• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   صوتيات   عروض تقديمية   مواد مترجمة   بلغات أخرى   في الإعجاز   مرئيات   الإعجاز العلمي للفتيان  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الرياح والتراب
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الرياح في المرسلات والنازعات
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    القسم القرآني بالذاريات
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الإعجاز في فرش الأرض
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    قاع البحر في آيات القرآن
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    أسرار البحار في القرآن الكريم
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    حماية الماء من التلوث
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    أسرار الماء الجوفي في آيات القرآن
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    وفي الأرض آيات للموقنين
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الفاحشة وطاعون الإيدز
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الخمر أم الخبائث: داء وليست دواء
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    مراحل خلق الجنين
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    من أسرار السنة النبوية: شريط الخلق
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    دواب في السماء
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    العلم وأصل الحياة
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    من نبوءات القرآن الكريم
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري / تفسير القرآن العظيم
علامة باركود

تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 104 : 110 )

تفسير سورة البقرة (31)
الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/6/2012 ميلادي - 23/7/1433 هجري

الزيارات: 41271

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير سورة البقرة

الآية ( 104 : 110 )


وقوله سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [104].

 

ينادي الله عباده المؤمنين بنداء الكرامة، ولقب التشريف لتنفتح قلوبهم، وليستحثهم على سرعة الانقياد والقبول، وفي هذا النداء نهي للمؤمنين عن مشابهة اليهود، حتى في الدعاء لله سبحانه، ليقطع الالتقاء معهم حتى في ألفاظ دعائه سبحانه وتعالى، وليتميز المؤمنون في دعاء الله بأسلوب خاص لا يشابههم فيه غيرهم.

 

وقد كانت اليهود تقول في دعائها لله: (راعنا) من الرعاية، فنهانا الله عن مشابهتهم وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا﴾ وذلك أن اليهود عليهم لعائن الله لا يخلو كلامهم من الدس والغش والتلبيس ليوقعوا المسلمين في الشر من حيث لا يدركون، فقد قيل: إن سفهاء اليهود يميلون ألسنتهم في النطق بهذا الدعاء وهم يوجهونه للنبي صلى الله عليه وسلم حتى يؤدي معنى آخر مشتقاً من الرعونة؛ لأنهم يخشون أن يشتموا النبي صلى الله عليه وسلم شتماً صريحاً وجهاً لوجه، فيحتالون على سبه من هذا الطريق الغامض، الذي لا يحس به، والذي لا يصدر إلا من سفاهة، ومن ثم جاء النهي الصريح للمؤمنين عن استعمال اللفظ الذي يتخذه اليهود ذريعة للشتم أو السخرية، وأمرهم الله أن يستبدلوا هذه اللفظة بلفظة مرادفة لها في المعنى، لا يقدر اليهود على تحريفها حسبما يريدون من إيذاء محمد صلى الله عليه وسلم، لفوتوا على اليهود غرضهم الدنيء الحقير، ولا يجعلوا لهم مجالاً في سواه، ثم يأمر الله المؤمنين بالسمع وهو الطاعة قائلاً: ﴿ وَاسْمَعُوا ﴾ لأن من لم يحقق الاستماع بالطاعة والانقياد لم يكن سامعاً بل هو من الذين ﴿ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ ﴾ [الأنفال: 21].

 

ثم يحذر الله المؤمنين من مصير الكافرين مخبراً عباده أن للكافرين عذاباً أليماً موجعاً، بالغاً في الإيلام أبشع صفاته وأقساها، وذلك تحذيراً للمؤمنين من تقليدهم واستحسان أي شيء من عاداتهم وسننهم التي يتوارثونها، والتي تتجدد مع زيادة كفرهم، وبدعتهم وافترائهم على الله، وألا يلتقي المسلم المؤمن بهم ومعهم في أي مورد أو مصدر، لأن من تشبه بقوم فهو منهم كما نص على ذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ولأنه لا يتشبه أحد بهم في الظاهر إلا بعد ما يلتقي معهم في الباطن، من حبهم أو الركون إليهم، أو حب شيء من طرائقهم التي يبثون الدعايات في تحسينها على أيدي عملائهم، فالله سبحانه يذكر المؤمنين بمصير الكفار المحتوم من العذاب الأليم ليبتعد عنهم حتى لا يصيبه كفل من عذابهم والعياذ بالله.

 

فوائد من قوله سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا ﴾.

 

أحدها: أن الله سبحانه اختص أمة الإجابه المحمدية بنداء الكرامة، ولقب التشريف في ثمانية وثمانين موضعاً في القرآن تكريماً لهم وتشريفاً، وحثاً لهم على المسارعة بالامتثال، ولم يخاطب اليهود في التوراة إلا بنداء المسكنة، لتكون عاقبتهم المضروبة عليهم، وأما هذه الأمة فموجب ندائها بالإيمان يستلزم الأمان من العذاب فلله الحمد والمنة.

 

ثانيها: كلمة (راعنا) مفاعلة من الرعي بين اثنين، فكأن هذا اللفظ موهم للمساواة بين المخاطبين كانهم قالوا: أرعنا سمعك لنرعيك أسماعنا، فنهاهم الله عنه لأجل ذلك أيضاً ففي قول (راعنا) خطأ لأنه يشعر بالاستعلاء، كأنه يقول: (راع كلامي ولا تغفل عنه ولا تشتغل بغيره) وهذا من أوضح الفروق بين هاتين الكلمتين المترادفتين التي منعنا في أحدهما وأمرنا بالأخرى وهما: (راعنا وانظرنا).

 

ثالثها: أن كلمة (راعنا) على وزن (عاطنا) من المعاطاة. و(رامنا) من المراماة، ثم أنهم قلبوا هذه النون إلى النون الأصلية وجعلوها كلمة مشتقة من الرعونة التي هي الحمق، فالراعن اسم فاعل من الرعونة كأنهم أرادوا به المصدر فيكون قولهم: (راعنا) أي: فعلت رعونة، ويحتمل أنهم أرادوا به: صرت راعناً، أي: صرت ذا رعونة، فحقَّاً لما قصد اليهود هذه الوجوه الفاسدة نهى الله المسلمين عن استعمال هذه الكلمة.

 

وقال قطرب: هذه الكلمة وإن كانت صحيحة، فإن أهل الحجاز لا يستعملونها إلا عند الهزء والسخرية، فلا جرم أن منع الله منها.

 

رابعها: أن المسلمين كانوا إذا تلا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً من العلم قالوا: راعنا يا رسول الله، أي: تمهل، وكان عند اليهود بالعبرانية كلمة تشبهها تحمل السب فاستعملوها، وهي: راعنا وراعينا، فنهى الله المؤمنين عن استعمال هذه الكلمة للالتباس.

 

ويدل على هذا قوله سبحانه عن اليهود في سورة النساء: ﴿ وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ ﴾ [النساء: 46] يقصدون بكلمة راعنا (اسمع لا سمعت) وفي الحقيقة أن خبثهم عميق.

 

خامسها: قوله تعالى: ﴿ وَقُولُوا انْظُرْنَا ﴾ فيه وجوه:

الأول: أنه من نظره أي انتظره كما قال تعالى عن المنافقين: ﴿ انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ ﴾ [الحديد: 13] فأمرهم سبحانه أن يسألوه الإمهال لينقلوا عنه، فلا يحتاجون إلى الاستعادة فإن قيل: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجل عليهم حتى يقولوا هذا؟ فالجواب من وجهين.

 

أحدهما: أن هذه اللفظة قد تقال في خلال الكلام وإن لم يكن فيه عجلة تحوج إلى ذلك، كقول الرجل في خلال حديثه: اسمع أو سمعت.

 

ثانيهما: أنهم فسروا قوله سبحانه: ﴿ لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ﴾ [القيامة: 16] أنه صلى الله عليه وسلم كان يعجل قول ما يلقيه إليه جبريل حرصاً على تحصيل الوحي وأخذ القرآن فقيل له: ﴿ لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ﴾ فلا يبعد أن يعجل فيما يحدث به أصحابه من أمر الدين حرصاً على تعجيل إفهامهم، فكانوا يسألونه في تلك الحال الإمهال فيما يخاطبهم به حتى يفهموه.

 

والثاني: أن (انظرنا) معناه: انظر إلينا، إلا انه حذف حرف (إلى) كما في قوله: ﴿ وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ ﴾ [الأعراف: 155] والمعنى: من قومه، والمقصود أن المعلم إذا نظر إلى المتعلم كان إيراده للكلام على طريقة الإفهام والتعريف أظهر أقوى.

 

والثالث: أن أبي بن كعب قرأ (انظرنا) من النظرة، أي: أمهلنا، والله أعلم.

 

سادسها: إنما كان عدم الإصغاء بكل احترام لما يقوله النبي صلى الله عليه وسلم كفر لأنه يتكلم عن الله سبحانه. والسعادة لمن يسمع ويعقل ويأخذ ما يؤمر به بالأدب، ويسأل عما لا يفهمه بالأدب ومن فاتته هذه السعدة نال الشقاء السرمدي، الذي لا مثيل له، والعياذ بالله، فمخاطبة محمد صلى الله عليه وسلم مخاطبة الأكفاء والنظراء، مجاوزة للكفر، ومعنى هذه المجاوزة: أن سوء الأدب الذي حكاه الله عن اليهود في سورة النساء بقوله: ﴿ وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً ﴾ [النساء: 46].

 

فمثل هذه الألفاظ التي توعد الله اليهود عليها، وحكم بكفرهم بسببها، إذا صدرت من المؤمنين بغير قصد حسن وتأويل صحيح، فأنها خارجة عن حدود الأدب الواجب أمام النبي صلى الله عليه وسلم وورثته من العلماء العاملين الصادقين، فإذا شابها شيء من الاستهزاء ونحوه، صارت كفراً.

 

سابعها: لا شك أن من يعامل أستاذه ومرشده معاملة المساواة في القول والعمل، يقل اهتمامه له، وتزول هيبته من نفسه حتى تقل استفادته منه أو يكون محروماً من علمه، لأن المدار في التربية الدراسية على الاحترام وحسن التأسي والقدوة، وأي شخص تراه في المعلومات مثلك أو أقل، فإنك لا ترتضيه إماماً وقدوة، أما من رأيته فوقك في العلم والكمال، فإنك ترغب في إمامته وأخذ العلم عنه، وحينئذ لابد من احترامه، فكيف إذا كان المعلم سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، ولذلك نهى الله الصحابة عن التكلم بلفظة (راعنا) إجلالاً لمقام النبوة، لئلا يجرهم الأنس به والطمع بكرم أخلاقه إلى تعدي حدود الأدب الواجب معه، الذي لا تكمل التربية إلا بكماله، كما نهاهم فوق ذلك عن رفع أصواتهم فوق صوته الشريف، والجهر له بالقول كجهر بعضهم لبعض، محذراً لهم من حبوط أعمالهم، والعياذ بالله.

 

ثامنها: ينبغي للمسلمين المؤمنين أن يرتعوا في رياض الجنة التي هي حلق الذكر، ويجب عليهم الإنصات خصوصاً لاستماع القرآن ولكتب الأحاديث الصحيحة التي هي الوحي الثاني مما أوتي محمد صلى الله عليه وسلم، ويشرع لهم حسن الأدب والخشوع والبكاء والتباكي، وإجلال حامل العلم القائم برسالة الله والموزع لهداية الله، فإنه هو الذي من ورثة الأنبياء عامة، وورثة المصطفى صلى الله عليه وسلم خاصة، وليس كل عالم يحسب من ورثة الأنبياء خصوصاً المعطل لرسالة الله، الذي لا يتجول لنشر الدين ذات اليمين وذات الشمال في سبيل الله لا يريد لقباً ولا وظيفة، وإن سنحت له وظيفة يستعين بها على أداء واجب الله، ولا تخرسه عن الصراحة بملة إبراهيم، فليس فيها عيب ولا بأس.

 

قال الإمام محمد عبده: "إنهم يلغطون في مجالس القرآن فلا يستمعون ولا ينصتون ومن أنصت فإنما لأجل الطرب بالصوت، والالتذاذ بتوقيع نغمات القارئ، وإنهم ليقولون في استحسان ذلك ما يقولونه في مجالس الغناء، ويهتزون للتلاوة ويصوتون بأصوات مخصوصة، كما يفعلون عند سماع الغناء بل فرق".اهـ.

 

وذلك لأن أدمغتهم قد ألفت الغناء.

 

وقوله سبحانه: ﴿ مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [105].

 

يكشف الله سبحانه في هذه الآية للمسلمين المؤمنين عما تكنه صدور اليهود وأذنابهم من المشركين - على اختلاف أنواعهم - من الشر والمعاداة، وما تحمله قلوبهم من الحقد والحسد والغيظ، بحيث ما يودون أن ينزل الله على المسلمين أي خير، سواء كان هداية، أو كان نصراً، أو مغنماً.

 

فهم حريصون على الوقوف في وجه ذلك، والحيلولة بينه وبين المسلمين.

 

ومن عظيم رحمة الله بنا تشخيصه لأعدائنا، كي نحذر منهم ولا نطمع بهم خيراً، أو نرجو منهم خيراً، فإنه سبحانه في كل موقع يذكر مكر اليهود بنا، أو حسدهم لنا، أو طمعهم في إضلالنا، أو شدة عداوتهم لنا، فإنه يقرن معهم المشركين على الإطلاق، ليعم جميع أنواع المشركين، حيث إنهم كلهم من نتاج اليهود قديماً وحديثاً.

 

فالمشركون بشتى أنواعهم قديماً وحديثاً، لا يكفون عن عدائهم للمسلمين والمكر بهم، آخذين بخلق وتوجيهات أسيادهم اليهود.

 

ولكن معاداتهم هذه هي معاداة الله سبحانه، ومن كان معادياً لله فلا بد من خذلانه، ولذا قال سبحانه: ﴿ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ ﴾.

 

فمشيئته سبحانه هي النافذة لا مشيئة غيره، فقد اختص بني إسماعيل على يد نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم رغماً على بني إسرائيل وأذنابهم من كل مشرك في ماضي الزمان وحاضره.

 

لذا فإنه يجب على المسلمين أن يشكروا الله على هذه النعمة التي خصهم بها شكراً عملياً، وذلك بالقيام بهذه الرسالة وتوزيع أنوار الهداية المحمدية؛ ليكونوا أمناء لله على رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ويسدوا الطريق على غيرهم، وذلك بالاحتراز من مكر اليهود وأذنابهم من المشركين، وعدم التخلق بأخلاقهم، وعدم السير في مخططاتهم، وأن يلتزموا كل الالتزام بمنهج الله سبحانه وتعالى، ليتم الله لهم فضله، وينجز لهم وعده، والله ذو الفضل العظيم.

 

وفي ذلك إشعار بعظم الخير الذي حبانا الله إياه، وأي خير ونعمة أعظم من نعمة النبوة والرسالة؟ وأي خير ونعمة أعظم من نعمة الإيمان والدعوة إليه؟

 

وقوله تعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ * أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾ [106- 108].

 

لقد أقام اليهود - عليهم لعائن الله - حملات عنيفة مركزة ضد الإسلام والمسلمين متخذين من نسخ بعض الآيات والأحكام ذريعة للطعن في ذات الله، زاعمين أن النسخ منافٍ لعلم الله مستلزم للبداء.

 

وعلى هذا فإن محمداً صلى الله عليه وسلم لا يتلقى من الله ما دام يحصل لبعض أوامره النسخ، وقد روجوا هذا على المغفلين من المسلمين، كما روجوه عند الكافرين من المشركين ليعمقوا كفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ويبعدوهم عنه غاية الإبعاد.

 

واشتدت هذه الحملة عند تحويل القبلة، وتولى كبرها وتشويه محاسن التحويل جماعة من اليهود، فأوغروا صدور بعض المغفلين من المسلمين، وشككوهم في أمرهم، قائلين لهم: لقد ضاعت صلاتكم السابقة إن كان التحويل الأخير صحيحاً.

 

ولقد أثرت هذه الحملة في نفوس المؤمنين، فأخذوا يسألون الرسول في قلق واضطرب، طالبين البراهين والأدلة على جدوى الأمر الأخير وفضله على الأول.

 

وهذا أمر لا يتفق مع طمأنينة المسلم، واستلامه لله ولرسوله، لهذا قال الله لهم: ﴿ أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴾ [البقرة: 108].

 

فكان لابد لهذه الحملة من مقابل، ولابد لهذا الباطل المروَّج من حق يزهقه ويبطله.

 

فكان هذا الرد الشافي من الله سبحانه الذي دحض به هذه الشبهة وزلزل دعائم الباطل وأركانه فيقول سبحانه: ﴿ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ﴾.

 

يعني أن الذي ننسخه من آيات التكاليف التي نرى تعديلها ملائماً لنمو الجماعة المسلمة وتطور حالها فإننا نأت بخير منها لمناسبة أحوالهم.

 

والنسخ في اللغة: النقل. وفي الاصطلاح الشرعي: إبطال الشيء وإزالته وإقامة شيء مقامه.

 

وقد أنكرت اليهود وبعض المبتدعة النسخ، وهو جائز عقلاً وواقع شرعاً. وقوله سبحانه: ﴿ أَوْ نُنْسِهَا ﴾ أي: ننسي الرسول إياها لندله غيرها. بمعنى: يزيل الآية المنسوخة من ذاكرة النبي صلى الله عليه وسلم.

 

واختلفوا هل يكون هذا بعد التبليغ أوقبله، والصحيح أنه بعده، كما وقع في أصحاب بئر معونة.

 

فقد روى البخاري وغيره أنه نزل فيهم وحي من الله حكابة عنهم: ((بلغوا قومنا أن قد لقينا ربنا فرضى عنا ورضينا عنه)).

 

ولكن ينبغي أن يعلم أنه ليس كل وحي قرآناً. فجميع الأحاديث النبوية الصحيحة وحي من الله وليست قرآناً.

 

ثم إن ما قيل في أصحاب بئر معونة لم ينس، فإن كان قرآناً فقد نسخ. وفي قراءة: (أو ننسأها) أي: نؤخرها.

 

وقد أورد السيوطي في أسباب النزول حديثاً موضوعاً: أن الآية كانت تنزل على النبي صلى الله عليه وسلم ليلاً فينساها نهاراً، فحزن لذلك، فنزلت هذه الآية.

 

ولا شك أن هذا الحديث مكذوب، ومن وضع الدساسين؛ لأن مثل هذا النسيان محال على الأنبياء لعصمتهم في التبليغ، وقد قال سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿ سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى ﴾ [الأعلى: 6]. وقال: ﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ﴾ [القيامة: 17] وقال: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9].

 

وقد ذكر الأصوليون: أن من علامة وضع الحديث مخالفته للدليل القاطع، وقد أحببت ذكره لئلا يغتر به أحد.

 

ومن أنواع النسخ ما يزيله الله، فلا يتلى ولا يثبت بدله، كقوله تعالى: ﴿ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ﴾ [الحج: 52].

 

ومن النسخ ما ينسخ حكمة، ويبقى رسمه يتلى، كآية العدة: حولاً كاملاً.

 

ومن النسخ ما هو نسخ الرسم دون الحكم، كآية الرجم.

 

وعلى كل حال فإن النسخ نعمة ورحمة للبشرية، وليس كما صورة اليهود - عليهم لعائن الله -.

 

وهاهنا مسائل:

1- الناسخ للآية أو الحكم هو الله سبحانه، فخطابه الشرعي بما يخالفها يسمى ناسخاً.

 

2- ضبط الأصوليون حد الناسخ بقولهم: إنه إزالة ما استقر من الحكم الشرعي بخطاب وارد متراخٍ لولاه لكان السابق ثابتاً.

 

ففي تعريفهم هذا احتراز من الحكم العقلي، والنسخ اللغوي.

 

3- النسخ خاصٌّ بالأوامر والنواهي ولا يدخل في الأخبار لاستحلالة الكذب على الله، إلا إذا تضمن الخبر حكماً شرعياً جاز نسخة، كقوله تعالى: ﴿ وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً ﴾ [النحل: 67] فإن هذا منسوخ بآية تحريم الخمر.

 

4- يجوز نسخ الأثقل بالأخف، كنسخ الثبات لعشرة بالثبات لاثنين.

 

ويجوز نسخ الأخف بالأثقل، كنسخ صيام عاشوراء بصيام رمضان.

 

وينسخ المثل بمثله ثقلاً وخفة كالقبلة، وينسخ الشيء لا إلى بدل كصدقة النجوى.

 

5- ينسخ القرآن بالقرآن، والسنة بالسنة إذا كان الناسخ أقوى من المنسوخ أو مثله لا أضعف، وينسخ خبر الواحد بخبر الواحد.

 

واتفق جمهور الأمة على نسخ القرآن بالسنة، وذلك موجود في حديث: ((لا وصية لوارث))[1].

 

وأقول: هذا الحديث مخصص لا ناسخ، لأن الناسخ يبطل المنسوخ بالكلية، وأما هذا الحديث ففيه تخصيص الوارث بالإخراج من الوصية الواجبة؛ لأن الله قد أعطى الوارثين حقهم.

 

6- يجوز نسخ السنة بالقرآن كما في استقبال القبلة التي نسخت التوجه إلى بيت المقدس بالسنة، وقد روي عن الإمام الشافعي القول بعد نسخ القرآن بالسنة وعكسه. وقد عده بعض أصحابه منه هفوة كبيرة فقال: (هفوات الكبار على أقدارهم).

 

7- يجوز نسخ القرآن بخبر الواحد عقلاً، واختلفوا: هل وقع شرعاً أم لا؟ فذهب الجمهور إلى وقوعه في نازلة مسجد قباء حيث جاءهم واحد وهم يصلون فأخبرهم شاهداً أن القبلة حولت إلى الكعبة، فاستداروا إليها وهم في صلاتهم معتمدين خبره، ولم ينكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم.

 

8- يعرف الناسخ من المنسوخ بالتاريخ ويتأخر الناسخ على المنسوخ في النزول لا في التلاوة، فإن آية العدة بالحول متأخرة في التلاوة على آية العدة بأربعة أشهر وعشراً، ولكن الأخيرة متأخرة في النزول وغن تقدمت على تلك في التلاوة، وكذلك يعرف الناسخ من سياق النص، كقوله تعالى: ﴿ أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ ﴾ [المجادلة: 13] وكذلك يعرف بإجماع الصحابة أن هذا ناسخ لهذا.

 

9- التعديل في الأحكام أو نسخها بالكلية وفق مقتضيات الأحوال في فترة الرسالة هو لصالح البشرية ولتحقيق خير أكبر وأعم حسبما تقتضيه أطوار الحياة، والله هو خالق البشر ومرسل الرسل إليهم ومنزل الآيات، وهو المقدر لما يشاؤه من النسخ والتعديل، ولذا قال سبحانه وتعالى: ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾. ففي هذا تنبيه للنبي صلى الله عليه وسلم ولكل فرد من المؤمنين به على قدرته سبحانه على تصريف المكلف تحت مشيئته وحكمه وحكمته، وأنه لا دافع لما أراده ولا مانع لما اختاره، فإنه سبحانه لما كان هو الناسخ لما يشاء من وحيه وهو الذي إذا نسخ شيئاً منه أتى بما هو خير وأنفع، فالله الذي يأتي بذلك الخير هو المختص بالقدرة على جميع الخيرات سبحانه وتعالى.

 

وقوله سبحانه: ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ ﴾.

 

بعد ان حكم بجواز النسخ وأنه سبحانه يأتي بناسخ خير من المنسوخ أعقبه ببيان أن ملك السموات والأرض ملك له لا لسواه. وهذا فيه تنبيه على أنه إنما حسن منه الأمر والنهي لكونه مالكاً للخلق ملكاً للناس مهيمناً عليهم، لا لنفع يحصل عليه ولا لشر يندفع عنه، بل هو الرزاق ذو القوة المتين، والخطاب من الله في قوله:﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ ﴾ لنبيه صلى الله عليه وسلم ولكل مصدق به إلى يوم القيامة تبعاً. وفي هذا جبر لخواطر المؤمنين مما لاقوه من العنت والامتعاض بأراجيف اليهود وأعوانهم من المشركين والمنافقين والمغفلين المتأثرين بالإيهام والتضليل، فإن ضعيف الإيمان يؤثر في نفسه أن يعاب ما يأخذه، فيحشى عليه من الركون إلى الفتنة أو الحيرة في الشبهات، فأتى الله بهذه الآيات تثبيتاً لما كان كذلك من الضعفاء، وتقوية لجنانهم، ودعماً لإيمانهم، وهو سلاح يشهره الأقوياء أمام خصومهم المبطلين المضللين.

 

فالمعنى: إذا كان هذا الملك العظيم لله وحده، فلا شك أنه لا يهجزه أن ينسخ حكماً من الأحكام حسبما تقتضيه حكمته ورحمته في عباده المؤمنين.

 

والدليل على إرادة الأمة بالخطاب في هذه الآية وإن كانت موجهة في بدايتها لشخص هو التفاته سبحانه عن الإفراد إلى الجمع بقوله: ﴿ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ ﴾ يعني: أن الله وليكم وناصركم وحده وليس لكم من دونه من ولي ينفعكم أو نصير ينصركم، فلا تبالوا بمن ينكر النسخ أو يعيبكم به، ولا يجوز أن يستهويكم أو يدخل كلامه في مسامعكم فإنه لا قيمة له ولا للمنكرين إذ ليس في استطاعتهم أن يضروكم أو ينفعوكم، ولا يمكن أن يضروكم أبداً مادام الله هو مولاكم وهو ناصركم، فلا تبالوا بما سواه أبداً، بل اعتمدوا عليه، ولا يكن في صدوركم حرج مما قضاه من نسخ ما لا يريد إلى ما يريد.

 

وقد التمس الإمام محمد عبده مناسبة لختام قوله سبحانه: ﴿ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ ﴾ بقوله: ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ وإرادافه لها بالآية (107) مع أنه قال في سورة النحل: ﴿ وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 101] فختمها بدعوى الافتراء وبجهل أكثرهم قال: فختامه لهذه الآية يقتضي أنه يراد بالآيات آيات الأحكام. ثم قال: ((وأما ختامه بذكر القدرة والتقرير بها قي الآية الأولى فلا يناسب موضوع الأحكام ونسخها وإنما يناسب هذا ذكر العلم والحكمة. قال: والمعنى الصحيح الذي يلتئم مع السياق إلى آخره: أن الآية هنا هي ما يؤيد الله به الأنبياء من الدلائل على نبوتهم، أي ما ننسخ من آية نقيمها دليلاً على نبوة نبي من الأنبياء، أي: نزيلها أو ننسها الناس لطول العهد بها، فإننا بما لنا من القدرة الكاملة والتصرف في الملك نأت بخير منها في قوة الإقناع وإثبات النبوة أو مثلها في ذلك، ومن كان هذا شأنه في قدرته وسعة ملكه، فلا يتقيد بآية مخصوصة يمنحها جميع أنبيائه.

 

والآية في اللغة هي الدليل والحجة والعلامة على صحة الشيء، وسميت جمل القرآن آيات لأنها بإعجازها حجج على صدق النبي محمد صلى الله عليه وسلم ودلائل على أنه مؤيد فيها بالوحي من الله، وقد كانت يهود تشكك في رسالته صلى الله عليه وسلم بزعمهم أن النبوة محتكرة لبني إسرائيل.

 

وقد تقدمت الآيات في تنفيذ هذا، وقد قال عنهم أنهم: ﴿ قَالُوا لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى ﴾. وفرد الله عليهم بقوله: ﴿ أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ ﴾ [القصص: 48]. ومنها هذه الآيات التي نحن بصددها والتي كان الخطاب فيها للمؤمنين الذين كان اليهود يشككونهم، فالله سبحانه يجيبهم بهذه الآيات بأن قدرته ليست محدودة ولا مقيدة بنوع مخصوص من الآيات لا تتعداها، بل وليست الحجة مقصورة في الآيات السابقة، بل الله قادر على أن يأتي بخير من الآيات التي أعطاها موسى وبمثلها فإنه لا يعجز قدرته شيء كما لا يخرج عن ملكه شيء حتى قال: انظر كيف أسفرت البلاغة عن وجهها في هذا المقام، فظهر أن ذكر القدرة وسعة الملك إنما يناسب الآيات بمعنى الدلائل دون معنى الأحكام الشرعية، ويزيد هذا وضوحاً قوله سبحانه في الآية (108): ﴿ أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ ﴾، والوعيد الشديد فيها... إلى أن قال: هذا هو التفسير الذي تتصل به الآيات ويلتئم بعضها مع بعض على وجه يتدفق بالبلاغة، وهو الذي يتقبله العقل ويستحيله الذوق، إذ لا يحتاج إلى شيء من التكليف في فهم نظمه ولا في توخي مفرداته كالأنبياء والقدرة والملك. وقد اضطر أرباب القول الأول إلى التكلف في أمر النسيان بما لا يليق. انتهى باختصار وتصرف.

 

وقوله يعجب الذي يراعي نظم القرآن ومناسبات أواخر الآيات لمدلولاتها خصوصاً وان الحملة اليهودية على النسخ لم يأت أوانها؛ لأنها صارت عند تحويل القبلة، وتحويل القبلة سيأتي موضوعها فيما بعد. وقد قال تعالى عن الآيات: ﴿ وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [الأنعام: 37]، وقد أوضح العلة والسبب من عدم استجابته لهم بإنزال الآيات انها تكون سبباً للَّهلاك. فقال في سورة الأنعام: ﴿ وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آَيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ * وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [109- 110]، وقال في الإسراء: ﴿وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ ﴾ [الإسراء: 59].

 

ونرى في قوله سبحانه: ﴿ أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴾ [البقرة: 108].

 

حرف (أم) هنا للاستفهام لأنها متصلة وليست منقطعة فتكون للإضطراب ونحوه. والمعنى: أتريدون أن تسألوا رسولكم محمداً صلى الله عليه وسلم كما سئل موسى من قبل تعنتاً وتبرماً ولجاجة.

 

وللمفسرين أقوال في المخاطبين بهذه الآية:

أحدها: أنهم المسلمون وهو الصحيح لوجوه:

1- أنه سبحانه قال في آخر الآية: ﴿ مَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْأِيمَانِ ﴾، وهذا لا يصح إلا في حق المسلمين المؤمنين.

 

2- أن قوله: ﴿ أَمْ تُرِيدُونَ ﴾ يقتضي معطوفاً عليه، وهو قوله: ﴿ لا تَقُولُوا رَاعِنَا ﴾ [البقرة: 104] فكأنه قال: وقولوا انظرنا واسمعوا فهل تفعلون ذلك كما أمرتم أم تريدون أن تسألوا رسولكم.

 

3- أن المسلمين كانوا يسألون محمداً صلى الله عليه وسلم عن أمور لا خير لهم فيها ليعلموها كما سأل اليهود موسى عليه السلام ما لم يكن لهم فيه خير، وعندي أن هذا بعيد من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم.

 

4- سأل قوم من المسلمين أن يجعل لهم ذات أنواط كما كان للمشركين ذات أنواط، وهي شجرة كانوا يعبدونها ويعلقون عليها أسلحتهم، فقال لهم محمد صلى الله عليه وسلم: ((الله أكبر، إنها السنن، قلتم ورب الكعبة كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة))[2].

 

ثانيها: أنه خطاب لأهل مكة:

وهو قول ابن عباس ومجاهد. قال: إن عبد الله بن أبي أمية المخزومي أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط من قريش، فقال: يا محمد، والله ما أومن بك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً، أو تكون لك جنة من نخيل وعنب، أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء بأن تصعد، ولن نؤمن لروقيك بعد ذلك حتى تنزل علينا كتاباً من الله إلى عبد الله بن أبي أمية أن محمداً رسول الله فاتبعوه... إلى آخر ما قالوه[3].وعن مجاهد: أن قريشاً سألت محمداً صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهباً وفضة. فقال: ((نعم هو لكم كالمائدة لبني إسرائيل فأبوا ورجعوا))[4].

 

ثالثها: أن المراد بقوله سبحانه: ﴿ أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلوا رَسُولَكُمْ ﴾ أنهم اليهود أنهم اليهود، وصححه الرازي، لأن سياق الآيات منذ ثمان وستين آية كلها في اليهود، ولأن محمداً صلى الله عليه وسلم أصبح رسولكم وأصبح ناسخاً لما جاء به موسى من الأحكام ومؤكداً لما جاء به من العقيدة الإبراهيمية، ولأن الآية مدنية ليست مما يخص قريشاً، ولأنه جرى ذكر اليهود وما جرى ذكر غيرهم، ولأن المؤمن بالرسول لا يكاد يسأله، فإذا سأله كان متبدلاً كفراً بالإيمان والعياذ بالله.

 

وهاهنا فوائد:

أحدها: أنه ليس في ظاهر الآية أنهم سألوا محمداً صلى الله عليه وسلم عن شيء، فضلاً عن كيفية السؤال، سواء كان ذلك من المسلمين أو من اليهود، وإنما الآية فيها استفهام أو إضراب على طريقة التوبيخ، والاستفهام أولى كما مضى، فالحاصل أنه ليس في الآية ما يدل على السؤال.

 

ثانيها: ذكروا في اتصال هذه الآية بما قبلها وجوهاً:

1- أنه سبحانه لما حكم بجواز النسخ في الشرائع فلعلهم هموا بسؤاله عن التفصيل، فمنعهم صيانة لعقيدتهم مبيناً أنه ليس لهم الاشتغال لهذه الأسئلة التي لم تنفع قوم موسى من قبل.

 

2- أنه لما قدم لهم الأوامر والنواهي قال لهم: إن لم تقبلوا ما أمرتكم به وتمردتم عن الطاعة كنتم كمن سأل موسى ما ليس له أن يسأله.

 

وقد أتبع الله سبحانه التحذير بالتوعية حيث قال: (وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ) يعني: أن ترك الآيات الموجودة والإعراض عنها لإعنات النبي صلى الله عليه وسلم بسؤال غيرها لتكون بدلاً منها، هو من اختيار الكفر على الإيمان، واستحباب العمى على الهدى، و(بدل وتبدل واستبدال) بمعنى واحد، وهو جعل شيء في موضع آخر بدلاً منه فمعنى قوله سبحانه: ﴿ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْأِيمَانِ ﴾ أي: ومن يجعل الكفر بدلاً منه الإيمان وعوضاً عنه ﴿ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴾. وسواء السبيل: وسطه. ووجه التشبيه في ذلك أن من سلك طريق الإيمان فهو جار على الاستقامة المؤدية إلى الفوز والظفر. فالمبدل لذلك بالكفر عادل عن الاستقامة. فقيل فيه: إنه ضل سواء السبيل. ففي هذه الآية تحذيران عظيمان:

أحدهما: التحذير من مشابهة بني إسرائيل في معاملتهم لموسى بأن لا يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً تركه. ولقد قال صلى الله عليه وسلم: ((ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم))[5]. ولما قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله افترض عليكم حج هذا البيت)). فقال رجل: أفي كل عام يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم ((لو قلت نعم لوجبت، ولو وجبت لما استطعتم ذروني ما تركتكم))[6].

 

ثانيهما: التحذير من نهاية هذا الطريق التي هي الضلال واستبدال الكفر بالإيمان، وهي النهاية التي صار إليها بنو إسرائيل، ويعملون بكل جد ونشاط على أن يقودونا إلى الهاوية التي صاروا إليها، فهم أئمة الكفر والضلال. ومن واجب المسلم حماية إيمانه وصيانته عن كل ما ينقصه أو يثلمه، وذلك قد أوضحه الله في الآية (65) من سورة النساء بثلاثة أمور مقترنات:

أحدها: تحكيم المصطفى صلى الله عليه وسلم في كل شيء من الأمور دون مبالاة بخصوص من النفس، فإن المراعي لحظوظ نفسه في ذلك قد يرفض الاحتكام لكا جاء به محمد صلى الله عليه وسلم إذا رأى أنه مغلوب، فتسول له نفسه الأمارة بالسوء الاحتكام إلى طاغوت من الطواغيت، وحينئذ لا يكون من المؤمنين.

 

ثانيها: عدم الحزن والتحرج من النتيجة لقوله سبحانه: ﴿ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ ﴾ [النساء: 65]، بل يكون منشرح البال فيما يقضيه صلى الله عليه وسلم حين حياته، ومنشرح البال بسنته القولية والفعلية والإقرارية بعد وفاته، لا يُكِنُّ في صدره حرجاً على أي شيء من سنته أو قضاياه.

 

ثالثها: أن يسلم تسليماً كاملاً لجميع ما جاء به وجميع ما حكم به وجميع قضاياه، فلا يرد شيئاً مما جاء به ولا يرفض شيئاً من حكمه أو يتبرم منه، ولا يضيق صدره بشيء من قضاياه، ولا يحتقر شيئاً من سنته، ولا يتساءل عن بعض الأحكام الشرعية لمجرد مخالفتها لعقول الغربيين أو تقاليدهم، فمثلاً من قال: كل في الإسلام يعجبني، وأنا مسلم مقتنع بالدين، ولكن لا أهضم ولا أوافق على تعدد الزوجات أو الطلاق ونحوه، أو: لا أقبل كون الدية على العاقلة ونحو ذلك مما هو مشهور في الشريعة، أو: لا أستسيغ قطع يد السارق أو رجم الزاني، فهذا إن لم يقلع إقلاعاً صحيحاً عما قاله وإلا فهو زنديق أو على الأقل مؤمن ببعض الكتاب وكافر ببعضه، فيعتبر كافراً بالجميع حتى يرجع إلى حكم الله في الجميع.

 

وقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [109-110].

 

يخبرنا الله سبحانه في الآية الأولى من هاتين الآيتين عن دفائن النفوس اللئيمة لبني إسرائيل الذين جعلوا من دينهم عصبية جنسية لهم تقوم على أساسه منافعهم الشخصية واغراضهم الأنانية، إنهم لم يكتفوا بكفرهم بالنبي صلى الله عليه وسلم والكيد له ونقض عهوده بغياً وحسداً له ولقومه على نعمة الرسالة والنبوة، بل هم يزيدون على ذلك بما قصه الله علينا في هذه الآية بقوله تعالى: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ﴾: فهذا بيان من الله لما يضمرونه وما تخفيه صدورهم للمسلمين من الحقد اللئيم والحسد على نعمة الإسلام التي عرفوا أنها الحق وأن وراءها السؤدد والسعادة في الدارين. ولكن لما شق عليهم اتباعهم تمنوا حرمانهم هذه النعمة وأن يرجعوا كفاراً كما كانوا من قبل رغبة منهم في سلب الخير الذي يهتدي إليه الآخرون.

 

وهذا شأن الحاسد، يتمنى أن يسلب محسوده النعمة ولو لم يصل إليه شيء منها. فالحسد الكمين في صدور اليهود من ذلك الانفعال الخسيس الذي فاضت به نفوسهم ضد الإسلام والمسلمين. وهو الذي تنبعث منه جميع دسائسهم ومؤامراتهم وتدميراتهم، وهو السبب الكامن وراء كل فتنة يقيمونها. وما يعمق ذلك الحسد في صدورهم من قديم الزمان استيقانهم بأن التمسك بهذه الرسالة والزاحف بها في ربوع الأرض يكون له الحول والطول وينال السيادة من الله، ليس عليهم فقط، بل على جميع الناس. ما داموا مستيقنين أنهم سيدخلون تحت سلطانهم، فكيف لا يحسدونهم على ذلك؟ وكيف لا يعملون جميع ما في وسعهم للحيلولة دون ذلك؟ ولكن الله غالب على أمره.

 

وقد جاء هذا التنبيه من الله العليم الحكيم تتمة لقوله في الآية السابقة (105): ﴿مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾. ويبين الله لعباده المومنين ما كان من تحايلهم على التشكيك، تشكيك المسلمين في دينهم بشتى الوسائل والأساليب، حتى إنهم يأمرون بعض اليهود بالإيمان في أول النهار بالإسلام، والكفر في آخره، ليقوموا بعملية ترسيبية ملعونة سنأتي على ذكرها في موضوعها من سورة آل عمران. وهذه من أخبث الخطط وألعنها وأخطرها على المجتمع الإسلامي الناشئ الحديث ولكن الله تولى هداية هذه الأمة، ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيّاً وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيراً﴾ [النساء: 45].

 

وفائدة هذه التنبيهات أن يعلم المسلمون أن ما يلقيه أهل الكتاب من اليهود وأذيالهم النصارى من الشبهات على الإسلام وتشكيك المسلمين فيه إنما هو من مكرهم السيء الذي مبعثه الحسد والحقد، ليس النصح الذي مبعثه الاعتقاد، ولذا قال سبحانه وتعالى: ﴿حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ﴾ ليوضح لعباده المؤمنين أن حسدهم لم يكن عن شبهة دينية أو غيرة على حق يعتقدونه، وإنما هو عن خبث النفوس ولؤم الطباع وفساد الأخلاق والتمادي في الباطل إصراراً وعناداً. ولذلك أتبعه بقوله: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ﴾، فالحق عندهم ظاهر متبين أنه مع محمد صلى الله عليه وسلم ومع أصحابه وهم يعرفونه بكل وضوح، لكنهم عادوه عداءً صريحاً لما صدر على غير أيديهم وحسدوا أهله بكل وقاحة بعد ما تبين لهم الحق بالآيات التي جاء بها النبي مطابقة لما في بشارات التوراة به.

 

فالقرآن الكريم يكشف للمسلمين نفسية أعدائهم ليعرفوها ولا يطمعوا منهم بخلافها، ويعرفوا السبب الكامن وراء كل عمل شنيع يقومون به، فلا يستعظمونه بل يستعدون لمقابلة ما هو أشد منه، لأن العدو لا ينقلب صديقاً وعدوك في الدين والعقيدة لا يمكن أن يلتقي معك على مودة، ولكن على منفعة يهتبلها لمصلحة عقيدته والإضرار بعقيدتك، فهو دائماً يهدف إلى ذلك ومع هذا اقتضت حكمة الله ألا نقابل حسدهم بحسد، ولا غيضهم بغيظ، ولا لؤمعم بلؤم، ولا شرهم بشر، بل نرتفع عن جميع ذلك، ملتزمين ما أمرنا مولانا بقوله سبحانه وتعالى: ﴿فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا﴾ ولم يخصهم بهذه المعاملة الحسنة، فلم يقل: (اعفوا عنهم واصفحوا عنهم) وإنما أتى بها للعموم لنعامل جميع الناس بالصفح والعفو اللائق بمقام المؤمنين وشرفهم، و(العفو) ترك العقوبة، و(الصفح) الإعراض عن المذنب بصفحة الوجه.

 

ثم قال سبحانه: ﴿ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ﴾ فجعل العفو والصفح مقيداً بغاية محدودة وهي إتيان أمره بالجهاد الذي يزلزلهم ويجتاحهم، وفي أمره سبحانه للمؤمنين بالعفو والصفح إيذان من الله بأن المؤمنين هم الأقوياء وإن قلوا، وأن خصومهم الضعفاء وإن كثروا، لأن العفو والصفح لا يطلب إلا من القوي القادر، فكأنه يقول لهم: لا يغرنكم أيا المؤمنون كثرة أهل الكتاب مع باطلهم، فإنكم على قلتكم أقوى منهم بما أنتم عليه من الحق الذي تؤيدكم به العناية الإلهية، فعاملوهم معاملة القوي العادل للضعيف الجاهل، وفي إنزال الله المؤمنين على ضعفهم منزلة الأقوياء، ووضع اليهود على كثرتهم موضع الضعفاء إعلام إلهي دائم بأن أهل الحق هم المؤيدون بعزته وحصانته سبحانه وتعالى، وأن لهم العزة في كل زمان ومكان ما داموا ثابتين على الحق.

 

ومهما يتصارع الحق والباطل فالغلبة للحق بإذن الله، والباطل هو المصروع ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ﴾ [محمد: 11]، وإنما بقاء الباطل وجولانه عند غفلة أهل الحق عنه، ولذا أحالهم الله على قدرته التي لا يعجزها شيء، فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ فقدرته النافذه التي لا يشذ عنها شيء في العالمين هي التي يكون فيها التأييد للحق.

 

وليعلم أن أوائل اليهود يودون لو ارتد المسلمون وصاروا كفاراً كما حكى الله عنهم، ولكن أواخرهم في هذا الزمان عملوا على تخطيط ردة جديدة وجاهلية جديدة مصطبغة بشتى الأسماء والألقاب من قومية وبعثية واشتراكية وشيوعية وإباحية ووجودية تمثل التعري والحيوانية وفرعونية تمثل ألواناً من ضروب الوثنية وعبادة الأشخاص، ولكل مذهب دعاة بتحضيض من اليهود وعملاء اليهود وتمويل سخي خفي فيه من الإغراء ما ليس له مثيل.

 

لقد خطَّت الماسونية اليهودية خطوطاً عريضة نفذ غالبها الاستعمار وخلفاؤه الذين يتبجحون بطرده وشتمه إفكاً وزوراً، خطوطاً عريضة بعيدة المدى لتفتيت العقيدة وإفساد الأخلاق وإخراب الضمائر حتى كسبوا من شباب الأمة من يتنكر لدينه وأمجاده وتاريخه، ويعتز بالفراعنه وما خلفوه مما هو نتيجة تسخير الشعب البائس، وإحماء ظهوره بالسياط ليحمل الأثقال، ويبني الأهرام بعرقه المتصبب، وعضلاته الملهبة بضرب السياط، وإلا فلم يذكر تاريخهم أنهم رصدوا له كذا وكذا من آلاف الملايين، ولا أنهم صنعوا ما يريح الشعب من الآلات الحاملة للأثقال، بل على العكس، والعجب أن الذين أوقف الله عليهم اللعنة يوجد من أبناء المسلمين من يقدسونهم نتيجة للردة الجديدة والعياذ بالله.

 

ومن مكر اليهود وحسدهم ما ذكره المفسرون أن فنحاص بن عازورا وزيد قيس ونفراً من اليهود قالوا لحذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر بعد وقعة أحد: ألم تروا ما أصابكم؟ ولو كنتم على الحق ما هزمتم، فارجعوا إلى ديننا فهو خير لكم وأفضل، ونحن أهدى منكم سبيلاً. فقال عمار: كيف نقض العهد فيكم؟ قالوا: شديد. قال: إني قد عاهدت ألا أكفر بمحمد ما عشت. فقال اليهود: أما هذا فقد صبأ. وقال حذيفة: وأما أنا فقد رضيت بالله ربَّا وبالإسلام ديناً، وبالقرآن إماماً، وبالكعبة قبلة، وبالمؤمنين إخواناً. ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبراه. فقال: ((أصبتما خيراً وأفلحتما)) فنزلت هذه الآية: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾[7].

 

وهاهنا فوائد:

1- ورد في ذم الحسد أحاديث كثيرة نكتفي منها بقوله صلى الله عليه وسلم: ((الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب))[8]. وبقوله صلى الله عليه وسلم: ((دب إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء، والبغضة هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين))[9].

 

2- حقيقة الحسد: وهي أنه إذا أنعم الله على أحد بنعمة، فإن أردت زوالها فهذا هو الحسد، وإن أردت لنفسك مثلها هي الغبطة والمنافسة. أما الأول فحرام على كل حال إلا نعمة أصابها فاجر يستعين بها عل الشر والفساد فلا يضرك محبتك لزوالها فإنك ما أحببت زوالها إلا من أجل فجوره وفساده.

 

3- مراتب الحسد: وهي أربع:

الأولى: أن يحب زوال تلك النعمة عن المحسود وإن كان ذلك لا يحصل له، وهذا غاية خبث الحسد.

 

الثانية: أن يحب زوال تلك النعمة إليه وأن تكون له لا للمحسود.

 

الثالثة: أن يشتهي لنفسه مثلها ولا يشتهي زوالها عنه بادئ الأمر، لكن إذا لم يحصل له مطلوبه حسده وتمنى زوالها عنه.

 

الرابعة: أن يشتهي لنفسه مثلها، فإن لم يحصل فلا يحب زوالها، وهذا معفو عنه، والثالث بين الذم والمدح، والثاني على خطر، والأول هو المذموم الخطير.

 

4- ذكر العلماء للحسد سبة أسباب:

أحدها: العداوة والبغضاء، سواء كان عدواناً أو بسبب إيذاء.

 

ثانيها: أن ينال أحد منصباً عالياً يرتفع عليه به وهو لا يتحمل فيحسده ويريد زوال ذلك عنه، وقد يسعى بقدرته لذلك.

 

ثالثها: أن يكون من طبيعته استخدام غيره، فيريد زوال النعمة عمن يرغب استخدامهم.

 

رابعها: التعجب كما حكى الله عن أعداء الرسل أنهم قالوا: ﴿مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا﴾ [يّـس: 15]، ﴿أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ﴾ [المؤمنون: 47] ﴿أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولاً﴾ [الإسراء: 94] إلخ.

 

خامسها: الخوف من فوت المقاصد، وذلك يختص بالمتزاحمين على مقصود واحد أو صنعو واحدة، فإن كل واحد منهما يحسد صاحبه على كل نعمة تكون عوناً له في الانفراد بمقصوده، وفي هذا الباب تحاسد الضرات والإخوة في نيل المنزلة عند الوالدين ونحو ذلك.

 

سادسها: حب الرئاسة وطلب الجاه لنفسه كالذي يكون عديم النظير في فن من الفنون أو نوع من الملك والسلطان، فإذا سمع بنظير له ولو بعيداً عنه ساءه ذلك وأحب هلاكه وزوال نعمته أو سلطانه.

 

سابعها: شح النفس بالخير على عباد الله، وهذا أكثر أنواع الحسد.

 

5- سبب كثرة العدد وقلته وقوته وضعفه في الأمكنة، وقد حكى العلماء أسباباً من أرجحها ما يؤيده الحس، وهو بروز المنافسة لبروز النعمة، وبروز العمل والفن، وغير ذلك. ولهذا نجد الحسد منتشراً في القرى الصغار التي يبرز فيها أدنى شيء للعيان فتكثر الغبطة ويقوى الحسد، بخلاف المدن الكبار، فإن الأعمال فيها كثيرة والحركات واسعة والمسافات شاسعة، وكل ذي فن من الفنون مشغول عن منافسه ولا يدري عنه، وكل تاجر منشغل بتجارته، غارق في أعماله عن ملاحظة من سواه، وهكذا سائر الناس في المدن كل منهمك في عمله، منشغل عما سواه، لا يتطلع إلى غيره لانهماكه في عمله وانشغاله، عكس القرى، فإن صاحبها يحصي ذرات منافسه، فأهل القرى دائماً عيون بعضهم لبعض، ولهذا يكثر الحسد وينتشر في القرى انتشاراً فظيعاً، ويقل ويتضاءل جداً في المدن والأمصار لانشغال كل منهم بعمله.

 

6- في العلاج المزيل للحسد: وهذا من جانبين:

أولاً: من جانب الحاسد: فينبغي له أن يعلم أن من لوازم صحة إيمانه بالله هو الرضا بالقضاء وأنه بحسده لأحد من عباده لا يكون راضياً بقضائه، بل يكون ساخطاً لحكمه وقضائه، منازعاً له في قسمته التي قسمها لعباده، وعدله الذي أقامه بينهم يخفي حكمته التي قد لا تظهر لكثير من الناس، وهذه جناية تقدح في أصل التوحيد والإيمان.

 

هذا من جهة، ومن جهة ثانية فعلى الحاسد أن يعلم أنه إذا غش مؤمناً لأجل الحسد خرج من صفة المؤمنين الذين يحبون لإخوانهم الخير، وشارك إبليس وجميع الكافرين في محبتهم الشر للمؤمنين، ومن جهة ثالثة فإنه إذا عادى مؤمناً لأجل الحسد كان مبارزاً لله بالمحاربة، لان المؤمن من أولياء الله ولو كان فيه ما فيه، إذ لا تشترط العصمة في أولياء الله، ومن جهة رابعة يجب عليه أن يتذكر عقاب الله العظيم للحاسد في الآخرة.

 

ومن جهة خامسة: يجب عليه أن يرحم نفسه ويرثى لها من آثار الحسد من الهموم والغموم والكمد الذي لا يفارق قلبه وصدره مما ينقلب عليه مرضاً عضالاً. وكثير من الحساد قتلهم الحسد خصوصاً على الرئاسة والجاه. فإذا علم الحاسد واستيقن أن الضرر عليه في دينه ودنياه، وأن حسده لا يضر محسوده، بل يضره هو، فقد يقلع عن الحسد ويسلم صدره منه، فيسلم له دينه وتسلم له صحته حيث يسلم من الوسواس والمنغصات والهموم والغموم المؤذية للصحة والعياذ بالله.

 

ومن جهة سادسة: يجب على الحاسد أن يستيقن أن المحسود لا يضره حسده أبداً لا في الدين ولا في الدنيا، لأنه في الدنيا تتتابع عليه النعمة والإقبال على الأجل المقدر لها، ولكل أجل كتاب، ولا تزال نعمته بالحسد، بل تزيد نعمته وأجره، بل المحسود ينتفع بحسد الحاسد في الدنيا والآخرة، بل في الدين والدنيا. أما منفعته في الدين فهو أنه مظلوم من جهة الحاسد، خصوصاً إذا أخرجه الحسد إلى الغيبة والقدح فيه وهتك ستره وذكر مساوئه، فهي هدايا يهديها الله إليه على يد حاسده فتزداد حسناته وتقل سيئاته، ولا يزال المحسود يزداد منفعة من الحاسد رغماً عنه، فإذا استيقن الحاسد ذلك عرف أنه هو الخاسر دون المحسود، فأقلع عن حسده وتاب إلى ربه.

 

هذا علاج الحاسد، أما علاج المحسود فبعدة أمور:

أحدها: الاستعاذة الصادقة بالله من شر حاسد إذا حسد، ومن استعاذ بالله صادقاً لاجئاً أعاذه.

ثانيها: تقوى الله وحفظه في حدوده، كما قال صلى الله عليه وسلم: ((احفظ الله يحفظك))[10].

ثالثها: التوبة الصادقة من الذنوب التي من أضرارها تسليط الحاسد.

رابعها: الصبر على عدوه وألا يشاوره ولا يشكوه ولا يحدث نفسه بأذاه أصلاً، بل يستعين بالله.

خامسها: قوة التوكل على الله والتحصن بملازمة ذكره.

سادسها: فراغ القلب من الاشتغال بالحاسد والتفكر فيه، بل يقتلعه من قلبه ولسانه، ويجعله نسياً منسياً، فيمحوه من قلبه ولا يخاف منه ولا يطرأ له على بال.

سابعها: الإقبال على الله بقوة محبته، والإخلاص له، والإنابة إليه، والضراعة إليه وحده.

ثامنها: الصدقة والإحسان العام غاية الإمكان، فإن لذلك تأثيراً عجيباً في دفع البلايا والكربات عموماً.

تاسعها: الإحسان إلى الحاسد ومهاداته بما يطفئ حسده الغالي في صدره، وهذا شاق على النفوس، والله المستعان.

 

وقوله سبحانه: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ ﴾ بعد أن أمر الله عباده المؤمنين بالعفو والصفح عن أعدائهم في الدين، وأقامهم سبحانه بذلك مقام القادر العزيز، ليرفع من نفوسهم، ويقوي من معنوياتهم، ثم أمرهم بعد ذلك بإقامة الصلاة لما فيها من التوثيق لعرى الإيمان، وإعلاء للَّهمة، ورفعة للنفس بمناجاة الله، وتآلف قلوب المؤمنين حين الاجتماع لادائها في المساجد، ولما فيها من تنزيه النفس عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن، فتكون بذلك اقوى نفاذاً في الحق وجديرة بالنصر.

 

هذا وإن إقامة الصلاة ليست أداءها مطلقاً، وإنما هي عبارة عن القيام بحقوقها الروحية في صورتها العملية، وذلك بصدق التوجه إلى الله بحضور القلب واستشعاره عظمة الله وجلاله.

 

وقوله سبحانه: ﴿وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ فيه تعظيم لشأنها لما فيها من توكيد الصلة بين الأغنياء والفقراء، فتتحقق بذلك وحدة الأمة وصلاحها وفلاحها وتكاتفها، وتكون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تألم لألمه باقي الأعضاء جميعها.

 

وقد جرت كلمة الله في القرآن الكريم أن يقرن الزكاة بالصلاة، وذلك لأنهما صنوان في الإصلاح، فالصلاة فيها من إصلاح حال الفرد ما الله به عليم، والزكاة فيها من إصلاح حال المجتمع ما الله به عليم، فبذل الزكاة وقاية من الشح والبخل، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [التغابن: 16].

 

لذا فإن من جاد بها وبذلها سهل عليه بذل نفسه في سبيل الله؛ لأن نفسه قد طهرت من الشح بفضل بذل الزكاة. وبالإضافة إلى أن هذين الركنين من أسباب النصر والسلطان في الدنيا، فإنهما من أسباب السعادة في الآخرة أيضاً، فقال سبحانه: ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ أي: تجدون جزاءه عند ربكم في يوم لا يظلم فيه مثقال ذرة.

 

وهذا الوعد من الله سبحانه بالجزاء على العمل من شأنه أن يبعث عند المؤمن اندفاعاً نحو الخير والإحسان.

 

قال الإمام ابن جرير: "وإنما أمرهم الله جل ثناؤه في هذا الموضع بما أمرهم به إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وتقديم الخيرات لأنفسهم ليطهروا بذلك الخطأ الذي سلف منهم".

 

وقوله سبحانه: ﴿إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ أي لا يخفى عليه منه شيء فتخافون أن ينقصكم من أجوركم شيئاً.

 

وهذا الكلام وإن كان قد خرج مخرج الخبر، فإن فيه وعداً ووعيداً وأمراً وزجراً، حتى يجد الناس في طاعته.



[1] أخرجه أبو داود (2870،3565)، والترمذي (670،1265،2120)، وابن ماجه (2007،2295)، وأحمد (5/267)، وابن الجارود (1/238) من طريق إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن مسلم.

وأخرجه ابن الجارود (1/238) من طريق الوليد بن مسلم قال: وحدثني ابن جابر عن سليم بن عامر. كلاهما (شرحبيل وسليم) عن أبي أمامة فذكره.

وطريق الوليد بن مسلم على شرط مسلم.

[2] أخرجه الترمذي (2180)، والنسائي في الكبرى (6/346) وأحمد (5/218)، والحميدي (2/375)، والطبراني في الكبير (3/244)، وابن أبي عاصم (1/37) من حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه ورجاله رجال الصحيح. وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم. انظر: صحيح ابن حبان (15/94).

[3] تفسير ابن كثير (3/65).

[4] الطبري (1/484) ، وابن كثير (1/153).

[5] تقدم.

[6] أخرجه مسلم (1337/412) والنسائي في الكبرى (2/319) والدارقطني (2/281) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[7] لم أجد هذا الأثر فيما بين يدي من مصادر.

[8] أخرجه أبو داود (4903) من طريق ابراهيم بن أسيد عن جده عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً. وجد إبراهيم لا يعرف.

وأخرجه ابن ماجه (4210) من طريق عيسى الحناط عن أبي الزناط عن أنس رضي الله عنه مرفوعاً. وعيسى منكر الحديث.

وأخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (2/227) من طريق أبي هلال عن قتادة عن أنس مرفوعاً.

وفي رواية أبي هلال عن قتادة ضعف. قاله ابن معين. انظر: التجريح والتعديل (2/682).

[9] أخرجه الترمذي (2510) ، وأحمد (1/167) من حديث الزبير رضي الله عنه.

وفي إسناده مولى الزبير وهو مجهول.

وأورد ابن عدي في الكامل (4/198) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

وفي إسناده عبد الله بن عراد وهو ضعيف. انظر: التقريب (3474).

[10] أخرجه الترمذي (2516) وأحمد (1/293، 307) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، والحديث صححه الشيخ الألباني رحمه الله. انظر: السنة لابن أبي عاصم (1/138) وانظر أيضاً: جامع العلوم والحكم للحافظ ابن رجب صفحة (183) وما بعدها.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير سورة البقرة.. الآيات (79 - 80)
  • تفسير سورة البقرة.. الآيات (81: 82)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية ( 83 )
  • تفسير سورة البقرة.. الآيات (84: 85)
  • تفسير سورة البقرة.. الآية (86)
  • تفسير سورة البقرة.. الآية (87)
  • تفسير سورة البقرة.. الآيات (88: 90)
  • تفسير سورة البقرة.. الآية (91)
  • تفسير سورة البقرة.. الآيات (92: 98)
  • تفسير سورة البقرة.. الآيات (99 : 100)
  • تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 101 : 103 )
  • تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 111 : 113 )
  • تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 114 : 115 )
  • تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 116: 117 )
  • تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 118: 119 )
  • تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 120: 121 )
  • تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 122: 124 )
  • تفسير سورة البقرة .. الآية ( 127 )

مختارات من الشبكة

  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (135 - 152) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (102 - 134) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (65 - 101) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (1 - 40) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (40 - 64) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • غرائب وعجائب التأليف في علوم القرآن (13)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفتوحات الربانية في تفسير الآيات القرآنية: تفسير الآيتين (6-7) من سورة البقرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفسر وتفسير: ناصر الدين ابن المنير وتفسيره البحر الكبير في بحث التفسير (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شرح كتاب المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي (المحاضرة الثالثة: علاقة التفسير التحليلي بأنواع التفسير الأخرى)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • المصادر الأولية لتفسير كلام رب البرية: المحاضرة الثانية (تفسير الآيات الناسخة للآيات المنسوخة)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب