما هو حالُ أهلِ الفُرقة من أهل البدع والضَّلال، والمُفرِّقين للأُمَّة)[13].

 

ج- وقال سبحانه: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 153]. قال السعدي رحمه الله: (﴿ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ ﴾ أي: الطُّرُقَ المخالفةَ لهذا الطريق، ﴿ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾ أي: تُضِلُّكم عنه، وتُفَرِّقُكم يميناً وشمالاً، فإذا ضَلَلْتُم عن الصِّراط المستقيم، فليس ثَمَّ إلاَّ طُرُقٌ تُوصِلُ إلى الجحيم.

 

﴿ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ فإنَّكم إذا قُمْتُمْ بما بَيَّنَه اللهُ لكم عِلْماً وعَمَلاً؛ صِرْتُم من المتقين، وعبادِ اللهِ المفلحين، ووَحَّدَ الصِّراطَ، وأضافَهُ إليه؛ لأنَّه سبيلٌ واحِدٌ، مُوصِلٌ إليه، واللهُ هو المُعِينُ للسَّالكين على سلوكه)[14].

 

د- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ[15]؛ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، لاَ يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلاَّ هَالِكٌ)[16]. فدل الحديث على أن المبتدعة زائغون وضالون وهالكون في الدنيا والآخرة.

 

هـ- وعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ! لَتَفْتَرِقَنَّ أُمَّتِي عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً؛ فَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ). قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَنْ هُمْ؟ قَالَ: (الْجَمَاعَةُ)[17]. وجه الدلالة: أنَّ الهالكين يوم القيامة في النار – من أمة محمد صلى الله عليه وسلم – هم المبتدعة في دينه المخالفون لجماعة المسلمين في العقيدة والمنهج والأقوال والأعمال، والناجين هم المُوافِقون لِجَماعةِ الصحابة، الآخِذُون بعقائدهم، المُتمَسِّكون بمنهجهم.

 

قال ابن تيمية رحمه الله: (وسُمُّوا أهلَ الجماعة؛ لأنَّ الجماعة هي الاجتماع، وضِدُّها الفُرقة)[18]، وهذا مع تقديرٍ محذوف، وهو (المُوافِقة للحق)، إذاً يُقصد بالجماعة المُجتمِعة على الحق.

 

وقال ابن الجوزي رحمه الله: (فإنْ قيل: وهل هذه الفِرَقُ معروفة؛ فالجواب: إنَّا نَعْرِفُ الافتراقَ، وأصولَ الفِرَق، وأنَّ كلَّ طائفةٍ من الفِرَقِ انقسمت إلى فِرَقٍ، وإنْ لم نُحِطْ بأسماءِ تلك الفِرَقِ ومَذاهِبِها، فقد ظهر لنا من أصول الفِرَقِ؛ الحَرورية، والقَدَرِية، والجهمية، والمُرجئة، والرافضة، والجبرية)[19].



[1] تفسير السعدي، (ص 282).

[2] المصدر نفسه، (ص 641).

[3] رواه مسلم، (1/ 74)، (ح 389).

[4] رواه ابن ماجه، (1/ 419)، (ح 2975)؛ وصححه الألباني في (صحيح سنن ابن ماجه)، (2/ 411)، (ح 2332).

[5] رواه الدارمي في (سننه)، (1/ 42)، (رقم 191). وصححه الألباني. وقال في (تحريم آلات الطرب)، (ص 16): (وهو موقوف في حكم المرفوع؛ لأنه من أمور الغيب التي لا تُدرك بالرأي، ولا سيما وقد وقع كلُّ ما فيه من التَّنبُّؤات).

[6] رواه ابن وضاح في (البدع والنهي عنها)، (ص 53).

[7] رواه ابن وضاح في (البدع)، (ص 100)، (رقم 93)؛ والطبراني في (الكبير)، (10/ 262)، (رقم 10610). وقال الهيثمي في (مجمع الزوائد)، (1/ 230): (رواه الطبراني "في الكبير" ورجاله موثقون).

[8] رواه الدارمي في (سننه)، (1/ 32)، (رقم 99). وصحح إسناده الألباني في (التوسل)، (ص 46)؛ و(مشكاة المصابيح)، (1/ 41)، (رقم 188).

[9] صفة رد السلام: أن يبسط المصلِّي كفَّه؛ جاعلاً بطن الكف أسفل، وظهره إلى فوق.

[10] رواه ابن أبي حاتم في (تفسيره)، (2/ 465)؛ واللالكائي في (السُّنَّة)، (1/ 72).

[11] الاعتصام، (1/ 36).

[12] تفسير السعدي، (1/ 142).

[13] تفسير السعدي، (1/ 282).

[14] تفسير السعدي، (1/ 280).

[15] (تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ): أي: تركتم على الملة والحُجَّة الواضحة التي لا تقبل الشُّبَه أصلاً.

[16] رواه ابن ماجه، (1/ 16)، (ح 43)؛ والطبراني في (الكبير)، (18/ 247)، (ح 619). وصححه الألباني في (صحيح ابن ماجه)، (1/ 32)، (ح 41).

[17] رواه ابن ماجه، (1/ 577)، (ح 4127). وصححه الألباني في (صحيح سنن ابن ماجه) (3/ 307)، (ح 3241).

[18] العقيدة الواسطية، (ص 46).

[19] تلبيس إبليس، (ص 19).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الآثار السيئة للابتداع (1)
  • الآثار السيئة للابتداع (3)
  • الآثار السيئة للابتداع (2)
  • الآثار السيئة للابتداع (4)

مختارات من الشبكة

  • كتاب تهذيب الآثار: أثر من آثار الطبري في خدمة السنة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة مباني الأخبار في شرح معاني الآثار ج18 ( شرح معاني الآثار )(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مفهوم الأثر عند المحدثين وبعض معاني الأثر في القرآن(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • الآثار: إحباط محاولة تهريب مخطوط أثري بمطار القاهرة(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • الآثار الإسلامية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الابتداع: مظاهره وآثاره(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن حماد آل عمر)
  • موقف الإسلام من الآثار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الآثار السيئة لضعف الوازع الأخلاقي (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • الآثار السيئة للشح والبخل (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • الآثار السيئة لهجر العقلانيين للسنة (2)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب